المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٤

[ابن جرير الطبري]

فهرس الكتاب

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(55) }

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61) }

- ‌(62) }

- ‌(63) }

- ‌64

- ‌(65)

- ‌(67) }

- ‌(68) }

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(71) }

- ‌(73) }

- ‌(74) }

- ‌ التوبة)

- ‌(1)

- ‌3

- ‌(4) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8) }

- ‌(9) }

- ‌(10) }

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13) }

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20) }

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26) }

- ‌(27) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39) }

- ‌(41) }

- ‌(42) }

- ‌(43) }

- ‌(44) }

- ‌(45) }

- ‌(46) }

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(49) }

- ‌(50) }

- ‌(51) }

- ‌(52) }

- ‌(53) }

- ‌(54) }

- ‌(55) }

- ‌(56) }

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(62) }

- ‌(63) }

- ‌(64) }

- ‌(65) }

- ‌(66) }

- ‌(67) }

- ‌(68) }

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(71) }

- ‌(72) }

- ‌(73) }

- ‌(74) }

- ‌(75)

- ‌(78) }

- ‌(80) }

- ‌(81) }

- ‌(82) }

- ‌(83) }

- ‌(84) }

- ‌(85) }

- ‌(86) }

- ‌(87) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91) }

- ‌(92) }

- ‌(93) }

- ‌(94) }

- ‌(95) }

- ‌(96) }

- ‌(97) }

- ‌(98) }

- ‌(99) }

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102) }

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105) }

- ‌(106) }

- ‌(107) }

- ‌(109) }

- ‌(110) }

- ‌(111) }

- ‌(112) }

- ‌(113)

- ‌(114) }

- ‌(115) }

- ‌(116) }

- ‌(117) }

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(120) }

- ‌(121) }

- ‌(123) }

- ‌(124) }

- ‌(125) }

- ‌(126) }

- ‌(127) }

- ‌(128) }

- ‌(129) }

الفصل: القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا

القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ‌

(107) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا، وهم، فيما ذكر، اثنا عشر نفسًا من الأنصار.

* ذكر من قال ذلك:

17186-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهريّ، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم = يعني: من تبوك = حتى نزل بذي أوان = بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلّة والحاجة والليلة المطِيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه! فقال: إني على جناح سفر وحال شُغْلٍ = أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم = ولو قَدْ قَدمنا أتيناكم إن شاء الله، فصلَّينا لكم فيه. فلما نزل بذي أوان، أتاه خبرُ المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدُّخْشُم، أخا بني سالم بن عوف، ومعن بن عدي = أو أخاه: عاصم بن عدي = أخا بني العجلان فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرّقاه! فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنْظِرني حتى أخرج إليك بنارٍ من أهلي! فدخل [إلى] أهله، فأخذ سَعفًا من النخل، فأشعل فيه نارًا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله، فحرّقاه وهدماه، وتفرقوا عنه. ونزل فيهم من القرآن ما نزل:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، إلى آخر القصة. وكان الذين بنوه

ص: 468

اثني عشر رجلا خِذَام بن خالد، من بني عبيد بن زيد، (1) أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق = وثعلبة بن حاطب، من بني عبيد، وهو إلى بني أمية بن زيد = ومعتب بن قشير، من بني ضبيعة بن زيد = وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد = وعباد بن حنيف، أخو سهل بن حنيف، من بني عمرو بن عوف = وجارية بن عامر، وابناه: مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الحارث، وهم من بني ضبيعة = وبَحْزَج، (2) وهو إلى بني ضبيعة = وبجاد بن عثمان، وهو من بني ضبيعة = ووديعة بن ثابت، وهو إلى بني أمية، رهط أبي لبابة بن عبد المنذر. (3)

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله لمحادّتهم بذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ويفرِّقوا به المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، يقول: وإعدادًا له، لأبي عامر الكافر الذي خالف الله ورسوله، وكفر بهما، وقاتل رسول الله = (من قبل)، يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حزَّب الأحزاب = يعني: حزّب الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم = فلما خذله الله، لحق بالروم يطلب النَّصْر من ملكهم على نبي الله، وكتب إلى أهل مسجد الضِّرار (4) يأمرهم ببناء المسجد الذي كانوا بنوه، فيما ذكر عنه، ليصلي فيه، فيما يزعم، إذا

(1) في المطبوعة والمخطوطة: " خذام بن خالد بن عبيد "، وأثبت ما في سيرة ابن هشام.

(2)

في المطبوعة: " وبخدج "، والصواب ما في المخطوطة وسيرة ابن هشام.

(3)

الأثر: 17186 - سيرة ابن هشام 4: 173، 174.

(4)

انظر تفسير " الضرار " فيما سلف 5: 7، 8، 46، 53 / 6: 85 - 91.

ص: 469

رجع إليهم. ففعلوا ذلك. وهذا معنى قول الله جل ثناؤه: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) .

= (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى)، يقول جل ثناؤه: وليحلفن بانوه: "إن أردنا إلا الحسنى"، ببنائناه، إلا الرفق بالمسلمين، والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة ومن عجز عن المصير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، (1) وتلك هي الفعلة الحسنة = (والله يشهد إنهم لكاذبون) ، في حلفهم ذلك، وقيلهم:"ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى! "، ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السُّوآى، ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لأبي عامر الفاسق.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

17187-

حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن ابن عباس قوله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا) ، وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدًا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستعدُّوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه! فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحبُّ أن تصلي فيه، وتدعو لنا بالبركة! فأنزل الله فيه:(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)، إلى قوله:(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .

17188-

حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا

(1) في المطبوعة: " ومن عجز عن المسير "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.

ص: 470

ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ، قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قُباء، خرج رجالٌ من الأنصار، منهم: بحزج، (1) جدُّ عبد الله بن حنيف، (2) ووديعة بن حزام، ومجمع بن جارية الأنصاري، فبَنوا مسجد النفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبحزج (3) ويلك! ما أردت إلى ما أرى! فقال: يا رسول الله، والله ما أردت إلا الحسنى! وهو كاذب، فصدَّقه رسول الله وأراد أن يعذِره، فأنزل الله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ، يعني رجلا منهم يقال له "أبو عامر" كان محاربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد انطلق إلى هرقل، فكانوا يرصدون [إذا قدم] أبو عامر أن يصلي فيه، (4) وكان قد خرج من المدينة محاربًا لله ولرسوله = (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) .

17189-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ،

(1) في المطبوعة: " بخدج "، وأثبت ما في سيرة ابن هشام 4: 174، كما سلف في رقم:17186. ورأيت بعد في المحبر: 47: " بخدج " ولم أتمكن من تصحيحه. ثم انظر جمهرة الأنساب لابن حزم: 316 في نسب " سهل بن حنيف "، و " عثمان بن حنيف "، و " عباد بن حنيف ". وانظر التعليق التالي.

(2)

ما أدري قوله: " جد عبد الله بن حنيف "، ولست أدري أهو من كلام ابن عباس أو من كلام غيره، وإن كنت أرجح أنه من كلام غيره، لأني لم أجد في الصحابة ولا التابعين " عبد الله بن حنيف "، وجده " بحزج ". والمذكور في المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار:" عباد بن حنيف "، أخو " سهل بن حنيف ". فأخشى أن يكون سقط من الخبر شيء، فاختلط الكلام. وفي نسب " سهل بن حنيف "" عمرو، وهو بحزج، بن حنش بن عوف بن عمرو "(انظر ابن سعد 3 / 2 / 39، ثم: 5: 59)، وجمهرة الأنساب لابن حزم: 316، ولكن هذا قديم جدا في الجاهلية، وهو بلا شك غير " بحزج "، الذي كان من أمره ما كان في مسجد الضرار.

فهذا الذي هنا يحتاج إلى فضل تحقيق، لم أتمكن من بلوغه.

(3)

في المطبوعة: " لبخدج "، وانظر التعليقات السالفة.

(4)

في المطبوعة، ساق الكلام سياقا واحدا هكذا:" وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه "، وفي المخطوطة:"وكانوا يرصدون أبو عامر أن يصلي فيه"، وبين الكلامين بياض، وفي الهامش حرف (ط) دلالة على الخطأ، وأثبت ما بين القوسين من الدر المنثور 1: 276، وروى الخبر من طريق ابن مردويه، وابن أبي حاتم. وهذا الذي أثبته يطابق في معناه ما سيأتي في الآثار التالية.

ص: 471

قال: أبو عامر الراهب، انطلق إلى قيصر، فقالوا:"إذا جاء يصلي فيه"، كانوا يرون أنه سيظهر على محمد صلى الله عليه وسلم.

17190-

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، قال المنافقون = (لمن حارب الله ورسوله) ، لأبي عامر الراهب.

17191-

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17192-

...... قال، حدثنا أبو إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين)، قال: نزلت في المنافقين = وقوله: (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، قال: هو أبو عامر الراهب.

17193-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

17194-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم بنو غنم بن عوف.

17195-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم حيّ يقال لهم: "بنو غنم".

17196-

حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا)، قال: هم حي يقال لهم: "بنو غنم" = قال أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله) ،

ص: 472

أبو عامر الراهب انطلق إلى الشأم، فقال الذين بنوا مسجد الضرار: إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر.

17197-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا) ، الآية، عمد ناسٌ من أهل النفاق، فابتنوا مسجدًا بقباء، ليضاهوا به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعثوا إلى رسول الله ليصلِّي فيه. ذكر لنا أنه دعا بقميصه ليأتيهم، حتى أطلعه الله على ذلك = وأما قوله:(وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، فإنه كان رجلا يقال له:"أبو عامر"، فرّ من المسلمين فلحق بالمشركين، فقتلوه بإسلامه. (1) قال: إذا جاء صلى فيه، فأنزل الله:(لا تقم فيه أبدًا لمسجد أسس على التقوى) ، الآية.

17198-

حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا) ، هم ناس من المنافقين، بنوا مسجدًا بقباء يُضارُّون به نبيّ الله والمسلمين = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله)، كانوا يقولون: إذا رجع أبو عامر من عند قيصر من الروم صلى فيه! وكانوا يقولون: إذا قدم ظهر على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم.

