الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ هُبَلُ مِنْ خَرَزِ الْعَقِيقِ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مَكْسُورَةً، فَأَدْرَكَتْهُ قُرَيْشٌ، فَجَعَلَتْ لَهُ يَدًا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ لَهُ خِزَانَةٌ لِلْقُرْبَانِ، وَكَانَتْ لَهُ سَبْعَةُ قِدَاحٍ يُضْرَبُ بِهَا عَلَى الْمَيِّتِ وَالْعُذْرَةِ وَالنِّكَاحِ، وَكَانَ قُرْبَانُهُ مِائَةَ بَعِيرٍ، وَكَانَ لَهُ حَاجِبٌ، وَكَانُوا إِذَا جَاءُوا هُبَلَ بِالْقُرْبَانِ ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ، وَقَالُوا:
[البحر الرجز]
إِنَّا اخْتَلَفْنَا فَهَبِ السَّرَاحَا
ثَلَاثَةً يَا هُبَلُ فِصَاحَا
…
الْمَيِّتَ وَالْعُذْرَةَ وَالنِّكَاحَا
وَالْبُرْءَ فِي الْمَرْضَى وَالصِّحَاحَا
…
إِنْ لَمْ تَقُلْهُ فَمُرِ الْقِدَاحَا "
بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَنْ نَصَبَ الْأَصْنَامَ وَمَا كَانَ مِنْ كَسْرِهَا
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ " أَنَّ جُرْهُمًا، لَمَّا طَغَتْ فِي الْحَرَمِ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِامْرَأَةٍ مِنْهُمُ الْكَعْبَةَ، فَفَجَرَ بِهَا. وَيُقَالُ: إِنَّمَا قَبَّلَهَا فِيهَا فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، اسْمُ الرَّجُلِ إِسَافُ بْنُ بُغَاءٍ، وَاسْمُ الْمَرْأَةِ نَائِلَةُ بِنْتُ ذِئْبٍ، فَأُخْرِجَا مِنَ الْكَعْبَةِ، فَنُصِبَ أَحَدُهُمَا عَلَى الصَّفَا، وَالْآخَرُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَإِنَّمَا نُصِبَا هُنَالِكَ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ، وَيَزْدَجِرُوا عَنْ مِثْلِ مَا ارْتَكَبَا؛ لِمَا يَرَوْنَ مِنَ الْحَالِ الَّتِي صَارَا
إِلَيْهَا، فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ يَدْرُسُ وَيَتَقَادَمُ حَتَّى صَارَا يُمْسَحَانِ، يَتَمَسَّحُ بِهِمَا مَنْ وَقَفَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ صَارَا وَثَنَيْنِ يُعْبَدَانِ، فَلَمَّا كَانَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ أَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِمَا وَالتَّمَسُّحِ بِهِمَا، وَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا. فَكَانَا كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ، فَصَارَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ وَأَمْرُ مَكَّةَ، فَحَوَّلَهُمَا مِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ، وَجَعَلَ الْآخَرَ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ. وَيُقَالُ: جَعَلَهُمَا جَمِيعًا فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ، وَكَانَ يَنْحَرُ عِنْدَهُمَا، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَمُرُّونَ بِإِسَافٍ وَنَائِلَةَ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِمَا، وَكَانَ الطَّائِفُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَبْدَأُ بِإِسَافٍ فَيَسْتَلِمُهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَتَمَ بِنَائِلَةَ فَاسْتَلَمَهَا، فَكَانَا كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ، فَكَسَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ مَا كُسِرَ مِنَ الْأَصْنَامِ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَدِينِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " كَانَ إِسَافٌ وَنَائِلَةُ رَجُلًا وَامْرَأَةً، فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فَأُخْرِجَا مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِمَا ثِيَابُهُمَا، فَجُعِِلَ أَحَدُهُمَا بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ، وَالْآخَرُ عِنْدَ زَمْزَمَ، وَكَانَ يُطْرَحُ بَيْنَهُمَا مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ كَانَ يُسَمَّى الْحَطِيمَ، وَإِنَّمَا نُصِبَا هُنَالِكَ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمَا يَدْرُسُ حَتَّى جُعِلَا وَثَنَيْنِ يُعْبَدَانِ، وَكَانَتْ ثِيَابُهُمَا كُلَّمَا بَلِيَتْ أَخْلَفُوا لَهُمَا ثِيَابًا، ثُمَّ أُخِذَ الَّذِي بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ، فَجُعِلَ مَعَ الَّذِي عِنْدَ زَمْزَمَ، وَكَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُمَا، وَلَمْ تَكُنْ تَدْنُو مِنْهُمَا امْرَأَةٌ طَامِثٌ، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ بِشْرُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ الْأَسَدِيُّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ:
[البحر الوافر]
عَلَيْهِ الطَّيْرُ مَا يَدْنُونَ مِنْهُ
…
مَقَامَاتُ الْعَوَارِكِ مِنْ إِسَافِ "
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَإِنَّ بِهَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ
⦗ص: 121⦘
صَنَمًا، قَدْ شَدَّهَا إِبْلِيسُ بِالرَّصَاصِ، وَكَانَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضِيبٌ، فَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا، وَيَقُولُ:«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» ثُمَّ يُشِيرُ إِلَيْهَا بِقَضِيبِهِ، فَتَتَسَاقَطُ عَلَى ظُهُورِهَا "
وَحَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا وَيَقُولُ:«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، جَاءَ الْحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَلَا يُعِيدُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، مِنْهَا مَا قَدْ شُدَّ بِالرَّصَاصِ، فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» . وَيُشِيرُ إِلَيْهَا، فَمَا مِنْهَا صَنَمٌ أَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ إِلَى وَقَعَ عَلَى دُبُرِهِ، وَلَا أَشَارَ إِلَى دُبُرِهِ إِلَّا وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى وَقَعَتْ كُلُّهَا " وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:«لَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَمَرَ بِالْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ كُلِّهَا، فَجُمِعَتْ، ثُمَّ حُرِقَتْ بِالنَّارِ وَكُسِرَتْ» وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ فَضَالَةُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ الْمُلَوِّحِ اللَّيْثِيُّ فِي ذِكْرِ يَوْمِ الْفَتْحِ:
[البحر الكامل]
أَوَمَا رَأَيْتَ مُحَمَّدًا وَجُنُودَهُ
…
بِالْفَتْحِ يَوْمَ تُكَسَّرُ الْأَصْنَامُ
لَرَأَيْتَ نُورَ اللَّهِ أَصْبَحَ بَيِّنًا
…
وَالشِّرْكَ يَغْشَى وَجْهَهُ الْإِظْلَامُ
حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يُشِيرَ بِالْقَضِيبِ إِلَى الصَّنَمِ، فَيَقَعَ لِوَجْهِهِ، فَطَافَ
⦗ص: 122⦘
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ بِمِحْجَنِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سَبْعِهِ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَقَامِ، وَجَاءَهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضْلَةَ، فَأَخْرَجَ رَاحِلَتَهُ، وَالدِّرْعُ عَلَيْهِ وَالْمِغْفَرُ، وَعِمَامَتُهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى زَمْزَمَ، فَاطَّلَعَ فِيهَا، وَقَالَ:«لَوْلَا أَنْ تَغْلِبَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَنَزَعْتُ مِنْهَا دَلْوًا» فَنَزَعَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَلْوًا فَشَرِبَ، وَأَمَرَ بِهُبَلَ فَكُسِرَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، قَدْ كُسِرَ هُبَلُ، أَمَا إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ مِنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي غُرُورٍ حِينَ تَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: دَعْ هَذَا عَنْكَ يَا ابْنَ الْعَوَّامِ، فَقَدْ أَرَى أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ إِلَهِ مُحَمَّدٍ غَيْرُهُ لَكَانَ غَيْرُ مَا كَانَ "
حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالُوا: كَانَ إِسَافٌ وَنَائِلَةُ رَجُلًا وَامْرَأَةً، الرَّجُلُ إِسَافُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْمَرْأَةُ نَائِلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مِنْ جُرْهُمٍ، فَزَنَيَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فَاتَّخَذُوهُمَا يَعْبُدُونَهُمَا، وَكَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُمَا، وَيَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَهُمَا إِذَا نُكِّسُوا، فَلَمَّا كُسِرَتِ الْأَصْنَامُ كَسْرًا، فَخَرَجَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ شَمْطَاءُ، تَخْمِشُ وَجْهَهَا، عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةُ الشَّعْرِ، تَدْعُو بِالْوَيْلِ، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:«تِلْكَ نَائِلَةُ، قَدْ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبِلَادِكُمْ أَبَدًا» وَيُقَالُ: رَنَّ إِبْلِيسُ ثَلَاثَ رَنَّاتٍ: رَنَّةً حِينَ لُعِنَ فَتَغَيَّرَتْ صُورَتُهُ عَنْ صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَرَنَّةً حِينَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا بِمَكَّةَ يُصَلِّي، وَرَنَّةً حِينَ افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ ذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ إِبْلِيسُ: أَيْئِسُوا أَنْ تَرُدُّوا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ يَوْمِهِمْ هَذَا أَبَدًا، وَلَكِنْ أَفْشُوا فِيهِمُ النَّوْحَ وَالشِّعْرَ "
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ: " نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا يَدَعَنَّ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ» فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَكْسِرُونَ تِلْكَ الْأَصْنَامَ " قَالَ: وَكَانَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ حِينَ أَسْلَمَ لَا يَسْمَعُ بِصَنَمٍ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ قُرَيْشٍ إِلَّا مَشَى إِلَيْهِ حَتَّى يَكْسِرَهُ، وَكَانَ أَبَا تِجَارَةٍ، يَعْمَلُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيَبِيعُهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي قُرَيْشٍ رَجُلٌ بِمَكَّةَ إِلَّا وَفِي بَيْتِهِ صَنَمٌ
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ بَعْضِ آلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَتْرُكَنَّ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ وَأَحْرَقَهُ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» قَالَ جُبَيْرٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى قَبْلَ ذَلِكَ الْأَصْنَامَ يُطَافُ بِهَا بِمَكَّةَ، فَيَشْتَرِيهَا أَهْلُ الْبَدْوِ، فَيَخْرُجُونَ بِهَا إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَفِي بَيْتِهِ صَنَمٌ، إِذَا دَخَلَ يَمْسَحُهُ، وَإِذَا خَرَجَ يَمْسَحُهُ؛ تَبَرُّكًا بِهِ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ جَعَلَتْ تَضْرِبُ صَنَمًا فِي بَيْتِهَا بِالْقَدُومِ فِلْذَةً فِلْذَةً، وَهِيَ تَقُولُ:«كُنَّا مِنْكَ فِي غُرُورٍ»