المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لائحة المؤتمر الوطني التونسي - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ٩/ ٢

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(16)«جَبْهةُ الدِّفَاعِ عن إفْرِيقيَا الشَّمَالِيَّة»

- ‌المقدمة

- ‌الحرية في الإسلام

- ‌في معتقل جمال السفاح بدمشق

- ‌جهاد الإمام في برلين

- ‌جمعية تعاون جاليات إفريقيا الشمالية

- ‌جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية

- ‌ هيئة المكتب

- ‌الأعضاء

- ‌مفوضين

- ‌مستشارين

- ‌الإمام محمد الخضر حسين والرئيس الحبيب بورقيبة

- ‌جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية

- ‌مع رئيس جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا لحضرة الأستاذ مندوب مجلة مصر الفتاة

- ‌نداء وبيان من جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية

- ‌مذكرة من جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية إلى مؤتمر جامعة الدول العربية

- ‌إلى هيئة الأمم المتحدة

- ‌المستعمرين هم أعداء الحرية

- ‌أساليب الاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا

- ‌مذكرة مرفوعة من جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم عبد العزيز آل سعود عند زيارته مصر

- ‌مصير شمال إفريقيا إلى الحرية والاستقلال

- ‌الجهاد لإفريقيا الشمالية

- ‌مذكرة من جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية إلى الجامعة العربية

- ‌ألف قتيل مراكشي في الدار البيضاء تجريد الجنود المراكشيين والشرطة من سلاحهم

- ‌لائحة المؤتمر الوطني التونسي

- ‌سياسة فرنسا في تونس من نشرة أصدرتها جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية

- ‌صرخة المغرب

- ‌الإمام محمد الخضر حسين قدوة الأفاضل من التونسيين

- ‌خطبة الأستاذ محمد الخضر حسين في دار جمعية الهداية الإسلامية في الاجتماع الذي عقد لذكرى مرور عام على الظهير البربري

- ‌قانون جمعية تعاون جاليات إفريقيا الشمالية: طرابلس، وتونس، والجزائر، ومراكش

الفصل: ‌لائحة المؤتمر الوطني التونسي

‌لائحة المؤتمر الوطني التونسي

(1)

انعقد بتونس في ليلة السابع والعشرين من رمضان 1316 هـ - الموافق 23 أغسطس سنة 1946 م مؤتمر وطني اشترك فيه زعماء الأحزاب، والمشتغلون في خدمة القضية التونسية، بل اشترك فيه كثير من كبار الموظفين والمدنيين بجامع الزيتونة، وأصدروا لائحة بإلغاء الحماية التونسية، واعتبار تونس وطناً مستقلاً استقلالاً تاماً، ونص هذه اللائحة:

إن المؤتمر التونسي المنعقد في 23 أغسطس سنة 1936 م بعد ما درس حالة البلاد السياسية، واستمع لمختلف الخطباء، صادقَ بالإجماع على العريضة التالية:

حيث إن البلاد التونسية قبل سنة 1881 م كانت دولة تتمتع بسيادتها التامة، ومرتبطة مع الخلافة العثمانية بعلائق دينية أكثر منها سياسية.

وحيث إن سيادة البلاد التونسية معترف بها من مجموع الدول، وقد أيدتها المعاهدات مع الدول الأجنبية.

وحيث إن فرنسا التي كانت تؤيد قضية استقلال البلاد التونسية لدى

(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن التاسع والعاشر من المجلد التاسع عشر الصادران في الربيعين 1366 هـ - القاهرة.

ص: 76

الحكومة العثمانية، قد فرضت على تونس معاهدة وقع المشير الصادق باي تحت الضغط، ولم يصادق عليها الشعب.

وحيث إن معاهدة "باردو" لم تكن لتفصل البلاد التونسية على المجموع الدولي، ولم تلغ سيادتها الخارجية والداخلية.

وحيث إن الحماية استحالت بعد مضي 65 سنة إلى نظام استغلال استعماري يجرد الحامي المحمي عن سيادته، ومن خيراته تجريداً منظماً، في حين أن مفهوم معاهدة "باردو"، واتفاقية المرسى، ومنطوقهما يقضيان بأن تكون الحماية نظاماً وقتياً شبيهاً بوصاية بسيطة.

وحيث إن الدولة الحامية لم تلتزم حدود سلطة المراقبة، وحلت محل الدولة المحمية في مباشرة الحكم والتصرف في الشؤون العامة.

وحيث إن السلطة الفرنسية قد استحوذت على السلطة التشريعية التي هي حق خاص لسمو الباي، حتى أصبح حضرته شبيهاً بموظف شرفي سام مضغوط على حريته الشخصية، كما أن وزراء الدولة الذين نزلوا بهم إلى لقب وزراء سمو الباي، صاروا مجرد شخصيات لتزيين المحافل، وكما أن العمال أصبحوا أعواناً ينفذون أمر المراقبين المدنيين، وكذلك نزعت في جميع الميادين الأخرى سلطات جميع الموظفين التونسيين، وأسندتها لموظفين فرنسيين لم تكن خبرتهم ولا نزاهتهم في غالب الأحيان سالمتين من الطعن.

