الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
من أجل التوثيق السليم لتاريخ تونس في العصر الحديث، ونظراً إلى أن تأريخ الحركة الوطنية الاستقلالية -سواء داخل التراب التونسي، أو خارجه- بحاجة إلى قلم حر منصف، يكتب بصدق طوية، ويؤرخ بنزاهة، ودون ميل إلى أهواء وأغراض.
أقدم هذا الكتاب إلى المؤرخ والباحث كوثيقة من وثائق التاريخ التونسي، لعله يجد فيها واقعة، أو خبراً، أو حتى كلمة يستخلص منها الحقيقة التي نريدها مسطرة في سجل البلد الذي أحببناه، وأردناه أن يكون في طليعة الدول التي تتطلع إلى مستقبل مشرق بقدر ما تعتز وتفاخر بماضٍ مشرق.
إن حصر الجهاد التونسي في زعيم، ونسيان أولئك الأبطال والشهداء والعاملين في الساحة الوطنية، أو وضعهم وتصنيفهم في مراتب ثانية أو ثالثة من مراتب الجهاد، إنّه طعن في صدر الأمة، وامتهان لكرامتها وشرفها، ومن الواجب علينا أن نصحح مسيرة الخطأ، ونعطي كلَّ واحد من المخلصين مكانته في التاريخ دون تزييف.
أقدم -في سبيل هذه الدّعوة الصادقة- كتاب: "جبهة الدفاع عن أفريقيا الشمالية" التي أسسها وقام على تحقيق مبادئها في تحرير المغرب الإمام محمد
الخضر حسين في القاهرة، ولا أقول: إنها الحركة الوحيدة العاملة في ميدان الجهاد المغربي، أو إنها المنفردة بانتزاع الاستقلال من براثن الفرنسيين، بل نسجل بكل تواضع أنها عمل مجيد صنعه رجال أمجاد، فاستحقوا من الوطن كل تعظيم وإعزاز.
ومن المفيد للتاريخ التونسي وكاتبيه ومؤرخيه ومصنفيه ومنصفيه أن أعرض في هذا الكتاب لمحات عن جهاد الإمام محمد الخضر حسين، ودوره الكبير في الحركة الاستقلالية التونسية والمغاربية والإسلامية. وأقول:
من أبرز وأهم ما يتصف به الإمام محمد الخضر حسين في حياته المباركة: تعدد المواهب والخصائص التي كرمه الله بها، وهي ميزات جليلة يضعها الله في بعض عباده الصالحين المخلصين؛ ليكونوا القدوة في كل موهبة تساموا بها إلى أعلى الدرجات علماً وعملاً، وليكونوا مثالاً في عصرهم يحتذى بهم -فيما بعد- من الأجيال التي تحمل رسالة الإسلام، الرسالة التي ستبقى منار العلم إلى يوم الدين ....
فإذا قيل: إنه داعية إسلامية مصلح، وإذا قيل: إنه فقيه عليم، وإذا قيل: إنه مفسر محدّث حافظ، وإذا قيل: إنه شاعر كاتب ناقد، وإذا قيل: إنه لم يسلك إِلا طريق الجهاد في الإسلام، وإذا قيل: إنه جمع في فكره النيّر كل المعاني السامية في الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وضم بين أصابعه قلماً عبقرياً يجول في كل ميدان خدمة للإسلام.
كل هذه الأقوال الصادقة نجدها في صحف الإمام وسيرته - رضوان الله عليه -.
في هذه المقدمة لكتاب "جبهة الدفاع عن أفريقيا الشمالية -صفحات
من جهاد الإمام محمد الخضر حسين لما الذي نخصه للوثائق التي ارتبطت بأعمال الجبهة ونشاطها، والتي نشرت في مجلة "الهداية الإسلامية" على صفحات أجزاء متعددة، رأينا أن في جمعها خدمة للتاريخ -ولتاريخ المغرب العربي خاصة-، ومن الوفاء للإمام أن نستعرض بإيجاز واختصار مشاهد ناطقة من جهاده الإسلامي الذي لم يفتر لحظة، على أمل العودة إلى دراسة مستفيضة لصفحات جهاده - إن شاء الله - في كتاب مستقل لنا أو لغيرنا من الكتَّاب الإسلاميين.
نستعرض في هذا الكتاب بإيجاز يفي بالغرض:
- الحرية في الإسلام - أول دعوة ومحاضرة نهض بها الإمام في تونس.
- في معتقل جمال السفاح في دمشق.
- جهاد الإمام في برلين.
- جمعية تعاون جاليات أفريقية الشمالية.
- جبهة الدفاع عن أفريقية الشمالية.
- الإمام محمد الخضر حسين والرئيس الحبيب بورقيبة.
- وثائق جبهة الدفاع عن أفريقية الشمالية.
- تصريحاته في مشيخة الأزهر بتأييد قضايا المغرب العربي وتنديده بالاستعمار.
ومن أجل التوثيق لتاريخ المغرب، وحفظاً لتلك الأعمال المجيدة التي قامت بها الجبهة برئاسة الإمام محمد الخضر حسين، والتي تعتبر بمجموعها وثائق هامة وجب علينا ضبطها وتبيانها للمؤرخ والباحث والإنسان العربي
والمسلم. فجمعنا تلك الوثائق في هذا الكتاب. آملين أن نكون قد ساهمنا بهذا الجهد المتواضع في خدمة حركة الجهاد المغربي الإسلامي. والحمد لله على خدمة الإسلام، والحمد لله على نعمة الإسلام.
على الرّضا الحسيني