الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضوع السورة
رحلة الإسراء والمعراج ووحدة منهج المرسلين، والإيمان بالغيب وامتثال أوامر الله هو منهاج النجاة للمؤمنين
-
منهاج السورة
-
1 -
تمجيد الله تعالى وإثبات حادثة الإسراء، ورؤية الآيات العجيبة من الله السميع البصير.
2 -
عَطْف الله تعالى بذكر موسى عليه الصلاة والسلام بعد ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وقد آتاه الله التوراة - كما آتى نبينا القرآن -، وجعله هدى لبني إسرائيل لئلا يتخذوا من دون الله نصيرًا ولا معبودًا.
3 -
تنبيه الذرية على المنة في نجاة أبيهم نوح والمؤمنين، والوعيد لبني إسرائيل بالخزي إن سلكوا سبيل المفسدين.
4 -
ثناء الله تعالى على القرآن، الذي يحمل الهداية لجميع الأنام، والنذارة للطغاة اللئام.
5 -
امتنان الله تعالى على عباده بنعمة تعاقب الليل والنهار، وذكر الصحف التي توزع يوم القيامة على العباد وقد حوت جميع الأعمال الكبار والصغار.
6 -
تأكيد عودة نفع الهداية على صاحبه، وعودة ضرر الضلال على مبتغيه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يعذب الله قومًا حتى يبعث لهم رسولًا.
7 -
الإصرار على الفسوق عقابه الدمار، وتاريخ الأمم شاهد بذلك.
8 -
إمداد الله أهل الدنيا وأهل الآخرة، وتفضيل الدرجات في حياة الفريقين، والآخرة أعظم تفضيلًا، والشرك يقعد صاحبه مذمومًا مخذولًا.
9 -
أمْرُ الله تعالى بإفراده بالعبادة والتعظيم، وخفض الجناح والإحسان للوالدين.
10 -
أمْرُ الله تعالى بإعطاء ذي القرابة والمساكين، والاجتناب للتبذير وسبل الشياطين.
11 -
الوصية بالاقتصاد في العيش، والتحذير من البخل وقتل الأولاد خشية الفقر، والترهيب من الفواحش والغش والكبر والعجب والقول على الله بغير علم.
12 -
مكارم الأخلاق من وحي الله، والشرك أعظم الذنوب عند الله.
13 -
ختم الله على قلوب وأسماع المشركين، وتحديهم بالبعث بعد الموت ولو كانوا حجارة أو حديدًا، وهنالك يظنون أنهم ما لبثوا في غرور الدنيا إلا قليلًا.
14 -
أمْرُ الله عباده اختيار أحسن الكلام، وتفضيله تعالى بعض النبيين على بعض، وإسلام فئة من الجن وما زال بعض الإنس يعبدونهم، وعذاب الله محيط بالكافرين.
15 -
قضاء الله تعالى إهلاك الظالمين، وحثّه تعالى نبيّه على إبلاغ رسالته للعالمين، وقد أراه ليلة الإسراء عجائب قدرته، وشجرة الزقوم طعام الآثمين.
16 -
خبرُ سجود الملائكة لآدم، وامتنان إبليس، وتوعده إغواء الذرية، وتعهد الله إدخاله وأتباعه جهنم، وحماية الله المؤمنين منه والله ولي المتوكلين.
17 -
امتنان الله تعالى على عباده تسخيره لهم الفلك في البحر، وتَقَلُّب سلوك أكثر الناس بين الشدة والرخاء، وتكريم بني آدم وتفضيلهم على كثير من خلقه تفضيلًا.
18 -
توزيع الناس خلف أئمتهم وآلهتهم يوم الحشر، وأصحاب اليمين هم أهل السعادة.
19 -
تَوَعُّدُ الله أعداء نبيّه إبطال محاولات مكرهم، وتبشيره تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إعلاء كلمة الحق وشوكة أهله، وإزهاق الباطل وحزبه، فإن الباطل كان زهوقًا.
20 -
في القرآن رحمة وشفاء للمؤمنين، وخسارة للظالمين، والإنسان يستكبر عند حصول النعم، ويجزع عند نزول الألم، إلا من رحم الله.
21 -
كل إنسان يعمل على وجهته وطريقته، والروح من أمر الله، وهو العليم الحكيم.
22 -
فضل الله على نبيّه بهذا الوحي الكريم، وعجز الثقلين لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، والله يصرف الآيات وأكثرهم لا يؤمنون.
23 -
تنطّع المشركين في أمر الإيمان ومطالبتهم بالمعجزات، وامتناعهم عن الإيمان لكون الرسول من البشر، وأمر الهداية لله، ونار جهنم مثوى للمتكبرين.
24 -
بُخْل المشركين، وكفر فرعون وإغراقه وجنده، واستخلاف بني إسرائيل.
25 -
ثناء الله تعالى على القرآن، وعلى مهمة النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى أهل العلم الذين يخرون سجدًا عند سماع آيات الرحمان.
26 -
إثبات الأسماء الحسنى لله ولو كره الكافرون، وحثُّ الله نبيّه على التوسط في رفع الصوت بالقرآن لئلا يناله المشركون، وخَتْم السورة بتنزيهه تعالى عما يصفه به المبطلون.
° ° °
بسم الله الرحمن الرحيم
1.
في هذه الآية: تمجيد الله تعالى، وإثبات حادثة الإسراء، ومباركة الله جوانب المسجد الأقصى، ورؤية الآيات العجيبة في آفاق تلك الرحلة المدهشة، تثبيتًا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الله السميع البصير.
فقوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} - تمجيد الله تعالى نفسه عما لا يقدر عليه أحد سواه. فقد أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم في جُنح الليل من مسجد مكة إلى بيت المقدس. وهو قوله: {لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} . قال ابن كثير: (وهو بيت المقدس الذي بإيلياءَ، مَعْدِن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا جُمعُوا له هنالك كلُّهم، فأمَّهُم في مَحِلَّتهم ودارهم، فدَلَّ على أنه هو الإمام الأعظم والرئيس المقدَّم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين). قال النسفي: ({لَيْلًا}: نُصب على الظرف، وقيده بالليل، والإسراء لا يكون إلا بالليل للتأكيد، أو ليدل بلفظ التنكير على تقليل مدة الإسراء، وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة).
وقوله: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} . أي جوانبه ببركات الدين والدنيا. قال القاسمي: (لأن تلك الأرض المقدسة مقر الأنبياء ومهبط وحيهم ومنمى الزروع والثمار. فاكتنفته البركة الإلهية من نواحيه كلها. فبركته إذن مضاعفة، لكونه في أرض مباركة، ولكونه من أعظم مساجد الله تعالى. والمساجد بيوت الله. ولكونه متعبد الأنبياء ومقامهم ومهبط وحيه عليهم، فبورك فيه ببركتهم ويمنهم أيضًا).
وقوله: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} . أي لنري محمدًا صلى الله عليه وسلم -من الآيات الدالة على وحدانية الله وصدق نبوته برؤية آفاق مثيرة مدهشة من ملكوت الله في أرجاء هذا الكون الفسيح.
وقوله: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . أي: السميع لما يقوله المشركون بمكة معترضين على الرحلة النبوية المباركة، ولما يقوله عباده جميعهم، مؤمنهم وكافرهم، البصير بأعمال الخلق جميعًا، والمحيط والمحصي لكل ما صدر منهم ليجازيهم بهم يوم الحساب.
لقد ثبت حادث الإسراء والمعراج بنص القرآن الكريم، وسميت بذلك هذه السورة "سورة الإسراء" إثباتًا للحدث.
والإسراء: هو الرحلة من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس، وقد سمي بالأقصى لأنه أبعد المساجد الثلاث التي تزار وتشد إليها الرحال في الإسلام.
وقد ذكر الإمام البخاري في صحيحه أن الإسراء وقع بعد موت أبي طالب، وكان فيما يبدو بعد العودة من رحلة الطائف المؤلمة تسلية ومواساة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما المعراج: فهو ارتفاع بعد الإسراء في طباق السماوات إلى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق ثم العودة إلى مكة. والمعراج لغة على وزن مِفْعال: من العروج أي الآلة التي يُعْرَج - أي يصعد - فيها، ولا نعلم كيف هو ولا نسأَل وحكمه كحكم المغيبات نؤمن به ولا نشتغل بكيفيته.
وقد ذهب قوم إلى أن الإسراء كان مرتين مرة في اليقظة ومرة منامًا، وقالوا: بالروح لا بالجسد، وينسبون لعائشة ومعاوية أنه أسري بروحه ولم يُفْقد جسده، وكل ذلك لم يصح عنهما، وقد ردّه العلماء المحققون.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (والمعراج حق وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعُرِجَ بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله تعالى من العُلا، وأكرَمه الله تعالى بما شاء فأوحى إلى عبده ما أوحى).
لقد كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد، لا بالحلم والنوم، وإلا لم يكن له معنى التحدي والإعجاز، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة على إثبات ذلك، وقد هيّأ الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم لتلك الرحلة المعجزة:
يروي البخاري عن أنس عن مالك بن صعصعة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثهم عن ليلة أسري به قال: [بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان أتاني آت، فشق ما بين هذه إلى هذه - يعني ثغرة نحره إلى شعرته - فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانًا، فغسل قلبي ثم حُشي ثم أعيد](1).
فإلى تفصيل هذه الرحلة النبوية العظيمة، وهذا المؤتمر الكبير الذي حضره الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين:
أخرج البخاري ومسلم - واللفظ لمسلم - عن أنس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [أُتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة. ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل له: من أنت؟ قال جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحَّبَ بي ودعا لي بخير - وفي رواية البخاري:(وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء. ففتح فلما خَلَصْتُ فإذا فيها آدم. فقال: هذا أبوك فسلِّم عليه، فَسَلَّمْتُ عليه فردَّ السلام ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح) - ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا فرحبا بي ودعوا لي بخير. (وفي رواية البخاري: فقالا: مرحبًا بك من أخ ونبي). ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف، فإذا هو قد أعطي شطرَ الحسن فرحب بي ودعا لي بخير. (قال: مرحبًا بك من أخ ونبي) (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح). ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة،
(1) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (3207)، كتاب بدء الخلق.
فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير. (قال: مرحبًا بك من أخ ونبي). (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح)، قال الله عز وجل:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} .
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ فقال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير. (قال: مرحبًا بك من أخ ونبي)(مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح). ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير (قال: مرحبًا بك من أخ ونبي)(مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح). (وفي رواية البخاري: فلما جاوزت بكى، فقيل له: ما أبكاك؟ قال: يا رب هذا الغلام الذي بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخل من أمتي). ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم (فقال: هذا أبوك فسلم عليه. قال: فسلمت عليه فرد السلام. قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح (مرحبًا بك من ابن ونبي)) مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه. ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتَها من حُسْنها، فأوحى الله إليّ ما أوحى، ففرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فنزلت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قال: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم. قال: فرجعت إلى ربي، فقلت: يا رب! خفف على أمتي فحطّ عني خمسًا، فرجعت إلى موسى فقلت: حطّ عني خمسًا. قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فسله التخفيف. قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال: يا محمد! إنهن خمس صلوات كلَّ يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، من همّ بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرًا. ومن همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب له شيئًا، فإن عملها كتبت له سيئة واحدة. قال: فنزلت حتى انتهيت