الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في النوادر أن محمد بن عبد الحكم حكاه عن الليث. ولا يؤمرون بصيام ثلاثة أيام قبل الخروج خلافاً لابن الماجشون. ولا يخرج إليها من لا يعقل من الصبيان على المشهر. وقال مالك: ولا تخرج الحائض إليها بحال، ولا يخرج إليها البهائم على المعروف. وذكر ابن حبيب عن موسى بن نصير أنه استسقى بإفريقية فجعل الصبيان على حدة، والإبل والبقر على حدة، وأهل الذمة على حدة. وصلى، وخطب، ولم يدع في خطبته لأمير المؤمنين، فقيل له في ذلك. فقال: ليس هو يوم ذلك. ودعا، ودعا الناس إلى نصف النهار.
ابن حبيب: واستحسن ذلك أهل المدينة. وهل يخرج إليها أهل الذمة؟ ثالثها المشهور: يخرجون مع الناس غير منفردين بيوم واحد. وإذا خرجوا فقال ابن حبيب: لا يمنعون من التطوف بصلبانهم ويكونون في ناحية منعزلين عن المسلمين، ويمنعون من إظهار ذلك في الأسواق، وفي جماعة المسلمين في الاستسقاء وغيره. والمشهور جواز التنفل قبلها وبعدها في المصلى خلافاً لابن وهب فيهما. ابن حبيب: وبه أقول.
صَلاةُ التَّطَوُّعِ
مِنْهَا رَوَاتِبُ: وهِيَ أَتْبَاعُ الْفَرَائِضِ كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ والْوِتْرِ، وقَبْلَ الْعَصْرِ، وبعْدَ الْمَغْرِبِ. وفِيهَا: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُؤَقِّتُ قَبْلَ الْظُّهْرِ وَبَعْدَهَا وقَبْلَ الْعَصْرِ وبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ؟ قَالَ: لا، إِنَّمَا يُؤَقِّتُ أَهْلُ الْعِرَاقِ
…
علم من ذكره ركعتي الفجر أنه ليس مراده بالتوابع ما بعد الصلاة. وكان مالك رحمه الله يفر من التحديد، ويرى أن ما ورد من ذلك ليس المراد به التحديد، على أن ابن أبي زيد وقت في الرسالة؛ لما ورد في ذلك.
خليل: وقد يقال: إنما نفي مالك رحمه الله التحديد على وجه السنية؛ أي أن هذا العدد هو السنة دون غيره. وحكمة تقديم النوافل على الصلاة وتأخيرها أن العبد مشتغل بأمور الدنيا، فتبعد النفس عند ذلك بحضور القلب في العبادة، فإذا تقدمت النافلة على الفرض
تأنست النفس بالعبادة، فكان ذلك أقرب إلى الحضور، فهذا حكمة التقديم. وأما التأخير فلما ورد أن النوافل جابرة لنقصان الفرائض.
وغَيْرُ الرَّوَاتِبِ: الْعِيدَانِ، والْكُسُوفُ، والاسْتِسْقَاءُ، وَهِيَ سُنَّةٌ كاَلْوِتْرِ
ليس عندنا سنن إلا هذه الخمس، واختلف في ركعتي الفجر، ونبه على ذلك بقوله:
ورَكْعَتَا الْفَجْرِ والإِحْرَامُ سُنَّةٌ، وقِيلَ: فَضِيلَةٌ
كلامه يقتضي أن المشهور في ركعتي الفجر السنية
ابن عبد البر: وهو الصحيح. وهو خلاف قل بن أبي زيد فإنه قال: وركعتا الفجر من الرغائب. وقيل: من السنن. والقولان فيها لمالك، وبالرغيبة أخذ ابن القاسم وابن عبد الحكم، وأصبغ، وبالثاني أخذ أشهب. وهذا مما يرجح قول ابن أبي زيد.
ومَا عَدَاهَا فَضِيلَةٌ كَقِيَامِ رَمَضَانَ، والتَّحِيَّةِ، والضُّحَى؛ والتَّطَوُّعَاتُ لا تَنْحَصِرُ
لو قيل: بسنية التحية ما بعد. ابن راشد: وأكثر الضحى ثمان ركعات، وأقلها ركعتان.
والْجَمَاعَة فِي التَّرَاوِيحِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْعَمَلِ، والْمُنْفَرِدُ لِطَلَبِ السَّلامَةِ أَفْضَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلا أَنْ تَتَعَطَّلَ ....
سمى قيام رمضان تراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون القيام، فكان القارئ يقرأ بالمئين، فيصلون تسليمتين، ثم يجلس الإمام والمأموم للاستراحة، ويقضي من سبقه الإمام، ثم كذلك، فسميت تراويح لما يتخللها من الراحة. وقال بعضهم: جرت عادة الأئمة أن يفصلوا كل ركعتين من قيام رمضان ويصلون ركعتين خفيفتين. وقوله: (لِلْعَمَلِ) أي لاستمرار العمل على الجمع من زمن عمر رضي الله عنه، والمشهور مذهب المدونة قال فيها: وقيام الرجل في رمضان في بيته أحب إلي لمن قوي عليه. لما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام: "أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة".
ورجح في الشاذ إتباع السلف.
وقوله: (إِلا أَنْ تَتَعَطَّلَ) هو كقول ابن شاس: ولو انفرد الواحد في بيته لطلب السلامة من أجل إظهار النافلة لكان أفضل له على المشهور ما لم يؤد ذلك إلى تعطيل المساجد. ابن هارون: ولم أر الخلاف الذي ذكر ابن شاس والمصنف.
