المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - موقف السبكي والكوثري من خلال: "السيف الصقيل وتكملته - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول التعريف بالكتاب

- ‌1 - عنوان الكتاب وتوثيق نسبته إلى المؤلف:

- ‌2 - تاريخ تأليفه:

- ‌3 - بناء الكتاب وعرض إجمالي لبعض مباحثه المهمة:

- ‌4 - أهمية الكتاب ونقول العلماء منه واعتمادهم عليه:

- ‌5 - منهج المؤلف في الكتاب:

- ‌6 - موارد الكتاب:

- ‌الفصل الثاني الشروح والتعليقات على الكتاب - عرض وتقويم

- ‌1 - الشروح والتعليقات المخطوطة والمطبوعة:

- ‌2 - شرح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -عرض وتقويم

- ‌3 - شرح الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى -عرض وتقويم

- ‌4 - شرح الشيخ محمد خليل هراس -عرض وتقويم

- ‌الفصل الثالثموقف أهل البدع من الكتاب

- ‌1 - تقي الدين السبكي

- ‌2 - محمد زاهد بن الحسن الكوثري

- ‌3 - السيف الصقيل وتوثيق نسبته للمؤلف:

- ‌4 - موقف السبكي والكوثري من خلال: "السيف الصقيل وتكملته

- ‌الفصل الرابع الموازنة بين النونية وغيرها من المنظومات

- ‌1 - عرض مجمل لمنظومات عقدية على منهج السلف:

- ‌2 - عرض مجمل لمنظومات عقدية مخالفة لمنهج السلف:

- ‌3 - الموازنة بين النونية وغيرها من المنظومات:

- ‌الفصل الخامس نسخ الكتاب ومنهج التحقيق والتعليق

- ‌1 - نسخ الكتاب الخطية والمطبوعة:

- ‌2 - منهج التحقيق والتعليق:

- ‌الرموز المستعملة في الحواشي

الفصل: ‌4 - موقف السبكي والكوثري من خلال: "السيف الصقيل وتكملته

‌4 - موقف السبكي والكوثري من خلال: "السيف الصقيل وتكملته

":

ومن خلال قراءة الكتاب يمكن أن نخرج بالآتي:

أولًا: الضعف العلمي في هذا الرد:

إن الناظر في حُجَج ابن القيم واستدلاله ليعجب من كثرة الأدلة التي يوردها رحمه الله عند تقريره لأي مسألة، وكلام أهل العلم حولها، وبالمقابل انظر لما سطّره السبكي والكوثري في رديهما فتجد أكثر الرد: لعل وعسى وأظنه

إلخ، والاكتفاء بالسب والشتم والسخرية، وإليك الأمثلة:

* قال السبكي

(1)

: "وأما رابعًا فما ذكره عن أبي جهل وغيره أنه لم يكن فيهم منكر للخالق، يكفي في الرد عليه أن كل من سمعه يتخذه ضُحكَةً"أ. هـ.

- ونقول للسبكي هذا ليس قولًا لابن القيم بل قول الله سبحانه وتعالى: {ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87].

وقد تابعه الكوثري

(2)

وخلّطَ ولبَّس ولم يذكر هذه الآية وأمثالها الصريحة بأن المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية، وإنما الخلاف بينهم وبين الرسول كان في توحيد العبادة.

(1)

انظر: ص 27.

(2)

انظر: ص 27 - 28.

ص: 113

* قال ابن القيم:

فهناك لا خلقٌ ولا أمرٌ ولا

وحيٌ ولا تكليفُ عبدٍ فانِ

- قال السبكي

(1)

معقبًا: "ما هذه إلا قِحَة

(2)

وبلادة يأخذ ما توهمه لازمًا فيستنتج وينكر على الناس إلزام التجسيم".

- فانظر: أين الرد العلمي؟ ومقابلة الحجة بالحجة.

* قال السبكي

(3)

: "أما كونه لم يزل متكلمًا، وقوله

(4)

مع ذلك إنه لفظ وإنه غير مخلوق فكلام من لا يدري ما يقول".

ولم يذكر أي حجة على بطلان كلام الناظم رحمه الله.

* وقال السبكي

(5)

معقبًا على قول الناظم: "وثامنها رفيع الدرجات-: "ما بقي من تخلف هذا النحس إلا أن يجعل لله سلمًا يصعد وينزل في درجاته تعالى الله عمَّا يقول .. ".

ولم يذكر أي رد علمي على هذا الاستدلال.

* لما ذكر ابن القيم الدليل التاسع عشر من أدلة العلوّ وفيه إلزام

(1)

انظر: ص 31.

(2)

القِحَة: من الوقاحة وهي قلة الحياء، انظر: القاموس ص 316.

(3)

ص 61.

(4)

يعني ابن القيم.

(5)

ص 91.

ص: 114

للمعطل بإلزامات كثيرة قال السبكي معلقًا

(1)

: "ثم استمر هذا السفيه في سفهه".

ولم يذكر أي رد على هذا الإلزام.

* ومن الأمثلة في الحيدة عن الجواب عن الدليل المعارض لهم:

- لما ذكر ابن القيم أدلة السنة على علو الله ذكر منها حديث "إن الله كتب كتابًا بيده فهو عنده فوق العرش" فقال رحمه الله

(2)

:

واذكر حديثًا في الصحيح تضمنت

كلماته تكذيب ذي البهتان

لما قضى الله الخليقة ربنا

كتبت يداه كتاب ذي الإحسان

وكتابه هو عنده وضع على الىـ

ـعرش المجيد الثابت الأركان

إني أنا الرحمن تسبق رحمتي .... غضبي وذاك لرأفتي وحناني

قال السبكي

(3)

معلقًا: "أين لفظ كتبت يداه؟ ".

