المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: مفهوم التقوى - نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: نور التقوى وثمراتها

- ‌المطلب الأول: مفهوم التقوى

- ‌المطلب الثاني: أهمية التقوى

- ‌أولاً: أن الله عز وجل أوصى الأوّلين والآخرين بالتقوى

- ‌ثانياً: أمر الله عز وجل بالتقوى

- ‌ثالثاً: أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالتقوى، وحث عليها

- ‌رابعاً: أكثر ما يُدخل الجنةَ التقوى

- ‌خامساً: التقوى أهم من اللباس الحسّي

- ‌سادساً: التقوى أهم من الطعام والشراب

- ‌المطلب الثالث: صفات المتقين

- ‌أولاً: قال الله عز وجل: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*

- ‌ثانياً: قال الله عز وجل: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

- ‌ثالثاً: قال الله عز وجل بعد أن بيّن أن الشهوات زُيِّنت للناس: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ

- ‌رابعاً: قال الله عز وجل: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *

- ‌خامساً: قال الله عز وجل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *

- ‌المطلب الرابع: ثمرات التقوى

- ‌أولاً: الانتفاع بالقرآن الكريم

- ‌ثانياً: معيّة الله مع المتقين

- ‌ثالثاً: المكانة العالية عند الله يوم القيامة

- ‌رابعاً: التوفيق لنيل العلم النافع وتحصيله

- ‌خامساً: التقوى تثمر دخول الجنة

- ‌سادساً: محبة الله للمتقين

- ‌سابعاً: عدم الخوف من ضرر وكيد الأعداء

- ‌ثامناً: التقوى سبب لنزول المدد من السماء

- ‌تاسعاً: التقوى تثمر عدم العدوان

- ‌عاشراً: قبول الأعمال الصالحة

- ‌الحادي عشر: حصول الفلاح

- ‌الثاني عشر: التقوى تمنع صاحبها الزيغ والضلال

- ‌الثالث عشر: السلامة من الخوف والحزن

- ‌الرابع عشر: التقوى تثمر البركات من السماء والأرض

- ‌الخامس عشر: الحصول على رحمة الله عز وجل

- ‌السادس عشر: التقوى تثمر الفوز بولاية الله

- ‌السابع عشر: التقوى تثمر توفيق صاحبها للتفريق بين الحق والباطل

- ‌الثامن عشر: التقوى تثمر حماية الإنسان من ضرر الشيطان

- ‌التاسع عشر: البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة

- ‌العشرون: حفظ الأجر

- ‌الحادي والعشرون: العاقبة الحميدة الحسنة في الدنيا والآخرة للمتقين

- ‌الثاني والعشرون: الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة

- ‌الثالث والعشرون: التقوى تفرق بين المؤمنين والفجار

- ‌الرابع والعشرون: التقوى سبب لتعظيم شعائر الله

- ‌الخامس والعشرون: التقوى تصلح بها الأعمال وتُقبل

- ‌السادس والعشرون: التقوى سببٌ للإكرام عند الله

- ‌السابع والعشرون: التقوى يحصل بها الفرج والمخرج

- ‌الثامن والعشرون: التقوى يحصل بها تيسير الأمور

- ‌التاسع والعشرون: التقوى تُكفّر بها السيئات، وتُعظم بها الأجور

- ‌الثلاثون: التقوى تثمر الاهتداء والاتعاظ

- ‌المبحث الثاني: ظلمات المعاصي وأضرارها

- ‌المطلب الأول: مفهوم المعاصي وأسماؤها

- ‌أولاً: مفهوم المعاصي:

- ‌ثانياً: أسماء المعاصي:

- ‌1 - الفسوق والعصيان

- ‌2 - الحُوب

- ‌3 - الذنب

- ‌4 - الخطيئة

- ‌5 - السيئة

- ‌6 - الإثم

- ‌7 - الفساد

- ‌8 - العتوّ

- ‌المطلب الثاني: أسباب المعاصي

- ‌النوع الأول: الابتلاء والاختبار، ومن ذلك:

