المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السابع عشر: صلاة الجمعة تكفر بها الخطايا، وتغفر بها الذنوب: - مكفرات الذنوب والخطايا وأسباب المغفرة من الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مفهوم مكفرات الذنوب

- ‌المبحث الثاني: مُكفِّرات الذنوب من القرآن الكريم

- ‌أولاً: الإيمان والعمل الصالح يُكفِّرُ السيئات وتُغفَر به الذنوب:

- ‌ثانياً: الصبر والعمل الصالح تغفر بهما الذنوب ويضاعف الأجر:

- ‌ثالثاً: الإيمان والتقوى تكفر بهما الذنوب:

- ‌رابعاً: التقوى الكاملة تكفّر جميع السيئات وتغفر بها جميع الذنوب:

- ‌خامساً: إخفاء الصدقة وإعطاؤها الفقراء تكفر بها السيئات:

- ‌سادساً: محبة اللَّه واتّباع النبي صلى الله عليه وسلم تُغفر بها الذنوب:

- ‌سابعاً: اجتناب الكبائر يكفر السيئات:

- ‌ثامناً: الاستغفار تغفر به الذنوب، ويدخل الجنة:

- ‌تاسعاً: التوبة النصوح تبدل بها السيئات حسنات:

- ‌عاشراً: العفو والصفح تغفر بذلك الذنوب:

- ‌الحادي عشر: التجارة بالأعمال الصالحة تنجي من عذاب الله وتغفر وتكفر بها الذنوب:

- ‌الثاني عشر: التقوى والقول السديد تصلح به الأعمال وتغفر به الذنوب:

- ‌الثالث عشر: الكفارات الواردة في القرآن تكفر ذنوبها:

- ‌الرابع عشر: يغفر اللَّه للمسلمين والمسلمات والذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات:

- ‌الخامس عشر: يغفر اللَّه لمن يشاء مادون الشرك:

- ‌السادس عشر: الحسنات يذهبن السيئات:

- ‌المبحث الثالث: مكفرات الذنوب من السنة المطهرة الصحيحة

- ‌أولاً: لا إله إلا اللَّه تكفر بها السيئات وترفع بها الدرجات:

- ‌ثانياً: التوحيد يكفر الذنوب، وترفع به الدرجات، وتغفر به السيئات:

- ‌ثالثاً: الإخلاص تُغفر به جميع الذنوب، وتُضاعف به الحسنات:

- ‌رابعاًً: الحسنات تمحو السيئات:

- ‌ثالثاً: إسباغ الوضوء كما أمر اللَّه يكفر الخطايا والسيئات:

- ‌سادساً: إسباغ الوضوء ثم الصلاة بعده ركعتين يغفر اللَّه بها ما تقدم من الذنوب:

- ‌سابعاً: إسباغ الوضوء ثم الصلاة به الفريضة يكفر الذنوب:

- ‌ثامناً: المؤذن يُغفر له مدّ صوته، والأذان تُغفر به الذنوب ويدخل الجنة:

- ‌تاسعاً: متابعة الأذان تدخل الجنة، وتغفر به الذنوب:

- ‌عاشراً: المشي إلى الصلاة تحط به الخطايا وترفع به الدرجات وتُكتب به الحسنات وتغفر به الذنوب:

- ‌الحادي عشر: الصلوات الخمس تكفر الخطايا وتغسلها، وترفع بها الدرجات، وتُكتب بها الحسنات:

- ‌الثاني عشر: الأذكار أدبار الصلوات المفروضة تحط الخطايا:

- ‌الثالث عشر: صلوات التطوع تكمل بها الفرائض، وتغفر بها الذنوب:

- ‌الرابع عشر: صلاة التوبة مع الوضوء والاستغفار تغفر بها الذنوب:

- ‌الخامس عشر: قيام رمضان، وقيام ليلة القدر يغفر بذلك ما تقدم من الذنوب:

- ‌السادس عشر: قيام الليل ترفع به الدرجات، وتغفر به الذنوب والسيئات:

- ‌السابع عشر: صلاة الجمعة تكفر بها الخطايا، وتغفر بها الذنوب:

