المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل القسم للزوجات في المبيت والنشوز] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٣

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌[فصل القسم للزوجات في المبيت والنشوز]

(فَصْلٌ)

إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ

ــ

[منح الجليل]

[فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ وَالنُّشُوز]

فَصْلٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالنُّشُوزِ وَمَا يُنَاسِبُهُمَا)(إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ) عَلَى زَوْجٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حَاضِرٍ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ ذِي آلَةٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْبُوبٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ (لِلزَّوْجَاتِ) الْمُطِيقَاتِ كُنَّ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ إجْمَاعًا، وَصِلَةُ الْقَسْمِ (فِي الْمَبِيتِ) عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً وَالْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهَا وَيَجُوزُ بِأَكْثَرَ إنْ رَضِيَا بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَاحْتُرِزَ بِالزَّوْجَاتِ عَنْ السَّرَارِي وَعَنْ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالزَّوْجَةِ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ شَاسٍ لَا يَجِبُ بَيْنَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى الْعَدْلُ وَكَفُّ الْأَذَى وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كَفَّ الْأَذَى وَاجِبٌ فِيهَا لَيْسَ لِأُمِّ وَلَدٍ مَعَ حُرَّةٍ قَسْمٌ، فَجَائِزٌ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يُضَارَّ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى مَجْمُوعُ الْعَدْلِ وَكَفُّ الْأَذَى لَا مُجَرَّدُ كَفِّ الْأَذَى، وَبِأَنَّ الْأَذَى غَيْرُ الضَّرَرِ وَأَخَفُّ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ تَرْكِ الْأَذَى أَوْلَى، وَكَوْنِ تَرْكِ الضَّرَرِ وَاجِبًا. وَدَلِيلُ كَوْنِهِ غَيْرَهُ وَأَخَفَّ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى} [آل عمران: 111] آلِ عِمْرَانَ.

اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَا مَقَالَ لِلْحُرَّةِ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَ الْأَمَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ إجْمَاعٌ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا. قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ زَمَنَ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ، وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْمَبِيتِ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْأُنْسَ وَإِذْهَابَ الْوَحْشَةِ وَجَبَ الْقَسْمُ فِيهِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ.

ص: 534

وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا: كَمُحْرِمَةٍ، وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا، وَرَتْقَاءَ؛

لَا فِي الْوَطْءِ إلَّا لِإِضْرَارٍ كَكَفِّهِ لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِأُخْرَى

ــ

[منح الجليل]

بَلْ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا) أَوْ عَادَةً (أَوْ طَبْعًا) الْأَوَّلُ (كَمُحْرِمَةٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (وَمُظَاهَرٍ) وَمُولًى (مِنْهَا وَ) الثَّانِي كَ (رَتْقَاءَ) وَالثَّالِثُ كَمُجْذَمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَسْمُ لِصَغِيرَةٍ جُومِعَتْ وَمَجْنُونَةٍ وَرَتْقَاءَ وَمَرِيضَةٍ لَا تُجَامَعُ وَحَائِضٍ وَكِتَابِيَّةٍ وَأَمَةٍ كَكَبِيرَةٍ صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ، زَادَ اللَّخْمِيُّ النُّفَسَاءُ وَالْمُحْرِمَةُ وَمَنْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَهُمَا عَلَى حَقّهَا فِي الْكَوْنِ عِنْدَهُمَا، وَأَنْ لَا يُصِيبَ الْبَوَاقِيَ اللَّاتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَنْحَلَّ مِنْ الْإِيلَاءِ أَوْ الظِّهَارِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَلَّ مِنْهُمَا الْآنَ إنْ أَقَامَتْ بِحَقِّهَا الَّتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهَا، وَمَحْمَلُ الْآيَةِ عَلَى مَنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِ الْمُولَى مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْعَدْلِ فِي تَرْكِ الْإِصَابَةِ لِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَزِلَ جَمِيعَهُنَّ وَقَدْ «غَاضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ نِسَائِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ - فَاعْتَزَلَ جَمِيعَهُنَّ شَهْرًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

(لَا) يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (فِي الْوَطْءِ) فَيُتْرَكُ فِيهِ لِسَجِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) قَصْدِ (إضْرَارٍ) لِإِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِعَدَمِ وَطْئِهَا سَوَاءٌ تَضَرَّرَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا (كَكَفِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ نَفْسَهُ عَنْ وَطْءِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مَعَ مَيْلِ طَبْعِهِ إلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهَا (لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِ) زَوْجَتِهِ (الْأُخْرَى) فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَطْءِ وَلَا بِالْقَلْبِ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَطَ لِلْجِمَاعِ فِي يَوْمِ هَذِهِ دُونَ يَوْمِ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ ضَرَرًا أَوْ يَكُفَّ عَنْ هَذِهِ لِلَذَّتِهِ فِي الْأُخْرَى فَلَا يَحِلُّ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْسُوَ إحْدَاهُمَا الْخَزَّ وَيُحَلِّيَهَا دُونَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ مَيْلًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْرُوفُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إنْ قَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا بِقَدْرِ حَالِهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِمَا شَاءَ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُنَّ فِي مَالِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ. قُلْت قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ حَكَاهُ الْمُتَيْطِيُّ رِوَايَةً وَأُخِذَ مِنْ هَذَا وُجُوبُ

ص: 535

وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ إطَاقَتُهُ

وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ؛ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ.

وَفَاتَ إنْ ظَلَمَ فِيهِ:

ــ

[منح الجليل]

وَطْءِ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ شَكَتْ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهَا بِلَيْلَةٍ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ لَهُ تَزَوُّجَ ثَلَاثٍ سِوَاهَا، وَإِنْ شَكَا الزَّوْجُ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهَا بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْأَجِيرِ عَلَى الْخِدْمَةِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا قَالَهُ عج.

أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ أَبُو عِمْرَانَ اُخْتُلِفَ فِي أَقَلَّ مَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ الْوَطْءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ. وَقِيلَ لَيْلَةً مِنْ ثَلَاثٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] النِّسَاءِ وَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه بِمَرَّةٍ فِي الطُّهْرِ لِيُحْبِلَهَا.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى وَلِيِّ) الزَّوْجِ الْبَالِغِ (الْمَجْنُونِ) الَّذِي لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ (إطَاقَتُهُ) عَلَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى إحْدَاهُمَا عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُبْقِيَهُ عِنْدَهَا إلَى غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهَا فَيُخْرِجَهُ مِنْ عِنْدِهَا وَيُدْخِلَهُ عَلَى أُخْرَى كَذَلِكَ، وَهَكَذَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ اسْتِيفَاءَهَا لَهُ أَوْ تَمْكِينَهُ مِنْهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ إطَاقَتُهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِوَطْئِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ.

