المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أحكام الصداق] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٣

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌[فصل أحكام الصداق]

فَصْلٌ) الصَّدَاق تَعْرِيفه الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ: كَعَبْدٍ تَخْتَارُهُ هِيَ؛ لَا هُوَ.

ــ

[منح الجليل]

[فَصْلٌ أَحْكَام الصَّدَاق]

فَصْلٌ)

(فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ) وَأَخَّرَهُ لِيَتَفَرَّغَ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (الصَّدَاقُ) أَيْ الْمَالُ الْمُلْتَزَمُ لِلْمَخْطُوبَةِ لِمِلْكِ عِصْمَتِهَا بِفَتْحِ الصَّادِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، وَيُقَالُ لَهُ صَدُقَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِدْقِ الزَّوْجَيْنِ فِي مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ، وَيُسَمَّى مَهْرًا وَطَوْلًا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَأُجْرَةً وَنَفَقَةً وَنِحْلَةً بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ فِي صَحِيحِ النِّكَاحِ وَإِسْقَاطُهُ مُنَافٍ لَهُ فَإِمْكَانُ لُزُومِهِ شَرْطٌ فِيهِ، وَلَا يُرَدُّ بِلُزُومِهِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ الْأَصْلِيَّ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ رُكْنٌ يُرَدُّ بِعَدَمِهِ فِي نِكَاحِ تَفْوِيضٍ وَقَعَ فِيهِ طَلَاقٌ أَوْ مَوْتٌ قَبْلَ الْبِنَاء لِأَنَّ رُكْنَ الْعَامِّ رُكْنٌ لِلْخَاصِّ، وَفِيهَا لَوْ اسْتَثْنَى مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَهْرَهَا صَحَّ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَبَطَلَ فِي التَّفْوِيضِ قَبْلَ فَرْضِهِ إذْ لَيْسَ بِمَالٍ لَهَا فَيَشْرِطُهُ.

وَخَبَرُ الصَّدَاقُ (كَالثَّمَنِ) فِي شَرْطِ الطَّهَارَةِ وَالِانْتِفَاعِ الشَّرْعِيِّ بِهِ وَعِلْمِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ النَّهْيِ وَالْغَرَرِ فِي الْجُمْلَةِ لِاغْتِفَارِ يَسِيرِ الْغَرَرِ فِي الصَّدَاقِ، كَصَدَاقٍ وَشَوْرَةِ الْمِثْلِ دُونَ الثَّمَنِ، وَمَثَّلَ لِمَا يَجُوزُ صَدَاقًا وَثَمَنًا فَقَالَ (كَعَبْدٍ) مِنْ عَبِيدٍ مَثَلًا لِلْخَاطِبِ أَوْ الْبَائِعِ حَاضِرَيْنِ أَوْ مَوْصُوفَيْنِ (تَخْتَارُهُ) أَيْ الْعَبْدَ (هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ لِدُخُولِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَحْسَنِ لِأَنَّهُ شَأْنُ مَنْ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا غَرَرَ فِيهِ (لَا) يَجُوزُ فِي الصَّدَاقِ وَالثَّمَنِ عَبْدٌ يَخْتَارُهُ (هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي.

الْبُنَانِيُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ اخْتِيَارِهَا وَاخْتِيَارِهِ مُقَيَّدٌ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ

ص: 415

وَضَمَانُهُ وَتَلَفُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ

وَتَعْيِيبُهُ

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ يُخْتَارُ مِنْهُ رَأْسٌ فَيَجُوزُ اخْتِيَارُهَا وَاخْتِيَارُهُ كَالْبَيْعِ، وَنَصُّ نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَيَّهُمَا شَاءَتْ جَازَ، وَعَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ هُوَ لَمْ يَجُزْ كَالْبَيْعِ. اهـ. فَالْمُشْتَرِي لَهُ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، وَالْبَائِعُ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ، ثُمَّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ اخْتِيَارِهَا وَاخْتِيَاره بَحْثٌ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْتَارُ مِنْهُمَا فَإِنَّمَا يَخْتَارُ الْأَرْفَعَ لِنَفْسِهِ اهـ.

(وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الثَّابِتِ تَلَفُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَبِالْقَبْضِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي (وَتَلَفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ بِدَعْوَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ، فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ، فَعُلِمَ حَمْلُ قَوْلِهِ " وَضَمَانُهُ " عَلَى صُورَةِ الثُّبُوتِ، " وَتَلَفُهُ " عَلَى صُورَةِ عَدَمِهِ حَتَّى يَتَغَايَرَا وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مُسَبَّبًا عَنْ التَّلَفِ أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُول وَإِلَّا فَسَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ الْبَائِعَ إنْ ادَّعَى تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ، وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ هُنَا فِي الْفَسْخِ، بَلْ تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ فَهُوَ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ وَتَلَفُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ لِتَسَبُّبِهِ عَنْهُ فَحَقُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَبِيعِ. وَجَوَابُ " ز " وَغَيْرِهِ بِحَمْلِ ضَمَانِهِ عَلَى ثُبُوتِ تَلَفِهِ وَتَلَفِهِ عَلَى عَدَمِهِ عَمَلٌ بِالْيَدِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ غَازِيٍّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ الْفِقْهُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ خَلِيلٍ لَا يُمَسُّ.

(وَاسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْعَقْدِ يُوجِبُ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ مُطْلَقًا وَالْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ فَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ وَالْمُقَوَّمُ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِقَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إلَّا نِكَاحًا، فَتَرْجِعُ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا وَهُوَ الْبُضْعُ فَتَشْبِيهُ الصَّدَاقِ بِالْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ

(وَتَعْيِيبُهُ) أَيْ اطِّلَاعُ الزَّوْجَةِ عَلَى عَيْبٍ

ص: 416

أَوْ بَعْضِهِ: كَالْبَيْعِ

وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ؛ فَمِثْلُهُ

ــ

[منح الجليل]

قَدِيمٍ فِي الصَّدَاقِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي التَّمَسُّكِ بِهِ، وَرَدِّهِ عَلَى الزَّوْجِ بِهِ وَرُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ. ابْنُ يُونُسَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ عَقْدِ النِّكَاحِ. عَبْدُ الْحَقِّ لَمْ يَجْعَلُوا النِّكَاحَ كَالْبَيْعِ فِي الْفَسْخِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَلَمْ يَفُتْ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاح قَدْ تَقَرَّرَتْ بِهِ الْمُوَارَثَةُ وَانْتَشَرَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فَلَمْ يَنْبَغِ فَسْخُهُ وَالْبَيْعُ لَا ضَرَرَ فِي فَسْخِهِ فِي قِيَام الْمَبِيعِ فَافْتَرَقَا.

(أَوْ) اسْتِحْقَاقُ أَوْ تَعْيِيبُ (بَعْضِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ، فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أَوْ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَكْثَرُ، وَفِي رَدِّ الْبَاقِي أَوْ السَّالِمِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مَوْصُوفًا فَلَهَا الرُّجُوعُ بِمِثْلِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ الْمَهْرُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ فَلَهَا حَبْسُهَا. وَأَخْذُ قِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَرَدُّ بَقِيَّتِهَا، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا وَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَيْسَرُهَا كَبَيْتٍ أَوْ تَافِهٍ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ، وَكَذَا الْعُرُوض وَالْأَرْضُ وَيَسِيرُ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَكَثِيرِهِ اهـ.

قُلْتُ وَكَذَا يَسِيرُ مَا يُفْسِدُهُ قَسْمُهُ كَالْحَبَّةِ وَالْقَمِيصِ وَتَمَامُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَلَيْسَ الصَّدَاقُ كَالْمَبِيعِ فِي حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ مَا اُسْتُحِقَّ أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِهِ فِي الصَّدَاقِ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ لَا فِي نَظِيرِ بَعْضِ الثَّمَنِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَخَبَرُ ضَمَانُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (كَالْبَيْعِ) يُتَسَامَحُ فِي بَعْضِهَا كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا تَقَرَّرَ.

(وَإِنْ وَقَعَ) النِّكَاحُ (بِقُلَّةِ خَلٍّ) مُعَيَّنَةٍ حَاضِرَةٍ مُطَيَّنَةٍ (فَإِذَا هِيَ خَمْرَةٌ فَمِثْلُهُ) أَيْ الْخَلِّ يَلْزَمُ الزَّوْجَ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ كَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِمَهْرٍ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَلَهَا مِثْلُهُ غَيْرُ مَعِيبٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَالْبَيْعُ يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ، وَعَكْسُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ إنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَمْرٍ، فَإِذَا هِيَ خَلٌّ يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَيْضًا إنْ رَضِيَاهُ، بِخِلَافِ نَاكِحِ مُعْتَدَّةٍ ظَهَرَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا قَبْلَ عَقْدِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُمَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَاتَ الْمُعْتَدَّةِ هِيَ الْعَيْنُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا ظُنَّ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا فَظَهَرَ عَدَمُهُ، وَفِي الْأَوَّلِ تُقَوَّمُ إنْ كَرِهَتْ لَمْ تُصْدِقْنِي

ص: 417

وَجَازَ: بِشَوْرَةِ، أَوْ عَدَدٍ، مِنْ: كَإِبِلٍ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ صَدَاقِ مِثْلٍ وَلَهَا الْوَسَطُ حَالًّا.

ــ

[منح الجليل]

خَلًّا، وَكَذَا هُوَ إنْ كَرِهَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ تَزَوَّجَتْ عَلَى قِلَالِ خَلٍّ بِأَعْيَانِهَا فَوَجَدَتْهَا خَمْرًا كَمَنْ تَزَوَّجَتْ عَلَى مَهْرٍ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا تَرُدُّهُ، وَتَأْخُذُ مِثْلَهُ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ. أَبُو حَفْصٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِثُبُوتِ أَثَرِ الْعَقْدِ بِحُرْمَةِ الْمَهْرِ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ كَالثَّمَنِ إذْ لَا يَصِحُّ كَوْنُ شَيْءٍ مِنْهَا ثَمَنًا فَقَالَ (وَجَازَ) النِّكَاحُ (بِشَوْرَةِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مَتَاعِ بَيْتٍ مَعْرُوفٍ بِعَادَةٍ لِحَضَرِيَّةٍ أَوْ بَدْوِيَّةٍ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَالْجِمَاعُ بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَ) بِ (عَدَدٍ) مَحْصُورٍ كَثَلَاثَةٍ (مِنْ كَإِبِلٍ) وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (أَوْ رَقِيقٍ) وَثِيَابٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ لِتَوَهُّمِ الْمَنْعِ فِيهِ لِكَثْرَةِ غَرَرِهِ، فَالْوَاحِدُ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. طفي الْمُتَوَهَّمُ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ فَرْضُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، أَمَّا الْمَوْصُوفُ فَلَا تَوَهُّمَ فِيهِ. الْبُنَانِيُّ الْمَوْصُوفُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حَيْثُ فِيهِ السَّلَمُ الْحَالُّ، وَأَمَّا بِعَدَدٍ مِنْ شَجَرٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا وَمَوْضِعُهُ بِمِلْكِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(وَ) جَازَ النِّكَاحُ بِ (صَدَاقِ مِثْلٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ نَظِيرٍ لِلزَّوْجَةِ. الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَجِبُ بِالْعَقْدِ وَنِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَمِيعُهُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَيَرْجِعُ الْحُكْمُ لَهُ اهـ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لَا الْأَخِيرَةِ فَقَطْ (الْوَسَطُ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى مِنْ شَوْرَةِ مِثْلِهَا فِي حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ وَعَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ فِي سِنٍّ يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ، وَلَا يُنْظَرُ لِكَسْبِ الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْ صَدَاقِ مِثْلٍ يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِي مِثْلِهَا وَيَكُونُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (حَالًّا) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فِي التَّهْذِيبِ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ الْأَسْنَانِ الْمُوَضَّحِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ مَعْنَاهُ وَسَطُ مَا يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ فَلَا يُنْظَرُ إلَى كَسْبِ الْبَلَدِ. وَقِيلَ وَسَطُ الْأَسْنَانِ مِنْ كَسْبِ الْبَلَدِ اهـ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا، وَعَلَى الثَّانِي حَمَلَهُ جَدّ عج فِي حَاشِيَتِهِ وَتَصْحِيحُ " ز "

ص: 418

وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ: قَوْلَانِ

ــ

[منح الجليل]

الْأَوَّلُ يُنْظَرُ مِنْ أَيْنَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ إذْ كُلُّ صَدَاقٍ وَقَعَ عَلَى السُّكُوتِ حُمِلَ عَلَى الْحُلُولِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأَجَلَ، وَفَائِدَتُهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ لَوْ وَقَعَ عَلَى السُّكُوتِ بُنَانِيٌّ.

(وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ) أَرَادَ الْجِنْسَ اللُّغَوِيَّ أَيْ الْأَمْرَ الْكُلِّيَّ الشَّامِلَ لِلْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّنْفِ الْمَنْطِقِيَّاتِ بِقَرِينَةِ إضَافَتِهِ إلَى (الرَّقِيقِ) الَّذِي هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ جِنْسُ الْوَاقِعِ صَدَاقًا مِنْ كَوْنِهِ حَبَشِيًّا أَوْ زِنْجِيًّا أَوْ رُومِيًّا تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَسَدَ النِّكَاحُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَعَدَمُ شَرْطِ ذِكْرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَهَا الصِّنْفُ الْغَالِبُ بِالْبَلَدِ، فَإِنْ اسْتَوَى صِنْفَانِ فَلَهَا النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَوَتْ ثَلَاثَةٌ فَلَهَا مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثٌ وَهَكَذَا (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.

الْبُنَانِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ ظَاهِرَ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلنِّكَاحِ جِنْسٌ مُعْتَادٌ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّقِيقِ بِذَلِكَ، وَقَدْ أَتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِعِبَارَةٍ عَامَّةٍ اُنْظُرْ طفي.

ص: 419

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِهِ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ جَائِزًا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ وُقُوعِهِ، أَوْ إنْ خُصِّصَ بِجِنْسٍ لَهُ رَابِعُهَا لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ يَجُوزُ عَلَى وَصِيفٍ أَوْ عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وَجَهَازِ بَيْتٍ مَعَ ظَاهِرِ نَقْلِ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ وَظَاهِرُهَا وَالصَّقَلِّيُّ مَعَ ابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

وَفِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ إنْ كَانَ لِلنِّكَاحِ جِنْسٌ مُعْتَادٌ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ خَامِسًا نَظَرٌ وَكَوْنُهُ بِمُطْلَقٍ مِنْ جِنْسٍ أَعَمَّ مَمْنُوعٍ لِنَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ نِكَاحٌ بِعَرْضٍ لَمْ يُوصَفْ بِأَيِّ عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، حَتَّى يَقُولَ بِثَوْبِ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ فَلَهَا الْوَسَطُ، وَكَذَا فِي اللُّؤْلُؤِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. قُلْتُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُمْنَعُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ مُطْلَقًا لِقَوْلِهَا إنْ كَاتِبَةً بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لَمْ يَجُزْ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ وَالْكِتَابَةُ أَخَفُّ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْغَرَرِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ أَنَّ لَهَا عَبْدًا وَسَطًا خِلَافُ نَقْلِهِمْ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. اهـ. طفي فَلَا دَلِيلَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُرُوضِ لِلرَّقِيقِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّنْفِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْجِنْسِ لِإِضَافَتِهِ لِلرَّقِيقِ، فَهِيَ تُبَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ الصِّنْفُ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَبَّرَ

ص: 420

وَالْإِنَاثُ مِنْهُ إنْ أَطْلَقَ وَلَا عُهْدَةَ

وَإِلَى الدُّخُولِ إنْ عُلِمَ، أَوْ الْمَيْسَرَةِ إنْ كَانَ مَلِيًّا،

ــ

[منح الجليل]

فِيهِ بِالصِّنْفِ وَأَتَى بِعِبَارَةٍ تَعُمُّ الرَّقِيقَ وَغَيْرَهُ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَتَى بِالْجِنْسِ الْعَامِّ مُعَبِّرًا فِيهِ بِعِبَارَةٍ تَعُمُّ الرَّقِيقَ وَغَيْرَهُ أَيْضًا كَمَا تَرَى، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، فَوُقُوعُهُ بِثَوْبٍ عَامٌّ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَوُقُوعِهِ بِحَيَوَانٍ عَامٍّ وَوُقُوعِهِ بِثَوْبِ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٍ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ كَوُقُوعِهِ بِرَقِيقٍ.

(وَ) إنْ تَزَوَّجَهَا بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِنَاثٍ وَلَا ذُكُورَةٍ فَلِلزَّوْجَةِ (الْإِنَاثُ مِنْهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي سَمَّاهُ صَدَاقًا (إنْ أَطْلَقَ) هـ الزَّوْجُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لِأَنَّ لِلنِّسَاءِ غَرَضًا فِي الِاخْتِلَاءِ بِهِنَّ وَخِدْمَتِهِنَّ. طفي الرِّوَايَةُ فِي الرَّقِيقِ وَبِنْت ذَلِكَ عُرْفٌ فَيُعْمَلُ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ بِهِ أَيْضًا، وَنَصُّ الرِّوَايَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نُكِحَتْ بِأَرْؤُسٍ اشْتَرَى لَهَا الْإِمَاءَ لَا الْعَبِيدَ لَيْسَ فِيهِ سَنَةٌ إلَّا مَا جَرَى بِهِ عَمَلُ النَّاسِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قُيِّدَ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ عُمِلَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَا عُهْدَةَ) أَيْ ضَمَانَ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الرَّقِيقِ الصَّدَاقِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ حَادِثٍ وَلَا سُنَّةَ مِنْ جُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ إنْ لَمْ تَشْتَرِطْهَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَمَانُ الصَّدَاقِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ.

(وَ) جَازَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَى الدُّخُولِ) مِنْ الزَّوْجِ بِالزَّوْجَةِ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَقْتُهُ بِعَادَتِهِمْ كَأَيَّامِ النِّيلِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ قُرَى مِصْرَ، وَالرَّبِيعِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي، وَجَذِّ الثِّمَارِ عِنْدَ أَرْبَابِهَا. فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُهُ كَأَهْلِ الْأَمْصَارِ فَلَا يَجُوزُ لِجَهْلِ الْأَجَلِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.

(أَوْ) إلَى (الْمَيْسَرَةِ) أَيْ تَيْسِيرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَلِيئًا) بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَعَقَارٍ وَعُرُوضٍ فَلَا تَنَافِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ بِمَيْسَرَتِهِ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ وَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَضَى بَعْدَهُ

ص: 421

وَعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ، أَوْ يَعْتِقُ أَبَاهَا عَنْهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ. وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ

ــ

[منح الجليل]

بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَفِي كَوْنِ تَأْجِيلِهِ بِطَلَبِهِ كَتَأْجِيلِهِ بِالْمَيْسَرَةِ أَوْ كَتَأْجِيلِهِ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.

(وَ) جَازَ (عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) مَثَلًا الَّذِي فِي مِلْكِهِ (لِفُلَانٍ) كَزَيْدٍ أَبِيهَا أَوْ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَنَّهَا مَلَكَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبَاجِيَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، وَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ تَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْتِقَ) الزَّوْجُ (أَبَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَثَلًا أَوْ ابْنَهَا أَوْ أَخَاهَا أَوْ أُمَّهَا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا (عَنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَاءُ لَهَا (أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ.

الْبِسَاطِيُّ عِتْقُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي نَظِيرِ مِلْكِ عِصْمَتِهَا يَسْتَلْزِمُ تَمْلِيكَهَا إيَّاهُ قَبْلَهُ، فَلِذَا صَحَّ وُقُوعُهُ صَدَاقًا فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ فَرُوعِيَ أَمْرُ أَنَّ تَقْدِيرَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا، فَصَحَّ كَوْنُهُ صَدَاقًا وَتَقْدِيرُ مِلْكِهِ إيَّاهُ بَعْدَ مِلْكِهَا فَعَتَقَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت إذَا اسْتَلْزَمَ الْعِتْقُ التَّمْلِيكَ فَقَدْ اسْتَلْزَمَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَجِدُ إعْتَاقُ الزَّوْجِ مَحَلًّا فَلَا وَلَاءَ لَهُ. قُلْتُ الْأُمُورُ الْعَقْلِيَّةُ تَقَعُ مَعًا فَعِتْقُهُ عَنْهُ وَتَمْلِيكُهُ لَهَا وَعِتْقُهُ عَلَيْهَا وَقَعَتْ مَعًا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ تَقْدِيرَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ عِتْقَهُ عَلَيْهَا إنَّمَا الْمُسْتَلْزِمُ لَهُ مِلْكُهَا لَهُ بِالْفِعْلِ فَلَمْ يُؤَدِّ إعْتَاقُ الزَّوْجِ إلَى عَدَمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ.

(وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ وَوَلِيِّ غَيْرِهِ (تَسْلِيمُهُ) أَيْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا بِلَا تَأْخِيرٍ لِلزَّوْجَةِ الرَّشِيدَةِ وَوَلِيِّ غَيْرِهَا (إنْ تَعَيَّنَ) الصَّدَاقُ كَعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ أَطَاقَتْ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا بَلَغَ الزَّوْجُ أَمْ لَا، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَسْتَمِرُّ بِحَالِهِ أَوْ يَتَغَيَّرُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ تَعْجِيلَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ بِتَأْخِيرِهِ

ص: 422

وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَإِنْ مَعِيبَةً مِنْ الدُّخُولِ، وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ،

ــ

[منح الجليل]

مُطْلَقًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ فَسَادُهُ إنْ شُرِطَ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَتَعْجِيلُهُ حَقٌّ لَهَا فَلَهَا إسْقَاطُهُ إذْ لَا مَحْظُورَ فِيهِ لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهَا بِالْعَقْدِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ وَمَا أَصْدَقَهَا مِنْ مُعَيَّنِ الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ، فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهَا تَعْجِيلَ قَبْضِهِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِاشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ فِيهِ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ اهـ.

فَقَوْلُهُ فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا وَلَهَا التَّأْخِيرُ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لِلَّهِ تَعَالَى لَقَالَ عَلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا شَرْطَ وَحُكْمُ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، هَذَا سَبِيلُهُ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ وَتَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا طَلَبُ تَعْجِيلِهِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْخَذْ بِتَعْجِيلِ الدُّخُولِ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْهَا. اهـ. فَجَعَلَ الْحَقَّ لَهَا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهَا فَتُمَكَّنُ مَنْ أَخْذِ مَا ضَمِنَتْهُ لِتَصُونَهُ فَلَمْ يُعَلِّلُوهُ بِالْغَرَرِ كَمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَوْلَا كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَحُمِلَ قَوْلُهُ وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ إنْ طَلَبَتْهُ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُ حَالِهِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ بِإِطَاقَةِ الزَّوْجَةِ. وَبُلُوغِ الزَّوْجِ. اهـ. لَكِنَّ تَغْيِيرَهُ الْأُسْلُوبَ بِقَوْلِهِ وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ كَلَامَهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَهُ طفي.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ (فَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَنْعُ نَفْسِهَا) مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا الصَّدَاقَ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَهَا تَمْكِينَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ الزَّوْجِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ لَا قِيَامَ لَهُ بِهِ لِرِضَاهُ بِهِ أَوْ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَصِلَةُ مَنْعُ (مِنْ الدُّخُولِ) أَيْ اخْتِلَاءِ الزَّوْجِ بِهَا (وَ) إنْ كَانَتْ مَكَّنَتْهُ مِنْهُ فَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ (الْوَطْءِ بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ امْتِنَاعٌ مِنْ دَفْعِهِ وَلَوْ بَلَغَتْ السِّيَاقُ إذْ غَايَتُهُ مَوْتُهَا وَهُوَ يُكْمِلُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، فَلَا تَجِبُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ لِأَنَّهَا فِي

ص: 423

وَالسَّفَرِ إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ؛ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ

ــ

[منح الجليل]

مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِمَنْ بَلَغَتْهُ.

(وَ) لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ (السَّفَرِ) مَعَ الزَّوْجِ إنْ طَلَبَهُ مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَوَطِئَهَا. الْبِسَاطِيُّ نَظَرْت فِي كَلَامِهِمْ فَوَجَدْته يُعْطِي أَنَّ لَهَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ وَإِنْ دَخَلَ وَوَطِئَ اهـ. طفى مَا قَالَهُ صَوَابٌ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا لَمْ يَحُمْ حَوْلَهُ، فَفِيهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَإِنْ كَرِهَتْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَتْ حَتَّى آخُذَ صَدَاقِي، فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا فَلَهُ الْخُرُوجُ وَتَبِيعُهُ بِهِ دَيْنًا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي عَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهَا حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَهَا، وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا إنْ كَانَ يَخْرُجُ بِهَا إلَى بَلَدٍ تَجْرِي فِيهَا الْأَحْكَامُ فَلَا كَلَامَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَهَا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ قَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَتَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ.

وَغَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) مِنْ الْمَهْرِ بِالْأَصَالَةِ أَوْ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ، وَالْبَائِعُ لَهُ مَنْعُ سِلْعَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهَا (لَا) تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ (بَعْدَ الْوَطْءِ) أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ بَعْضٍ عَدَمَ مَنْعِهَا نَفْسَهَا مِنْ وَطْءٍ بِمَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَلَا مَنْعَ لَهَا أَيْضًا مِنْ سَفَرِهِ بِهَا إنْ وَطِئَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا إنْ مَكَّنَتْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَحْمَدُ وَجَمْعٌ، وَفِي الْحَطّ عَنْ التَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَالْوَطْءِ ثُمَّ إنَّمَا يُسَافِرُ بِهَا لِبَلَدٍ تَجْرِي فِيهَا الْأَحْكَامُ وَهُوَ حُرٌّ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا، وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ وَالْبَلَدُ قَرِيبٌ لَا يَنْقَطِعُ خَبَرُهَا عَنْ أَهْلِهَا وَلَا خَبَرُ أَهْلِهَا عَنْهَا. فَالْعَبْدُ لَا سَفَرَ لَهُ بِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً، وَتَجْرِي هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي سَفَرِهِ بِهَا حَالَ يُسْرِهِ أَيْضًا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ قَبْلَ الْوَطْءِ حَتَّى تَقْبِضَ حَالَّ صَدَاقِهَا، قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، إلَّا أَنْ يُسَافِرَ لِبَلَدٍ تَأْخُذُهُ فِيهَا الْأَحْكَامُ اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ أَجْحَفَ " ز " هُنَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ

ص: 424

إلَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ، وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ

وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ، إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا،

ــ

[منح الجليل]

مَعَهُ قَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. اهـ. فَجَعَلَ الدُّخُولَ مُسْقِطًا فَأَحْرَى الْوَطْءُ قَالَهُ الْحَطّ. وَقَالَ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ عَنْهَا. وَعَنْ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُهُ بَعْدَ الْوَطْءِ يَرْجِعُ لِلسَّفَرِ كَمَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ، لَكِنْ هَلْ لَهُ بَعْدَ الْوَطْءِ السَّفَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَدِيمًا وَهُوَ مَا لِابْنِ يُونُسَ، أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِ السَّفَرِ إلَى بَلَدٍ تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ وَهُوَ مَا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَقَرَّرَ بِهِ الْخَرَشِيُّ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ لِمَا قَبْلَ السَّفَرِ فَقَطْ، وَأَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا بَعْدَ وَطْئِهَا فِي كُلِّ حَالٍ.

(إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُسْتَحَقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ الصَّدَاقُ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى تَقْبِضَ عِوَضَهُ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهَا مَكَّنْته حَتَّى يَتِمَّ لِي فَلَمْ يَتِمَّ إنْ غَرَّهَا الزَّوْجُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ غَازِيٍّ كَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْوَطْءِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ أَوْ لَا غَرَّهَا أَوْ لَا، وَقِيلَ إنْ غَرَّهَا فَلَهَا الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَا وَهُمَا ضَعِيفَانِ عَدَوِيٌّ.

(وَمَنْ بَادَرَ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِتَمْكِينِ صَاحِبِهِ مِمَّا فِي جِهَتِهِ صَدَاقًا كَانَ أَوْ دُخُولًا وَطَلَبَ مِنْ الْآخَرِ تَمْكِينَهُ مِمَّا فِي جِهَتِهِ فَامْتَنَعَ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (لَهُ) أَيْ الْمُبَادِرُ، وَنَائِبُ فَاعِلِ أُجْبِرَ الزَّوْجُ (الْآخَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى تَمْكِينِهِ مِمَّا فِي جِهَتِهِ صَدَاقًا كَانَ أَوْ دُخُولًا بِشَرْطَيْنِ، أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ) الْحُلُمَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مُجَرَّدُ إطَاقَةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ كَمَالِ لَذَّتِهَا بِهِ وَعَكْسُهُ (وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ لَهُ سِنٌّ مُعَيَّنٌ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبَنَاتِ مِنْ وُفُورِ الْجِسْمِ وَنَحَافَتِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا

ص: 425

وَتُمْهَلُ سَنَةً إنْ اُشْتُرِطَتْ لِتَغْرِبَةٍ أَوْ صِغَرٍ، وَإِلَّا بَطَلَ؛ لَا أَكْثَرَ،

ــ

[منح الجليل]

الْحُلُمَ لِكَمَالِ اللَّذَّةِ بِهَا بِدُونِهِ مَتَى أَمْكَنَ وَطْؤُهَا وَبُلُوغُ الزَّوْجِ شَرْطٌ فِي الْجَبْرِ، سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا، وَإِمْكَانُ وَطْئِهَا شَرْطٌ فِيهِ طَالِبَةً كَانَتْ أَوْ مَطْلُوبَةً، وَفِي مَفْهُومِ هَذَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ إمْكَانِهِ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ بَلَغَتْ بِهِ السِّيَاقَ فَلَا جَبْرَ، وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ السِّيَاقَ فَالْجَبْرُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

وَهَذَا فِي الصَّدَاقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ. أَبُو الْحَسَنِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مَضْمُونًا فَلَا تَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ بَالِغًا وَهِيَ فِي سِنِّ مَنْ يُبْنَى بِهَا، وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُ الثَّمَنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمَثْمُونِ إلَّا تَعْجِيلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِقَدْرِ مَا تَتَشَوَّرُ فِيهِ بِهِ.

(وَتُمْهَلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الزَّوْجَةُ أَيْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ الَّذِي بَادَرَ بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ وَطَلَبَ الدُّخُولَ وَهُوَ بَالِغٌ وَهِيَ مُطِيقَةٌ عَلَى إمْهَالِهَا (سَنَةً إنْ اُشْتُرِطَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ السَّنَةُ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِهَا (لِتَغْرِبَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ إرَادَةِ الزَّوْجِ الِانْتِقَالَ بِهَا لِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهَا (أَوْ) لِ (صِغَرٍ) يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مَعَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ السَّنَةُ فِي الْعَقْدِ وَذُكِرَتْ بَعْدَهُ أَوْ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ لِغَيْرِ تَغْرِبَةٍ وَصِغَرٍ (بَطَلَ) الشَّرْطُ فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى التَّوْفِيَةِ بِهِ، وَعَطَفَ عَلَى سَنَةٍ بِلَا فَقَالَ (لَا أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ مَا اُشْتُرِطَ لَا الزَّائِدَةُ عَنْ السَّنَةِ فَقَطْ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ قَطْعًا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الَّتِي شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا إلَى سَنَةٍ إنْ كَانَ لِصِغَرٍ أَوْ لِاسْتِمْتَاعِ أَهْلِهَا مِنْهَا لِتَغْرِبَةٍ بِهَا، فَذَلِكَ لَازِمٌ وَإِلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ اهـ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ خَمْسَ سِنِينَ قَالَ بِئْسَمَا صَنَعُوا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَهُ الْبِنَاءُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَاسْتُشْكِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ إذْ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَشَرْطِ أَنْ

ص: 426

وَلِلْمَرَضِ وَالصِّغَرِ الْمَانِعَيْنِ مِنْ الْجِمَاعِ

ــ

[منح الجليل]

لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا مَثَلًا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إشَارَةٌ إلَى جَوَابِهِ وَنَصُّهُ لِمَا كَانَ الْبِنَاءُ قَدْ يُحْكَمُ بِتَأْخِيرِهِ إذَا دَعَتْ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ أَلْزَمَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الشَّرْطَ فِيمَا قَرُبَ كَالسَّنَةِ لِأَنَّهَا حَدٌّ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْعِلْمِ كَالْعَيْبِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُهْدَةِ.

(وَ) تُمْهَلُ (لِلْمَرَضِ) بِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَالصِّغَرِ) بِهَا (الْمَانِعَيْنِ عَنْ الْجِمَاعِ) لِانْقِضَائِهِمَا وَإِنْ زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِمَا وَتَبِعَ فِي الْمَرَضِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ لِلْمَرَضِ إلَّا إذَا بَلَغَتْ السِّيَاقَ، وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا وَمَرَضُهُ الْبَالِغُ حَدَّهُ كَمَرَضِهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ تَبِعَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْحَطّ وَنَصُّهُ وَأَمَّا إمْهَالُ الزَّوْجَةِ لِلْمَرَضِ إذَا طَلَبَتْهُ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَةَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ إذَا دَعَتْ الزَّوْجَ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، قَالَ وَمَنْ دَعَتْهُ زَوْجَتُهُ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ وَأَحَدُهُمَا مَرِيضٌ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْجِمَاعِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْفِقَ أَوْ يَدْخُلَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرَضًا بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ اهـ ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَلَمْ أَطَّلِعْ الْآنَ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ اهـ.

وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قُصُورٌ لِنَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ إذَا كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا مَعَهُ، وَهِيَ حِينَئِذٍ كَالصَّغِيرَةِ أَبُو الْحَسَنِ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْحَطّ هُوَ إمْهَالُ الزَّوْجَةِ إذَا طَلَبَتْهُ لِمَرَضِهَا وَلَيْسَ مَسْأَلَةَ الْمُتَيْطِيِّ، فَلَا قُصُورَ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْهَلُ فِيهِ أَحَدُهُمَا يُمْهَلُ فِيهِ الْآخَرُ. الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ اعْتِرَاضَهُ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ اغْتِرَارٌ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّهْذِيبِ، وَنَصُّ الْأُمِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْجِمَاعِ فِيهِ لَزِمَتْ النَّفَقَةُ. قُلْتُ إنْ مَرِضَتْ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ فِيهِ الزَّوْجُ عَلَى وَطْئِهَا، قَالَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ لَهَا دُعَاؤُهُ لِلْبِنَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي السِّيَاقِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ.

ص: 427

وَقَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهَا أَمْرَهَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ

ــ

[منح الجليل]

عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ الْخِلَافُ لِشَرْطِهِ أَوَّلًا إمْكَانَ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ ثَانِيًا. وَعَلَيْهِ حَمَلَ اللَّخْمِيُّ، وَحَمَلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ عَلَى الْوِفَاقِ. اهـ. فَالْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ لَمْ يُخَالِفُوا الْمُدَوَّنَةَ بَلْ تَبِعُوا اللَّخْمِيَّ فِي حَمْلِ الْكَلَامِ الَّذِي بَلَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ. قُلْتُ هُوَ وَإِنْ تَبِعَ اللَّخْمِيَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْمُقَيَّدَ بِحَدِّ السِّيَاقِ أَرْجَحُ لِصَرَاحَتِهِ وَلِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ زَادَ بَعْدَهُ فِي الْأُمَّهَاتِ وَهُوَ رَأْيِي كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكٌ فِي مُخَالَفَتِهِ.

(وَ) تُمْهَلُ (قَدْرَ مَا) أَيْ زَمَنَ أَوْ الزَّمَنَ الَّذِي (يُهَيِّئُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ فَهَمْزٌ أَيْ يُجَهِّزُ وَيُحَضِّرُ (مِثْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَاعِلُ يُهَيِّئُ (أَمْرَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَفْعُولُ يُهَيِّئُ بِشِرَاءِ وَعَمَلِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَحَضَرٍ وَبَدْوٍ، وَكَذَا يُمْهَلُ هُوَ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي زَمَنِ التَّهْيِئَةِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، فَمَا يُكْتَبُ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ مِنْ نَحْوِ وَفُرِضَ لَهَا كَذَا فِي نَظِيرِ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهِ لَا يُعْتَبَرُ إذْ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ إلَّا بِدُعَائِهِ لِلدُّخُولِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَتُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ فِيهِ مَثَلُهَا أَمْرَهَا فِي كُلِّ حَالٍ.

(إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الزَّوْجُ (لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ) فَيُقْضَى لَهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْإِمْهَالِ بِقَدْرِ التَّهْيِئَةِ وَسَوَاءٌ مَطَلَهُ وَلِيُّهَا بِالدُّخُولِ أَمْ لَا كَانَ حَلِفُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ، إذْ حَذْفُ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِعُمُومِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِحَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَبِمَطْلِ الْوَلِيِّ نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ، وَلَا يُعْتَبَرُ حَلِفُ الزَّوْجَةِ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ جَبْرَهُ عَلَى الدُّخُولِ إنْ حَلَفْت لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلَةَ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَى جَبْرِهِ لَهَا إذَا بَادَرَتْ جَبْرَهُ عَلَى دَفْعِ حَالِّ الصَّدَاقِ لَا عَلَى الدُّخُولِ.

ص: 428

لَا لِحَيْضٍ

وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أُجِّلَ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ،

ــ

[منح الجليل]

وَلَا يُعَارِضُ مَا فِي أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يُهَيِّئُ فِيهِ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الدُّخُولِ قَبْلَهُ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إمْهَالَهُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ أَمْرَهُ إنَّمَا هُوَ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا دَعَتْهُ لَهُ إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى إجْرَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّصُّ، فَكَلَامُ أَحْمَدَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ عَلَى دُخُولِهِ اللَّيْلَةَ لَيَطَأَهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُمَكَّنْ مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهَا لِحِنْثِهِ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْهُ إذْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى مُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا قَوْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ.

(لَا) تُمْهَلُ (لِحَيْضٍ) بِهَا أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ بِأَنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَمَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ أَوْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَتِهَا فَلَا تُمْهَلُ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةُ لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ.

(وَإِنْ) دَعَتْ زَوْجَهَا لِلدُّخُولِ بِهَا وَطَلَبَتْ حَالَّ الصَّدَاقِ فَ (لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، وَادَّعَى الْعَدَمَ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ (أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ الزَّوْجُ أَيْ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ (لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ فَقْرِ الزَّوْجِ فَيُؤَجَّلُ (ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ) ظَاهِرُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ يُؤَجَّلُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

ابْنُ عَرَفَةَ لَيْسَ هَذَا التَّحْدِيدُ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ لِاتِّفَاقِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا فَسَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أُخِذَ الْمَهْرُ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَأُمِرَ بِالْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُطَالَبَةُ، وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلِتَأْجِيلِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ وَجْهٍ خَشْيَةَ تَغَيُّبِهِ وَإِلَّا سُجِنَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَا يَلْزَمُهُ

ص: 429

ثُمَّ تُلُوِّمَ بِالنَّظَرِ، وَعُمِلَ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ

ــ

[منح الجليل]

حَمِيلٌ بِالْمَالِ وَإِنْ طَلَبَتْهُ بِلَا تَأْجِيلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ وَتَتْرُكُ، وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِهَذَا، وَوَافَقَ عَلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ. الثَّالِثُ: أَنْ يُجْرِيَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ بِلَا تَأْجِيلٍ عَلَى الرَّاجِحِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْأَجَلُ. الْمُصَنِّفُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَالْعُهْدَةِ وَالْكِرَاءِ.

(ثُمَّ) إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ (تُلُوِّمَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِ الْوَاو مُشَدَّدَةً أَيْ زِيدَ لَهُ فِي الْأَجَلِ (بِالنَّظَرِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فِي الْأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فَقَدْ سَكَتُوا عَنْ حُكْمِهِ وَالظَّاهِرُ حَبْسُهُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ قَالَهُ الْحَطّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَلَسِ، وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يُسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ سَجْنُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ. اهـ. فَيَجْرِي مِثْلُهُ هُنَا بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ يَتَّجِهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ مَا وَجْهُ تَحْدِيدِهِمْ مُدَّةَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ بِثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا حَبْسٌ إلَى أَنْ يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ وَعَدَمُ جَرَيَانِ مِثْلِهِ فِي الْمَدِينِ اهـ.

وَجَوَابُهُ أَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَيُكَارَمُ الزَّوْجُ بِتَأْجِيلِهِ بِثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ قَبْلَ حَبْسِهِ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَأِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ حَيْثُ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ لَهَا ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، وَمَعْلُومُ الْمَلَأِ يُعْطِيهَا أَوْ تَطْلُقُ عَلَيْهَا لِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَا كَانَ بِيَدِهِ فَيُهْمَلُ مُدَّةً لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ فِي جَوَابِهِ نَظَرٌ فَقَدْ مَرَّ لَهُ نَفْسُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ يُحْبَسُ فِي الْأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَدِينِ.

(وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِنْدَ الْمُوَثَّقِينَ فِي التَّلَوُّمِ (بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ يُؤَجَّلُ أَوَّلًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَرْبَعَةً، ثُمَّ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ يُتَلَوَّمُ لَهُ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَتَى

ص: 430

وَفِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى وَصُحِّحَ وَعَدَمِهِ: تَأْوِيلَانِ، ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ

وَوَجَبَ نِصْفُهُ، لَا فِي عَيْبٍ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ، وَإِنْ حَرُمَ

ــ

[منح الجليل]

بِشَيْءٍ وَإِلَّا عَجَّزَهُ، وَإِنَّمَا حَدَّدْنَا التَّأْجِيلَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا اسْتِحْسَانًا (وَفِي) وُجُوبِ (التَّلَوُّمِ لِمَنْ) ثَبَتَ عُسْرُهُ وَ (لَا يُرْجَى) يَسَارُهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ قَدْ يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ التَّلَوُّمُ لِمَنْ لَا يُرْجَى يُسْرُهُ بِهِ أَيْ صَوَّبَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعِيَاضٌ.

(وَعَدَمِهِ) أَيْ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَتَأَوَّلَ فَضْلٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ ثُمَّ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ (طُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِلُزُومِهِ، فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا تَلَوُّمٍ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ.

(وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَهْرِ أَوْ الَّذِي طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ (نِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ يَدْفَعُهُ إنْ أَيْسَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237](لَا) يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ طُلِّقَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي) أَيْ بِسَبَبِ (عَيْبٍ) مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ بِهِ أَوْ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ اطِّلَاعِهَا عَلَى عَيْبِهِ وَإِرَادَتِهَا رَدَّهُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْخِيَارِ وَمَعَ الرِّدَّةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ، وَنُكْتَتُهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَهْرِ وَالْعَيْبِ وَحِكْمَتُهَا اتِّهَامُهُ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ.

(وَتَقَرَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ثَبَتَ كُلُّ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِوَطْءٍ) مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ إنْ جَازَ بَلْ (وَإِنْ حَرُمَ) الْوَطْءُ كَفِي حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ دُبُرٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِسُقُوطِهِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ لِاسْتِيفَائِهِ سِلْعَتَهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّقَرُّرِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ بِالْعَقْدِ شَيْئًا

ص: 431

وَمَوْتِ وَاحِدٍ، وَإِقَامَةِ سَنَةٍ

وَصُدِّقَتْ

ــ

[منح الجليل]

مِنْ الْمَهْرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ نِصْفَهُ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ جَمِيعَهُ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ مُتَزَلْزِلٌ مُتَعَرِّضٌ لِسُقُوطِهِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ، وَمُرَادُهُ الْوَطْءُ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَلَوْ بِدُونِ انْتِشَارٍ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي. وَفِي النَّوَادِرِ فِي الَّذِي افْتَضَّ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَهُوَ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَعَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَدَبُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ فِي الْكَبِيرَةِ وَدِيَةُ الصَّغِيرَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيُؤَدَّبُ فِي الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا.

وَإِنْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ، أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي إلْزَامِهِ بِافْتِضَاضِهِ إيَّاهَا بِأُصْبُعِهِ كُلَّ الْمَهْرِ أَوْ مَا شَأْنُهَا مَعَ نِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثُهَا إنْ رُئِيَ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ إلَّا بِمَهْرِ ثَيِّبٍ، الْأَوَّلُ: لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْهُ، وَالثَّانِي: لِسَمَاعِ أَصْبَغَ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ، وَالثَّالِثُ: لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ.

(وَ) تَقَرَّرَ بِ (مَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مَوْتِهِمَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ وَهِيَ غَيْرَ مُطِيقَةٍ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِتَسَمِّيهِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فِي التَّفْوِيضِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَطَلَاقِهِ قَبْلَهَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَوْتِ وَاحِدٍ قَتْلَهَا نَفْسَهَا كَرَاهَةً فِي زَوْجِهَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي قَتْلٍ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ وَقَتْلُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بِقَوَدٍ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ وَأَخَذَهُ وَإِنْ قَتَلَهَا، وَالْمَوْتُ الْحُكْمِيُّ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَفْقُودِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي صَدَاقِهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَحْرَمٍ وَبِلَا وَلِيٍّ، فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ وَنِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ.

(وَ) تَقَرَّرَ بِسَبَبِ (إقَامَةِ سَنَةٍ) مِنْ الزَّوْجَةِ بِبَيْتِ زَوْجِهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا بِلَا وَطْءٍ مَعَ بُلُوغِهِ وَإِطَاقَتِهَا لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَتَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا

(وَ) إنْ اخْتَلَى الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِيهَا وَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَتْ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ

ص: 432

فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ، وَإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ.

وَفِي نَفْيِهِ وَإِنْ سَفِيهَةً وَأَمَةً وَالزَّائِرُ مِنْهُمَا

ــ

[منح الجليل]

الدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ (فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) مِنْ الْهَدْءِ أَيْ السُّكُونِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْدَى لِلْآخَرِ وَسَكَنَ لَهُ وَاطْمَأَنَّ لَهُ وَعُرِفَتْ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ إرْخَاءُ سُتُورٍ أَوْ غَلْقُ بَابٍ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْكَارُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ إنْ بَلَغَتْ وَلَوْ سَفِيهَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ أَوْ ثَبَتَتْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَتْ اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَالِحًا، وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ. وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً حَلَفَ الزَّوْجُ وَغَرِمَ نِصْفَهُ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِبُلُوغِهَا، فَإِنْ حَلَفَتْ بَعْدَهُ اسْتَحَقَّتْهُ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا وَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَانِيَةً، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا حَلَفَ وَارِثُهَا وَاسْتَحَقَّهُ وَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَتُصَدَّقُ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ.

بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) مِنْ الْوَطْءِ كَحَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ أَوَّلَ خَلْوَةٍ لَا يُفَارِقُهَا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لِصَلَاحِهِ. وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ إلَّا عَلَى مَنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ

(وَ) إنْ اخْتَلَى الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَتَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ فِيهَا صُدِّقَتْ (فِي نَفْيِهِ) أَيْ الْوَطْءِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً رَشِيدَةً.

بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) أَيْ بَالِغَةً لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (أَوْ أَمَةً) أَوْ صَغِيرَةً بِلَا يَمِينٍ عَلَى إحْدَاهُنَّ وَوَافَقَهَا الزَّوْجَ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِنْ خَالَفَهَا فِيهِ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ، لَوْ قَالَ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ أَمَةً لَكَانَ أَوْلَى لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا تُصَدَّقُ السَّفِيهَةُ وَالْأَمَةُ (وَ) صُدِّقَ الشَّخْصُ (الزَّائِرُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فِي شَأْنِ الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا، إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا، عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، فَإِنْ زَارَتْهُ صُدِّقَتْ فِي دَعْوَى وَطْئِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ نَفْيُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَإِنْ زَارَهَا صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ دَعْوَاهَا ثُبُوتَهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي بَيْتِهَا بِيَمِينٍ فِيهَا، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ

ص: 433

وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ أُخِذَ، إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً، وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ الرَّشِيدُ كَذَلِكَ؟ أَوْ إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا؟ تَأْوِيلَانِ

ــ

[منح الجليل]

وَإِنْ صُدِّقَ قَوْلُهُ وَالزَّائِرُ مِنْهُمَا بِدَعْوَاهَا عَدَمُ الْوَطْءِ وَدَعْوَاهُ الْوَطْءَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الزَّائِرُ صُدِّقَ فِي عَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةُ صُدِّقَتْ فِي الْإِثْبَاتِ.

وَإِنْ زَارَهَا وَادَّعَى وَطْأَهَا وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ، وَكَذَا إنْ زَارَتْهُ وَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَكَذَّبَهَا، فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي عَدَمِهِ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ، فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ، لِأَنَّ الزَّائِرَ إمَّا هُوَ وَإِمَّا هِيَ وَإِمَّا هُمَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الزَّائِرُ الْوَطْءَ أَوْ عَدَمَهُ وَإِنْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ بَيْتَ أَحَدِهِمَا فَتُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّ الشَّأْنَ نَشَاطُهُ لَهُ فِيهِ.

(وَإِنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فَقَطْ) أَيْ لَا الزَّوْجَةُ فَأَنْكَرَتْهُ (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الزَّوْجُ بِإِقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ لَمْ تَثْبُتْ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كُلُّهُ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) حُرَّةً أَوْ أَمَةً بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً.

(وَهَلْ إنْ أَدَامَ) الزَّوْجُ (الْإِقْرَارَ) بِالْوَطْءِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ تَكُونُ الزَّوْجَةُ (الرَّشِيدَةُ) أَيْ الْبَالِغَةُ الْحُرَّةُ الَّتِي تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ السَّفِيهَةِ فِي أَخْذِ الزَّوْجِ بِإِقْرَارِهِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَهْرِهَا، سَوَاءٌ كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ لِاحْتِمَالِ وَطْئِهَا نَائِمَةً أَوْ غَائِبَةَ الْعَقْلِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ، وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَخْذِهِ بِإِقْرَارِهِ عَدَمُ تَكْذِيبِهَا كَشَرْطِهِ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهَا، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ سَكَتَتْ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ، فَفِي مَفْهُومِ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ تَفْصِيلٌ.

(أَوْ) إنَّمَا يُؤْخَذُ بِهِ (إنْ كَذَّبَتْ) الرَّشِيدَةُ (نَفْسَهَا) فِي نَفْيِهَا الْوَطْءَ وَرَجَعَتْ لِإِثْبَاتِهِ قَبْلَ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَنْهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ كَاسْتِمْرَارِهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى

ص: 434

وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، أَوْ مُقَوَّمٍ بِهِمَا،

ــ

[منح الجليل]

طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَكَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَّبَتْهُ فَهُوَ مَحَلُّهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بِرُجُوعِهَا لِدَعْوَاهُ وَهُوَ مُدِيمٌ لِإِقْرَارِهِ فَيُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَكَذَّبَتْهُ فَلَهَا أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ نِصْفِهِ.

أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ رَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهَا أَخْذُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ حَتَّى تُصَدِّقَهُ، فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى الْوِفَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ صُدِّقَ إنْ سَبَقَتْ بِالرُّجُوعِ لِقَوْلِهِ وَجَبَ لَهَا كُلُّ الْمَهْرِ دُونَ يَمِينٍ أَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ نَزَعَ عَنْهُ، وَإِنْ سَبَقَ بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِهَا سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا أَوْ نَزَعَتْ. وَقِيلَ لَهَا أَخْذُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ وَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى إنْكَارِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ. اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) صَدَاقُهُ (عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ وَزْنُهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنْ وَسَطِ الشَّعِيرِ (أَوْ) عَنْ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْهُ (خَالِصَةٍ) مِنْ خَلْطِهَا بِغَيْرِ الْفِضَّةِ، وَكَذَا رُبْعُ الدِّينَارِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ خُلُوصُهُ (أَوْ) عَنْ عَرْضٍ (مُقَوَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً (بِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ رُبْعِ الدِّينَارِ أَوْ ثَلَاثَةِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا يَوْمَ الْعَقْدِ صَحَّ النِّكَاحُ بِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْآخِرَةِ.