وهِيَ ثَلاثٌ وعِشْرُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ ثُمَّ جُعِلَتْ تِسْعاً وثَلاثينَ، وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: "مَا زَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ ولا فِي غَيْرِه عَلَى اثْنَتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَعْدَهَا الْوِتْرُ
…
استمر العمل شرقاً وغرباً في زماننا على الثلاثة والعشرين، ولمالك في المختصر: الذي نأخذ لنفسي من ذلك الذي جمع عليه عمر بن عبد العزيز الناس، إحدى عشرة ركعة، وهي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
سند: وكان الناس يقومون إحدى عشرة ركعة قيام النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم كانوا يطيلون، ففي الموطأ أنهم كانوا يستعجلون الخدم بالطعام مخافة الفجر. ثم خففت القراءة وزيد في الركعات فجعلت ثلاثاً وعشرين، ويقومون دون القيام الأول. وفي الموطأ أن القارئ كان يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإذا قام بها في اثنتى عشرة ركعة رأوا أن خفف. ثم جعلت بعد وقعة الحرة بالمدينة تسعاً وثلاثين، وخففوا من القراءة فكان القارئ يقرأ بعشر آيات في الركعة، فكان قيامهم بثلاثمائة وستين آية.
ولَيْسَ الْخَتْمُ بِسُنَّةٍ، وسُورَةٌ تُجْزِئُ، ويَقْرَأُ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الأَوَّلُ، وأَجَازَهَا فِي الْمُصْحَفِ، وكَرِهَه فِي الْفَرِيضَةِ
…
يريد: لكن الختم أحسن، (ويَقْرَأُ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الأَوَّلُ) لئلا يتخير كل واحد أعشاراً توافق صوته، ولأنه يطلب سماع المصلين لجميع القرآن. قوله:(وأَجَازَهَا) أي: القراءة في المصحف في النافلة في رمضان، وغيره.
وإِنِ ابْتَدَأهاَ بِغَيْرِ مُصْحَفٍ فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ إِلا بَعْدَ سَلامِهِ
لكثرة الشغل حينئذ.
ويُتِمُّ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَيْنِ ويُسَلِّمُ
أي: مخففة، ويلحق خلاف ما في الجلاب أنه يتحرى موافقته في الأداء، ويسلم من كل ركعة بالنسبة إلى الإمام، ثم كذلك إلى آخر الصلاة، وفيه مخالفة كثيرة إذ لا يزال مسبوقاً.
وتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، وإِنْ كَانَ مَارّاً جَازَ التَّرْكُ، وقَالَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ثُمَّ رَجَعَ، ولَمْ يَاخُذْ بِهِ مَالِكٌ ....
لما في الصحيحين: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
قال أبو مصعب: إلا أن يكثر دخوله فيجزئه ركوعه الأول. نقله اللخمي، ونحوه في الجلاب، قال علماؤنا: وليست الركعتان مرادتين لذاتهما؛ لأن القصد بهما إنما هو تمييز المسجد من سائر البيت، فلذلك لو صلى فريضة اكتفى بها، ولا يخاطب بالركوع إلا مريد الجلوس، فأما المار فقال مالك: يجوز له ترك الركوع. وكان زيد بن ثابت يقول أولاً كقول مالك، ثم رجع زيد فأمر المار بالركوع، ولم يعجب مالك ذلك، وبقي على جواز الترك، هكذا في المدونة. وأنكر أبو عمران أن تكون المدونة على ظاهرها في هذا المعنى لما ذكر أنه نص في المجموعة، وهو أن زيداً يقول: إن المار في المسجد لا يلزمه الركوع في أول مرة، وإذا رجع مرة أخرى فلابد له من الركوع. فلم يأخذ مالك بقول زيد في المار إذا رجع. والنسخة التي ذكرتها هي التي توافق المشهور، لا ما وقع في بعض النسخ: فإن كان ماراً جاز الترك، ولم يأخذ به مالك. وقيد بعضهم ما وقع في المدونة من جواز المرور فيه بما إذا لم يتخذ طريقاً؛ أعني أنه إذا كان سابقاً على الطريق؛ لأنه تغيير للحبس ومن أشراط الساعة.
فرع:
وتحية المسجد الحرام الطواف، وأما مسجده صلى الله عليه وسلم فنقل التلمساني وابن عطاء الله أن مالكاً قال في العتبية: يبدأ بالصلاة قبل السلام عليه، ووسع له مالك [99/ب] أيضاً أن يبدأ بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة، وبالأول أخذ ابن القاسم. ومنشأ الخلاف أنه ها هنا تعارض مندوبان.
فرع:
فإن صلى فقال مالك في العتبية: يصلي النافلة في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويتقدم في الفرض إلى الصف الأول. قال في البيان: قال مالك: والعمود المخلق ليس هو قبلة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أقرب شيء إلى مصلاه عليه السلام، بخلاف قول ابن القاسم أن العمود المخلق هو مصلاه عليه السلام. انتهى.
فرع:
والسلام المشروع هو أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر. قاله مالك في المبسوط. مالك: وصفة السلام عليه صلى الله عليه وسلم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
التلمساني وابن عطاء الله: واختلف كيف يقول. فروى مالك عن عبد الله بن دينار أنه رأى عبد الله بن عمر يقف على قبره صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه وعلى أبي بكر وعمر. هكذا رواه يحيى بن عمر. وروى ابن القاسم: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو لأبي بكر وعمر. وقد اختلف الناس في الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم بطريق التبع.
الباجي: وأكثر العلماء على الجواز لقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد". ومنع ذلك ابن عباس.