الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبصره؛ فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته، حتى يقع في البدع، والضلالات، والأمور المهلكة، وهو لا يشعر، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً فيه يراه كل أحد (1)،قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:((إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمةً في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضةً في قلوب الخلق)) (2).
5 - تُوهن القلب وتُضعفه:
أما وهن القلب؛ فإن المعاصي لا تزال تُوهنه حتى تُزيل حياته بالكلية (3).
وأما ضعف القلب؛ فإن المعاصي تُضعفه من عدّة وجوه، هي:
الوجه الأول: تُضعف في القلب تعظيم الربّ جل جلاله، وتُضعف وقاره في قلب العبد ولابدّ شاء أم أبى، ولو تمكّن وقار الله وعظمته في قلب العبد لما تجرّأ على معاصيه؛ فإن عظمة الله تعالى وجلاله في قلب العبد تقتضي تعظيم حرماته {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} (4)، وتعظيم حرمات الله عز وجل في القلب تحول بين العبد وبين الذنوب (5).
(1) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص105 - 106.
(2)
المرجع السابق، ص106.
(3)
انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص106.
(4)
سورة الحج، الآية:30.
(5)
انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص134.
الوجه الثاني: تُضعف المعصية إرادة الخير في قلب العبد، وتُقوّي إرادة المعصية، فتُضعف في قلبه إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكليّة، فلو مات نصفه لما تاب إلى الله، يأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير، وقلبه معقود بالمعصية، مصرّ عليها، عازم على مواقعتها متى أمكنه، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك (1).
الوجه الثالث: تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة، أو تعوقه أو توقفه وتقطعه عن السير، فالذنب إما أن يُميت القلب، أو يُمرضه مرضاً مخوِّفاً، أو يُضعف قوته ولابد، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَعِ الدين، وغَلَبةِ الرجال)) (2)، والمقصود أن الذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لهذه الثمانية، كما أنها من أقوى الأسباب الجالبة لـ:((جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)) (3)، ومن أقوى الأسباب الجالبة لـ: ((زوال نعمة الله،
(1) انظر: المرجع السابق، ص110، وص200.
(2)
متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال،
7/ 203، برقم 6363، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من العجز والكسل، 4/ 2079، برقم 2706.
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء، 7/ 199، برقم 6347، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، 4/ 2080، برقم 2707.