الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو امتناعها عن القيادة لرائضها وذلك لقوة شعاع الشمس حتى تمتنع الإبصار عن تمكن النظر إليه (الزهرة) من الإزهار وهو الإشراق والإنارة ومنه أزهر الصبح أنار وأشرق وذلك لضيائها وإشراق نورها (عطارد) من العطرة وهي الشرعة والخفة وذلك لسرعة حركته وامتزاجه بكل ما يجاوره وسرعة استحالته إليه (القمر) من القمرة وهي شدة البياض ومنه لون أحمر إذا كان أبيض شديد
البياض والشمس تجمع على شموس كأنهم جعلوا كل ناحية منها شمساً كما قالوا لمفرق الرأس مفارق.
(قال الشاعر)
حمي الحديد عليهم فكأنه
…
ومضان برق أو شعاع شموس
وتصغيرها شميسة وقد شمس يومنا وأشمس يشمس بالضم والكسر إذا كان ذا شمس وأقمر الليل يقمر إذا كان ذا قمر وليلة مقمرة وقمراء إذا طلع القمر فيها من أولها إلى آخرها والله تعالى أعلم.
الباب العاشر
في تأويل رؤيا الأجرام العلوية
وما يتعلق بها في المنام على مذهب حكماء الفلاسفة والإسلام
(رؤيا النهار والليل) قال حكماء اليونان رؤيا النهار في النوم خير من رؤيا الليل لأن النهار وقت المعاش والليل وقت البطالة والعطلة إلا لمن يكون الليل أوفق له وأليق بحاله مثل الهارب والآبق والمستتر المتواري ومن أشبههم فإن رؤيا الليل أوفق له من رؤيا النهار.
(رؤيا الشمس والقمر والكواكب)
(الشمس) تدل على السلطان
وعلى جميع الحيوانات لأن قواها بها فمن رأى الشمس على أحوالها الطبيعية من الضياء والنور والسير وجهات الطلوع والغروب دل على انتظام أموره وصلاح معاشه بواسطة سعادة السلطان، ومن كان في غم أو حيرة ورأى الشمس طالعة والعالم مستنير بنورها زال عنه الغم والتحير، وكذلك إذا رآها من يرجو شيئا نال ما يرجوه ويؤمله، ويحكي أن رجلا رأى أنه في الشمس وأن صورته فيها فرزق أبنا صار ملكا عظيما، وكما أن طلوع الشمس جيد فغروبها رديء لأنه يدل على اليأس والتحير وكأن رجل ارمد العين فرأى في النوم أن الشمس غابت فعمي بصره لأن الشمس في العالم بمنزلة العين في الجسد وطلوع الشمس من جهة أخرى غير مشرقها رديء مذموم وكذلك على الفساد والشر، ومن رأى أنها أظلمت بحيث لا تضيء البتة أو غابت كان رديئا إلا أن كان هاربا أو عازما على عمل شيء في الخفية، وكثرة الشموس في النوم رديء لأن كثرة الرؤساء تفسد النظام.
(القمر) يدل على امرأة عظيمة القدر كما أن الشمس تدل على صاحب البيت فكذلك القمر يدل على سيدة البيت ويد على السفر أيضا لسرعة سيره ورأى رجل القمر فقال: للمعبر رأيت كني قريب من القمر وكلمته، فقال له: المعبر: تسافر في البحر فكان له كما قال، بعد سنة رأى الرجل هذا المنام بعينه فرجع إلى ذلك الموضع فسأل المعبر عن المنام. فقال: تبتلي بحمى الدق، فقال صاحب المنام: سألتك عن تفسير هذا المنام قبل سنة فقلت تسافر في البحر فسافرت والآن تعبره على حمى الدق والمنام واحد فما الفرق؟ فقال المعبر: المنام الأول رأيته لخمس ليال خلون من الشهر والقمر على شكل السفينة فلما قربت منه دل على
ركوب السفينة والآن رأيت الهلال وقد بقي من الشهر ليلة واحدة وهو في غاية الدقة والهزال فيدل على أنك
تصير مثله في الدقة وإنما يكون ذلك بحمى الدق فكان كما قال، وكلما تدل عليه الشمس ويكون ذلك الأمر الذي دل عليه القمر من جهة النساء.
(رؤيا الكواكب) قال اليونانيون رؤيا الكواكب لمن ينوي السفر جيدة ولمن يعمل عملا في الخفية لأن الكواكب إنما تظهر بعد غيبة الشمس ولا تضيء إضاءة كثيرة وإن السماء مثال البيت فمن رأى أن سقط من السماء كوكب سقط من أهل بيته أحد حسب قدر الكواكب الذي رأى في المنام وحكي أن رجلا رأى في النوم أنه يأكل النجوم فأتفق أنه صار منجما وكان يتعيش بصناعة التنجيم ورأى رجل أنه ظهر في السماء شهب وكواكب كثيرة فقال له المعبر: هذا يدل على أن السنة حارة يابسة لأن هذه الآثار إنما تتولد في مثل هذه السنة وقد جرب ذلك فكان كما قال.
(آراء العرب في ذلك) قالت العرب الشمس تدل على السلطان الأعظم فمن رأى أنه قرب من الشمس أو أخذ منها شعاعا ونورا دل على قربه من السلطان ونال منه مرتبة عليه ودرجة رفيعة، القمر يدل على وزير السلطان والهلال على ولد مبارك أو ولاية جليلة أو ربح في تجارة وقال جاماسف ينصر على عدوه ويظفر به الزهرة تدل على زوجة الملك وعطارد يدل على كاتبه والمريخ يدل على سعة بلاده والمشتري يدل على خادمه وزحل يدل على صاحب النقمة والعذاب وكبار الكواكب تدل على الرؤساء وصغارها تدل على العوام والقمر إذا رؤي على الأرض دل على الزوجة وإذا رؤى في السماء دل على الوزير ومن رأى القمر في بيته تزوج بامرأة كبيرة القدر وكثيرا ما تدل الشمس على الأب والقمر على الأم والكواكب على الأخوة خصوصا إذا كانوا تحت حكم الوالدين مثل منام يوسف عليه السلام
فإن الشمس كان أباه والقمر أمه والكواكب أخوته الذين سجدوا له، قال المصنف ومن المجرب أن من رأى أنه ينظر إلى السماء والكواكب والهواء صاف والكواكب نيرة والسماء بادية فإنه إن كان في كرب وغم فرج عنه كربه وغمه ونال مسه وانشراح صدر وقد جرب ذلك مرارا.
(رؤيا السماء) من رأى أنه صعد إلى السماء وهو ينظر إلى الأرض فإنه ينال رفعة فإن رأى أنه دخل في السماء وغاب فيها فإنه يموت ويرجع إلى الآخرة ومن رأى كأن سهيلا
طلع عليه دل على أدباره وخراب بيته لأنه لا يطلع في البلدان العامرة بل في البراري، ومن طلع عليه الزهرة نال الإقبال إلى آخر عمره، ومن طلع عليه المشتري نال ملكا ورفعة إلى أخر عمره، ومن رأى الفلك كأنه يدور تحول من حال إلى حال أو من دار إلى دار أو من بلد إلى بلد وقال ارطاميدوس من رأى الكواكب تحت السقف دل على خراب بيت صاحبه حتى تكون الكواكب تدخل بيته ويدل على موت رب البيت ودليل المنازل والكواكب ذوات الأذناب في الرؤيا مثل الذي يفعله إذا ظهر في اليقظة وطلوع الفجر لمن رآه نور وهداية كما الليل لمن رآه ضلال وغمة وكل ما رؤي في الشمس والقمر من حدوث كسوف أو خسوف فهي حوادث رديئة تحدث بالملك أو وزيره وباقي الكواكب على التفسير المقدم في حوادثها تدل على حوادث فيمن عرفت به، ومن رأى الشمس استترت بالسحاب فإن الملك يعرض له مرض يسير ويبرأ منه وكذلك في القمر وبقية الدراري السبعة كل دريء منها يدل على من هو منسوب إليه في التعبير المتقدم والله تبارك وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وهو حسبنا ونعم النصير.