(وَ) يَجِبُ الْقَسْمُ فِي الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (عَلَى) الزَّوْجِ (الْمَرِيضِ) الَّذِي يَسْتَطِيعُ الِانْتِقَالَ مِنْ مَحَلِّ إحْدَاهُمَا إلَى مَحَلِّ الْأُخْرَى فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ) الْمَرِيضُ الطَّوَافَ عَلَيْهِنَّ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ (فَ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ وَيُقِيمُ (عِنْدَ مَنْ شَاءَ) الْمَرِيضُ الْإِقَامَةَ عِنْدَهَا مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ لِرَأْفَتِهَا بِهِ فِي مَرَضِهِ، وَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ وَفِيهَا يَقْسِمُ الْمَرِيضُ بَيْنَ نِسَائِهِ بِالْعَدْلِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَقَامَ عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ لِإِفَاقَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا، فَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ

(وَفَاتَ) الْمَبِيتُ أَيْ لَا يُقْضَى (إنْ ظَلَمَ) الزَّوْجُ إحْدَى زَوْجَاتِهِ (فِيهِ) أَيْ الْمَبِيتِ بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لَيْلَتَيْنِ أَوْ

ص: 536

كَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ.

ــ

[منح الجليل]

أَكْثَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ إنْ ظَلَمَ فِيهِ أُخْرَى بِفَوَاتِهِ كَفَّرَهُ وَبَيَاتُهُ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ لِعُذْرٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْمَبِيتِ دَفْعُ الضَّرَرِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَلَا يَجْعَلُ لِمَنْ فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةً عِوَضًا عَنْهَا لِأَنَّهُ يَظْلِمُ حِينَئِذٍ صَاحِبَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي جَعَلَهَا عِوَضًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قَسْمِهِ لِتَالِيَةِ الْمَظْلُومَةِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ لَيْلَةٌ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمِهِ لِلتَّالِيَةِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ لِأَنَّ ظُلْمَهُ بِبَيَاتِهِ عِنْدَ غَيْرِ الثَّانِيَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا فِيمَا يَلِيهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ، إنْ عَدَا بِتَرْكِ يَوْمِ إحْدَاهُمَا لَا عِنْدَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ لِمَنْ ذَهَبَ يَوْمُهَا الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ حَاسَبَتْ بِهِ لَأَخَذَتْ يَوْمَ صَاحِبَتِهَا وَهِيَ لَمْ يَصِلْهَا إلَّا حَقُّهَا، قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عِدَاهُ إلَّا بَعْدَ الْقِيمَةِ التَّالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَزِمَهُ يَوْمُ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمَتِهِ لِلتَّالِيَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ.

وَشَبَّهَ فِي الْفَوَاتِ فَقَالَ (كَخِدْمَةِ) رَقِيقٍ (مُعْتَقٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ (بَعْضُهُ يَأْبَقُ) شَهْرًا مَثَلًا يَجِيءُ لِمَالِكِ بَعْضِهِ فَلَا يُحَاسِبُهُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ مَا يَخُصُّهُ مِنْ عَمَلِهِ وَكَذَا رَقِيقٌ مُشْتَرَكٌ قُسِمَتْ خِدْمَتُهُ مُهَايَأَةً يَخْدُمُ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ وَيَأْبَقُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لِمَنْ أَبَقَ الرَّقِيقُ فِي زَمَنِ خِدْمَتِهِ مُحَاسَبَةُ شَرِيكِهِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تُقْسَمْ فَمَا عُمِلَ لَهُمَا وَمَا فَاتَ بِالْإِبَاقِ عَلَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْمُقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَهْرًا حَيْفًا فَلَا تُحَاسَبُ بِهِ وَيُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَابْتَدَأَ الْقَسْمَ، فَإِنْ عَادَ نَكَلَ كَالْمُعْتَقِ نِصْفُهُ يَأْبَقُ لَا يُحَاسَبُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْكَرَ هَذَا التَّشْبِيهَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ فَلَيْسَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الزَّوْجَتَيْنِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِيهَا الرَّقَبَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لَا فِي الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ فِي جِنَايَاتِهَا إذَا جَنَى الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ، وَلِلْعَبْدِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ.

ص: 537

وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّيْلِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ، وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ

وَقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ، وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ

ــ

[منح الجليل]

وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (بِاللَّيْلِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ لِلزَّوْجَةِ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّدْبِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَالْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَبْدَأَ بِاللَّيْلِ. اهـ. وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي نُصُوصِهِمْ إلَّا التَّخْيِيرُ وَيُقِيمُ الْقَادِمُ مِنْ سَفَرٍ نَهَارًا عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ أَحَبَّ، وَلَا يُحْسَبُ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لِيُكْمِلَ لَهَا يَوْمَهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.

(وَ) نُدِبَ (الْمَبِيتُ عِنْدَ) الزَّوْجَةِ (الْوَاحِدَةِ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا. ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ.

(وَ) الزَّوْجَةُ (الْأَمَةُ) الْمُسْلِمَةُ (كَالْحُرَّةِ) فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ فِي الْمَبِيتِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ

(وَ) مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الزَّوْجِ (لِ) الزَّوْجَةِ (الْبِكْرِ) وَلَوْ أَمَةً تَزَوَّجَهَا عَلَى زَوْجَةٍ حُرَّةٍ (بِسَبْعٍ) مِنْ اللَّيَالِي يَبِيتُهَا عِنْدَهَا مُتَوَالِيَةً لِأَنَّهَا حَقُّهَا (وَ) قُضِيَ (لِ) الزَّوْجَةِ (الثَّيِّبِ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَوْ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ (بِثَلَاثٍ) مِنْ اللَّيَالِي مُتَوَالِيَاتٍ يَبِيتُهَا عِنْدَهَا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ فِي الْبَدْءِ فِي الْقَسْمِ بِمَنْ شَاءَ. وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ الْقُرْعَةَ كَمَنْ قَدِمَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِذِي زَوْجَةٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ مَنْ تَزَوَّجَهَا بِكْرًا سَبْعًا وَثَيِّبًا ثَلَاثًا، وَفِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ نَقَلَ الصِّقِلِّيُّ رِوَايَتَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.

اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا لَازِمًا لَهَا أَوْ لَهُ ثَالِثُهَا هُوَ حَقٌّ لَهَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ لِرِوَايَتَيْنِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ. الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ لُزُومَهُ. ابْنُ شَاسٍ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ هُوَ حَقٌّ لَهُمَا، قُلْت حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ. ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ فِي وُجُوبِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَوْ لَهُمَا فَهَلْ يُقْضَى لَهَا بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا. أَصْبَغُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي. أَبُو بَكْرٍ

ص: 538

وَلَا قَضَاءَ، وَلَا تُجَابُ لِسَبْعٍ

ــ

[منح الجليل]

الصَّحِيحُ الْقَضَاءُ بِهِ وَلِلصَّقَلِّيِّ عَنْ أَشْهَبَ كَأَصْبَغَ، وَلَهُ وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ مَنْ تَزَوَّجَهَا فِي سُقُوطِ حَقِّهَا فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ وَثُبُوتِهِ طَرِيقًا.

