الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ) الْمُسَابَقَةُ: بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَبَيْنَهُمَا.
وَالسَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ.
وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ وَالْمَرْكَبُ
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ فِي أَحْكَام المسابقة]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَابَقَةِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ (الْمُسَابَقَةُ) جَائِزَةٌ (بِجُعْلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ مَالٍ يُجْعَلُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ أَوْ مَنْ حَضَرَ (فِي الْخَيْلِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَالْإِبِلِ) كَذَلِكَ (وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْخَيْلِ مِنْ جَانِبٍ وَالْإِبِلِ مِنْ جَانِبٍ، وَأَوْلَى بِغَيْرِ جُعْلٍ. الْقَرَافِيُّ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ لِلْمَنْعِ الْقِمَارِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ إنْ تَوَقَّفَ أَصْلُ الْجِهَادِ عَلَيْهَا وَالنَّدْبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الْبَرَاعَةُ فِيهِ عَلَيْهَا وَالْإِبَاحَةُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهَا شَيْءٌ.
(وَ) الْمُسَابَقَةُ جَائِزَةٌ فِي رَمْيِ جِنْسِ (السَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ الْجُعْلُ فَلَا تَصِحُّ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ وَلَا بِمَجْهُولٍ وَلَا خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ حُرٍّ وَتَجُوزُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ عَمَلٍ مَعْرُوفٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِبَيْعِهِ مُطْلَقُ الْمُعَاوَضَةِ بِهِ.
(وَعُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي الْمُسَابَقَةِ بِدَوَابَّ أَوْ سِهَامٍ (الْمَبْدَأُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ (وَالْغَايَةُ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُنْتَهَى إلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ (وَ) عُيِّنَ (الْمَرْكَبُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ بِالْأَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ. فَفِي الْجَوَاهِرِ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَابَقَةِ مَعْرِفَةُ أَعْيَانِ مَا يَتَسَابَقُ عَلَيْهِ.
وَالرَّامِي وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ؛ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ، فَلِمَنْ حَضَرَ
ــ
[منح الجليل]
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ تَرَاهَنَا بِثَنِيَّتَيْنِ فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمَا رُبَاعِيًّا أَوْ قَارِحًا فَلَا يُعَدُّ سَبْقُهُ سَبْقًا، وَلَوْ أَدْخَلَ بَدَلَ الرُّبَاعِيِّ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا أَوْ حَوْلِيًّا أَوْ هَجِينًا بَدَلَ عَرَبِيٍّ كَانَ سَبْقُهُ سَبْقًا. اهـ. يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا عَلَى جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ، وَيُشْتَرَطُ تَقَارُبُهُمَا فِي الْجَرْيِ وَجَهْلُهُمَا سَبْقَ أَحَدِهِمَا.
(وَ) عُيِّنَ (الرَّامِي) وَإِنْ جُهِلَ رَمْيُهُ (وَ) عُيِّنَ (عَدَدُ الْإِصَابَةِ) لِلْغَرَضِ فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ (وَنَوْعُهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (مِنْ خَزْقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ آخِرُهُ قَافٌ وَهُوَ ثَقْبُهُ بِلَا ثُبُوتٍ فِيهِ (أَوْ غَيْرِهِ كَخَسْقٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ ثَقْبُهُ وَالثُّبُوتُ فِيهِ وَخَرْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ خَدْشُ طَرَفِهِ وَسَطْحٍ وَحَوَابِيٍّ وَهُوَ الْوُقُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْوَثْبِ إلَيْهِ وَخَاصِرِيٍّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ إصَابَةُ جَانِبِهِ بِدُونِ خَدْشٍ (وَأَخْرَجَهُ) أَيْ الْجُعْلَ شَخْصٌ (مُتَبَرِّعٌ) غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ مِنْهُمَا (أَوْ) أَخْرَجَهُ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (فَإِنْ) كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ (سَبَقَ غَيْرُهُ) أَيْ مُخْرِجُ الْجُعْلِ (أَخَذَهُ) أَيْ السَّابِقُ الْجُعْلَ (وَإِنْ سَبَقَ هُوَ) إي مُخْرِجُ الْجُعْلَ (فَ) هُوَ (لِمَنْ حَضَرَ) الْمُسَابَقَةَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ فِيهِ بِهَذَا فَيَصِحُّ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ فَرْضُهُ فِي اثْنَيْنِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَخْرَجَ الْجُعْلَ أَحَدُهُمْ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَحُكْمُهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ وَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ لِلَّذِي يَلِيهِ فِي السَّبْقِ سَوَاءً شَرَطُوا هَذَا أَوْ أَطْلَقُوا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ الْجَوَاهِرِ.
