المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجنايات روى الحافظ ابو بكر احمد بن ابراهيم الاسماعيلى رحمه - مسند الفاروق لابن كثير ت قلعجي - جـ ٢

[ابن كثير]

الفصل: ‌ ‌كتاب الجنايات روى الحافظ ابو بكر احمد بن ابراهيم الاسماعيلى رحمه

‌كتاب الجنايات

روى الحافظ ابو بكر احمد بن ابراهيم الاسماعيلى رحمه الله فى مسند عمر من طريقتين عن سعيج بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعلن على قتل مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عيينة آيس من رحمه الله حديث آخر قال احمد حدثنا ابو سعيد حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقاد والد من ولد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرث المال من يرث الولاء ورواه احمد وروى الفصل الاول منه الترمذى عن ابى سعيد الاشج وابن ماجة عن ابى بكر بن ابى شيبة كلاهما عن ابى خالد الاحمر عن حجاج بن ارطاة عن عمرو وابن شعيب به وحديث الولاء تقدم قال احمد حدثنا اسود بن عامر اخبرنا جعفر يعنى الاحمر عن مطرف عن الحكم عن مجاهد قال حذف رجل ابنا له بسيف فقتله فرفع الى عمر فقال لولا انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول لا يقاد الوالد من ولده لقتلتك قبل ان تبرح

ص: 439

قال يزيد قال حجاج آكلة اللحم عصى محددة وقال الاموى الاصل فى هذا انها السكين وانما شبهت العصا المحددة بها يعنى الاموى انها انما سميت آكلة اللحم لآن اللحم يقطع بها حديث آخر قال ابو بكر البزار حدثنا محمود بن بكر بن عبد الرحمن حدثنا ابى عن عيسى ابن المختار عن ابن ابى ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن ابن ابى ليلى عن عكرمة بن خالد عن ابى بكر بن عبيد الله بن عمر عن ابيه عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الانف اذا استوعبت جدعة الدية وفى العين خمسون وفى الرجل خمسون وفى الجائفة ثلث النفس وفى المنقلة خمس عشرة وفى الموضحة خمس وفى السن خمس وفى كل اصبع مما هنالك عشر عشر ثم قال لا نعلمه يروى الا من هذا الوجه قلت هذا بعيد ان يكون صحيحا فإن عمر كان يذهب الى خلاف هذا الحديث فى الاصابع اولا كما قال الامام ابو عبد الله الشافعى رحمه الله اخبرنا سفيان بن عيينة وعبد الوهاب الثقفى عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسي بان عمر بن الخطاب قضى فى الابهام بخمس عشرة وفى التى تليها بعشر وفى الوسطى بعشر وفى التى تلى الخنصر بتسع وفى بتسع الخنصر بست فهذا اصح اسنادا من الذى قبله بكثير قال الشافعى فلما وجد كتاب آل عمرو بن حزم فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وفى كل اصبع مما هنالك عشر من لابل صاروا اليه

ص: 440

هذا منقطع حديث آخر قال احمد حدثنا ابو المنذر اسماعيلى بن عمر اراه عن حجاج بن ارطاة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال قتل رجل ابنه عمدا فرفع الى عمر بن الخطاب فجعل عليه مائه من الابل ثلاثين جذعة واربعين ثنية وقال لا يرث القاتل فلولا انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقتل والد بولده لقتلتك وقال على بن المدينى وقد سئل عن هذا الحديث هو ضعيف انما رواه عمرو بن شعيب رواه عن حجاج بن ارطاة واسماعيل بن مسلم وليس هذا مما يعتمد عليه هكذا قال رحمه الله طريق آخرى قال احمد حدثنا يعقوب حدثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن ابى نجيح وعمرو بن شعيب كلاهما عن مجاهد بن جبير فذكر الحديث يعنى المتقدم وقال اخذ عمر من الابل ثلاثين جدعة واربعين ثنية الى بازل عامها كلها خلفة قال ثم دعا أخا المقتول فأعطاه اياه دون ابيه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس لقاتل شىء وقال ابو داود حدثنا النفيلى حدثنا سفيان عن ابن ابى نجيح عن مجاهد قال قضى عمر فى شبه العمد ثلاثين جذعة واربعين ثنية ما بين ثنية الى بازل عامها

