المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما جاء في ذكر بناء قريش الكعبة في الجاهلية - أخبار مكة للأزرقي - جـ ١

[الأزرقي]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ مَا كَانَتِ الْكَعْبَةُ الشَّرِيفَةُ عَلَيْهِ فَوْقَ الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَلَائِكَةِ الْكَعْبَةَ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ وَمُبْتَدَأِ الطَّوَافِ كَيْفَ كَانَ

- ‌ذِكْرُ زِيَارَةِ الْمَلَائِكَةِ الْبَيْتَ الْحَرَامَ شَرَّفَهَا اللَّهُ

- ‌ذِكْرُ هُبُوطِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ وَبِنَائِهِ الْكَعْبَةَ، وَحَجِّهِ، وَطَوَافِهِ بِالْبَيْتِ

- ‌مَا جَاءَ فِي حَجِّ آدَمَ عليه السلام، وَدُعَائِهِ لِذُرِّيَّتِهِ

- ‌سُنَّةُ الطَّوَافِ

- ‌ذِكْرُ وَحْشَةِ آدَمَ فِي الْأَرْضِ حِينَ نَزَلَهَا، وَفَضْلِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَالْحَرَمِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ

- ‌مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ زَمَنَ الْغَرَقِ، وَمَا جَاءَ فِيهِ

- ‌ذِكْرُ بِنَاءِ وَلَدِ آدَمَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ بَعْدَ مَوْتِ آدَمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِي طَوَافِ سَفِينَةِ نُوحَ عليه السلام زَمَنَ الْغَرَقِ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ

- ‌أَمْرُ الْكَعْبَةِ بَيْنَ نُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ عليهما السلام

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ تَخَيُّرِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مَوْضِعَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مِنَ الْأَرْضِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْكَانِ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ هَاجَرَ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ كَيْفَ كَانَ

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ نُزُولِ جُرْهُمٍ مَعَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ فِي الْحَرَمِ

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام الْكَعْبَةَ

- ‌ذِكْرُ حَجِّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَأَذَانِهِ بِالْحَجِّ وَحَجِّ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَهُ، وَطَوَافِهِ، وَطَوَافِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَهُ

- ‌مَا جَاءَ فِي مَسْأَلَةِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ الْأَمْنَ وَالرِّزْقَ لِأَهْلِ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَالْكُتُبُ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا تَعْظِيمُ الْحَرَمِ

- ‌ذِكْرُ وِلَايَةِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عليهما السلام الْكَعْبَةَ بَعْدَهُ، وَأَمْرِ جُرْهُمٍ

- ‌مَا ذُكِرَ مِنْ وِلَايَةِ خُزَاعَةَ الْكَعْبَةَ بَعْدَ جُرْهُمٍ وَأَمْرِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي وِلَايَةِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَأَمْرَ مَكَّةَ بَعْدَ خُزَاعَةَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ

- ‌مَا جَاءَ فِي انْتِشَارِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَعِبَادَتِهِمُ الْحِجَارَةَ وَتَغْيِيرِ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَنْ نَصَبَ الْأَصْنَامَ فِي الْكَعْبَةِ وَالِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَنْ نَصَبَ الْأَصْنَامَ وَمَا كَانَ مِنْ كَسْرِهَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَنْ نَصَبَهَا وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌مَا جَاءَ فِي مَنَاةَ وَأَوَّلِ مَنْ نَصَبَهَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَا جَاءَ فِي بُدُوِّهِمَا كَيْفَ كَانَ

- ‌مَا جَاءَ فِي ذَاتِ أَنْوَاطٍ

- ‌مَا جَاءَ فِي كَسْرِ الْأَصْنَامِ

- ‌مَسِيرُ تُبَّعٍ إِلَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ مُبْتَدَإِ حَدِيثِ الْفِيلِ

- ‌ذِكْرُ الْفِيلِ حِينَ سَاقَتْهُ الْحَبَشَةُ

- ‌مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْكَعْبَةِ وَمَتَى كَانُوا يَفْتَحُونَهَا وَدُخُولِهِمْ إِيَّاهَا وَأَوَّلِ مَنْ خَلَعَ النَّعْلَ وَالْخُفَّ عِنْدَ دُخُولِهَا

- ‌حَجُّ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنْسَاءُ الشُّهُورِ وَمَوَاسِمُهُمْ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌إِكْرَامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاجَّ

- ‌إِطْعَامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ حَاجَّ الْبَيْتِ

- ‌مَا جَاءَ فِي حَرِيقِ الْكَعْبَةِ وَمَا أَصَابَهَا مِنَ الرَّمْيِ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ بِالْمَنْجَنِيقِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَذْرُعِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْحِجْرِ مِنَ الْكَعْبَةِ وَمَا نَقَصَ مِنْهَا الْحَجَّاجُ