- ‌الثامن عشر: الصبر على البلاء والمصائب يحط السيئات ويرفع الدرجات:

- ‌التاسع عشر: تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه تكفر به السيئات، وتضاعف الحسنات:

- ‌العشرون: الصدقة تكمل بها الفريضة وتكفر السيئات وتطفئ الخطايا، وتطفئ غضب الرب

- ‌الحادي والعشرون: الصيام يكفر السيئات وتغفر به الذنوب:

- ‌الثاني والعشرون: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما

- ‌الثالث والعشرون: مجالس الذكر تغفر بها الذنوب:

- ‌الرابع والعشرون: ذكر الله تغفر به الذنوب، وتكفر به السيئات

- ‌الخامس والعشرون: تغفر الذنوب بسقي الماء على شدة العطش:

- ‌السادس والعشرون: تغفر الذنوب بالتجاوز عن المعسرين:

- ‌السابع والعشرون: تغفر الذنوب بالمصافحة بين المسلمين:

- ‌الثامن والعشرون: تغفر الذنوب بالسماحة في البيع والشراء

- ‌التاسع والعشرون: ثواب البكاء من خشية الله تعالى:

- ‌الثلاثون: الكفارات في السنة تكفر ذنوبها:

- ‌الحادي والثلاثون: العفو، والصفح تغفر به الذنوب:

- ‌الثاني والثلاثون: الشيب في الإسلام تكفر به السيئات:

- ‌الثالث والثلاثون: الشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين

- ‌الرابع والثلاثون: التوبة النصوح تمحو جميع الذنوب والخطايا:

- ‌الخامس والثلاثون: دعاء كفارة المجلس يكفر الذنوب:

- ‌السادس والثلاثون: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكفر السيئات وترفع بها الدرجات وتكتب بها الحسنات:

الفصل: ‌السابع عشر: صلاة الجمعة تكفر بها الخطايا، وتغفر بها الذنوب:

وَالآخِرَةِ إِلَاّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ" (1).

58 -

7 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ الَّليْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ الَّليْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ"(2).

59 -

8 - عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ الَّليْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ"(3).

‌السابع عشر: صلاة الجمعة تكفر بها الخطايا، وتغفر بها الذنوب:

60 -

1 - القائم بآداب صلاة الجمعة يغفر له عشرة أيام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ

(1) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء، برقم 757.

(2)

النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الترغيب في قيام الليل، برقم 1610، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، برقم 1336، وأبو داود، كتاب التطوع، باب قيام الليل، برقم 1308، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 1/ 354.

(3)

ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، برقم 1335، وأبو داود، كتاب التطوع، باب قيام الليل، برقم 1309، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 243.

ص: 73

يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَفَضْلِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ". وفي رواية أخرى:"مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ (1) غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا"(2)(3).

61 -

2 - عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ (4)، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى" (5).

(1) استمع وأنصت: هما شيئان متمايزان وقد يجتمعان: فالاستماع الإصغاء والإنصات السكوت؛ ولهذا قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} (الأعراف: 204)، شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 396.

(2)

من مس الحصى فقد لغا: أي تكلم، واتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو: ما لا يحسن من الكلام، وقيل: خبت من الأجر، وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهراً، انظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 414، والنهاية في غريب الأثر لابن الأثير، 4/ 258، وجامع الأصول له، 5/ 687.

(3)

مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة برقم 857.

(4)

ويتطهر ما استطاع من الطهر: المراد به المبالغة في التنظيف، أو المراد به التنظيف بأخذ الشارب، والظفر، والعانة، أو المراد بالغسل غسل الجسد والتطهر غسل الرأس، وقوله:"ويدهن» المراد به إزالة شعث الرأس. فتح الباري لابن حجر،2/ 371.

(5)

البخاري، كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم 883.

ص: 74

62 -

3 - عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ، وَتَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى"(1).

63 -

4 - عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما،قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا». قَالَ: وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَيَقُولُ: «إِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» (2).

64 -

5 - عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ - إِنْ كَانَ لَهَا - وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، وَلَمْ يَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ

(1) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة، برقم 1097، وقال الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/ 326: "حسن صحيح».