ص: 441

هذا منقطع بين مجاهد وعمر فإنه لم يسمع منه ولم يره ولم يدركه ولما روى الحسن بن دينار عن حميد بن هلال عن مجاهد قال سمعت عمر بن الخطاب أنكر عليه شعبة ذلك انكارا شديدا وقال مجاهد سمع فقام الحسن فذهب اثر فى القود سواء كان حديدا نحوه قال ابو عبيد حدثنا يزيد عن حجاج بن ارطاة عن زيد بن جبير عن جروة بن جميل عن عمر انه قال الله ليضربن أحدكم أخاه بمثل آكلة اللحم ثم يرى انى لا اقيده والله لأقيدنه منه

ص: 442

وهكذا روى النسائى عن سعيد بن المسيب مثل هذا الكلام سواء أثر آخر قال على بن حرب حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن ابى زيد قال سمعت عمر بن الخطاب يقول فى الضلع جمل وفى الترقوة جمل وفى الضرس جمل أثر اخر قال البيهقى وقد روى يونس عن الزهرى انه قرأ فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كتبه لعمرو بن حزم وفى الاذن خمسون من الابل قال وروينا عن عمر وعلى انهما قضيا بذلك

ص: 443

أثر آخر قال الشافعى اخبرنا محمد بن الحسن أخبرنا محمد بن ابان عن حماد عن ابراهيم عن عمر وعلى رحمه الله عنهما انهما قالا عقل المرأة على النصف من عقل الرجل فى النفس وفيما دونها هذا منقطع بين ابراهيم وبينهما وقال الشافعى فيما بلغه عن شعبة عن الاعمش عن سفيان عن عبد الله بن مسعود فى جراحات الرجال والنساء يستوى فى السن والنفس وماخلا فعلى النصف وهذا مروى عن عمر فيما كتب به الى شريح ليحكم به ففعل وحديث ابى هريرة ان عمر استشار الناس فى املاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بعزة عبد أو أمة

ص: 444

سيأتى فى مسند المغيرة بن شعبة وقال اسماعيلى بن عياش عن زيد بن أسلم ان عمر رضى الله عنه قوم الغرة خمسين دينارا هذا منقطع واسماعيل بن عياش عن غير الشاميين لا يحتج به عند الجهور حديث فيه أثر عن عمر قال ابو داود حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا عبد الرحمن بن عثمان حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار وثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين قال فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال ان الابل قد غلت قال ففرضها على أهل الذهب ألف دينار وعلى اهل الورق أثنى عشر ألفا وعلى اهل الفا وعلى اهل البقر مائتى بقرة وعلى أهل الشاة ألفى شاة وعلى أهل الحلل مائتى حلة قال وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية

ص: 445

هذا اسناد جيد قوى حجة فى هذا الباب وغيره والله أعلم قال الشافعى رحمه الله لا دلالة فى الوحى على تعداد ابل الدية فأخذناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذنا الذهب والورق عن عمر اذ لم تجد فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذنا دية الحر المسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر دية غيره ممن خالف الاسلام

ص: 446

والغرض من ايراد هذا عن الامام الشافعى صحة هذا الامر عنده عن عمر رضى الله عنه قال الامام الشافعى أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن ثابت وهو ابن هرمز الحداد عن سعيد بن المسيب قال كان عمر يجعل دية اليهودى والنصرانى اربعة آلاف المجوسى ثمانمائة وهكذا رواه قتادة ويحيى بن سعيد الانصارى عن سعيد بن المسيب أثر آخر روى البيهقى من حديث ليث عن مجاهد ان عمر بن الخطاب قضى فيمن قتل فى الحرم اوفى الشهر الحرام او هو محرم بالدية وثلث الدية هذا منقطع ايضا أثر آخر وروى البيهقى أيضا من حديث جابر الجعفى عن الحكم عن عمر بن الخطاب قال عمد الصبى وخطؤه سواء منقطع بل معضل وجابر بن يزيد الجعفى ضعيف فأما الحديث الذى رواه احمد عن سفيان عن الزهرى عن سعيد بن المسي ان عمر قال الدية للعاقلة ولا تورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابى

ص: 447

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى ان اورث امرأة اشيم الضبانى من دية زوجها فرجع عمر عن قوله فرواه اهل السنن أيضا من حديث الزهرى وقال الترمذى حسن صحيح وسيأتى فى مسند الضحاك أيضا ان شاء الله أثر آخر قال ابن ابى ابى الدنيا حدثنا ابو بلال الاشعرى حدثنا عيسى بن يونس عن الاعمش عن زيد بن وهب قال خرج عمر بن الخطاب ذات يوم الى سوق المدينة فجعل يقول ياعمراه يالبيكاه قال فسألنا عن خبره فقيل لنا ان عاملا من عماله امر رجلا ان ينزل فى راد ينظركم عمقه فقال الرجل انى اخاف فضربه عليه فنزل فلما خرج كز فمات فنادى ياعمراه فبعث الى الوالى اما لولا انى اخاف ان تكون سنة بعدى لضرب عنقك ولكن ما تبرح حتى تؤدى ديته والله لا أوليك ابدا

ص: 448

إسناد جيد قوى أثر آخر روى الحافظ ابو بكر البيهقى من حديث مطر الوارق عن الحسن البصرى قال ارسل عمر الى امرأة مغيبة كان يدخل عليها فأنكرت ذلك فقيل لها اجيبى عمر قالت ياويلها مالها ولعمر قال فبينما هى فى الطريق ضربها الطلق فدخلت دارا فألقت ولدها فصاح الصبى صحيحين ومات فاستشار عمر الصحابة فأشار عليه بعضهم ان ليس عليك بشيء انما انت وآل ومؤدب قال ماتقول يا على قال ان كانوا قالوا ذلك برأيهم فقد أخطأ رأيهم وان كانوا قالوه فى هواك فلم ينصحوا لك ارى ان ديتة عليك لأنك انت أفزعتها والقت ولدها فى سبيلك فأمر عمر عليا ان يقسم عقله على قريش فأخذ عقله من قريش فاخذ عقله من قريش لانه اخطا هذا مشهور متداول وهو منقطع فان الحسن البصرى لم يدرك عمر وفيه دلالة على ان ما يجب بخطا الامام يجب على عاقلته وهو احد قولى الشافعى واهل العلم

ص: 449

اثر اخر روى الدارقطنى والبيهقى من حديث عبد الملك بن حسين عن عبد الله ابن ابى السفر عن الشعبى عن عمر بن الخطاب انه قال العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تفعله العاقلة هذا منقطع وعبد الملك هذا يضعف فيه قال البيهقى والمحفوظ رواية ابن ادريس عن مطرف عن الشعبى قوله اثر اخر روى اليهقى ايضا من حديث الشعبى قال جعل عمر بن الخطاب الدية فى ثلاث سنين وثلثى الدية فى سنتين ونصف الدية فى سنتين وثلث الدية فى سنة وهذا منقطع ايضا وقد رواه الحسن بن عمارة عن واصل الاحدب عن المعرور بن سويد عن عمر نحوه لكن الحسن بن عمارة هذا متروك وقد حكى الترمذى الاجماع على القول بمقتضى هذا ونسبه الامام الشافعى الى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 450

أثر فى قتل الجماعة بالواحد قال البخارى فى كتاب الديات من صحيحه وقال لى ابن بشار حدثنى يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ان غلاما قتل غيله فقال عمر رضى الله عنه لو اشترك فيها اهل صنعاء لقتلتهم وقال مغيرة بن حكيم عن ابيه ان اربعة قتلوا صبيا فقال عمر مثله هكذا اورد البخارى هذا الحديث فى كتابه وهو من صنع التعليق عند أئمة هذا الشأن وهو من الصحاح النازلة عن درجة المسندات والله اعلم طريق اخرى قال الشافعى اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسي ان عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسة او سبعة برجل قتلوه قتل عيلة فقال عمر رضى الله عنه لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم جمعيا وقول عمر هذا هو الذى استقرت عليه مذاهب اهل العلم قاطبة الا قولا عن بعضهم ان الولى يقتل واحدا ويأخذ بقية الدية من الباقين ويؤيد قول الجمهور ماروى من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لو ان أهل السماوات والارض اشتركوا فى قتل مسلم لأكبهم الله فى النار وقد بسطت هذا فى كتاب الاحكام والله اعلم

