المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامنفي آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمينفي الفلك والكواكب - نثار الأزهار في الليل والنهار

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الأول) في الملوين الليل والنهار

- ‌الباب الثانيفي أوصاف الليلوطوله وقصره واستطابته والاغتباق ومدحه وذم الاصطباح

- ‌الباب الثالثفي الاصطباح ومدحهوذم شرب الليل وإيقاظ النديم للاصطباح

- ‌الباب الرابعفي الهلالفي ظهوره وامتلاء ربعة ونصفه وكماله والليلة المقمرة

- ‌الباب الخامسفي انشقاق الفجرورقة نسيم وتغريد الطير في الشجروصياح الديك وإيذانه الصباح

- ‌الباب السادسفي صفات الشمسفي الشروق والضحى والارتفاع والطفلوالمغيب والصحو والغيم والكسوف

- ‌الباب السابعفي جملة الكواكب والسماءوآحاد الكواكب المشهورة

- ‌الثريا

- ‌الجوزاء

- ‌الشعري

- ‌سهيل

- ‌النسر

- ‌بنات نعش

- ‌المجرة

- ‌الكواكب السيارة

- ‌ زحل

- ‌المشتري

- ‌المريخ

- ‌الزهرة

- ‌عطارد

- ‌الحمل

- ‌الثور

- ‌الجوزاء

- ‌السرطان

- ‌الأسد

- ‌السنبلة

- ‌الميزان

- ‌العقرب

- ‌القوس

- ‌الجدي

- ‌الدلو

- ‌الحوت

- ‌الشرطان

- ‌البطين

- ‌الثريا

- ‌الدبران

- ‌الهقعة والهنعة

- ‌الذراع

- ‌النثرة

- ‌الطرف

- ‌الجبهة

- ‌الحرتان

- ‌الصرفة

- ‌العواء

- ‌السماك

- ‌الغفر

- ‌الزبانا

- ‌الإكليل

- ‌القلب

- ‌الشولة

- ‌النعائم

- ‌البلدة

- ‌سعد الذابح

- ‌سعد بلع

- ‌سعد السعود

- ‌سعد الأخبية

- ‌الفرغان

- ‌بطن الحوت

- ‌الباب الثامنفي آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمينفي الفلك والكواكب

- ‌الباب التاسعفي شرح ما تشتمل عليه أسماء الأجرام العلويةوما يتصل بها واشتقاقه

- ‌الباب العاشرفي تأويل رؤيا الأجرام العلويةوما يتعلق بها في المنام على مذهب حكماء الفلاسفة والإسلام

الفصل: ‌الباب الثامنفي آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمينفي الفلك والكواكب

كان بشار يعجب بهذا البيت ويقول لم يرض أن جعله أعمى حتى جعله متحيراً بغير قائد

علي بن محمد الكاتب

والبدر كالملك الأعلى وأنجمه

جنوده ومباني قصره الفلك

والنهر من تحته مثل المجرة والرشاء

يشبهه في مائه السمك

الرشاء الحوت هو آخر منازل القمر وحكماء الهند تزعم أن الله عز وجل لما خلق النجوم أقرها في الحوت ثم سيرها منه فلا تزال دائرة حتى تجتمع فيه فإذا اجتمعت هلك العالم ويذكر أنها اجتمعت فيه إلا القليل منها زمن الطوفان.

الشيخ شرف الدين المصنف

وليل سهرناه كأن سماءه

بساط من الديباج ينشر أزرق

تلوح به غر النجوم كأنما

تبدد في تلك البسائط زئبق

أحمد بن الهاشم بن حديدة

قد رصعت زهر النجوم سماءها

فكأنما هي لؤلؤ موضون

وكأنها خلل الظلام رواتبا

أحداق روم ما لهن جفون

وكأنما الفلك المدار على الدجى

بحر أحاط به وهن سفين

شاعر

أضحكت قرطاسك عن جنة

أشجارها من حكم مثمره

مسودة سطحا ومبيضة

أرضاً كمثل الليلة المقمرة

‌الباب الثامن

في آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمين

في الفلك والكواكب

العالم عند الفلاسفة عبارة عن كل مخلوق لله عز وجل في السموات والأرض،

ص: 143

وهما عالمان، العالم العلوي وهو من دورة الفلك الأعلى المحيط المسمى بالفلك الأطلس إلى مقعر فلك القمر، والعالم السفلي وهو من فلك النار المتصل بمقعر فلك القمر إلى مركز الأرض، وهذا العالم السفلي يسمى عندهم عالم الكون والفساد وهو أربعة أجرام يسمى الأركان والأستقصات والعناصر أعلاها النار ثم الهواء ثم الماء ثم الأرض وحركتها مستقيمة من الوسط وإلى الوسط يستحيل بعضها إلى بعض على الدوام والاستمرار فمتى كيفت النار استحالت هواء ومتى كيف الهواء استحال ماء ومتى كيف الماء استحال أرضا وبالعكس متى لطفت الأرض استحالت ماء ومتى لطف الماء استحال هواء ومتى لطف الهواء استحال نارا. وجميع الكائنات في الأرض فهي متولدة من هذه الأربعة العناصر بتركيب بعضها ببعض وامتزاج بعضها في بعض بالزيادة في الطبائع والنقصان، وجملة المتولدات في الأرض من هذه العناصر يحصرها ثلاثة أجناس: جماد ونبات وحيوان فهذه جملة العالم السفلي وهو عندهم حادث مركب مستحيل كائن فاسد على الدوام، فأما العالم العلوي فإنه عندهم عبارة عن تسعة أفلاك أعلاها الفلك المحيط المسمى بالأطلس وهو فلك لا كواكب فيه ولذلك سموه أطلس ذو نفس وروح وجسم متحرك على الوسط حركة دولابية من المغرب إلى المشرق في كل يوم وليلة دورة واحدة، يليه فلك الكواكب الثابتة وفيه جميع الكواكب ما عدا السبعة السيارة، ويليه فلك زحل وليس فيه غير كوكب زحل، ويليه فلك المشتري وليس فيه غير كوكب المشتري، ويليه فلك المريخ كذلك ثم فلك الشمس ثم فلك الزهرة ثم فلك عطارد ثم فلك القمر وجميع هذه الأفلاك الثمانية تدور من المشرق إلى المغرب، والفلك الأعلى المحيط يردها قسرا ويديرها من المغرب إلى المشرق في كل يوم وليلة وكذلك ترى الشمس طالعة عليه كل يوم من المشرق،

ص: 144

وجميع هذه الأفلاك التسعة أجسام كريات بسائط مشفات متركبة بعضها في بعض متلاصقة، وكل فلك منها ذو جسم ونفس وعقل يعرف نفسه ويعرف بارئه وكلها متحركة على الدوام حركة دورية دولابية.

(البروج والدرج)

قدماء الفلاسفة قسمت الفلك الثامن ذا الكواكب الثابتة باثني عشر قسما سمتها بروجا وهي: الحمل الثور الجوزاء السرطان الأسد السنبلة الميزان العقرب القوس الجدي الدلو الحوت، وجعلوا كل برج منها ثلاثين درجة يكون جملتها ثلاثمائة وستين درجة وقسموا كل درجة بستين جزءا تسمى دقائق وكل ثانية بستين جزءا تسمى ثوالث وكذلك إلى الروابع والخوامس والسوادس إلى غير نهاية. وبحلول الشمس وانتقالها في هذه البروج يكون اختلاف فصول الزمان إلى غير ذلك مما يحدث في عالم الكون والفساد من نشوء واضمحلال الجماد والحيوان والنبات. وبحلول الكواكب السبعة السيارة أيضاً في هذه البروج تختلف أحوال جزيئات حوادث العالم السفلي في كل ما يفسد منه أو يتلون بل وفي كل تغير يظهر فيه من حركة أو سكون.