- ‌مَا جَاءَ فِي مَقْلَعِ الْكَعْبَةِ مِنْ أَيْنَ قُلِعَ

- ‌فِي مَعَالِيقِ الْكَعْبَةِ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ وَمَنْ عَلَّقَ تِلْكَ الْمَعَالِيقَ

- ‌نُسْخَةُ مَا فِي اللَّوْحِ الَّذِي فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ الَّذِي كَانَ مَعَ السَّرِيرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ ذَا الرِّيَاسَتَيْنِ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ بِالْبَعْثَةِ بِهَذَا السَّرِيرِ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ وَهُوَ سَرِيرُ الأصبهبد كَابُلَ شَاهٍ

- ‌نُسْخَةُ الْكِتَابَيْنِ اللَّذَيْنِ كُتِبَا فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ اللَّذَيْنِ شَهِدَ عَلَيْهِمَا، وَنُسْخَةُ الشَّرْطِ الَّذِي كَتَبَهُ مُحَمَّدُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، كَتَبَهُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فِي صِحَّةٍ مِنْ بَدَنِهِ وَعَقْلِهِ وَجَوَازٍ مِنْ

- ‌نُسْخَةُ الشَّرْطِ الَّذِي كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَهُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فِي صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِ وَجَوَازٍ مِنْ أَمْرِهِ وَصِدْقِ نِيَّةٍ، فِيمَا كَتَبَ فِي كِتَابِهِ وَمَعْرِفَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ

- ‌نُسْخَةُ مَا كَانَ كُتِبَ عَلَى صَحِيفَةِ التَّاجِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَرَ الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِحَمْلِ هَذَا التَّاجِ مِنْ خُرَاسَانَ وَتَعْلِيقِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ الشَّرْطَانِ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ شُكْرًا لِلَّهِ عز وجل عَلَى الظَّفَرِ بِمَنْ غَدَرَ وَتَبْجِيلًا لِلْكَعْبَةِ إِذَا اسْتَخَفَّ بِهَا مَنْ نَكَثَ

- ‌ذِكْرُ الْجُبِّ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْكَعْبَةِ وَمَالِ الْكَعْبَةِ الَّذِي يُهْدَى لَهَا وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَطِيبِهَا وَخَدَمِهَا وَأَوَّلِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ

- ‌مَا جَاءَ فِي تَجْرِيدِ الْكَعْبَةِ وَأَوَّلِ مَنْ جَرَّدَهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي دَفْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمِفْتَاحَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ

- ‌الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ وَأَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي رُقِيِّ بِلَالٍ الْكَعْبَةَ وَأَذَانِهِ عَلَيْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَبَشِيِّ الَّذِي يَهْدِمُ الْكَعْبَةَ وَمَا جَاءَ فِيمَنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْكَعْبَةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ الْكَعْبَةِ وَلِمَ سُمِّيَتِ الْكَعْبَةَ؟ وَلَأَنْ لَا يُبْنَى بَيْتٌ يَشْرُفُ عَلَيْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [

- ‌مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [

- ‌مَا جَاءَ فِي تَطْهِيرِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ الْبَيْتَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَنِ اسْتَصْبَحَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمَكَّةَ وَلَيْلَةِ هِلَالِ الْمُحَرَّمِ

- ‌ذِكْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ ذَرْعُ الْكَعْبَةِ حَتَّى صَارَ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ مِنْ خَارِجٍ وَدَاخِلٍ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَنَى الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَجَعَلَ طُولَهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ وَطُولَهَا فِي الْأَرْضِ ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهَا فِي الْأَرْضِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا وَكَانَ غَيْرَ مُسَقَّفٍ فِي عَهْدِ

- ‌ذَرْعُ الْكَعْبَةِ مِنْ دَاخِلِهَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: ذَرْعُ طُولِ الْكَعْبَةِ فِي السَّمَاءِ مِنْ دَاخِلِهَا إِلَى السَّقْفِ الْأَسْفَلِ مِمَّا يَلِي بَابَ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَنِصْفٌ، وَطُولُ الْكَعْبَةِ فِي السَّمَاءِ إِلَى السَّقْفِ الْأَعْلَى عِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَفِي سَقْفِ الْكَعْبَةِ أَرْبَعُ رَوَازِنَ نَافِذَةٌ مِنَ السَّقْفِ الْأَعْلَى إِلَى السَّقْفِ الْأَسْفَلِ