ص: 451

اثر في القصاص من الضربة واللطمة ونحو ذلك قال البخاري ايضا وقاد ابو بكر وابن الزبير وعلي وسويد بن مقرن من لطمة واقاد عمر من ضربة بالدرة واقاد علي من ثلاث اسواط واقتص شريح من سوط وخموش هكذا ارود ذلك معلقا وهو صحيح عنهم واليه ذهب الامام احمد في رواية اسماعيل بن سعيد الشالنجي عنه واختاره بعض اصحابه المتاخريت واقتى به وقد وهو الشيخ ابو الفرج بن الجوزى رحمه الله فى حكايته الاجماع على خلاف ذلك قال انما يعدل فى مثل هذا الى التعزيز وكأنه لم يطلع على ما نقله البخارى رحمه الله وهذا تقصير والله اعلم ذكر الرواية عن عمر بن الخطاب بذلك قال عبد الرزاق عن مالك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال كنت مع عمر فى طريق مكة قبال تحت شجرة فلما استوت الشمس أخذ علية ثوبه وقام فناداه رجل يا امير المؤمنين ثم حاد به فضربه بالدرة فقال عجلت على فأعطاه المخفقة وقال اقتص قال ما انا بفاعل قال والله لتفعلن قال فإنى أغفرها هكذا رواه عبد الرازق عن مالك

ص: 452

ورواه اصحاب الموطات عن مالك عن عاصم عن عمر ليس بينهما احد والاول اشبه بالصواب وسنذكر شواهد ذلك فى سيرة عمر ان شاء الله تعالى حديث سعيد الحريرى عن ابى نضرة عن ابى فراس النهدى عن عمر قال رايت رسول الله اقص من نفسه وفى الحديث قصة أثر آخر فى تقديم المباشرة على السبب قال عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثنا موسى بن على بن رباح عن ابيه ان أعمى كان له بصير فغفل البصير فوقعا فى بئر فمات البصير وسلم الاعمى فجعل

ص: 453

عمر رضى الله عنه ديته على عاقلة الاعمى فسمعته يقول فى الحج يا ايها الناس لقيت منكرا هل يعقل الاعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا وأخرجه الدارقطنى فى سننه وزاد فيه فوقعا فى بئر فوقع الاعمى على البصير فمات وهذا اسناد حسن أثر عن عمر فى الدفع بالاسهل قال ابو عبيد يروى عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمر أنه قال ورع اللص ولا تراعه قال ابو عبيد يقول اذا رأيته فى منزلك فادفعه واكففه بما استطعت ولا تنتظر فيه شيئا وكل شىء كففته فقد ورعته وقال ابو زبيد ورعت ما يكبى الوجوه رعاية ليحضر خيرا وليقصر منكر يقول ورعت عنكم ما يكبى وجوهكم تمنن بذلك عليهم وقوله لا تراعه يقول لا تنتظره ارعاها وظل يحوطها حتى دنوت اذ الظلال دنا لها يذكر امراة ومنه قيل للصائم هو يرعى الشمس يعنى ان تغيب وكذلك ساهر يرعى النجوم وقال ابو عبيد وقد فسر بعض الفقهاء قوله بره من السرقة ولا تتهمه يذهب به الى الورع وليس هذا من الورع فى شىء انما هذا رخصة من عمر فى الاقدام

ص: 454

السلاح ليقدم عليه وكذلك يروى عن ابن سيرين انه قال ما كانوا يمسكون عن اللص اذا دخل دار أحدهم تاثما أثر فى العالقة قال ابو عبيد يروى عن سفيان بن سعيد عن عمر بن عبد الرحمن المدينى عن انى سلمة بن سفيان المخزومى عن ابي امية بن الاخنس ان رجلا اتى عمر فقال ان ابن عمى شج موضحة فقال امن أهل القرى أم من أهل البادية فقال من أهل البادية فقال عمر انا لا نتعاقل المضغ بييننا قال ابو عبيد وهذا الحديث يحمله بعض أهل العلم على ان أهل القرى لا يعقلون عن أهل البادية ولا أهل البادية عن أهل القرى وفيه هذا التأويل وزيادة ايضا ان العاقلة لا تحمل السن والموضحة والاصبع وأشباه ذلك مما كان دون الثلث فى قول عمر وعلى هذا القول اهل المدينة الى اليوم يقولون ما كان دون الثلث فهو فى مال الجانى فى الخطا واما اهل العراق قيرون ان الموضحة فهو فى مال الجانى وانما سماها مضغا فيما نرى انه صغرها وقللها كالمضغة من الانسان فى حلقه وفى حديث عمر قال لا يعقل أهل القرى الموضحة ويعلقها أهل البادية يروى عن حجاج عن ابن جريح عن ابن ابى مليكة عن ابن عن عمر

