الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دِينِهِ} 1 ونحوها، والله سبحانه في هذه وفي آية المن سماها إبطالا، ولم يسمه إحباطا، ولهذا ذكر بعدها الكفر بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} 2.
فإن قيل: المراد إذا دخلتم فيها فأتموها، وبه احتج من قال: يلزم التطوع بالشروع فيه.
قيل: لو قدر أن الآية تدل على أنه منهي عن إبطال بعض العمل، فإبطاله كله أولى، بدخوله فيها فكيف وذلك قبل فراغه لا يسمى صلاة ولا صوما؟ !
ثم يقال: الإبطال يوجد قبل الفراغ أو بعده، وما ذكروه أمر بالإتمام، والإبطال هو إبطال الثواب، ولا نسلم أن من لم يتم العبادة يبطل جميع ثوابه، بل يقال: إنه يثاب على ما فعل من ذلك. وفي الحديث الصحيح حديث المفلس "الذي يأتي بالحسنات أمثال الجبال"3.
1- الآية 54 المائدة.
2-
الآية 34 محمد.
3-
أخرجه مسلم والترمذي وأحمد من حديث أبي هريرة.
التوبة من الذنوب:
1
ذهب طائفة من أهل الكلام كأبي هاشم إلى أن التوبة لا تصح من قبيح مع الإصرار على الآخر، قالوا: لأن الباعث على التوبة إن لم يكن من خشية الله لم يكن توبة صحيحة، والخشية مانعة من جميع الذنوب لا من بعضها، وحكى القاضي أبو يعلى وابن عقيل هذا رواية عن أحمد، لأن المرذوي نقل عنه أنه سئل عمن تاب من الفاحشة وقال: لو مرضت لم أعد لكن لا يدع النظر، فقال أحمد:
4- ص 320 ج 10 مجموع الفتاوى.
أي توبة ذه؟! قال جرير بن عبد الله سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فقال:"أصرف بصرك"1.
والمعروف عن أحمد وسائر الأئمة هو القول بصحة التوبة، وأحمد في هذه المسألة إنما أراد أن هذه ليست توبة عامة يحصل بسببها من التائبين توبة مطلقا، لو يرد أن ذنب هذا كذنب المصر على الكبائر، فإن نصوصه المتواترة عنه وأقواله الثابتة تنافي ذلك، وحمل كلام الإمام على ما يصدق بعضه بعضا أولى من حمله على التناقض. لاسيما إذا كان القول الآخر مبتدعا لم يعرف عن أحد من السلف، وأحمد يقول: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها فهم، وكان من المحنة يقول: كيف أقول ما لم يقل، واتباع أحمد للسنة والآثار وقوة رغبته في ذلك، وكراهته لخلافه من الأمور المتواترة عنه يعرفها من يعرف حاله من الخاصة والعامة.
وما ذكروه من أن الخشية توجب العموم.
فجوابه أنه قد يعلم قبحها ولكن هواه يغلبه في أحدهما دون الآخر فيتوب من هذا دون ذلك، كمن أدى بعض الواجبات دون بعض، فإن ذلك يقبل منه.
ولكن المعتزلة لهم أصل فاسد وافقوا فيه الخوارج في الحكم وإن خالفوهم في الاسم، فقالوا: إن أصحاب الكبائر يخلدون في النار ولا يخرجون منها بشفاعة
1- مسلم: كتاب الأدب/ باب نظرة الفجأة.
أبو داوود: كتاب النكاح/باب ما يؤمر به من غض البصر.