المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السؤال الخامس هل خدمة طالب العلم لشيخه من آداب الطلب أم - معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد في شرف العلم ومكانة العلماء

- ‌الفصل الأول: معالم في الأدب مع العلماء

- ‌الفصل الثاني: معالم في آداب طالب العالم في نفسه

- ‌المَعْلَمْ الأول: تقوى الله

- ‌المَعْلَمْ الثاني: الإخلاص لله

- ‌المَعْلَمْ الثالث: الإقبال على العلم بكليته

- ‌المَعْلَمْ الرابع: الصبر وتحمل المشقة في الطلب

- ‌المَعْلَمْ الخامس: حفظ الوقت واغتنامه

- ‌المَعْلَمْ السادس: اختيار الرفقة في الطلب

- ‌المَعْلَمْ السابع: الوصية بالرفقة

- ‌المَعْلَمْ الثامن: الأدب وحسن الخلق

- ‌المَعْلَمْ التاسع: أخذ العلم عن أهله

- ‌المعْلَمْ العاشر: الاهتداء بالكتاب والسنة

- ‌المَعْلَمْ الحادي عشر: العمل بالعلم

- ‌الفصل الثالث: معالم في آداب طالب العلم في درسه

- ‌المَعْلَمْ الأول: أخذ العلم فنّاً فنّاً

- ‌المَعْلَمْ الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم

- ‌المَعْلَمْ الثالث: عدم الاستعجال في النزول للساحة

- ‌الفصل الرابع: معالم في بعض أحكام الفتوى

- ‌تمهيد: في أهمية مقام الفتوى

- ‌المَعْلَمَ الأول: إخلاص النية لله

- ‌المَعْلَمَ الثاني: البصيرة في العلم

- ‌المَعْلَمَ الثالث: الورع

- ‌المَعْلَمَ الرابع: معرفة المصالح والمفاسد المترتبة على الفتوى

- ‌المَعْلَمَ الخامس: تحصيل الخشية من الله عز وجل

- ‌المَعْلَمَ السادس: التأني في فهم السؤال وتصوره

- ‌المَعْلَمَ السابع: معرفة حال المستفتي

- ‌الفصل الخامس: إجابات مُهِمّة عن أسئلة مُلِمّة

- ‌السؤال الأول

- ‌السؤال الثاني

- ‌السؤال الثالث

- ‌السؤال الرابع

- ‌السؤال الخامس

- ‌السؤال السادس

- ‌السؤال السابع

- ‌السؤال الثامن

- ‌السؤال التاسع

- ‌السؤال العاشر

- ‌السؤال الحادي عشر

- ‌السؤال الثاني عشر

- ‌السؤال الثالث عشر

- ‌السؤال الرابع عشر

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ ‌السؤال الخامس هل خدمة طالب العلم لشيخه من آداب الطلب أم

‌السؤال الخامس

هل خدمة طالب العلم لشيخه من آداب الطلب أم فيها محظور ولا تنبغي؟. أرجو إزالة الإشكال في هذه المسألة (1)[113] ) ؟

الجواب:

لا غضاضة ولا حرج في خدمة الأحرار من عامة الناس لمن كان من أهل العلم والفضل، كالعلماء ومن في حكمهم من كبار السن وصالحي الناس، والأصل فيها خدمة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:(كنت أقرِّب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه وأحمل له إداوته)(2)[114] ) ؛ لأن تعظيم أهل العلم وإجلالهم في الحدود الشرعية إجلال للدين والشرع، وإجلال لما حوته صدورهم من العلم، الذي شهد الله بفضلهم فيه ((بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)) [العنكبوت:49] ، وقال تعالى:((لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)) [النساء:162] .

ومن إكرامهم وتبجيلهم: خدمتهم، ويعتبر من القُرَب، لكن محل ذلك إذا أمنت الفتنة، أما إذا خاف طالب العلم أو الشيخ على نفسه الفتنة، وخشي أن يغترّ بإطرائهم، سيما إذا كان طالب العلم شاباً حدثاً، فإنه قد لا يأمن على نفسه الفتنة، ويكون ذلك مظنة الحسد بين الأقران.

وكان بعض العلماء يشدد في ذلك نصحاً للمسلمين، وصيانةً لحمى الدين من الغلو والتعلق بالمخلوقين، ولذلك أثر عن ابن مسعود أنه لما خرج من المسجد، خرج معه أصحابه، قال: ما بكم؟. وما شأنكم؟. قالوا: رأيناك تمشي وحدك فأحببنا أن نسير وراءك، قال: إليكم عني، فإنها فتنة للمتبوع، وذلة للتابع (3)[115] ) .

(1) 113] ) باختصار من دروس شرح بلوغ المرام، للشيخ محمد -باب قضاء الحاجة-.

(2)

114] ) متفق عليه، ومثله وبمعناه أيضاً عن أنس رضي الله عنه، والمغيرة، وغيرهما..

(3)

115] ) أخرجه الإمام ابن أبي شيبة رحمه الله في المصنف (6/213) .

ص: 104

وكان بعض الفضلاء يحكي عن الشيخ الأمين -رحمة الله عليه- أنه أعطاه رجلٌ ماءً ليتوضأ به، ثم همز ابنه ليقوم بصبّ الماء على الشيخ، قال الابن: فجئت إلى الإبريق، فلما دنوت لآخذه، نهرَني الشيخ وصبَّ على نفسه، قال، فغمزني أبي الثانية -يعني حاول-، يقول: فجئت المرة الثانية واقتربت من الشيخ، فدفعني وسحب الإبريق -رحمة الله عليه-، وهو عالم وإمام من الأئمة في العلم والورع والصلاح، ومع ذلك لم يقبل من هذا الطفل أن يلي طهوره. فقد يمتنع بعض أهل الفضل من ذلك إما لكمال فيه، أو خوف على نفسه، بل ينبغي على طالب العلم العاقل أن لا يفوِّت حسناته بخدمة الناس وتعظيمهم له.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: لا تصم في السفر متنفلاً، إنك إن صمت قال أصحابك: أنزلوا الصائم، أجلسوا الصائم، حتى يذهب أجرك، فكانوا يخشون ذهاب حسناتهم بخدمة الناس لهم.

وكان بعض العلماء يقول: أخشى من تعظيم الناس لي أن يُذْهِبَ حسناتي.

وقد تكلم الإمام ابن القيم رحمه الله بكلام نفيس على اغترار الناس بصحبة الصالحين، وهو على المعاصي، حتى يغتر بصحبتهم، فيفرَّق بينهم يوم القيامة.

والمقصود من صحبة وخدمة أهل العلم والفضل: التأسي بهم، والعمل بما يقولون، والوفاء والبر بهم، وردّ الجميل لهم إذا رضوا بذلك، وعلم منهم الرضا.

ص: 105