- وهذه والله حيدة عن الجواب عن الدليل لأمرين:

الأول: هبْ أن هذه اللفظة لم تثبت ولم تصح، فالدليل بغير هذه اللفظة ثابت في الصحيحين: ووجه الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن الكتاب عند الله فوق العرش وهذا تصريح بالعلو ولهذا لم يتعرض

(1)

ص 119.

(2)

انظر: الأبيات رقم (1694 - 1697).

(3)

ص 121.

ص: 115

السبكي ولا الكوثري

(1)

لهذا الحديث بأي رد علمي.

الثاني: أن هذه اللفظة في الحديث هي عند ابن ماجه وغيره، وقد صححها أهل العلم كالبوصيري وغيره. وسيأتي الكلام عليها في موضعها

(2)

.

- هذا الذي ذكرنا فيما يخص السبكي والضعف العلمي في رده، أما بالنسبة للكوثري فإليك بعض الأمثلة:

* قال الكوثري

(3)

معلقًا على حديث الجارية

(4)

: " .. فلفظ "أين الله" تغيير بعض الرواة على حسب فهمه، والرواية بالمعنى شائعة في الطبقات كلها، وإذا وقعت الرواية بالمعنى من غير فقيه فهناك الطامة الكبرى، وصاحب هذه القصة

(5)

لم يكن من فقهاء الصحابة ولا له سوى هذا الحديث في التحقيق بل كان أعرابيًّا يتكلم في الصلاة".

(1)

تكلم الكوثري ص 122 حول ثبوت زيادة "كتبت يداه" ولم يتعرض لأصل الدليل كما ذكرنا.

(2)

سوف نتكلم على الحديث ومن أخرج هذه الزيادة من أهل العلم ونذكر تصحيحهم لها.

(3)

ص 95.

(4)

وهو الحديث الذي فيه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سألها: "أين الله" فقالت: في السماء، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة.

وسوف يأتي تخريجه عندما يشير الناظم إليه عند البيت رقم 1296.

(5)

هو الصحابي الجليل: معاوية بن الحكم السلمي.

ص: 116

فانظر إلى هذا الضعف في الرد. فمن أين للكوثري أن بعض الرواة غيّرها على حسب فهمه؟

- وقوله: "وإذا وقعت الرواية بالمعنى من غير فقيه كانت الطامة الكبرى" فهل كل أئمة السنة كالإمام مسلم الذي أخرج هذا الحديث في صحيحه وغيره من جهابذة الحفاظ غير فقهاء عندما رووا هذا الحديث، ولم يتنبه لهذا الخطأ إلا الكوثري؟

- وأخيرًا لم يكتف الكوثري بهذا الرد الضعيف المتهافت بل قدح في خيار الأمة في هذا الصحابي الجليل راوي هذا الحديث، وسوف يأتي الكلام عن هذا الأمر لاحقًا

(1)

.

* ومن أمثلة الضعف في الرد على الأدلة الواضحة الصريحة الدالة على علو الله ما قاله الكوثري

(2)

عند حديث "كان الذي في السماء ساخطًا عليها"

(3)

.

قال: "ولفظ مسلم: ثم ذكر الحديث

وليس في هذا اللفظ التصريح بما يرمي إليه الناظم، ومثل هذا الحديث من أخبار الآحاد يحمل على المحكمات وليس في الحديث ذكر الرب سبحانه، وحمله

(1)

عندما نشير إلى قدح الكوثري في بعض أئمة السنة.

(2)

ص 126.

(3)

الحديث في مسلم وسيأتي تخريجه والكلام عليه عند البيتين (1741 - 1742).

ص: 117

عليه تقول

".

فنقول أولًا: ما اللفظ الذي سوف يكون أصرح من قوله: "كان الذي في السماء ساخطًا عليها"؟

ثانيًا: ومن هو الذي يسخط ويرضى عن العباد، والذي يخاف العباد من سخطه؟ إنه الله سبحانه وهو في السماء بنص الحديث.

ثالثًا: احتج الكوثري على إبطال الدليل بالطاغوت الذي اعتمد عليه أسلافه من أهل البدع، ألا وهو رد خبر الآحاد، وهذه حجتهم عندما تنقطع بهم السبل

(1)

.

ثانيًا: التناقض الواضح من السبكي والكوثري:

1 -

فأما السبكي فإليك الأمثلة:

قال السبكي

(2)

: "والمتبع للقرآن لا يغيره، ولا يغير لفظه بل يتمسك به من غير زيادة ولا نقصان، وكذلك الأحاديث الصحيحة يقف عند ألفاظها ولا يزيد في معناها ولا ينقص".

(1)

انظر في الرد على منكري حجية خبر الآحاد: مختصر الصواعق المرسلة ص 438 - 515.

وانظر المواضع التي لم يرد عليها السبكي أو الكوثري في السيف الصقيل: ص 90، 91، 136، 137، 138، 140، 144، 149، 155، 170، 175.

(2)

ص 65.

ص: 118

- وهذا الكلام جيد وصحيح، وليته التزم به! ولكن أين التزام السبكي بهذا الكلام، وهو يؤول الصفات ويحرف النصوص ويصرفها عن ظاهر المراد منها، فانظر:

1 -

تأويله للاستواء بالاستيلاء

(1)

:

حيث قال

(2)

: "فالمقدم على هذا التأويل لم يرتكب محذورًا، ولا وصف الله تعالى بما لا يجوز عليه

".