17199-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل)، قال: مسجد قباء، كانوا يصلون فيه كلهم. وكان رجل من رؤساء المنافقين يقال له:"أبو عامر"، أبو:"حنظلة غسيل الملائكة"،

(1) قوله: " فقتلوه بإسلامه "، كلام صحيح، وإن ظن بعضهم أنه لا يستقيم، وذلك أن أبا عامر الراهب، لما خرج إلى الروم مات هناك سنة تسع أو عشر. (الإصابة في ترجمة ولده: حنظلة غسيل الملائكة بن أبي عامر) . فكأنه يقال أيضا أن الروم قتلته بإسلامه، كما جاء في هذا الخبر. وأما قوله بعد:" قال: إذا جاء صلى فيه "، فهو من كلام قتادة. وانظر الأخبار التالية، فإنه يقال إنه تنصر.

ص: 473

و"صيفي"، [واحق] . (1) وكان هؤلاء الثلاثة من خيار المسلمين، فخرج أبو عامر هاربًا هو وابن عبد ياليل، من ثقيف، (2) وعلقمة بن علاثة، من قيس، من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابن عبد ياليل، (3) فرجعا فبايعا النبي صلى الله عليه وسلم وأسلما. وأما أبو عامر، فتنصر وأقام. قال: وبنى ناسٌ من المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر، قالوا:"حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه"، وتفريقًا بين المؤمنين، يفرقون به جماعتهم، (4) لأنهم كانوا يصلون جميعًا في مسجد قباء. وجاءوا يخدعون النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ربما جاء السيلُ، فيقطع بيننا وبين الوادي، (5) ويحول بيننا وبين القوم، ونصلي في مسجدنا، (6) فإذا ذهب السيل صلينا معهم! قال: وبنوه على النفاق. قال: وانهار مسجدهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وألقى الناس عليه التِّبن والقُمامة، (7) فأنزل الله:(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ، لئلا يصلي في مسجد قباء جميعُ المؤمنين = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ، أبي عامر = (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) .

17200-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن أبي جعفر، عن ليث: أن شقيقًا لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر، فقيل له: مسجد بني فلان لم يصلُّوا بعدُ! فقال: لا أحب أن أصلي فيه، فإنه بُني على ضرار، وكل مسجد بُنِيَ ضرارًا أو رياءً أو سمعة، فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بني على ضرار.

* * *

القول في تأويل قوله: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تقم، يا محمد، في المسجد الذي بناه هؤلاء المنافقون، ضرارًا وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله. ثم أقسم جل ثناؤه فقال:(لمسجد أسِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم) ، أنت = (فيه) .

* * *

يعني بقوله: (أسس على التقوى) ، ابتدئ أساسه وأصله على تقوى الله وطاعته = (من أول يوم) ، ابتدئ في بنائه = (أحق أن تقوم فيه)، يقول: أولى أن تقوم فيه مصلِّيًا.

* * *

(1) في المطبوعة: " وأخيه "، والذي في المخطوطة كما أثبته غير مقروء قراءة ترتضي. وممكن أن تكون " وأخوه "، ولكنه عندئذ خطأ، صوابه أن يكون و " أخيه "، كما أثبته ناشر المطبوعة.

بيد أن السياق يدل على أن ما بين القوسين اسم ثالث، وهو اسم أخي حنظلة، وصيفي، ولم استطع أن أجد خبر ذلك.

وأما " صيفي "، فقد ذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة " صيفي "، وأنه كان ممن شهد أحدا، ونسب ذلك إلى ابن سعد والطبراني، ولم أجده في المطبوع من طبقات ابن سعد.

(2)

الذي جاء في المخطوطة والمطبوعة: " ابن بالين "، وإن كان في المخطوطة غير منقوط.

وهو خطأ لا شك فيه عندي، وأن صوابه:" وابن عبد ياليل " كما أثبته. فإن ابن عبد البر في الاستيعاب: 105، في ترجمة " حنظلة الغسيل "، ذكر أن أبا عمر الفاسق لما فتحت مكة، لحق بهرقل هاربا إلى الروم، فمات كافرا عند هرقل، وكان معه هناك " كنانة بن عبد ياليل " و " علقمة بن علاثة "، فاختصما في ميراثه إلى هرقل، فدفعه إلى كنانة بن عبد ياليل، وقال لعلقمة: هما من أهل المدر، وأنت من أهل الوبر.

و" كنانة بن عبد ياليل الثقفي "، ترجم له ابن حجر في القسم الرابع، وذكره ابن سلام الجمحي، في طبقات فحول الشعراء ص: 217، في شعراء الطائف، ولم يورد له خبرا بعد ذكره.

(3)

في المطبوعة والمخطوطة: " وابن بالين "، وفي المخطوطة غير منقوطة. انظر التعليق السالف.

(4)

في المطبوعة: " بين جماعتهم "، وأثبت ما في المخطوطة.

(5)

في المطبوعة: " يقطع "، وأثبت ما في المخطوطة.

(6)

في المطبوعة: " فنصلي "، وأثبت ما في المخطوطة.

(7)

في المطبوعة: " النتن والقامة " والصواب ما في المخطوطة. و " التبن " عصيفة الزرع، فهو الذي يلقى. وأما " النتن " فالرائحة الكريهة، فكأنه ظن أن " النتن " مجاز لمعنى " الأقذار "، لنتن رائحتها! وهو باطل.

ص: 474

وقيل: معنى قوله: (من أول يوم)، مبدأ أول يوم كما تقول العرب:"لم أره من يوم كذا"، بمعنى: مبدؤه = و"من أول يوم"، يراد به: من أول الأيام، كقول القائل:"لقيت كلَّ رجل"، بمعنى كل الرجال.

* * *

واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه بقوله: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) .

فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه منبره وقبره اليوم.

* * *

* ذكر من قال ذلك:

17201-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان، عن عثمان بن عبيد الله قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر، أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا مسجد المدينة. (1)

17202-

...... قال، حدثنا القاسم بن عمرو العنقزي، عن الدراوردي، عن عثمان بن عبيد الله، عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد الرسول. (2)

(1) الأثر: 17201 - " إبراهيم بن طهمان الخراساني "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 3762، 3727، 4931.

و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مولى سعيد بن العاص. رأى أبا هريرة، وأبا قتادة، وابن عمر، وأبا أسيد، يضفرون لحاهم. مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 156. وسيأتي في الأثرين التاليين رقم: 17202، 17203.

وأما قوله: " أرسلني محمد بن أبي هريرة "، فإني أرتاب فيه كل الارتياب، وأرجح أنه:" محرر بن أبي هريرة "، ولم أجد لأبي هريرة ولد يقال له " محمد "، بل ولده هم " المحرر بن هريرة "، و " وعبد الرحمن بن أبي هريرة "، و " بلال بن أبي هريرة ". ومضى " المحرر بن أبي هريرة " برقم: 2863، 16368 - 16370.

(2)

الأثر: 17202 - " القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي "، مولى قريش، سمع أباه. مترجم في الكبير 4 / 1 / 172، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 115، ولم يذكرا فيه جرحا.

" الدراوردي "، هو " عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 10676، 15714.

و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مضى في الأثر السالف.

ص: 476

17203-

...... قال، حدثنا أبي، عن ربيعة بن عثمان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سألت ابن عمر عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: هو مسجد الرسول. (1)

17204-

...... قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

17205-

...... قال، حدثنا أبي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد الرسول.

17206-

حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حميد الخراط المدني قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال لي: [قال أبي](2) أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أيُّ مسجدٍ الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًّا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا! = [فقلت] : (3) هكذا سمعت أباك يذكره. (4)

(1) الأثر: 17203 - " ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمي "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 264، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 476.

و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مضى في الأثرين السالفين.

(2)

هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها، استظهرتها من لفظ حديث مسلم. ولو قلت " قال قال أبي "، لكان مطابقا لما في المسند.

(3)

في المخطوطة: " ثم هكذا سمعت أباك يذكر "، وفي المطبوعة حذف " ثم " وجعل " يذكر "، " يذكره ". فزدت ما بين القوسين إتماما للسياق. ونص روايته مسلم:" قالت فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره ".

(4)

الأثر: 17206 - رواه مسلم في صحيحه 9: 168، 169 من هذه الطريق نفسها، مع اختلاف يسير في بعض لفظه.

ورواه أحمد في مسنده 3: 24، من هذه الطريق، نفسها مع خلاف في بعض لفظه.

ص: 477

17207-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: المسجد الذي أسس على التقوى، هو مسجدُ النبيِّ الأعظمُ.

17208-

حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، هو مسجد المدينة الأكبر.

17209-

حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود قال، قال سعيد بن المسيب، فذكر مثله = إلا أنه قال: الأعظم.

17210-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

17211-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد = قال: أحسبه عن أبيه = قال: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أسس على التقوى.

* * *

وقال آخرون: بل عني بذلك مسجد قُباء.

* ذكر من قال ذلك:

17212-

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) ، يعني مسجد قُباء.

17213-

حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، نحوه.

17214-

حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية:(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) ، هو مسجد قباء.

ص: 478

17215-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة قال: مسجد قُباء، الذي أسس على التقوى، بناه نبي الله صلى الله عليه وسلم. (1)

17216-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد قباء.

17217-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير: الذين بُني فيهم المسجدُ الذي أسس على التقوى، بنو عمرو بن عوف.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، لصحة الخبَر بذلك عن رسول الله. (2)

* ذكر الرواية بذلك.

17218-

حدثنا أبو كريب وابن وكيع = قال أبو كريب: حدثنا وكيع = وقال ابن وكيع: حدثنا أبي = عن ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس، رجل من الأنصار، عن سهل بن سعد قال، اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد النبيّ! وقال الآخر: هو مسجد قباء! فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه، فقال: هو مسجدي هذا = اللفظ لحديث أبي كريب، وحديث سفيان نحوه. (3)

(1) الأثر: 17215 - " صالح بن حيان القرشي "، ضعيف الحديث، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 276، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 398، وميزان الاعتدال 1:455.

" ابن بريدة "، هو " عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي "، ثقة، مضى برقم:12523.

(2)

يعني الخبر الذي رواه أحمد ومسلم وأبو جعفر آنفا برقم: 17206، وما سيأتي من الأخبار.

(3)

الأثر: 17218 - " ربيعة بن عثمان التيمي "، ثقة، مضى برقم:17203.

و" عمران بن أبي أنس العامري المصري " ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 2 294.

وأما قول أبي جعفر " رجل من الأنصار "، فظني أن ذلك لأنه يقال إنه مولى " أبي خراش السلمي، أو الأسلمي "، قال ابن سعد:" كانوا يزعمون أنهم من بني عامر بن لؤى، والناس يقولون إنهم موالي، ثم انتموا بعد ذلك إلى اليمن ".

ولم أجدهم ذكروا له سماعا من سهل بن سعد الأنصاري، وهو خليق أن يروى عنه، لأن سهل بن سعد مات سنة 88، وعمران مات سنة 117.

و" سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري "، له ولأبيه صحبة، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بن كعب، وعاصم بن عدي، وعمرو بن عبسة، ومروان بن الحكم، وهو دونه.

وهذا الخبر تفرد به أحمد من هذه الطريق نفسها، في مسنده 5: 331، ثم رواه في ص: 335، من طريق عبد الله بن عامر، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، وانظر الخبر التالي.

وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 34، وقال:" رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح ".

ص: 479

17219-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبيّ بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدي هذا. (1)

17220-

حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، حدثني الليث، عن عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء! وقال آخر: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال رسول الله: هو مسجدي هذا. (2)

17221-

حدثني بحر بن نصر الخولاني قال، قرئ على شعيب بن الليث،

(1) الأثر: 17219 - " عبد الله بن عامر الأسلمي "، ضعيف، ذاهب الحديث، مضى برقم:15586.

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 117، من طريق أبي نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، ومن طريق عبد الله بن الحارث الأسلمي، عن عبد الله بن عامر.

وهذا إسناد ضعيف، لضعف " عبد الله بن عامر الأسلمي ".

(2)

الأثر: 17220 - هذا حديث صحيح، رواه الترمذي في كتاب التفسير، ورواه أحمد في مسنده 3: 8، 89، وقال الترمذي:" هذا حديث حسن صحيح. وقد روى هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، رواه أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد "، وهو ما سيرويه، أبو جعفر من رقم: 17222 - 17224.

ص: 480

عن أبيه، عن عمران بن أبي أنس، عن سعيد بن أبي سعيد الخدري قال: تمارى رجلان، فذكر مثله. (1)

17222-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني سَحْبَل بن محمد بن أبي يحيى قال، سمعت عمي أنيس بن أبي يحيى يحدث، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجدي هذا، وفي كلٍّ خيرٌ. (2)

17223-

حدثني المثنى قال، حدثني الحماني قال، حدثنا عبد العزيز، عن أنيس، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (3)

17224-

حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا صفوان بن عيسى قال، أخبرنا أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد: أن رجلا من بني خُدْرة

(1) الأثر: 17221 - " بحر بن نصر بن سابق الخولاني "، شيخ أبي جعفر، مضى برقم: 10588، 10647.

وهذا الخبر، ذكره ابن كثير في تفسيره 4: 243، من مسند أحمد قال:" حدثنا موسى بن داود قال، حدثنا ليث، عن عمران بن أبي أنس، عن سعيد بن أبي سعيد قال: تمارى رجلان ". ولم أستطع أن أستخرجه من المسند في ساعتي هذه، وقال ابن كثير:" تفرد به أحمد ".

(2)

الأثر: 17222 - " سحبل بن محمد بن أبي يحيى سمعان الأسلمي "، هو " عبد الله بن محمد بن أبي يحيى "، وقد ينسب إلى جده. ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 156.

وفي بعض الكتب غير مضبوط " سحيل " بالياء، وضبطه في التقريب بفتح السين المهملة، وسكون الحاء، بعدها موحدة. وكان في المطبوعة:" سجل "، والصواب ما في المخطوطة.

و" أنيس بن أبي يحيى سمعان الأسلمي "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 43، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 334.

وأبوه " سمعان "، " أبو يحيى، الأسلمي "، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 205، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 316.

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 3: 23 من طريق: يحيى، عن أنيس بن أبي يحيى، بنحوه.

ثم رواه أيضا 3: 91 من طريق صفوان، عن أنيس، بنحوه (رواه أبو جعفر برقم: 17224) .

وإسناده صحيح. وسيأتي من طرق أخرى بعده.

(3)

الأثر: 17223 - مكرر الذي قبله.

ص: 481

ورجلا من بني عمرو بن عوف، امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال الخدريُّ: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العوفي: هو مسجد قباء. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم وسألاه فقال: هو مسجدي هذا، وفي كلٍّ خيرٌ. (1)

* * *

القول في تأويل قوله: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: في حاضري المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، رجال يحبُّون أن ينظفوا مقاعدَهم بالماء إذا أتوا الغائط، والله يحبّ المتطهّرين بالماء.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

17225-

حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لما نزل: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الطُّهور الذي أثنى الله عليكم؟ قالوا: يا رسول الله، نغسل أثر الغائط. (2)

(1) الأثر: 17224 - رواه أحمد في مسنده، كما أشرت إليه في التعليق على رقم:17222.

و" صفوان بن عيسى الزهري "، من شيوخ أحمد، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 310، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 425.

(2)

الأثر: 17225 - حديث شهر بن حوشب المرسل، سيأتي ذكره في التعليق على رقم: 17228، بعده.

ص: 482

17226-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قُباء: "إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطُّهور، فما تصنعون؟ " قالوا: إنا نغسل عنَّا أثر الغائط والبوْل.

17227-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: لما نزلت: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار، ما هذا الطُّهور الذي أثنى الله عليكم فيه؟ قالوا: إنا نَسْتطيب بالماء إذا جئنا من الغائط.