الصِّقِلِّيُّ عَنْ نَصِّ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ. الْمُتَيْطِيُّ وَالذِّمِّيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَخَلَّفُ الْعَرُوسُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ. سَحْنُونٌ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا بِالسُّنَّةِ. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا يُرِيدُ لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لَا يَدَعُهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ. اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِهِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ وَالْعَادَةُ الْيَوْمُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَلَا لِصَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهَا بِخُرُوجِهِ وَهْمٌ، وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَ الْعَادَةَ.

(وَ) إنْ طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْقَدِيمَةُ أَنْ يَقْضِيَهَا وَيَبِيتَ عِنْدَهَا سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا قَضَاءً عَنْ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ الَّتِي بَاتَهَا عِنْدَ الْجَدِيدَةِ فَ (لَا قَضَاءَ) لَهَا أَيْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَلَا تُجَابُ لَهُ (وَ) إنْ طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الْجَدِيدَةُ إقَامَتَهُ عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ كَالْبِكْرِ فَ (لَا تُجَابُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (لِسَبْعٍ) وَلَوْ قَالَ لِأَكْثَرَ أَوْ لِزَائِدٍ لَشَمِلَ الْبِكْرَ الَّتِي طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَبِّعَ لِلثَّيِّبِ وَيُتِمَّ لِنِسَائِهِ سَبْعًا سَبْعًا فَفِي مَنْعِهِ وَتَمْكِينِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ بِلَفْظِ إنْ اخْتَارَتْ التَّسْبِيعَ سَبَّعَ ثُمَّ سَبَّعَ لِغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لِأُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ الْتَمَسَتْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت عَلَيْهِنَّ» . الْقَرَافِيُّ فَالتَّسْبِيعُ يُبْطِلُ حَقَّهَا فِي التَّثْلِيثِ.

قُلْت فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِاخْتِيَارِهَا كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ كَظَاهِرِ لَفْظِ اللَّخْمِيِّ، قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ زُفَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَقَبِلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ، وَقَالَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ رضي الله عنه إنَّ الْحَقَّ لَهُ دُونَ قُرْعَةٍ

ص: 539

وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ

، وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِشَيْءٍ أَوْ لَا: كَإِعْطَائِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا

ــ

[منح الجليل]

فَيُخَيَّرُ. قُلْت الْأَظْهَرُ إنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالدُّعَاءِ لِلْبِنَاءِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا فَسَابِقَةُ الْعَقْدِ وَإِنْ عَقَدَا مَعًا فَالْقُرْعَةُ.

(وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ (عَلَى ضَرَّتِهَا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَالضَّمِيرُ لِصَاحِبَةِ الْيَوْمِ، وَصِلَةُ يَدْخُلُ (فِي يَوْمِهَا) فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) دُخُولَهُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا (لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ كَأَخْذِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ أَمْكَنَتْهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ. وَلِمَالِكٍ رضي الله عنه شَرْطُ عُسْرِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا، وَعَمَّمَ ابْنُ نَاجِي دُخُولَهُ لَهَا فِي النَّهَارِ وَاللَّيْلِ مُخَالِفًا لِشَيْخِهِ فِي تَخْصِيصِهِ بِالنَّهَارِ. مُحَمَّدٌ لَا يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا لِحَاجَةٍ إلَّا لِعُذْرٍ كَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَجْرٍ، وَلَهُ وَضْعُ ثِيَابِهِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى لِغَيْرِ مَيْلٍ وَلَا إضْرَارٍ.

(وَجَازَ) لِلزَّوْجِ (الْأَثَرَةُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْ الْإِيثَارُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيتِ لِإِحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْأُخْرَى (بِرِضَاهَا) أَيْ الْمُؤْثَرِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِيثَارُ (بِشَيْءٍ) أَيْ مَالٍ تَأْخُذُهُ الْمُؤْثَرُ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا (أَوْ) رَضِيَتْ بِ (لَا) شَيْءَ بِأَنْ رَضِيَتْ مَجَّانًا.

وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَإِعْطَائِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولَاهُ مَحْذُوفَانِ أَيْ زَوْجُهَا مَالًا (عَلَى إمْسَاكِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ فِي عِصْمَتِهِ وَلَا يُطَلِّقَهَا، وَيُحْتَمَلُ إضَافَةُ الْإِعْطَاءِ لِمَفْعُولِهِ وَالْإِمْسَاكِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ أَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا لِتُمْسِكَهُ وَلَا تَطْلُبْ مِنْهُ تَطْلِيقَهَا. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلنَّوْبَةِ وَأَنَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَوْ طَلَبَ إذْنَهَا فِي إيثَارِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَخَيَّرَهَا بَيْنَ طَلَاقِهَا وَإِيثَارِهِ غَيْرَهَا عَلَيْهَا فَأَذِنَتْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَفِي هَذَا قَوْلَانِ. اهـ. فَلَعَلَّهُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْجَوَازُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا، وَهَذَا الْحَمْلُ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 540

وَشِرَاءِ يَوْمِهَا مِنْهَا

وَوَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا

، وَالسَّلَامُ بِالْبَابِ

وَالْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إذَا أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ بِحُجْرَتِهَا

ــ

[منح الجليل]

وَ) جَازَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلضَّرَّةِ (شِرَاءُ يَوْمِهَا) أَيْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ أَوْ يَوْمَيْهَا أَوْ أَيَّامَهَا (مِنْهَا) كَانَ الْعِوَضُ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَخْتَصُّ الضَّرَّةُ بِمَا اشْتَرَتْهُ، وَيَخُصُّ الزَّوْجُ مَنْ اشْتَرَاهُ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَوْلَى لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا عَلَى شِرَاءٍ، وَهُنَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ هُنَاكَ الْمُسْقِطُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهُوَ إسْقَاطُ مَا لَا يَنْحَصِرُ، وَمَا هُنَا فِي شِرَاءِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَفِي تَسْمِيَتِهِ شِرَاءً مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَاتًا، وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطُ حَقٍّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا شِرَاءُ الْمَرْأَةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ صَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ شِرَاءِ الرَّجُلِ ذَلِكَ مِنْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا قَدْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا مِنْ الْوَطْءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ، وَالرَّجُلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَقْصُودِهِ، وَتُكْرَهُ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ مِنْهُمَا لِلْغَرَرِ. اهـ. وَأُخِذَ مِنْ هُنَا جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظِيفَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَتَسْتَمِرُّ لِلْأَوَّلِ.