(في ماهية الكواكب)

قال ارسطو طاليس ليست مادة الكواكب مادة نارية ولا أرضية ولا من غيرهما من الطبيعة لكنها من مادة عالية جوهرية شفافة صلبة قوية غير خفيفة ولا ثقيلة ولا متغيرة ولا مستحيلة ومن أجل ذلك صارت طبيعة خامسة منفردة واجراما منيرة متوقدة وثبتت في مواكزها لا منحدرة ولا صاعدة.

ص: 145

(في دوارن الفلك على الأرض)

الفلك المحيط يدور على قطبين القطب الشمالي والقطب الجنوبي ودورانه على الأرض بحركة دولابية فيكون نصفه أبداً تحت الأرض ونصفه فوق الأرض فيكون في دائم الأوقات ستة بروح طالعة بدرجها فوق الأرض بالنهار وستة بروج غاربة بدرجها تحت الأرض بالليل لأنا قلنا أنه يدير بدورانه كل ما دونه من الأفلاك وفلك البروج معها وعلى طلوع هذه البروج والدرج وغروبها تنبني علوم التعاديل وسائر علوم المنجمين وللقطبين فيما ذكره الفلاسفة والمنجمون خواص عجيبة.

(خواص القطب الجنوبي)

(الأولى)

أي أنثى من الحيوان على العموم إذا كانت حاملا وعسرت عليها الولادة فنظرت إلى

القطب الجنوبي وإلى سهيل ولدت على المكان بعقب وقوع عينها عليه أما في الإنسان فبأن يقصد النظر إليه وأما في سائر الحيوان فبأن يتفق وقوع نظره عليه.

(الخاصية الثالثة)

إذا أردت قتل الذباب الكبار فخذ أصل خربق أسود وقم حيال كوكب سهيل ثلاث ليال متوالية وارم بأصل الخربق وقل هلك نسل الذباب تقول

ص: 146

ذلك مرارا في كل ليلة تستحق أصل الخربق كله وتدقه مع عيدانه وعروقه واصله ثم أخلطه بماء قراح ورشه في البيت والدار فأن الذباب يموت أن شم رائحته أو دنا منه.

(الخاصية الرابعة)

إذا كثر خروج الثآليل في بدن الإنسان وأراد قلعها فليأخذ لكل ثؤلول على بدنه وزنه من ورق الغرب أو لكل ثلاثة منها أو أربعة ثلاثة أو أربعة على عددها ويأخذ الورق بيده اليسرى ويومئ بها إلى القطب الجنوبي أو إلى كوكب سهيل فهما في الخاصية واحد وتقول هذا الورق

يقطع الثآليل التي على تقول ذلك اثنتين وأربعين مرة في ليلة أو أكثر من ليلة ثم تدق الورق في هاون من أسبيدريه وتجعله على الثآليل فإنها تجف وتنفرك.

(الخاصية الخامسة)

النظر إلى القطب الجنوبي وإلى سهيل معا في وقت واحد يزيل الماليخوليا وذلك بأن ينظر العليل إلى هذا القطب ويديم النظر إليه ليلة بعد ليلة دواما كثيرا وقد جرب فصح وهذا مما يدل على أن لهذا القطب وهذا الكوكب خاصية في أحداث الطرب والسرور في الناس ولذلك أن الزنج لما كانوا متقاربين من مدار سهيل كان فيهم الطرب الشديد.

(الخاصية السادسة)

المرأة التي بها عطل الأرحام عن برد ورطوبة إذا قامت وهي تنظر إلى القطب الجنوبي وإلى الكوكبين الصغيرين الذين عن جنبيه ونظرت إلى سهيل أيضاً أن كانت في موضع تراه وأومأت بيدها اليمنى إلى القطب

ص: 147

فقبضت يدها وخمسة أصابع كأنها تريد أخذ شيء من الهواء وضمت أصابعها إلى راحتها ثم أومأت بها إلى فرجها ثم كررت هذا الفعل سبع مرات في ليلة السبت ثم كذلك تفعل سبع مرات في سبع ليال أخر آخرهن ليلة الجمعة التي

بعد ذلك السبت وهي تفعل ما ذكرناه في كل مرة تقبض على راحتها بأصابعها الخمسة وتقول: أخذت بيدي هذه قوة من القطب الجنوبي وكواكبه الجنوبية وأشفيت به رحمي بإذن هذه الجواهر الروحانية المقدسة فإن هذه العلة تزول عن رحمها وعلامة ذلك أنها تدخل الحمام بعد أربع ليال من هذا الفعل وتدخل البيت الحار من بيوت الحمام فتنظر إلى رحمها، يسيل منه رطوبة كريهة الريح وتفعل ذلك في يوم السبت الثامن من ابتداء عملها وتفعل كذلك في دخول البيت الحار فإنها ترى مثل تلك الرطوبة قد سالت منها وأكثر وأنتن ريحا وهو من العجائب المجربة.

(الخاصية السابعة)

إذا عض الإنسان كلب كلب وأخذ المعضوض قطعة من لبد معمولة ببلاد الترك خاصة فبلها ببول كلب أسود ثم أخذها بيده وقام حيال سهيل والقطب الجنوبي وأومأ بالليل نحوهما وخاطبها وقال: هذا اللبد التركي أجعله على موضع هذه العضة التي عضنيها الكلب لتشفيني بها الكواكب من هذه العضة اشفني بحق الشمس. وتكلم بذلك أربع عشرة مرة وأشار بقطعة اللبد باليد اليمنى نحو الكوكب والقطب جميعاً ثم يشد اللبد على موضع العضة فإنه يسيل من ذلك الموضع بعد ثلاث ساعات من الزمان رطوبة قبيحة المنظر والريح كأنها ماء اللحم تضرب إلى السواد ثم بعدها رطوبة لزجة بلغمية ثم يقلب اللبد ويضعه على العضة مرة أخرى إلى تمام اثنتي عشرة ساعة محسوبة فإنه يحصل له الشفاء وأن عاد الوجع فليعاود ذلك

ص: 148

العمل بقطعة أخرى من اللبد غير القطعة الأولى ويعاود شدها على الموضع فإنه يبرأ وليكن قيامه حيال القطب وكلامه ذلك والقمر أما في الثور وأما في السرطان مقارنا للمشتري أو متصلا به اتصالا قوياً.

(الخاصية الثامنة)

النظر إلى القطب الجنوبي وإلى سهيل معا يشفي من الظفرة التي تظهر في العين وذلك بأن يديم النظر أليهما ويحدق نحوهما ثم يعطف رأس إصبعه السبابة اليمنى نحو عينيه، يفعل ذلك ليالي متوالية أولها ليلة الثلاثاء ويدمن ذلك ولا يقطعه إلى أن تزول الظفرة، فإنها تذهب إلى تمام أثنين وأربعين يوما أو سبعة وأربعين يوما. وليكن هذا النظر والتحديق بالليل ويجب أن يكون أكله من أول النهار إلى زوال الشمس كل يوم من هذه الأيام التي

يعالج بها نفسه.

(الخاصية التاسعة)

للبياض الحادث في العين من القروح يقوم العليل مستقبل القطب الجنوبي وكوكب سهيل في ليلة اتصال القمر بعطارد مقارنا له أو إلى أحد بيتيه، ثم يقول يا كوكب سهيل وأهل عالم القطب العظيم هذه عيني وهي في أيديكم أقلعوا منها هذا البياض الذي قد آذاني، ونغص على حياتي وأريحوني يا أهل العالم العلوي أقلعوا هذا من عيني بقدرتكم آمين، يديم هذا الكلام أربع عشرة ليلة في كل ليلة من الترداد ما أمكنه فإنه يبرأ.