17228-

حدثني جابر بن الكردي قال، حدثنا محمد سابق قال، حدثنا مالك بن مغول، عن سيَّارٍ أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: قام علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أخبروني، فإن الله قد أثنى عليكم بالطُّهور خيرًا؟ فقالوا: يا رسول الله، إنا نجد عندنا مكتوبًا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. (1)

(1) الأثر: 17228 - حديث شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، سيأتي من طرق، هذا ثم: 17229 - 17231، 17240.

" جابر بن الكردي بن جابر الواسطي "، شيخ الطبري، ثقة مضى برقم:7216.

و"محمد بن سابق التميمي"، ثقة، قيل إنه ليس ممن يوصف بالضبط في الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 111، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 283، ولم يذكرا فيه جرحا.

و" مالك بن مغول بن عاصم البجلي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 5431، 10872، 14268.

و" سيار، أبو الحكم العنزي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم:39.

و" شهر بن حوشب الأشعري "، ثقة، مضى برقم: 1489، 5244، 6650 - 6652، وبعدها كثير.

و" محمد بن عبد الله بن سلام بن الحارث الخزرجي الإسرائيبلي "، له رؤية ورواية محفوظة. مترجم في تعجيل المنفعة: 366، 367، والكبير 1 / 1 / 18، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 297، والاستيعاب: 234، 235، وأسد الغابة 4: 324، والإصابة، في ترجمته.

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 6: 6، من طريق " يحيى بن آدم، حدثنا مالك - يعني ابن مغول - قال سمعت سيارا أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله. . . ".

ورواه البخاري في التاريخ الكبير 1 / 1 / 18 من طريق محمد بن يوسف، عن مالك بن مغول، بنحوه، ثم قال:" وقال إسحاق، عن جرير، عن ليث، عن رجل من الأنصار من أهل قباء: لما نزلت، بهذا ". فبين الاختلاف فيه على شهر بن حوشب، وأنه أبهم الرجل من الأنصار.

وأشار إليه الحافظ ابن عبد البر في ترجمته وقال: " حديثه مخرج في التفسير، ويختلف في إسناد حديثه هذا، ومنهم من يجعله مرسلا "، والمرسل هو رواية الطبري السالفة رقم: 17225، وقال ابن حجر في الإصابة:" قال ابن منده: رواه داود بن أبي هند، عن شهر مرسلا، لم يذكر محمد ولا أباه ".

ورواه ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمته.

وسيأتي في رقم: 17230، قول يحيى بن آدم " ولا أعلم إلا عن أبيه ". فانظر التعليق على الأثر هناك.

ص: 483

17229-

حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا [يحيى بن رافع] ، عن مالك بن مغول قال، سمعت سيارًا أبا الحكم غير مرة، يحدث، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قُباء قال: إن الله قد أثنى عليكم بالطهور خيرا = يعني قوله: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا)، قالوا: إنا نجده مكتوبًا عندنا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. (1)

17230-

حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا [يحيى بن رافع] ، قال، حدثنا مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام = قال يحيى: ولا أعلمه إلا عن أبيه = قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا! قالوا: إنا نجده

(1) الأثر: 17229 - " يحيى بن رافع "، هكذا جاء في الموضعين في مطبوعة الطبري ومخطوطته، ولا أدري كيف وقع هذا، فليس في هذه الطبقة من الرواة من أعرفه يقال له " يحيى بن رافع "، وأما "يحيى بن رافع الثقفي"، فهذا قديم جدا سمع عثمان وأبا هريرة، ومضى برقم: 5777، ولكنه لما وقع هكذا في الموضعين أثبته على حاله.

أما الذي لا أكاد أشك فيه، فالصواب أنه " يحيى بن آدم "، كما جاء في مسند أحمد، وكما ذكره الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة، والإصابة، وذكر أيضا رواية أبي هشام الرفاعي عن يحيى بن آدم، كما سترى بعد، من طريق البغوي.

وهذا الخبر، رواه ابن حجر في الإصابة، وقال:" أخرجه أحمد، والبخاري في تاريخه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن قانع، والبغوي ". وانظر التعليق على رقم: 17228، وعلى رقم:17230.

ص: 484

مكتوبًا علينا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. وفيه نزلت:(فيه رجال يحبون أن يتطهروا) . (1)

17231-

حدثني عبد الأعلى بن واصل قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري قال، حدثنا أبو أويس المدني، عن شرحبيل بن سعد، عن عويم بن ساعدة، وكان من أهل بدر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: إني أسمع الله قد أثنى عليكم الثَّناء في الطهور، (2) فما هذا الطهور؟ قالوا: يا رسول الله، ما نعلم شيئًا، إلا أن جيرانًا لنا من اليهود رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا. (3)

(1) الأثر: 17230 - هكذا " يحيى بن رافع "، والصواب المرجح " يحيى بن آدم " كما سلف في التعليق الماضي.

ومن هذا الطريق ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة وتعجيل المنفعة، وفيه زيادة " ولا أعلمه إلا عن أبيه "، ونسبه إلى البغوي في الصحابة، ثم أعقبه بقوله:" قال قال أبو هشام (يعني الرفاعي) ، وكتبته من أصل كتاب يحيى بن آدم، ليس فيه عن أبيه " ثم قال: " وقال البغوي: حدث به الفريابي، عن مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر أباه ".

ثم قال: " روى سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، فزاد فيه: عن أبيه. وقال أبو زرعة الرازي: الصحيح عندنا عن محمد، ليس فيه: عن أبيه ".

وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 1: 212، 213 على محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، ثم قال:" رواه الطبراني في الكبير، وفيه شهر بن حوشب، وقد اختلفوا فيه. ولكنه وثقه أحمد وابن معين، وأبو زرعة، ويعقوب بن أبي شيبة " ثم خرجه عن محمد بن عبد الله بن سلام، ثم قال:" رواه أحمد عن محمد بن عبد الله بن سلام، ولم يقل: عن أبيه، كما قال الطبراني. وفيه شهر أيضا ".

فهذا الذي ذكرته دال، أولا، على أن صواب الاسم " يحيى بن آدم "، لا " يحيى بن رافع " كما وقع في المخطوطة والمطبوعة. ودال أيضا على الاختلاف في هذا الخبر اختلافا يوجب النظر.

ثم بقي شيء آخر، لم أجد من ذكره في الكلام على هذا الخبر، أرجو أن أكون أصبت في ذكره وبيانه.

وذلك أن الثناء من الله على رجال يحبون أن يتطهروا، كانوا يلزمون المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، وهو مسجد قباء بلا شك. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سأل هؤلاء عن ثناء الله عليهم. وهؤلاء الرجال هم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، ومنزلهم بقباء. وهم قوم عرب على دينهم في الجاهلية، لم يذكر أحد أنهم كانوا يهودا.

وخبر شهر بن حوشب هذا، عن محمد بن عبد الله بن سلام، ذكر فيه ثناء الله على هؤلاء الرجال، وأن جوابهم كان:" إنا نجد عندنا مكتوبا في التوراة، الاستنجاء بالماء "، فظاهر هذا الخبر يدل على أن دينهم كان اليهودية. وذلك ما لم أجد قائلا قال به.

و" محمد بن عبد الله بن سلام "، وأبوه " عبد الله بن سلام بن الحارث "، من بني قينقاع، من اليهود، من ذرية يوسف النبي عليه السلام، وكان عبد الله بن سلام حليف القواقل من الخزرج، وهم بنو عمرو بن عوف بن الخزرج، وليسوا من " بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس " في شيء، ومنازل هؤلاء غير منازل هؤلاء. وفي إسلام عبد الله بن سلام (سيرة ابن هشام 2: 163) ، أنه قال، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرته:" فلما نزل بقباء، في بني عمرو بن عوف، أقبل رجل حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها "، فعبد الله بن سلام، وولده لم يكن منهم أحد بقباء.

فقوله في الخبر رقم: 17228 " قام علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أخبروني. . . "، إلى آخر الخبر، مشكل جدا، لأن الخبر خبر محمد بن عبد الله بن سلام، والضمير فيه راجع إليه وإلى قومه أو حلفائه بني عمرو بن عوف بن الخزرج، وهذا لا يصح البتة، بدليل قوله في الذي يليه: أن ذلك كان " لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قباء ".

وهذا الذي ذكرت اضطراب شديد في صلب الخبر، لا يرفعه شيء. ومهما يكن من أمر إسناده، واختلاف المختلفين فيه على شهر بن حوشب، فإن علته في سياقه، أشد من علته في إسناده عندي. والله أعلم من أين أتى هذا الاضطراب؟ والذي لا شك فيه: أنه بعيد جدا أن يكون هذا الجواب من كلام بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وأنه أشبه بأن يكون كلام أحد من حلفائهم اليهود.

وأوضح منه ما جاء في خبر عويم بن ساعدة (رقم: 17231)، وهو:" ما نعلم شيئا، إلا أن جيرانا لنا من اليهود، رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا ". فهذا أبين، وأقرب إلى سياق ما سئلوا عنه، وأدنى إلى رفع الاضطراب. والله تعالى أعلم.

(2)

في المسند: " قد أحسن عليكم الثناء "، ولو قرئ ما في المخطوطة:" قد أسنى " بمعنى: رفع، لكان حسنا.

(3)

الأثر: 17231 - " عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي "، شيخ الطبري، مضى برقم:11125.

و" إسماعيل بن صبيح اليشكري "، ثقة، مضى برقم: 2996، 8640، 11158.

و" أبو أويس المدني "، هو " عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الصبحي "، صدوق، ليس بحجة، مضى برقم:8640.

و" شرحبيل بن سعد الخطمي "، قال أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: 8396: " الحق أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، إذ جاوز المئة. وقد فصلنا القول فيه في شرح المسند: 2104. وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والكلام في تضعيفه شديد، وذكر الحافظ ابن حجر في التهذيب، روايته عن عويم بن ساعدة فقال: " وفي سماعه من عويم بن ساعدة نظر، لأن عويما مات في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويقال: في خلافة عمر رضي الله عنه ".

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 3: 422 من طريق حسين بن محمد، عن أبي أويس، بنحوه.

وذكره ابن كثير في تفسير 4: 41، ثم قال:" ورواه ابن خزيمة في صحيحه ". وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 1: 212، وقال:" رواه أحمد، والطبراني في الثلاثة. وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك، وابن معين، وأبو زرعة، وثقه ابن حبان ".

ص: 485

17232-

حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا محمد بن سعيد قال، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن شرحبيل بن سعد قال: سمعت خزيمة بن ثابت يقول: نزلت هذه الآية: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)، قال: كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط.

17233-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي ليلى، عن عامر قال: كان ناس من أهل قُباء يستنجون بالماء، فنزلت:(فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) .

17234-

حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا شبابة بن سوار، عن شعبة، عن مسلم القُرِّيّ قال: قلت لابن عباس: أصبُّ على رأسي؟ = وهو محرم = قال: ألم تسمع الله يقول: (إن الله يحب التوّابين ويحب المتطهرين) ؟ (1)

17235-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن داود، وابن أبي ليلى، عن الشعبي، قال، لما نزلت:(فيه رجال يحبون أن يتطهروا)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: ما هذا الذي أثنى الله عليكم؟ قالوا: ما منَّا من أحدٍ إلا وهو يستنجي من الخلاء.

17236-

حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الحميد المدني، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعويم بن ساعدة: ما هذا الذي أثنى الله عليكم: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ؟ قال: نوشك أن نغسل الأدبار بالماء! (2)

(1) الأثر: 17234 - " مسلم القري " بضم القاف وتشديد الراء، نسبة إلى بني قرة، من عبد القيس وهو مولاهم = هو:" مسلم بن مخراق العبدي الفريابي "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 271، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 194.

(2)

الأثر: 17236 - " عبد الحميد المدني ". ظني أنه " عبد الحميد بن سليمان الخزاعي، أبو عمر المدني الضرير "، روى عن أبي حازم، وأبي الزناد، وروى عنه هشيم، وهو من أقرانه، ضعيف الحديث. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 14.

و" إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري "، ظني أيضا أنه " إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية الأنصاري المدني "، روى عن الزهري وغيره، وهو ضعيف أيضا، كثير الوهم. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 271، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 84.

وفي تفسير ابن كثير 4: 241 " عن إبراهيم بن المعلى الأنصاري "، ولم أجد له ذكرا في كتب الرجال.

ص: 487

17237-

حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر، عن حصين، عن موسى بن أبي كثير قال: بدء حديث هذه الآية في رجال من الأنصار من أهل قباء: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: نستنجي بالماء. (1)

17238-

حدثني المثنى قال، حدثنا أصبغ بن الفرج قال، أخبرني ابن وهب قال، أخبرني يونس، عن أبي الزناد قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عويم بن ساعدة، من بني عمرو بن عوف، ومعن بن عدي، من بني العجلان، وأبي الدحداح = فأما عويم بن ساعدة، فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنِ الذين قال الله فيهم: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجال، منهم عويم بن ساعدة = لم يبلغنا أنه سمّى منهم رجلا غير عويم. (2)

(1) الأثر: 17237 - " عبد الرحمن بن سعد "، هو " عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي "، مضى برقم: 10666، 10855، 17011.

و" أبو جعفر " هو " أبو جعفر الرازي "، مضى مرارا كثيرة.

و" حصين " هو " حصين بن عبد الرحمن السلمي "، مضى مرارا آخرها:16671.

و" موسى بن أبي كثير الأنصاري "، ثقة، في الحديث: مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 293، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 7.

(2)

الأثر: 17238 - " أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي "، الفقيه المصري، ثقة كان وراق ابن وهب، وكان من أجل أصحابه، وكان من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 37، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 321.

وهذا الخبر جزء من حديث السقيفة (الفتح 12: 133) ، وعلق عليه الحافظ ابن حجر هناك، وذكر طرقه. وذكره في الإصابة في ترجمة " عويم بن ساعدة "، وذكر هذه الزيادة عن الإسماعيلي قال:" وزاد الإسماعيلي في روايته قال الزهري، فأخبرني عروة بن الزبير أن الرجلين اللذين لقياهما، هما: عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، فأما عويم، فهو الذي بلغنا. . . "، بنحوه.

وخبر السقيفة، رواه البخاري (الفتح 12: 128 - 139) من طريق عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس.

ورواه أحمد في مسنده رقم: 391، من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري. (وفي المسند:" عويمر بن ساعدة "، وهو خطأ، صوابه: عويم بن ساعدة) .

ورواه ابن سعد الطبقات 3 / 2 / 31، مختصرا، وفيه نحو خبر لفظ أبي جعفر، من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، وفيه " قال ابن شهاب: وأخبرني عروة بن الزبير أن الرجلين اللذين لقومهما، عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي. فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا. . . "، بنحوه.

ص: 488

17239-

حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن هشام بن حسان قال، حدثنا الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا الذي ذكركم الله به في أمر الطهور، فأثنى به عليكم؟ قالوا: نغسل أثر الغائِطِ والبول.

17240-

حدثني المثنى قال، حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن مالك بن مغول قال، سمعت سيارًا أبا الحكم يحدّث، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة = أو قال: قدم علينا رسول الله = فقال: إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا أفلا تخبروني؟ " قالوا: يا رسول الله، إنا نجد علينا مكتوبًا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء = قال مالك: يعني قوله: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) . (1)

17241-

حدثني أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية قال: لما نزلت هذه الآية: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا)، سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما طهوركم هذا الذي ذكرَ الله؟

(1) الأثر: 17240 - هذا مكرر الآثار السالفة من رقم: 17225، ثم رقم: 17228 - 17230، فانظر التعليق عليها هناك.

ص: 489