(وَ) جَازَ (وَطْءُ ضَرَّتِهَا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ فِيهَا (بِإِذْنِهَا) وَلَوْ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مِنْ وَطْءِ ذَاتِ النَّوْبَةِ

(وَ) جَازَ (السَّلَامُ) الشَّرْعِيُّ وَالْعُرْفِيُّ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى غَيْرِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ وَهُوَ وَاقِفٌ (بِالْبَابِ) مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَيْهَا. ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ مَا بَعَثَتْ إلَيْهِ أَيْ بِبَابِهَا لَا فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لِتَأَذِّيهَا بِهِ.

(وَ) يَجُوزُ (الْبَيَاتُ) مِنْ الزَّوْجِ (عِنْدَ ضَرَّتِهَا) أَيْ ذَاتِ النَّوْبَةِ. عج وَوَطْؤُهَا، وَقِيلَ لَا يَسْتَمْتِعُ اقْتِصَارًا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ (إنْ أَغْلَقَتْ) ذَاتُ النَّوْبَةِ (بَابَهَا دُونَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (وَلَمْ يَقْدِرْ) الزَّوْجُ عَلَى أَنْ (يَبِيتَ) الزَّوْجُ (بِحُجْرَتِهَا) أَيْ خَارِجَهَا أَمَامَ الْبَابِ الْمَغْلُوقِ لِبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ ظَالِمٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَيَاتِ بِحُجْرَتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيَاتُ

ص: 541

وَبِرِضَاهُنَّ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ

وَاسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ

ــ

[منح الجليل]

عِنْدَ ضَرَّتِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ ظَالِمَةً وَكَثُرَ مِنْهَا وَلَهُ تَأْدِيبُهَا. أَصْبَغُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ مِنْهَا وَلَا مَأْوًى لَهُ سِوَاهُمَا.

(وَ) يَجُوزُ (بِ) شَرْطِ (رِضَاهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (جَمْعُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (بِمَنْزِلَيْنِ) مُسْتَقِلٌّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِمِرْحَاضِهِ وَمَطْبَخِهِ (مِنْ دَارٍ) وَاحِدَةٍ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ مَنْزِلِ إحْدَاهُمَا عَنْ مَنْزِلِ الْأُخْرَى. قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا يَجُوزُ إسْكَانُهُمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ. سَيِّدِي أَحْمَدُ بَابًا لَا نَصَّ فِي الْمَذْهَبِ يُوَافِقُ مَا هُنَا وَلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهُمَا عَلَى إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ، وَعَلَى جَوَازِ إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُمَا. الْبُنَانِيُّ وَقَدْ بَحَثْت كَثِيرًا عَلَى النَّصِّ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ إلَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ اسْتِقْلَالُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَسْكَنِهَا، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ عِبَارَتَانِ الْجَلَّابِ وَالْمُتَيْطِيِّ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُنَّ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ انْفِرَادُهَا بِمَنْزِلٍ مُنْفَرِدِ الْمِرْحَاضِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ الدَّارِ بَيْنَهُنَّ.

اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُقْضَى عَلَى الرَّجُل أَنْ يُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بَيْتًا، وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَأْتِينَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِيمَنْ قَالَ لَهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ وَطِئْتُك إلَّا أَنْ تَأْتِيَنِي أَنَّهُ مُولٍ إذْ لَيْسَ عَلَيْهَا إتْيَانُهُ. اللَّخْمِيُّ لَا يَطَأُ زَوْجَةً وَلَا أَمَةً وَمَعَهُ أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ وَلَوْ نَائِمًا، وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي، قَالَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرَجُ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ، وَكُرِهَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ بَهِيمَةٌ. قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَمُنِعَ الْوَطْءُ وَفِي الْبَيْتِ نَائِمٌ غَيْرُ زَائِرٍ وَنَحْوُهُ عَسِيرٌ إلَّا لِبَعْضِ أَهْلِ السَّعَةِ.

(وَ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (اسْتِدْعَاؤُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ أَيْ طَلَبُهُ مِنْهُنَّ إتْيَانَهُنَّ لِلْبَيَاتِ مَعَهُ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي هَذَا لَهُ إذْ السُّنَّةُ دَوَرَانُهُ هُوَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ لِفِعْلِهِ

ص: 542

وَالزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لَا إنْ لَمْ تَرْضَيَا.

وَدُخُولُ حَمَّامٍ بِهِمَا

وَجَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ

وَفِي مَنْعِ الْأَمَتَيْنِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ

ــ

[منح الجليل]

صلى الله عليه وسلم هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدَوَرَانِهِ عَلَيْهِنَّ.

(وَ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (الزِّيَادَةُ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا) يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ وَلَا اسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ (إنْ لَمْ تَرْضَيَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ بِذَلِكَ الشَّارِحُ ثَنَّى الضَّمِيرَ مَرَّةً وَجَمَعَهُ أُخْرَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ وَمُتَعَدٍّ إلَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ مَا فِي جَمْعِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ.

(وَ) لَا يَجُوزُ (دُخُولُ حَمَّامٍ) بِشَدِّ الْمِيمِ (بِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَوْ رَضِيَتَا لِلُزُومِ إطْلَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى عَوْرَةِ الْأُخْرَى وَالْأَمَتَانِ كَالزَّوْجَتَيْنِ وَفَتْوَى ابْنِ الْفُرَاتِ الْأَمِيرِ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامِ بِجِوَارِ رَبِّهِ خَطَّأَهُ فِيهَا ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ، فَلَوْ اسْتَتَرْنَ أَوْ عَمِينَ جَازَ، وَلَوْ أَدْخَلَ كَافَ التَّشْبِيهِ لَكَانَ أَبْيَنَ

(وَلَا) يَجُوزُ (جَمْعُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ (فِي فِرَاشٍ) وَاحِدٍ إنْ كَانَ بِوَطْءٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي الْكَافِي يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ بَيْنَ أَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ وَأَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَسْمَعُ الْأُخْرَى، وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ حَلِيلَتَهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَحَدٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ، وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا يَخْلُو بِهِ مَعَ أَهْلِهِ. وَيُكْرَهُ لَهَا حَدِيثُهَا بِمَا تَخْلُو بِهِ مَعَ بَعْلِهَا.