2 -

لما انتهى من نقل نصوص العلو التي أشار إليها ابن القيم قال معلقًا

(3)

: "هذه الأحاديث كلها قد ذكرها الأئمة وذكروا تأويلاتها من قديم الزمان وإلى الآن".

- فأين الوقوف عند ألفاظ الحديث وعدم الزيادة عليها أو النقصان؟

*- مثال آخر يبين تناقض السبكي:

- لقد تجاسر السبكي ووصم ابن القيم بالكفر والإلحاد -والعياذ بالله- في غير ما موضع من هذا الكتاب

(4)

كما سيأتي.

(1)

ص 86 - 87، وهذا هو مذهب الأشاعرة ومن وافقهم في تأويل الصفات والاستواء.

(2)

ص 87.

(3)

ص 128.

(4)

انظر: ص 29، 37، 55.

ص: 119

- ثم تجده يناقض نفسه فيقول

(1)

مخاطبًا ابن القيم: "وإن كنا لم نقل بالتكفير، ولا بالقتل؛ فلا أقل من القدر الذي ينكف به ضررك عن المسلمين

".

- فانظر إلى هذا التناقض مرة يصرح فيها بتكفيره ولعنه، ومرة يتورع ولا يكفره ويدّعي أنه لم يقل بتكفيره.

ب - وأما تناقض الكوثري: فحدث ولا حرج، وإليك بعض الأمثلة:

* انتقد الكوثري الذهبي في أحد المواضع فقال

(2)

: "

وترى الذهبي كثيرًا ما يقول في رد ما أخرجه الحاكم في مستدركه في فضائله صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته عليهم السلام":"أظنه باطلًا" بدون ذكر أي حجة

".

- ونسي الكوثري أو تناسى أنه قال أكثر من هذا في عدة مواضع من كتابه، منها على سبيل المثال:

- قوله

(3)

على حديث الجارية: "

فلعل لفظ (أين الله) من تغيير بعض الرواة

".

(1)

انظر: ص 145.

(2)

ص 181.

(3)

ص 9، وانظر: ص 126 عند كلامه على حديث صعود الروح إلى السماء.

ص: 120

* ومن الأمثلة على تناقض الكوثري:

- قال

(1)

معقبًا على كلام السبكي في ابن القيم "فهو الملحد لعنه الله": "فالأولى كشف اللسان الآن عن اللعن، وأما استنزال المؤلف اللعنة عليه فكان في حياة الناظم وهو يمضي في زيغه وإضلاله - عامله الله بعدله

".

- وانظر إلى هذا الورع البارد حينما يقول

(2)

معقبًا على قول السبكي: "ما لمن يعتقد في المسلمين هذا إلا السيف":

"لأن ذلك زندقة مكشوفة، ومروق ظاهر وإصرار على اعتقاد الإيمان كفرًا -قبحه الله-

ولينظر القارئ،

إنه إن فكر قليلًا علم العلم القاطع أن هذا الناظم بلغ في كفره مبلغًا لا يجوز السكوت عليه، ولا يحسن للمؤمن أن يغضي عنه ولا أن يتساهل فيه".

فسبحان الله كيف يتورع في النص الأول، ثم تجده لم يكتف باللعن بل صرح بكفر ابن القيم -والعياذ بالله- فهل بعد هذا التناقض تناقض!.

* وأخيرًا من الأمثلة:

- عاب الكوثري

(3)

على ابن القيم إطلاقه لفظة

(1)

ص 37.

(2)

ص 182.

(3)

ص 147.

ص: 121

"القَلُّوط"

(1)

وقال إنها من الألفاظ القبيحة وإنها لفظة عامية لا ينطق بها إلا العوام.

- ثم تجده يقول

(2)

: "وأما من تعوَّد أن يقول: "عنزة وإن طارت" فليس خطابي معه .. ".

أليس هذا كلام العامة؟ فلماذا تعيب على ابن القيم مع أنّ لفظة ابن القيم ذكرها الزبيدي في تاج العروس

(3)

.

ثالثًا: التدليس، والتلبيس، والغش، والخداع، وعدم الأمانة في النقل:

- وهذه مما يظهر للقارئ حينما يتصفح هذا الرد من غير رجوع إلى مراجع ومن غير بحث في بعض المواضع، وإليك الأمثلة على ذلك:

المثال الأول:

قال الكوثري

(4)

معقبًا على استدلال الناظم يقول ابن رواحة:

وأن العرش فوق الماء طافٍ

وفوق العرش رب العالمينا

- قال الكوثري: "وهذه قصة تذكر في كتب المحاضرات

(1)

انظر تفسيرها في حاشية البيت رقم 2334.

(2)

ص 192.

(3)

تاج العروس 4/ 438، 5/ 211، وانظر: شرح ابن عيسى 2/ 86.

(4)

ص 25.

ص: 122

والمسامرات دون كتب الحديث المعتمدة، ولم ترد في كتب أهل الحديث بسند متصل ولو في وجه واحد، وأما ما وقع في الاستيعاب من قول ابن عبد البر (رويناه من وجوه صحاح) فسهوٌ واضح من الناسخ وأصل الكلام (من وجوه غير صحاح) فسقط لفظ (غير) فتتابعت النسخ على السهو

".

- ويتبين التلبيس من عدة أوجه:

1 -

قوله إنها لم ترد في كتب الحديث المعتمدة: كذب.