فَإِنْ شَرَطَ مُخْرِجُهُ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ سَبَقَ بَطَلَ وَهَلْ لَهُ الْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنْهُ أَمْ لَا كَالصَّدَقَةِ تَعُودُ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهَا قَوْلَانِ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبْقِ الْعُرْفُ، فَإِنْ كَانَ بِمُجَاوَزَةِ دَابَّةِ أَحَدِهِمَا لِبَعْضِ دَابَّةِ الْآخَرِ أَوْ لِجُمْلَتِهَا أَوْ سَبَقَا بِبَاعٍ مَثَلًا عُمِلَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ
لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ،
ــ
[منح الجليل]
فَقِيلَ بِسَبْقِ الْأُذُنَيْنِ وَقِيلَ بِالصَّدْرِ وَقِيلَ بِكَوْنِ رَأْسِ الثَّانِي عِنْدَ مُؤَخَّرِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي السِّهَامِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُعْلَ لِمَنْ حَضَرَ.
(لَا) تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ (إنْ أَخْرَجَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَانِ جُعْلَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ (لِيَأْخُذَهُ) أَيْ الْمُخْرَجَ بِالْفَتْحِ كُلِّهِ (السَّابِقُ) مِنْهُمَا بِالدَّابَّةِ أَوْ السَّهْمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ فَرَجَعَ إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ. فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ وَرُدَّ كُلُّ جُعْلٍ لِمُخْرِجِهِ فَإِنْ سَكَتَا عَمَّنْ يَأْخُذُ مَا أَخْرَجَاهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ. وَهَلْ يُرَدُّ كُلُّ جُعْلٍ لِرَبِّهِ؟ أَوْ يَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ، فَإِنْ أَخْرَجَاهُ لِيَأْخُذَهُ الْمَسْبُوقُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ، وَيُمْنَعُ إخْرَاجُهُمَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مُحَلِّلٌ.
بَلْ (وَلَوْ) كَانَا (بِمُحَلِّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ مَعَ شَخْصٍ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا (يُمْكِنُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (سَبْقُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمُحَلِّلُ الْمُخْرِجَيْنِ لِقُوَّةِ دَابَّتِهِ وَوُفُورِ قُوَّةِ سَاعِدِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ أَخَذَ الْجَمِيعَ فَلَا تَجُوزُ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ أَحَدِ الْمُخْرِجَيْنِ وَأَخْذِهِ الْجُعْلَيْنِ. وَمَفْهُومُ يُمْكِنُ سَبْقُهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ بِمَسْبُوقِيَّتِهِ فَيَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ قُطِعَ بِسَابِقِيَّتِهِ جَازَ قَطْعًا قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا جَهْلُ كُلِّ جَرْيِ دَابَّةِ صَاحِبِهِ لَا يُقَالُ الشَّرْطُ فِي دَابَّتَيْ الْمُخْرِجَيْنِ لَا فِي دَابَّةِ الْمُحَلِّلِ، لِأَنَّا نَقُولُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُمَا فَهُوَ قِمَارٌ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً بِجَوَازِهِ مَعَ الْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَاثْنَيْنِ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ.
وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ.
وَلَهُ مَا شَاءَ، وَلَا مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ، وَالرَّاكِبُ، وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٌّ، وَلَا اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ، أَوْ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ، أَوْ تَسَاوِيهِمَا: وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ أَوْ انْكَسَرَ،
ــ
[منح الجليل]
وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ (تَعْيِينُ السَّهْمِ) الَّذِي يُرْمَى بِهِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ (وَ) لَا تَعْيِينُ (الْوَتَرِ) بِرِقَّةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ ضِدِّهِمَا وَلَا تَعْيِينُ الْقَوْسِ فَتَجُوزُ بِعَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ فَارِسِيَّتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا تَبْدِيلُ عَرَبِيَّةٍ بِفَارِسِيَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَإِنْ تَنَاضَلَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دُخُولَهُمَا عَلَى الْمُخْتَلِفَيْنِ يُؤْذِنُ بِعَدَمِ قَصْدِ صِنْفِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَجَوَازِهَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ عَلَى إصَابَةِ الْغَرَضِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بَعْدَ الرَّمْيَةِ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّ رَمْيَ الْفَارِسِيَّةِ أَبْعَدُ لِخِفَّتِهَا كَالْمُسَابَقَةِ بِدَابَّتَيْنِ مَقْطُوعٍ بِسَبْقِ إحْدَاهُمَا
(وَلَهُ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ بِالسِّهَامِ (مَا شَاءَ) الْمُسَابَقَةُ بِهِ مِنْ السِّهَامِ وَالْأَوْتَارِ وَالْقِسِيِّ (وَلَا) يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ (مَعْرِفَةُ) كُلِّ وَاحِدٍ حَالَ (الْجَرْيِ) لِفَرَسِ مُسَابِقِهِ، بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ الْأُخْرَى وَإِلَّا كَانَ قِمَارًا مَمْنُوعًا عَلَى أَصْلِهِ.
(وَلَا) يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ (الرَّاكِبِ وَلَمْ يُحْمَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُتَسَابَقِ بِهَا (صَبِيٌّ) أَيْ تُكْرَهُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ وَبَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (اسْتِوَاءُ) أَيْ تَسَاوِي فَرْدَيْ (الْجُعْلِ) فَيَجُوزُ قَوْلُ الْمُتَبَرِّعِ إنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَبَقَ فُلَانٌ الْآخَرَ فَلَهُ أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ (مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنْ الْغَرَضِ وَالْآخَرُ خِلَافَهُ (أَوْ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ وَلَا فِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ.