ابْنُ عَرَفَةَ وَأَكْثَرُ الْمَهْرِ لَا حَدَّ لَهُ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرُجُوعُهُ عَنْهُ لِإِنْصَافِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ. أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَكْثَرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] الْآيَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْجَلَّابِ لَا أُحِبُّ الْإِغْرَاقَ فِي كَثْرَتِهِ. قُلْت لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَسْهِيلُ أَمْرِهَا أَوْ تَيْسِيرُ أَمْرِهَا وَقِلَّةُ

ص: 435

وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ: فُسِخَ،

ــ

[منح الجليل]

صَدَاقِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَأَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي وَمِنْ شُؤْمِهَا تَعْسِيرُ أَمْرِهَا وَكَثْرَةُ صَدَاقِهَا» ، أَخْرَجَهُ الْحَافِظَانِ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَأَقَلُّهُ الْمَشْهُورُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا، وَقِيلَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطْ. اللَّخْمِيُّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نِصَابِ السَّرِقَةِ قَالَ وَلِابْنِ وَهْبٍ يَجُوزُ بِالدِّرْهَمِ وَالسَّوْطِ وَالنَّعْلَيْنِ، وَعَزَى الْمُتَيْطِيُّ الثَّانِيَ لِابْنِ شَعْبَانَ، وَزَادَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجُوزُ بِأَدْنَى دِرْهَمَيْنِ وَبِمَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ، وَفِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَصَدَاقٍ، وَمَنْ نَكَحَ بِأَقَلِّ أَقَلِّهِ أَتَمَّهُ وَإِلَّا فُسِخَ فِيهَا إنْ نَكَحَ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ مَا يُسَاوِيهِمَا، وَلَمْ يَبْنِ أَتَمَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فُسِخَ. قُلْت لِمَ أَجَزْته، قَالَ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَجَازَ هَذَا الصَّدَاقَ.

(وَأَتَمَّهُ) أَيْ كَمَّلَ الزَّوْجُ مَا ذُكِرَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) بِالزَّوْجَةِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى نَقْصِ صَدَاقِهِ عَمَّا ذُكِرَ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ خُيِّرَ بَيْنَ إتْمَامِهِ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا وَعَدَمِهِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا يُفْسَخُ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ) أَيْ الزَّوْجُ الْمَهْرَ رُبْعَ دِينَارٍ إلَخْ (فُسِخَ) النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ مَا سَمَّاهُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ الْإِنْكَاحُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفِهِمَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِسَائِرِ مَا يُحْكَمُ بِفَسْخِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مُنَاقِضٌ لِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ إلَخْ، إذْ مُقْتَضَاهُ فَسَادُهُ قَطْعًا ابْتِدَاءً.

وَجَوَابُ الْمُنَاقَضَةِ أَنَّ آخِرَهُ مُقَيِّدٌ لِأَوَّلِهِ، أَيْ مَحَلُّ فَسَادِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَنْقُصُهُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ إتْمَامِهِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا فَسَادَ، وَإِنْ كَانَ لَا نَظِيرَ لَهُ فِيمَا فَسَدَ قَبْلَهُ فَإِطْلَاقُ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ. وَأَمَّا وُجُوبُ إتْمَامِهِ بَعْدَهُ فَظَاهِرٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إنْ بَنَى لَزِمَهُ إتْمَامُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ إنْ أَرَادَ الْبِنَاءَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ

ص: 436

أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَحُرٍّ، أَوْ بِإِسْقَاطِهِ، أَوْ كَقِصَاصٍ،

ــ

[منح الجليل]

فُسِخَ إنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ، إلَّا أَنْ تَقُومَ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا لِتَضَرُّرِهَا بِبَقَائِهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لُزُومِ نِصْفِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي فَسْخِهِ نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْجَلَّابُ مَعَ التِّلِمْسَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. ابْنُ مُحْرِزٍ صَوَّبَ الْقَابِسِيُّ الْأَوَّلَ وَابْنُ الْكَاتِبِ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ يُجْبَرُ بِخِلَافِ لَوْ طَلَّقَ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ الَّذِي (لَا يُمْلَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ وَلَوْ لِذِمِّيَّةٍ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا شَرْعًا لِخِطَابِهَا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهَا مِنْهَا فَلَوْ قَبَضَتْهَا وَاسْتَهْلَكَتْهَا فَلَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِيمَا قَبَضَتْهُ وَاسْتَهْلَكَتْهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ وَهُوَ أَحْسَنُ لِقَبْضِهَا حَقَّهَا مُسْتَحِلَّةً لَهُ، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَحُرٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ ضِدُّ الرِّقِّ، فَإِنْ أَنْفَقَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ رَجَعَتْ بِعِوَضِهَا عَلَى الزَّوْجِ كَمَنْ بَاعَ دَارًا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، وَمِثْلُ مَا لَا يُمْلَكُ مَا لَا يُبَاعُ كَجِلْدِ ضَحِيَّةٍ وَمَيْتَةِ مَدْبُوغٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ أَوْ بِمَا لَا يُبَاعُ. طفي وَهِيَ أَشَدُّ مِنْ عِبَارَةِ أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الْجَوَازَ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (بِ) شَرْطِ (إسْقَاطِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِصَدَاقٍ صَحِيحٍ ثُمَّ أُسْقِطَ فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَسَيَأْتِي، وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ مَا يُصْدِقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ، ثُمَّ تَهَبُهُ لَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا لَيْسَ مَالًا (كَ) إسْقَاطِ (قِصَاصٍ) ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ بَنَى أَمْ لَا، وَيَرْجِعُ بِالدِّيَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قِرَاءَتَهُ لَهَا قُرْآنًا بَعْدَ الْعَقْدِ تَسْمَعُهُ أَوْ يُهْدِي ثَوَابَهُ لَهَا أَوْ لِنَحْوِ أُمِّهَا. وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ

ص: 437

أَوْ آبِقٍ، أَوْ دَارِ فُلَانٍ، أَوْ سَمْسَرَتِهَا

أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ

ــ

[منح الجليل]

قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمٍ بِأَحَدِهِمَا وَقَرَأَ وَتَرَتَّبَ لَهُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهَا فَتَزَوَّجَهَا بِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَعِتْقُهُ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ صَدَاقَهَا وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَضَى بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا فِيهِ غَرَرٌ شَدِيدٌ كَرَقِيقٍ (آبِقٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ جَنِينٍ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ (أَوْ دَارِ فُلَانٍ) أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ عَرْضِهِ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ وَيُسَلِّمُهُ لَهَا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِلْغَرَرِ الشَّدِيدِ، إذْ قَدْ لَا يَرْضَى فُلَانٌ بِبَيْعِ شَيْئِهِ وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ (أَوْ) يَتَزَوَّجُهَا بِ (سَمْسَرَتِهَا) أَيْ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا إنْ كَانَتْ لَهَا أَوْ شِرَائِهَا إنْ كَانَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِلْغَرَرِ، إذْ قَدْ يُسَمْسِرُ عَلَيْهَا وَلَا تُبَاعُ. وَأَمَّا إنْ سَمْسَرَ لَهَا عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ وَلَزِمَتْهَا أُجْرَتُهُ وَكَانَتْ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا فَتَزَوَّجَهَا بِهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ (بَعْضُهُ) وَأَوْلَى كُلُّهُ (لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ افْتِرَاقِهِمَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاتِّفَاقِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمَجْهُولِ أَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِتَعْجِيلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ بِمَعْلُومٍ وَصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ دُخُولُهُمَا عَلَيْهِ بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ، أَوْ اُحْتُمِلَ دُخُولُهُمَا عَلَيْهِ وَعَدَمُهُ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ وَبِعَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَعُلِمَ عَدَمُ دُخُولِهِمَا عَلَيْهِ بِالنَّصِّ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَ (لَمْ يُقَيَّدْ) بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ (الْأَجَلُ) كَمَتَى شِئْت وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ جَرَى بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَدْفَعُ الصَّدَاقَ فِيهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ زَمَنَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا. تت تُغْنِي الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ لِجَهْلِ أَجَلِ بَعْضِهِ فَفَسَادُهُ لِجَهْلِ أَجَلِ كُلِّهِ بِالْأَوْلَى

ص: 438

أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً

ــ

[منح الجليل]

وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مُطْلَقًا كَأَتَزَوَّجُكِ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَهَا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَتُعَجَّلُ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَشَرْحِهِ أَفَادَهُ عب.

طفي قَوْلُهُ كَمَتَى شِئْت لَيْسَ هَذَا الْمُرَادَ، بَلْ الْمُرَادُ لَمْ يُؤَرِّخْ الْأَجَلَ الْكَالِئَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا مَتَى شِئْت فَيَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ الْمَرْأَةُ بِهِ وَهُوَ الْآنَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ لَا يَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ مَلِيئًا جَازَ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَوْنُهُ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ كَكَوْنِهِ إلَى مَيْسَرَةٍ. اهـ. وَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَهُ هُوَ الَّذِي تُعْطِيهِ عِبَارَتُهُ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَوْلَى وَلَا يُحْتَاجُ لِتَكَلُّفِ جَوَابٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا إذَا تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ تَأْخِيرِهِ قَصْدًا.

أَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي الْكَوَالِئِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُضْرَبْ لَهُ أَجَلٌ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُهُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بِخِيَارٍ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ " ق " عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إلَخْ نَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إنْ اتَّفَقَ هَذَا فِي زَمَنِنَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْكَالِئِ فَيَكُونُ الزَّوْجَانِ قَدْ دَخَلَا عَلَى الْكَالِئِ وَلَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا. اهـ. وَانْظُرْ الْفَائِقَ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَ (زَادَ) أَجَلُهُ (عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) صَوَابُهُ إسْقَاطُ زَادَ وَأَنْ يَقُولَ أَوْ بِخَمْسِينَ سَنَةً فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا هَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ " ق " خِلَافُ مَا فِي الشَّارِحِ وتت أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَرْبَعِينَ. وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُرَادَهُ زَادَ عَلَى الدُّخُولِ فِي خَمْسِينَ بِأَنْ حَصَلَ تَمَامُهَا وَالظَّاهِرُ الْفَسْخُ فِي الْمُؤَجَّلِ بِخَمْسِينَ سَنَةً، وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهَا عُمْرُهَا عَادَةً وَعَدَمُ فَسْخِ الْمُؤَجَّلِ بِأَقَلَّ مِنْهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِيَسِيرٍ جِدًّا وَطَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ عَجَّلَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، أَمَّا إذَا عَجَّلَ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ

ص: 439

أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ: كَخُرَاسَانَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ.

وَجَازَ كَمِصْرِ مِنْ الْمَدِينَةِ لَا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ؛ إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا

وَضَمِنْته بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ فَاتَ

ــ

[منح الجليل]

وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ بِخَمْسِينَ سَنَةً فَالْمَأْخُوذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْفَسَادَ هُنَا بِمَظِنَّةِ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِ) صَدَاقٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ مُشَدَّدَةً عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (بَعِيدٍ) جِدًّا (كَخُرَاسَانَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِرَاءٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ اسْمُ بَلَدٍ بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلْغَرَرِ، إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يُدْرَكُ عَلَى صِفَتِهِ أَوْ لَا.

(وَجَازَ) النِّكَاحُ بِمُعَيَّنٍ غَائِبٍ غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً (كَمِصْرِ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ إذْ الْمُرَادُ الْبَلْدَةُ الْمُعَيَّنَةُ (مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهِ (لَا) يَصِحُّ إنْ وَقَعَ (بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْضِ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ الْغَائِبِ غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً إذَا كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (إلَّا) الْمُعَيَّنَ الْغَائِبَ (الْقَرِيبَ) قُرْبًا (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، كَيَوْمَيْنِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهِ وَلَوْ شَرَطَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ، وَهَذَا إنْ وَصَفَ أَوْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَلَمَّا لَمْ يُمَثِّلْ لِلْقَرِيبِ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ جِدًّا، وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْيِيدِ الْبَعِيدِ بِهِ بِالْمِثَالِ.

(وَضَمِنَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ، فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةُ الْفَاسِدَةُ (بَعْدَ الْقَبْضِ) فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَرُدُّ الصَّدَاقَ إنْ لَمْ يَفُتْ وَعِوَضَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ (إنْ فَاتَ) الصَّدَاقُ بِيَدِهَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى، وَإِنْ بَنَى بِهَا رَدَّتْ الصَّدَاقَ الْمَمْنُوعَ أَوْ عِوَضَهُ وَرَجَعَتْ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَضَى النِّكَاحُ، وَهَذَا فِي الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ، وَأَمَّا

ص: 440

أَوْ بِمَغْصُوبٍ عَلِمَاهُ لَا أَحَدُهُمَا

أَوْ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ: كَدَارٍ دَفَعَهَا

ــ

[منح الجليل]

الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَإِنْكَاحِهَا نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ فَضَمَانُ صَدَاقِهِ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ كَالصَّحِيحِ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ. طفي لَيْسَ الْفَوَاتُ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ فِيهِ، وَالْفَوَاتُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، أَيْ وَتُرَدُّ قِيمَتُهُ إنْ فَاتَ فَقَوْلُهُ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ أَحْسَنُ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَضْمَنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ كَالسِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَلِذَا لَوْ فَاتَ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ كَانَ لَهَا وَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ اهـ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِ) شَيْءٍ (مَغْصُوبٍ) مِنْ مَالِكِهِ (عَلِمَاهُ) أَيْ الزَّوْجَانِ الْمَغْصُوبَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ وَهُمَا رَشِيدَانِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّ غَيْرِ الرَّشِيدِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا (لَا) يَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ تَزَوَّجَهَا بِمَغْصُوبٍ عَلِمَهُ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَالِمُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِ الْمَهْرِ، وَإِذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الصَّدَاقَ فَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ.

(أَوْ) وَقَعَ النِّكَاحُ (بِاجْتِمَاعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (مَعَ) عَقْدِ (بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا، وَعُلِّلَ الْفَسَادُ بِالْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ الْبُضْعَ، وَبِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَغَيْرَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلنِّكَاحِ مَا يَخُصُّهُ أَمْ لَا وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَقَطْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهَا فَفِيهِ الْقِيمَةُ، فَإِنْ بَنَى ثَبَتَ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْبَيْعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ لِتَبَعِيَّتِهِ لِلنِّكَاحِ الْمَقْصُودِ، وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ بَيْعٌ فَاسِدٌ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ بِلَا مُفَوِّتٍ.

ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَوْتُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ الْجُلُّ فَوْتًا لِلسِّلْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَفَوَّتَهَا وَهِيَ الْجُلُّ لَيْسَ فَوْتًا لَهُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَمَثَّلَ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ (كَدَارٍ دَفَعَهَا)

ص: 441

هُوَ أَوْ أَبُوهَا، وَجَازَ مِنْ الْأَبِ فِي التَّفْوِيضِ

ــ

[منح الجليل]

أَيْ الدَّارَ (هُوَ) تَوْكِيدٌ لِلْمُسْتَتِرِ فِي دَفَعَ لِإِرَادَتِهِ الْعَطْفَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةَ فِي نَظِيرِ عِصْمَتِهَا، وَمِائَةُ دِينَارٍ مَثَلًا مِنْ مَالِهَا فَبَعْضُ الدَّارِ مُقَابِلٌ لِلْعِصْمَةِ وَعَقْدُهُ نِكَاحٌ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمِائَةِ، وَعَقْدُهَا بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَفَسَدَا.

(أَوْ) دَفَعَهَا (أَبُوهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَوْ هِيَ لِلزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مِائَةٍ مِنْ مَالِهِ لِلدَّارِ وَالْعِصْمَةِ فَبَعْضُ الْمِائَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَقْدُهُ نِكَاحٌ وَبَعْضُهَا لِلدَّارِ وَعَقْدُهُ بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.

(وَجَازَ) اجْتِمَاعُ النِّكَاحِ مَعَ الْبَيْعِ (مِنْ الْأَبِ) أَيْ أَبِ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهَا لِلزَّوْجِ أَوْ مِنْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَبِيهَا (فِي) نِكَاحِ (التَّفْوِيضِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ، وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا، أَقَامَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ تَزَوَّجْ بِنْتِي وَلَك هَذِهِ الدَّارُ فَجَائِزٌ، فَهَذِهِ لَيْسَتْ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَلَوْ لَمْ يُصْدِقْهَا الزَّوْجُ إلَّا هَذِهِ الدَّارَ. ابْنُ مُحْرِزٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِمَا أَعْطَاهُ مَعُونَتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صُورَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْعٌ، وَلَوْ قَالَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَهَا الدَّارَ بِمِائَةٍ جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ تُقَابِلُ الْمِائَةَ وَالدَّارُ صَدَاقُهَا، وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ قَالَ لِلزَّوْجِ أُزَوِّجُك وَلِيَّتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَك بِمِائَةٍ لَكَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ بَيْعُ دَارٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ بِبُضْعٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَجَازَ مِنْ الْأَبِ فِي التَّفْوِيضِ صَوَّرَهُ تت بِمَا نَصُّهُ بِأَنْ عَقَدَاهُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، وَقَالَ الْأَبُ تَزَوَّجْ ابْنَتِي وَلَك هَذِهِ الدَّارُ، قَالَ طفي تَصْوِيرُ تت هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهُ دَارًا جَازَ نِكَاحُهُ، وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْ ابْنَتِي بِخَمْسِينَ وَأُعْطِيك هَذِهِ الدَّارَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ. ابْنُ رُشْدٍ يَقُومُ مِنْهَا مَعْنًى خَفِيٌّ صَحِيحٌ وَهُوَ جَوَازُ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِخِلَافِ نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ اهـ. قَالَ طفي وَهَذَا هُوَ الَّذِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ، وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ بِجَوَازِهَا لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِمَّا فِي السَّمَاعِ لِلتَّصْرِيحِ بِالْبَيْعِ

ص: 442

وَجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا. وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى، أَوْ إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ؟

ــ

[منح الجليل]

فِيهَا، بِخِلَافِ مَا فِي السَّمَاعِ فَإِنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْعَطِيَّةِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي تَفْرِيقُ ابْنِ مُحْرِزٍ اهـ الْبُنَانِيُّ.

قُلْت مَا صَوَّرَ بِهِ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ هُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَعَقْلًا، أَمَّا نَقْلًا فَلِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ صَرَّحَ بِهِ بِنَفْسِهِ مُفَرِّعًا لَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَيَقُومُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنًى خَفِيٌّ وَصَحِيحٌ، وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ لَمْ يُسَمَّ فِيهِ صَدَاقٌ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي نِكَاحَ تَفْوِيضٍ عَلَى أَنْ أَبِيعَ مِنْك دَارِي بِكَذَا وَكَذَا. اهـ. مِنْ الْبَيَانِ فَقَوْلُ طفي يَحْتَاجُ إلَخْ، قُصُورٌ وَقَدْ غَرَّهُ فِي هَذَا اخْتِصَارُ ابْنِ عَرَفَةَ.

وَأَمَّا عَقْلًا فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَيْنُهَا أَنْكَحَهُ ابْنَتَهُ وَأَعْطَاهُ دَارًا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَقُومُ مِنْهَا، أَلَيْسَ جَعْلُ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلًا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْفَرْعِ وَلَيْسَ إلَّا مَا صَوَّرَ بِهِ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَوْلُ " ز " ابْنُ مُحْرِزٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا إلَخْ تَفْرِيقُ ابْنِ مُحْرِزٍ يَمْنَعُ قِيَاسَ ابْنِ رُشْدٍ فَهُوَ مُقَابِلُهُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَلَى مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(وَ) جَازَ (جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ) أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (سَمَّى) الزَّوْجُ الْمَهْرَ (لَهُمَا) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ تَسَاوَى الْمَهْرَانِ أَوْ لَا (أَوْ) سَمَّى (لِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلًا بَدَلٌ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا لِيَشْمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا الْقَوْلَانِ الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) جَوَازُ جَمْعِهِمَا مُطْلَقٌ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى، بَلْ (وَإِنْ شَرَطَ) الزَّوْجُ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا (تَزَوُّجَ الْأُخْرَى) حَيْثُ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا، أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَلِلْأُخْرَى صَدَاقُ مِثْلِهَا أَوْ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ مَحَلُّ الْخِلَافِ.

(أَوْ) جَوَازُهُ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ حَصَلَتْ التَّسْمِيَةُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ (إنْ سَمَّى) الزَّوْجُ (صَدَاقَ الْمِثْلِ) لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا

ص: 443

قَوْلَانِ. وَلَا يُعْجِبُ جَمْعُهُمَا، وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ وَالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَهُ؛ لَا الْكَرَاهَةِ

أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ: كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ،

ــ

[منح الجليل]

وَالْأُخْرَى تَفْوِيضًا، أَوْ إنْ نَكَحَهُمَا مَعًا تَفْوِيضًا فَإِنْ سَمَّى لِكُلٍّ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِوَاحِدَةٍ أَقَلَّ مِنْهُ وَالْأُخْرَى صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضًا فَلَا يَجُوزُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَيَتَّفِقُ عَلَى الْجَوَازِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ تَسْمِيَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَعَدَمُ تَسْمِيَتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَتَسْمِيَتُهُ لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَعَدَمُهَا لِلْأُخْرَى. وَمَوْضُوعُ الْقِسْمَيْنِ فِي شَرْطِهِ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِتَزَوُّجِ الْأُخْرَى فَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ سَمَّى إلَخْ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ إنْ شَرَطَ إلَخْ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ إنْ سَمَّى وَلَوْ حُكْمًا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ الْحُكْمِيَّةِ التَّفْوِيضُ، وَصَوَابُ قَوْلَانِ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُمَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ، الْأَوَّلُ لِابْنِ سَعْدُونٍ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ فَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ عَزْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) فِي الْمُدَوَّنَةِ (لَا يُعْجِبُ) أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (جَمْعُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ فِي مَهْرٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ أَوْ لِمَالِكَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا حُرَّةً وَالْأُخْرَى أَمَةً لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ (عَلَى التَّأْوِيلِ) لِقَوْلِهِ لَا يُعْجِبُنِي (بِالْمَنْعِ) أَيْ التَّحْرِيمِ (وَالْفَسْخِ) لِلنِّكَاحِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ صَدَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَجَمْعِ رَجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (لَا) عَلَى تَأْوِيلِهِ بِ (الْكَرَاهَةِ) التَّنْزِيهِيَّةِ الَّتِي أَوَّلَهُ بِهَا الْأَقَلَّ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَيُقْسَمُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقَيْ مِثْلِهِمَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ (تَضَمَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (إثْبَاتُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (رَفْعَهُ) أَيْ فَسْخَ النِّكَاحِ (كَدَفْعِ الْعَبْدِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بِأَنْ يُزَوِّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ مَعْلُومٍ وَيَدْفَعُهُ (فِي صَدَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ وَأَوْلَى جَعْلُهُ صَدَاقًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ،

ص: 444

وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ، أَوْ بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ، أَوْ بِأَلْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ: فَأَلْفَانِ بِخِلَافِ أَلْفٍ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَأَلْفَانِ.

ــ

[منح الجليل]

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا النِّكَاحُ وَمَلَكَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ إذْ مِنْ مَوَانِعِهِ الْمِلْكُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا (وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْضًا لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ لَا لِصَدَاقِهِ لِوُجُوبِ الْمُسَمَّى فِيهِ بِالدُّخُولِ، وَلَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِصَدَاقِهِ لَمْ يُفْسَخْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَوَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ.

أَبُو الْحَسَنِ وَيَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، إذْ هُوَ ضَامِنٌ عَنْهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ وَبَاعَهُ لِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ كَجِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَهَا إبْقَاؤُهُ فِي مِلْكِهَا. وَفِي الْمَعُونَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا إخْرَاجُهُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَلَذَّذَ بِهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَبَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ إنْ كَانَ وَطِئَهَا.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِدَارٍ) مَثَلًا (مَضْمُونَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَصَفَهَا أَوْ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَصِفْهَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَوَصَفَهَا وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا جَازَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ يَصِفُهَا إذْ بِذِكْرِ مَوْضِعِهَا تَتَعَيَّنُ، وَالْمُعَيَّنُ لَا تَقْبَلُهُ الذِّمَّةُ وَنَحْوُهُ يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ لَا زَوْجَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ) غَيْرُهَا حَالَ الْعَقْدِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلشَّكِّ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ حَالَ الْعَقْدِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِغَرَرٍ (بِخِلَافِ) تَزَوُّجِهَا بِ (أَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا.

(وَإِنْ) خَالَفَ الشَّرْطَ وَ (أَخْرَجَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (مِنْ بَلَدِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ تَزَوَّجَ) أَوْ تَسَرَّى الزَّوْجُ (عَلَيْهَا فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ الشَّكِّ

ص: 445

وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ. وَكُرِهَ، وَلَا الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ؛ إنْ خَالَفَ: كَإِنْ أَخْرَجْتُك: فَلَكَ أَلْفٌ. أَوْ أَسْقَطَتْ أَلْفًا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ؛ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ

ــ

[منح الجليل]

فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حَالَ عَقْدِهِ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَهُ وَعَدَمِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالتَّوْفِيَةُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَالشَّكُّ فِي قَدْرِهِ حَالَ عَقْدِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهِ بِالْبَحْثِ هَلْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ لَا، بِهَذَا فَرَّقَ فَضْلٌ بَيْنَهُمَا. وَعِبَارَةُ أَبِي الْحَسَنِ لِأَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا نَدْرِي مَا صَدَاقُهَا أَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا أَلْفَانِ أَوْ لَا فَلَهَا أَلْفٌ، وَهَذِهِ لَا غَرَرَ فِيهَا، وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ صَدَاقَهَا أَلْفٌ، وَإِنَّمَا شَرَطَ لَهَا إنْ فَعَلَ فِعْلًا زَادَهَا أَلْفًا فِي صَدَاقِهَا اهـ.

(وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الشَّرْطُ) أَيْ التَّوْفِيَةُ بِهِ وَتُسْتَحَبُّ وَمِنْهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَاشِطَةٍ أَوْ قَابِلَةٍ بِشَرْطِ خُرُوجِهَا لِصَنْعَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيُنْدَبُ وَقَدْ أُفْتِي بِهَذَا (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْقُدُومُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَعَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ.

(وَلَا) تَلْزَمُ الزَّوْجَ (الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ) الَّتِي عَلَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْطِ (إنْ خَالَفَ) الزَّوْجُ الشَّرْطَ بِأَنْ أَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا. فِي الْقَامُوسِ الْأَلْفُ مِنْ الْعَدَدِ مُذَكَّرٌ، وَلَوْ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ الدَّرَاهِمِ لَجَازَ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ (إنْ أَخْرَجْتُك) مِنْ بَلَدِك أَوْ بَيْتِك أَوْ تَزَوَّجْتُ أَوْ تَسَرَّيْتُ عَلَيْكِ (فَلَكِ) عَلَيَّ (أَلْفٌ) فَإِنْ أَخْرَجَهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، وَهَذَا لَيْسَ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَعَطَفَ عَلَى أَخْرَجْتُك فَقَالَ (أَوْ) إنْ سَمَّى لَهَا أَلْفَيْنِ حَالَ خِطْبَتِهَا وَ (أَسْقَطَتْ) الْمَخْطُوبَةُ الرَّشِيدَةُ عَنْ خَاطِبِهَا (أَلْفًا) مِنْهُمَا (قَبْلَ الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ (عَلَى) شَرْطِ (ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ إخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا أَوْ تَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا وَخَالَفَ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِهَا أَوْ تَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ.