(الخاصية العاشرة)

الجمال ذكورها وإناثها إذا وقعت عينها بالاتفاق على القطب الجنوبي أو على سهيل ماتت في الحال فجاءة أو مرضت ثم تموت، الجمل الذي يموت من ذلك يصلح لأعمال كثيرة وله خواص (الأولى) أن المرأة التي أحتبس

ص: 149

طمثها أن تحملت في قطنة بشيء من دمه أو من مرارته أدر طمثها (الثانية) أن سحق شيء من عظامه من أي موضع كان من جسمه وطلي به رأس المصروع ملتوتا بزيت أذهب عنه الصرع (الثالثة) أن أخذ من دماغه مثقال وأذيب بشراب متوسط وسقي المصروع من هذا المثقال تمام ربعه ويتبعه حتى يشرب تمام المثقال في أربعة أيام زال عنه الصرع البتة، وأن شرب هذا المثقال مع الشراب من عرض له حذر أو لقوة أو سكتة زال، وأن شرب منه من عرض له خناق في حلقه زال عنه (الرابعة) كبد هذا الجمل إذا أكل منه شيئاً من ابتدأ به نزول الماء في عينيه ثلاثة أيام متوالية زال عنه الماء البتة (الخامسة) أن أخذ من عروقه فجفف وسحق وخلط بخل ورش في دار فيها القردان قتلت بالكلية (السادسة) أن جفف شئ من طحاله وأخذ منه وزن درهم وسحق وسقي بشراب لمن ضعفت فيه شهوة الطعام وضعفت معدته قويت معدته وزال ضعفها، فإن لم يحصل ذلك في دفعة واحدة فليعاود شرب درهم ثان وثالث إلى أن يحصل الشفاء. وأن أخذ من لحم هذا الجمل شئ مع جلده وعروقه وأعصابه وأحرق بالنار بخشب الطرفاء وجمع الرماد وترك حتى يبرد وجمع في أناء زجاج وغمر يوما وليلة وسقى منه درهم لضعف المعدة وشدة الوجع أزال وجع المعدة (السابعة) إذا أحرق بعض أجزاء هذا الجمل بخشب العوسج مع العظم والعصب والعروق والجلد والشعر أو شيء من أحشاء

جوفه وأخذ من هذا الرماد ومن المرارة على جهتها ربع مثقال وخلطا وبلا بخل وطليا على موضع من البدن الذي يراد أن لا ينبت الشعر فيه خلق منه، ولم ينبت في ذلك الموضع شعر البتة، وأن طلي بهذا الرماد من في أسفل بدنه قوبة أو بواسير جففها وذلك بعد طليات عدة أما ثلاثا أو أربعا ويجب أن يطلى ذلك على البدن بخمر جيدة مكان الخل

ص: 150

(الثامنة) أن أخذ من كبد هذا الجمل جزء ومن دمه وخلطا بالدق وخلط الجميع بخمر وأضيف أليها بعد الخمر شئ من أشنان جيد مطحون وطلي بها على الرجل المنقرس وساقيه نفعه نفعا بينا، وأن أديم طلاء ذلك عليه أزال الوجع البتة، وأن طلي على الأظفار خاصة وكان فيها تعقف أو سماجة أو تعسر أو وجع أزال ذلك كله (التاسعة) أن قلع ذكر هذا الجمل وعلق كما هو بخيط أبريسم أحمر على من لا يطيق القرب من النساء قوي على الجماع وينبغي أن يكون تعليقه على العصعص (العاشرة) المرأة العاقر يأخذ زوجها من مخ هذا الجمل مخلوطا بشيء من سنامه ويذيبه على النار ويطلي به ذكره طليا كثيرا ويجامعها فإنها تحمل من ذلك الجماع. وأن أخذت مثانة هذا الجمل وجففت وسحقت وخلطت بشيء من شحم سنامه وطلي الرجل بها ذكره وتحملت المرأة منه شيئا بعد الجماع بقطنة فإنها تحمل ولو كانت عاقراً (الحادية عشرة) إذا أردت أن تبطل حس أي موضع شئت من بدن الإنسان فخذ من دماغ هذا الجمل مثقالا ومن سنامه مثقالا وأخلطهما بشيء من ماء الزرع المعتصر، وأجعل الجميع على نار لينه حتى يختلط الكل ويشرب بعضه ويطلي بعضه على الموضع فإنه يبطل حس جميع البدن وتبطل حركته (الثانية عشرة) يؤخذ من لحمه وشحمه وسنامه رطل ونصف من الكل ويعتصر ماء البصل الرطب ويطبخ اللحم والشحم والسنام منه طبخا يسيرا إلى أن يبقى من ماء البصل نصفه، ثم ثم يطلي من تلك المرقة من به داء الثعلب على رأسه طليات عدة ويدخل بعد ذلك الحمام فإنه يبرأ (الثالثة عشرة) من اعتاده سهر مفرط وأخذ من دماغ هذا الجمل دانقين ومن شحم جوفه درهما وأربعة دوانيق ومن عظم العصعص نصف درهم فخلط بعضها ببعض بالسحق ثم صب عليها يسيرا من خمر جيدة حديثة

ص: 151

وطلي منه يافوخه وشمه وطلي منه على خياشمه أزال السهر عنه ونام (الرابعة عشرة) متى يقطع فخذ هذا الجمل مع ساقه وخفه ونصبه في موضع ينتابه الوحش نفر من ذلك الموضع الضباع والذئاب، ولم تقربه ويجب أن ينصب والقمر مقارن المريخ ناقص

الضوء.

(وأما القطب الشمالي)

فله خواص ذكرها مكلوشا وغيره (الأولى) النظر إلى القطب الشمالي وإلى الدب الأصغر يشفى من الجرب في العين والرمد وذلك بأن يقوم العليل ليلة الأحد إذا ظهرت النجوم بعد ساعة من غيبوبة الشمس حيال القطب الشمالي والدب الأصغر فيحدق إليهما، ويأخذ ميلا من فضة مغموساً في عرق الورد الخالص، ويكحل به العين الرمدة والجربة ثم يقول: يا أهل عالم القطب الشمالي ويا كوكب القطب الشمالي أشفوا عيني من هذه العلة التي أنا متأذ منها وعليل من أجلها وأريحوني وارحموني يا رحماء وأقلعوا هذا الجرب وهذا الرمد من عيني هذه التي هي ضيائي بين أبناء البشر. يقول هذا وهو يكحلها بالميل بعرق الورد وينظر إلى القطب وإلى الكواكب الذي حوله يفعل ذلك من ليلة الأحد إلى ليلة الأحد يكتحل في كل ليلة ما أمكنه وكلما كان الاكتحال أكثر كان أجود فإن الجرب والرمد ينقلعان ألا أن ذهاب الرمد أسرع من ذهاب الجرب (الثانية) النظر إلى هذا القطب وما حوله من الكواكب يشفي من اليرقان الشديد وذلك بأن يضع يده التي مدها على كبده ويقول: يا كوكب القطب الشمالي أشفني من علتي هذه آمين. ويبتدئ من ليلة الجمعة إلى ليلة الجمعة وأن صعبت وأن صعبت العلة فليقل بالكلام ويضع يده اليسرى على كبده ويتمرغ عل الأرض سبع مرات

ص: 152

وعليه ثيابه، ثم يقوم عقيب كل مرة يتمرغ ويضع يسراه على كبده ويقول الكلام فإنه يستجاب له ويبرأ (الثالثة) قالوا أن الأسد والنمر والذئب إذا مرضت قامت حيال هذا القطب وأطالت النظر إليه فشفيت، واللبوة إذا حملت نالها شيء وربما بقيت ثلاثة أيام لا تأكل شيئاً فتأتي إلى نهر فيه ماء جار له عين ينبع منها ماء فتقوم في الماء إلى نصف ساقيها وتنظر إلى القطب الشمالي فتبرأ من وجعها (الرابعة) أي جرح كان بإنسان أو جراح أو ورم وآذاه فعمد إلى ذلك الموضع من بدنه فصور فيه صورة سمكة بزرقة أو خضرة ونقط بدنها كله بنقط خضر وزرق، وقام بالليل حيال القطب الشمالي ووضع في نفسه أنه يخاطب الكواكب المطبقة السبعة فقال: أيتها الكواكب المقدسة الشمالية الباعثة بالروح والحياة إلى أبناء البشر كفوا هذا الورم عن الزيادة وأشفوني منه وأعفوني غائلته وسوء عاقبته. ويتفل على السمكة المصورة يفعل ذلك ليالي أولها ليلة الأحد إلى ليلة الأحد

المقبل، فإن الورم أما أن يقف وأما أن يزول بالكلية.

