الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله، وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر، والباطن، فمن اتّبع الرسول دل على صدق دعواه محبّة اللَّه تعالى؛ وأحبّه اللَّه وغفر له ذنبه، ورحمه وسدّده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتّبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس مُحبّاً للَّه تعالى، لأن محبّته للَّه توجب له اتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فما لم يوجد ذلك دلَّ على عدمها، وأنه كاذب إن ادّعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون إيمانهم وحبّهم للَّه، وما نقص من ذلك نقص» (1).
سابعاً: اجتناب الكبائر يكفر السيئات:
1 -
قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (2).
«وهذا من فضل اللَّهِ تعالى وإحسانه على عباده المؤمنين، وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات، وأدخلهم مدخلاً كريماً، كثير الخير وهو الجنة، المشتملة على ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ويدخل في اجتناب الكبائر فعلُ الفرائض التي يكون تاركها
(1) تيسير الكريم الرحمن، ص 133.
(2)
سورة النساء، الآية:31.
مرتكباً كبيرة، كالصلوات الخمس، والجمعة، وصوم رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر» (1).
وأحسن ما حُدَّت (2) به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حدّ في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه» (3).
2 -
وقال اللَّه عز وجل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} (4).
«{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} أي: يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات، التي يكون تركها من كبائر الذنوب، ويتركون المحرمات الكبار، كالزنا، وشرب الخمر، وأكل الربا، والقتل، ونحو ذلك من الذنوب العظيمة، {إِلا اللَّمَمَ} ، وهي الذنوب الصغار، التي لا يُصرُّ صاحبها عليها، أو التي يلمّ بها العبد، المرة بعد المرة، على وجه الندرة والقلة، فهذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجاً للعبد من أن يكون من المحسنين؛ فإن هذه مع الإتيان بالواجبات، وترك المحرمات، تدخل تحت مغفرة اللَّه التي وسعت
(1) مسلم، برقم 233، ويأتي تخريجه.
(2)
حدّت: أي أحسن ما عرِّفت به الكبائر.
(3)
تيسير الكريم الرحمن، ص 189.
(4)
سورة النجم، الآية:32.