(إلَّا أَنْ تُسْقِطَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ الزَّوْجَةُ عَنْ زَوْجِهَا (مَا) أَيْ شَيْئًا مِنْ

ص: 446

بَعْدَ الْعَقْدِ بِلَا يَمِينٍ مِنْهُ

أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي بِمِائَةٍ، وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ،

ــ

[منح الجليل]

صَدَاقِهَا الَّذِي (تَقَرَّرَ) لَهَا عَلَى زَوْجِهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا فَأَسْقَطَتْ عَنْهُ أَلْفًا مِنْهُمَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَإِنْ خَالَفَ بِإِخْرَاجِهَا أَوْ التَّزَوُّجِ أَوْ التَّسَرِّي عَلَيْهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ إنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ (بِلَا يَمِينٍ) بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ صَوْمِ شَهْرٍ، لَا بِمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِسُهُولَتِهَا (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا لَا يُخْرِجُهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَإِنْ أَسْقَطَتْ بِيَمِينٍ بِذَلِكَ وَخَالَفَ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حَلِفِهِ، وَقَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فَيَلْزَمُهُ مُوجِبُهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَوْمٍ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ مَثَلًا مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةٌ وَحَنِثَ بِالْمُخَالَفَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِسُهُولَتِهَا.

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَزَوَّجَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْقُرْبِ كَمَنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا، وَاعْتَرَضَهُ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ تَزَوَّجَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَغَيْرِهِمْ.

(أَوْ كَزَوِّجْنِي) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ فَسَدَ، وَأَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِعْلُ الشَّرْطِ وَهُوَ نَقْصٌ أَيْ فَسَدَ إنْ نَقَصَ، أَيْ أَوْ كَانَ نِكَاحَ شِغَارٍ كَزَوِّجْنِي (أُخْتَك) وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا، وَأَوْلَى مَنْ لَهُ جَبْرُهَا كَبِنْتِك وَأَمَتِك (بِمِائَةٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي) مَثَلًا أَوْ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي (بِمِائَةٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا النِّكَاحُ (وَجْهُ الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَيْنِ، أَيْ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَهُوَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَاسْتِوَاءُ قَدْرِ الْمَهْرَيْنِ لَيْسَ شَرْطًا، وَلِذَا قَالَ فِيهَا وَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِمِائَةٍ أَوْ بِخَمْسِينَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ وَجْهِ الشِّغَارِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَقَدَاهُ بِمَهْرٍ مُسَمًّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا هَذَا وَجْهُ الشِّغَارِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ

ص: 447

وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فَصَرِيحُهُ، وَفُسِخَ فِيهِ، وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ، وَعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ أَبَدًا، وَلَهَا فِي الْوَجْهِ، وَمِائَةٍ وَخَمْرٍ، أَوْ مِائَةٍ وَمِائَةٍ:

ــ

[منح الجليل]

الْمُكَافَأَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَجَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ، وَشُرِطَ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى وَجَعَلَ تَزْوِيجَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرًا لِلْأُخْرَى كَزَوِّجْنِي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِنْتِي (فَ) هَذَا النِّكَاحُ (صَرِيحُهُ) أَيْ الشِّغَارِ، أَيْ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَهُوَ فَاسِدٌ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ أَبَدًا (فِيهِ) أَيْ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا صَدَاقَ فِيهِ، وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ مِثْلِهَا إنْ كَانَ عَدَمُ الْمَهْرِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ، بَلْ (وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) كَزَوِّجْنِي بِنْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِنْتِي، وَهَذَا يُسَمَّى مُرَكَّبَ الشِّغَارِ، فَالْمُسَمَّى لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا أَبَدًا وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ مِثْلِهَا.

(وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ (عَلَى) شَرْطِ (حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ) الْمُزَوَّجَةِ فَيُفْسَخُ (أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ طَالَ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَهْرِ فِي مُقَابَلَةِ حُرِّيَّةِ وَلَدِهَا فَأَشْبَهَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبَحَثَ فِيهِ الْمُوَضِّحُ بِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ لَمْ يَحْصُلْ وَهُوَ بَقَاؤُهَا فِي عِصْمَتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَصْدَهُ حُرِّيَّةُ وَلَدِهِ وَقَدْ حَصَلَ وَالنِّكَاحُ تَبَعٌ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ وَدَوَامُهُ أَوْ عَدَمُهُ مُحْتَمَلٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ عَلَى حُرِّيَّةِ أَنَّ الْفَسْخَ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَأَنَّهُ إنْ تَطَوَّعَ سَيِّدُ الْأَمَةِ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُفْسَخُ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَيْضًا.

(وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي الْوَجْهِ) أَيْ وَجْهِ الشِّغَارِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (وَ) لَهَا فِي تَزَوُّجِهَا بِ (مِائَةٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (وَ) نَحْوِ (خَمْرٍ أَوْ) بِ (مِائَةٍ) حَالَّةٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (وَمِائَةٍ) كَذَلِكَ

ص: 448

لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَلَوْ زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ فِيهِ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا:

ــ

[منح الجليل]

مُؤَجَّلَةٍ بِمَجْهُولٍ كَمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ (الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً الْحَلَالِ (وَ) مِنْ (صَدَاقِ) الْمِثْلِ، وَلَا يُنْظَرُ لِنَحْوِ الْخَمْرِ وَلَا لِلْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ إنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْمَجْمُوعِ، بَلْ (وَلَوْ زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ الْمِائَةِ الْحَالَّةِ وَالْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِمَجْهُولٍ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذُهُ حَالًّا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَتَأْخُذُهُمَا حَالَّتَيْنِ وَلَا تُعْطَى الزَّائِدَ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُول، فَأَخْذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا، فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهِيَ الْمِائَةُ الْحَالَّةُ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْمُسَمَّى مَا يَشْمَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ فَلَا يَكُونُ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْبَرَ مِنْهُ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ، فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ. وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا تِسْعِينَ أَخَذَتْ الْمِائَةَ الْحَالَّةَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا.

(وَقُدِّرَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً أَيْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَيْ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ الَّذِي يُقَابَلُ بِالْمُسَمَّى (بِالتَّأْجِيلِ) بِالْأَجَلِ (الْمَعْلُومِ) لِبَعْضِهِ (إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا تَأْجِيلٌ مَعْلُومٌ قُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمِائَةً مَجْهُولَةَ الْأَصْلِ قِيلَ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً بِذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ.

فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ سَاوَى الْمُسَمَّى الْحَلَالُ صَدَاقَ مِثْلِهَا، فَتَأْخُذُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ، وَكَذَا إنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ أَخَذَتْ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ لَهَا فِي وَجْهِ الشِّغَارِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ مِثْلِهَا وَظَاهِرُهُ كَانَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا.

وَلَكِنْ تَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ بِحَمْلِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُسِّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُسِّرَتْ بِحَمْلِهَا

ص: 449

فِيمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا، وَدَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَفِي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ، وَتَعْلِيمِهَا قُرْآنًا، وَإِحْجَاجِهَا،

ــ

[منح الجليل]

عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِ التَّسْمِيَةِ لَهُمَا، وَلِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ (فِيمَا إذَا سَمَّى) الزَّوْجُ الصَّدَاقَ (لِإِحْدَاهُمَا) وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى صَدَاقًا، وَشُرِطَ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى وَهُوَ مُرَكَّبُ الشِّغَارِ.

(وَدَخَلَ) الزَّوْجُ (بِالْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ (لَهَا) وَصِلَةُ تُؤُوِّلَتْ (بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ لَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لِإِحْدَاهُمَا أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَمْ يَجْرِ فِي التَّسْمِيَةِ لَهُمَا مَعًا مَعَ جَرَيَانِهِ فِيهَا كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، فَلَوْ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لَشَمِلَهُمَا أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي إذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ إنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ فَإِنْ دَخَلَ بِاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِاَلَّتِي سَمَّى لَهَا فَتَأَوَّلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى أَنَّ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا مُطْلَقًا، نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَمْ يُسَوِّ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ إلَّا فِي الْمُرَكَّبَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا لَكِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهَا لُزُومُ الْأَكْثَرِ، فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ هُنَا، وَخَصَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ بِالْمُرَكَّبَةِ.

فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَذْكُرْ التَّأْوِيلَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي الْمُرَكَّبَةِ حَيْثُ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيهَا. قُلْتُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ الْمُرَكَّبَةَ وَغَيْرَهَا لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ جَمْعُ الثَّانِي مَعَهُ، فَلِذَا أَفْرَدَهُ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمُرَكَّبَةِ، فَلَا يَكُونُ إفْرَادُهُ مُفِيدًا لِضَعْفِهِ.

(وَفِي مَنْعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ أَوْ الصَّدَاقِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لَقَوْلَانِ الْآتِي (بِمَنَافِعَ) لِدَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ رِقٍّ فِي عَقْدِ إجَارَةٍ لَا فِي عَقْدِ جُعْلٍ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ، لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَهُوَ نِكَاحٌ بِخِيَارٍ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ (وَ) فِي مَنْعِهِ بِ (تَعْلِيمِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قُرْآنًا) مَحْدُودًا بِحِفْظٍ أَوْ نَظَرٍ (وَ) فِي مَنْعِهِ بِ (إحْجَاجِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ السَّفَرِ مَعَهَا لِلْحَجِّ فَيُفْسَخُ فِيهَا

ص: 450

وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ

وَكَرَاهَتِهِ: كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ، وَالْأَجَلِ: قَوْلَانِ

ــ

[منح الجليل]

قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بِهِ، وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ (بِقِيمَةِ) أَيْ أُجْرَةِ مِثْلِ (عَمَلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ مِنْ مَنَافِعَ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَإِحْجَاجٍ مِنْ ابْتِدَائِهِ (لِلْفَسْخِ) أَيْ لِلْإِجَارَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ، هَذَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ أَيْضًا وَيَمْضِي بِالْمَنَافِعِ، وَإِنْ مُنِعَ ابْتِدَاءً لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالٌ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ بِقَوْلِهِ وَيَمْضِي بِهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ بِمَنَافِعَ كَخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا مَنَعَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا نَسَبَهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْمَنْعِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْإِمْضَاءِ، وَمَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِمْضَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي حُكْمِهِ ابْتِدَاءً الْكَرَاهَةُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءَ الْمَنْعِ عُ. وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْمَنْعَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ، فَيُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمَشْهُورُ الْمَنْعَ ابْتِدَاءً وَالْمُضِيَّ بَعْدَهُ فَلِمَ عَدَلَ عَنْهُ هُنَا إلَى ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ لَهُ مَعَ أَنَّ عَادَتَهُ اتِّبَاعُ الْمَشْهُورِ حَيْثُ وَجَدَهُ وَابْنُ عَرَفَةَ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ اطِّلَاعِهِ وَحِفْظِهِ لَمْ يَحْكِ هَذَا الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا عَرَّجَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذَا.

وَقَدْ حَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: الْكَرَاهَةُ فَيَمْضِي بِالْعَقْدِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. الثَّالِثُ: إنْ كَانَ مَعَ الْمَنَافِعِ نَقْدٌ جَازَ وَإِلَّا فَالثَّانِي. الرَّابِعُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فَالثَّانِي وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَضَى بَعْدَهُ بِالنَّقْدِ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ. الْخَامِسُ: بِالنَّقْدِ وَالْعَمَلِ اهـ.

ص: 451

وَإِنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنَهَا أَوَّلًا فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ، فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إنْ تَعَدَّى

ــ

[منح الجليل]

فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَنْقُلْ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَفَسَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ هُنَا أَنَّ الصَّوَابَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا مَا فَهِمَهُ هُوَ فِي التَّوْضِيحِ، فَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ هُنَا لِحِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ لَهُ، فَسَقَطَ قَوْلُ " ز " أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَعَ الْمَنْعِ الْمُضِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ.

(وَكَرَاهَتِهِ) أَيْ النِّكَاحِ بِمَنَافِعَ عَطْفٌ عَلَى مَنْعِهِ، وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَالْمُغَالَاةِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (فِيهِ) أَيْ الصَّدَاقِ فَتُكْرَهُ، وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ، فَرُبَّ امْرَأَةٍ يَكُونُ الْمَهْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ، وَكَذَا الرِّجَالُ فَالرُّخْصُ فِيهِ وَالْغُلُوُّ بِاعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْمُغَالَاةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا فَهِيَ مَثَلٌ سَافِرٌ وَعَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ الزَّوْجُ بَلْ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا.

(وَالْأَجَلِ) فِي الصَّدَاقِ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي الْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَيُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَلَوْ إلَى سَنَةٍ لِئَلَّا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ إلَى النِّكَاحِ بِلَا صَدَاقٍ، وَيُظْهِرُونَ أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ ثُمَّ تُسْقِطُهُ الزَّوْجَةُ وَلِمُخَالَفَتِهِ أَنْكِحَةَ السَّلَفِ. وَلِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَيْهِ الْمُغَالَاةُ إذْ لَوْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يُؤَجَّلْ غَالِبًا (قَوْلَانِ) فِي النِّكَاحِ بِمَنَافِعَ.

(وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ الزَّوْجُ وَكِيلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ (بِأَلْفٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ (عَيَّنَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي امْرَأَةً بِأَلْفٍ (فَزَوَّجَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ (بِأَلْفَيْنِ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا (فَإِنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ قَبْلَ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَعَدِّيهِ (فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ) لِلزَّوْجَةِ (أَلْفًا إنْ تَعَدَّى) أَيْ ثَبَتَ تَعَدِّي

ص: 452

بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَتُحَلَّفُ هِيَ إنْ حَلَفَ، الزَّوْجُ، وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إنْ نَكَلَ وَغَرِمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ قَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا: لَزِمَ الْآخَرَ،

ــ

[منح الجليل]

الْوَكِيلِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ (أَوْ بَيِّنَةٍ) حَضَرَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لَهُ بِأَلْفٍ لِأَنَّهُ غُرُورٌ فِعْلِيٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةٍ.

(فَتَحْلِفُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ بِأَلْفَيْنِ (إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْ إلَّا بِأَلْفٍ فَهُوَ الْمَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ دَعْوَى الْوَكِيلِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ وَغَرَّمَتْ الْوَكِيلَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ سَقَطَتْ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، وَهَذَا إنْ حَقَّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا غَرَّمَتْهُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ.

(وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (إنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ (وَغَرِمَ) الزَّوْجُ لَهَا بِنُكُولِهِ (الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ) فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ اسْتَقَرَّ الْغُرْمُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ غَرِمَ لِلزَّوْجِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ الَّتِي غَرِمَهَا لِلزَّوْجَةِ حِينَ نَكَلَ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَائِلًا قَوْلُ أَصْبَغَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ نَكَلَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجُ قَدْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ رَهْبَتِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَإِقْرَارِهِ، وَرُدَّ بِاقْتِضَائِهِ أَنَّ أَصْبَغَ لَمْ يَقُلْ بِغُرْمِ الْوَكِيلِ إنْ نَكَلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ (قَوْلَانِ) سَبَبُهُمَا هَلْ يَمِينُ الزَّوْجِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِإِبْطَالِ قَوْلِ وَكِيلِهِ، فَتَحْلِيفُهُ الْوَكِيلَ إذَا نَكَلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ عَلَى الثَّانِي.

وَذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ دَخَلَ فَقَالَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا بِالتَّعَدِّي حَالَ الْعَقْدِ (وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِقَوْلِ الْآخَرِ (لَزِمَ) النِّكَاحُ الزَّوْجَ (الْآخَرَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِأَلْفَيْنِ لَزِمَ الزَّوْجَةَ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِأَلْفٍ لَزِمَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِتَعَدِّيهِ تَفْوِيتٌ (لَا يَلْزَمُ)

ص: 453

لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ؛ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ، إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَا تُرَدُّ إنْ اتَّهَمَهُ،

ــ

[منح الجليل]

النِّكَاحُ الزَّوْجَ (إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ) الْأَلْفَ الثَّانِيَ وَلَوْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ لِتَضَرُّرِهِ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ، وَلُحُوقِ الْمِنَّةِ وَلِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهِ بِفَسْخِ عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَوْ لِدَفْعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّوْجَةِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ فَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ.

(وَ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فَ (لِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (تَحْلِيفُ) الزَّوْجِ (الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا مَا رَضِيَتْ إلَّا بِأَلْفَيْنِ (فِيمَا) أَيْ حَالَ أَوْ الْحَالَ الَّذِي (يُفِيدُ إقْرَارُهُ) أَيْ مَنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ، فَلَا يَحْلِفُ صَبِيٌّ وَلَا سَفِيهٌ وَلَا رَقِيقٌ إذْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِهِمْ. وَقِيلَ الْحَالُ الَّذِي يُفِيدُ إقْرَارُهُ فِيهِ عَدَمَ الْبَيِّنَةِ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ عَدَمُهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا. وَعَدَمُهَا إمَّا لَهُ وَإِمَّا لَهَا. وَلَوْ قَالَ إنْ أَفَادَ إقْرَارُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (إنْ لَمْ تَقُمْ) أَيْ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ) لِلزَّوْجِ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ، وَلَا لِلزَّوْجَةِ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ إلَّا بِأَلْفَيْنِ أَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ وَقَامَتْ لَهَا أَوْ عَكْسُهُ، فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِي الْأُولَى، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فُسِخَ النِّكَاحُ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَلَهَا تَحْلِيفُهُ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ حَلَفَ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفَيْنِ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ حَلَفَتْ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ.

(وَلَا تُرَدُّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ نَكَلَ عَنْهَا، وَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (إنْ اتَّهَمَهُ) أَيْ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ حَقَّقَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَنَكَلَ الْمَطْلُوبُ فَتُرَدُّ عَلَى الطَّالِبِ، فَإِنْ حَلَفَ قُضِيَ لَهُ

ص: 454

وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ، وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ.

ــ

[منح الجليل]

وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَكَحَلِفِ الْأَوَّلِ (وَرَجَّحَ) ابْنُ يُونُسَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (بُدَاءَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ) عَلَى أَنَّهُ (مَا أَمَرَهُ) أَيْ الزَّوْجُ وَكِيلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ (إلَّا بِأَلْفٍ ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ) لِلنِّكَاحِ أَوْ الرِّضَا بِهِ بِأَلْفٍ (إنْ قَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ لَهَا (بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ) مِنْ الْوَكِيلِ (بِأَلْفَيْنِ) وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفَيْنِ، وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ بُدَاءَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ بِإِيهَامِهِ حَلِفَهَا بَعْدَهُ مَعَ بَيِّنَتِهَا وَلَا صِحَّةَ لَهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بُدَاءَةُ حَلِفِهِ عَلَى تَخْيِيرِهَا وَتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ لَيْسَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَرْجِيحٌ لِأَحَدِ الشِّقَّيْنِ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ كَمَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ إلَّا بِأَلْفٍ أَوْ أَقَامَ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ (فَ) الْحُكْمُ هُنَا (كَ) الْحُكْمِ فِي (الِاخْتِلَافِ فِي) قَدْرِ (الصَّدَاقِ) مِنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبُدَاءَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ لِلزَّوْجِ الرِّضَا بِهِمَا، أَوْ الْحَلِفُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ تَرْضَ فُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا فِي الْفَسْخِ، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.

ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، هَذَا نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْنَعْ بِهِ حَتَّى زَادَ بَعْدَهُ مَا يُدَاخِلُهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، فَقَالَ وَرَجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِالْأَلْفَيْنِ، وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ، وَالْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَأْبَاهُ وَلَا يُنَافِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ فَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَنَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَتَحْلِفُ

ص: 455

وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي

ــ

[منح الجليل]

الزَّوْجَةُ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلزَّوْجِ ارْضَ بِذَلِكَ أَوْ احْلِفْ أَنَّك مَا أَمَرْته إلَّا بِأَلْفٍ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ.

وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا. اهـ. زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَصِيرَا كَالزَّوْجَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَبْدَأَ هُنَاكَ الزَّوْجَةُ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا الْمُرَادُ بِالْبُدَاءَةِ فِي قَوْلِهِ وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ. قُلْتُ تَبْدِئَةُ يَمِينِ الزَّوْجِ عَلَى تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ هَذَا بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَنَصِّهِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا بِأَلْفَيْنِ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. قِيلَ لِلزَّوْجِ إنْ رَضِيت بِأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَكُمَا إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَرَاهُ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِأَلْفٍ، فَإِذَا حَلَفَ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ إنْ رَضِيت بِأَلْفٍ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَكُمَا، وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ، وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى عَقْدِ الرَّسُولِ بِأَلْفَيْنِ بَيِّنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَقْدِهِ بِهِمَا بَيِّنَةٌ إلَّا قَوْلُ الرَّسُولِ، فَهَذَا حُكْمُهُ كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ بِأَلْفَيْنِ.

ثُمَّ يُقَالُ لِلزَّوْجِ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ أَوْ فَاحْلِفْ بِاَللَّهِ إنَّك مَا أَمَرْته إلَّا بِأَلْفٍ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِأَلْفٍ. اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ يَتَشَوَّشُ الذِّهْنُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا يَتَبَادَرُ لِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ يُونُسَ مُخَالِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، إذْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِجَمْعِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُنَا تَنَفَّسَ، وَخَالَفَ عَادَتَهُ. وَثَانِيهِمَا مَا نُسِبَ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ بُدَاءَةِ حَلِفِ الزَّوْجِ، وَقَدْ عَلِمْت مَعْنَاهُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى.

(وَإِنْ عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ الْبِنَاءِ (بِالتَّعَدِّي) مِنْ الْوَكِيلِ فِي عَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ

ص: 456

فَأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ، وَعَلِمَ بِعِلْمِ الْآخَرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ: فَأَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا فَقَطْ: فَأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ: فَأَلْفَانِ

وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ،

ــ

[منح الجليل]

وَمَكَّنَتْ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ الْبِنَاءِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفٌ) وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ لِرِضَاهَا بِهِ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِتَعَدِّي وَكِيلِهِ وَعَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا فَالصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) لِرِضَاهُ بِهِمَا (وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِي عَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ (وَعَلِمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِعِلْمِ الْآخَرِ) بِالتَّعَدِّي (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَحَدُهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا.

(وَإِنْ عَلِمَ) الزَّوْجُ (بِعِلْمِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِالتَّعَدِّي (فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ بِعِلْمِهِ بِهِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفٌ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِلْمِهَا بِهِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ بَنَى مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا بِعِلْمِ الْعَدَاءِ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ عَلِمَاهُ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ أَوْ عَلِمَتْ عِلْمَهُ وَلَوْ يَعْلَمْ عِلْمَهَا لَزِمَهُ أَلْفَانِ، وَعَكْسُهُ أَلْفٌ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُهَا أَلْفَانِ وَالْقِيَاسُ أَلْفٌ وَنِصْفٌ لِإِيجَابِ تَعَارُضِ عِلْمَيْهِمَا قُسِمَ مَا زَادَ عَلَى أَلْفٍ

. (وَ) إنْ أَذِنَتْ مَرْأَةٌ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُسَمِّ لَهُ قَدْرَ مَهْرِهَا فَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا (لَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (آذِنَةٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّتِي أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُسَمِّ قَدْرَ الصَّدَاقِ (غَيْرَ مُجْبَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَلَى التَّزَوُّجِ وَصِلَةُ تَزْوِيجٍ (بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ تَعَدِّي الْوَكِيلِ أَوْ لَا، وَذَكَرَ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ إذْ هُوَ لَازِمٌ لِكَوْنِهَا آذِنَةً أَوْ لِإِخْرَاجِ الْمُجْبَرَةِ الْمُسْتَأْذَنَةِ نَدْبًا، وَمَفْهُومُ بِدُونِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهَا بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَوْ عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي السِّرِّ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الصَّدَاقِ وَعَقَدَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ ثُمَّ

ص: 457

وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ، وَحَلَّفَتْهُ إنْ ادَّعَتْ الرُّجُوعَ عَنْهُ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ

وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ: عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ سَقَطَتْ،

ــ

[منح الجليل]

تَنَازَعَا فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا يَلْزَمُنِي مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَقَالَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجَةُ لَزِمَك مَا عَقَدْنَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ (عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِصَدَاقِ السِّرِّ) الْقَلِيلِ (إذَا أَعْلَنَا) أَيْ أَظْهَرَ الزَّوْجَانِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ صَدَاقًا (غَيْرَهُ) زَائِدًا عَلَيْهِ تَفَاخُرًا وَتَبَاهِيًا.

وَكَذَا يُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ الزَّائِدِ عَلَى صَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ لِخَوْفٍ مِنْ ظَالِمٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فَيَظْلِمُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ أَوْ أَهْلَهَا أَوْ كَثْرَةِ مَحْصُولِ حُجَّةٍ مَثَلًا، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُونَ عَلَى الْأَوَّلِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَابْنِ شَاسٍ إذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إعْلَامِ شُهُودِ الْعَلَانِيَةِ بِمَا فِي السِّرِّ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ قَالَهُ أَحْمَدُ.

(وَحَلَّفَتْهُ) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ عَنْ صَدَاقِ السِّرِّ (إنْ ادَّعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ (الرُّجُوعَ عَنْهُ) أَيْ صَدَاقِ السِّرِّ الْقَلِيلِ إلَى صَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ عَلَى الرُّجُوعِ وَعُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ نَكَلَتْ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَتُحَلِّفُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّ) الصَّدَاقَ (الْمُعْلَنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ الْمُظْهَرِ عِنْدَ الْعَقْدِ (لَا أَصْلَ) أَيْ صِحَّةَ (لَهُ) وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِلْأُبَّهَةِ وَالْفَخْرِ فَلَا تُحَلِّفُهُ، وَيُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ عِيَاضٌ سَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ شُهُودَ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَحَلَّفَهَا الزَّوْجُ إنْ ادَّعَى الرُّجُوعَ عَنْ الصَّدَاقِ الْكَثِيرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُعْلَنَ الْيَسِيرَ لَا أَصْلَ لَهُ.

(وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ) دِينَارًا مَثَلًا (عَشَرَةً نَقْدًا أَوْ عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ) مَعْلُومٍ غَيْرِ بَعِيدٍ جِدًّا (وَسَكَتَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ (عَنْ عَشَرَةٍ) أَيْ كَوْنِهَا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً (سَقَطَتْ) الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ بِالْبَعْضِ نَسَخَ إجْمَالَهُ الْكَثِيرَ،

ص: 458

وَنَقَدَهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ

وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ بِلَا وَهَبْتُ

ــ

[منح الجليل]

وَكَذَا فِي كِتَابَةِ الْمُوَثِّقِ. وَتَلْزَمُ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ لِلْمُفَاخَرَةِ وَهُوَ فِي السِّرِّ دُونَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ (وَ) كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ (نَقَدَهَا) بِفَتَحَاتٍ أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (كَذَا) مِنْ صَدَاقِهَا كَعَشَرَةٍ (مُقْتَضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُفْهِمٍ (لِقَبْضِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الزَّوْجِ فَهُوَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ فِي دَعْوَاهُ دَفَعَهُ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا.

فَإِنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ نَقْدَهُ بِسُكُونِ الْقَافِ فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ حَالُّهُ الْمُقَابِلُ لِمُؤَجَّلِهِ. وَقِيلَ يَقْتَضِيهِ كَالْمَاضِي وَإِنْ كَتَبَ: النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهُ كَذَا فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ لِذَلِكَ قَالَهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَا كَتَبَهُ الْمَاضِيَ وَالْمَصْدَرَ وَلَا قَرِينَةَ تُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ فَيَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَإِنْ جَرَى عُرْفُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عُمِلَ بِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَا يَأْتِي.

(وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ) وَفَسَّرَهُمَا بِقَوْلِهِ (عَقْدٌ) النِّكَاحِ (بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَهُمَا فَسَّرَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَصْلٌ يُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ، فَيَمْتَازُ التَّفْوِيضُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصْرَفْ قَدْرُ مَهْرِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ، وَالتَّحْكِيمُ بِصَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ فَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ، لِحُكْمِ أَحَدٍ. الْبَاجِيَّ هُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَصِفَتُهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ يَسْكُتَا عَنْ الْمَهْرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنِكَاحُ التَّحْكِيمِ عَقْدُ نِكَاحٍ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ مَعَ صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ، وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (بِلَا وَهَبْتُ) أَيْ بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ لَا بِوَهَبْت بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، فَهُوَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ عَقَدَ بِوَهَبْتُ مَعَ ذِكْرِ مَهْرٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالتَّفْوِيضِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إسْقَاطِ الْمَهْرِ.

ص: 459

وَفُسِخَ إنْ وُهِبَتْ نَفْسُهَا قَبْلَهُ وَصُحِّحَ أَنَّهُ زِنًا

ــ

[منح الجليل]

وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النِّكَاحُ (إنْ وُهِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَرْأَةُ (نَفْسُهَا) أَيْ وَهَبَهَا وَلِيُّهَا لِلزَّوْجِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا إسْقَاطَ الْمَهْرِ وَلَا عَقْدَ النِّكَاحِ، بَلْ تَمْلِيكَ ذَاتِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَيُفْسَخُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا، فَهَذِهِ غَيْرُ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ تِلْكَ قَصَدَ الْوَلِيُّ بِهَا هِبَةَ الصَّدَاقِ، وَقَصَدَ بِهَذِهِ هِبَةَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ لَا إسْقَاطَ الْمَهْرِ وَلَا النِّكَاحِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَيْضًا الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَاعْتَرَضَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ، وَلَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَنَّهُ) أَيْ الْعَقْدَ بِهِبَةِ نَفْسِ الْمَرْأَةِ (زِنًا) مُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ.

ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ بَنَى بِلَا بَيِّنَةٍ عَلَى الْعَقْدِ لَا مُقَارِنَةٍ وَلَا وَلَاحِقَةٍ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا لَا يَخْتَصُّ بِعَقْدِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، بَلْ بِعَمِّهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بَعْدَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَلَنَا أَنْ نَخْتَارَ الثَّانِيَ وَنَمْنَعَ بَعْدَ كَوْنِهِ سِفَاحًا عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَسَنَدُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى النِّكَاحِ، بَلْ عَلَى تَمْلِيكِ الذَّاتِ الْمُنَافِي لَهُ فَلِذَا كَانَ سِفَاحًا. وَفِي قَوْلِهِ نَفْسُهَا إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَصْدِ هِبَةِ الصَّدَاقِ وَالنِّكَاحِ وَإِنَّمَا قَصَدَ تَمْلِيكَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهَا وَلِيُّهَا لَهُ وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ وَهِبَةَ الصَّدَاقِ فَهِيَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا فَسْخُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثُبُوتُهُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَيْسَ كَلَامُ الْبَاجِيَّ فِي هَذِهِ.

وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ عَنَى بِنِكَاحِ الْهِبَةِ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ أَمْهَرَهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ صَحَّ وَجُبِرَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ عَنَى بِالْهِبَةِ غَيْرَ النِّكَاحِ وَغَيْرَ هِبَةِ الْمَهْرِ، بَلْ هِبَةَ نَفْسِهَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اللَّخْمِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَوَّلِ بِالْخِيَارِ فِي إتْمَامِهِ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ تَرَكَهَا دُونَ غُرْمٍ. وَلِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إنْ بَنَى بِهَا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ وَهْبَتُهُ. قُلْتُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِتَصْرِيحِ ابْنِ حَبِيبٍ بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَلَا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ فِي بِنَائِهِ.

ص: 460

وَاسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ؛ لَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ؛ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ وَتَرْضَى، وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ بَعْدَهُمَا،

ــ

[منح الجليل]

الْبَاجِيَّ عَنْهُ إنْ عَنَى بِهِ غَيْرَ النِّكَاحِ لَا هِبَةَ الْمَهْرِ بَلْ هِبَةَ نَفْسِهَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَنَى بِهِ نِكَاحًا دُونَ مَهْرٍ لَمْ يَجُزْ، وَمَا أَصْدَقهَا وَلَوْ رُبْعَ دِينَارٍ لَزِمَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ.

الْبَاجِيَّ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَالْوَاجِبُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ كَوْنُهُ سِفَاحًا يُحَدُّ بِهِ وَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ نَسَبٌ. قُلْتُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بِهَا دُونَ بَيِّنَةٍ عَلَى عَقْدِهِمَا لَا مُقَارِنَةٍ وَلَا لَاحِقَةٍ، فَكَوْنُهُ سِفَاحًا غَيْرُ خَاصٍّ بِهَذَا الْعَقْدِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بَعْدَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهَا لِابْنِ وَهْبٍ هِبَةُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ لَا تَحِلُّ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ أَصَابَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَبُولُهُمَا الْمَهْرَ بِجَهَالَتِهِمَا رَبِيعَةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَتُعَاضُ اهـ.

(وَاسْتَحَقَّتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِالْوَطْءِ) مِنْ زَوْجِهَا الْبَالِغِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ حَيَّةٌ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ وَلَوْ حَرَامًا كَفِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ، وَانْظُرْ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ هَلْ تَسْتَحِقُّ فِيهِ صَدَاقَ مِثْلِهَا بِوَطْئِهَا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَا يَحْكُمُ بِهِ الْمُحَكَّمُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُكْمُهُ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ (لَا) تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِمَوْتٍ) لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ وَرِثَ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ (أَوْ طَلَاقٍ) قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفْرِضَ) أَيْ يُقَدِّرَ الزَّوْجُ صَدَاقًا دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا.

(وَتَرْضَى) الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ بِمَا فَرَضَهُ الزَّوْجُ ثُمَّ يَمُوتَ فَتَسْتَحِقَّهُ كُلَّهُ أَوْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُهُ، فَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ بِمَوْتِهِ وَنِصْفَهُ بِطَلَاقِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا دُونَ الْمِثْلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَطَلَاقِهِ فَإِنَّهَا يُتَّهَمْ وَ (لَا تُصَدَّقُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ الزَّوْجَةُ (فِيهِ) أَيْ الرِّضَا بِمَا فَرَضَهُ (بَعْدَ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ.

ص: 461

وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ، وَلَزِمَهَا فِيهِ، وَتَحْكِيمِ الرَّجُلِ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَهَلْ تَحْكِيمُهَا وَتَحْكِيمُ الْغَيْرِ كَذَلِكَ؟ أَوْ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ لَزِمَهُمَا

ــ

[منح الجليل]

(وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (طَلَبُ التَّقْدِيرِ) أَيْ بَيَانُ قَدْرٍ لِلْمَهْرِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيُكْرَهُ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَهُ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ وَرَضِيَتْ، فَهَلْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الْبِنَاءِ حَتَّى تَقْبِضَهُ أَوْ لَا خِلَافُ ابْنِ عَرَفَةَ. ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ إنْ فَرَضَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَأَبَى دَفْعَهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا إلَيْهِ، وَأَبَتْ أَنْ تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَاَلَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنْ يُوقِفَ الْحَاكِمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِتَسْلِيمِهِ لَهَا إذَا بَذَلَتْ.

ابْنُ شَاسٍ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِلْفَرْضِ لَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ. قُلْتُ اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ فِي تَعْجِيلِ دَفْعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَ أَنْ تَتَهَيَّأَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي النَّقْدِ لَا فِي كُلِّ الْمَهْرِ. اللَّخْمِيُّ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّ الْمَهْرَ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ فَلَا تَمْنَعُ إذَا فَرَضَ الزَّوْجُ وَقَدَّمَ النَّقْدَ الْمُعْتَادَ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِتَمْكِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا جَازَ إنْ دَفَعَ رُبْعَ دِينَارٍ.

(وَلَزِمَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ الْمَفْرُوضُ أَيْ الرِّضَى بِهِ (فِيهِ) أَيْ التَّفْوِيضِ (وَ) فِي (تَحْكِيمِ الرَّجُلِ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ فَرَضَ) الزَّوْجُ فِيهِمَا لَهَا (الْمِثْلُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا تَنَازَعَ فِيهِ لَزِمَ وَفَرَضَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ فَرْضُ الْمِثْلِ الزَّوْجَ فَلَهُ تَطْلِيقُهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفَرَضَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا يَلْزَمُهُ مَا فَرَضَهُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِمُجَرَّدِ فَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمِثْلُ لَزِمَهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا يَلْزَمُهَا.

(وَهَلْ تَحْكِيمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي تَقْدِيرِ الْمَهْرِ (أَوْ تَحْكِيمُ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ وَلِيًّا أَوْ أَجْنَبِيًّا (كَذَلِكَ) أَيْ تَحْكِيمُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ ابْتِدَاءً (أَوْ إنْ فَرَضَ) الْمُحَكَّمُ (الْمِثْلَ لَزِمَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ

ص: 462

وَأَقَلُّ لَزِمَهُ فَقَطْ وَأَكْثَرُ فَالْعَكْسُ؟ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ تَأْوِيلَاتٌ

وَالرِّضَا بِدُونِهِ لِلْمُرَشَّدَةِ وَلِلْأَبِ؛ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ وَلِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ، لَا الْمُهْمَلَةِ

ــ

[منح الجليل]

الرِّضَا بِهِ (وَ) إنْ فُرِضَ صَدَاقًا (الْمِثْلُ) مِنْ أَقَلَّ (لَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ فَلَا يَلْزَمُهَا وَتُخَيَّرُ فِي الرِّضَا بِهِ وَعَدَمِهِ.

(وَ) إنْ فُرِضَ (أَكْثَرُ) مِنْهُ (فَالْعَكْسُ) أَيْ يَلْزَمُهَا فَقَطْ وَيُخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ (أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَى الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَيَلْزَمُهَا مَا رَضِيَا بِهِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمِثْلِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الصَّقَلِّيِّينَ، وَحَكَاهُ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ، وَالثَّالِثُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا.

(وَ) جَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (الرِّضَى بِدُونِهِ) أَيْ صَدَاقِ الْمِثْلِ (لِ) لِمَرْأَةٍ (الْمُرَشَّدَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ الَّتِي رُشْدُهَا مُجْبَرُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا وَتَجْرِبَتِهَا بِحُسْنِ تَصَرُّفِهَا فِي الْمَالِ بِإِشْهَادِهِ عَدْلَيْنِ عَلَى رَفْعِ حَجْرِهِ عَنْهَا وَإِطْلَاقِهِ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ.

(وَ) جَازَ الرِّضَى بِدُونِهِ (لِلْأَبِ) فِي مُجْبَرَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، بَلْ (وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) جَازَ الرِّضَى بِدُونِهِ (لِ) لِشَخْصٍ (الْوَصِيِّ) فِي مَحْجُورَتِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ رِضَاهُ (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ حَيْثُ كَانَ صَلَاحًا لَهَا كَرَجَاءِ حُسْنِ عِشْرَةِ زَوْجِهَا لَهَا وَدَوَامِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا مَعَ رِضَى وَصِيِّهَا. عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ شُيُوخِنَا عَلَى مَنْهَجِ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا مَعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا بَعْدَهُ وَلَوْ مُجْبَرًا لِتَقَرُّرِ صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ بِهَا، فَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لَهَا وَمِثْلُ الْوَصِيِّ مُقَدَّمُ الْقَاضِي (لَا) يَجُوزُ الرِّضَى بِدُونِهِ لِلْبِكْرِ (الْمُهْمَلَةِ) الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُقَدِّمْ الْقَاضِي عَلَيْهَا

ص: 463

وَإِنْ فَرَضَ فِي مَرَضِهِ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ: قَوْلَانِ

ــ

[منح الجليل]

مُقَدَّمًا يَتَصَرَّفُ لَهَا فِي مَالِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ رُشْدَهَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ وَطَرَحَهُ سَحْنُونٌ.

(وَإِنْ) تَزَوَّجَ صَحِيحٌ امْرَأَةً مُسْلِمَةً حُرَّةً تَفْوِيضًا وَ (فَرَضَ) لَهَا صَدَاقًا (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَبْلَ وَطْئِهَا (فَ) الَّذِي فَرَضَهُ (وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) وَكُلُّ وَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا تَرِثُهُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَهِيَ مَحْضُ عَطِيَّةٍ لِوَارِثٍ، فَإِنْ أَجَازَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ تُعْطِيهِ مِنْهُمْ وَتَرِثُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ تَفْوِيضًا وَسَمَّى لَهَا صَدَاقًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ، فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لِفَسَادِ نِكَاحِهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا وَهُوَ مَرِيضٌ، وَمَاتَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالدُّخُولِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَالثُّلُثِ.

(وَفِي) عَقْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ تَفْوِيضًا عَلَى الْمَرْأَةِ (الذِّمِّيَّةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ (وَالْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ وَفَرَضَ لَهَا صَدَاقًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا فُرِضَ لِلْوَطْءِ، وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَمْ يَفْرِضْهُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقًا وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهُ بِمَوْتِهِ ثَانِيهِمَا لَهَا مَا فَرَضَهُ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِثَةٍ مِنْ الثُّلُثِ، نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَانَتْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَهَا مَا فَرَضَ مِنْ الثُّلُثِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا عَلَى سَبِيلِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ دَخَلَ فَإِنَّ الْمُسَمَّى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ صَدَاقَ مِثْلِهَا بِلَا اخْتِلَافٍ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ. اهـ. وَعَادَلَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَصْوِيبِ اللَّخْمِيِّ الثَّانِيَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا مَنْصُوصَانِ

ص: 464

وَرَدَّتْ زَائِدًا لِمِثْلٍ إنْ وَطِئَ، وَلَزِمَ إنْ صَحَّ لَا إنْ أَبْرَأَتْ

ــ

[منح الجليل]

وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا وَنَصُّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ سَمَّى لِلذِّمِّيَّةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا فَلَهَا ذَلِكَ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ تُحَاصِصُ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ لِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا إلَّا عَلَى الْمُصَابِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُمَا مَنْصُوصَانِ فَصَحَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحَانِ وَلِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ بِأَنَّهُمَا مُخَرَّجَانِ، وَنَصُّهُ عَنْهُ إنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ وَرَضِيَتْ وَمَاتَ بَعْدَ بِنَائِهِ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا أَكْثَرَ وَصَحَّ مِنْ مَرَضِهِ فَلَهَا جَمِيعُ مَا فَرَضَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ سَقَطَ مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَارِثُهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، فَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ لَهَا فِي ثُلُثِهِ وَسُقُوطِهِ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَرِوَايَتُهُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قُبِلَ بِنَمَائِهِ سَقَطَ مَا فَرَضَهُ، إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَفِي ثُبُوتِهِ فِي ثُلُثِهِ الْقَوْلَانِ تَخْرِيجًا اهـ.

(وَ) إنْ عَقَدَ فِي صِحَّتِهِ تَفْوِيضًا عَلَى حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ عَلَى أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، وَفَرَضَ لِكُلٍّ أَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِهِ (رَدَّتْ زَائِدًا لِمِثْلٍ) فَقَطْ لُزُومًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ (إنْ وَطِئَ) وَمَاتَ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ زَائِدًا لِمِثْلٍ عَلَى أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا إذَا رَدَّتْ مِنْ الْمُسَمَّى مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ زَائِدَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى، وَكَوْنُ لَهَا أَقَلُّهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ مَاتَ مَنْ عَقَدَ فِي صِحَّتِهِ بَعْدَ وَطْئِهِ وَلَمْ يُسَمِّ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ.

(وَلَزِمَ) الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (إنْ صَحَّ) مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي سَمَّى فِيهِ صِحَّةً بَيِّنَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، فَيَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهَا (لَا) يَلْزَمُ الرَّشِيدَةَ إبْرَاؤُهَا الزَّوْجَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (إنْ أَبْرَأَتْ) الرَّشِيدَةُ زَوْجَهَا مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضِهِ (قَبْلَ الْفَرْضِ) ثُمَّ فَرَضَ لَهَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ قَبْلَ

ص: 465

قَبْلَ الْفَرْضِ، أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ

ــ

[منح الجليل]

الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لَيْسَ إبْرَاءً قَبْلَ الْفَرْضِ إذْ بِالْبِنَاءِ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا (أَوْ أَسْقَطَتْ) الرَّشِيدَةُ عَنْ زَوْجِهَا (شَرْطًا) شَرَطَهُ لَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَهَا إسْقَاطُهُ كَأَنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَأَسْقَطَتْهُ (قَبْلَ وُجُوبِهِ) لَهَا بِتَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا أَوْ إخْرَاجِهَا وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ عَقْدُهُ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُهَا إسْقَاطٌ.

فَإِنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ مِنْ لُزُومِهِ لَهَا فِي قَوْلِهِ وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلْت فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا، بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته، وَفِي الْمَفْقُودِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا.

ابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا الَّتِي أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا يُخَرَّجُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ دُونَهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ نَظَرُ التَّقَدُّمِ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ هُنَا الْعَقْدُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ كَالشَّفِيعِ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فِيهِ قَوْلَانِ وَكَالْمَرْأَةِ تُسْقِطُ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ زَوْجِهَا هَلْ يَلْزَمُهَا لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا قَدْ وُجِدَ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ رَاشِدٍ وَكَعَفْوِ الْمَجْرُوحِ عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ الْجُرْحُ وَكَإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَأَمْثِلَةُ هَذَا كَثِيرَةٌ. أَمَّا إنْ لَمْ يَجْرِ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ.

وَأَمَّا الَّتِي أَسْقَطَتْ فَرْضًا قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِهَا لِمُسْقِطَةِ النَّفَقَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ النَّظَائِرِ الْمُنْخَرِطَةِ فِي هَذَا السِّلْكِ، وَقَدْ عَدَّهُ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْهَا، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاتِ الشَّرْطِ أَنَّ إسْقَاطَهَا إيَّاهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ يَلْزَمُهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّجْعَةِ إذْ قَالَ وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا، بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته، وَبِسَبَبِ السُّؤَالِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ

ص: 466

وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا: بِاعْتِبَارِ دِينٍ، وَجَمَالٍ، وَحَسَبٍ، وَمَالٍ، وَبَلَدٍ، وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ؛ لَا الْأُمِّ، وَالْعَمَّةِ

ــ

[منح الجليل]

قَالَ مَالِكٌ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ بَعْضَ نَظَائِرِ هَذَا الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ.

(وَمَهْرُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ صَدَاقُ (الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي أَوْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ (يَرْغَبُ) أَيْ يَرْضَى (بِ) دَفْعِ (هـ مِثْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَالْقَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ وَالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُنْظَرُ نَاحِيَةَ الرَّجُلِ فَقَدْ يُزَوَّجُ فَقِيرٌ لِقَرَابَتِهِ وَأَجْنَبِيٌّ لِمَالِهِ فَلَيْسَ صَدَاقُهُمَا سَوَاءٌ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ (فِي) تَزَوُّجِهِ مِثْلَ (هَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِاعْتِبَارِ) أَيْ النَّظَرِ إلَى (دِينٍ) كَإِسْلَامٍ وَيَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيَّةٍ وَمُحَافَظَةٍ عَلَى امْتِثَالِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَعَدَمِهَا (وَجَمَالٍ) ظَاهِرِيٍّ وَبَاطِنِيٍّ كَحُسْنِ خُلُقٍ وَعَدَمِهِ (وَحَسَبٍ) أَيْ مَا يُحْسَبُ فِي الْمُفَاخَرَةِ مِنْ صِفَاتِ الْأُصُولِ كَعِلْمٍ وَكَرَمٍ وَشُجَاعَةٍ وَمُرُوءَةٍ، وَهَذَا فِي الْمُسْلِمَةِ. وَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْمَالُ وَالْجَمَالُ لَا التَّدَيُّنُ أَوْ الْحَسَبُ، حَيْثُ كَانَ أُصُولُهَا كُفَّارًا، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ (وَمَالٍ) لَهَا (وَبَلَدٍ) لَهَا لَا لِعَقْدٍ عَلَيْهَا مِنْ مِصْرٍ وَرِيفٍ وَبَدْوٍ زَادَ الْبَاجِيَّ وَزَمَنٍ.

(وَ) مَهْرُ (أُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ) مُوَافِقَةٍ لَهَا فِي الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا أُخْتٍ لِأُمٍّ مِنْ نَسَبٍ آخَرَ (لَا) بِاعْتِبَارِ مَهْرِ (الْأُمِّ وَ) لَا مَهْرُ (الْعَمَّةِ) أَيْ أُخْتِ أَبِيهَا مِنْ أُمِّهِ، وَأَمَّا شَقِيقَتُهُ وَأُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ فَيُعْتَبَرُ مَهْرُهُمَا. ابْنُ غَازِيٍّ لَفْظُ الْعَمَّةِ مَعْطُوفٌ عَلَى أُخْتٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَمَّةٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ، فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِخِلَافِ الْأُمِّ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَسَبِ الْأَبِ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ اهـ.

إنْ قِيلَ إنْ كَانَتْ أُخْتُهَا مِثْلَهَا أَغْنَى عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا نَاقَضَهُ، قِيلَ هَذَا كَالْقَيْدِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، إذْ قَالَ

ص: 467

وَفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ

ــ

[منح الجليل]

الْمُعْتَبَرُ أُخْتُهَا وَعَمَّتُهَا إذَا كَانَ صَدَاقُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهِمَا مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ. اهـ. أَيْ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَمْثَالٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبِيلَتِهَا وَأَمْثَالٌ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ أَمْثَالُهَا مِنْ قَبِيلَتِهَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا أَوْ نَقَصَ، اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ. وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُعْتَبَرَ فِي فَرْضِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِصَدَقَاتِ نِسَائِهَا إذَا كُنَّ مِثْلَ حَالِهَا مِنْ الْعَقْلِ وَالْجَمَالِ وَالْمَالِ.

وَلَا يَكُونُ لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَلَا مِثْلُ صَدَاقِ مَنْ لَهَا مِثْلُ حَالِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ لَهَا مِثْلَ نَسَبِهَا. وَدَلِيلُ هَذَا مِنْ مَذْهَبِهِ قَوْلُهُ فِيهَا وَيُنْظَرُ إلَى أَشْبَاهِهَا فِي قَدْرِهَا وَجَمَالِهَا وَمَوْضِعِهَا، أَيْ مِنْ النَّسَبِ فَاشْتِرَاطُهُ الْمَوْضِعَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فِيهَا لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى نِسَاءِ قَوْمِهَا أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهَا مِثْلُ صَدَقَاتِ نِسَاءِ قَوْمِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالْعَقْلِ، فَالِاعْتِبَارُ عِنْدَهُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إذْ قَدْ تَفْتَرِقُ الْأُخْتَانِ فِي الصَّدَاقِ كَمَا قَالَ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ لِإِحْدَاهُمَا الْجَمَالُ وَالْمَالُ وَالشَّطَاطُ، وَالْأُخْرَى لَيْسَ لَهَا مِنْ هَذَا، فَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرِيدُ بِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَفِي زَمَنِهَا أَيْضًا إذْ قَدْ يَخْتَلِفُ الصَّدَاقُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى مَا قَالَ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى أَمْثَالِهَا مِنْ النِّسَاءِ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا وَعَقْلِهَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى نِسَاءِ قَوْمِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِيهَا مِنْ رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي.

(وَ) اُعْتُبِرَ فِي تَقْدِيرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (فِي) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ (يَوْمَ الْوَطْءِ) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا ابْنُ غَازِيٍّ شَامِلٌ لِكُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَقَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَالْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَطْءِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ، وَهَذَا مُقْتَضَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ

ص: 468

وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ، إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ: كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ،

ــ

[منح الجليل]

فِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ خَصَّصَهُ بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ، فَقَالَ يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ يَوْمَ عَقْدِهِ وَالْفَاسِدُ يُعْتَبَرُ فِيهِ يَوْمَ وَطْئِهِ، وَاسْتَغْنَى ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ ذِكْرِ حُكْمِ الصَّحِيحِ بِالْمَفْهُومِ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَفْهُومِ كَلَامِهِ.

وَقِيلَ فِي الصَّحِيحِ يَوْمَ الْبِنَاءِ إنْ دَخَلَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَبَنَوْا هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إذَا فَاتَتْ، فَهَلْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمَ الْهِبَةِ، وَفَرَّقُوا هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فَرَّقُوا بَيْنَ صَحِيحِ الْبَيْعِ وَفَاسِدِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ اضْطَرَبَ الشُّيُوخُ فِي وَقْتِ فَرْضِ الْمَهْرِ أَوْ يَوْمَ الْعَقْدِ إذْ بِهِ يَجِبُ الْمِيرَاثُ أَمْ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ النَّظَرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ لَوْ شَاءَ طَلَّقَ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَوْمَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ فَيُفْرَضُ يَوْمَ الْوَطْءِ اتِّفَاقًا.