(الخاتمة)

قالوا قد ينتفع بهذين القطبين وما حولهما من الكواكب في شفاء العين أما الباردة وأما رطبة كانت أو يابسة فتعالج بالقطب الجنوبي بما ذكرناه من العلاج وأما الحارة فإنها تعالج بالنظر إلى القطب الشمالي وهذا قانون مطرد.

(القول في الدراري السبعة)

اتفق المنجمون على توزيع كل ما في هذا العالم من الألوان والطبائع والروائح والطعوم والخواص والأفعال والأخلاق وغيرها من الأحوال على الكواكب السبعة المتحجرة ألا انهم قالوا قلما ينفرد كوكب واحد بالدلالة على الشيء وإنما يشترك فيه كوكبان أو أكثر وذلك لوجود كيفيتين فيه كالذي يكون لزحل بسبب برودته ولعطارد بيبوسته، وربما أشترك في الشيء

ص: 153

الواحد عدة كواكب لحصول عدة كيفيات فيه، وقد يكون الجنس الواحد مضافا إلى كوكب واحد بحسب جنسية آخر كالزهرة الدالة على جهة الرياحين لأجل طيب روائحها ثم شاركها المريخ في الورد الشوك في شجرته والحمرة في لونه والحدة المثيرة للزكام في رائحته ويشاركها المشتري في النرجس وزحل في الآس والشمس في النيلوفر وعطارد في الشاهسفرم والقمر في البنفسج، وقد تنقسم أبعاض الشيء الواحد على الكواكب مثل شجرة واحدة فإن أصلها للشمس وعرقها لزحل وشوكها وقشورها وأغصانها للمريخ وزهرها للزهرة وثمرها للمشتري وورقها للقمر وحبها لعطارد، فهذا هو القول الكلي في هذا الباب ونذكر الآن ما لكل واحد على التفصيل وهو مقوم إلى ثلاثين نوعا.

(النوع الأول في الطعوم)

زحل له البشاعة والعفوصة والحموضة الكريهة والنتن. المشتري له الحلاوة والمذاقة الطيبة ز المريخ له المرارة. الشمس لها الحرافة. الزهرة لها الدسومة. عطارد له ما أختلط من الطعمين. القمر له الملوحة والتفاهة والحموضة اليسيرة.

(النوع الثاني الألوان)

زحل له السواد الحالك وما مازج سواده صفرة واللون الرصاصي والظلام. المشتري له الغبرة والبياض المشوب بصفرة وسمرة والضياء والبريق. المريخ له الحمرة المظلمة.

الشمس لها الضياء والسفرة والصفرة. الزهرة لها البياض الناصع والسفرة والأدمة وقيل لها الخضرة. عطارد له ما تركب من لونين كالدكية والأسمانجونية القمر له الزرقة والبياض الذي لم يخلص من حمرة أو صفرة أو كدورة أو كمودة.

ص: 154

(النوع الثالث الكيفيات الملموسة)

زحل له ابرد الأشياء وأصلبها وأيبسها وأمتنها. المشتري له أعدل الأشياء وألينها وأحسنها وأطيبها وأسلسها. المريخ له أحسن الأشياء وأخبثها وأحدها. الشمس لها أكمل الأشياء وأشرفها وأشهرها وأكرمها. الزهرة لها أنعم الأشياء والذها وأجملها. عطارد له الممتزج من الكيفيتين من هذه الكيفيات. القمر له اغلظ الأشياء وأكثفها وأرطبها.

(النوع الرابع المقادير)

زحل له القصر واليبوسة والصلابة والثقل. المشتري له الاعتدال والخثورة والملاسة. المريخ له الطول والملاسة والخثورة والحفاف والحسومة. الشمس لها الاستدارة واللمعان والتخلخل. الزهرة لها السيلان واللين. عطارد له ما يتركب من كيفيتين بين هذه الكيفيات. القمر له الغلظ والرطوبة والتكاثف.

(النوع الخامس الأمكنة)

زحل له الجبال اليابسة التي لا تنبت. المشتري له الأرضون السهلة المريخ له الأرضون الخشنة. الشمس لها الجبال ذوات المعادن. الزهرة لها الأرضون الكبيرة والأنهار والمياه. عطارد له الرمال. القمر له كل قاع وأرض مستوية.

(النوع السادس المساكن)

زحل له الأسراب والنواويس والآبار والأبنية العتيقة والصحاري والسجون ومرابط الثيران والحمير والخيل ومرابط الفيلة. المشتري المساكن العامرة ومنازل الأشراف والمساجد والبيع والكنائس

ص: 155

ومساجد العبادة وبيوت المعلمين، المريخ مواضع النيران وحيث يصنع الفخار. الشمس بيوت الملوك والسلاطين. الزهرة الأماكن المرتفعة والطرق التي فيها المياه الكثيرة. عطارد الأسواق والدواوين وبيوت المصورين وما يقرب من البساتين. القمر المكان الندي ومضارب اللبن والمساكن التي يبرد فيها الماء والأنهار التي تنبت فيها الأشجار.

(النوع السابع البلاد)

زحل أرض السند والهند والزنج والحبشة والقبط والسودان ما بين الجنوب والمغرب واليمن والمغرب. المشتري أرض بابل وخراسان والترك والبربر إلى الغرب. المريخ أرض الشام والروم وما كان فيما بين المغرب إلى الشمال. الشمس الحجاز والصين وبيت المقدس وجبل أينان وأرمينية وايلان والديلم وخراسان إلى الصين. الزهرة بابل وأرض العرب والحجاز وكل بلد بلد في جزيرة أو وسط أجمة. عطارد مكة والمدينة وأرض العراق والديلم وجيلان وطبرستان. القمر الموصل وأذربيجان وعوام الناس في كل موضع.

(النوع الثامن المعادن)

زحل له المرتك وخبث الحديد والحجارة الصلبة. المشتري المرقشيثا والتوتيا والكباريت والزرنيخ الأحمر وكل حجر أبيض وأصفر وحجر مرارة البقر.

المريخ المغناطيس والسنبادج والزنجفر. الشمس اللأزورد والرخام والكباريت والزجاج الفرعوني والسندروس والزفت. الزهرة المغنيسيا والكحل. عطارد النورة والكهرباء والزرنيخ والزئبق. القمر الزجاج النبطي والأحجار المتشققة وكل حجر أبيض والروسخنح.

(النوع التاسع الفلزات)

زحل الأسراب. المشتري الرصاص القلعي والاسبيدريه والشبه الفائق

ص: 156

والمس. المريخ الحديد. الشمس الذهب الإبريز والمناطق المحلاة باليواقيت والجواهر وكل حجر ثمين. الزهرة النحاس واللؤلؤ والزبرجد والجزع والحلي المرصع بالجواهر وأواني البيت من ذهب وفضة أو رصاص أو نحاس ألا الحديد. عطارد الفيروزج والصفر الرديء وكل آنية معيبة والزئبق المعقود. القمر اللؤلؤ والبلور والخرز والفضة والدراهم والاسورة والخواتيم.

(النوع العاشر الفواكه والحبوب)

زحل له الفلفل والشاه بلوط والزيتون والزعرور والرمان الحامض والعدس والكتان والساهدانج. المشتري له الرمان الحلو المليسي والتفاح والحنطة والشعير والذرة والأرز والحمص والسمسم. المريخ له اللوز المر والحبة الخضراء. الشمس لها الأترج والأرز

الهندي الزهرة لها التين والعنب والشعير والحلبة. عطارد له الباقلاء والماش والكراويات والكزبرة. القمر له الحنطة والشعير والقثاء والخيار والبطيخ.

(النوع الحادي عشر الأشجار)

زحل العفص والهليلج والزيتون والفلفل والخروع وكل شجر كريه الطعم منتن الريح وكل شجرة ذات ثمر خشنة القشر صلبة كالجوز واللوز. المشتري له كل شجرة لها ثمرة قليلة الدسم كالتين والخوخ والمشمش والأجاص والنبق وهو شريك الزهرة في الفواكه. المريخ له كل شجرة لها ثمر حار كثير الشوك لثمرها نوى أو قشر ويكون طعمه حريفا أو حامضا كالكمثرى والخس والعوسج.

الشمس لها كل شجرة جافية لثمرها دسم كثير يلبسها يبوسة كالنخل والفرصاد والكرم. الزهرة لها كل شجرة لينة الملمس طيبة الرائحة حسنة المنظر كالسرو والساج والتفاح والسفرجل. عطارد له كل شجرة

ص: 157

قوية الرائحة. القمر له كل شجرة صغيرة الساق ذات شعب وله الرمان الحلو والعنب.

(النوع الثاني عشر النباتات)

زحل له كل حب بارد يابس. المشتري له الزهر والورد وكل نبات أرج الرائحة. المريخ له الخردل والكراث والبصل والثوم والسداب والجرجير والحرمد والفجل والباذنجان الشمس لها قصب السكر والمن والترنجبين. الزهرة لها الحبوب اللينة والأدهان والحلاوي وكل نبت أرج ذي ألوان له بهجة في المنظر. عطارد له البقول والقصب. القمر له العشب والحلفاء والبرابي ومزارع القطن والكتان وما لا يقوم على ساق كالقثاء والبطيخ.

(النوع الثالث عشر الأغذية والأدوية)

زحل له الأغذية والأدوية الباردة اليابسة التي في الدرجة الرابعة لاسيما المخدرة. المشتري له ما يكون معتدلا في الحرارة والرطوبة ويكون نافعا محبوباً. المريخ له ما يكون سميا ضاراً وتكون حرارته في الدرجة الرابعة. الشمس لها ما نقصت حرارته عن الدرجة الرابعة وتكون نافعة ومستعملة. الزهرة لها ما يكون معتدلا في البرد والرطوبة ويكون نافعاً لذيذا. عطارد له ما تفضل يبوسته على برودته وليست في الغابة وتكون مجتنبة لا تنفع ألا أحيانا. القمر له ما تفضل برودته على رطوبته وهي تنفع أحيانا ولا تستعمل دائماً.

(النوع الرابع عشر القوي)

زحل له القوة الماسكة. المشتري له القوى الغضبية. الشمس لها القوة الحيوانية. الزهرة القوة الشهوانية. عطارد القوة الفكرية. القمر القوة الطبيعية.

ص: 158

(النوع الخامس عشر الحيوانات)

زحل له الحيوانات السود وما يأوي إلى جحر تحت الأرض والبقر والمعز والنعام والسنجاب والنمور والسنانير والفيران واليرابيع والحيات العظام السود والعقارب والبراغيث والخنافس. المشتري له الناس والبهائم الأهلية وذوات الأظلاف والأخلاف من الضأن والثيران والإبل وكل دابة حسنة اللون أو طيبة اللحم مما يؤكل وما كان متعلما وذا حياء من الأسود والنمور والفهود. المريخ له الأسود والنمور والذئاب والخنازير البرية المتوحشة والكلاب وكل سبع خبيث والحيات والأفاعي. الشمس لها الغنم والخيول العراب والأسود والتماسيح. الزهرة لها كل ذي حافر أبيض أو أصفر من الوحوش ولها الحيتان. عطارد له الكلاب المعلمة والحمير والبغال والثعالب والأرانب وكل حيوان صغير أرضي أو مائي. القمر له الإبل والبقر والشاء وكل ما استأنس بالناس.

(النوع السادس عشر الطيور)

زحل له طير الماء وطير الليل والغربان والخطاطيف السود والذباب. المشتري له كل طير مستوي المنقار يأكل الحب الذي لا يكون أسود والحمام والدراج والطواويس والديوك والدجاج. المريخ له كل الطيور المعقفة المناقير وكل طائر أحمر والزنابير. الشمس لها العقارب والبازي والديوك والقماري. الزهرة لها الفواخت والوراشين والعندليب والجراد وما يؤكل من الطير. عطارد له الحمام والعصفور والبزاة وطيور الماء. القمر له البط والكراكي وكل طائر ضخم وله الدجاج والعصافير والدراج.

(النوع السابع عشر الأعضاء البسيطة)

زحل له الشعر والجلد والظفر والريش والصوف والعظام والمخ والقرن.

ص: 159

المشتري له الشريانات القابضة والنطفة والمخ. المريخ له الأوردة. الشمس لها الدماخ والعصب والجانب الأيمن من البدن. الزهرة لها الشحم واللحم والمني. عطارد له العروق القابضة. القمر له الجانب الأيسر من البدن.

(النوع الثامن عشر الأعضاء المركبة)

زحل له الاليتان والدبر والمصارين والبول والعذرة والركبتان. المشتري له الفخذان والأمعاء والرحم والحلق. المريخ له الساقان والمرارة والكليتان. الشمس لها الصدر والرأس والجنب والفم والأسنان. الزهرة لها الرحم والمذاكير وآلات المباضعة. عطارد له اللسان. القمر له العنق واليدان.

(النوع التاسع عشر آلات الحس)

زحل السمع. المشتري اللمس. المريخ الشم. الشمس البصر. الزهرة الشم وآلات الاستنشاق. عطارد الذوق. القمر البصر والذوق أيضاً. قالوا والأذن الأيمن لزحل والأيسر للمشتري والمنخر الأيمن للمريخ مع العين اليمنى والمنخر الأيسر للزهرة واللسان لعطارد يشركه القمر والعين اليسرى للقمر.

(النوع العشرون الأسنان)

زحل له الشيخوخة. المشتري والقمر والمريخ لهم الثلاثة الشباب. الشمس لها وسط العمر. الزهرة لها وقت البلوغ. عطارد والقمر لهما الطفولة. قال أبو الحسن كوشيار في كتابه مجمل الأصول في علم النجوم المولود يتولى أمره من وقت مولده القمر أربع سنين لأن بد ن المولود حينئذ رطب سريع النمو وأكثر غذائه مائي ثم يتولاه عطارد عشر سنين فيقوي فيه سهم النفس وينغرس فيه غروس التعاليم ويتبين فيه أصول الأخلاق وخواص الأعمال التي يحدث منها التعلم والأدب، ثم تتولاه الزهرة ثمان سنين فتبتدئ فيه حركة المني ويتحرك إلى أمور

ص: 160

الجماع والعشق والانخداع، ثم تتولاه الشمس تسع عشرة سنة فتصير النفس مستولية على الأعمال قادرة عليها وينتقل من الهزل واللعب إلى الوقار وصيانة النفس، ثم يتولاه المريخ خمس عشرة سنة فيحدث فيه صعوبة المعاش والهموم والفكر ونفسه تحس بالانحطاط وتزيد في حرصه، ثم يتولاه المشتري اثنتي عشرة سنة فينصرف عن مباشرة الأعمال بنفسه والكد والاضطراب ويلزم حسن المذهب واكتساب الذكر الجميل، ثم يتولاه زحل إلى آخر العمر فيعرض لبدنه البرد والكسل وعسر الحركة إلى الشهوات ويتبين فيه الانحطاط وقلة الاحتمال فأي كوكب من هذه الكواكب كان أقوى في أصل المولد وأسعد كان تأثيره وما يدل عليه في وقت تربيته أظهر وأبين قال وهذه سنون

ومقادير أتفق عليها أهل هذه الصناعة والفرس يسمونه أبردارات.