ص: 455

اثر اخر في دفع الصائل قال علي بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري بن قاسم بن محمد عن عبيد بن عمي ران رجلا ضاف ناسا من هذيل فذهبت جارية لهم تحتطب فارادها على نفسها فرمته بحجر فقتلته فرفع ذلك الى عمر فقال ذاك قتيل الله والله لا يؤدي ابدأ رواه صالح بن كيسان عن الزهرى عن القاسم ولم يذكر عبيد بن عمير نحوه وهو اسناد جيد وفهي انقطاع والله اعلماثر اخر في معناه قال احمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث قال اتى عمر بن الخطاب يوما بفتى امرد قدوجد قتيلا ملقي علىوجه الطريق فسال عمر عن امره واجتهد فلم يقف له على خبر ولم يعرف قاتلا فشق ذلك على عمر وقال اللهم اظفرني بقاتله حتى اذا كان راس الحول او قريب من ذلك وجد صبيا مولودا ملقى بموضع القتيلى فأتى به عمر رضى الله عنه فقال ظفرت بدم القتيل ان شاء الله فدفع الصبى الى امراة وقال لها قومى بشأنه وخذى منا نفقته وانظرى من يأخذه منك فإذا وجدت امراة تقبله وتضمه الى صدرها فأعلمينى بمكانها فلما شب الصبى جاءت جارية فقالت للمرأة ان سيدتى بعثتنى اليك ان تبعثى بالصبى لتراه وترده اليك فقالت نعم اذهبى به اليها وانا معك فذهبت بالصبى والمرأة معها حتى دخلت على سيدتها فلما رأته اخذته قبلته وضمته اليها فإذا هى ابنة شيخ من الانصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت عمر خبر المرأة فاشتمل على سيفه ثم أقبل الى منزلها فوجد أباها متكثا على باب داره فقال يا فلان ما فعلت ابنتك فلانة قال يا امير المؤمنين جزاها الله خيرا هى من أعرف الناس بحق الله وحق ابيها مع حسن صلاتها والقيام بدينها فقال عمر قد أحببت ان أدخل اليها وأزيدها رغبة فى الخير وأحثها على ذلك فقام جزاك الله خيرا يا امير المؤمنين امكث مكانك حتى ارجع اليك فاستأذن لعمر فلما دخل امر عمر كل من كان عندها فخرج عنها وبقيت هى وعمر

ص: 456

فى البيت ليس معهما احد فكشف عمر عن السيف وقال لتصدقينى وكان عمر رضى الله عنه لا يكذب فقالت على رسلك يا أمير المؤمنين فو الله لأصدقنك ان عجوزا كانت تدخل على فأتخذتها اما فكانت تقوم من أمرى بما تقوم به الوالدة وكنت لها بمنزلة فأمضت بذلك حينا ثم انها قالت يابنية انه قد عرض لى سفر ولى بنت فى موضع اتخوف عليها فيه ان تضيع وقد أحببت ان أضمها اليك حتى أرجع من سفرى فعمدت الى ابن لها شاب أمرد فهيأته كهيئة الجارية فأتتنى به لا أشك أنه جارية فكان يرى منى ماترى الجارية حتى اغتفلنى يوما وانا نائمة فما شعرت حتى علانى وخالطنى فمددت يدى الى شفرة كانت الى جنبى فقتلته ثم أمرت به فألقى حيث رأيت فاشتملت منه على هذا الصبى فلما وضعته ألقيته فى موضع ابيه فهذا والله خبرهما على ما أعلنتك قال عمر صدقت بارك الله فيك ثم أوصاها ووعظها ودعا لها وخرج وقال لأبيها بارك الله لك فى ابنتك فنعم الأبنه ابنتك وقد وعظمتها وأمرتها فقال الشيخ وصلك الله يا امير المؤمنين وجزاك خيرا عن رعيتك هذا أثر غريب وفيه انقطاع بل معضل وفيه فوائد كثيرة منها حزق عمر رضى الله عنه وحسن تأنيه وجوده فراسته وفيه انه يجوز دفع الصائل زانه لا ضمان عليه فى قتله حيث لم يؤمر فيه بالدية والله اعلم أثر آخر فى قتل المرتد قال ابو بكر بن ابى الدنيا حدثنا ابو خيثمة حدثنا ابن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن عن ابيه قال لما اتى عمر بفتح تستر قال هل كان شىء قال نعم رجل ممن المسلمين ارتد عن الاسلام قال فما صنعتم به قالوا قتلناه قال فهلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستبتموه فإن تاب ولا قتلموه ثم قال اللهم لم اشهد ولم آمر ولم أرض اذ بلغنى إسناد جيد

