الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سياسة فرنسا في تونس من نشرة أصدرتها جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية
(1)
قام السفير الفرنسي بتونس في هذه المدة باستدعاء بعض الساسة والشخصيات البارزة في البلاد، وحدثهم عن الإصلاحات التي تنوي فرنسا إدخالها على نظام الحكم، وسألهم عن وجهات نظرهم في هذه الإصلاحات.
وقد خرج التونسيون من دار السفير كما دخلوها لا يحملون معهم جديداً إلى يقينهم بأن السياسة الاستعمارية الفرنسية لا تتغير، وإن حاول بعض الفرنسيين إعطاءها صبغة المودة وحسن التفاهم.
وحديث السفير عادة معقد بعيد عن الصراحة، تظهر من خلاله سوء نيّة الحكومة الفرنسية، وما تضمره للشعب التونسي ولمستقبله من كيد وشر. فهو لا يريد الحل الطبيعي للمشكلة التونسية، وهو إعطاء أرباب البلاد حق اختيار حكومتهم، وتقرير مصيرهم؛ لأنهم إذا تركت لهم الحرية في اختيار مصيرهم، فسوف لا يرضون بغير الاستقلال والانضمام للجامعة العربية بديلاً. وهذا شيء يبث الرعب في قلب فرنسا التي أخرجت من هذه الحرب هزيلة منهوكة القوى، ليس لديها ما تعول عليه إِلا مستعمراتها البائسة التي أراد سوء طالعها أن تكون ضحية لفرنسا، تمتص دماءها، وتسلبها أرزاقها،
(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن الأول والثاني من المجلد العشرين الصادران في رجب وشعبان 1366 هـ - القاهرة.
لتعوض ما ضيعته في الحرب.
فأية محاولة من أي بلد من البلدان الخاضعة لها ترمي إلى الاستقلال عنها، تقاومها فرنسا بكل ما تعرفها من قوة.
وهي ما فكرت في "الاتحاد الفرنسي" إِلا لزيادة توطيد أقدامها في البلدان التي تسيطر عليها، وإلا محاولة لنزع فكرة الانضمام للجامعة العربية من رؤوس المغاربة.
ولكن التونسيين الذين حنكتهم الظروف، وَطَّدوا العزم على ألا يثقوا بفرنسا، ولا بإصلاحاتها، ولا باتحادها الفرنسي. فهم يريدون حكومة ديمقراطية تستمد نفوذها من الشعب، وتحافظ على تراثه وتقاليده، وتوثيق صلته بالعروبة والإسلام.