الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك في جميع الأنواع التي يخالف بعضها بعضاً في القوة والضعف، فإنه يعد حينئذٍ كاذباً وخائناً.
[أنواع علوم الحديث]
وهذا ذكر بعض أنواعه ليستدل به على غيره، فإن أنواع علوم الحديث قد أطنب فيها مع تفاريعها بحسب علوم أئمتها، حتى إن الضعيف -وهو نوعٌ واحدٌ منها- بلغ به الإمام أبو حاتم ابن حبان البستي في تقسيمه خمسين قسماً إلا واحداً، فما ظنك بغيره؟
[الحديث الصحيح]
فالحديث الصحيح على أنواعه، وهو: المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذاً ولا معللاً.
وفي هذه الأوصاف احترازٌ عن: المرسل، والمنقطع، والمعضل،
والشاذ، وما فيه علةٌ قادحةٌ، وما من راويه نوع جرحٍ، فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة، بخلافٍ بين أهل الحديث، وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه، أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف في راويه.
ومتى قالوا: (هذا حديثٌ صحيحٌ) فمعناه: أنه اتصل سنده مع وجود جميع الأوصاف المذكورة فيه، وليس من شرطه أن يكون مقطوعاً به في نفس الأمر، إذ منه ما ينفرد بروايته عدلٌ واحدٌ.
وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول.
وكذلك إذا قالوا في حديث: ((إنه غير صحيحٍ)) ، فليس ذلك قطعاً منهم بأنه كذبٌ في نفس الأمر، إذ قد يكون صدقاً في نفس الأمر، وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور، والله أعلم.
قلت: هكذا قاله الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح في كتاب (علوم الحديث) له، وأما ما ذكره الإمام الحاكم أبو عبد الله ابن البيع النيسابوري في كتاب علوم الحديث له: إن الصحيح هو أن يرويه عدلان ضابطان، عن
عدلين ضابطين إلى منتهاه، فليس بصحيحٍ، فإن كثيراً من أحاديث الصحيحين لم يكن تحصيل هذه الشريطة فيه.
وكيف، ومن أصح الأحاديث:((إنما الأعمال بالنيات)) ، فإنه حديثٌ أجمع على صحته علماء الأمصار وفقهاء الأقطار وله طرقٌ ومتابعاتٌ كثيرةٌ، وما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح غير عمر بن الخطاب، وما رواه عن عمر بن الخطاب إلا علقمة بن وقاص الليثي، وما رواه عن علقمة إلا محمدٌ بن إبراهيم التيمي، وما رواه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وما رواه عن محمد بن عمرو إلا ربيع بن زيادٍ [الضبي] ، وقد رواه عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاري جماعةٌ من الثقات وغيرهم يزيدون على المائتين.
قال أبو حاتم بن حبانٍ: حديث: ((الأعمال بالنية)) تفرد به أهل
المدينة، وليس هو عند أهل العراق، ولا عند أهل مكة واليمن، ولا عند أهل الشام، ومصر، قد أخرجه الأئمة في كتبهم من طرقٍ تختصر على ذكر طريقٍ واحدٍ لكل واحدٍ منهم.
فرواه محمد بن إسماعيل البخاري عن أبي بكرٍ عبد الله الحميدي، عن سفيان، في أول جامعه الصحيح.
ورواه مسلم بن الحجاج القشيري عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب الثقفي.
ورواه أبو داود السجستاني عن محمد بن كثيرٍ، عن الثوري.
ورواه الترمذي عن عبد الوهاب الثقفي.
ورواه أبو عبد الرحمن النسائي عن عمرو بن منصور، عن القعنبي.
ورواه محمد بن يزيد بن ماجه القزويني في سننه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري.