الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في تأويل قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(16) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين، الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله:(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) ، الآية، حاضًّا على جهادهم:(أم حسبتم) ، أيها المؤمنون (1) = أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها، وبغير اختبار يختبركم به، فيعرف الصادقَ منكم في دينه من الكاذب فيه = (ولما يعلم الله الذين جاهدوا)، يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمرَ الله في ذلك المفرِّطين (2) = (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله)، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين = (وليجة) .
* * *
= هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه:"ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة". (3)
* * *
وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم = (والله خبير بما تعملون)، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، (4) من اتخاذكم من دون الله
(1) انظر تفسير " حسب " فيما سلف 12: 388، تعليق 3: والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: 77، تعليق: 2، والمراجع هناك.
(3)
في المخطوطة: " ولج في فلان كذا "، والذي في المطبوعة أجود.
(4)
انظر تفسير " خبير " فيما سلف من فهارس اللغة (خبر) .
ودون رسوله والمؤمنين به أولياءَ وبطانةً، بعد ما قد نهاكم عنه، لا يخفى ذلك عليه، ولا غيره من أعمالكم، والله مجازيكم على ذلك، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
* * *
وبنحو الذي قلت في معنى "الوليجة"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16548-
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(ولا المؤمنين وليجة) ، يتولّجها من الولاية للمشركين.
16549-
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع:(وليجة)، قال: دَخَلا.
16550-
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:(أم حسبتم أن تتركوا)، إلى قوله:(وليجة)، قال: أبي أن يدعهم دون التمحيص. وقرأ: (" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ "، وقرأ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)، [سورة آل عمران: 142] ، (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم) ، الآيات كلها، (1) [سورة البقرة 214] أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحِّصهم ويختبرهم. وقرأ:(الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، لا يختبرون (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، [سورة العنكبوت: 1 - 3] ، أبى الله إلا أن يمَحِّص.
16551-
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن:(وليجة)، قال: هو الكفر والنفاق = أو قال أحدَهما.
* * *
(1) صدر هذه الآية، لم يكن في المخطوطة ولا المطبوعة، كان بدؤها " ولم يأتكم. . . ".