(2)

أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، برقم 343، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 103.

ص: 75

النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا" (1).

65 -

6 - عن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ عز وجل إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا، فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تعالى عز وجل قال: {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَاّ مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (2) "(3).

66 -

7 - المتأدِّب بآداب صلاة الجمعة يكتب له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها؛ لحديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا"، وفي رواية لأبي داود:"مَنْ غَسَّلَ رَأْسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَل"، وفي سنن الترمذي قال

(1) أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، برقم 347، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 104.

(2)

سورة الأنعام، الآية:160.

(3)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب الكلام والإمام يخطب، برقم 1113، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 305.

ص: 76

محمود: [هو ابن غيلان شيخ الترمذي]: قال وكيع: اغتسل هو وغسَّل امرأته، قال: ويروى عن عبد اللَّه بن المبارك أنه قال في هذا الحديث: "مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ"(1) يعني غسل رأسه واغتسل. وفي لفظ النسائي: "مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ

" (2).

(1) واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "غسَّل واغتسل، وبكَّر وابتكر فقيل: هو من الكلام المتظاهر الذي يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، ألا تراه يقول: "ومشى ولم يركب» ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد. وقيل: قوله: "غسل» معناه غسل الرأس خاصة؛ لأن العرب لهم شعور، فأفرد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول، وقيل: "اغتسل» معناه غسل سائر الجسد، وقال بعضهم:"غسَّل» معناه: أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة؛ ليكون أملك لنفسه، وأحفظ في طريقه لبصره، فأوجب على أهله الغسل، فكأنه غسل زوجته واغتسل، وقيل: غسَّل للجنابة واغتسل للجمعة، وقيل: غسَّل بالغ في النظافة والدلك، واغتسل: صب الماء عليه، وقيل: حمل غيره على الغسل بالحث والترغيب، والتذكير. وقوله: "بكَّر» أي راح في أول الوقت، "وابتكر» أي أدرك أول الخطبة، وقيل: كرره للتأكيد، وقيل: "غسَّل» إسباغ الوضوء وإكماله، ثم اغتسل بعد الوضوء للجمعة، وقيل: غسل الرجل امرأته إذا جامعها، وقال الإمام ابن خزيمة في صحيحه:"من قال في الخبر: غسّل واغتسل (يعني بالتشديد) معناه: جامع فأوجب الغسل على زوجته، أو أمته واغتسل، ومن قال: "غَسَلَ واغتسل (بالتخفيف) أراد غسل رأسه. واغتسل: فضل سائر الجسد، لخبر طاوس عن ابن عباس. انظر: معالم السنن للخطابي، 1/ 213، والمفهم للقرطبي، 1/ 484، وجامع الأصول لابن الأثير، 3/ 430، والترغيب للمنذري، 1/ 434، وتحفة الأحوذي، 3/ 3 - 4.

(2)

أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، برقم 345،والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة، برقم 496،وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة، برقم 1087، والنسائي، كتاب الجمعة، باب فضل غسل يوم الجمعة، برقم 1380،وصححه الألباني في صحيح النسائي،1/ 445،وفي صحيح المراجع السابقة، وفي غيرها، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 433.

ص: 77

67 -

8 - الجمعة إلى الجمعة كفارة لِمَا بينهما؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُمَا، إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ".

قال الإمام ابن القيم ‘: "فندبه إلى الصلاة ما كتب له، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام؛ ولهذا قال غير واحد من السلف: منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتبعه عليه الإمام أحمد بن حنبل: خروج الإمام يمنع الصلاة، وخطبته تمنع الكلام، فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإمام لانتصاف النهار"(1).

وذكر ‘ أن الصلاة لا تُكره قبل زوال يوم الجمعة حتى يخرج الإمام كما هو مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (2)، وأما إذا تأخر المأموم حتى صعد الإمام المنبر فإنه يصلي ركعتين خفيفتين تحية المسجد؛

68 -

9 - لحديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل، فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ " قال: لا، قال:"قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، وفي لفظ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ

(1) زاد المعاد في هدي خير العباد، 1/ 378، 437.

(2)

المرجع السابق، 1/ 378، 437.

ص: 78