- ‌1 - الابتلاء بالخير والشر

- ‌2 - الابتلاء بالمال والولد

- ‌النوع الثاني: أسباب الوقوع في المعاصي، ومنها:

- ‌ ضعف الإيمان واليقين بالله عز وجل

- ‌ الشبهات

- ‌ الشهوات

- ‌ الشيطان من أعظم أسباب وقوع المعاصي:

- ‌الشيطان يريد أن يظفر بالإنسان في عقبة من سبع عقبات

- ‌ الأولى: عقبة الكفر والشرك بالله وبدينه

- ‌ الثانية: عقبة البدعة

- ‌ الثالثة: عقبة الكبائر

- ‌ الرابعة: عقبة الصغائر

- ‌ الخامسة: عقبة المباحات

- ‌ السادسة: عقبة الأعمال المرجوحة

- ‌ السابعة: تسليط جنده عليه بأنواع الأذى

- ‌المطلب الثالث: مداخل المعاصي

- ‌أولاً: النفس الأمارة يدخل عليها الشيطان وأعوانه

- ‌ ثغر العين

- ‌ ثغر الأذن

- ‌ ثغر اللسان

- ‌ ثغر الفم

- ‌ ثغر اليد

- ‌ ثغر الرجل

- ‌ثانياً: أبواب الشيطان التي يُدخِل الناسَ معها إلى النار ثلاثة:

- ‌ باب شبهة أورثت شكّاً في دين الله

- ‌ باب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعة الله

- ‌ باب غضب أورث العدوان على خلق الله عز وجل

- ‌ثالثاً: طرق الشيطان على الإنسان من ثلاث جهات:

- ‌الجهة الأولى: التزيّد والإسراف

- ‌الجهة الثانية: الغفلة

- ‌الجهة الثالثة: تكلف ما لا يعنيه من جميع الأشياء

- ‌رابعاً: المداخل التي من حفظها نجا من المهالك

- ‌ النظرة:

- ‌ الخطرة:

- ‌ اللفظة:

- ‌ الخطوة:

- ‌المطلب الرابع: أصول المعاصي

- ‌ الكِبْر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره

- ‌ الحِرْص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة

- ‌ الحَسَد: وهو الذي جرَّأَ أحد ابني آدم على أخيه

- ‌ أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاثة:

- ‌ تعلق القلب بغير الله

- ‌ طاعة القوة الغضبية

- ‌ طاعة القوة الشهوانية

- ‌ أركان الكفر أربعة:

- ‌ الكبر

- ‌ الحسد

- ‌ الغضب

- ‌ الشهوة

- ‌المطلب الخامس: أقسام المعاصي

- ‌القسم الأول: الذنوب الملكية

- ‌القسم الثاني: الذنوب الشيطانية

- ‌القسم الثالث: الذنوب السبعية

- ‌القسم الرابع: الذنوب البهيمية

- ‌المطلب السادس: أنواع المعاصي

- ‌المعاصي نوعان: كبائر وصغائر

- ‌ حدِّ الكبيرة

- ‌ قد تكون الصغائر من الكبائر لأسباب، منها:

- ‌ الإصرار والمداومة عليها

- ‌ استصغار المعصية واحتقارها

- ‌ الفرح بالصغيرة والافتخار بها

- ‌ أن يكون عالماً يُقتدى به

- ‌ إذا فعل الذنب ثم جاهر به

- ‌المطلب السابع: آثار المعاصي على الفرد والمجتمع

- ‌أولاً: آثار المعاصي على الفرد: أنواع، منها:

- ‌النوع الأول: آثارها على القلب:

- ‌1 - ضرر المعاصي على القلب كضرر السموم على الأبدان

- ‌2 - حرمان العلم

- ‌3 - الوحشة في القلب بأنواعها:

- ‌4 - الظلمة في القلب

- ‌5 - تُوهن القلب وتُضعفه:

