المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أطوار الأموي وأحداثه مرت بالمسجد أحداث جسام، لا أستطيع أن أستقصيها - الجامع الأموي في دمشق

[علي الطنطاوي]

الفصل: ‌ ‌أطوار الأموي وأحداثه مرت بالمسجد أحداث جسام، لا أستطيع أن أستقصيها

‌أطوار الأموي وأحداثه

مرت بالمسجد أحداث جسام، لا أستطيع أن أستقصيها في هذه العجالة، إنما أعرض إليها عرضاً، وموعدنا بتفصيل أمرها كتابي الكبير عن الجامع، إن وفّق الله إليه وأذن بإتمامه.

‌الحرائق والزلازل:

فمن أكبر الأحداث التي أصابته الحرائق. وكان بقي سليماً، جدرانه كلها وسقوفه مغطاة بفصوص الفسيفساء المذهبة، ونقوشه بادية، وستره مسدلة، إلى سنة 461، حين انقسمت الدولة دولتين، وصارت الخلافة خلافتين، وادعى العبيديون أنهم من نسل فاطمة رضي الله عنها، وأقاموا حكومة باسمها، اتخذت لها غير مذهب جمهور المسلمين مذهباً، وأحدثت منكرات وبدعاً. وكان الخلاف قد استحكم في دمشق بين غلمان العباسيين وغلمان الفاطميين، ووصل إلى سَلّ السيوف وإراقة الدماء، والترامي بالنار، فأصابت النار دار الإمارة وهي الدار الخضراء (التي لم يبق منها الآن إلا مصبغة صغيرة في زقاق ضيّق، اسمها المصبغة الخضراء) فاحترقت الدار وامتد الحريق إلى المسجد، فأكلته النار أكلاً ومحت محاسنه، وأذهبت كل ما كان فيه، فلم يبق منه إلا الجدران الأربعة. وصارت أرضه بعد الفسيفساء التي تأخذ العقول تلالاً من التراب، طيناً في الشتاء، وغباراً في الصيف. وجُمعت فصوص الفسيفساء فأُودعت في المشاهد، إلى أن أخرجها ناظر المسجد القاضي الشهرزوري أيام السلطان نور الدين.

ص: 54

وبقي المسجد مخرباً أربع عشرة سنة حتى جُدّدت عمارة السقف والقبة أيام ملكشاه السلجوقي على يد الوزير نظام الملك (مؤسس المدرسة النظامية). أما الصحن فبقي تراباً وطيناً، حتى بلط أيام الملك العادل بعد الستمئة. كما مرّ في الكلام على بلاط الجامع.

وفي سنة 562 كان حريق حي اللبادين (النوفرة) فسَرَتْ النار إلى الأموي، فأحرقت قسماً منه من جهة باب جيرون.

وفي سنة 570 أصابه حريق جزئي آخر، حين احترقت مدرسة الكلاسة وامتدت النار إلى مئذنة العروس فاحترقت.

وفي سنة 646 احترقت سلالم المنارة الشرقية والبيوت التي في أسفلها وتضعضعت.

وفي سنة 681 كان حريق جزئي آخر، إذ احترق سوق اللبادين وسوق جيرون فامتدت النار إلى حيطان الجامع ووصلت إلى قسم من السقف.

وفي سنة 740 كان الحريق الكبير في دمشق، فأكلت النار أسواقاً برمّتها وكانت خسائر فادحة في الأموال، ووصلت النار إلى الجامع فاحترقت المئذنة الشرقية وقسم من الجانب الشرقي.

وأصابه حريقان جزئيان سنة 1064 وسنة 1131.

وكان الحريق الثاني الذي شمل المسجد كله هو الحريق الأخير سنة 1311 وسيأتي حديثه.

أما الزلازل التي تتابعت على المسجد فمنها:

زلزال سنة 131 الذي انشق منه سقف المسجد على طوله.

وفي سنة 233 كان زلزال شديد أسقط المنارة فانهالت حجارتها على المسجد وخرّبت رُبُعَه، وتراكمت فيه كأنها جبل.

ص: 55