- ‌ذَرْعُ مَا بَيْنَ الْأَسَاطِينِ وَذَرْعُ مَا بَيْنَ الْجَدْرِ الَّذِي يَلِي الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الْأُولَى أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ مَا بَيْنَ الْأُسْطُوَانَةِ الْأُولَى إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ مَا بَيْنَ الْأُسْطُوَانَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الثَّالِثَةِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ

- ‌صِفَةُ الرَّوَازِنِ الَّتِي لِلضَّوْءِ فِي سَقْفِ الْكَعْبَةِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَفِي سَقْفِ الْكَعْبَةِ أَرْبَعُ رَوَازِنَ مِنْهَا رَوْزَنَةٌ حِيَالَ الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ، وَالثَّانِيَةُ حِيَالَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَالثَّالِثَةُ حِيَالَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَالرَّابِعَةُ حِيَالَ الْأُسْطُوَانَةِ الْوُسْطَى، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْجَدْرَ بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ

- ‌صِفَةُ الدَّرَجَةِ وَفِي الْكَعْبَةِ إِذَا دَخَلْتَهَا عَلَى يَمِينِكَ دَرَجَةٌ يَظْهَرُ عَلَيْهَا إِلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ مُرَبَّعَةٌ مَعَ جُدَرِيِّ الْكَعْبَةِ فِي زَاوِيَةِ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ مِنْهَا دَاخِلٌ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ جَدْرِهَا الَّذِي فِيهِ بَابُهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ الْجَدْرِ الْآخَرِ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَذَرْعُ بَابِ الدَّرَجَةِ فِي

- ‌صِفَةُ الْإِزَارِ الرُّخَامِ الْأَسْفَلِ الَّذِي فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ وَبَطْنُ الْكَعْبَةِ مُوَزَّرَةٌ مُدَارَةٌ مِنْ دَاخِلِهَا بِرُخَامٍ أَبْيَضَ وَأَحْمَرَ وَأَخْضَرَ وَأَلْوَاحٍ مُلَبَّسَةٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَهُمَا إِزَارَانِ، إِزَارٌ أَسْفَلَ فِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ لَوْحًا طُولُ كُلِّ لَوْحٍ ذِرَاعَانِ وَثَمَانِيَةُ أَصَابِعَ مِنْ ذَلِكَ الْأَلْوَاحُ الْبِيضُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لَوْحًا مِنْهَا فِي الْجَدْرِ

- ‌صِفَةُ فَرْشِ أَرْضِ الْبَيْتِ بِالرُّخَامِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَأَرْضُ الْكَعْبَةِ مَفْرُوشَةٌ بِرُخَامٍ أَبْيَضَ وَأَحْمَرَ وَأَخْضَرَ، عَدَدُ الرُّخَامِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رُخَامَةً، مِنْهَا أَرْبَعٌ خُضْرٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ وَبَيْنَ جَدْرَيِ الْكَعْبَةِ عَرْضُ كُلِّ رُخَامَةٍ ذِرَاعٌ وَأَرْبَعُ أَصَابِعَ وَعَرْضُهُنَّ مِنْ عَرْضِ كَرَاسِيِّ الْأَسَاطِينِ وَمِنَ الْجَدْرِ الَّذِي فِيهِ الْبَابُ بَابُ

- ‌ذِكْرُ مَا غُيِّرَ مِنْ فَرْشِ أَرْضِ الْكَعْبَةِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَذَلِكَ إِلَى آخِرِ شُهُورِ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمُحَمَّدُ الْمُنْتَصِرُ بِاللَّهِ وَلِيُّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَلِي أَمْرَ مَكَّةَ وَالْحِجَازِ وَغَيْرِهِمَا، فَكَتَبَ وَالِي مَكَّةَ إِلَيْهِ أَنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ فَرَأَيْتُ الرُّخَامَ الْمَفْرُوشَ بِهِ أَرْضُهَا قَدْ تَكَسَّرَ وَصَارَ قِطَعًا صِغَارًا وَرَأَيْتُ

- ‌صِفَةُ بَابِ الْكَعْبَةِ وَذَرْعُ طُولِ بَابِ الْكَعْبَةِ فِي السَّمَاءِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَشَرَةُ أَصَابِعَ، وَعَرْضُ مَا بَيْنَ جِدَارَيْهِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَثَمَانِيَ عَشْرَ أُصْبُعًا، وَالْجِدَارَانِ وَعَتَبَةُ الْبَابِ الْعُلْيَا وَنِجَافُ الْبَابِ مُلَبَّسٌ صَفَايِحَ ذَهَبٍ مَنْقُوشٍ، وَفِي جِدَارِ عِضَادَتَيِ الْبَابِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَلْقَةً مِنْ حَدِيدٍ مُمَوَّهَةً بِالْفِضَّةِ مُتَفَرِّقَةً، فِي كُلِّ