- ‌6 - تحجب القلب عن الربّ

- ‌7 - يألف المعصية، فينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة

- ‌8 - هوان المعاصي على المصرّين عليها

- ‌9 - تُورث الذلّ، فإنّ العزّ كلّ العزّ في طاعة الله

- ‌10 - تُفسد العقل وتُؤثر فيه

- ‌11 - تطبع على القلب

- ‌12 - الذنوب تطفئ غيرة القلب

- ‌13 - الذنوب تذهب الحياء من القلب

- ‌14 - المعاصي تلقي الخوف والرعب في القلوب

- ‌15 - تُمْرِضُ القلب، وتَصْرِفُهُ عن صحته

- ‌16 - المعاصي تُصغّر النفوس

- ‌17 - خسف القلب ومسخه

- ‌18 - المعاصي تُنكّس القلب

- ‌19 - تُضَيِّق الصدر

- ‌النوع الثاني: آثار المعاصي على الدين:

- ‌20 [1] تزرع المعاصي أمثالها

- ‌21 [2] تَحْرِمُ الطاعة وتُثَبِّطُ عنها

- ‌22 [3] المعصية سبب لهوان العبد العاصي على الله

- ‌23 [4] تُدخل الذنوب العبد تحت لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌24 [5] حرمان دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والملائكة

- ‌25 [6] المعاصي تُسبّب نسيان الله لعبده ونسيان العبد نفسه

- ‌26 [7] تخرج صاحبها من دائرة الإحسان

- ‌27 [8] تفوِّت ثواب المؤمنين

- ‌28 [9] توجب القطيعة بين العبد والرب

- ‌29 [10] المعاصي تجعل صاحبها أسيراً للشيطان

- ‌30 [11] المعاصي تجعل صاحبها من السفلة

- ‌31 [12] تُسْقِط الكرامة

- ‌32 [13] كراهية الله للعاصي

- ‌النوع الثالث: آثار المعاصي على البدن:

- ‌33 [1] العقوبات الشرعية

- ‌34 [2] العقوبات القدريّة

- ‌35 [3] والمعاصي تُوهن البدن

- ‌النوع الرابع: آثار المعاصي على الرزق:

- ‌36 [1] المعاصي تحرم الرزق

- ‌37 [2] تُزيل النعم

- ‌38 [3] تزيل البركة في المال، وقد تُتلفه

- ‌النوع الخامس: آثار المعاصي العامة على الفرد:

- ‌39 [1] تمحق البركات:

- ‌40 [2] المعاصي مجلبة للذمّ

- ‌41 [3] المعاصي تجرِّئ على الإنسان أعداءه

- ‌42 [4] تضعف العبد أمام نفسه

- ‌43 [5] مكر الله بالماكر، ومُخادعته للمُخادع

- ‌44 [6] المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ، والعذاب في الآخرة

- ‌45 [7] تعسير أموره عليه

- ‌46 [8] تُقصِّر المعاصي العمر، وتمحق بركته

- ‌47 [9] يرفع الله مهابة العاصي من قلوب الخلق

- ‌النوع السادس: آثار المعاصي على الأعمال:

- ‌ثانياً: آثار المعاصي على المجتمع:

- ‌50 [1] إهلاك الأمم بسبب المعاصي

- ‌51 [2] إزالة النعم

- ‌النوع الأول: نعمة الإيمان

- ‌النوع الثاني: نعمة المال

- ‌النوع الثالث: نعمة الأولاد

- ‌النوع الرابع: نعمة الأمن في الأوطان

- ‌النوع الخامس: نعمة العافية في الأبدان

- ‌52 [3] نزول العقوبات العامة المهلكة

- ‌أ - ظهور الطاعون

- ‌ب - نزول الأوجاع

- ‌ج - الأخذ بالسنين وشدة المؤونة

- ‌د - منع القطر من السماء

- ‌53 [4] حلول الهزائم

- ‌54 [5] المعاصي مواريث الأمم الظالمة

- ‌55 [6] المعاصي تؤثر حتى على الدوابّ

- ‌56 [7] تسبب عذاب القبر

- ‌المطلب الثامن: العلاج

- ‌أولاً: التوبة النصوح والاستغفار

- ‌ثانياً: تقوى الله عز وجل، في السر والعلن

- ‌ثالثاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌رابعاً: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خامساً: الدعاء والالتجاء إلى الله عز وجل

- ‌1 - الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه

- ‌2 - الدعاء من أنفع الأدوية

- ‌3 - مقامات الدعاء مع البلاء ثلاثة:

- ‌المقام الأول: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه

- ‌المقام الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء

- ‌المقام الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه

الفصل: ‌المطلب الأول: مفهوم التقوى

‌المبحث الأول: نور التقوى وثمراتها

‌المطلب الأول: مفهوم التقوى

التقوى لغة: الحذر، يقال: اتقيت الشيء، وتَقَيْتُهُ أتقيه تُقَى، وتِقيَّةً، وتِقاءً: حذرتُه. وقوله عز وجل: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (1)، أي هو أهلٌ أن يُتّقى عقابه، وأهل أن يُعمل بما يُؤدّي إلى مغفرته (2).

وأصل التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقايةً تقيه منه، فتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه: من غضبه وسخطه، وعقابه وقايةً من ذلك. وهو فعل طاعته واجتناب معصيته (3)، فظهر من ذلك أن حقيقة التقوى كما قال طلق بن حبيب رحمه الله:((التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله)) (4).

ويدخل في التقوى الكاملة: فعل الواجبات، وترك المحرّمات، والشبهات، وربما دخل فيها بعد ذلك فعلُ المندوبات، وترك المكروهات، وهو أعلى درجات التقوى (5)، وقد عرّف التقوى الكاملة

(1) سورة المدثر، الآية:56.

(2)

انظر: لسان العرب، لابن منظور، باب الياء، فصل الواو، مادة ((وقي))، 15/ 402، والقاموس المحيط، باب الياء، فصل الواو، مادة ((وقى))، ص1731.

(3)

جامع العلوم والحكم، لابن رجب، 1/ 398، وانظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لابن جرير، 2/ 181.

(4)

جامع العلوم والحكم، لابن رجب، 1/ 400.

(5)

المرجع السابق، 1/ 399.

ص: 6

الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسيره لقول الله عز وجل: {اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ} (1)، فقال:((أن يُطاع فلا يُعصَى، ويُذكر فلا يُنسَى، وأن يُشكر فلا يُكفر)) (2)، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:((وشكره يدخل فيه جميع فعل الطاعات، ومعنى ذكره فلا يُنسى: ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته، وسكناته، وكلماته: فيمتثلها، ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها)) (3).

وذكر الإمام القرطبي رحمه الله: ((أن قول الله عز وجل: {اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ} بَيَّنه قوله تعالى: {فاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4)، وأن المعنى: فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم، وبيّن أن هذا أصوب من القول بالنسخ؛ لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع، والجمع ممكن فهو أولى)) (5).

وقد يغلب استعمال التقوى على اجتناب المحرّمات، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه وسُئل عن التقوى؟ فقال: ((هل أخذت طريقاً ذا شوكٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوكَ عدلتُ عنه، أو جاوزتُه، أو قصرتُ عنه، قال: ذاك التقوى، وأخذ هذا المعنى ابن المعتز، فقال:

خلِّ الذنوب صغيرَها

وكبيرَها فهو التقى

(1) سورة آل عمران، الآية:102.

(2)

أخرجه الطبراني، في المعجم الكبير، 9/ 92، برقم 8502، والحاكم في المستدرك، 2/ 294، وابن جرير في جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 7/ 65، وذكر طرقاً كثيرة من رقم 7536 إلى رقم 7551.

(3)

جامع العلوم والحكم، 1/ 401.

(4)

سورة التغابن، الآية:16.

(5)

انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 4/ 166.

ص: 7