فقد أخرجها

(1)

: الدارمي في الرد على الجهمية، والمقدسي في إثبات صفة العلو، والذهبي في العلو وفي السير له.

وكذلك ممن أخرجها ابن عساكر في تاريخه، وابن السبكي في طبقات الشافعية.

2 -

قوله إنها لم تذكر في كتب الحديث المعتمدة غير دقيق، ولعل كلام السبكي في الطبقات أدق من قول الكوثري حيث قال

(2)

: "ولم يخرج هذا الأثر في شيء من الكتب الستة".

فلعل الكوثري نقل كلام السبكي فزاد فيه ونقص

(3)

.

(1)

سيأتي تخريجها كاملًا عندما يشير إليها الناظم في الأبيات (1729 - 1727).

(2)

طبقات الشافعية (1/ 265).

(3)

وهذا ليس بغريب عليه وسوف تركه من الأمثلة ما يدل على هذا.

ص: 123

3 -

وأما قوله عن قول ابن عبد البر "رويناه من وجوه صحاح" إنه سهو واضح من الناسخ وأن أصل الكلام "من وجوه غير صحاح" وأن النسخ تتابعت عليه - كذب واضح.

لأن الكوثري لم يأت بدليل على ما قاله، بل هو اختلاق من عند نفسه، لأن الكلام لم يوافق هواه ومشربه.

وكذلك هذا الكلام نقله الأئمة عن ابن عبد البر بهذا اللفظ.

فابن قدامة يقول

(1)

: "وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب: رويناه من وجوه صحاح

".

- والكوثري يدعي أن الأمة على مرِّ هذه القرون قد غفلوا عن هذا السقط ولم يعرفه إلا الكوثري.

- فهل بعد هذا التدليس تدليس؟

المثال الثاني:

قال الكوثري

(2)

معلقًا على "استدلال الناظم بحديث صعود الروح إلى السماء على إثبات العلو لله" ما نصه:

"أخرجه أحمد وابن خزيمة وفيه لفظ "حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الرب".

(1)

إثبات صفة العلو لابن قدامة ص 99.

(2)

ص 126.

ص: 124

وليس السند إليهما كالسند إلى الأصول الستة، وقد أعرض عن تخريجه أصحاب الأصول الستة، وهذا اللفظ منكر، والظاهر أنه من تغيير بعض الرواة

".

- ويتبين تلبيس الكوثري من عدة أوجه:

1 -

أن هذا الحديث ليس كما زعم الكوثري أنه أخرجه أحمد وابن خزيمة فقط وأن أصحاب الكتب الستة لم يخرجوه بل هو كذب واضح، فالناظم يقول

(1)

:

واذكر حديث للبراء رواه أصـ

ـحاب المساند منهم الشيباني

وأبو عوانة ثم حاكمنا الرضا

وأبو نعيم الحافظ الرباني

فمقصود الناظم هو حديث البراء، وقد أخرجه من أصحاب الكتب الستة: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

والحديث مروي في كثير من كتب الحديث المعتمدة وسيأتي تخريج هذا الحديث كاملًا وأن العلماء صححوه.

2 -

أن الكوثري أراد بتخريجه للحديث حديث أبي هريرة وأعرض عن حديث البراء، وعلى فرض أن الناظم لا يريد حديث البراء -مع أنه صرح به- فكذلك حديث أبي هريرة

(2)

قد أخرجه ابن ماجه وهو من

(1)

انظر الأبيات رقم (1735 - 1740) من هذا النظم المبارك.

(2)

وهو شاهد صحيح لحديث البراء، وانظر تخريجه عند البيت رقم (1201).

ص: 125

أصحاب الكتب الستة.

3 -

قوله: "وقد أعرض عن تخريجه أصحاب الأصول الستة":

ومن الذي قال إن الصحاح كلها في الأصول الستة بل هي في غيرها وفي هذا يقول العراقي في ألفيته

(1)

:

ورد لكن قال يحيى

(2)

البرّ

لم يفت الخمسة

(3)

إلّا النزر

(4)

وفيه ما فيه لقول الجعفي

(5)

أحفظ منه عشر ألف ألف

4 -

قوله: "والظاهر أنه من تغيير بعض الرواة".

ولم يذكر لنا الكوثري ما مصدره في هذا القول وهذه الفرية، مع أن الأئمة أطبقوا على روايته في كتبهم، ولم يقل أحد منهم إن فيه تغييرًا من أحد الرواة.

المثال الثالث:

قال الكوثري

(6)

معلقًا على استدلال الناظم بحديث المعراج على إثبات العلو ما نصه: "نحيل الناظم في حديث المعراج -الذي يريد أن

(1)

فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي (1/ 27).

(2)

يعني النووي.

(3)

يعني الصحيحين والسنن الثلاثة ما عدا ابن ماجه.

(4)

أي القليل.

(5)

يعني الإمام البخاري.

(6)

ص 125.

ص: 126

يستدل به هنا- على ما كتبه هو نفسه في زاد المعاد

(1)

في الأوهام الواقعة في حديث شريك في المعراج وقد بسط أهل العلم أغلاطه فيها".

- وهذا تلبيس من الكوثري:

لأن أوهام شريك في بعض ألفاظ الحديث، أما أصل الحديث فهو ثابت. فقصة عروجه إلى السماء إلى جهة العلو لم ينكرها أحد وهذا بحد ذاته دليل على العلو، وأوهام شريك معلومة معدودة

(2)

.