- ‌بَابُ صِفَةِ الشَّاذَرْوَانِ وَذَرْعِ الْكَعْبَةِ ذَرْعُ الْكَعْبَةِ مِنْ خَارِجِهَا فِي السَّمَاءِ مِنَ الْبَلَاطِ الْمَفْرُوشِ حَوْلَهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَسِتَّ عَشْرَةَ أُصْبُعًا وَطُولُهَا مِنَ الشَّاذَرْوَانِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَدَدُ حِجَارَةِ الشَّاذَرْوَانِ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ حَجَرًا فِي ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حَدِّ الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ إِلَى

- ‌ذِكْرُ الْحَجَرِ

- ‌الْجُلُوسُ فِي الْحِجْرِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ

- ‌مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَ مُثْعَبِ الْكَعْبَةِ

- ‌صِفَةُ الْحِجْرِ وَذَرْعُهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: الْحِجْرُ مُدَوَّرٌ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ، وَأَرْضُهُ مَفْرُوشَةٌ بِرُخَامٍ، وَهُوَ مُسْتَوٍ بِالشَّاذَرْوَانِ الَّذِي تَحْتَ إِزَارِ الْكَعْبَةِ، وَعَرْضُهُ مِنْ جَدْرِ الْكَعْبَةِ مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ إِلَى جَدْرِ الْحِجْرِ سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثَمَانِيَةُ أَصَابِعَ، وَذَرْعُ مَا بَيْنَ بَابَيِ الْحِجْرِ

- ‌مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ

- ‌الزِّحَامُ عَلَى اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ

- ‌الْخَتْمُ بِالِاسْتِلَامِ وَالِاسْتِلَامُ فِي كُلِّ وِتْرٍ

- ‌اسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ الْغَرْبِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ

- ‌تَرْكُ اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ

- ‌اسْتِلَامُ النِّسَاءِ الرُّكْنَ

- ‌تَقْبِيلُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَوَضْعُ الْخَدِّ عَلَيْهِ

- ‌اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَفَضْلُهُ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ

- ‌بَابُ مَا يُقَالُ مِنَ الْكَلَامِ بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ

- ‌مَا يُقَالُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ وَمِنْ أَيِّ جَانِبٍ يُسْتَلَمُ

- ‌مَا جَاءَ فِي رَفْعِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ

- ‌مَا جَاءَ فِي تَقْبِيلِ الْأَيْدِي إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ

- ‌أَوَّلُ مَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا مِنَ الْأَئِمَّةِ

- ‌ذِكْرُ مَا يَدُورُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفِضَّةِ

- ‌ذِكْرُ ذَرْعِ مَا يَدُورُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفِضَّةِ ذِرَاعٌ وَأَرْبَعُ أَصَابِعٍ، وَذَرْعُ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ إِلَى الْأَرْضِ ذِرَاعَانِ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ، وَذَرْعُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَوْلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ طَوْقٌ مِنْ فِضَّةٍ مُفَرَّغٌ، وَهُوَ يَلِي الْجَدْرَ، وَدُخُولُ الْفِضَّةِ الَّتِي حَوْلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَدُخُولُ الْحَجَرِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الْمُلْتَزَمِ وَالْقِيَامِ فِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ

الفصل: ‌ما جاء في ذكر بناء قريش الكعبة في الجاهلية

‌مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

ص: 157

حَدَّثَني أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ الْقَارِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا خَالِ، حَدَّثَنِي عَنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، قَبْلَ أَنْ بَنَتْهَا، قُرَيْشٌ. قَالَ: " كَانَتْ بِرَضْمٍ يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ تَنْزُوهُ الْعَنَاقُ، وَتُوضَعُ الْكِسْوَةُ عَلَى الْجَدْرِ ثُمَّ تُدَلَّى، ثُمَّ إِنَّ سَفِينَةً لِلرُّومِ أَقْبَلَتْ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَاحِلُ مَكَّةَ قَبْلَ جُدَّةَ، فَانْكَسَرَتْ فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ، فَرَكِبُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوا خَشَبَهَا وَرُومِيًّا كَانَ فِيهَا يُقَالُ لَهُ بَاقُومُ نَجَّارًا بَنَّاءً، فَلَمَّا قَدِمُوا بِهِ