ص: 457

وهكذا رواه الامام الشافعى عن الامام مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن عبد القارىء عن ابيه قال قدم على عمر رجل من قبل ابى موسى فسأله عن الناس فأخبره ثم قال هل فيكم من مغربه خبر قال نعم رجل كفر بعد اسلامه قال فما فعلتم به قال قربناه فضربنا عنقه قال فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب او يراجع أمر الله اللهم انى لم أحضر ولم آمر ولم ارض اذ بلغنى ورواه ابو عبيد عن اسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القارىء عن ابيه عن عمر وقال قوله مغربة خبر يقال بكسر الراء وفتحها قالها الاموى مغربة خبر بالفتح وغيره بالكسر وأصله فيما نرى عن الغرب هو البعد ومنه قيل دار فلان غربة قال الشاعر البسيط وسط ولى النوى ان النوى قذف تياحه غربة بالدار احيانا ومنه قيل شاو مغرب قال الكميت فى المغرب الطويل أعقدت من اولى الشبيبة تطلب على دبر هبهات شأو مغرب وفى هذا الحديث من الفقه انه راى ان لا يقتل الرجل مرتدا حتى يستتيبه ثم وقت فى ذلك ثلاثا ولم اسمع التوقيت فى غير هذا الحديث وفيه انه لم يساله اولد على الفطرة او غيرها وقد راى ان يستتاب فهذا غير قول من يقول ان ولد على الفطرة لم يستتب وفيه دلالة على استتابة المرتد وانتظامه فى ذلك ثلاثا وهو اجد قولى الشافعى ومذهب طائفة من العلماء وقد رواه الامام احمد من طريق أخرى بإسناد صحيح عن انس رضى الله عنه قال بعثنى ابو موسى بفتح تستر الى عمر رضى الله عنه فسألنى عمر وكان ستة نفر من بنى بكر بن وائل قد ارتدوا عن الاسلام ولحقوا بالمشركين فقال ما فعل النفر من

ص: 458

بكر بن وائل قال فأخذت فى حديث آخر لأشغله فقال ما فعل النفر من بكر بن وائل قلت يا أمير المؤمنين قوم ارتدوا عن الاسلام ولحقوا بالمشركين ما سبيلهم الا القتل فقال عمر لآن أكون أخذتهم سلما أحب الى مما طلعت عليه الشمس من صفراء او بيضاء قال قلت يا امير المؤمنين وما كنت صانعا بهم لو أخذتهم قال كنت عارضا عليهم الباب الذى خرجوا منه ان يدخلوا فيه فان فعلوا ذلك قبلت منهم والا استودعهم السجن وهذا يقتضى انهم انما قتلوا بعد تمنعهم بلجوئهم بالمشركين فإن لا يقتص منهم عند كثير من العلماء منهم الامام احمد بن حنبل والا فلو قتلوا قبل امتناعهم لوجب القصاص قولا واحدا واما حبسهم حتى يسلموا ففيه دلالة لمذهب سفيان الثورى ومن وافقه ان المرتد يستاب وينظر ما رجيت توبته وهو معنى قول ابراهيم النخعى وذهب طاوس وعبيد بن عمير الى انه يقتل ولا يستتاب لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه ولأن أمره أغلط من كفر الاسير الحربى فإذا قتل هذا فلا استتابه فالمرتد اولى وقال الحنفية الاستتابة مستحبة لكنه ان لم يتب فى الحال قتل الا ان يسال الانتظار فينتظر ثلاثة ايام وهذا قول للامام الشافعى ان الاستتابة مستحبة وعنه قول آخر انها واجبة لكنه يقتل فى الحال ان لم يتب فى قول وهو اختيار المزنى وابن المنذر والقول الآخر تجب الاستتابة ويؤجل ثلاثة أيام وهو مذهب مالك وأحمد وقال الزهرى وابن القاسم يستتاب ثلاث مرات فهذه كافة أقوال الائمة فى المرتد

ص: 459