المثال الرابع:

قال الكوثري

(3)

: "وأما ما يروى عن أبي داود أنه قال: "من أنكر هذا (يعني خبر مجاهد في إجلاس النبي على العرش) فهو عندنا متهم"، فبطريق النقاش -صاحب شفاء الصدور- وهو كذاب عند أهل النقد

".

وبيان التلبيس هنا من وجوه:

1 -

لم ينص أحد ممن نقل كلام أبي داود أن النقاش هو صاحب شفاء الصدور الذي ضعفه أهل العلم في الرواية

(4)

.

(1)

انظر: زاد المعاد. (3/ 38).

(2)

انظر: فتح الباري (13/ 492 - 494).

(3)

ص 129.

(4)

انظر الفتح (11/ 435)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (10/ 311).

ص: 127

ولكن ما هو السبب في ترجيح الكوثري لهذا النقاش؟

2 -

أن هناك نقاشا آخر: اسمه: أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي

(1)

.

قال عنه الذهبي: "الإمام الحافظ، البارع، الثبت".

إذا فهو ثقة وثبت في الرواية.

3 -

الذي يترجح أنه الأخير لثلاثة أمور:

* الأول: أنه حنبلي، والحنابلة مشهور عنهم الانتصار لخبر مجاهد في إثبات مسألة الإجلاس.

* الثاني: أنه هو الأقرب أن ينقل كلام أبي داود لأنه حنبلي.

* الثالث: أن هذا الأخير كان صاحب عقيدة سليمة، فقد قال عنه الذهبي

(2)

: "كان من أئمة الأثر". ومن كانت هذه حاله فهو أولى بأن ينقل خبر مجاهد وكلام أبي داود الذي يثبت العلو لله.

4 -

على افتراض أنه: النقاش

(3)

الذي ضعفه أهل العلم فقد وردت مقولة أبي داود من غير طريق النقاش رواها عنه الخلال في السنة

(1)

انظر ترجمته في: السير (17/ 357)، وتاريخ أصبهان (2/ 280)، شذرات الذهب (3/ 201)، تذكرة الحفاظ 3/ 1059.

(2)

السير (17/ 308).

(3)

انظر ترجمته في: السير (15/ 573)، تاريخ بغداد (2/ 201)، وفيات الأعيان (4/ 298)، لسان الميزان (5/ 132)، شذرات الذهب (3/ 8).

ص: 128

ص 214 برقم (244)

(1)

.

5 -

من تلبيس الكوثري كذلك: قوله عن النقاش صاحب شفاء الصدور: "كذّاب عند أهل النقد".

فإن هذا فيه مبالغة، وانظر إلى كلام أهل العلم فيه:

- قال الخطيب البغدادي

(2)

: "في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة".

- قال البرقاني

(3)

: "كل حديث النقاش منكر".

- قال الذهبي

(4)

: "هو عندي متهم، عفا الله عنه".

- قال الحافظ

(5)

: "وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه".

وقال أبو عمرو الداني

(6)

: "هو مقبول الشهادة".

فأين قول أهل النقد عنه إنه كذاب؟

(1)

قال محقق الكتاب إن إسنادها إلى أبي داود صحيح.

(2)

تاريخ بغداد (2/ 202).

(3)

تاريخ بغداد (2/ 205).

(4)

سير أعلام النبلاء (15/ 576).

(5)

لسان الميزان (5/ 132).

(6)

سير أعلام النبلاء (15/ 575).

ص: 129

- نعم قال طلحة بن محمد الشاهد

(1)

: "كان النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص".

وقول طلحة هذا ليس هو كلام كل أهل النقد حتى يعمم العبارة الكوثري، بل عامة كلامهم أنه ضعيف في الرواية فقط أو منكر الحديث، ولا يصل إلى درجة أن يقال عنه: كذاب، وهي أحط درجات التجريح.

المثال الخامس:

قال الكوثري

(2)

معلقًا على حديث جابر "يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعدكما يسمعه من قرب"

(3)

ما نصه:

فهو حديث ضعيف علّقه البخاري بقوله: "ويذكر عن جابر" دلالة على أنه ليس من شرطه. ومداره على "عبد الله بن محمد بن عقيل" وهو ضعيف باتفاق. وقد انفرد عنه "القاسم بن عبد الواحد"، وعنه قالوا: إنه ممن لا يحتج به".

وهذا والله هو التدليس بعينه، وعدم الأمانة في النقل، وهذا يتبين من وجوه:

1 -

احتجاجه بضعف الحديث بأن البخاري علَّقه في صحيحه،

(1)

تاريخ بغداد (2/ 205).

(2)

ص 63.

(3)

سيأتي تخريجه حينما يشير إليه الناظم في البيت رقم (442).

ص: 130

ولا شك أن هذه حجة باطلة إذ إن البخاري لم يرو كلَّ الصحيح بل بعضه، وسبب عدم تخريجه لهذا الحديث أنه ليس على شرطه لا أنَّه ضعيف وفي هذا يقول العراقي

(1)

:

ولم يعمَّاه، ولكن قَلَّما

عند ابن الأخرم منه قد فاتهما

وردّ لكن قال يحيى البرُّ

لم يفت الخمسة إلّا النزر

قال السخاوي

(2)

في شرحه لهذه الأبيات:

" (ولم يعمّاه): أي لم يستوعبا كل الصحيح في كتابيهما، بل لو قيل: إنهما لم يستوعبا مشروطهما لكان موجهًا، وقد صرح كل منهما بعدم الاستيعاب، فقال البخاري فيما رويناه من طريق إبراهيم بن معقل عنه: "ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح خشية أن يطول الكتاب " .. ".