⦗ص: 158⦘

مَكَّةَ قَالُوا: لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا. فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ وَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ مِنَ الضَّوَاحِي، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُهَا مَعَهُمْ إِذِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، عَوْرَتَكَ فَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَمَا رُؤِيَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدَهَا، فَلَمَّا جَمَعُوا الْحِجَارَةَ وَهَمُّوا بِنَقْضِهَا، خَرَجَتْ لَهُمْ حَيَّةٌ سَوْدَاءُ الظَّهْرِ، بَيْضَاءُ الْبَطْنِ، لَهَا رَأْسٌ مِثْلُ رَأْسِ الْجَدْيِ، تَمْنَعُهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا هَدْمَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اعْتَزَلُوا عِنْدَ الْمَقَامِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَكَانِهِ الْيَوْمَ، ثُمَّ قَالُوا: رَبَّنَا، أَرَدْنَا عِمَارَةَ بَيْتِكَ. فَرَأَوْا طَائِرًا أَسْوَدُ ظَهْرُهُ، أَبْيَضُ بَطْنُهُ، أَصْفَرَ الرِّجْلَيْنِ، أَخَذَهَا فَجَرَّهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا أَجْيَادًا، ثُمَّ هَدَمُوهَا وَبَنَوْهَا عِشْرِينَ ذِرَاعًا طُولَهَا. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَاسْتَقْصَرَتْ قُرَيْشٌ لِقِصَرِ الْخَشَبِ، فَتَرَكُوا مِنْهَا فِي الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا "

ص: 157

قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي الْحِجْرِ، وَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ قَدِيمٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:" إِنَّ قُرَيْشًا تَقَوَّتْ فِي بِنَائِهَا فَعَجَزُوا وَاسْتَقْصَرُوا، فَبَنَوْا وَتَرَكُوا بَعْضَهَا فِي الْحِجْرِ. فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ "

ص: 158

قَالَ: حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُلُمَ، أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ جَمْرَتِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَتْ، فَوَهَا الْبَيْتُ لِلْحَرِيقِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَتَشَاغَلَتْ قُرَيْشٌ فِي هَدْمِ الْكَعْبَةِ، فَهَابُوا هَدْمَهَا، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَتُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ أَمِ الْإِسَاءَةَ؟ قَالُوا

⦗ص: 159⦘

: بَلْ نُرِيدُ الْإِصْلَاحَ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحِينَ. قَالُوا: مَنِ الَّذِي يَعْلُوهَا فَيَهْدِمُهَا؟ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَعْلُوهَا فَأَهْدِمُهَا. فَارْتَقَى الْوَلِيدُ عَلَى جَدْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ. ثُمَّ هَدَمَ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ مَا هَدَمَ مِنْهَا، وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا يَخَافُونَ مِنَ الْعَذَابِ، هَدَمُوا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَنَوْا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ، اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ، حَتَّى كَادَ يُشْتَجَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ. فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، فَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غُلَامٌ، عَلَيْهِ وِشَاحَا نَمِرَةٍ، فَحَكَّمُوهُ، فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَأَعْطَاهُ نَاحِيَةَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَرَفَعُوهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ "

ص: 158

حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " جَلَسَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فِيهِمْ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، فَتَذَاكَرُوا بُنْيَانَ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَمَا هَاجَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرُوا كَيْفَ كَانَ بِنَاؤُهَا قَبْلَ ذَلِكَ، قَالُوا: كَانَتِ الْكَعْبَةُ مَبْنِيَّةً بِرَضْمٍ يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ، وَكَانَ بَابُهَا بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ، وَإِنَّمَا تُدَلَّى الْكِسْوَةُ عَلَى الْجَدْرِ مِنْ خَارِجٍ وَتُرْبَطُ مِنْ أَعْلَى الْجَدْرِ مِنْ بَطْنِهَا، وَكَانَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَنْ يَمِينِ مَنْ دَخَلَهَا جُبٌّ، يَكُونُ فِيهِ مَا يُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ مِنْ مَالٍ وَحِلْيَةٍ كَهَيْئَةِ الْخِزَانَةِ، وَكَانَ يَكُونُ عَلَى ذَلِكَ الْجُبِّ حَيَّةٌ تَحْرُسُهُ بَعَثَهَا اللَّهُ مُنْذُ زَمَنِ جُرْهُمٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَدَا عَلَى ذَلِكَ الْجُبِّ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ، فَسَرَقُوا مَالَهَا وَحِلْيَتَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ تِلْكَ الْحَيَّةَ، فَحَرَسَتِ الْكَعْبَةَ وَمَا فِيهَا خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَنَتْ قُرَيْشٌ