وحيث إن فرنسا التي التزمت علانية بحماية شخص الباي وعائلته قد خرقت المعاهدة مرّة أخرى، فخلعت عنوة ملك البلاد الشرعي سيدنا ومولانا محمد المنصف باشا باي معتدية حتى على القواعد الأصلية للدين والإسلامي.

ص: 77

وحيث إن هذه الاعتداءات قد نشأ عنها نظام إداري مضطرب، لا هو إلحاق، ولا حكم ذاتي؛ فقد ضاعت فيه الأصول التشريعية، وتلاشت فيه المسؤوليات.

وحيث إن الدولة الحامية سلكت منذ بداية عهد الحماية سياسة تفقير؛ بتجريد الشعب التونسي من أخصب أراضيه، وبمنح الموظفين -وكلهم فرنسيون- أكثر من ثلث ميزانية لا مراقبة عليها، مستندة على نظام جبائي على اعتبار العدد لا الثروة، وبإخضاع البلاد التونسية لسياسة مالية وقمرقية مضرة بالاقتصاد التونسي بدون أن تفيده في مبادلته مع البلاد الأجنبية.

وحيث إن هاته السياسة كانت سياسة تعمير البلاد بالفرنسيين معمرين وموظفين، ومن طريق التجنيس الذي بعد أن فتح في وجه التونسيين، والمالطيين، والروس الملوكيين من أتباع -فرانجيل- واللاجئين الإسبان، صار يستميل الإيطاليين حتى اليوم لتنمية عدد المواطنيين الفرنسيين بالنسبة لعدد التونسيين قصد تجريد البلاد صبغتها التونسية.

وحيث إن التونسيين قد حرموا في بلادهم من الحريات الأولية -حريات التفكير، والنشر، والقول، والاجتماع، والتجول-، حتى إن 65 سنة التي مرت على الحماية قضى منها التونسيون أكثر من 20 سنة تحت الحكم العسكري العرفي، والبقية تحت رقابة البوليس.

وحيث إن الإسراف المالي الذي أوجبه هذا التعمير الفرنسي الجائر، قد أعجز الحماية عن الوفاء بواجباتها الاجتماعية نحو المسلمين في ميادين التموين والسكنى والصحة العامة والتعليم.

وحيث إن ذلك قد أدى بالدولة الحامية إلى إهمال كل ما يتعلق بتحسين

ص: 78

حالة الأفراد، وإلى الاعتناء بمصالح رأس مالية مستفرغة، فلم تقم برسالتها التمدينية التي يحاولون من أجلها تبرير نصب الحماية على البلاد.

وحيث إنه فيما يخص الأمن قد نكثت الحماية عهودها بتسليمها البلاد التونسية لدولة المحور، بينما كان المحميون يدافعون دائماً عن قضية فرنسا وحلفائها، ويبذلون دماءهم في هذا السبيل.

وحيث إن التضحيات البشرية والمساهمة في المجهود الحربي التي بذلتها البلاد التونسية، والتي تُنوسيت بعد الحرب العالمية الأولى من شأنها أن تستوجب إنهاء الحماية، وتحرير البلاد التونسية.

وحيث إن معاهدة "باردو" نصت على أن الحماية في جوهرها نظام وقتي، وأن مصالح الفرنسيين الناتجة عن هذا النظام الموقت لا يمكن بحال أن تكون لها صفة الدوام والاستمرار.

وحيث إنه -من جهة أخرى- لا يمكن لمصالح دولة حامية أن تحول دون حقوق الشعب الثابتة في تقرير مصيره بكامل الحرية.

وحيث إن الاستعمار يعتبر بجق سبباً للتنافر بين الدول، ومثاراً للمشاكل الدولية، قد عبرت الأمم المتجدة عن استنكارها له بحكم صريح، وجعلت من بين الأهداف التي خاضت من أجلها غمار الحرب:"حق الشعوب كلها في اختيار صورة الحكم الذي ترتضيه لنفسها، واسترجاع حقوق السيادة والاستقلال إلى الأمم التي انتزعت منها "قهراً".

وحيث إن هاته النظرية الجديدة أخذت تتجلى وتتكد أثناء المؤتمرات العالمية المختلفة، وحيث كانت فرنسا من بين الدول الاستعمارية التي صادقت على المبدأ القائل: بأنه ليس لأية أمة الحق الثابت بحكم شعوب

ص: 79

لا تملك زمام أمورها.

فلهاته الأسباب يصرح المؤتمر الوطني التونسي: بأن الحماية نظام سياسي واقتصادي لا يتفق مطلقاً مع مصالح الشعب التونسي، ولا مع حقه في التمتع بسيادته.

ويؤكد: أن هذا النظام الاستعماري بعد تجربة 65 سنة قد حكم على نفسه بالإخفاق.

ويعلن عزم الشعب التونسي الثابت على السعي في استرجاع استقلاله التام، وفي الانضمام كدولة ذات سيادة لجامعة الدول العربية، وجامعة الأمم المتحدة، والمشاركة في مؤتمر الصلح.

ص: 80