(النوع الحادي والعشرون الأنساب)

زحل الآباء والأجداد والأخوة الأكابر والعبيد. المشتري الأولاد وأولاد الأولاد. المريخ الاخوة الأوساط. الشمس الإماء والأخوة الأوساط والموالي. الزهرة النساء والأمهات. عطارد الأخوة الأصاغر. القمر الأمهات والخالات والأخوات الأكابر.

(النوع الثاني والعشرون الصور)

أما زحل فأنه إذا كان في درجة طالع مولد دل على أن صاحبه قبيح المنظر ممشوق عبوس عظيم الرأس أقرن صغير العينين واسع الفم غليظ الشفتين كثير الشعر أسود متغير اللون إلى الأدمة والسواد أوقص ضخم الكفين قصير الأصابع ملتوي الساقين عظيم القدمين. المشتري صاحبه حسن الجسم ملتئم الوجه غليظ الأرنبة قاني الوجنتين عظيم

ص: 161

العينين فيهما شهلة خفيف اللحية. المريخ صاحبه طويل الظهر عظيم الهامة صغير العينين والأذنين والجبهة حديد النظر أزرق قليل اللحم أحمر الشعر سبطه. الشمس عظيم الهامة سمين أبيض مشرب حمرة سبط الشعر في بياض عينيه شقرة قوي البدن. الزهرة صاحبها صبيح ملتئم الوجه أبيض مشرب حمرة سمين ذو تمكن كثير اللحم حسن العينين أسودهما وسوادهما أكثر من بياضهما صغير الأسنان مليح العينين قصير الأصابع غليظ الساقين. عطارد صاحبه حسن القامة آدم يضرب إلى الحمرة مليح ضيق الجبهة غليظ الأذنين حسن الحاجبين مقرون حسن الأنف واسع الفم صغير الأسنان خفيف اللحية رجل الشعر دقيقة حسن النطق طويل القدمين. القمر أبيض جميل اللون صبيح الوجه مدور الوجه تام اللحية في رأسه قرع وله فيه ذؤابة مليح الشعر.

(النوع الثالث والعشرون في الأخلاق الباطنة)

زحل صاحبه متوحش فزع مقلب جبان بخيل مكار حقود منقبض جبار موسوس لا يعلم أحد ما في نفسه ولا يحب الخير لأحد. المشتري حسن الخلق ملهم العقل حليم عظيم الهمة ورع منصف موصوف بالرئاسة على الأمصار حريص على العمارات. المريخ له اضطراب الرأي وقلة الثبات والخرق والجهل والحمق والشر وقلة الورع. والشمس له العقل والمعرفة والفهم والبهاء والزهو والاستطالة والعظمة والثناء الحسن ومخالطة الناس

والانقياد لهم وسرعة الغضب. الزهرة لها حسن الخلق والبهجة والشهوة وحب الغناء واللهو واللعب والصلف والترف والتجمل والعدل والطمأنينة لكل أحد. عطارد له الذكاء والفطنة والحكمة والسكينة والوقار والعطف والرأفة والحفظ والثبات في كل أمر والحرص على الديانة وكتمان السر والمحمدة ورعاية حقوق الأخوان والكف عن الشر. القمر

ص: 162

له سلامة القلب والانطباع بطباع الناس فيكون ملكاً مع الملوك وسوقيا مع السوقة كتوم السر يشتهي الجمال والمدح كثير الانبساط إلى الناس مكرم النفس قوي العقل.

(النوع الرابع والعشرون في الأفعال الظاهرة)

زحل من كان طالع مولده كان صادق القول والمودة صاحب التؤدة والتجارب بعيد الغور كتوم السر إذا غضب لم يملك نفسه مصر على فعله. المشتري صادق القول فهم شهم النفس صادق المودة متورع كاره الشر. المريخ صاحب الجسارة والأقدام على اللجاج والمشقة وفحش اللسان الطيش والخداع. الشمس صاحب اللطافة وحب الاشتهار والقوة والغلبة والحدة مع سرعة الرجوع. الزهرة السخاء والحرية والرقة على الأخوان والطاعة لهم والعجب والزهو وقوة البدن ومنعة النفس وحب الأولاد وبرهم. عطارد صاحب الصبر والظرف وبعد الغور وتلون الأخلاق وحب الإطلاع على الأسرار والحرص على الديانة والذكر وطاعة الله عز وجل مع المكر والخداع. القمر يكون طيب النفس كثير الكلام أحيانا أكبر همته اليسار وإظهار المروءة.

(النوع الخامس والعشرون في الأفعال والطبائع)

زحل له العدمة الطويلة والفقر الشديد والثروة مع البخل على نفسه وغيره والعسر والكند والشدائد والهموم والحيرة وإيثار العزلة والاستعباد للناس بالظلم واستعمال الفسق والحيل والبكاء والحزن. المشتري له معونة الناس والإصلاح بينهم وبذل النصفة منهم وإظهار السرور لكل من يقاربه والتمسك بالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصدق الرؤيا وكثرة الضحك والنكاح والمزاح وشدة الرغبة في المال

ص: 163

والمشغلات والتعزز بالنفس. المريخ له العزلة والأسفار والخصومة والحرب وأعمال الشر وقلة الخير وإفساد الأشياء الصالحة والكذب والنميمة والأيمان الكاذبة وكثرة الشهوة للنكاح الفاحش والحرص على القتل والغضب والأباق. الشمس لها الحرص على الرئاسة والرغبة في جمع المال

والاهتمام بأمور المعاد والاقتدار على الأسرار وقهر ذوي المعاصي فيضر وينفع ويخفض ويرفع ويسئ إلى من عاداه غاية الإساءة حتى يشقي ويسعد من يوده فإذا كانت في شرفها دلت على الملوك وإذا كانت بالضد فعلى الذي زال عنهم الملك. الزهرة لها البطالة والضحك والاستهزاء والرقص وحب الخمر واللعب بالشطرنج والنرد وكثرة الأيمان والكذب والخداع والتصدي للرجال والتأنيث وكثرة النكاح من وجوده سبعة في الدبر والسحق وحب الرياء والبغاء. عطارد له حسن التعلم للأدب والعلوم الدنيوية والوحي والمنطق وهو حلو الكلام سريع اللسان حسن الصوت حافظ الأخبار مفسد للمال كثير الرزايا من الأعداء كثير الخوف منهم سريع في الأعمال حريص على الاستكثار من الوظائف ويدل على السعاية والنميمة. القمر له الكذب والنميمة والاعتناء بصلاح الأبدان والسعادة في المعاش والسعي في إطعام الطعام وقلة النكاح ويكون طيب النفس.

(النوع السادس والعشرون في دلالاتها على طبقات الناس)

زحل يدل على أرباب الصنائع وقهارمة الملوك ونساء الملك المتعسفات وعبيد الملك والسفلة والثقلاء والخصيان واللصوص. والمشتري يدل على الملوك والوزراء والأشراف والعلماء والقضاة والعباد والفقهاء والتجار والأغنياء. المريخ يدل على القواد والجنود والسلاطين. الشمس تدل على

ص: 164

الملوك العظماء والرؤساء وأصحاب الذكر والقضاة الزهرة تدل على الأغنياء ونساء الملوك والزواني والزناة وأولادهم. عطارد يدل على التجار والكتاب وأصحاب الدواوين. القمر يدل على الملوك والأشراف والأحرار والحرائر.

