الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بهذا ينتهي كلامنا عن «التفسير والتأويل في القرآن» ، وبهذا تتوقف جولتنا مع مصطلح «التأويل» .
لقد كانت الرحلة مع «التأويل» شيقة ممتعة، كما كانت نافعة مفيدة، ولله الحمد.
لقد عشنا مع التأويل في اللغة والاصطلاح، وتحوّلنا مع أمهات كتب اللغة والمعاجم، باحثين عن معنى التأويل فيها.
ثم سعدنا وتمتّعنا بمتابعة «التأويل» في سور القرآن الكريم، وتأنينا في جولتنا وسيرنا مع سور القرآن التي أوردت هذا المصطلح. وحرصنا علي الوقوف مع الآيات متدبرين ناظرين.
عشنا مع التأويل في سورة يوسف، وفي سورة الأعراف، وفي سورة يونس، وفي سورة الكهف، وفي سورة الإسراء، وفي سورة النساء، وأخيرا في سورة آل عمران.
وقد لاحظنا أنّ التأويل في كلّ سورة من هذه السور السبع ورد في سياق خاص. وأنّ التأويل في هذه السور كلّها ورد بمعنى واحد، وهو: بيان العاقبة، وتحديد المآل، وإيجاد المطلوب، وفعل الأمر، وتحقيق الخبر.
وكانت وقفتنا طويلة أمام التأويل في سورة آل عمران، لاختلاف العلماء في فهمه، ولتعلّقه بالمحكم والمتشابه، وهل يمكن تأويل المتشابه أو لا يمكن، وما هي ضوابط التأويل الممكن.
ثم انتقلنا الي التأويل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام أصحابه، وبيّنا أنّ الحديث عن التأويل كان يراد به معنيان من معاني التأويل: التأويل الوارد في القرآن بمعنى الردّ والأداء والحقيقة والمآل، والتأويل بمعنى الفهم والتفسير والبيان.
وأوردنا أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وروايات عن أصحابه الكرام، يتحقق فيها هذا المعني.
وتحدثنا أخيرا عن «الفرق بين التفسير والتأويل» ، وسجلنا أهم الفروق التي أوردها العلماء بينهما. ثم توقفنا لتقديم ما نراه راجحا في التفريق بينهما، وشرحنا وجهة نظرنا في أن الناظر في القرآن والمتدبّر فيه، لا بدّ أن يمرّ بمرحلتين متعاقبتين:
المرحلة الأولي: هي تفسير القرآن، من خلال الاطلاع علي ما ورد في تفسير الآية من آيات، وأحاديث صحيحة، وكلام صحابة وتابعين وعلماء سابقين، وروايات حول أسباب النزول والنسخ والقراءات والغريب وغير ذلك.
والمرحلة الثانية: هي تأويل القرآن، بالالتفات الي لطائفة وإشاراته، واستخراج حقائقه ودلالاته.
وبعد ذلك عرضنا فهم إمام المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري لتأويل القرآن، وتقسيمه آيات القرآن الي ثلاثة أقسام من حيث تأويلها.
وأشرنا الي ورود معنى ثالث للتأويل، في استعمال المتأخرين من الفقهاء والأصوليين وعلماء الكلام، وهو استعمالهم له بمعنى الصرف والتحويل، وبيّنا تحقق معنى التأويل اللغوي والاشتقاقي في هذا المعنى الجديد.
وسجّلنا تحفّظنا علي استعمال التأويل بمعناه الثالث الطارئ علي المعنيين السابقين، وأنّ التأويل والصرف المقبول الصحيح يدخل ضمن تفسير النص، أي يدخل في المعنى الثاني، وآثرنا استخدام التأويل بمعنييه: المعنى الوارد في القرآن والسنة، والمعنى الثاني الذي استعمله فيه بعض العلماء من سلف الأمة.
وبهذا ينتهي ما قدّره الله لنا من كلام حول «التأويل في القرآن» . والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، ونرجو أن يتقبل الله منا هذا العمل.
وصلّى الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلّم.