المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المعلم الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم - معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد في شرف العلم ومكانة العلماء

- ‌الفصل الأول: معالم في الأدب مع العلماء

- ‌الفصل الثاني: معالم في آداب طالب العالم في نفسه

- ‌المَعْلَمْ الأول: تقوى الله

- ‌المَعْلَمْ الثاني: الإخلاص لله

- ‌المَعْلَمْ الثالث: الإقبال على العلم بكليته

- ‌المَعْلَمْ الرابع: الصبر وتحمل المشقة في الطلب

- ‌المَعْلَمْ الخامس: حفظ الوقت واغتنامه

- ‌المَعْلَمْ السادس: اختيار الرفقة في الطلب

- ‌المَعْلَمْ السابع: الوصية بالرفقة

- ‌المَعْلَمْ الثامن: الأدب وحسن الخلق

- ‌المَعْلَمْ التاسع: أخذ العلم عن أهله

- ‌المعْلَمْ العاشر: الاهتداء بالكتاب والسنة

- ‌المَعْلَمْ الحادي عشر: العمل بالعلم

- ‌الفصل الثالث: معالم في آداب طالب العلم في درسه

- ‌المَعْلَمْ الأول: أخذ العلم فنّاً فنّاً

- ‌المَعْلَمْ الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم

- ‌المَعْلَمْ الثالث: عدم الاستعجال في النزول للساحة

- ‌الفصل الرابع: معالم في بعض أحكام الفتوى

- ‌تمهيد: في أهمية مقام الفتوى

- ‌المَعْلَمَ الأول: إخلاص النية لله

- ‌المَعْلَمَ الثاني: البصيرة في العلم

- ‌المَعْلَمَ الثالث: الورع

- ‌المَعْلَمَ الرابع: معرفة المصالح والمفاسد المترتبة على الفتوى

- ‌المَعْلَمَ الخامس: تحصيل الخشية من الله عز وجل

- ‌المَعْلَمَ السادس: التأني في فهم السؤال وتصوره

- ‌المَعْلَمَ السابع: معرفة حال المستفتي

- ‌الفصل الخامس: إجابات مُهِمّة عن أسئلة مُلِمّة

- ‌السؤال الأول

- ‌السؤال الثاني

- ‌السؤال الثالث

- ‌السؤال الرابع

- ‌السؤال الخامس

- ‌السؤال السادس

- ‌السؤال السابع

- ‌السؤال الثامن

- ‌السؤال التاسع

- ‌السؤال العاشر

- ‌السؤال الحادي عشر

- ‌السؤال الثاني عشر

- ‌السؤال الثالث عشر

- ‌السؤال الرابع عشر

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌المعلم الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم

‌المَعْلَمْ الأول: أخذ العلم فنّاً فنّاً

فإن أفضل شيء أخذ الفن الواحد وإتقانه (1)[75] ) ، ثم يأخذ غيره.

قال البعض:

وفي ترادف الفنون المنع جا

... إذ توأمان اجتمعا لن يَخرجا

فضبط الفن الواحد، ثم ضبط ما سواه أنفع، ويستثنى من هذا الأصل إذا كان عند الطالب ملكة قوية في الضبط وتفرّغ، واستطاع أن يجمع بين فنين أو أكثر، فلا حرج؛ لأن الملكة تختلف، أو كان طالب العلم لا يجد في بلده ولا يتيسر له وجود العلماء، فيتغرّب السنة والسنتين في ديار العلم، فيحتاج أن يقرأ أكثر من فن وعلم؛ لأنه محتاج إلى ذلك، فهذا لا حرج عليه أن يجمع بين علمين.

‌المَعْلَمْ الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم

(2)[76] ) :

كم نجلس من مجالس الدنيا، فنسمع فيها فضول الأحاديث والأخبار، ولو سألت الواحد عن خبر من الأخبار لقصه عليك لا يخرم منه حرفاً واحداً.

ثم نجلس مع العلماء الأجلاء وأهل الفضل الذين هم على علم بالكتاب والسنة، ينثرون درر الكتاب والسنة، ولا نرفع بذلك رأساً!

والله إذا بلغ الإنسان إلى هذا المقام فليبكي على نفسه؛ لأن الله حرَمِه التوفيق، إذا جلست في مجالس العلم فرأيت قلبك لم يعي ذلك العلم، فابكِ على نفسك، فلعل ذنباً حال بينك وبين ذلك الخير.

(1) 75] ) من حاضرة حلية طالب العلم، للشيخ محمد.

(2)

76] ) (بتصرف) من دروس تفسير سورة النور، للشيخ محمد -وفقه الله-.

ص: 73

ومما يعين الطالب على ضبط العلم: استشعاره أن كل حكمة يضبطها أنها قربةٌ وطاعةٌ لله تعالى، فيشفق على نفسه من أن تفوته فائدة واحدة يحفظها غيره وهو لم يحفظها، فلعله يقوم من المجلس وهو أرفع قدراً عند الله سبحانه وتعالى منه (1)[77] ) ، فيحرص على أن لا تفوته كلمة، ولا يفوته ضبط لمسألة أو تحليل لقاعدة في ذلك المجلس، وهذا من محبة الله للعبد، فإذا رأيت الله جل جلاله يشرح صدر طالب العلم فلا تفوته كلمة، ولا تفوته نادرة، يضبط حق الضبط، ويحصل حق التحصيل، فاعلم أن الله سيبارك في علمه، ولذلك ما نبغ من السلف ولا أشتهر من الأئمة إلا من كان بهذه المثابة، وربما أتاهم الخبر أن للعالم فلاناً مجلساً عُقد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد كذا، فيتركون طعامهم، وينطلقون إلى ذلك العالم لضبط العلم، كل ذلك طلباً لمرضاة الله.

(1) 77] ) من مقدمة شرح سنن الترمذي، للشيخ محمد –حفظه الله-.

ص: 74

ولذلك بارك الله لهم، وألقى لهم المحبة بين الناس، ووضع لهم القبول بين عباده. نسأل الله العظيم أن يمنّ علينا بواسع رحمته (1)[78] ) .

وفي حديث أنس عن زيد في الصحيحين (قال: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية) ، انظر إلى الدقة والهمة في ضبط المسائل والسنة.

وهذه خصلة طيبة في طالب العلم أن يكون دقيقاً في المسائل والنصوص، وهي أحظ في العلم وأكثر نبوغاً وفهماً (2)[79] ) .

(1) 78] ) ومما يستملح من الأخبار في الحث على ضبط العلم وحفظه ما وقع للإمام أبي حامد الغزالي فقد سافر الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله إلى جرجان وقرأ على كثير من علمائها وهو صغير، وكان يكتب تعليقات أستاذه في الفقه والفوائد التي أخذها منه وجمعها في كراريس سماها (التعليقة) ، وقد كان يريد الاكتفاء بالكتابة دون الحفظ، غير أن هذا لقّنهُ درساً قاسياً، حيث قُطع عليه الطريق وهو في طريق عودته إلى طوس، وأخذ قطاع الطريق جميع ما كان مع القافلة بما فيه المخلاة –أي حقيبة أبي حامد التي كانت فيها تعليقته- وقد حكى أبو حامد هذه الحادثة فقال، فتبعتهم فالتفت إلى كبيرهم وقال: ويحك، ارجع وإلا هلكت، فقلت: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد عليَّ تعليقتي فقط فما هي بشيء تنتفعون به، فقال: وما هي تعليقتك؟ فقلت: كتب في تلك المخلاة هاجرتُ لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال: كيف تدعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟! ثم أمر بعض أصحابه فسلّم إليَّ المخلاة.

قال أبو حامد: فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به أمري، فلما وافيت طوس أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين حتى حفظت جميع ما علقته، وصرت بحيث لو قُطع عليَّ الطريق لم أتجرد من علمي. طبقات الشافعية الكبرى (1/195) . نقلاً عن كتاب آداب طالب العلم، لابن رسلان (ص:154) .

(2)

79] ) من دروس شرح كتاب عمدة الأحكام، للشيخ محمد –كتاب الصيام-.

ص: 75