(النوع السابع والعشرون في الأديان)

زحل يدل على اليهودية وسواد اللباس. المشتري يدل على النصرانية وبياض اللباس. المريخ يدل على عبادة الأصنام وشرب الخمور وحمرة اللباس. الشمس تدل على الملك ورفع التاج على الرأس. الزهرة تدل على الإسلام. عطارد يدل على مناظرة الناس في كل دين. القمر يدل على التدين بكل دين غالب.

(النوع الثامن والعشرون في أيام الأسبوع ولياليه وساعته)

السبت لزحل. الأحد للشمس. الاثنين للقمر. الثلاثاء للمريخ. الأربعاء لعطارد. الخميس للمشتري. الجمعة للزهرة. وقد نظمت وضمنت اختيار الأعمال.

لنعم اليوم يوم السبت حقا

لصيد إن بلا امتراء

وفي الأحد البناء فإن فيه

بدأ الرحمن في خلق السماء

وفي الاثنين إن سافرت فيه

تنبأ بالنجاح وبالنجاء

وإن رمت الحجامة فالثلاثا

فذاك اليوم مهراق الدماء

وإن رام أمرؤ يوما دواء

فنعم اليوم يوم الأربعاء

وفي يوم الخميس قضاء خير

ففيه الله يأذن بالقضاء

وفي الجمعات تنعم بأهل

ولذات الرجال مع النساء

(أرباب الساعات في أيام الأسبوع ولياليه)

أول ساعة من يوم الأحد وليلة الخميس للشمس. وأول ساعة من يوم الاثنين وليلة الجمعة للقمر. وأول

ص: 165

ساعة من يوم الثلاثاء وليلة السبت للمريخ. وأول ساعة من الأربعاء وليلة الأحد لعطارد. وأول ساعة من يوم الخميس وليلة الاثنين للمشتري. وأول ساعة من يوم الجمعة وليلة الثلاثاء للزهرة. وأول ساعة من يوم السبت وليلة الأربعاء لزحل. وأما سائر ساعات النهار والليل فتقسم بين هذه الكواكب على أفلاكها مثال ذلك إن الساعة الثانية من يوم الأحد للزهرة التي فلكها دون فلك الشمس. والساعة الثالثة لعطارد الذي فلكه دون فلك الزهرة. والساعة الرابعة للقمر الذي فلكه دون فلك عطارد. والساعة الخامسة لزحل الذي فلكه أول أفلاك الدراري. والساعة السادسة للمشتري. والسابعة للمريخ. والثامنة للشمس. وعلى الترتيب سائر ساعات الأيام والليالي تبتدئ بالساعة الأولى من رب الساعة الأولى وتسوقها على توالي الأفلاك كما بيناه.

(النوع التاسع والعشرون فيما لها من البخورات)

زحل معية يابسة زينب جاوشير قشور كندر قشور بيض. المشتري لأدن حماما قردمانا حنطيانا رومي. المريخ برز اللفت بسباسه سادج هندي. الشمس قشور نارنج أظافر الجن. الزهرة معية يابسة لأدن كافور مسك. عطارد سنبل الطيب ورد فارسي أظافر الجن. القمر صندل أبيض وأحمر قشور بيض النعام نرجس طري. وأعلم أن بخورات الكواكب تختلف بحسب الأغراض والمقاصد المطلوبة بها والنوازل والأحوال المرادة لها. وقد ذكر في البخورات أيضاً زحل معية. المشتري حب الغاز. المريخ سندروس. الشمس عود. الزهرة

زغفران عطارد مصطكى. القمر كتان. وفي كتاب هرمس أن دخنة زحل زغفران. وقردمانا وقشور الكندر ووسخ الصوف ومخ السنور وفي نسخة أخرى أفيون وأصطرك أجزاء متساوية يدق ويعجن

ص: 166

بأموال المعز ويعمل فتائل ويبخر بها وقت الحاجة في مجمرة أسرب. وفي كتاب آخر أبهل وشيح ومي وتمر عجوة وبزر لفت ومر أحمر من كل واحد خمس أواقي يدق وينخل بشراب روحاني ويقرص القرص زنة مثقال. وقال ابن وحشية في أبواب زحل ينبغي أن يضاف إلى بخورها كلها الرشاوشان. وفي أبواب عطارد لا بد من شعر الناس وليكن أقل الأجزاء. وفي أبواب المريخ شعر القرد وليكن أقل الأجزاء. وفي أبواب القمر البيروح. وفي أبواب الشمس العود. وأعلم أن جميع هذه البخورات المذكورة على اختلافها صحيحة وإنما الاختلاف فيها بحسب اختلاف الأغراض المقصودة بأعمالها وكذلك أيضاً يختلف ما لكل كوكب منها من القرابين والدعوات والأسماء وفصوص الخواتيم ونقوش الفصوص مما يخص كل كوكب منها ويضاف إليه وقد يختلف ذلك أيضاً بحسب اختلاف الأغراض المطلوبة والمقاصد المرادة بها.

(النوع الثلاثون قول كلي في دلالات هذه الكواكب السبعة)

(بالأفراد والاجتماع)

قال أبو معشر في أسرار النجوم: المريخ إذا أنفرد بطبعه وخلا من كل اتصال ونظر وممازجة ومشاركة لم يدل على شيء من الخير البتة وربما دل على لبوة أو نمر أو على نار لا ينتفع بها ويتأذى بريحها وشررها وربما دل على حرق أو قتل كبير. وزحل إذا أنفرد بدلالته دون نظر أو ممازجة أو غير ذلك لم يدل على شيء من الخير ولكن يدل على براري مقفرة لا أنيس بها وعلى سروب منتنة هائلة في حال أخرى وعلى جبال صعبة جرد لا نبات بها في حال أخرى وعلى آبار مظلمة طوال لا ماء فيها في حال أخرى. قال سادان: قلت

ص: 167

لأبي معشر قد ذكر قوم من أهل هذه الصناعة أنه يدل على معادن الحديد والشجر والطوال العادية! قال: كل ذلك بممازجات تقع فيه أما الحديد فينظر المريخ إليه نظر مودة وعطارد والمشتري نظر تربيع أو مقابلة وأما الشجر الطوال العادي فهو أن يكون في الجوزاء أو في الميزان وتنظر إليه الزهرة وعطارد وليس عن مودة فيصير نظر السعود من غير مودة منفعة لأن السعود إذا نظرت من مودة عملت الخير وسهلته وإذا

نظرت من عداوة حللت الشر وحولته إلى الخير في مدة بطيئة فيها مشقة وتعب ومؤونة.