2 -

قوله "ومداره على عبد الله بن محمد بن عقيل":

وهذا فيه تلبيس فإن الحديث ورد من غير طريق عبد الله بن محمد بن عقيل.

* الطريق الأول:

- أخرجه الطبراني في مسند الشاميين، وتمام في فوائده من طريق

(1)

فتح المغيث شرح ألفية الحديث (1/ 27).

(2)

فتح المغيث (1/ 33).

ص: 131

الحجاج بن دينار عن محمد بن المنكدر عن جابر به. نص عليه الحافظ في الفتح

(1)

وقال: "إسناده صالح".

* الطريق الثاني:

- أخرجه الخطيب في الرحلة

(2)

برقم (33) من طريق أبي الجارود العنسي -بالنون الساكنة- عن جابر به.

قال الحافظ في الفتح

(3)

: "وفي إسناده ضعف".

3 -

وهي ثالثة الأثافي: قوله عن عبد الله بن محمد بن عقيل: "إنه ضعيف باتفاق" فهذا كذب صراح لم يقله أحد من الأئمة، وكأن الكوثري أخذ هذه الحجة وتلقاها من أسلافه في المعتقد، وفي هذا يقول ابن القيم

(4)

:

"ولا التفات إلى ما أعلّه به بعض الجهمية ظلمًا منه وهضمًا للحق، حيث ذكر كلام المضعفين لعبدالله بن محمد بن عقيل والقاسم بن عبد الله دون من وثقهما وأثنى عليهما، فيوهم الغِرَّ أنهما مجمع على ضعفهما لا يحتج بحديثيهما

".

- وعبد الله بن محمد بن عقيل، قال فيه الأئمة ما يلي:

(1)

فتح الباري (1/ 209).

(2)

ص 115.

(3)

فتح الباري (1/ 209).

(4)

مختصر الصواعق ص 404.

ص: 132

- قال الحافظ في التقريب

(1)

: "صدوق في حديثه بين، يقال تغير بأخَرة".

- وقال الترمذي

(2)

: "صدوق، سمعت محمدًا (يعني البخاري) يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه".

- وقال العجلي

(3)

: "مدني تابعي ثقة جائز الحديث".

- وقال ابن عدي

(4)

: "روى عنه جماعة من المعروفين الثقات وهو خير من ابن سمعان يكتب حديثه".

وقال ابن عبد البر

(5)

: "هو أوثق من كل من تكلم فيه".

- وقال ابن القيم

(6)

: "صدوق حسن الحديث. وقد احتج به غير واحد من الأئمة".

* فأين الإجماع على ضعفه؟

4 -

قوله "

وقد انفرد عنه القاسم بن عبد الواحد، وعنه قالوا: إنه ممن لا يحتج به".

(1)

التقريب ص 321.

(2)

سير أعلام النبلاء 6/ 205.

(3)

الثقات للعجلي (2/ 58).

(4)

الكامل لابن عدي (4/ 129).

(5)

تهذيب التهذيب (6/ 14).

(6)

مختصر الصواعق ص 403.

ص: 133

فهذا أيضا كذب وزور، وعدم أمانة في نقل كلام أهل العلم.

وانظر كلام الأئمة فيه:

- قال الحافظ

(1)

: "مقبول" يعني تقبل روايته إذا وجد له متابع أو شاهد.

- وقال الذهبي

(2)

: "وثق".

وقال أبو حاتم

(3)

: "يكتب حديثه".

- وذكره ابن حبان في الثقات.

- وقال ابن القيم

(4)

: "حسن الحديث. وقد احتج به النسائي مع تشدده في الرجال وأن له فيهم شرطًا أشد من شرط مسلم، وحسن الترمذي حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات".

المثال السادس:

- قال ابن القيم رحمه الله

(5)

:

وروى ابن ماجة أن أولهم يصا

فحه إله العرش ذو الإحسان

(1)

التقريب ص 450.

(2)

الكاشف 2/ 391.

(3)

الجرح والتعديل 7/ 114.

(4)

مختصر الصواعق ص 403 - 404.

(5)

الأبيات برقم (5057 - 5059).

ص: 134

ويكون أولهم دخولًا جنة الـ

ـفردوس ذلك قامع الكفران

فاروق دين الله ناصر قوله

ورسوله وشرائع الإيمان

قال الكوثري

(1)

معقبًا:

"قاتله الله، حديث موضوع يستدل به، وشأن هذا الخبر في السقوط فوق أن يقال بين رجاله ضعيف .... ".

* وهذا كما سترى جرأة من الكوثري وعدم تورع عن الكذب والتدليس في النقل، وذلك يتضح بالآتي:

1 -

صرح الناظم عقب هذه الأبيات بتضعيفه لهذا الحديث وعدم قبوله له فقال

(2)

:

"لكنه أثر ضعيف فيه مجـ

روح يُسمَّى خالدًا ببيان

لو صح كان عمومه المخصوص بالصـ

ـديق قطعًا غير ذي نكران

فهذا نص من الناظم بتضعيف هذا الأثر، فكيف يفتري الكوثري عليه ويقول إنه يستدل به؟

2 -

صرح الناظم بتضعيف هذا الحديث وردِّه وعدم قبوله والاحتجاج به في حادي الأرواح حيث قال

(3)

:

(1)

ص 183.

(2)

توضيح المقاصد 2/ 493.

(3)

حادي الأرواح ص 148.

ص: 135

"وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه (وساق سنده) عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة" فهو حديث منكر جدًا، قال الإمام أحمد: "داود بن عطاء ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث".

فأين احتجاج الناظم واستدلاله بالحديث كما يزعم الكوثري؟

3 -

قوله "حديث موضوع" فيه مبالغة وتهويل. فلم ينص أحد من الأئمة على وضعه سوى الكوثري:

- قال البوصيري

(1)

: "هذا إسناد ضعيف فيه داود بن عطاء، وقد اتفقوا على ضعفه، وباقي رجاله ثقات".

- وقال الذهبي

(2)

: "هذا حديث منكر جدًا".

- وضعفه الألباني

(3)

.

* وكذلك فإن داود بن عطاء المدني: غاية ما قالوا فيه إنه ضعيف أو منكر الحديث، ولم يصفه أحد بالوضع أو الكذب حتى يحكم على حديثه بأنه موضوع كما فعل الكوثري.

- قال البخاري

(4)

: "منكر الحديث، قال أحمد: رأيته ليس

(1)

مصباح الزجاجة (1/ 56) برقم (39).

(2)

ميزان الاعتدال (2/ 202).

(3)

ضعيف الجامع برقم (2148).

(4)

الضعفاء الصغير ص 431 برقم (109)(مطبوع ضمن مجموع).

ص: 136

بشيء".

- قال ابن حبان

(1)

: "كثير الوهم لا يحتج به بحال لكثرة خطئه وغلبته على صوابه"(ومعلوم تشدد ابن حبان في الجرح ومع ذلك لم يصفه بالوضع).

- وقال الذهبي

(2)

: "ضعيف".

- وقال الحافظ

(3)

: "ضعيف".

رابعًا: مما يمكن ملاحظته على هذا الرد:

- امتلاء الكتاب بالقدح في أئمة أهل السنة والطعن فيهم بكل قبيح من القول، وهذا إذا ما قالوا ما يخالف هوى الكوثري ومشربه. وإليك الأمثلة:

أ - قدحه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم:

* قال

(4)

عن "معاوية بن الحكم السلمي

(5)

" راوي حديث الجارية

(6)

الذي فيه إثبات العلو لله سبحانه ما نصه:

(1)

المجروحين (1/ 285).

(2)

الكاشف (1/ 290).

(3)

التقريب ص 199.

(4)

ص 95.

(5)

انظر ترجمته في: الإصابة 3/ 432.

(6)

ستأتي إشارة الناظم إليه في القصيدة عند البيت رقم (1296).

ص: 137

"وصاحب القصة لم يكن من فقهاء الصحابة، ولا له سوى هذا الحديث في التحقيق

(1)

، بل كان أعرابيًا يتكلم في الصلاة"

(2)

.

* وقال

(3)

عن "حصين والد عمران"

(4)

:

"وإسلام حصين -صاحب القصة- مختلف فيه

(5)

، ووصفهُ بالثقة الرضا مطلقًا مجازفة، وأقل ما يقال فيه: إنه لم يكن ثقة ولا رضا حين المحادثة على تقدير ثبوت الخبر .. ".

ب - قدحه في أئمة الحديث من أهل السنة رحمهم الله:

وهذا الأمر ليس بغريب على الكوثري وأمثاله ممن كتبهم طافحة بالطعن في أئمة الدين وعلماء الإسلام، وكان على رأسهم أهل الحديث الذين حفظ الله بهم السنة

(6)

.

(1)

وهذا تلبيس من الكوثري فقد أورد له الحافظ في الإصابة بضعة أحاديث (3/ 432).

(2)

يشير إلى الحديث الذي في مسلم في كتاب المساجد برقم (537) وجاء فيه: "بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم. فقلت: "يرحمك الله" فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إليّ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم

الحديث).

(3)

ص 123.

(4)

انظر: الإصابة 1/ 337، أسد الغابة 2/ 25.

(5)

أورد الحافظ في الإصابة (1/ 337) طرقًا بأسانيد صحيحة لقصة إسلام حصين ونقل عن الطبراني تصحيحه لبعضها فليرجع إليه.

(6)

قال الشيخ المعلمي في التنكيل (1/ 12): "القسم الثاني في تراجم=

ص: 138

وقد كان هذا الرد المتهافت قد حاز قصب السبق في هذا المضمار الدنس -نسأل الله السلامة والعافية- وإليك الأمثلة:

طعنه

(1)

في:

- الذهبي.

- ابن عدي.

- ابن أبي داود.

- ابن بطة.

- الدارمي.

- ابن خزيمة.

- ابن أبي حاتم.

- عبد الله بن الإمام أحمد.

- أبي يعلى.

= الأئمة الذين طعن فيهم (يعني الكوثري) وهم نحو ثلاثمائة منهم أنس بن مالك، وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام، والأئمة الثلاثة وفيهم الخطيب

".

(1)

انظر: حسب ترتيب التراجم المذكورة: (95، 176، 178)، (97)، (841)، (151)، (123)، (108، 109)، (110)، (110)، (130، 129)(20)، (20)، (20).

ص: 139

- السجزي.

- السعد الزنجاني.

- الآجري (صاحب الشريعة).

* وكذلك

(1)

:

- الكرجي.

- محمد بن أبي شيبة (صاحب كتاب العرش).

- الهروي.

- الطبراني.

- البرهان الكوراني.

- محمد المنبجي (صاحب الفرج بعد الشدة) الحنبلي.

- خشيش بن أصرم.