(وَ) إنْ وَطِئَ غَيْرَ حَلِيلَتِهِ مِرَارًا يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا يَوْمَ وَطِئَهَا وَ (اتَّحَدَ) أَيْ انْفَرَدَ وَلَا يَتَعَدَّدُ (الْمَهْرُ) بِعَدَدِ الْوَطْءِ فِي مَرْأَةٍ وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ) بِالنَّوْعِ بِأَنْ ظَنَّهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِالشَّخْصِ بِأَنْ وَطِئَهَا مَرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتَهُ هِنْدٌ وَوَطِئَهَا أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ دَعْدَ وَوَطِئَهَا أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ وَأُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ عَائِشَةَ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا إنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ مِرَارًا بِإِمَائِهِ وَلَوْ كَثُرْنَ، وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْغَالِطِ بِ) وَطْءِ مَرْأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ لَهُ وَ (غَيْرِ عَالِمَةٍ) بِأَنَّهُ غَيْرُ حَلِيلِهَا لِغَلَطِهَا أَيْضًا، أَوْ غَيْبُوبَةِ عَقْلِهَا بِنَحْوِ نَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الَّتِي ظَنَّهَا إيَّاهَا أَوْ تَعَدَّدَتْ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وَحُلُولُو وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَدُّدَهُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْفِدْيَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ تَعَدُّدُهُ بِتَعَدُّدِ نَوْعِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا مَرَّةً زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أَمَتَهُ فَشُبْهَةُ النِّكَاحِ نَوْعٌ، وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ نَوْعٌ آخَرُ، وَشَرْطُ الِاتِّحَادِ مَعَ اتِّحَادِ الشُّبْهَةِ أَنْ لَا يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ بَعْدَ غَلَطِهِ فِيهَا، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَطَلَّقَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا غَلَطًا تَعَدَّدَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ.

ص: 469

وَإِلَّا تَعَدَّدَ: كَالزِّنَا بِهَا أَوْ بِالْمُكْرَهَةِ.

ــ

[منح الجليل]

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي التَّعَدُّدُ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ عَقْدٌ مُبَاحٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَإِذَا وَطِئَهَا غَالِطًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا أَوْ لَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَوَطِئَهَا غَالِطًا تَعَدَّدَ مَهْرُهَا مَا لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِشُبْهَةٍ مُسْتَنِدَةٍ كَمَا قَالُوا إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. إلَّا صَدَاقٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. اهـ. فَلِلِاتِّحَادِ شَرْطَانِ اتِّحَادُ نَوْعِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمُ تَخَلُّلِ عَقْدٍ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ.

وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ نَوْعُ الشُّبْهَةِ كَأَنْ يَطَأَ غَيْرَ عَالِمَةٍ مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى يَظُنُّهَا أَمَتَهُ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ حُرَّةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (تَعَدَّدَ) الْمَهْرُ عَلَيْهِ بِعَدَدِ الظَّنِّ وَمِمَّا فِيهِ التَّعَدُّدُ وَطْؤُهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ، ثُمَّ طَلَّقَ فَاطِمَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ وَطِئَ مَوْطُوءَتَهُ الْأُولَى يَظُنُّهَا فَاطِمَةَ زَوْجَتَهُ أَيْضًا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ تَعَدُّدَ الْمَهْرِ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا أَوَّلَ الْيَوْمِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَآخِرَهُ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ. قُلْتُ وَكَذَا لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى إيجَابِ اخْتِلَافِ سَبَبِ الْفِدْيَةِ تَعَدُّدُهَا حَسْبَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ.

فَإِنْ قُلْت لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ثُمَّ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى، أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَطِئَ الْمَغْلُوطَ بِهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ هَلْ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ أَمْ لَا. قُلْت إنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي وَحْدَةِ الشُّبْهَةِ وَحْدَتَهَا مِنْ حَيْثُ وَحْدَةُ سَبَبِهَا بِالشَّخْصِ تَعَدَّدَ الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ وَحْدَتُهُ بِالنَّوْعِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَتَعَدَّدُ وَالْأَظْهَرُ مِنْ مَسَائِلِ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَبَّهَ فِي التَّعَدُّدِ فَقَالَ (كَالزِّنَا بِهَا) أَيْ غَيْرِ الْعَالِمَةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ ظَنَّهَا أَمَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً أَوْ مُعْتَقِدَةً فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِعَدَدِ وَطْئِهَا، وَدَلَّ قَوْلُهُ كَالزِّنَا أَنَّهُ لَا غَلَطَ عِنْدَهُ بَلْ مَحْضُ تَعَدٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَا كَانَ تَشْبِيهًا وَتَسْمِيَتُهُ زِنًا بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ لَا بِاعْتِبَارِ حَالِهَا (أَوْ) الزِّنَى (بِ) الْحُرَّةِ (الْمُكْرَهَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى وَطْئِهَا فَيَتَعَدَّدُ مَهْرُهَا

ص: 470

وَجَازَ: شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ، أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا

ــ

[منح الجليل]

عَلَى وَاطِئِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرِهَ أَوْ غَيْرَهُ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا بِالْفَتْحِ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ دَلِيلُ اخْتِيَارِهِ وَطَوْعِهِ بَاطِنًا، فَلَا يُعْذَرُ وَيُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ أَعْدَمَ وَاطِئُهَا وَكَانَ مُكْرَهًا بِالْفَتْحِ أَخَذَتْهُ مِنْ مُكْرِهِهَا، وَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى وَاطِئِهَا إنْ أَيْسَرَ.

وَمَفْهُومُ الْمُكْرَهَةِ أَنَّ الزِّنَا بِطَائِعَةٍ عَالِمَةٍ لَا يُوجِبُ لَهَا مَهْرًا وَهُوَ: ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ كَانَ وَاطِئُهَا ذَا شُبْهَةٍ فَعُلِمَ مِنْ مَنْطُوقِ كَلَامِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، أَحَدُهَا: عِلْمُهُمَا مَعًا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَهُوَ زِنًا مَحْضٌ. ثَانِيهَا: عِلْمُهَا دُونَهُ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَا مَهْرَ لَهَا، وَهَذَانِ مَفْهُومَا غَيْرِ عَالِمَةٍ. ثَالِثُهَا: جَهْلُهُمَا مَعًا وَهُوَ مَنْطُوقُ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ. رَابِعُهَا: عِلْمُهُ دُونَهَا فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَهُوَ قَوْلُهُ كَالزِّنَا بِغَيْرِ عَالِمَةٍ. عب وَالظَّاهِرُ تَبَعًا لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا فِيهِ إنْزَالٌ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ الْإِيلَاجُ يُوجِبُ سِتِّينَ حُكْمًا مِنْهَا تَكْمِيلُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ هَذَا فِي إيجَابِ أَصْلِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا تَعَدُّدُهُ عَلَى وَاطِئِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعَرُّضُ لَهُ قَالَهُ عج.

الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيلَاجِ وَطْءٌ يُوجِبُ الصَّدَاقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ إلَخْ إذَا كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً، وَالْمَهْرُ الْمُتَّحِدُ أَوْ الْمُتَعَدِّدُ لَهَا وَلَا حَقَّ فِيهِ لِزَوْجِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِنَفْسِهِ لَا مَنْفَعَتَهَا. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَى وَاطِئِهَا مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ، فَإِنْ كَانَ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ طَاوَعَتْهُ وَلَوْ بِكْرًا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدُهَا مِنْ قَوْلِ الْوَاطِئِ فَيُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْوَطْئَاتِ. وَاخْتَلَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ كُلِّ وَطْئَةٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا اُعْتُبِرَ مَهْرُ كُلِّ وَطْئَةٍ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ اتَّحَدَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْأَخِيرَةِ أَوْ الْوُسْطَى تَرَدُّدٌ.

(وَجَازَ) فِي عَقْدِ النِّكَاحِ (شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إضْرَارٌ لَهَا (فِي عِشْرَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ مُعَاشَرَةٍ (أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا)

ص: 471

وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً: لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لَا أَتَسَرَّى

ــ

[منح الجليل]

مِنْ كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ حَرُمَ إنْ نَافَاهُ وَإِلَّا كُرِهَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَكْرُوهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ، وَكُرِهَ وَلِلْحَرَامِ بِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ، وَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَضُرَّ بِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا فَمَاتَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَمَاتَ انْتَقَلَ لَهَا، وَلَوْ شَرَطَ تَصْدِيقَهَا فِي دَعْوَى الضَّرَرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ فَرَوَى سَحْنُونٌ أَخَافُ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ دَخَلَ مَضَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّرَرِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ دَحُونٍ.

(وَلَوْ شَرَطَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (أَنْ لَا يَطَأَ) مَعَهَا (أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (أَوْ سُرِّيَّةً) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ السِّرِّ، لِأَنَّهَا تُسَرُّ أَوْ بِضَمِّهَا مِنْ السُّرُورِ وَشَدِّ الرَّاءِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ طَالِقًا أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً (لَزِمَ) الشَّرْطُ الزَّوْجَ (فِي) أُمِّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةِ (السَّابِقَةِ) عَلَى الشَّرْطِ مِنْهُمَا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَأَوْلَى فِي اللَّاحِقَةِ وَالسُّرِّيَّةُ اللَّاحِقَةُ ظَاهِرَةٌ، وَيُصَوَّرُ بِتَكَلُّفِ كَوْنِ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِإِبَانَةِ الزَّوْجَةِ الْمَشْرُوطِ لَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ عَقَدَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، فَإِنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (فِي) وَطْءِ (أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي) حَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ (لَا أَتَسَرَّى) .

عب فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِأُمِّ وَلَدٍ إذْ السُّرِّيَّةُ كَذَلِكَ، فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا لَا فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. الثَّانِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا وَاللَّاحِقَةِ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ الْوَطْءُ، فَحُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَهُ حُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ. وَأَمَّا إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ عَلَيْهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً فَلَا يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ التَّجْدِيدُ وَالْإِحْدَاثُ.

ابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا مَسْأَلَةُ لَا أَتَسَرَّى فَمَعْرُوفَةٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَنَحَا إلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ وَلَمْ يُتَابَعَا عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ أَنْ لَا يَطَأَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَحَدٍ

ص: 472

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بَعْدَ مُطَالَعَةِ مَظَانِّ ذَلِكَ مِنْ النَّوَادِرِ وَأَسْمِعَةِ الْعُتْبِيَّةِ وَنَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَطُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَلَّذِي قَوِيَ فِي نَفْسِي أَنَّ لَفْظَ يَطَأُ مُصَحَّفٌ مِنْ لَفْظِ يُتَّخَذُ إذْ الْيَاءُ فِي أَوَّلِهِمَا وَالتَّاءُ وَالْخَاءُ قَدْ يَلْتَبِسَانِ بِالطَّاءِ وَقَرِينِهَا، وَالذَّالُ إذَا عُلِّقَتْ تَلْتَبِسُ بِالْأَلْفِ، وَأَنَّ لَفْظَ لَزِمَ صَوَابُهُ لَمْ يَلْزَمْ فَسَقَطَ لَمْ وَحَرْفُ الْمُضَارَعَةِ، فَصَوَابُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً لَمْ يَلْزَمْ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةً فِي أَنْ لَا أَتَسَرَّى إثْبَاتًا لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا نُفِيَ عَادَ إثْبَاتًا وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، وَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا سَتَرَاهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَفِي النَّوَادِرِ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ يَتَسَرَّرُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلِلرَّجُلِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ فَيَطَأهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُنَّ يُعْتَقْنَ لِأَنَّ وَطْئَهُ تَسَرُّرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ مِثْلَ مَا رَوَى يَحْيَى وَقَالَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ أَتَّخِذُهَا عَلَيْكِ حُرَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ قَبْلَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُسْتَقْبَلُ اتِّخَاذُهُنَّ، قَالَ: وَسَوَاءٌ عَلِمَتْ مَنْ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ فِعْلٌ وَاحِدٌ إذَا اتَّخَذَ جَارِيَةً فَقَدْ اتَّخَذَهَا وَلَيْسَ عَوْدَتُهُ لِوَطْئِهَا اتِّخَاذًا، أَوْ الْعَوْدَةُ إلَى الْمَسِيسِ تَسَرُّرًا لِأَنَّ التَّسَرُّرَ الْوَطْءُ فَهُوَ يَتَكَرَّرُ، وَالِاتِّخَاذُ كَالنِّكَاحِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَنْكِحَ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَعَلَيْهِ فِيمَنْ يَنْكِحُ مِنْ ذِي قَبْلُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ اهـ.

وَقَدْ تَضَمَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّسَرِّي وَالِاتِّخَاذِ وَعَلَيْهِ يَحُومُ الْمُصَنِّفُ، إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ وَأَخَّرَ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَكِنْ تَعَاكَسَ بَيْنَهُمَا الْمَشْهُورُ عَلَى حَسَبِ مَا صَوَّبْنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِنَقْلِ ذَلِكَ تَتِمُّ الْفَائِدَةُ، قَالَ فِيمَنْ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ لَهُ سُرِّيَّةٌ قَبْلَ النِّكَاحِ هَلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا أَمْ لَا فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا، فَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ سُرِّيَّةً فِيمَا يُسْتَقْبَلُ. وَوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى لَا يَتَسَرَّرُ لَا يَمَسُّ سُرَرُهُ سُرَرَ

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

أَمَةٍ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، فَهَذَا إنْ وَطِئَهَا فَقَدْ مَسَّ سُرَرُهُ سُرَرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ قَبْلَ تَارِيخِ النِّكَاحِ.

ثُمَّ قَالَ فِي الَّذِي الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ تَقَدَّمَ اتِّخَاذُهُ إيَّاهُنَّ قَبْلَ نِكَاحِهِ فَوَطِئَهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ، هَلْ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ أَمْ لَا، فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّ التَّسَرُّرَ هُوَ الْوَطْءُ وَلِأَنَّ الَّتِي اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا إنَّمَا أَرَادَتْ أَنْ لَا يَمَسَّ مَعَهَا غَيْرَهَا وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ. قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ قَوْلُ سَحْنُونٍ جَيِّدٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ، وَقَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَمْ يَرَ قَوْلَ سَحْنُونٍ شَيْئًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ فَضْلٌ وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ إذَا هُوَ لَمْ يَقُلْ وَلَا يَتَسَرَّى ثُمَّ تَظْهَرُ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ قَدِيمَةٌ مِنْ قَبْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ الْقَدِيمَةِ فِي هَذَا إلَّا قِيَامٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا، وَلَا حُجَّةَ لَهَا فِي مَنْعِهِ، وَإِنَّمَا لَهَا ذَلِكَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَأَفْتَى فِيهَا الْبَاجِيَّ بِهَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الشَّرْطُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً.

ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا هُوَ الْآتِي عَلَى تَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالشَّرْطِ أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ قُلْت نَوَّعَ الْمُصَنِّفُ الِاتِّخَاذَ إلَى اتِّخَاذِ أُمِّ وَلَدٍ وَسُرِّيَّةٍ عَلَى مَا صَوَّبْت وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي التَّسَرِّي إلَّا عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ السَّابِقَةِ عَكْسُ مَا نَقَلْت عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ. قُلْتُ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الِاتِّخَاذِ وَالتَّسَرِّي، فَظَهَرَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَشَدَّ مِنْ لَا يَتَّخِذَ لِتَعَاكُسِ الْمَشْهُورِ فِيهِمَا. وَأَمَّا لَا يَطَأُ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ لَا يَتَسَرَّى بِاعْتِبَارِ مَا فُقِدَ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنَّمَا التَّسَرُّرُ عِنْدَنَا الِاتِّخَاذُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ، فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُرِيدُ اتِّخَاذَهَا لِلْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ إنْ وَطِئَ جَارِيَةً فَيَلْزَمُهُ، وَنَحْوُهُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادَةَ وَأَنْكَرَهُ الْمَدَنِيُّونَ.

طَخِّيخِيٌّ فِيمَا زَعَمَهُ " غ " نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِي السَّابِقَةِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ

ص: 474

وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا.

ــ

[منح الجليل]

أَوْ سُرِّيَّةٍ فِي لَا أَطَؤُكُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي لَا أَتَسَرَّى، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَطْءِ فَأَلْزَمَهُ فِي السَّابِقَةِ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الِاتِّخَاذِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي السَّابِقَةِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ.

فَإِنْ قُلْت الِاتِّفَاقُ الَّذِي ذَكَرْته يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْتُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ عَلَى قَوْلٍ لِغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى " غ " أَيْضًا. وَاعْتَرَضَ الْحَطّ عَلَى " غ " بِأَنَّهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ الْوَطْءَ أَشَدُّ مِنْ التَّسَرِّي فَهُوَ أَوْلَى بِاللُّزُومِ فِي السَّابِقَةِ.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى وَخَالَفَ لَزِمَهُ فِي السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فِي لَا يَطَأُ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَطْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي لَا يَتَسَرَّى، وَأَحْرَى فِي اللَّاحِقَةِ فِيهِمَا وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ لَزِمَهُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقٍ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَهُمَا لَا يَطَأُ وَلَا يَتَّخِذُ، وَوَاسِطَةٍ وَهِيَ لَا يَتَسَرَّى. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ كَلَا يَطَأُ، وَقَالَ: سَحْنُونٌ كَلَا يَتَّخِذُ، وَقَدْ نَظَمَ فَقِيلَ:

وَطْءٌ تَسَرٍّ مُطْلَقًا قَدْ لَزِمَا

كَلَاحِقٍ مَعَ اتِّخَاذٍ عُلِمَا

تَلْخِيصُهُ لُزُومُ كُلِّ مَا عَدَا

مَنْ سَبَقَتْ مَعَ اتِّخَاذٍ وُجِدَا

(وَ) إنْ شُرِطَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا وَإِنْ خَالَفَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَفَعَلَ بَعْضَ ذَلِكَ فَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْخِيَارُ) فِي فِرَاقِهِ وَعَدَمِهِ (بِ) سَبَبِ مُخَالَفَتِهِ فِي (بَعْضِ شُرُوطٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا إنْ قِيلَ حَالَ الِاشْتِرَاطِ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، بَلْ (وَلَمْ يُقَلْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (إنْ فَعَلَ) الزَّوْجُ (شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ فِعْلِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِفِعْلِهِ بَعْضَهَا فِي صُورَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا عَطْفُهَا بِالْوَاوِ، ثُمَّ يَقُولُ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُك بِيَدِك. وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَنْ قَالَ مَتَى تَسَرَّيْتُ وَتَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ وَأَخْرَجْتُك فَأَمْرُك بِيَدِك، وَمِثْلُ هَذَا كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شُرُوطًا مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ لَهَا

ص: 475

وَهَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَزِيَادَتُهُ كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ وَنُقْصَانُهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا؟

ــ

[منح الجليل]

الْخِيَارَ بِمُخَالَفَتِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي بَعْضِهَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ وَبِالْبَعْضِ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا فِي الشُّرُوطِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بِفِعْلِهِ جَمِيعِهَا، وَعَلَى هَذَا الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ وَالْوَانُّوغِيُّ وَبِهِ أَفْتَى صر قَائِلًا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ بِبَعْضِهَا جَمَعَهَا بِالْوَاوِ وَلَا يَقُولُ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ كَتَبَ لَهَا بِهَا وَثِيقَةً عِنْدَ مَالِكِيٍّ، فَإِنْ عَطَفَهَا بِأَوْ فَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِهَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيقِ خِيَارِهَا أَوْ كَوْنِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا بِدُونِ خِيَارِهَا.

(وَهَلْ تَمْلِكُ) الزَّوْجَةُ (بِالْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ (النِّصْفَ) مِنْ الْمَهْرِ وَلَا تَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِدُخُولٍ أَوْ مَوْتٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الْمَهْرُ (فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الْمَهْرِ (كَنِتَاجٍ) أَيْ أَوْلَادٍ لِلصَّدَاقِ (وَغَلَّةٍ) لِلصَّدَاقِ (وَنُقْصَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ (لَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلنَّقْصِ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا مَحَلُّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الصَّوَابُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَشَطَّرَ إلَخْ، كَصَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا إنْ فُسِخَ قَبْلَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَخَلَ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالزِّيَادَةُ لَهَا وَالنَّقْصُ عَلَيْهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي التَّلَفِ إذَا كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ أَيًّا كَانَ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَأَمَّا مَا بَنَوْهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَضَعِيفٌ، وَقَدْ كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمَانِ هُنَا وَفِي مَوَاضِعَ، وَمُحَصَّلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَوْلُهُ كَنِتَاجٍ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَلَدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِحُكْمِهِ بِأَنَّهُ كَالْمَهْرِ، ثُمَّ ذِكْرُهُ الْخِلَافَ فِيهَا وَبِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَدْ

ص: 476

أَوْ لَا؟ خِلَافٌ.

ــ

[منح الجليل]

نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَيْنَهُمَا.

(أَوْ لَا) تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَيْ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَبِهِ قَرَّرَ تت لِأَنَّهُ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ فَزِيَادَتُهُ لَهُ وَنَقْصُهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ تَلِفَ فَيَدْفَعُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَادَ فَهِيَ لَهُ أَوْ تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فِيهِمَا لَهَا وَعَلَيْهَا وَجَعَلَهُ تت زَائِدًا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) طفي ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِمَا هَلْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهَا وَشَهَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلزَّوْجِ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى التَّشْطِيرِ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلزَّوْجِ سِوَى الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْلَا مَا قَالُوهُ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ أَوْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَوْ لَا تَمْلِكُ النِّصْفَ بَلْ الْجَمِيعَ، فَيَكُونُ أَوْفَقَ بِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَيَأْتِي التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَمُخَالَفَةُ اصْطِلَاحِهِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ. اهـ. يَعْنِي فِي تَشْهِيرِهِ كَوْنَ الْغَلَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ تَكُونُ لَهَا وَلَا يَلْزَمُ هَذَا. ابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ وَبِهِ صَرَّحَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِلْوَلَدِ بِحُكْمِ الْمَهْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءَ فِيهَا عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَنَصُّهُ وَمَا حَدَثَ بِالْمَهْرِ مِنْ زِيَادَةٍ بِوِلَادَةِ مِثْلِهِ وَفِي كَوْنِ غَلَّتِهِ ثَمَرَةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ هِبَةَ مَالٍ لَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ لَهَا أَوْ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا كُلُّ مَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَحَالَ سَوْقُهُ أَوْ نَقَصَ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَمَا أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ مَا أَدْرَكَ مِنْ

ص: 477

وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا

وَنِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ، إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ

ــ

[منح الجليل]

هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ طَلَّقَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ نَمَاءٍ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَضَاءِ قَاضٍ لِأَنَّهُ شَرِيكُهَا.

وَكَذَا إنْ نَكَحَهَا بِحَائِطٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَمَا أَغْلَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَانَ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِهِ، وَكَذَا الْأَمَةُ تَلِدُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهَا أَوْ كَسَبَتْ مَالًا أَوْ اغْتَلَّتْ غَلَّةً أَوْ وُهِبَ لَهَا أَوْ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَهَذَا كُلُّهُ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَهُ بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ مَا غَلَّ أَوْ تَنَاسَلَ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ ثَمَرِ شَجَرٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ إنَّ كُلَّ غَلَّةٍ أَوْ قَمَرَةٍ لَهَا خَاصَّةً بِضَمَانِهَا. اهـ. فَقَدْ رَأَيْت أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْبِنَاءَ إلَّا فِي الْغَلَّةِ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَّبَعُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(وَ) إنْ وَهَبَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِبَتُهَا وَإِعْتَاقُهَا مَاضِيَانِ فَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ هِبَةِ الصَّدَاقِ أَوْ عِتْقِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ) الصَّدَاقِ (الْمَوْهُوبِ) مِنْهَا لِغَيْرِ زَوْجَهَا (أَوْ الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَهُمَا) أَيْ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتِ وَالْإِخْدَامُ كَالْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُعْسِرَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا يَوْمَ أَفَاتَتْهُ. وَقِيلَ يَوْمَ قَبَضَتْهُ بِنَاءً عَلَيْهِمَا وَنِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوْ التَّعْلِيلَيْنِ، أَيْ هَلْ مَلَكَتْ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. فَالْأَوَّلُ وَهُوَ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(وَ) إنْ بَاعَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهَا (نِصْفُ الثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَتْ بِهِ الصَّدَاقَ (فِي الْبَيْعِ) بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا، وَمَضَى الْبَيْعُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ (وَلَا يُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْعِتْقُ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجَةِ كُلَّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ) قَبْلَ طَلَاقِهَا أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بَعْدَهُ وَاسْتَمَرَّ

ص: 478

لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلَا قَضَاءٍ وَتَشَطَّرَ، وَمَزِيدٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا قَبْلَهُ.

ــ

[منح الجليل]

عُسْرُهَا إلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (لِعُسْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مُعْتَبَرًا (يَوْمَ الْعِتْقِ) فَلَا يُعْتَبَرُ عُسْرُهَا قَبْلَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْعُسْرِ مَعَ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ أَيْسَرَتْ لِمَا سَيُرَتِّبُهُ عَلَيْهِ.

(ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا (عَتَقَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ (النِّصْفُ) الَّذِي ثَبَتَ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِزَوَالِ حَجْرِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِهِ أَيْ أُمِرَتْ بِعِتْقِهِ (بِلَا قَضَاءٍ) عَلَيْهَا بِهِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ تَصَرُّفَ زَوْجَتِهِ رَدَّ إيقَافٍ، هَذَا مَذْهَبُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ إبْطَالٍ فَلَا تُؤْمَرُ بِعِتْقِ النِّصْفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ أُمِرَتْ بِعِتْقِ جَمِيعِهِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَهُ رَدُّ هِبَتهَا وَصَدَقَتِهَا بِالْأَوْلَى إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَهُمَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَلَا تُؤْمَرُ بِهِبَتِهِ وَلَا صَدَقَتِهِ (وَتَشَطَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْقَسَمَ الصَّدَاقُ شَطْرَيْنِ، أَيْ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلزَّوْجِ وَنِصْفٌ لِلزَّوْجَةِ وَهُوَ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا مِنْهُ بِالْعَقْدِ، وَمِنْ مِلْكِهَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ الْجَمِيعَ بِهِ، وَعَلَى مِلْكِهَا النِّصْفَ بِهِ فَمَعْنَى تَشَطَّرَ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُهُ بَعْدَ تَهَيُّئِهِ لِلتَّكْمِيلِ بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ.