(وَفِي مَنْعِ) جَمْعِ (الْأَمَتَيْنِ) بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ بِلَا وَطْءٍ (وَكَرَاهَتِهِ) لِقِلَّةِ غَيْرَتِهِنَّ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِأَصْلِ الْغَيْرَةِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ كَانَ بِوَطْءٍ حَرُمَ بِاتِّفَاقِهِمَا. تت بَقِيَ جَمْعُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي فِرَاشٍ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ. عب أَيْ بِلَا وَطْءٍ وَأَمَّا بِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي مَنْعِ جَمْعِ الْحُرَّتَيْنِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ دُونَ وَطْءٍ وَكَرَاهَتُهُ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَفِي جَمْعِ الْإِمَاءِ كَذَلِكَ الْقَوْلَانِ. وَثَالِثُهَا الْجَوَازُ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. الْمُتَيْطِيُّ مَنَعَ ابْنُ سَحْنُونٍ دُخُولَهُ الْحَمَّامَ بِزَوْجَتَيْهِ مَعًا وَأَجَازَهُ بِإِحْدَاهُمَا. قُلْت

ص: 543

وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ؛ فَلَهُ الْمَنْعُ لَا لَهَا، وَتَخْتَصُّ ضَرَّتُهَا بِخِلَافٍ مِنْهُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ

وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ، فَيُقْرِعُ. وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا

ــ

[منح الجليل]

ذَكَرَ ابْنُ الرَّقِيقِ أَنَّ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ أَجَابَ الْأَمِيرَ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِجَوَارِيهِ وَخَطَّأَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ.

(وَإِنْ وَهَبَتْ) إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ أَوْ الضَّرَائِرِ أَوْ أَسْقَطَتْ (نَوْبَتَهَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ قَسْمَهَا مِنْ مَبِيتِ الزَّوْجِ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ (مِنْ ضَرَّةٍ) فَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْمَنْعُ) أَيْ رَدُّ الْهِبَةِ وَالْإِسْقَاطِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَيْنِ الْوَاهِبَةِ (لَا لَهَا) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا رَدُّ الْهِبَةِ إنْ أَمْضَاهَا الزَّوْجُ، وَلَا إمْضَاؤُهَا إنْ رَدَّهَا الزَّوْجُ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ كَالْهِبَةِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ (وَ) إنْ أَمْضَى الزَّوْجُ الْهِبَةَ (تَخْتَصُّ) الْمَوْهُوبُ لَهَا بِمَا وُهِبَ لَهَا، وَيَصِيرُ لَهَا نَوْبَتَانِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ جَعْلُهَا لِغَيْرِهَا.

(بِخِلَافِ) هِبَةِ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ نَوْبَتِهَا (مِنْهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا بِحَيْثُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ، بَلْ تُقَدَّرُ الْوَاهِبَةُ كَالْعَدَمِ فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا قَسَمَ الْمَبِيتَ بَيْنَ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ نَوْبَتِهَا لَيْسَ كَهِبَتِهَا لَهُ لِمَكَانِ الْمُعَاوَضَةِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ سُئِلَ عَمَّنْ يُرْضِي إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَطِيَّةٍ فِي يَوْمِهَا لِيَكُونَ فِيهِ عِنْدَ الْأُخْرَى قَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ (وَلَهَا) أَيْ الْوَاهِبَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِلزَّوْجِ (الرُّجُوعُ) فِي نَوْبَتِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا بِسَبَبِ غَيْرَتِهَا وَكَذَا الْبَائِعَةُ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إنْ سَكْنَتَا مَعًا بِاخْتِيَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ مِنْهُمَا.

(وَإِنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (اخْتَارَ) الزَّوْجُ مَنْ تَصْلُحُ لِإِطَاقَتِهَا السَّفَرَ أَوْ لِخِفَّةِ جِسْمِهَا أَوْ نَحْوِهَا لَا لِمَيْلِهِ لَهَا (إلَّا فِي) سَفَرِ (الْحَجِّ وَالْغَزْوِ) وَزِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (فَيُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُنَّ لِعِظَمِ الْمُشَاحَّةِ فِي سَفَرِ الْقُرْبَةِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ سَفَرِ الْقُرْبَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ،

ص: 544

وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ

ــ

[منح الجليل]

وَشَرْطُ الْقُرْعَةِ صَلَاحِيَّةُ كُلٍّ لِلسَّفَرِ. وَمَنْ اخْتَارَ سَفَرَهَا أَوْ تَعَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ فَتُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعِرْهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ.

(وَوَعَظَ) أَيْ ذَكَّرَ بِشَدِّ الْكَافِ الزَّوْجُ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةً أَوْ زَوْجَتَهُ الَّتِي (نَشَزَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ، أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إذْنِهِ أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانِ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهَا لِلرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِ الطَّاعَةِ وَالْخَوْفِ مِنْ عِقَابِ الْمَعْصِيَةِ.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْوَعْظُ (هَجَرَهَا) أَيْ تَرَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَالنَّوْمَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ شَهْرًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً شَيْنًا كَالْكَسْرِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ اللَّكْزَةُ وَالصَّفْعُ وَلَا يَضْرِبُهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ (إنْ ظَنَّ) الزَّوْجُ (إفَادَتَهُ) أَيْ الضَّرْبِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إفَادَتِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلَا يَضْرِبُهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى إصْلَاحِ حَالِهَا وَالْوَسِيلَةُ لَا تُشْرَعُ عِنْدَ ظَنِّ عَدَمِ تَرَتُّبِ الْمَقْصُودِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْوَعْظُ وَالْهَجْرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ظَنَّ الْإِفَادَةَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الذَّاتِ. فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَشَرْطُهُمَا ظَنُّهَا. قِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِمَا لَا فِي جَوَازِهِمَا، فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِمَا لَا عَدَمُ جَوَازِهِمَا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ، أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا صَلَاحَ حَالِهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَالْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ هُوَ الَّذِي يَعِظُهَا وَيَضْرِبُهَا.

ابْنُ شَاسٍ إنْ نَشَزَتْ وَعَظَهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ هَجَرَهَا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُ إلَّا بِضَرْبِهَا الْمَخُوف فَلَا يَجُوزُ. وَفِي الزَّاهِيِّ ضَرَبَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَصَاحِبَتَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا

ص: 545

وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ

ــ

[منح الجليل]

وَعَقَدَ شَعْرَ إحْدَاهُمَا بِشَعْرِ الْأُخْرَى، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ لَا تَتَّقِي الضَّرْبَ فَكَانَ ضَرْبُهَا أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ، فَشَكَتْهُ إلَى أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَأَمَرَهَا بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ. ابْنُ شَعْبَانَ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهَا إنْ فَحَشَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَخَالَفَتْ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا وَعَظَهَا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ هَجَرَ مَضْجَعَهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى النُّشُوزِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ.