(وَإِنْ عَرَضَ لِسَهْمٍ) فِي طَرِيقِهِ (عَارِضٌ) فَعَطَّلَ سَيْرَهُ لِلْغَرَضِ (أَوْ انْكَسَرَ) السَّهْمُ
أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ، أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ: لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا، بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ. وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا
وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ.
ــ
[منح الجليل]
أَوْ الْقَوْسُ (أَوْ) عَرَضَ (لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ أَوْ) لِصَاحِبِهِ (نَزْعُ سَوْطٍ) فَقَلَّ جَرْيُ فَرَسِهِ (لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا) بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ (بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ) أَوْ نُفُورِهِ عَنْ دُخُولِ السُّرَادِقِ أَيْ الْخَيْمَةِ أَوْ سُقُوطِهِ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ قَطْعِ اللِّجَامِ (وَجَازَ) التَّسَابُقُ (فِيمَا عَدَاهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَبَيْنَ الْإِبِلِ وَبَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسِّهَامِ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ وَالْجَرْيِ بِالْإِقْدَامِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَالصِّرَاعِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ حَالَ كَوْنِهِ (مَجَّانًا) بِلَا جُعْلٍ لِقَصْدِ الِانْتِفَاعِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ كَفِعْلِ الْفُسَّاقِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.
وَنَصُّهَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ فِيهِ لِلنَّفْعِ بِهِ، وَأَمَّا لِطَلَبِ الْمُغَالَبَةِ فَقِمَارٌ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَة، وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ كُلُّ ذَلِكَ إذَا قُصِدَ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِيَاضُ لِلْحَرْبِ اهـ.
(وَ) جَازَ (الِافْتِخَارُ) أَيْ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ (عِنْدَ الرَّمْيِ) بِالسَّهْمِ لِأَنَّهُ أَغْرَى لِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ» وَالْعَوَاتِكُ جَمْعُ عَاتِكَة وَهُنَّ جَدَّاتُهُ صلى الله عليه وسلم «وَنَزَلَ فِيهِ عَنْ بَغْلَتِهِ، وَقَالَ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ، وَهُنَّ تِسْعُ عَوَاتِكَ عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلَالٍ أُمُّ جَدِّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلَالٍ أُمُّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الْأَرْقَسِ بْنِ مُرَّةَ أُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ آمِنَةِ بِنْتِ وَهْبٍ، وَسَائِرُ الْعَوَاتِكِ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ بَنِي سُلَيْمٍ اهـ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الْعَرَبِيَّيْنِ الْعَوَاتِكُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ وَزَادَ الْعُلْيَا عَمَّةَ الْوُسْطَى وَالْوُسْطَى عَمَّةَ السُّفْلَى وَبَنُو سُلَيْمٍ يَفْتَخِرُونَ بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ. وَيَجُوزُ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ «لِفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ»
وَالرَّجْزُ
وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ، وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، لَا حَدِيثُ الرَّامِي
وَلَزِمَ الْعَقْدُ كَالْإِجَارَةِ.
ــ
[منح الجليل]
وَ) جَازَ (الرَّجْزُ) فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْحَرْبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ:
أَنَا أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ
…
الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ.
(وَ) جَازَتْ (التَّسْمِيَةُ) لِلنَّفْسِ كَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ. (وَ) جَازَ (الصِّيَاحُ) عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِرَاحَةِ النَّفْسِ مِنْ التَّعَبِ (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (ذِكْرُ اللَّهِ) تَعَالَى بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ (لَا حَدِيثُ) أَيْ تَكَلُّمُ (الرَّامِي) بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ فُحْشًا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ. وَقَالَ " غ " بَعْدَ ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا حَدِيثُ الرَّمْيِ فَلَامَهُ جَارَّةٌ تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ، وَجُمْلَةُ وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُمَا هَذَا الَّذِي انْقَدَحَ لِي فِي فَهْمِهِ بَعْدَ أَنْ ظَفِرْت بِنُسَخٍ هُوَ فِيهَا هَكَذَا فَاللَّامُ جَرٍّ دَاخِلَةٍ عَلَى أَحَادِيثَ جَمْعِ حَدِيثٍ، وَالْوَاقِعُ فِي سَائِرِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا لَا حَدِيثُ بِلَا النَّافِيَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ حَدِيثَ بِمَعْنَى تَكَلُّمِ الرَّامِي بِغَيْرِ أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَكَأَنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ لَا حَدِيثُ لَا يَجُوزُ حَدِيثٌ بِمَعْنَى أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ فَادَّعَى التَّصْحِيفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَزِمَ الْعَقْدُ) بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَلُّهُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ حَالَ كَوْنِهِ (كَ) عَقْدِ (الْإِجَارَةِ) فِي شَرْطِ تَكْلِيفِ الْعَاقِدِ وَرُشْدِهِ.