(القول في اجتماع الكواكب السبعة وافتراقها)

قال أبو معشر: اجتماع الكواكب ممكن وما رأيته قط ولا بلغني أن أحدا رآه ولكن سمعت مشايخنا يقولون إنما يحدث الملك العظيم الكبير من القرانات العظيمة. وقال كهلة الهندي: إذا اجتمعت الكواكب فأسرعها خروجا يتخذ دليلا لمدة دوره الأكبر ثم الذي يليه. وذكر يحيى بن أبي منصور ومحمد بن الجهم إنه إذا اجتمعت الثلاثة العلوية في حد أو صورة ونظرت إليها الشمس فهو القران العظيم الذي يتولد منه الملك والدول العظام ولا يبالي بالكواكب السفلية بعد ذلك. قال كشف سر مصون في بيان السبب الموجب لانفعال هذا العالم السفلي عن العالم العلوي بالطلسمات والسحر والرقى والبخور قال ارسطوطاليس في كتابه العظيم القدر في الحكمة الملقب باثلوجيا ومعناه الربوبية للأعمال الكائنة من الرقي والسحر إنما يكون من جهتين أما بملائمة واتفاق الأشياء المتشابهة، وأما بالتضاد والاختلاف وأما بكثرة القوى واختلافها غير أنها وأن اختلفت فإنها متممة للجزء الواحد فإنه ربما حدثت الأشياء من غير حيلة احتال لها المحتال والسحر الصناعي كذب لأنه كله يخطئ ولا يصيب فأما السحر الحق الذي لا

ص: 168

يخطئ ولا يكذب فهو السحر العالم وهو المحبة والغلبة. والساحر العالم هو الذي يتشبه بالعالم ويعمل أعماله على نحو استطاعته وذلك أنه يستعمل المحبة في موضع والغلبة في موضع آخر، وإذا أراد استعمال ذلك استعمل الأدوية والحيل الطبيعية وتلك مثبتة في الأشياء الأرضية غير أن منها ما يقوي على فعل المحبة في غيره كثيراً ومنها ما ينفعل في غيره فينقاد له وإنما بدون السحر أن يعرف الساحر الأشياء المنقادة بعضها لبعض فإذا عرفها قوي على جذب الشيء لقوة المحبة الفاعلة التي في الشيء وقد يوجد في الأشياء شيء يجمع بين النفس والنفس كالأركان التي في تجمع بين العمودين المتباينة بعضها على بعض. وصاحب الرقي يرقي ويسمي الشمس أو بعض الكواكب ويطلب إليها ويفعل ما يريد فعله لا أن الشمس والكواكب سمع دعاءه وكلامه لكن إنما وافق دعاء الداعي ورقية الراقي أن تتحرك تلك الأجزاء بنوع من الحركة وتتشكل بنوع من الشكل فيحس الجزء السفلي تلك الحركة كما يحس بعض أجزاء الإنسان بحركات بعض وذلك بمنزلة وتر واحد ممتد يحرك أسفله فيتحرك أعلاه

وربما حركت بعض وذلك بمنزلة وتر واحد ممتد يحرك أسفله فيتحرك أعلاه وربما حركت بعض الأوتار فتحرك الوتر الآخر كأنه أحس بحركة ذلك الوتر، فكذلك أجزاء العالم ربما حرك المحرك بعض أجزائه فيتحرك لتلك الحركة جزء آخر كأنه يحس بحركة ذلك الجزء لأن أجزاء العالم كلها منظومة بنظام واحد كأنها حيوان واحد وإنسان واحد، وربما حرك الضارب العود فيتحرك أوتار العود الآخر لتلك الحركة كذلك العالم الأعلى ربما حرك جزء من أجزاء هذا العالم مباينا لصاحبه مقارنا فيتحرك بحركته جزء آخر وهذا يدل على أن بعض أجزاء العالم يحس بالآثار الواقعة على بعض أجزاء العالم كما بيناه. قال: فكما إن بعض أجزاء الحي تحس بالأثر الواقع على بعض كذلك يحس بعض أجزاء

ص: 169

العالم بالأثر الواقع على بعض لشدة اتصالها وائتلافها واتحاد بعضها ببعض. قال: ونقول إن لكل الأشياء الأرضية قوى تفعل أفاعيل عجيبة وإنما نالت تلك القوى من الأجرام السمائية فمن استعمل تلك الأشياء الطبيعية ذوات القوى العجيبة في الغرض الملائم له إلى الفعل رأى تلك الآثار في الشيء الذي أراده. قال: وربما أثر بعض أجزاء العالم في بعض أثار عجيبة بلا حيلة يحتلاها أحد وربما جذب بعض أجزاء العالم بعضا جذبا طبيعياً فيتوحد به وربما عرض من دعاء الداعي وطلب الطالب أمور عجيبة أيضاً بالجهة التي ذكرناها آنفا، وذلك أن يكون دعاؤه يوافق تلك القوى فتنزل إلى هذا العالم وتؤثر آثارا عجيبة، وليس يعجب أن يكون الداعي ربما سمع منه لأنه ليس بغريب من هذا العالم ولا سيما إذا كان الداعي مؤمنا صالحا فإن قال قائل فما تقولون إذا كان صاحب الدعاء شريراً وفعل تلك الأفعال العجيبة قلنا أنه ليس بعجب أن يكون المرء الشرير يدعو ويطلب فيجاب إلى ما دعى وطلب لأن المرء الشرير يستقي من النهر الذي يستقي منه المرء الصالح والنهر لا يميز بينهما بل يسقيهما جميعاً فإن كان هذا هكذا ورأينا المرء شريراً كان أو صالحاً ينال من الشيء المباح لجميع الناس فلا ينبغي أن يعجب من ذلك، فإن قال قائل فالعالم إذن كله سره ينفعل فيعمل بعضه الآثار في بعض قلنا إن العالم الأرضي هو الذي ينفعل، وأما العالم السمائي فإنه يفعل ولا ينفعل. وإنما يفعل في العالم الأرضي أفاعيل طبيعية ليس فيها فعل عرضي لأنه فاعل غير منفعل من فاعل آخر جزئي فأفاعيله كلها طبيعية ليس شئ منها عرضيا، لأنه إن عرض فيها عارض فلا يكون بغاية الإتقان والصواب قال محمد بن

موسى: دخلت على المأمون وعنده جماعة من المنجمين وعنده رجل تنبأ ودعا له القضاة والفقهاء ولم يحضروا بعد ونحن لا

ص: 170

نعلم فقال لي ولمن حضر من المنجمين: خذوا طالعا لدعوى رجل في شيء يدعيه وعرفوني ما يدل حاله عليه من كذبه في دعواه صدقه. ولم يعلمنا المأمون أنه متنبئ، فأخذنا الطالع واحكمنا فوق الشمس والقمر في دقيقة واحدة مع دقيقة الطالع وسهم السعادة وسهم الغيب في دقيقة الطالع والطالع الجدي والمشتري في السنبلة ينظر إليه وعطارد والزهرة ينظران إليه فقال كل من حضر من القوم كل ما يدعيه صحيح. وأنا ساكت فقال لي المأمون: قل. فقلت: هو في طلب تصحيحه وله به حجة زهرية عطاردية وتصحيح الذي يدعيه لا يتم له ولا ينتظم. فقال لي: من أين؟ قلت: لأن صحة الدعاوى من المشتري والمشتري ينظر إليه نظر موافقة ألا أنه كان لهذا البرج ولا يتم له التصديق والتصحيح والذي قالوا من حجة عطاردية زهرية فإنما هو من جنس الخداع والمنجمون يتعجبون منه. فقال المأمون: أحسنت لله درك أتدري من الرجل؟ قلت: لا. قال: هذا يدعى النبوة. فقلت له: يا أمير المؤمنين معه شيء يحتج به؟ فسأله فقال: نعم معي خاتم ذو فصين البسه فلا يتغير مني شئ ويلبسه غيري فيضحك ولا يتمالك من الضحك حتى ينزعه، ومعي قلم شامي أكتب به ويأخذه غيري فلا ينطلق به يده. فقلت له: هذه الزهرة وعطارد قد عملا عملهما. فأمره المأمون بعمل ما ادعاه فعمله فقلنا: هذا ضرب من الطلمسات. فما زال به المأمون أياما كثيرة يستنزله عن دعواه ويرغبه ويعده بالإحسان حتى أقر بصورة عمله في الخاتم والقلم وتبرأ من دعوى النبوة وأعلمه أنه إنما جعل ذلك سببا للوصول إليه، فوهبه المأمون ألف دينار ووجدناه أعلم الناس بعلم النجوم وهو من أصحاب عبد الله بن السري وهو الذي عمل طلسم الخنافس في دور كثيرة من دور بغداد. قال أبو معشر: نزلت في خان ببعض قرى الري في قافلة ومعنا كاتب من أهل بغداد فلما استقر بنا المجلس أكلنا وأخرجت شرابا كان معي

ص: 171