المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول:عظم مكانة الأئمة رحمهم الله - مصطلحات أئمة الحديث الخاصة ويليه القرائن الموصلة إلى فهم مقاصدهم في الجرح والتعديل

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ثم إلى بيان فصول البحث:

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول:عِظَمُ مكانة الأئمة رحمهم الله

- ‌المبحث الثاني: فوائد قبل إيراد القرائن

- ‌المبحث الأول:أهمية المصطلحات

- ‌المبحث الثاني:من مصطلحات الأئمة الخاصة

- ‌البخاري

- ‌أبو حاتم

- ‌ابن معين

- ‌ابن المديني

- ‌ومن ألفاظه:

- ‌أبو إسحاق الجوزجاني

- ‌النسائي

- ‌الترمذي

- ‌دحيم

- ‌الدارقطني

- ‌ابن عدي

- ‌ابن خزيمة

- ‌ابن حبان

- ‌الحاكم

- ‌المعافى بن زكريا الجريري

- ‌ابن القطان الفاسي

- ‌الذهبي

- ‌ابن حجر

- ‌الزيلعي

- ‌الشافعي

- ‌ابن الملقن

- ‌ إطلاقات الثقة:

- ‌ إطلاقات المنكر:

- ‌معنى كلمة (شيخ) عند المحدثين:

- ‌ إطلاقات الحسن:

- ‌الفرق بين (يروي مناكير) و (في حديثه مناكير)

- ‌الفرق بين (منكر الحديث) و (روى أحاديث منكرة)

- ‌ فائدة:

- ‌الفصل الثاني: القرائن الموصلة إلى فهم مقاصد الأئمة في عبارات الجرح والتعديل

- ‌القرينة الأولى: أن ينص الإمام الناقد على بيان مراده:

- ‌القرينة الثانية: أن ينص تلاميذه أو مَنْ بعده مِنْ الأئمة على بيان المراد

- ‌القرينة الثالثة: أن يُعلم بالتتبع والاستقراء لعبارة الإمام

- ‌القرينة الرابعة: أن يعلم مراد الإمام، بمعرفة حاله وحال الراوي مع النظر في سياقه لعبارته

- ‌القرينة الخامسة: أن يعلم مراد الإمام الناقد بطريق الرجوع إلى كتب اللغة والأمثال

- ‌القرينة السادسة: أن يعلم مراد الإمام الناقد بطريق معرفة عادة الأئمة وعرفهم

- ‌القرينة السابعة: أن يعلم مراد الإمام بجمع كلام الأئمة في الراوي

- ‌القرينة الثامنة: أن يعلم مراد الإمام بسبر أحاديث الراوي

- ‌الخاتمة

- ‌ظهر من هذا الجمع في الفصلين السابقين والتمهيد

الفصل: ‌المبحث الأول:عظم مكانة الأئمة رحمهم الله

‌التمهيد:

وفيه مبحثان

‌المبحث الأول:

عِظَمُ مكانة الأئمة رحمهم الله

-.

إن من خصائص الأمة المحمدية، وجود الأسانيد (1)، التي جُعلت لمعرفة صحيح الحديث من سقيمه، وأمنة للناس على دينهم.

وقد قيض الله لها رجالاً "من أعظم الناس صدقاً وأمانة وديانة، وأوفرهم عقولاً، وأشدهم تحفظاً وتحرياً للصدق، ومجانبة للكذب، وأن أحداً منهم لا يحابي (2) في ذلك أباه ولا ابنه ولا شيخه ولا صديقه، وأنهم حرروا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريراً لم يبلغه أحدٌ سواهم، لا من الناقلين عن الأنبياء ولا من غير الأنبياء، وهم شاهدوا شيوخهم على هذا الحال وأعظم، وأولئك شاهدوا من فوقهم كذلك وأبلغ، حتى انتهى الأمر إلى مَن أثنى الله عليهم أحسن الثناء، وأخبر برضاه عنهم واختياره لهم، واتخاذه إياهم شهداء على الأمم يوم القيامة"(3).

(1) انظر رسالة د. عاصم القريوتي بعنوان (الإسناد من الدين ومن خصائص أمة سيد المرسلين) ولأبي غدة رسالة في الإسناد أيضاً، وكذا د. حارث الضاري وانظر: شرح العلل لابن رجب 1/ 56 - 62.

(2)

انظر صوراً من عدم محاباتهم في كتاب (مباحث في علم الجرح والتعديل) لقاسم سعد. ص 149 - 155.

(3)

مختصر الصواعق لابن القيم 2/ 358، وانظر (حفظ الله السنة وصور من حفظ العلماء لها وتنافسهم عليها) لأحمد السلوم.

ص: 11

ومن أنفق " معظم أوقاته وأيامه مشتغلاً بالحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة؛ وقف على رسوخهم في هذا العلم، وكبير معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها، وكانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمةٍ واحدةٍ يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك، وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نُقل إليهم وأدوا كما أُدِّيَ إليهم، وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن؛ ما يجل عن الوصف، ويقصر دونه الذكر

" (1).

وأما عن دقة علمهم، وسعة اطلاعهم، فقد قال ابن رجب رحمه الله: " الحذاق من الحفاظ لكثرة ممارستهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان

" (2).