بَعْضُ الشَّارِحِينَ إنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الْأَدَبَ لِلنُّشُوزِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَا الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَأَحْمَدُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ، وَنَقَلَ الْحَطّ الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَمِثْلُهُ فِي مَجَالِسِ الْمِكْنَاسِيِّ، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ النَّاشِزِ خِلَافٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَوَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا بِالْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِحَمِيَّةِ قَوْمِهَا وَكَانُوا مِمَّنْ لَا تَنْفُذُ فِيهِمْ الْأَحْكَامُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَبِتَعَدِّيهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَثُبُوتِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُرِدْ فِرَاقَهُ (زَجَرَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (الْحَاكِمُ) بِاجْتِهَادِهِ بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ زَجَرَهُ بِوَعْظٍ فَقَطْ وَلَا يَأْمُرْهَا فِيهِمَا بِهَجْرِهِ وَيَزْجُرُهَا أَيْضًا إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهَا بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشِقَاقُ الزَّوْجَيْنِ إنْ ثَبَتَ فِيهِ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَرْءِ ظُلْمِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ اضْطِرَابٌ. ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْوَلِيدِ قَاضِيًا اشْتَكَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَوَكَّلَتْ عَلَى مُطَالَبَتِهِ وَعَاوَدَتْ الشَّكْوَى بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ إلَيْهِمَا وَقَالَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بَعْدَ تَلَوُّمٍ وَاسْتِقْصَاءِ نَظَرٍ، وَكَذَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ، وَفِيهَا إذَا أَشْكَلَ عَلَى الْقَاضِي أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَعْرِفَةِ الضَّارِّ مِنْهُمَا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ قَالَهُ أَيُّوبُ وَابْنُ وَلِيدٍ، وَفِيهَا أَيْضًا تَرَدَّدَتْ شَكْوَى امْرَأَةٍ بِإِضْرَارِ زَوْجِهَا فَهَلْ أُرْسِلُ

ص: 546

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْحَكَمَيْنِ أَوْ أُرْسِلُهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى أَفْهَمَ كَمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُ، فَهِمْنَا سُؤَالَك وَنَرَى أَنْ تُرْسِلَ الْحَكَمَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ.

وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا كَشَفَ الْحَاكِمُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِهِمَا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ بَيَانًا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ وَفِيهَا أَيْضًا كَتَبَ إلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى. قُلْت إنَّ أَبِي وَعَمِّي لَمْ يَحْكُمَا بِإِرْسَالِ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عَمَلٌ هَاهُنَا، إنَّمَا كَانَ الَّذِي يَنْظُرُ بِهِ الْقُضَاةُ إخْرَاجُ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى يُفْهَمَ بِهِ الْحَالُ، فَهَلْ أَمْضِي إلَى الْحَكَمَيْنِ أَوْ بِمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ لِأَنَّك تَحْكُمُ بِمَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَك مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ كَعَمِّك وَوَالِدِك وَأَخْرِجْهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ أَوْ أَسْكِنْ مَعَهُمَا أَمِينًا، وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ.

ابْنُ سَهْلٍ أَجْوِبَتُهُمْ هَذِهِ مُضْطَرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُحَصَّلَةٍ عُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا فِي جَوَابِهِ وَأَنْكَرَ أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ، وَقَالَ لِلْقَاضِي الَّذِي سَأَلَهُ لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ، وَعَنَى قَوْلُهُ بِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ أَبِي تَمَّامٍ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِانْفِرَادِهِ بِحُكْمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ، وَجَهِلَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَكَمَ بِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي خِلَافَتِهِ، وَلَوْ تَدَبَّرَ السُّؤَالَ وَأَتْقَنَ فَهْمَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إنْكَارِ مَا لَا يَجُوزُ إنْكَارُهُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَمَّنْ شَكَتْ ضَرَرًا فَقَطْ فَكَانَ

ص: 547

وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ

وَإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ،

ــ

[منح الجليل]

جَوَابُهُ أَنْ يَسْأَلَهَا بَيَانَ ضَرَرِهَا، فَلَعَلَّهُ مَنَعَهَا مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ أَدَّبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ بَيَّنَتْ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِهَا أُوقِفَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا، فَإِنْ أَنْكَرَهَا أَمَرَهَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَتْ وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهَا جِيرَانَهَا إنْ كَانَ فِيهِمْ عُدُولٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِيهِمْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِإِسْكَانِهَا فِي مَوْضِعٍ لَهُ جِيرَانٌ عُدُولٌ، فَإِنْ بَانَ مِنْ ضَرَرِهِ مَا يُوجِبُ تَأْدِيبَهُ أَدَّبَهُ. وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطٌ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْهِ خَبَرُهَا وَرَأَى إسْكَانَهُمَا مَعَ ثِقَةٍ يَتَفَقَّدُ أَمْرَهُمَا فَعَلَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ.

وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَسَحْنُونٌ فِيمَنْ ادَّعَتْ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَادَّعَى هُوَ إضْرَارَهَا وَسُوءَ عِشْرَتِهَا وَجُهِلَ صِدْقُهُمَا اخْتَبَرَ الْحَاكِمُ أَمْرَهُمَا بِأَنْ يَجْعَلَ مَعَهُمَا، أَوْ يَجْعَلَهُمَا مَعَ مَنْ يَتَبَيَّنُ لَهُ بِهِ أَمْرَهُمَا فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إنَّمَا يُبْعَثَانِ عِنْدَ إشْكَالِ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ. قُلْت هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَالَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتْحُونٍ.

(وَسَكَّنَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا مِنْهُ الْإِضْرَارَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ (بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ) أَيْ عُدُولٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (إنْ لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ سَاكِنَةً (بَيْنَهُمْ)

(وَإِنْ أَشْكَلَ) أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ أَيْ دَامَ إشْكَالُهُ إذْ إسْكَانُهَا بَيْنَهُمْ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يَقْدِرْ الْحَاكِمُ عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا (بَعَثَ) الْقَاضِي (حَكَمَيْنِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَافِ وَالْمِيمِ مُثَنَّى حَكَمٍ كَذَلِكَ، أَيْ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ يَحْكُمَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ آيَةُ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، فَالْعَمَلُ بِهَا وَاجِبٌ لَمْ يَتْرُكْ الْقَوْلَ بِهَا عَالِمٌ حَاشَا يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كَانَ لَا يَرَى بَعْثَ الْحَكَمَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَنْكَرَ بَعْثَهُمَا عَلَى مَا اسْتَفْتَاهُ.

ابْنُ فَتُّوحٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ لَمْ يَقْضِ عِنْدَنَا فِيمَا أَدْرَكْنَا وَسَمِعْنَا بِالْحَكَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا

ص: 548

وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا إنْ أَمْكَنَ

، وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ

وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَسَفِيهٍ، وَامْرَأَةٍ، وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ، وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا

وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ

ــ

[منح الجليل]

يَبْلُغُ أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ بِمُجَرَّدِ تَشَاجُرِ الزَّوْجَيْنِ وَشَكْوَى أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَبَيِّنَةٍ وَتَرْكِهِ مُطْلَقًا لِإِسْكَانِهِمَا مَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَى تَبَيُّنِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا ثَالِثُهَا الْوَاجِبُ إسْكَانُهُمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يُفِدْ مَعَ جِيرَانٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ طَالَ أَمْرُهُمَا وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهُمَا بَعَثَهُمَا لَهُمَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا.

بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِهَا) لِعُمُومِ الْآيَةِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ جَارِيَانِ فَيَتَنَازَعَانِ فَيَحْكُمُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ عَلَيْهِمَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ. وَلَا يُلَازِمَانِهِمَا، وَنَعَتَ حَكَمَيْنِ بِقَوْلِهِ (مِنْ أَهْلِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا وَتَرَدَّدَ اللَّخْمِيُّ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ إذَا حَكَّمَ الْقَاضِي أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ، وَفِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ الْأَهْلِ مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ وَأَمْكَنَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا مِنْ أَهْلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُضَمُّ لَهُ أَجْنَبِيٌّ. وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ.

(وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْأَهْلَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (جَارَيْنِ) لِلزَّوْجَيْنِ وَتَأَكَّدَ النَّدْبُ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ

(وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ) فِي الشَّهَادَةِ (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (سَفِيهٍ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " غَيْرِ " عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، أَيْ مُبَذِّرٍ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (امْرَأَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ عَدْلًا (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (غَيْرِ فَقِيهٍ) أَيْ عَالِمٍ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِالنُّشُوزِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ حُكْمِ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ فِي أَمْرٍ عَلِمَهُ بِأَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْعُلَمَاءِ (وَنَفَذَ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ، بَلْ وَجَازَ ابْتِدَاءً (طَلَاقُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ الَّذِي حَكَمَا بِهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ بَائِنٌ إنْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ بِهِ.

بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ) بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ وَلَوْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ لِرَفْعِ حُكْمِهِمَا

ص: 549

وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا؛ لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا، وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ

وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ الْبَيِّنِ، وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ

وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ،

ــ

[منح الجليل]

خِلَافَهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ بَعَثَهُمَا، بَلْ (وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْحَكَمَانِ مُقَامَيْنِ (مِنْ جِهَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا حَكَمَانِ لَا وَكِيلَانِ عَمَّنْ بَعَثَهُمَا وَلَا شَاهِدَانِ (لَا) يَلْزَمُ طَلَاقُ (أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا) أَيْ الْحَكَمَانِ الْأَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إيقَاعُ الْأَكْثَرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْإِصْلَاحِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا فِيهَا وَلَا يُفَرِّقَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَهِيَ بَائِنَةٌ، فَإِنْ حَكَمَا بِهِ سَقَطَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ (وَتَلْزَمُ) الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ (إنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي الْعَدَدِ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَاهُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَوْقَعْت وَاحِدَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْت اثْنَتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ.

(وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (التَّطْلِيقُ) جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَبِينُ بِهَا (بِ) سَبَبِ (الضَّرَرِ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا كَقَطْعِ كَلَامِهِ عَنْهَا وَتَوْلِيَةِ وَجْهِهِ عَنْهَا فِي الْفِرَاشِ، لَا مَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ، وَتَفَرُّجٍ عَلَى قِطَعِ الْخَلِيجِ، وَالْمَحْمَلِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَوْكِبِ، أَوْ تَأْدِيبِهَا عَلَى تَرْكِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالتَّسَرِّي وَالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالضَّرَرِ وَتَكَرُّرِهِ.

بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَكَرُّرِهِ) أَيْ الضَّرَرِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِحُصُولِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَهَا التَّطْلِيقُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ، وَيَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ لَهَا أَنَّ لَهَا الرِّضَا بِهِ وَلَوْ مَحْجُورَةً، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّهَا هُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شُرِطَ فِيهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ بِهِ إنْ رَضِيَتْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (الْإِصْلَاحُ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ص: 550

فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ وَبِالْعَكْسِ: ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا، وَإِنْ أَسَاءَا مَعًا؛ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ، أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

{إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] النِّسَاءِ. ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ يُرِيدَا أَيْ الْحَكَمَانِ، إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَقِيلَ إنْ يُرِيدَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْحَكَمَيْنِ (فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ) الزَّوْجَةَ وَلَمْ تُسِئْهُ وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ (طَلَّقَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ (بِلَا خُلْعٍ) يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ فِي نَظِيرِ حِلِّ عِصْمَتِهَا مِنْهُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ أَسَاءَتْ الزَّوْجَ الزَّوْجَةُ وَلَمْ يُسِئْهَا (ائْتَمَنَاهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَأَوْصَيَاهُ بِالصَّبْرِ عَلَى إسَاءَتِهَا وَأَبْقَيَاهَا فِي عِصْمَتِهِ إنْ تَحَقَّقَا أَوْ ظَنَّا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا بَعْدَ ائْتِمَانِهِ عَلَيْهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْفِرَادِهَا بِالْإِسَاءَةِ فِي الْمَاضِي عَدَمُ إسَاءَتِهِ إيَّاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ خَالَعَا لَهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ لِلزَّوْجِ أَيْ طَلَّقَاهَا عَلَيْهِ بِمَالٍ مِنْهَا لَهُ تَقْدِيرُهُ (بِنَظَرِهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا إنْ أَرَادَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ، وَفِي إبْقَائِهَا وَائْتِمَانِهِ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ (وَإِنْ أَسَاءَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَيْ ثَبَتَتْ إسَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ تَسَاوَتْ إسَاءَتُهُمَا أَوْ لَا أَوْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ (فَهَلْ يَتَعَيَّنُ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ) أَيْ مَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ، هَذَا مَحَلُّ التَّعَيُّنِ قَالَهُ الشَّارِحُ.

(أَوْ لَهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (أَنْ يُخَالِعَا) أَوْ يُطَلِّقَا بِمَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ قَدَّرَهُ (بِالنَّظَرِ) مِنْ الْحَكَمَيْنِ وَلَكِنْ لَا يُسْقِطَانِ عَنْهُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْخُلْعِ بِالنَّظَرِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ إذَا تَوَجَّهَ الْحَكَمَانِ اسْتِقْرَاء أُمُورَهُمَا وَسَأَلَا عَنْ بِطَانَتِهِمَا، فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهِمَا أَصْلَحَا بَيْنَهُمَا إنْ قَدَرَا وَإِلَّا فَرَّقَا زَادَ فِيهَا وَتَجُوزُ فُرْقَتُهُمَا دُونَ الْإِمَامِ، وَفِي كَيْفِيَّتِهَا عِبَارَاتٌ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ

ص: 551

وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ فَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا:

ــ

[منح الجليل]

الزَّوْجِ فَرَّقَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ تَرَكَاهُمَا وَائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا فَرَّقَا عَلَى بَعْضِ الصَّدَاقِ فَلَا يَسْتَوْعِبَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ. مُحَمَّدٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] الْبَقَرَةِ.

ابْنُ فَتْحُونٍ إنْ لَمْ يَقْدِرَا عَلَى الصُّلْحِ فَرَّقَا بِشَيْءٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لَهُ أَوْ أَسْقَطَاهُ عَنْهُ أَوْ عَلَى الْمُتَارَكَةِ دُونَ أَخْذٍ وَإِسْقَاطٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ الْمُتَيْطِيُّ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَقَطْ فَرَّقَا دُونَ إسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ، وَعَكْسُهُ إنْ كَانَ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا عِنْدَ ظُلْمِهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا وَأَقَرَّتْ إلَّا أَنْ يَجِبَ فِرَاقُهَا فَيُفَرِّقَا، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ.

وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ جَازَ إنْ كَانَ سَدَادًا وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُمَا فَرَّقَا وَقَسَمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَجَمِيعَهُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَرَّقَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أُعْطِيَ الزَّوْجُ بَعْضَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا فَقَطْ جَازِمًا أُخِذَ لَهُ مِنْهَا.

أَبُو عِمْرَانَ هُوَ وِفَاقٌ أَنْ تُؤَوَّلَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَضَرَّ بِهَا فِي دَعْوَاهَا. الصِّقِلِّيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهُ بِهَا فَلَا يُؤْخَذُ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ إفْرِيقِيَّةَ لَا يَجُوزُ خُلْعُ الزَّوْجِ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا قَالَهُ مُتَقَدِّمُو عُلَمَائِنَا، وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحَكَمَيْنِ إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّ النَّظَرَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ إنْ رَأَى الْحَكَمَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا إعْطَاءَ الزَّوْجِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ عِصْمَتِهِ جَارنَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُمَا مَعًا. أَبُو حَفْصٍ إنْ كَانَ خَلَعَهَا إذَا كَانَ الظُّلْمُ مِنْهَا مِائَةً فَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا جَمِيعًا أُخِذَ لَهُ النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَانِ مِنْ قِبَلِهَا وَالثُّلُثُ مِنْ قِبَلِهِ أُخِذَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَفِي الْعَكْسِ الْعَكْسُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَمْ يَنْفُذْ وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْخُلْعِ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمَا وَلَوْ أَمْضَتْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ فَفِي لُزُومِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ خِلَافٌ.

(وَأَتَيَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (الْحَاكِمَ) الَّذِي بَعَثَهُمَا (فَأَخْبَرَاهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الْحَاكِمَ بِمَا حَكَمَا بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ أَوْ التَّطْلِيقِ (فَنَفَّذَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَمْضَى الْحَاكِمُ (حُكْمَهُمَا)

ص: 552

وَلِلزَّوْجَيْنِ: إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ،

ــ

[منح الجليل]

أَيْ الْحَكَمَيْنِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَهُ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَخَالَفَ مَذْهَبَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. طفي فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَجَّهَ الْحَكَمَيْنِ وَحَكَمَا بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ الْحَاكِمَ وَيُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا. اهـ. وَلِذَا قَالَ هُنَا وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُنَفِّذَانِ الْحُكْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا عَارَضَهَا الشَّارِحُ بِهِ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ تَحْرِيفٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَنَصُّهَا إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا. وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ. اهـ. هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ جَوَابَ " س " عَنْ مُعَارَضَةِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَتَيَا الْحَاكِمَ إنْ شَاءَا فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِإِتْيَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُعَارَضَةُ وَجَوَابُهَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. اهـ. كَلَامُ طفي.

الْبُنَانِيُّ فِي اعْتِرَاضِهِ نَقْلَ الْمُوَضِّحِ وَتَسْلِيمَهُ مُعَارَضَةَ الشَّارِحِ نَظَرٌ، وَأَمَّا نَقْلُ الْمُوَضِّحِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ هُنَا فَهُوَ الَّذِي فِي نَصِّ وَثِيقَةِ الْمُتَيْطِيِّ إذْ قَالَ فِيهَا فَأَمْضَى الْقَاضِي حُكْمَ الْحَكَمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ وَأَنْفَذَهُ نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ وَيُنَفِّذَهُ السُّلْطَانُ. وَقَالَ فِي وَثِيقَتِهِ وَأَعْلَمَ الْحَكَمَانِ الْمَذْكُورَانِ الْقَاضِيَ بِمَا ظَهَرَ لَهُمَا وَمَا حَكَمَا بِهِ وَثَبَتَ حُكْمُهُمَا لَدَيْهِ بِذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَأَنْفَذَهُ. اهـ. وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ فَالْحَقُّ فِي دَفْعِهَا مَا ذَكَرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا مَعْنَاهُ أَمْضَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنَفِّذُهُ، وَلَا بُدَّ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنَفِّذُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَلِلزَّوْجَيْنِ) مَعًا (إقَامَةُ) حَكَمٍ (وَاحِدٍ) عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ مُتَّصِفٍ بِصِفَةِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْفِقْهِ بِأَحْكَامِ ضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ جَازَ إقَامَةُ وَاحِدٍ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ مَعَ وُرُودِ نَصِّ الْقُرْآنِ بِاثْنَيْنِ

ص: 553

وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ: تَرَدُّدٌ، وَلَهُمَا إنْ أَقَامَهُمَا الْإِقْلَاعُ، مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ: وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ؛ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ.

ــ

[منح الجليل]

فِيهِمَا لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَهَذَا حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ. الْبُنَانِيُّ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِصُلْحٍ أَوْ طَلَاقٍ. (وَفِي) جَوَازِ إقَامَةِ (الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَاحِدًا عَلَى الصِّفَةِ وَجَوَازِ إقَامَةِ (الْحَاكِمِ) أَيْ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي وَاحِدًا بِالصِّفَةِ عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْعِهَا لِمُخَالَفَتِهَا التَّنْزِيلَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَا وَاحِدًا وَحَكَمَ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا لَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ فِي السُّلْطَانِ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَلِيِّ، وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ.

(وَلَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (إنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْحَكَمَيْنِ (الْإِقْلَاعُ) أَيْ عَزْلُ الْحَكَمَيْنِ وَالرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِمَا (مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ اسْتِيعَابِ الْحَكَمَيْنِ (الْكَشْفَ) عَنْ حَالِ الزَّوْجَيْنِ (وَيَعْزِمَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (عَلَى الْحُكْمِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَزَمَا عَلَى الطَّلَاقِ وَرَضِيَ الزَّوْجَانِ بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ عَزَمَا عَلَى الْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَمَفْهُومُ إنْ أَقَامَا هُمَا أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ.

(وَإِنْ طَلَّقَا) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ (وَاخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي) كَوْنِ الطَّلَاقِ بِ (الْمَالِ) مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ وَكَوْنِهِ بِلَا مَالٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْتهَا بِمَالٍ، وَقَالَ الْآخَرُ طَلَّقْتهَا بِلَا مَالٍ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَاهُمَا مَعًا بِمَالٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِلَا مَالٍ (فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ (فَلَا طَلَاقَ) وَاقِعٌ وَعَادَ الْحَالُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ الْمَالِ، فَإِنْ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ رُدَّ إلَى خُلْعِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قَوْلِ أَقَلِّهِمَا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ

ص: 554