الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبيل بشيءٍ، وأكثر ما يقع هذا في اختلاف رواة البلدان النائية عن بعضها بعضاً.
[الحديث المنكر]
والحديث المنكر قسمان:
الأول: المنفرد المخالف لما رواه الثقات، لوهمٍ حصل له وإن كان ثقةً.
والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده، وهذا أضعف من ذاك، والله أعلم.
[الحديث الموضوع]
والحديث الموضوع -وهو شر أنواع الحديث- لا تجوز روايته، لأنه المختلق المصنوع المكذوب به على رسول الله صلى الله عليه وسلم متناً وإسناداً، وهو الذي إذا روي لا يروى إلا لبيان حاله من الوضع والقدح فيه دون غيره من الأحاديث الضعيفة، المذكورة أنواعها التي يحتمل صدقها في الباطن، حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب.
وهذا النوع الموضوع لا تجوز روايته، لا في الترغيب، ولا في الترهيب، ولا في الأحكام، خلافاً لبعض الكرامية، حيث جوزوا وضع الحديث في الترغيب والترهيب، فإن قولهم مردودٌ عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم في
الحديث المتفق على صحته، الذي لا تجوز دعوى التواتر في شيءٍ من الحديث إلا إن كان ولا بد ففيه، لكثرة عدد رواته من الصحابة فمن بعدهم:((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) .
وإنما عرف العلماء كون الحديث موضوعاً بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره، وقد يفهمون الوضع من حال الراوي والمروي، فقد وضعت أحاديث كثيرةٌ طويلةٌ، يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها، وربما كان الحديث بخلاف ذلك من حسن ترصيف ألفاظه وصحة معانيه، فيتقبله الناس بالقبول وهو موضوعٌ يعرفه أهل صناعته من وجوهٍ كثيرةٍ، كالأربعين [في] الخطب الودعانية، ونحوها.
والواضعون للحديث أصنافٌ، وأعظمهم ضرراً قومٌ ينسبون إلى الزهد ويضعون الحديث احتساباً فيما زعموا، فيقبل الناس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم، وركوناً إليهم.
ثم نهضت جهابذة الحديث -جزاهم الله تعالى عن الإسلام خيراً- بكشف عوارها ومحو عارها، رحمة الله عليهم.
ثم إن الواضع ربما صنع كلاماً من عند نفسه فرواه، وربما أخذ كلاماً لبعض الحكماء وغيرهم فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما غلط غالطٌ فوقع
في شبهة الوضع من غير تعمدٍ، كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث:((من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار)) ، فإنه دخل على بعض المحدثين، وقد ذكر إسناد حديثٍ يريد ذكره عن رسول لله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل مجلسه ووقع نظره عليه رأى حسن وجهه بالنهار، [فقال هذا القول] ، فظن أن الإسناد المذكور لهذا الكلام فركبه عليه، ورواه بذلك الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد بذلك الحاضرون في المجلس، فهذا حديثٌ موضوعٌ لم يقصد ثابت بن موسى وضعه.
وممن أقر ببعض ما وضعه نوح بن أبي مريم أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورةً سورةً؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبةً.
وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل القرآن سورةً سورةً، ولقد أخطأ الواحدي المفسر، ومن ذكره من المفسرين في إيداعه كتبهم.
وهذا أكثره قول الإمام أبي عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث رحمة الله عليه.
والواضعون للحديث كثيرون، وقد جمع بعض الرواة أسماء سبعةٍ في بيتي شعرٍ وهما:
أحاديث نسطورٍ، ويسرٍ، ويغنم
…
وبعض أشج الغرب، ثم خراش
ونسخة دينارٍ، وأخبار تربه
…
أبي هدبة القيسي: شبه فراش
فهذه ثلاثون نوعاً من علوم الحديث، هي بعضٌ من كل في تعداد أنواعه، وشيءٌ يسيرٌ من فوائده وفضل أتباعه.
وآن وقت الشروع في أسانيد الكتب المقروءة، والمسموعة على مشايخي، والمستجازة لي بطرقٍ خرجتها إليهم بعد السعي البليغ والاجتهاد التام بأعلى ما يمكنني في الوقت من الطرق العالية الإسناد، مبتدئاً بكتب القراءات، ثم بكتب الحديث، والتفسير وغيرهما، مستعيناً بالله تعالى ومتوكلاً عليه، فأقول: