الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: طبقات الرواة
الشعراء الرواة
…
الفصل الثاني: طبقات الرواة
1-
الشعراء الرواة:
أولى هذه الطبقات وأولاها بالتقديم طبقة الشعراء الرواة، وهم -فيما يبدو لنا- طائفتان: شعراء يروون، فيما يروون، شعر شاعر بعينه، فيحفظون هذا الشعر، ويتتلمذون للشعر، ويحتذون فيما ينظمون شعره، واعين مقلدين في بدء أمرهم، ثم يصبح التقليد طبيعة وفطرة يصدرون عنها صدورًا فنيًّا. وبذلك تكتمل لدينا سلسلة من الشعراء الرواة يكون لهم من الخصائص الفنية التي تجمع بينهم ما يتيح لنا أن نسميهم "مدرسة شعرية" كما سماها الأستاذ الدكتور طه حسين1.
وطائفة ثانية من هؤلاء الشعراء الرواة يروون شعرًا لمن سبقهم ولبعض من عاصرهم من الشعراء، لا يخصون شاعرًا بعينه يتتلمذون له، وإنما يردون مناهل شتى يستقون منها ما شاء لهم الفن الشعري أن يستقوا، ثم يصدرون وقد اكتملت لهم شخصيتهم الفنية المستقلة.
وقد قسم النقاد الأقدمون الشعراء طبقات أربعة، وجعلوا الطبقة الأولى المقدمة على سائر الطبقات: الشعراء الفحول، وقد عرفوا الفحول بأنهم الشعراء الرواة2.
وسنعرض أمثلة قليلة لكل من الطائفتين فيها غناء عن الإكثار.
فأما الطائفة الأولى، وهم الذين يتسلسلون في نسق، ويكونون مدرسة شعرية، فمن أشهرها المدرسة التي تبدأ بأوس بن حجر وتنتهي بكثير فقد كان زهير بن
1 في الأدب الجاهلي "ط. رابعة" ص297.
2 البيان والتبيين 2: 9، وانظر العمدة 1:73.
أبي سلمى راوية أوس وتلميذه1؛ ثم صار زهير أستاذًا لابنه كعب وللحطيئة2، حتى لقد قام الحطيئة لكعب بن زهير3:"قد علمتم روايتي لكم أهل البيت وانقطاعي إليكم، فلو قلت شعرًا تذكر فيه نفسك ثم تذكرني بعدك". ثم جاء هدبة بن خشرم الشاعر وتتلمذ للحطيئة وصار راويته4. ثم تتلمذ جميل بن معمر العذري لهذبه وروى شعره، ثم كان آخر من اجتمع له الشعر والرواية كثيرًا تلميذ جميل وراويته5.
ولسنا في سبيل دراسة الخصائص الفنية لهذه المدرسة الشعرية6، فحسبنا هذا العرض التقريري الذي أورده النقاد الأقدمون، وأقر به بعض هؤلاء الشعراء أنفسهم. ومع ذلك فإننا سنعرض لخصيصة واحدة تجلو لنا حقيقة الصلة بين تلامذة هذه المدرسة؛ تلك هي: التأني في نظم الشعر وإعادة النظر فيه وتنقيحه، حتى لقد قال الأصمعي7: زهير والحطيئة وأشباههما من الشعراء عبيد الشعر؛ لأنهم نقحوه، ولم يذهبوا فيه مذهب المطبوعين. وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحولي المحكك. وكان زهير يسمي كبرى قصائده الحوليات.
وذكر كعب بن زهير في شعر له هذه "العملية الفنية" في نظم الشعر8،
1 ابن سلام، طبقات فحول الشعراء: 81، وابن قتيبة، الشعر والشعراء 1:86. ومع ذلك فإنه يروي أنه كان لزهير أستاذ آخر هو خاله بشامة بن الغدير وأن زهيرًا قد ورث شعر خاله بشامة ورواه عنه، انظر الأغاني 10: 312، والآمدي، المؤتلف والمختلف رقم 539.
2 ابن قتيبة، الشعر والشعراء 1:93.
3 ابن سلام، طبقات فحول الشعراء: 87 وابن قتيبة، الشعر والشعراء:106. وانظر أيضًا الأغاني 2: 165.
4 الأغاني 8: 91، ولسان العرب "رتب".
5 الأغاني 8: 91.
6 لقد فصل القول فيها الدكتور طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي" انظر ص298 وما بعدها.
7 الشعر والشعراء 1: 23.
8 انظر ديوانه ص64.
فأشار إلى أنه ينتفي ألفاظه وقوافيه انتقاء، ويتنخلها تنخلًا، ويثقف شعره حتى تلين متونه ويستوي بين يديه على ما يحب. ومن هنا جاز أن تسمَّى هذه المدرسة الشعرية مدرسة الصنعة1.
ولم تكن الرابطة الفنية وحدها هي التي تجمع بين بعض هؤلاء الشعراء، فقد ذكر لنا الرواة أن أوسًا كان زوج أم زهير2، وكعب هو ابن زهير. وصلة الرحم هذه التي تربط بين أفراد المدرسة الفنية الواحدة، تنقلنا إلى مدرسة أخرى: فقد كان المسيب بن علس خال الأعشى بن ميمون، وكان الأعشى راويته وكان يطرد شعره ويأخذ منه3.
وكذلك كان أبو ذؤيب الهذلي راوية لساعدة بن جؤية الهذلي4
ولو تتبعنا هذه الصلة بين شعراء الجاهلية لوجدنا الكثيرين منهم ذوي رحم.
ومن أشهر الأمثلة على ذلك -غير من ذكرنا- هؤلاء الثلاثة: المرقش الأكبر، والمرقش الأصغر، وطرفة بن العبد. فقد كان المرقش الأكبر عم الأصغر، والأصغر عم طرفة5. وكذلك كان مهلهل خال امرئ القيس. فلعل الأمر في هؤلاء الشعراء قد جرى على ما جرى عليه الشعراء السابقون من أصحاب المدرسة الفنية الواحدة، ولعل المرقش الأصغر كان راوية عمه المرقش الأكبر، وطرفة راوية عمه المرقش الأصغر، ولعل امرأ القيس كان كذلك راوية خاله مهلهل6.
والأمر بعد هذا يحتاج إلى دراسة فنية، ليس هذا مجالها، لشعر هؤلاء الشعراء حتى تنجلي لنا الأصول الشعرية التي قامت عليها كل مدرسة ومدى تأثر
1 الدكتور شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي "ط. ثانية" ص13-15.
2 ابن سلام: 81.
3 الموشح: 51، والشعر والشعراء 1:127.
4 ابن قتيبة، الشعر والشعراء:635.
5 ابن سلام: 34، ومعجم المرزباني: 201، والأغاني 6:136.
6 ذكر ابن رشيق في العمدة 1: 61 "مطبعة السعادة سنة 1907" أن امرأ القيس كان راوية أبي دواد الإيادي، قال: وكان امرؤ القيس يتوكأ عليه ويروي شعره".
التلاميذ الرواة من هؤلاء الشعراء بأساتذة مدرستهم وشيوخها.
والطائفة الثانية هم الشعراء الذين لم يختصوا برواية شعر شاعر بذاته يتتلمذون له، وإنما يروون لشعراء كثيرين يتتلمذون لهم جميعًا، حتى يستقيم عودهم، ويشقوا طريقهم الشعري الذي يتفردون به ويتميزون. ولهذه الطائفة من الشعراء قيمة كبيرة في بحثنا هذا، إذ أنهم جميعًا، في أمثلتنا التي سنوردها من شعراء القرن الأول الهجري، وهم جميعًا قد رووا الشعر الجاهلي وحفظوه وتمثلوا به، بل لقد نقدوه وحكموا عليه وفاضلوا بين الشعراء الجاهليين. وقد اعتمد الرواة من علماء القرن الثاني أحكام هؤلاء الشعراء الرواة وروايتهم للشعر الجاهلي وأخذوا عنهم.
وبذلك يكون أولئك الشعراء الرواة الذين عاشوا في القرن الأول الهجري حلقة من السلسلة التي أشرنا إليها في الفصل الأول حين تحدثنا عن اتصال الرواية الأدبية من الشاعر الجاهلي إلى علماء القرن الثاني.
فمن الشعراء الرواة في القرن الأول: الطرماح. قال محمد بن سهل راوية الكميت1: أنشدت الكميت قول الطرماح.
إذا قبضت نفس الطرماح أخلقت
…
عرى المجد واسترخى عنان القصائد
فقال الكميت: إي والله وعنان الخطابة والرواية.
والكميت بن زيد هذا كان كذلك راوية عالمًا بلغات العرب خبيرًا بأيامها ومثالبها. ويقال: ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت؛ فمن صحح الكميت نسبه صح، ومن طعن فيه وهن.
وكذلك كان رؤبة بن العجاج، فقد أخذ عنه كثير من العلماء الرواة اللغة، وكانوا كذلك يأخذون عنه رواية الشعر الجاهلي ونقده والحكم عليه.
1 البيان والتبيين 1: 46، والشعر والشعراء:567.
أخذ عنه يونس بن حبيب شرح قول امرئ القيس "صفر الوطاب"1.
وكان يونس يأخذ عنه كذلك الغريب، فقال له رؤبة يومًا: حتى متى تسألني عن هذه الأباطيل وأزوقها لك! أما ترى الشيب قد بلع في رأسك ولحيتك؟ وروى عنه أبو عمرو بن العلاء أبياتًا لامرئ القيس فاضل بينها ونقدها2.
وكان ذو الرمة راوية الراعي3، يروي شعره ويجعله إمامًا4، وكان كذلك يؤخذ عنه بعض الشعر الجاهلي، فقد أخذ عنه يونس بن حبيب قصيدة عبيد بن الأبرص الحائية التي يصف فيها المطر، وجعلها يونس، من أجل ذلك، لعبيد، وإن كان المفضل صرفها إلى أوس بن حجر5.
ومما يدل على معرفة ذي الرمة بالشعر الجاهلي معرفة دقيقة، وطول نظره فيه، ما رُوي من أن حمادًا الراوية قدم على بلال بن أبي بردة البصرة، وعند بلال ذو الرمة، فأنشده حماد شعرًا مدحه به، فقال بلال لذي الرمة6: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: جيدًا، وليس له. قال: فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله. فلما قضى بلال حوائج حماد وأجازه
…
قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال: لا. قال: فمن يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، وهو شعر قديم وما يرويه غيري. قال: فمن أين علم ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.
1 ابن سلام: 45، وبيت امرئ القيس هو:
وأفلتهن علباء جريضًا ولو أدركنه صفر الوطاب
2 الموشح: 27.
3 ابن سلام: 467.
4 الموشح: 170.
5 ابن سلام: 76-77.
6 الأغاني 6: 88.
فإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلى الحديث عن جرير والفرزدق، وجدنا في الحديث عنهما ما يكشف عن مدى معرفة هؤلاء الشعراء بأخبار الجاهلية وأيامها ورواية شعرها. وعرفنا شيئًا آخر ذا قيمة خاصة، وهو أن علماء القرن الثاني قد أخذوا بعض علمهم عن الجاهلية وشعرها عن هؤلاء الشعراء، وخاصة جريرًا والفرزدق.
فأما جرير فقد كان جده الخطفي، واسمه حذيفة بن بدر، من القدماء العلماء بالنسب وأخبار العرب1، وكان كذلك شاعرًا وقد أدركه جرير وأخذ عنه2. وروى أبو عبيدة عن مسحل بن زيداء -وهي بنت جرير- عن أبيها جرير، أخبارًا عن أيام الجاهلية منها خبر عن يوم ذي قار3، وكذلك روى عنه نقدًا مفصلًا لشعر بعض شعراء الجاهلية4. وكان خلفاء بني أمية يسألونه عن الشعراء: الجاهليين منهم والإسلاميين، فيخبرهم بشعرهم وبنقده وأحكامه على هؤلاء الشعراء5. فمن أمثلة ما كان يقوله: إن طرفة -وقد كنى عنه بابن العشرين- أشعر الناس، وإن زهيرًا والنابغة كانا ينيران الشعر ويسديانه، وإن امرأ القيس اتخذ من الشعر نعلين يطؤهما كيف شاء
…
وقد كان طلب جرير والفرزدق لأخبار الجاهلية وأنساب العرب مما يضطران إليه، ليضمناه شعرهما حين يهجوان وحين يمدحان، ولذلك قال أبو عبيدة عنهما6 "هما بئس الشيخان، ما خلق الله أشأم منهما على قومهما، إنهما أخرجا مثالب بني تميم وعيوبهم، وكانا أعلم الناس بعيوب الناس.
1 البيان والتبيين 1: 366.
2 طبقات فحول الشعراء: 319-321.
3 النقائض: 647.
4 النقائض: 1047-1048، وانظر الأغاني 8: 199-200.
5 أمالي القالي 2: 179.
6 النقائض: 1049.
أما الفرزدق فقد تعلم الشعر وروايته وكلام العرب صغيرًا، وهذا أبوه غالب بن صعصعة حينما وفد على علي بن أبي طالب في خلافته ومعه ابنه الفرزدق قال لعلي1: قد رويته الشعر يا أمير المؤمنين وكلام العرب، ويوشك أن يكون شاعرًا مجيدًا. وقد كان بعد ذلك يطلب الأنساب والأخبار والمثالب ليضمنها شعره حتى إنه حين قدم عمر بن لجإ التيمي البصرة خرج إليه الفرزدق ومعه روايته ابن مسويه، وكان يكتب شعره، فقال الفرزدق لابن لجإ2:
يا أبا حفص، إن ابن عمي شبة بن عقال كتب إلي أن بني جعفر هجوه وهو مفخم، وقد استغاث بي، ولست أعرف مثالبهم ولا ما يُهجون به. قال عمر: لكني قد طانبتهم في الحال، وسايرتهم في النجع، وحضرت معهم وبدوت. فقال الفرزدق: هاتوا لي صحيفة أكتب فيها ما أريد من ذلك. قال: فأتوه بصحيفة فكتب فيها المثالب التي هجاهم بها في القصيدة التي يقول فيها:
ونبئت ذا الأهدام يعوي ودونه
…
من الشأم زراعاتها وقصورها3
ويبدو أن الفرزدق كان كثير الرواية لشعر امرئ القيس حافظًا لأخباره، ويعلل العلماء كثرة روايته لشعر امرئ القيس وأخباره بأن امرأ القيس صحب عمه شرحبيل بن الحارث قبل يوم الكلاب، وكان شرحبيل مسترضعًا في بني دارم رهط الفرزدق، فلحق امرؤ القيس بعمه، فلذلك حفظ الفرزدق أخباره4.
وبعض أخبار الفرزدق عن امرئ القيس متصلة إلى الجاهلية نفسها، وربما إلى عصر امرئ القيس نفسه، فالفرزدق يذكر أن جده قد حدثه بها، وجده شيخ كبير وهو يومئذ غلام حافظ لما يسمع5.
1 البغدادي، الخزانة 1:206.
2 النقائض: 907-908.
3 ذو الأهدام: اسمه نفيع، وهو أحد بني جعفر بن كلاب. وزراعاتها: الأرض التي تزرع منها.
4 ابن قتيبة، الشعر والشعراء 1: 70-71، وجمهرت أشعار العرب:85.
5 المصدران السابقان.
وللفرزدق أحكام نقدية على الشعراء الجاهليين والمخضرمين أخذ بعضها الرواة العلماء وتناقلوها، فمن ذلك حكم الفرزدق على نابغة بني جعدة في قوله1: كان صاحب خلقان عنده مطرف بألف وخمار بواف.
وقد قال الجاحظ2: إن الفرزدق راوية الناس وشاعرهم وصاحب أخبارهم. وقال يونس بن حبيب: لولا شعر الفرزدق لذهب نصف أخبار الناس. فهل أبلغ من هذا في الدلالة على مبلغ علم الفرزدق بأيام العرب وأخبارهم وشعرهم؟ بل حسبنا أن نذكر الأبيات التالية التي قالها من قصيدته اللامية، فإن ما فيها من تعداد لشعراء الجاهلية، ولمح من أخبارهم، ونقدات سريعة لشعرهم، دال أبلغ الدلالة على معرفته بهؤلاء الشعراء وبشعرهم معرفة واضحة المعالم. قال الفرزدق3:
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا
…
وأبو يزيد وذو القروح وجرول4
والفحل علقمة الذي كانت له
…
حلل الملوك، كلامه لا ينحل
وأخو بني قيس وهن قتلنه
…
ومهلهل الشعراء ذاك الأول5
والأعشيان كلاهما ومرقش
…
وأخو قضاعة قوله يتمثل
وأخو بني أسدٍ عبيد إذ مضى
…
وأبو دوادٍ قوله يتنحل
وابنا أبي سلمى زهير وابنه
…
وابن الفريعة حين جد المقول
والجعفري وكان بشر قبله
…
لي من قصائده الكتاب المجمل
ولقد ورثت لآل أوس منطقًا
…
كالسم خالط جانبيه الحنظل
1 الأغاني 5: 28 والموشح: 64.
2 البيان والتبيين 1: 322.
3 النقائض: 200-201 وديوانه ص720-721.
4 النوابغ: النابغة الذبياني والجعدي والشيباني. وأبو يزيد: المخبل السعدي. وذو القروح: امرؤ القيس. وجرول: الحطيئة.
5 أخو بني قيس: طرفة.
والحارثي أخو الحماس ورثته
…
صدعًا كما صدع الصفاة المعول
ومما يدخل في هذا الباب قصيدة سراقة البارقي، وهو معاصر لجرير والفرزدق، ووجه الشبه بين القصيدتين في تعداد أسماء الشعراء، وذكر طرف من أخبارهم ونقد شعرهم واضح بين وقصيدة سراقة التالية تدل على أن غير جرير والفرزدق من شعراء القرن الأول قد شركوهما في العلم بشعراء الجاهلية ورواية شعرهم مما لا يبلغه إلا الرواة العلماء النقاد الدارسون لهؤلاء الشعراء وشعرهم.
قال سراقة1:
ولقد أصبت من القريض طريقة
…
أعيت مصادرها قريب مهلهل2
بعد امرئ القيس المنوه باسمه
…
أيام يهذي بالدخول فحومل
وأبو دواد كان شاعر أمة
…
أفلت نجومهم ولما يأفل
وأبو ذؤيب قد أذل صعابه
…
"لا ينصبنك" رابض لم يذلل
وأرادها حسان يوم تعرضت
…
بردى يصفق بالرحيق السلسل
ثم ابنه من بعده فتمنعت
…
وإخال أن قرينه لم يخذل
وبنو أبي سلمى يقصر سعيهم
…
عنا كما قصرت ذراعا جرول
وأبو بصير ثم لم يبصر بها
…
إذ حل من وادي القريض بمحفل
واذكر لبيدًا في الفحول وحاتمًا
…
سيلومك الشعراء إن لم تفعل
ومعقرًا فاذكر وإن ألوى به
…
ريب المنون وطائر بالأخيل
وأمية البحر الذي في شعره
…
حكم كوحيٍ في الزبور مفصل
1 ديوانه، تحقيق حسين نصار، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1947، ص64-71.
2 قرين الشاعر: شيطانه.