قال ابن القيم رحمه الله نقلاً عن أبي المظفر السمعاني ت 489 هـ قوله عن تمييز الأحاديث: "

فأما العلماء بها، فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها، ويأخذون خيارها، ولئن دخل في أغمار الرواة مَن وُسِمَ بالغلط في الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث وورثة العلماء، حتى إنهم عَدُّوا أغاليط مَن غلط في الإسناد والمتون، بل تراهم يَعُدُّون على كل واحد منهم كم في حديث غلط، وفي كل حرفٍ حَرَّف، وماذا صَحَّف (3)، فإذا لم تَرُج عليهم أغاليط

(1) الانتصار لأهل الحديث لأبي المظفر السمعاني ت 489 هـ، جمع نصوصه: محمد بن حسين الجيزاني ص 41، وقد نقله ابن القيم في مختصر الصواعق 2/ 409.

(2)

شرح العلل 2/ 256.

(3)

انظر في دقة منهج الأئمة المحدثين رحمهم الله.

منهج النقد عند المحدثين د. أكرم العمري ص 27 وما بعدها.

ضوابط الرواية عند المحدثين

الصديق بشير ص 357 وما بعدها.

الأنوار الكاشفة

للمعلمي ص 79 - 81.

ولأهمية نقد الرواة "نظرية نقد الرجال" د. الرشيد ص 82 - 118.

ص: 12

الرواة في الأسانيد والمتون والحروف، فكيف يروج عليهم وضع الزنادقة

إلى أن ذكر عن حالهم .. أنهم أفنوا أعمارهم في طلب آثار النبي صلى الله عليه وسلم شرقاً وغرباً، براً وبحراً، وارتحل في الحديث الواحد (1) فراسخ، واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان موضع التهمة، ولم يحابه في مقال ولا خطاب؛ غضباً لله وحمية لدينه، ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين وأسمائهم وأنسابهم وقدر أعمارهم، وذكر أعصارهم وشمائلهم وأخبارهم، وفصل بين الردئ والجيد، والصحيح والسقيم؛ حباً لله ورسوله وغيرةً على الإسلام والسنة، ثم استعمل آثاره كلها، حتى فيما عدا العبادات، من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه ..... إلى آخر كلامه (2) رحمه الله.

ومع عظم مكانتهم، وعلو شأنهم، إلا أنهم غير معصومين، فقد يقع من أحدهم الوهم إلا أنه قليل، قال الذهبي رحمه الله: " ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صواباً، وأندرهم خطأً، وأشدهم إنصافاً، وأبعدهم عن التحامل، وإذا اتفقوا على تعديل أو

(1) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 27 ط. المكتب الإسلامي.

(2)

بتصرف يسير، مختصر الصواعق لابن القيم 2/ 410 - 411 وهو ضمن النصوص التي جمعها محمد الجيزاني من كتاب (الانتصار لأهل الحديث) لأبي المظفر السمعاني ص 56 - 57. ثم وجدتُ قوَّام السُّنة أبو القاسم الأصبهاني ت 535 هـ قد نقله في كتابه (الحُجة في بيان المحجة) 2/ 250 عن أبي المظفر ــ رحم الله الجميع ــ

ص: 13

جرح فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه فتندم، ومن شذ منهم فلا عبرة به، فخل عنك العناء وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الكبار؛ لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله من الخذلان" (1).

في عرفهم لا يسمى طالب العلم حافظاً، إلا بعد ضبط (مليون) حديث، ولُقْي مئات الشيوخ، ومُثَافَنَتِهم في الركب، مع كتابة الأجزاء ومدارسة الزملاء.

وفي زماننا مَن قرأ صفحات، ورتل آيات، وأنشد أبياتاً، وأبدى آهاتٍ؛ فالمنبر مكانه، والعلم اختصاصه وشَأْنُهُ، وهو حقيقةً قد شَنَأَه وشَانَه، هو عند العامة كلُّ شيء، وهو حقيقة: لا شيء.

في زماننا يأتي من قرأ متناً في علم المصطلح، ومارس التخريج سُنَيَّاتٍ قليلة؛ ليحاكم الأئمة الأعلام، فهذا أحدهم يقول: ما هكذا تُعَلُّ الأحاديث يا ابن المديني ثم يضع ما شاء الله من علامات التعجب والاستفهام، وآخر يتعقب الإمام عبد الرحمن بن مهدي لأنه أطلق المنكر على الشاذُّ، وآخر يحاكم ابن أبي حاتم في قوله عن إسناد: بأنه منكر تفرد به فلان

، وآخر يقول عن مقول ابن أبي حاتم: وحديث عبد الوارث أشبه.

العلل 2/ 197

يقول: ولا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى

انظر: تعليق المحققين على مسند أحمد ط. الرسالة 38/ 48.

فإلى الله المشتكى من تطاول الأقزام على الأعلام.

(1) سير أعلام النبلاء 11/ 82 في ترجمة يحيى بن معين رحمه الله.

ص: 14

ورحم الله أبا عمرو بن العلاء ت 154 هـ حيث يقول: (ما نحن فيمن مضى إلا كبقلٍ في أصولِ نخلٍ طوال)(1).

ويقول مجاهد ت 104 هـ رحمه الله: (ذهب العلماء فلم يبق إلا المتعلمون وما المجتهد فيكم اليوم، إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم)(2).

ولم يبعد عن الحقيقة د. إبراهيم اللاحم، حينما ذكر بأن عمل المعاصر، هو الموازنة بين كلام الأئمة، وعدم مجاوزته .... (3)

* * *

(1) موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 5، نزهة الألباء للأنباري ص 26.

(2)

أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير ص 177 رقم (381)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 280.

(3)

الجرح والتعديل لللاحم ص 24 - 25.

ص: 15