(وَ) تَشَطَّرَ (مَزِيدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مَا زَادَهُ الزَّوْجُ لَهَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا اتَّصَفَ بِصِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ أَمْ لَا قَبَضَتْهُ أَمْ لَا، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِهِ سَقَطَ فَلَهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَفْهُومٌ بَعْدَهُ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ صَدَاقٌ، وَالْمَزِيدُ لِلْوَلِيِّ بَعْدَهُ لَهُ وَلَا يَتَشَطَّرُ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ.

(وَ) تَشَطَّرَتْ (هَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْهَدِيَّةُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ لِوَلِيِّهَا) أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَصِلَةُ اُشْتُرِطَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ، وَكَذَا الْهَدِيَّةُ قَبْلَهُ أَوْ

ص: 479

وَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ

وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا،

ــ

[منح الجليل]

بِلَا شَرْطٍ صَرِيحٍ لِأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ حُكْمًا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ» وَأَقْسَامُهَا تِسْعَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا لَهَا وَإِمَّا لِوَلِيِّهَا وَإِمَّا لِغَيْرِهِمَا. وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَاَلَّتِي قَبْلَهُ وَاَلَّتِي مَعَهُ تَتَشَطَّرَانِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَتَا لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَاَلَّتِي بَعْدَهُ لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا الْمُهْدَى لَهُ إنْ كَانَ وَلِيَّهَا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا فَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ.

(وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَطِ مِنْ مَزِيدٍ أَوْ مُشْتَرَطٍ أَيْ أَخْذُ نِصْفِهِ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَرَطُوهُ جَعَلُوا لَهَا فِيهِ مَدْخَلًا إلَيْهِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ الْآخَرَ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَيْسَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَتَنَازَعَ تَشَطَّرَ وَأَخَذَهُ فِي قَوْلِهِ (بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ) أَيْ الْوَطْءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِقَامَتِهَا سَنَةً بِبَيْتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا.

(وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (إنْ هَلَكَ) أَيْ تَلِفَ فِي مَحَلٍّ يَرْجِعُ نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ بِهَلَاكِهِ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (أَوْ) لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ وَ (كَانَ) أَيْ الصَّدَاقُ (مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَتَخْبِيَتُهُ، وَدَعْوَى هَلَاكِهِ مَعَ سَلَامَتِهِ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَهُوَ بِيَدِ أَمِينٍ، وَخَبَرُ " ضَمَانُهُ "(مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ بَنَى بِهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ فَسَخَ الْفَاسِدُ قَبْلَهُ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عَدَمِ الْغَيْبَةِ أَوْ كَوْنُهُ بِيَدِ الْأَمِينِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَتَكَمَّلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَتَلَفٍ فَضَمَانُهُ مِنْهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَسَادِهِ أَوْ عِتْقِ الْأَمَةِ تَحْتَ

ص: 480

وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَهَلْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ؟ تَأْوِيلَانِ.

ــ

[منح الجليل]

عَبْدٍ أَوْ لِعَدَمِ إذْنِ وَلِيِّ السَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ؛ وَإِنْ تَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِمَا.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِهَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِيَدِ أَمِينٍ (فَ) ضَمَانُهُ مِنْ الشَّخْصِ (الَّذِي) هُوَ (فِي يَدِهِ) أَوْ حَوْزُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ عِوَضِهِ وَبِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ عِوَضَهُ كُلَّهُ وَأَنْ تَكْمُلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَهُوَ بِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا عِوَضَهُ كُلَّهُ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ الَّذِي لَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ.

(وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ لِلتَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (مَا) أَيْ عَرَضَ أَوْ الْعَرْضُ الَّذِي (اشْتَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ (مِنْ الزَّوْجِ) سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا لِجَهَازِهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَهَلْ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ لِلتَّشْطِيرِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقَيُّدِ بِقَصْدِ التَّخْفِيفِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا (أَوْ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ (إنْ قَصَدَتْ) الزَّوْجَةُ بِشِرَائِهِ مِنْهُ (التَّخْفِيفَ) عَلَيْهِ بِأَخْذِ الْعَرْضِ بَدَلَ الْعَيْنِ الْمُسَمَّاةِ صَدَاقًا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيمَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ صَلُحَ لِجَهَازِهَا أَمْ لَا وَقَصَرَهُمَا تت وَ " د " وَ " س " تَبَعًا لِلشَّارِحِ عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَا بَعْدَهُ مَعَهُ، وَفَائِدَةُ تَعَيُّنِ تَشْطِيرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا جَبْرًا لِآخَرَ عَلَى تَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ، وَحَمَلَهَا إسْمَاعِيلُ وَالْمُتَيْطِيُّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَابْنُ شَاسٍ عَلَى عَدَمِهِ إنْ جَهِلَ حَالَهَا أَفَادَهُ عب.

الْبُنَانِيُّ قَصَرَهُمَا عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي نَسَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مِنْوَالِهِ غَالِبًا، وَنَصُّهُ وَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ نَمَا أَوْ نَقَصَ أَوْ تَلِفَ وَكَأَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ، وَلِذَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ الْأَصْلِ إلَّا بِرِضَاهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جَهَازِ مِثْلِهَا وَشَرَحَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلَ.

ص: 481

وَمَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَقَطَ الْمَزِيدُ فَقَطْ بِالْمَوْتِ، وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ

ــ

[منح الجليل]

بِقَوْلِهِ يَعْنِي إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَاشْتَرَتْ بِهَا مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا لَا يَصْلُحُ لِجَهَازِهَا مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ وَقَالَ فِي الثَّانِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْ مَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِنِصْفِهِ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ. اهـ. فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا اشْتَرَتْهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَقَطْ، وَبِنَحْوِ شَرْحِ الْحَطَّابِ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ فِي " ق " مَا يُوَافِقُ مُخْتَارَ " ز ".

(وَ) تَعَيَّنَ (مَا اشْتَرَتْهُ) مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ (مِنْ جَهَازٍ) مِثْلِ (هَا) إنْ اشْتَرَتْهُ بِالصَّدَاقِ، بَلْ (وَإِنْ) اشْتَرَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ اشْتَرَتْهُ بِمَالِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلزَّوْجِ وَالْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِنْ صِلَةٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَكْرَارَ (وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ الْمَالُ (الْمَزِيدُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ، وَصِلَةُ سَقَطَ (بِ) سَبَبِ (الْمَوْتِ) أَوْ الْفَلَسِ لِلزَّوْجِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَقَبَضَهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُحَزْ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبَضَ الْمَزِيدَ فَالْجَارِي عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِقَبُولِهَا إيَّاهُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَهُ " د "، وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ مَوْتَهَا كَمَوْتِهِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ بِنَقْلٍ.

(وَفِي تَشَطُّرِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَنَصُّفِ (هَدِيَّةٍ) أَهْدَاهَا الزَّوْجُ لَهَا تَطَوُّعًا (بَعْدَ الْعَقْدِ) وَقَبَضَتْهَا (وَ) طَلَّقَهَا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا إنْ لَمْ تَفُتْ، وَنِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا إنْ فَاتَتْ إنْ شَاءَ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ تَفُتْ (أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ فَاتَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ.

بَلْ (وَإِنْ لَمْ تَفُتْ) الْهَدِيَّةُ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِاقْتِصَارِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ

ص: 482

إلَّا أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذَ الْقَائِمَ مِنْهَا، لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ: رِوَايَتَانِ. وَفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدَى عُرْفًا؛ قَوْلَانِ

وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ

ــ

[منح الجليل]

إلَّا أَنْ يُفْسَخَ) بِضَمِّ الْيَاءِ النِّكَاحُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْ الزَّوْجِ بِهَا (فَيَأْخُذَ) الزَّوْجُ (الْقَائِمَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَفُتْ فِي مِلْكِهَا (مِنْهَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِعِوَضِ الْفَائِتِ مِنْهَا، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ (لَا) يَأْخُذُ الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ الْهَدِيَّةِ (إنْ فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَلَوْ لَمْ تَفُتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ (رِوَايَتَانِ) فِيمَا قَبْلَ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ.

(وَفِي الْقَضَاءِ) عَلَى الزَّوْجِ (بِمَا يُهْدَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (عُرْفًا) وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَعَدَمِهِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ (قَوْلَانِ) فِي الْمَوَّاقِ الْأَحْسَنُ فِي هَذِهِ رِوَايَتَانِ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلَانِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ بِهِ قِيلَ يَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِهِمَا، وَعَلَى عَدَمِهِ فَهِيَ هِبَةٌ تَحْتَاجُ لِحَوْزٍ وَهُوَ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا يُهْدَى عُرْفًا فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ كَالصَّدَاقِ، وَمَا شُرِطَ إهْدَاؤُهُ فَيُقْضَى بِهِ اتِّفَاقًا، وَأَجْرَى الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ فِي الْمَوَاسِمِ كَالْعِيدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ الْقَضَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ. وَذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الزَّوْجَةِ بِكِسْوَةٍ إنْ شَرَطَتْ أَوْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ، وَنَقَلَ فِي الْفَائِقِ نَحْوَهُ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ، لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَّلُوهُ بِجَمْعِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ. ابْنُ النَّاظِمِ فِي شَرْحِهَا مَا لِابْنِ سَلْمُونٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَكِنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ.

(وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْقَضَاءُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِالْوَلِيمَةِ) أَيْ طَعَامِ الْعُرْسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ رضي الله عنه، وَأَشَارَ بِصُحِّحَ لِقَوْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَالرَّاجِحُ

ص: 483

دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ

وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ

، وَفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ: قَوْلَانِ

وَعَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ

ــ

[منح الجليل]

نَدْبُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِهِ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقْضَى بِهَا (دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ) وَضَارِبِ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْحَمَّامِ وَالْجِلْوَةِ الْمُتَعَارَفَةِ عِنْدَهُمْ وَثَمَنِ وَثِيقَةِ الْعَقْدِ وَمَحْصُولِهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

(وَ) إنْ أَصْدَقَهَا ثَمَرَةً أَوْ عَبْدًا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ فَ (تَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ) الَّتِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالطَّلَاقِ (وَ) نِصْفِ نَفَقَةِ (الْعَبْدِ) الَّذِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهُ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا بَيْنَهُمَا، وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ مِنْهُمَا بِنِصْفِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لِأَنَّهُ فِي فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. تت هَذَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ نِصْفَهُ بِالْعَقْدِ، وَأَمَّا عَلَى مِلْكِهَا جَمِيعَهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا بِهِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ طَلَاقِهَا.

(وَ) إنْ كَانَ الصَّدَاقُ رَقِيقًا وَاسْتَأْجَرَتْ مِنْ عِلْمِهِ صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَخِيَاطَةٍ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ (تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ) ارْتَفَعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَعَدَمُ رُجُوعِهَا بِهَا (قَوْلَانِ) لَا غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَضَرْبِ عُودٍ وَلَا إنْ عَلَّمَتْهُ بِنَفْسِهَا وَلَا إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ ثَمَنُهُ بِهَا وَخَرَجَ بِصَنْعَةٍ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا، وَمِنْهُ الْحِسَابُ فَلَا تَرْجِعُ بِنِصْفِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي اسْتِئْجَارِ الزَّوْجِ عَلَى تَعْلِيمِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا.

(وَعَلَى الْوَلِيِّ) لِصَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (أَوْ) الزَّوْجَةِ (الرَّشِيدَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الْمُحْسِنَةِ لِلتَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا (مُؤْنَةُ الْحَمْلِ) لِجَهَازِ الزَّوْجَةِ وَذَاتِهَا لِلْبَيْتِ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ

ص: 484

لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ، إلَّا لِشَرْطٍ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ؛ إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ

وَقُضِيَ لَهُ إنْ دَعَاهُ لِقَبْضِ مَا حَلَّ،

ــ

[منح الجليل]

اشْتَرَطَ الزَّوْجُ الْبِنَاءَ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَلِيُّ أَوْ الرَّشِيدَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَصِلَةُ الْحَمْلِ (لِبَلَدِ) أَوْ بَيْتِ (الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْبِنَاءُ بِهِ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ الْمُغَايِرِ لِبَلَدِ أَوْ بَيْتِ الْعَقْدِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ (وَلَزِمَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ (التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي جَهَازِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ (بِمَا قَبَضَتْهُ) مِنْ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا (إنْ سَبَقَ) الْقَبْضُ (الْبِنَاءَ) كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً، أَوْ حَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ شَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ فَتْحُونٍ.

وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَنَصُّهُ وَمَا أَجَّلَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهُ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُعْتَادِ وَقْتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلِغُرَمَائِهَا إنْ قَامُوا قَبْلَهُ أَخْذُهُ فِي دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَهُمْ بَيْعُهُ لِاقْتِضَاءِ ثَمَنِهِ فِي دُيُونِهِمْ وَمَا أَجَّلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَكَالنَّقْدِ وَإِنْ تَعَجَّلَ الْبِنَاءَ قَبْلَ حُلُولِهِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِعَدَمِ التَّجْهِيزِ بِهِ بِدُخُولِهِ قَبْلَهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

الْبُرْزُلِيُّ لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ إلَّا بِمَا قَبَضَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ الثَّانِي، وَنَحْوُهُ لِسَنَدٍ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ دَارًا أَوْ خَادِمًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا بَيْعُهُ لِلتَّجْهِيزِ بِثَمَنِهِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَاللَّخْمِيُّ، وَكَذَا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ. وَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْمُوَثَّقِينَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ قَالَهُ أَحْمَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَرْضًا أَوْ ثِيَابًا مِنْ غَيْرِ زِينَتِهَا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كَتَّانًا فَفِي وُجُوبِ بَيْعِهِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَوْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ خَادِمًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ. ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا أَصْلًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَبْدًا أَوْ طَعَامًا فَلَا يَلْزَمُهَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ.

(وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ دَعَاهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (لِقَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا لِتَتَجَهَّزَ بِهِ الْجَهَازَ الْمُعْتَادَ لِمِثْلِهِمَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ

ص: 485

إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا فَيَلْزَمَ، وَلَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَا تَقْضِي دَيْنًا، إلَّا الْمُحْتَاجَةُ، وَكَالدِّينَارِ.

ــ

[منح الجليل]

أَرَادَتْ بِنَاءَهُ بِهَا قَبْلَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهَا التَّجْهِيزُ بِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِذَلِكَ، مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا، أَوْ عِتْقَ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى إبْرَائِهَا لَهَا مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صَدَاقِهَا الْحَالِّ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى إبْرَائِهِ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِبَقَائِهِ عَلَيْهِ، وَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا زَادَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ. وَمَفْهُومُ حَلَّ أَنَّهُ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ الْمُؤَجَّلِ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ فَامْتَنَعَتْ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِعَدَمِ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَوْ كَانَ عَيْنًا.

ابْنُ فَتْحُونٍ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَجَهَّزَ بِكَالِئِهَا وَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ دَفْعَهُ وَكَانَ عَيْنًا فَيَلْزَمُهَا قَبُولُهُ دُونَ التَّجْهِيزِ بِهِ، وَقُيِّدَ بِالْعَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا قَبُولُهُ لِأَنَّهَا إنْ قَبِلَتْهُ لَزِمَهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ فَقَدْ سُلِّفَ لِيُنْتَفَعَ بِالْجَهَازِ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ) الزَّوْجُ (شَيْئًا) أَزْيَدَ مِمَّا قَبَضَتْهُ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ (فَيَلْزَمَ) الْمُسَمَّى أَوْ الْمُتَعَارَفُ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ وَوَلِيَّ غَيْرِهَا (وَلَا تُنْفِقُ) الزَّوْجَةُ شَيْئًا (مِنْهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الْحَالِّ الَّذِي قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا (وَ) لَا (تَقْضِي) الزَّوْجَةُ مِنْهُ (دَيْنًا) عَلَيْهَا (إلَّا الْمُحْتَاجَةُ) لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ لِعَدَمِ وِجْدَانِهَا غَيْرَهُ، فَتُنْفِقُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " وَلَا تَسْتَغْرِقُهُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا (وَ) إلَّا (كَالدِّينَارِ) مِنْ صَدَاقٍ كَثِيرٍ تَقْضِيهِ عَنْ دَيْنِهَا وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَقْضِيَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهَا مِنْ نَقْدِهَا إلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ مَا لَا خَطْبَ لَهُ. وَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ إلَّا الدِّينَارُ وَنَحْوُهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا تَقْضِي مِنْهُ إلَّا الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ مَا فِي دِيَاتِهَا. وَرَوَى مُحَمَّدٌ مِثْلَ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ عَلَى قِلَّةِ الْمَهْرِ وَكَثْرَتِهِ، فَقَدْ يَكُونُ صَدَاقُهَا الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، فَالدِّينَارُ

ص: 486

وَلَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا، فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ،

ــ

[منح الجليل]

الْوَاحِدُ مِنْهَا كَثِيرٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَلْفَ دِينَارٍ فَالْعَشَرَةُ وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَلِيلٌ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي وُجُوبِ تَجْهِيزِهَا بِهِ اهـ.

(وَلَوْ) تَزَوَّجَ مَرْأَةً بِشَرْطِ تَجْهِيزِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا وَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَ (طُولِبَ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الزَّوْجُ أَيْ طَالَبَهُ وَرَثَةُ زَوْجَتِهِ (بِصَدَاقِهَا) أَيْ بِمِيرَاثِهِمْ مِنْهُ (لِمَوْتِهَا) وَقَدْ شَرَطَ تَجْهِيزَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ (فَطَالَبَهُمْ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَرَثَةَ (بِإِبْرَازِ) أَيْ إحْضَارِ (جَهَازِهَا) الزَّائِدِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ أَوْ بِإِبْرَازِ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ أَوْ بِإِبْرَازِ مِيرَاثِهِ مِنْهُ فَقَطْ وَهُوَ نِصْفُهُ أَوْ رُبْعُهُ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ) أَيْ إبْرَازُ الْجَهَازِ الْمَشْرُوطِ أَوْ الْمَعْرُوفِ الْوَرَثَةُ قَالَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ، قَائِلًا لِأَنَّ الْأَبَ يَقُولُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يُجَهِّزُونَ بَنَاتِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي حَيَاتِهِنَّ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَعِنْدَ مَوْتِ الْبِنْتِ يَنْتَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ، وَاخْتَارَهُ تِلْمِيذُهُ الْمَازِرِيُّ وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْمَقُولِ) مُخَالِفًا لِخَالِهِ وَشَيْخِهِ اللَّخْمِيِّ فِي لُزُومِ إبْرَازِهِمْ جَهَازَهَا الْمَشْرُوطَ أَوْ الْمَعْرُوفَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى تَجْهِيزِهَا بِمَا قُبِضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّاهُ، إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلْت الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى لِمَا شَرَطْته مِنْ الْجَهَازِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ، وَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَنْ حَازَهَا بِهِ فَقَطْ.

الْمَازِرِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ فَاخْتَلَفَ فِيهَا شَيْخَايَ وَهِيَ مَاتَتْ زَوْجَةٌ بِكْرٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَمَّا طَلَبَ أَبُوهَا الصَّدَاقَ طَلَبَ زَوْجُهَا مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَهَازِ الَّذِي تَتَجَهَّزُ بِهِ، فَأَفْتَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ، وَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ بَنَاتِهِمْ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَإِذَا مَاتَتْ الْبِنْتُ فَعَلَى مَنْ يُجَهَّزُ، وَلَا تُقَاسُ عَادَةً بِعَادَةٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ مَعَ اللَّخْمِيِّ لَمَّا خَاطَبَنِي فِيهَا وَسَأَلَنِي عَنْ وَجْهِهَا فَأَجَبْته بِمَا تَقَدَّمَ وَجَرَى بَيْنَنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اهـ.

ص: 487

وَلِأَبِيهَا بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا لِلتَّجْهِيزِ، وَفِي بَيْعِهِ الْأَصْلَ: قَوْلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَطَلَبَ وَالِدُهَا أَخْذَ مِيرَاثِهَا مِنْ صَدَاقِهَا نَقْدَهُ وَكَالَئَهُ وَمِنْ السِّيَاقَاتِ الَّتِي سَاقَهَا الزَّوْجُ إلَيْهَا وَأَبَى أَنْ يُبْرِزَ مِنْ مَالِهِ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يُبْرِزُهُ لَهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً، فَأَجَابَ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُبْرِزَ لَهَا مِنْ مَالِهِ مَا يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهَا الَّذِي يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهَا وَسَاقَ إلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا صَدَاقُ مِثْلِهَا، عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا جَهَازٌ إلَّا بِقِيمَةِ نَقْدِهَا اهـ.

وَقَالَ فِي أَجْوِبَتِهِ فِيمَنْ سَاقَ لِزَوْجَتِهِ سِيَاقَهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَطَلَبَ مِنْ أَبِيهَا تَشْوِيرَهَا بِشَوْرَةٍ تُقَاوِمُ سِيَاقَتَهُ إذْ الْعُرْفُ جَارٍ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ فَأَبَى الْأَبُ مَا نَصُّهُ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُجَهِّزَهَا إلَيْهِ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنْ يُجَهَّزَ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهُ وَسَاقَهُ إلَيْهَا كَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْتِزَامِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَيَسْتَرِدُّ مَا نَقَدَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَكَلَا وَسَاقَ اهـ " ع ". وَفِي فَتَاوَى الْعَبْدُوسِيِّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي أَغْنِيَاءِ الْحَاضِرَةِ إجْبَارُ الْأَبِ أَنْ يُجَهِّزَ بِنْتَه بِمِثْلِيِّ نَقْدِهَا فَإِذَا نَقَدَهَا الزَّوْجُ عِشْرِينَ جَهَّزَهَا الْأَبُ بِأَرْبَعِينَ، فَيَزِيدُ عِشْرِينَ مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَ بِالدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ إمَّا أَنْ تَرْضَى أَنْ يُجَهِّزَهَا لَك بِنَقْدِهَا خَاصَّةً، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْك وَبِهَذَا الْقَضَاءُ وَالْعَمَلُ اهـ.

(وَلِأَبِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُجْبِرِ (بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَصِلَةُ بَيْعُ (لِلتَّجْهِيزِ) بِثَمَنِهِ وَلَهُ عَدَمُ بَيْعِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَيَأْتِي الزَّوْجُ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِالْجَهَازِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ سَاقَهُ الزَّوْجُ لِلْجَهَازِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَذَا جُبِرَ الْأَبُ عَلَى بَيْعِهِ لَهُ (وَفِي) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَيْ الْأَبِ الْمُجْبِرِ (الْأَصْلَ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَسُوقَ فِي صَدَاقِهَا لِلتَّجْهِيزِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَنْعِهِ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ (قَوْلَانِ) إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْبَيْعِ وَلَا بِعَدَمِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَيَأْتِي الزَّوْجُ بِمَا يُنَاسِبُهُمَا مِنْ الْجَهَازِ. الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ

ص: 488

وَقُبِلَ دَعْوَى الْأَبِ فَقَطْ فِي إعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ،

ــ

[منح الجليل]

إلَيْهَا مِنْ الْأُصُولِ فَهَلْ لِأَبِيهَا بَيْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَمْ لَا؟ حَكَمَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا يَشَاءُ بِوَجْهِ النَّظَرِ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ تُحَابِ، وَإِنْ أُدْخِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِجَهَازٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّ بَعْضَهُ لَهُ أَعَارَهُ لَهَا وَخَالَفَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَافَقَتْهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِ الْأَبِ.

(وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (دَعْوَى الْأَبِ) وَكَذَا وَصِيُّهُ وَلَوْ أُمًّا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَصِلَةُ دَعْوَى (فِي إعَارَتِهِ) أَيْ الْأَبِ (لَهَا) أَيْ بِنْتَه حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً شَيْئًا مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: كَوْنُ دَعْوَاهُ (فِي السَّنَةِ) مُعْتَبَرَةً مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ. ثَانِيهَا: كَوْنُهَا مَحْجُورَةً. ثَالِثُهَا: أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجَهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَاقِي وَفَاءٌ بِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ وَيُطَالِبُ بِإِحْضَارِ مَا يُوفِي بِالصَّدَاقِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُهُ لَهُ فَيَحْلِفَ وَيَتْبَعَ بِالْوَفَاءِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ لَهُ سَوَاءٌ: فِي التَّوْضِيحِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا قَضَاءَ لَهُ فِي مَالِهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا.

وَصِلَةُ قُبِلَ (بِيَمِينٍ) هَذَا تَلْفِيقٌ مِنْ قَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي السَّنَةِ فَقَطْ، قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَمَنْ اشْتَرَطَ الْيَمِينَ قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَقِبَهَا أَفَادَهُ الْحَطّ، وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ الْإِعَارَةَ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ وَافَقَتْهُ. بَلْ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ) أَيْ الْأَبَ (الِابْنَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ فِي دَعْوَاهُ الْإِعَارَةَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ إعَارَتَهُ لَهَا (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ تَأَخَّرَ طَلَبُهُ عَنْ السَّنَةِ (وَ) الْحَال أَنَّهُ (لَمْ يُشْهِدْ)

ص: 489

فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثَيْهَا

وَاخْتَصَّتْ بِهِ إنْ أُورِدَ بِبَيْتِهَا، أَوْ أَشْهَدَ لَهَا، أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا، وَوَضَعَهُ عِنْدَ: كَأُمِّهَا.

ــ

[منح الجليل]

بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْأَبُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ عَارِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ قَوْلُهُ بَعْدَهَا وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ، لَكِنْ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَشْهَدَ بَعْدَهُ فِي السَّنَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بَعْدُ بِيَمِينٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ وَدَفْعِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ لَهَا أَوْ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا عَلِمَتْ بِهِ أَمْ لَا، وَغَيْرُ الْأَبِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ نَفَعَهُ لَا عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَهُ. الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ أَشْهَدَ فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ضَمِنَتْهُ.

(فَإِنْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ أَبَاهَا فِي دَعْوَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُشْهِدْ (فَفِي ثُلُثِهَا) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّ إقْرَارِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا عِنْدَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ زَادَ الشَّارِحُ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ كَتَبَرُّعِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ قَالَهُ عج. قُلْتُ قَدْ يُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي خَاصِّ مَالِهَا وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِلْكَهَا لِمُنَازَعَةِ أَبِيهَا فِيهِ.