- ابن موهب المالكي (شارح رسالة ابن أبي زيد القيرواني).

وغيرهم كثير

(2)

.

(1)

* (109)، (128)، (128)، (128)، (135)، (87)، (109).

(2)

انظر: التنكيل (1/ 12)، (2/ 224).

وانظر: ذيول التذكرة: 95، 85، 95، 161، 181، 208، 263.

وانظر: تعليقه على الأسماء والصفات للبيهقي: 269، 267، 291، 301، 373، 326.

ص: 140

* وأما شيخ الإسلام ابن تيمية

(1)

، فلا يكاد يخلو مؤلف من مؤلفاته، ولا تعليق من تعليقاته إلا ويكيل له أقبح السب والشتم. والله المستعان.

خامسًا: احتواء هذا الرد المتهافت على القبيح من القول، والفاحش من الألفاظ:

ومن أمثلة ذلك:

أ - السبكي:

- قال

(2)

: "وأما هذا النحس المتشبع بما لم يعط

".

- قال

(3)

: "أبصر هذا الفدم البليد الفهم، ساء سمعًا فساء إجابة

".

- وقال

(4)

: "ما هذه إلا قِحَة وبلادة .. ".

- وقال

(5)

: "وأطال في أقوالهم لعنه الله ولعنهم".

(1)

انظر: ص 63، 120، 139، 167، 168.

وانظر: ذيول التذكرة: ص (186 - 188)، 252، 316، 320، 338.

وانظر: تعليقه على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي: 301.

(2)

ص 23.

(3)

ص 26.

(4)

ص 31.

(5)

ص 34.

ص: 141

- وقال

(1)

: "وبالغ هذا الخبيث في الإقذاع والسفاهة بما هو صفته

".

ب - وأما الكوثري: فحدث ولا حرج:

- قال

(2)

: "

فيدور أمر القائل بما يستلزم الكفر لزومًا بينًا بين أن يكون كافرًا أو حمارًا".

- وقال

(3)

: "

لكن الناظم بالغ الجهل، ظاهر البلادة حتى في مثل هذه المسائل الظاهرة لصغار المتعلمين، وحق مثله أن يقرع إيقافًا له عند حده فالمصنف معذور إذا ما قال عنه إنه:"تيس أو حمار" .. ".

- وقال

(4)

: "لم يفهم الناظم كلام القوم فشنع كما شاء، قاتل الله البلادة ما أفتكها".

وقال

(5)

: "والناظم من أتبع الناس لابن تيمية في سخافاته ..... فيدور أمره بين أن يكون مصابًا في عقله أو دينه، فتبًا لمن يتخذ مثله قدوة".

(1)

ص 116، وانظر كذلك: ص 91، 92، 119، 140، 147.

(2)

ص 28.

(3)

ص 59.

(4)

ص 62.

(5)

ص 63. وانظر كذلك: ص 19، 65، 147، 25.

ص: 142

سادسًا: لقد تجاسر كل من السبكي والكوثري ورميا ابن القيم بهتانًا وعدوانًا وظلمًا بالكفر والزندقة والإلحاد.

- وإليك نص كلامهما حتى لا نتقول عليهما ما لم يقولا:

أ - فأما السبكي:

- فيقول

(1)

: "فهو الملحد لعنه الله، وما أوقحه، وما أكثر تجرؤه أخزاه الله".

- ويقول

(2)

: "

انتهى كلام هذا الملحد تبًّا له، وقطع الله دابر كلامه

".

ب - وأما الكوثري:

- فيقول

(3)

-معلقًا على كلام للسبكي-: "لأن ذلك زندقة مكشوفة، ومروق ظاهر .... أن هذا الناظم بلغ في كفره مبلغًا لا يجوز السكوت عليه ولا يحسن لمؤمن أن يغضي عنه، ولا أن يتساهل فيه".

سابعًا: احتواء هذا الردِّ على أصول البدع، وكثير من المعتقدات الفاسدة مثل:

* شبهات الأشاعرة في نفي العلو والصفات مثل: التجسيم

(1)

ص 37.

(2)

ص 55.

(3)

ص 182. وانظر: ص 24، 28، 170.

ص: 143

والتشبيه

(1)

والتركيب

(2)

.

* رد خبر الواحد وعدم قبوله في العقائد

(3)

.

* القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه

(4)

.

* جواز التوسل بالأنبياء والصالحين بعد وفاتهم

(5)

.

* جواز التبرك بالأضرحة والقبور

(6)

.

ولا يتسع المقام هنا للرد على كل هذه الضلالات ولكن أحببنا أن نشير ونبرز للقارئ قيمة هذا الرد في ميزان العلم.

* وأخيرًا: فإن هذا الموقف من هذا الكتاب ليس بغريب من أهل البدع لا سيما المتأخرون منهم، لأنهم شعروا بقوة تأثير مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى. ولذلك كثرت الكتب التي نالت منهم ومن مؤلفاتهم، ولكن الله غالب على أمره، والحمد لله رب العالمين

(7)

.

(1)

انظر: ص 45.

(2)

ص 163 - 164.

(3)

انظر: ص 14، 48، 122، 126، 128، 133.

(4)

انظر: ص 35.

(5)

انظر: ص 143، (155 - 156)، 158.

(6)

انظر: ص 162.

(7)

انظر ثبتًا باسماء أعداء شيخ الإسلام في (أوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام) للشيباني ص 169. وفي قسم العقيدة بجامعة الإمام رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة بعنوان "دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية".

ص: 144