الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَعْلَمْ الحادي عشر: العمل بالعلم
أن يترجم هذا العلم للواقع، أن يخرجه الإنسان من قرار القلب إلى القالب، ومن الأقوال إلى الأفعال، يتمسك به ويطبقه ويلتزمه. ((فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)) [الزخرف:43] .
فإذا تعلم طالب العلم سنة أو حكمة، تمسك بها وعمل بها أشهد الله على أنه من أهلها، إن ترجمة العلم إلى الجوارح حياته، وكم من سنن أحييت لما خرج طلاب العلم فنشروها أمام الأمة بلسان الحال والمقال، قال الله تعالى عن علماء بني إسرائيل:((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) [السجدة:24] .
بعض طلاب العلم الذين شرح الله صدرهم للعلم والعمل إذا رأيتهم ذكّرتك بالله رؤيتهم (1)[65] ) .
العمل بالعلم كمال للإنسان، وأعظم ما يعين على ضبط العلم ووضع البركة فيه.
قالوا في الحكمة: اعمل بالحديث مرة، تكن من أهله (2)[66] ) . فمن عمل بما علم، ورّثه الله علم ما لم يعلم.
من الأخطاء أن يستهين الطالب بالسنة في التطبيق، يقول: هذا سنة وليس بواجب، نعم ليس بواجب ولكن في حق طالب العلم الذي ينبغي أن يكون أكمل وأحرص له شأن آخر، وليس العلم للحفظ، وإنما هو للعمل.
قال بعض السلف: (هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل)(3)[67] ) .
(1) 65] ) من محاضرة وصايا لطلاب العلم، للشيخ محمد.
(2)
66] ) ذكره الشيخ حسن المشاط رحمه لله في رفع الأستار شرح طلعة الأنوار عن عمرو بن قيس الملائي رحمه الله (ص:195) .
(3)
67] ) رواه الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في الجامع، وصححه المحقق الزهيري برقم (1274)، (ص:707) . وروى نحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن المنكدر رحمه الله.
ومن العمل الذي ينبغي لطالب العلم المواظبة عليه: أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج والشدة والرخاء (1)[68] ) .
وأن يجعل له ورد من قيام الليل وصيام النهار، يتزود به، ويجعل له حظاً من تشييع الجنائز، وزيارة القبور، وعيادة المرضى (2)[69] ) .
كذلك يحرص أن تكون بينه وبين الله حسنات لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، كالإحسان إلى الأيتام (3)[70] ) ، والأرامل، وزيارة الضعفاء ومواساتهم، ونحوها من الأعمال الصالحة التي يبارك الله في حال الإنسان بسببها تستوجب له الدعوات المباركات، والمحبة من الله سبحانه وتعالى (4)[71] ) . واقرأ في تراجم العلماء وسير الأئمة الذين مضوا –رحمة الله عليهم- تُحس بالهيبة والإجلال لهذا العالم؛ لأنه قرنَ القول بالعمل، حينما يقال: كان عالماً في التفسير.. إماماً في الحديث.. متواضعاً حليماً، وكان كثير الإحسان.. كثير الصدقات.. كثير البكاء من خشية الله.. كثير قيام الليل وصيام النهار، تُحِسّ بأثره، وتنتفع بعلمه، لذلك أوصي أن يحرص طالب العلم على العمل الذي هو بركة العلم.
(1) 68] ) للمزيد من الحديث عن حال طالب العلم مع الذكر، راجع درس البلوغ –للشيخ جزاه الله خيراً- عند شرح حديث عائشة (كان يذكر الله على كل أحيانه) .
(2)
69] ) وتدبر كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله: (لابد للعبد من أوقات ينفرد فيها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته، وتفكره ومحاسبته لنفسه وإصلاح قلبه) اهـ. من الفتاوى (ص:10) نقلاً عن: كيف نتحمس لطلب العلم لأبي القعقاع محمد صالح آل عبد الله (ص:8) .
(3)
70] ) مقدمة درس شرح الترمذي، للشيخ محمد –حفظه الله.
(4)
71] ) قال ابن المبارك رحمه الله: ما رأيت أحداً ارتفع مثل مالك، ليس له كثير صلاة ولا صيام، إلا أن تكون له سريرة! (السير8/97) .