(وَاخْتَصَّتْ) الْبِنْتُ عَنْ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ أَبِيهَا (بِهِ) أَيْ الْجَهَازِ الزَّائِدُ عَلَى صَدَاقِهَا لَا بِقَدْرِهِ فَقَطْ إذْ لَا تُنَازِعُ فِيهِ الْوَرَثَةُ (إنْ أُورِدَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ وُضِعَ الْجَهَازُ (بِبَيْتِهَا) أَيْ الْبِنْتِ الَّذِي بَنَى الزَّوْجُ بِهَا فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ) لَمْ يُورِدْ بِبَيْتِهَا وَاسْتَمَرَّتْ تَحْتَ يَدِ أَبِيهَا إلَى مَوْتِهِ وَقَدْ (أَشْهَدَ) الْأَبُ بِأَنَّ الْجَهَازَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ (لَهَا) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ لَهُ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وَلَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ تَحْتَ يَدِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ لَهَا (أَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ (لَهَا) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ (وَوَضَعَهُ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهَا (عِنْدَ كَأُمِّهَا) وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا مَعَ إشْهَادِهِ أَنَّهُ لَهَا أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ، وَهَذَا الْإِشْهَادُ غَيْرُ الْإِشْهَادِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى تَمْلِيكِهِ لَهَا وَهَذَا عَلَى تَسْمِيَتِهِ لَهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ مُزَيْنٍ الَّذِي فِي

ص: 490

وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ مَا يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ: جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ،

ــ

[منح الجليل]

التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَصُّهُ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَدْ سَمَّاهُ لَهَا فَأَشْهَدَ أَنَّهُ شَوْرَةٌ لِابْنَتِهِ، إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ أَنَّ ذَلِكَ لِابْنَتِهِ مُسَمًّى وَمَنْسُوبًا إلَيْهَا فَلَا دُخُولَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ، وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ أُمِّهَا اهـ. قَوْلُهُ وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا إلَخْ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ إلَخْ.

النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ لَعَلَّ مَا هُنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ مَخْصُوصٌ بِالشَّوْرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ إنَّمَا تُشْتَرَى وَتُسَمَّى لِلْبِنْتِ بِقَصْدِ هِبَتِهَا لَهَا وَتَمْلِيكِهَا إيَّاهَا، وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ فِي الْهِبَةِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِوَلَدِهِ اجْعَلْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الِابْنُ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْأَبُ، يَقُولُ كَرْمُ أَوْ جِنَانُ أَوْ دَارُ ابْنِي أَنَّ الْقَاعَةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ بِذَلِكَ وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ مَا عَمِلَهُ مَنْقُوضًا. قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الِابْنُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا بِالْإِشْهَادِ بِهِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَهُ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ. اهـ. وَيُوَافِقُ مَسْأَلَةَ الشَّوْرَةِ هَذِهِ مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ الصَّبِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْهِبَةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ التَّمْلِيكِ.

(وَإِنْ وَهَبَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ (لَهُ) أَيْ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (الصَّدَاقَ) الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ (أَوْ) وَهَبَتْ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (مَا) أَيْ مُتَمَوَّلًا (يَصْدُقُهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَجْعَلُهُ صَدَاقًا لَهَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، أَوْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَدْفَعُهُ لَهَا صَدَاقًا يَتَزَوَّجُهَا (بِهِ) وَصِلَةُ وَهَبَتْ (قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ (عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) أَيْ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ فِي الْأُولَى ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَوْهُوبِ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَقَلُّ الَّذِي يَدْفَعُهُ لَهَا مِمَّا وَهَبَتْهُ لَهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ مَالُهُ مَلَّكَهُ لَهَا بِالْعَقْدِ، وَصَارَ مِلْكُهُ بِالْهِبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مِنْ

ص: 491

وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ، إلَّا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ: كَعَطِيَّتِهِ لِذَلِكَ

ــ

[منح الجليل]

غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَالُهَا دَفَعَتْهُ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ لَهَا، فَخُرُوجُهُ مِنْ يَدِهَا وَعَوْدُهُ لَهَا لَا يُعْتَبَرُ.

وَمَحَلُّ جَبْرِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ حَيْثُ أَرَادَ الْبِنَاءَ، فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأُولَى وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحٍ تَسْمِيَةٍ صَحِيحٍ، وَلَا عَيْبَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ. الْمُتَيْطِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحِيَازَةِ فِيهِ إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمَ وَبِهِ الْعَمَلُ. اهـ. وَيَرُدُّهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَبِهَا يُلْغَزُ، فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ عَنْ بِكْرٍ أَوْ غَيْرِهَا أَعْطَتْ رَجُلًا دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِهَا، قَالَ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَزَادَهَا عَلَى مَا أَعْطَتْهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَلَا بَأْسَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا وَهَبَتْهُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ. التَّوْضِيحُ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ تَرْجِعُ بِالْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَ) إنْ وَهَبَتْ رَشِيدَةٌ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ قَبْلَهُ (بَعْضَهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الزَّائِدُ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ وَأَبْقَتْ لِنَفْسِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ (فَالْمَوْهُوبُ) وَهُوَ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَالْبَعْضُ فِي الثَّانِيَةِ (كَالْعَدَمِ) أَيْ لَا تُؤَثِّرُ هِبَتُهُ خَلَلًا فِي النِّكَاحِ لِتَقَرُّرِهِ فِي الْأُولَى بِالدُّخُولِ فِي مُقَابَلَةِ الصَّدَاقِ وَصَيْرُورَةِ الْبَاقِي صَدَاقًا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَوَجَبَ تَكْمِيلُهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَبَ نِصْفُهُ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تَهَبَهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الزَّوْجَ جَمِيعَ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضَهُ (عَلَى) غَرَضٍ (دَوَامَ الْعِشْرَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُعَاشَرَتِهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ حُصُولِ غَرَضِهَا الَّذِي وَهَبَتْ لِأَجْلِهِ.

وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ (كَعَطِيَّتِهِ) أَيْ إعْطَاءِ الرَّشِيدَةِ زَوْجَهَا مَالًا (لِذَلِكَ) أَيْ دَوَامِ الْعِشْرَةِ (فَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ لَهُ،

ص: 492

فَفُسِخَ

وَإِنْ أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَيُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ

ــ

[منح الجليل]

وَأَحْرَى إنْ طَلَّقَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَسْخُهُ لِعَيْبٍ بِهَا تَعْلَمُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ، فَإِنْ بَعُدَ كَسَنَتَيْنِ بِحَيْثُ إنَّ غَرَضَهَا حَصَلَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُفَارِقْهَا الْيَمِينُ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَهُ أَصْبَغُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَفَادَهُ " ز ".

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا وَأَسْقَطَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا بِالْقُرْبِ فَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْ أَوْ أَسْقَطَتْ. وَأَمَّا إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَصَرَّحَ بِهَذَا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُوَضِّحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاقِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا الْيَمِينَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ قُصَارَى أَمْرِهِ كَوْنُهُ كَالْفَسْخِ بِجَامِعِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ الرُّجُوعَ فَالظَّاهِرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا أَصْبَغَ.

(وَإِنْ أَعْطَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ زَوْجَةٌ (سَفِيهَةٌ) أَيْ بَالِغَةٌ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (مَا يَنْكِحُهَا بِهِ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ (ثَبَتَ النِّكَاحُ) وَيَرُدُّ لَهَا مَا أَعْطَتْهُ (وَيُعْطِيهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ) وُجُوبًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا بِدُونِهِ لِسَفَهِهَا.

(وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَإِنْ خَالَفَ السِّيَاقَ إذْ هُوَ فِي إعْطَاءِ السَّفِيهَةِ، وَصِلَةُ وَهَبَتْهُ (لِ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ

ص: 493

وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا اتَّبَعَهَا

ــ

[منح الجليل]

غَيْرِ زَوْجِهَا وَلَوْ وَلِيَّهَا (وَقَبَضَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْوَاهِبَةَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (اتَّبَعَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِنِصْفِهِ وَهِبَتُهَا مَاضِيَةٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ حِجْرِهِ بِطَلَاقِهَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ إجَازَةُ لِفِعْلِهَا.

أَبُو الْحَسَنِ فَرَضَ الْأُمَّهَاتِ الْمَسْأَلَةَ فِي هِبَتِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إيَّاهُ فَدَفَعَهُ الزَّوْجُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ فِي رَأْيِي، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ وَهَبَتْهُ هَذَا الصَّدَاقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَتَكُونُ مُعْسِرَةً فَأَنْفَذَ ذَلِكَ الزَّوْجُ حِينَ دَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا كُلِّهِ فَأَجَازَهُ اهـ.

أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ وَدَفَعَتْهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ هَلْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْجَوَابِ، أَوْ عَلَى الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ يَعْنِي مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مُوسِرَةٍ أَوْ مُعْسِرَةٍ يَوْمَ الطَّلَاقِ، عَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ، قَالَ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ وَذَكَرَ الْجَوَابَ إلَخْ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَاعَى عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ حَمْلِ الثُّلُثِ الْهِبَةِ، قَالَ لِأَنَّهَا زَالَتْ عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يُرَاعَى الثُّلُثُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِحَمْلِ الثُّلُثِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، نَعَمْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُنَا، وَنَصُّهَا فَإِنْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهَا وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ جَازَ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ اهـ.

ص: 494

وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ

وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، أُجْبِرَتْ هِيَ، وَالْمُطَلِّقُ، إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ،

ــ

[منح الجليل]

أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الرَّدِّ. الشَّيْخُ مَعْنَاهُ إذَا أَبْطَلَهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ بَيَّنَهُ مَا فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ هُوَ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجِيزَهُ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا قَالَهُ عج.

(وَ) إنْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَتْ لِلزَّوْجِ عِوَضَ نِصْفِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تَرْجِعْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ، وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تُبَيِّنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ تُظْهِرَ الزَّوْجَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حِينَ الْهِبَةِ (أَنَّ) الْمَالَ (الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ) أَوْ يَعْلَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ سَالِمٌ، فَإِنْ بَيَّنَتْهُ أَوْ عَلِمَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الَّذِي مَلَكَتْهُ وَلَوْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ صَدَاقٌ. أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِيهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ اقْبِضْهَا مِنْ زَوْجِي، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ كَمَا حَكَى مُحَمَّدٌ، وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِنْ) وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَ (لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ الْمَوْهُوبَ حَتَّى طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (أُجْبِرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (هِيَ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الْوَاهِبَةُ فَصَّلَ بِهِ لِإِرَادَةِ الْعَطْفِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ مُوسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُعْسِرَةً لِمِلْكِهَا التَّصَرُّفَ فِي الصَّدَاقِ يُوهِمُ هِبَتَهَا (وَ) أُجْبِرَ الزَّوْجُ (الْمُطَلِّقُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً قَبْلَ بِنَائِهِ بِالْوَاهِبَةِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ فِي النِّصْفِ الَّذِي رَجَعَ لَهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ (إنْ أَيْسَرَتْ) الزَّوْجَةُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ (يَوْمَ الطَّلَاقِ) أَيْسَرَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ

ص: 495

وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى: كَعَبْدٍ، أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَلَا نِصْفَ لَهَا، وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَا إنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ، أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَنِصْفُ مَا بَقِيَ وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ

ــ

[منح الجليل]

أَيْضًا أَمْ لَا، فَهَذَا شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ تَبْيِينِهَا أَنَّهُ صَدَاقٌ. فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَا يَتْبَعُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهِ قَالَهُ عج. وَقَالَ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَتْبَعُهَا بِهِ، فَلَوْ قَالَ كَالْمُطَلِّقِ كَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ رُجُوعَ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ.

(وَإِنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ زَوْجَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ) هَذَا الْمُخَالَعَ بِهِ (مِنْ صَدَاقِي) وَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ (فَلَا نِصْفَ لَهَا) مِنْ صَدَاقِهَا وَتَدْفَعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا فِي الْأُولَى بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَفِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا لَهَا النِّصْفُ (وَلَوْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا (رَدَّتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ.

(لَا) لَا نِصْفَ لَهَا فَلَهَا النِّصْفُ (إنْ قَالَتْ) الرَّشِيدَةُ (طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ) وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي وَتَدْفَعُ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي خُلْعَ مَا لَهَا عَلَيْهِ وَزِيَادَتُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مَالِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي) صَوَابُهُ أَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي عَقِبَ قَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ وَأَوْلَى عَقِبَ قَوْلِهَا طَلِّقْنِي عَلَيْهَا (فَ) لَهَا (نِصْفُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ إسْقَاطِ الْعَشَرَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ (وَتَقَرَّرَ) جَمِيعُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ (بِالْوَطْءِ) فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَشَرَةٍ بَعْدَهُ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَتَدْفَعُ الْعَشَرَةَ فَقَطْ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا هُنَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ سُقُوطِهِ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا.

ص: 496

وَيَرْجِعُ إنْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا، وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ وَصُوِّبَ، أَوْ مُطْلَقًا

ــ

[منح الجليل]

وَ) إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأَصْدَقَهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَ (يَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ (إنْ أَصْدَقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (مَنْ يَعْلَمُ) الزَّوْجُ (بِعِتْقِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الصَّدَاقِ (عَلَيْهَا) بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا لِكَوْنِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ حَاشِيَةً قَرِيبَةً لَهَا، أَيْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِهِ أَيْضًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ عَالِمَةٌ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا، فَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَفِي رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه اسْتِحْسَانُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ.

أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ، فَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ لَهُ أَخْذَ نِصْفِهِ وَمَضَى عِتْقُ نِصْفِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اتِّبَاعَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَمَضَى عِتْقُهُ كُلُّهُ، وَقَالَهُ عَمَّنْ كَاشَفَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اتِّبَاعُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا دُونَهَا لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ، فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ. اهـ. وَقَدْ وَقَعَ فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ نُسَخٍ الْأُولَى بِالتَّحْتِيَّةِ فِي يَرْجِعُ وَيَعْلَمُ، وَالثَّانِيَةُ بِالْفَوْقِيَّةِ فِي تَعْلَمُ وَالتَّحْتِيَّةُ فِي يَرْجِعُ الثَّالِثَةُ عَكْسُهَا، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْأُولَى تَقَيَّدَ بِعِلْمِهَا وَالْأَخِيرَةَ بِعَدَمِ عِلْمِهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَهَلْ) الْعِتْقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ (إنْ رَشَدَتْ) أَيْ كَانَتْ بَالِغَةً مُحْسِنَةً لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَهِيَ ثَيِّبٌ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ (وَصُوِّبَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَقْيِيدُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بِرُشْدِهَا أَيْ صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ قَالُوا تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ خَيْرٌ مِنْ تَأْوِيلِ فَضْلٍ بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الْآتِي.

(أَوْ) يُعْتَقُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِرُشْدِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ كَاشَفَهُ مِنْ

ص: 497

إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ؟ تَأْوِيلَانِ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا، وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

أَصْحَابِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَتَأَوَّلَهَا فَضْلٌ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ عِلْمِ الْوَلِيِّ بِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ) أَيْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عِتْقَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ رُشْدٍ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً، وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أُعْتِقَ بِعِلْمِ غَرِيمِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ، وَالزَّوْجُ حِينَ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ عَدَمَ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلِي وَهِيَ ثَيِّبٌ احْتِرَازًا عَنْ الْبِكْرِ وَالسَّفِيهَةِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَيُعْطِيهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَشَدَتْ سَوَاءٌ عَلِمَ وَلِيُّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا إذْنُهَا.

(وَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ بِعِتْقِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا (دُونَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (لَمْ يُعْتَقْ) الصَّدَاقُ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ عَلِمَتْ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ دُونِهَا (وَفِي عِتْقِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) فَعَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِهِ هَلْ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ يَكُونُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ سَفِيهَةً، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً عَتَقَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّهَا.

" غ " الضَّمِيرُ فِي عَلِمَ وَفِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْوَلِيِّ، وَهَذَا قَسِيمُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَشَارَ بِهِ كُلِّهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فِي أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا، أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا

ص: 498

وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ تُحَابِيَ فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ، وَالشَّرِكَةُ فِيهِ، وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا فَأَقَلَّ: لَمْ يَأْخُذْهُ

ــ

[منح الجليل]

دُونَ الْآخَرِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ هُوَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ. اهـ. إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَرَطَ انْفِرَادَهُ بِالْعِلْمِ دُونَهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ.

(وَإِنْ) أَصْدَقَهَا عَبْدٌ أَوْ (جَنَى الْعَبْدُ) الصَّدَاقَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ وَهُوَ (فِي يَدِهِ) أَيْ حَوْزُ الزَّوْجِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَأَحْرَى إذَا جَنَى وَهُوَ فِي يَدِهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَهَا (فَلَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي فِدَاءِ الْعَبْدِ وَإِسْلَامِهِ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا لِلزَّوْجَةِ.

(وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي جِنَايَتِهِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ كَهَلَاكِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تُحَابِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَسَاهُلٍ وَتَسَامُحِ الزَّوْجَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي إسْلَامِ الْعَبْدِ الَّذِي تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى أَرْشِ جِنَايَتِهِ فِيهِ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ) أَيْ الْعَبْدِ بِنِصْفِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ، وَلَهُ إجَازَةُ إسْلَامِهَا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ، فَإِنْ فَاتَ غَرِمَتْ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ بَاعَتْهُ بِمُحَابَاةٍ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا نِصْفُ الْمُحَابَاةِ، وَفَرَّقُوا بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَلَكِنَّهَا تَبَرَّعَتْ بِبَعْضِ ثَمَنِهِ فَلَزِمَهَا نِصْفُ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ كَتَبَرُّعِهَا بِجَمِيعِهِ، وَفِدَاءُ الْجَانِي كَاشْتِرَائِهِ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ فَدَى نِصْفَهُ.

(وَإِنْ فَدَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْجَانِي (بِأَرْشِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (فَأَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ) الزَّوْجُ

ص: 499

إلَّا بِذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَبِأَكْثَرَ: فَكَالْمُحَابَاةِ، وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ

وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ. وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ؟ تَأْوِيلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

نِصْفَ (هـ) أَيْ الْجَانِي مِنْ الزَّوْجَةِ (إلَّا بِ) نِصْفِ (ذَلِكَ) الْفِدَاءِ إنْ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بَلْ (وَإِنْ زَادَ) الْفِدَاءُ (عَلَى قِيمَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (وَ) إنْ فَدَتْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْشِهَا (فَكَالْمُحَابَاةِ) فِي إسْلَامِهِ فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَدَفْعِهِ لَهَا نِصْفَ الْأَرْشِ وَمُشَارَكَتِهَا بِالنِّصْفِ (وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ) إنْ شَاءَتْ (بِ) جَمِيعِ (مَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمٍ (أَوْ ثَمَرَةٍ) جُعِلَتْ صَدَاقًا فِي نِكَاحٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرٌ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ طَلُقَتْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَهُ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ، وَتَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ.

(وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) الْمُجْبَرَةِ كَثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَصِيًّا مُجْبِرًا (عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ مُسَامَحَةُ الزَّوْجِ مِنْهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لَا قَبْلَهُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

وَقَالَ (ابْنُ الْقَاسِمِ وَ) يَجُوزُ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَ (قَبْلَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (لِمَصْلَحَةٍ، وَهَلْ) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَوْ خِلَافٌ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِوَجْهٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفِّفُ عَنْهُ وَيُنْظِرُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَضِيَتْ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ نَظَرًا وَبِهَذَا يَتَّجِهُ كَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلَانِ لِأَشْيَاخِنَا اهـ.

ص: 500

وَقَبَضَهُ: مُجْبِرٌ، وَوَصِيٌّ،

ــ

[منح الجليل]

وَنَحْوُ مَا فِيهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي جَوَازِ التَّخْفِيفِ قَبْلَ الطَّلَاقِ إذَا ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ.

وَمَفْهُومُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ بَعْدَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَلَّابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ. وَوَجْهُهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّشِيدَةِ وَغَيْرِهَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَافْتَضَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إذْ دَخَلَ بِهَا وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، لِقَوْلِهِ عز وجل {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] . وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى.

(وَقَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ وَلِيٌّ (مُجْبِرٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ شَمِلَ الْأَبَ وَوَصِيَّهُ الَّذِي أَمَرَهُ بِالْجَبْرِ (وَ) شَخْصٌ (وَصِيٍّ) مِنْ الْأَبِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْبِنْتِ وَمِثْلُهُمَا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ عَلَى يَتِيمَةٍ مُهْمَلَةٍ، وَإِنْ أَوْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ الْحَصْرَ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّ وَلِيَّ النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ إلَّا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ الْمُهْمَلَةَ لَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا، قَالَ وَالْخَلَاصُ فِي ذَلِكَ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَحْضُرَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ وَيَشْتَرِي بِنَقْدِهَا جَهَازَهَا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَهَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ مَعْزُوًّا لِبَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قُلْت أَوْ بِتَعْيِينِ الْحَاكِمِ مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ مِمَّا يَجِبُ وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ، وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ لَا يَقْبِضُ الصَّدَاقَ إلَّا أَحَدُ سَبْعَةٍ: الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْقَاضِي لِمَنْ إلَى نَظَرِهِ وَالسَّيِّدُ لِأَمَتِهِ

ص: 501

وَصُدِّقَا، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا، وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ،

ــ

[منح الجليل]

وَالْمَالِكَةُ أَمْرَ نَفْسِهَا وَوَكِيلُهُمْ وَالْحَاضِنُ لِلْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةٍ إذَا كَانَ صَدَاقُهَا مِمَّا تُجَهَّزُ بِهِ اهـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ.

(وَ) إنْ قَبَضَ الْأَبُ الْمُجْبِرُ أَوْ وَصِيُّهُ الصَّدَاقَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ (صُدِّقَا) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا، أَيْ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَاهُمَا قَبْضَهُ وَتَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَبَرِئَ الزَّوْجُ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لِلْمُجْبِرِ أَوْ الْوَصِيِّ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَقُمْ) أَيْ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ) لِلزَّوْجِ بِدَفْعِهِ لِأَحَدِهِمَا.

ابْنُ الْحَاجِّ إنْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْقَبْضَ وَالتَّلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْقَبْضِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ قَوْلَانِ. اهـ. وَمَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بِقَبْضِهِ إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ. اهـ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّصْدِيقُ فِي قَبْضِهِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقَانِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا، وَإِنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ هُوَ الْقَبْضُ لَا التَّلَفُ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.

وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فَإِنْ قَالَ الْأَبُ قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ إلَّا إقْرَارُ الْأَبِ وَكَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لَزِمَهَا ذَلِكَ، وَكَانَ قَبْضُهُ لَهَا قَبْضًا وَضَيَاعُهُ مِنْهُ ضَيَاعٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَبَ الَّذِي لَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْرَأَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ.

(وَحَلَفَا) أَيْ الْمُجْبِرُ وَالْوَصِيُّ عَلَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ تَجْهِيزِ الْأَمَةِ بِهِ صَرَّحَ بِهِ حُلُولُو وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بَابًا (وَرَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ (فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفَعَ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَلَوْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ

ص: 502

وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ شِرَاءُ جِهَازٍ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا، أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ، أَوْ تَوْجِيهِهِ إلَيْهِ. وَإِلَّا؛ فَالْمَرْأَةُ.

وَإِنْ قُبِضَ اتَّبَعَتْهُ، أَوْ الزَّوْجَ.

ــ

[منح الجليل]

الْقِيَامِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا، فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.

(وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُجْبِرُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (شِرَاءُ جَهَازٍ) صَالِحٍ لِمِثْلِهِمَا (تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ) بِ (إحْضَارِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (بَيْتَ الْبِنَاءِ أَوْ تَوْجِيهِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (إلَيْهِ) أَيْ بَيْتِ الْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ. ابْنُ حَبِيبٍ لِلزَّوْجِ سُؤَالُ الْوَلِيِّ فِيمَا صَرَفَ نَقْدَهُ فِيهِ مِنْ جَهَازٍ وَعَلَى الْوَلِيِّ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ (فَالْمَرْأَةُ) الرَّشِيدَةُ تَقْبِضُ صَدَاقَهَا، فَإِنْ قَبَضَتْهُ وَغَابَتْ وَادَّعَتْ تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ فَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزٌ بِغَيْرِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُخْلِفُهُ مِنْ مَالِهَا وَتَتَجَهَّزُ بِهِ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً فَالْمُخَلِّصُ اجْتِمَاعُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَشِرَاءُ الْجَهَازِ اللَّائِقِ بِهِمَا بِحَالِ الصَّدَاقِ وَوَضْعِهِ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قَبَضَ الصَّدَاقَ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهَا لَهُ وَتَلِفَ مِنْهُ فَقَدْ تَعَدَّى فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ، فَإِنْ شَاءَتْ (اتَّبَعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْقَابِضَ (أَوْ) اتَّبَعَتْ (الزَّوْجَ) فَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الْقَابِضِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ وَهَذَا عَلَى نَصْبِ الزَّوْجِ بِعَطْفِهِ عَلَى هَاءِ اتَّبَعَتْهُ، وَيَصِحُّ رَفْعُهُ بِعَطْفِهِ عَلَى فَاعِلِ اتَّبَعَ الْمُسْتَتِرُ فِيهِ لِوُجُودِ الْفَصْلِ بِالْهَاءِ، وَالْمَعْنَى أَوْ

ص: 503

وَلَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِالْقَبْضِ: لَمْ أَقْبِضْهُ، حَلَفَ الزَّوْجُ فِي: كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ.

ــ

[منح الجليل]

اتَّبَعَ الزَّوْجُ الْقَابِضَ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ وَهَذَأ أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ اتِّبَاعَ الْقَابِضِ أَيْضًا.

(وَلَوْ قَالَ الْأَبُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ كَوَصِيٍّ وَرَشِيدَةٍ (بَعْدَ الْإِشْهَادِ) عَلَى نَفْسِهِ (بِالْقَبْضِ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ، وَمَفْعُولُ قَالَ (لَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ الصَّدَاقَ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا أَشْهَدْتُ عَلَى نَفْسِي بِقَبْضِهِ لِحُسْنِ ظَنِّي فِيهِ وَلِتَشْرِيفِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْقَوْلُ وَ (حَلَفَ الزَّوْجُ) لَقَدْ أَقَبَضْته إيَّاهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ (فِي) زَمَنٍ قَرِيبٍ مِنْ الْإِشْهَادِ (كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ خَمْسَةً زَائِدَةً عَلَى الْعَشَرَةِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْهَدُ وَاسْتَحَقَّ أَخْذَ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ،

وَتَعْرِيفُ الْمُتَضَايِفَيْنِ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَعْرِيفِ الثَّانِي فَقَطْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ. وَفِي أَكْثَرِهَا تَعْرِيفُ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَهَذَا لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

ص: 504