المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في كلام بعض أهل العلم في المسألة - نفح العبير - جـ ٢

[عبد الله بن مانع الروقي]

الفصل: ‌فصل في كلام بعض أهل العلم في المسألة

‌فصل في كلام بعض أهل العلم في المسألة

قال النووي في «المجموع» (1/ 349): الختان واجب على الرجل والنساء عندنا وبه قال كثيرون من السلف كذا حكاه الخطابي وممن أوجبه أحمد وقال مالك وأبو حنيفة: سنة في حق الجميع. اهـ.

وقال ابن عابدين في حاشيته تعليلًا لإباحة النظر إلى محل الختان: لأن الختان سنة للرجال من جملة الفطرة لا يمكن تركها، وهو مكرمة في حق النساء.

وقال الباجي في «شرح الموطأ» (7/ 232): وقال مالك: ومن ابتاع أمةً فليخفضها إن أراد حبسها

وقال: النساء يخفضن الجواري.

وقال أبو محمد في «المغني» (1/ 115): فأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، وليس واجبًا عليهن هذا قول كثير من أهل العلم، قال أحمد: الرجل أشد.

وسئل شيخ الإسلام رحمه الله (21/ 114) عن المرأة هل تختتن أم لا؟ فأجاب: الحمد لله، نعم تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، للخافضة، وهي الخاتنة:«أشّمِي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزواج» يعني لا تبالغي في القطع وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة، ولهذا يُقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء! فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولهذا يوجد في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت

ص: 71

الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود بالاعتدال. اهـ.

وقال ابن القيم في «تحفة المودود» (الفصل التاسع) في أن حكمه يعني الختان يعم الذكر والأنثى.

قال صالح بن أحمد: إذا جامع الرجل امرأته ولم ينزل؟ قال إذا التقى الختانان وجب الغسل.

قال أحمد: وفي هذا أن النساء كنَّ يختتن، وسئل عن الرجل تدخل عليه امرأته فلم يجدها مختونة أيجب عليها الختان؟ قال: الختان سنة؟

قال الخلال: وأخبر أبو بكر المروّذي وعبد الكريم بن الهيثم ويوسف بن موسى؛ دخل كلام بعضهم في بعض أن أبا عبد الله سئل عن المرأة تدخل على زوجها ولم تختتن أيجب عليها الختان؟ فسكت والتفت إلى أبي حفص قال: تعرف في هذا شيئًا؟ قال: لا فقيل: إنه أتى عليها ثلاثون أو أربعون سنة فسكت قيل له: فإن قدرت على أن تختتن؟ قال: حسن، قال وأخبرني محمد بن يحي الكحال قال سألت أبا عبد الله عن المرأة تختتن؟ فقال قد خرجت فيه أشياء ونظرت فإذا خبر النبي صلى الله عليه وسلم، حين يلتقي الختانان ولا يكون واحدًا إنما هو اثنان قلت لأبي عبد الله: فلابد منه قال الرجل أشد وذلك أن الرجل يختتن فتلك الجلدة مدلَّاة على الكمرة فلا يبقي ما ثمَّ، والنساء أهون قلت: لا خلاف في استحبابه، واختلف في وجوبه وعن أحمد في ذلك روايتان أحدهما يجب على الرجال والنساء، والثانية يختص وجوبه بالذكور. اهـ.

وقال القاري في «المرقاة» (8/ 289) وأما النساء فمكرمة ففي «خزانة الفتاوى» : ختان الرجال سنة واختلفوا في المرأة، فقال في «أدب القاضي» مكروه وفي موضع

ص: 72

آخر سنة وقال بعض العلماء: واجب وقال بعضهم: فرض قلت: والصحيح أنه سنة. اهـ.

ولمزيد النظر في الخلاف انظر: «شرح السنة» (12/ 110)، «شرح الشنقيطي» على النسائي (1/ 145)، «غاية المرام» ، «شرح مغني ذوي الأفهام» (1/ 362)، «مجموع رسائل الشيخ ابن عثيمين» (4/ 117)، «أحكام الطفل» للعيسوي ص [206]، مجموع مؤلفات ابن سعدي، «الفقه» (2/ 96)، «فتاوى اللجنة جمع الدويش» (5/ 119).

وقد تحصل من أقوال العلماء في المسألة أقوال كما تقدم تبتدي من الكراهة حتى الوجوب، ولا شك أن إطلاق القول بأن حكم هذا الشيء محرم أو واجب لابد له من دليل وإلا كان قولًا على الله بغير علم، وهو من أشد المحرمات، نسأل الله السلامة قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وقال تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116].

وقد روى عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو داود من طريق سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمرو عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة سدد خطاكم، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من أُفْتِي بغي علم كان إثمه على من أفتاه» ولفظ الدارمي: «من أُفْتِي من غير ثبت» [إسناده حسن].

وروى الدارمي من طريق ابن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» مرسل

ص: 73

جيِّد، واعلم أن أحاديث الأمر بالختان أو أنه سنة في حق المرأة كلها معلولة وقد ضعفها أبو داود، والبيهقي وابن عبد البر كما في «التمهيد» (21/ 59)، وابن المنذر نقله عند المناوي في «الفيض» (1/ 216)، والعراقي كذلك ضعفها كما في التخريج «الإحياء» (1/ 312) والحافظ في «الفتح» (10/ 341)، و «التلخيص» (4/ 82 - 83)، والشوكاني في «النيل» (1/ 113) وغيرهم.

ص: 74