ص: 159

الْكَعْبَةَ، وَكَانَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَيْنِ فِي بَطْنِهَا بِالْجَدْرِ تِلْقَاءَ مَنْ دَخَلَهَا، يُخْلَقَانِ وَيُطَيَّبَانِ إِذَا طُيِّبَ الْبَيْتُ، فَكَانَ فِيهَا مَعَالِيقُ مِنْ حِلْيَةٍ كَانَتْ تُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةِ، فَكَانَتْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا، ثُمَّ إِنَّ امْرَأَةً ذَهَبَتْ تُجَمِّرُ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ مِنْ مَجْمَرَتِهَا شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَتْ كِسْوَتُهَا، وَكَانَتِ الْكِسْوَةُ عَلَيْهَا رُكَامًا، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَلَمَّا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ تَوَهَّنَتْ جُدْرَانُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَصَدَّعَتْ، وَكَانَتِ الْخِرَفُ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهِمْ مُظَلِّلَةً، وَالسُّيُولُ مُتَوَاتِرَةً، وَلِمَكَّةَ سُيُولٌ عَوَارِمُ، فَجَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَدَخَلَ الْكَعْبَةَ، وَصَدَعَ جُدْرَانَهَا وَأَخَافَهُمْ، فَفَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ فَزَعًا شَدِيدًا، وَهَابُوا هَدْمَهَا، وَخَشُوا إِنْ مَسُّوهَا أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ. قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ يَتَنَاظَرُونَ وَيَتَشَاوَرُونَ، إِذْ أَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ لِلرُّومِ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَاحِلُ مَكَّةَ قَبْلَ جُدَّةَ انْكَسَرَتْ، فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ، فَرَكِبُوا إِلَيْهَا فَاشْتَرَوْا خَشَبَهَا، وَأَذِنُوا لِأَهْلِهَا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَيَبِيعُونَ مَا مَعَهُمْ مِنْ مَتَاعِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَعْشُرُوهُمْ. قَالَ: وَكَانُوا يَعْشُرُونَ مَنْ دَخَلَهَا مِنْ تُجَّارِ الرُّومِ، كَمَا كَانَتِ الرُّومُ تَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ بِلَادَهَا، فَكَانَ فِي السَّفِينَةِ رُومِيٌّ نَجَّارٌ بَنَّاءٌ يُسَمَّى يَاقُوتَ، فَلَمَّا قَدِمُوا بِالْخَشَبِ مَكَّةَ قَالُوا: لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا. فَأَجْمَعُوا لِذَلِكَ وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ

ص: 160

، وَتَرَافَدُوا فِي النَّفَقَةِ، وَرَبَّعُوا قَبَائِلَ قُرَيْشٍ أَرْبَاعًا، ثُمَّ اقْتَرَعُوا عِنْدَ هُبَلَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَلَى جَوَانِبِهَا، فَطَار قَدَحُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي زُهْرَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِيهِ الْبَابُ وَهُوَ الشَّرْقِيُّ، وَقَدَحُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَلَى الشِّقِّ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ وَهُوَ الشِّقُّ الشَّامِيُّ، وَطَارَ قَدَحُ بَنِي سَهْمٍ وَبَنِي جُمَحَ وَبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ الشِّقُّ الْغَرْبِيُّ، وَطَارَ قَدَحُ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي مَخْزُومٍ وَقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ ضُمُّوا مَعَهُمْ عَلَى الشِّقِّ الْيَمَانِيِّ الَّذِي يَلِي الصَّفَا وَأَجْيَادًا، فَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ يَنْقُلُهَا إِذِ انْكَشَفَتْ نَمِرَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، عَوْرَتَكَ. وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَمَا رُؤِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَوْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَبَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفَزَعِ حِينَ نُودِيَ، فَأَخَذَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: لَوْ جَعَلْتَ بَعْضَ نَمِرَتِكَ عَلَى عَاتِقِكَ تَقِيكَ الْحِجَارَةَ. قَالَ: مَا أَصَابَنِي هَذَا إِلَّا مِنَ التَّعَرِّي. فَشَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِزَارَهُ، وَجَعَلَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ، وَكَانُوا يَنْقُلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ تَبَرُّرًا وَتَبَرُّكًا بِالْكَعْبَةِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ لَهُمْ مَا يُرِيدُونَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْخَشَبِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، غَدَوْا عَلَى هَدْمِهَا، فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِي بَطْنِهَا تَحْرُسُهَا سَوْدَاءُ الظَّهْرِ، بَيْضَاءُ الْبَطْنِ، رَأْسُهَا مِثْلُ رَأْسِ الْجَدْيِ، تَمْنَعُهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا هَدْمَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اعْتَزَلُوا عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْمَ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: يَا قَوْمِ، أَلَسْتُمْ تُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ

ص: 161

الْمُصْلِحِينَ، وَلَكِنْ لَا تُدْخِلُوا في عِمَارَةَ بَيْتِ رَبِّكُمْ إِلَّا مِنْ طَيِّبِ أَمْوَالِكُمْ، وَلَا تُدْخِلُوا فِيهِ مَالًا مِنْ رِبًا، وَلَا مَالًا مِنْ مَيْسِرٍ، وَلَا مَهْرَ بَغِيٍّ، وَجَنِّبُوهُ الْخَبِيثَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا. فَفَعَلُوا، ثُمَّ وَقَفُوا عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَامُوا يَدْعُونَ رَبَّهُمْ وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِي هَدْمِهَا رِضًا فَأَتِمَّهُ وَاشْغَلْ عَنَّا هَذَا الثُّعْبَانَ. فَأَقْبَلَ طَائِرٌ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الْعُقَابِ، ظَهْرُهُ أَسْوَدُ، وَبَطْنُهُ أَبْيَضُ، وَرِجْلَاهُ صَفْرَاوَانِ، وَالْحَيَّةُ عَلَى جَدْرِ الْبَيْتِ فَاغِرَةٌ فَاهَا، فَأَخَذَ بِرَأْسِهَا، ثُمَّ طَارَ بِهَا حَتَّى أَدْخَلَهَا أَجْيَادًا الصَّغِيرَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سبحانه وتعالى قَدْ رَضِيَ عَمَلَكُمْ، وَقَبِلَ نَفَقَتَكُمْ، فَاهْدِمُوهُ فَهَابَتْ قُرَيْشٌ هَدْمَهُ وَقَالُوا: مَنْ يَبْدَأُ فَيَهْدِمُهُ؟ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَبْدَؤُكُمْ فِي هَدْمِهِ، أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَإِنْ أَصَابَنِي أَمْرٌ كَانَ قَدْ دَنَا أَجَلِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ لَمْ يَرْزَأْنِي فَعَلَا الْبَيْتَ وَفِي يَدِهِ عَتَلَةٌ يَهْدِمُ بِهَا، فَتَزَعْزَعَ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهِ حَجَرٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَمْ تُرَعْ، إِنَّمَا أَرَدْنَا الْإِصْلَاحَ وَجَعَلَ يَهْدِمُهُ حَجَرًا حَجَرًا بِالْعَتَلَةِ، فَهَدَمَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ الْعَذَابُ إِذَا أَمْسَى. فَلَمَّا أَمْسَى لَمْ تَرَ بَأْسًا، فَأَصْبَحَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ غَادِيًا عَلَى عَمَلِهِ، فَهَدَمَتْ قُرَيْشٌ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغُوا الْأَسَاسَ الْأَوَّلَ الَّذِي رَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَبْصَرُوا حِجَارَةً كَأَنَّهَا الْإِبِلُ، الخلف لَا يُطِيقُ الْحَجَرَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا، يُحَرَّكُ الْحَجَرُ مِنْهَا

ص: 162

فَتَرْتَجُّ جَوَانِبُهَا، قَدْ تَشَبَّكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَأَدْخَلَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَتَلَتَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ، فَانْفَلَقَتْ مِنْهُ فَلْقَةٌ عَظِيمَةٌ، فَأَخَذَهَا أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَنَزَتْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى عَادَتْ فِي مَكَانِهَا، وَطَارَتْ مِنْ تَحْتِهَا بَرْقَةٌ كَادَتْ أَنْ تَخْطَفَ أَبْصَارَهُمْ، وَرَجَفَتْ مَكَّةُ بِأَسْرِهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ أَمْسَكُوا عَنْ أَنْ يَنْظُرُوا مَا تَحْتَ ذَلِكَ، فَلَمَّا جَمَعُوا مَا أَخْرَجُوا مِنَ النَّفَقَةِ قَلَّتِ النَّفَقَةُ عَنْ أَنْ تَبْلُغَ لَهُمْ عِمَارَةَ الْبَيْتِ كُلِّهِ، فَتَشَاوَرُوا فِي ذَلِكَ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَقْصُرُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ، وَيَحْجُرُوا مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَيَتْرُكُوا بَقِيَّتَهُ فِي الْحِجْرِ، عَلَيْهِ جِدَارٌ مُدَارٍ يَطُوفُ النَّاسُ مِنْ وَرَائِهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَبَنَوْا فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ أَسَاسًا يَبْنُونَ عَلَيْهِ مِنْ شِقِّ الْحِجْرِ، وَتَرَكُوا مِنْ وَرَائِهِ مِنْ فِنَاءِ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي بِنَائِهَا قَالُوا: ارْفَعُوا بَابَهَا مِنَ الْأَرْضِ وَاكْبِسُوهَا؛ حَتَّى لَا تَدْخُلَهَا السُّيُولُ، وَلَا تُرْقَى إِلَّا بِسُلَّمٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَدْتُمْ، إِنْ كَرِهْتُمْ أَحَدًا دَفَعْتُمُوهُ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَبَنَوْهَا بِسَافٍ مِنْ حِجَارَةٍ، وَسَافٍ مِنْ خَشَبٍ بَيْنَ الْحِجَارَةِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الرُّكْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِي وَضْعِهِ، وَكَثُرَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَتَنَافَسُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَزُهْرَةَ: هُوَ فِي الشِّقِّ الَّذِي وَقَعَ لَنَا. وَقَالَتْ تَيْمٌ وَمَخْزُومٌ: هُوَ فِي الشِّقِّ الَّذِي وَقَعَ لَنَا. وَقَالَتْ سَائِرُ الْقَبَائِلِ: لَمْ يَكُنِ الرُّكْنُ مِمَّا اسْتَهَمْنَا عَلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ: يَا قَوْمِ، إِنَّمَا أَرَدْنَا الْبِرَّ، وَلَمْ نُرِدِ الشَّرَّ، فَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، فَإِنَّكُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ تَشَتَّتَتْ أُمُورُكُمْ، وَطَمِعَ فِيكُمْ غَيْرُكُمْ، وَلَكِنْ حَكِّمُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ

ص: 163

مِنْ هَذَا الْفَجِّ. قَالُوا: رَضِينَا وَسَلَّمْنَا. فَطَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ، قَدْ رَضِينَا بِهِ. فَحَكَّمُوهُ، فَبَسَطَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ وَضَعَ فِيهِ الرُّكْنَ، فَدَعَا مِنْ كُلِّ رُبْعٍ رَجُلًا، فَأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الثَّوْبِ، فَكَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي أَبُو زَمْعَةَ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ، وَفِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ، وَفِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَرَفَعَ الْقَوْمُ الرُّكْنَ، وَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ وَضَعَهُ بِيَدِهِ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ لِيُنَاوِلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَجَرًا لِيَشُدَّ بِهِ الرُّكْنَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لَا. فَنَاوَلَ الْعَبَّاسُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَجَرًا، فَشَدَّ بِهِ الرُّكْنَ، فَغَضِبَ النَّجْدِيُّ حَيْثُ نُحِّيَ، فَقَالَ النَّجْدِيُّ: وَاعَجَبَاهُ لِقَوْمٍ أَهْلِ شَرَفٍ وَعُقُولٍ وَسِنٍّ وَأَمْوَالٍ، عَمَدُوا إِلَى أَصْغَرِهِمْ سِنًّا، وَأَقَلِّهِمْ مَالًا، فَرَأَسُوهُ عَلَيْهِمْ فِي مَكْرَمَتِهِمْ وَحَوْزِهِمْ، كَأَنَّهُمْ خَدَمٌ لَهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَيَفُوتَنَّهُمْ سَبْقًا، وَلَيَقْسِمَنَّ عَلَيْهِمْ حُظُوظًا وَجُدُودًا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ إِبْلِيسُ. فَبَنَوْا حَتَّى رَفَعُوا أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، ثُمَّ كَبَسُوهَا، وَوَضَعُوا بَابَهَا مُرْتَفِعًا عَلَى هَذَا الذَّرْعِ، وَرَفَعُوهَا بِمِدْمَاكِ خَشَبٍ وَمِدْمَاكِ حِجَارَةٍ حَتَّى بَلَغُوا السَّقْفَ، فَقَالَ لَهُمْ بَاقُومُ الرُّومِيُّ: أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْعَلُوا سَقْفَهَا مُكَبَّسًا أَوْ مُسَطَّحًا؟ فَقَالُوا: بَلِ ابْنِ بَيْتَ رَبِّنَا مُسَطَّحًا. قَالَ: فَبَنَوْهُ مُسَطَّحًا، وَجَعَلُوا فِيهِ سِتَّ دَعَائِمَ فِي صَفَّيْنِ، فِي كُلِّ صَفٍّ ثَلَاثُ دَعَائِمَ مِنَ الشِّقِّ الشَّامِيِّ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ إِلَى الشِّقِّ الْيَمَانِيِّ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَهَا مِنْ خَارِجِهَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَى أَعْلَاهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ، فَزَادَتْ قُرَيْشٌ فِي ارْتِفَاعِهَا فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ أُخَرَ، وَبَنَوْهَا مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا بِمِدْمَاكٍ مِنْ حِجَارَةٍ وَمِدْمَاكٍ مِنْ خَشَبٍ، وَكَانَ الْخَشَبُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِدْمَاكًا، وَالْحِجَارَةُ سِتَّةَ عَشَرَ مِدْمَاكًا، وَجَعَلُوا مِيزَابَهَا يَسْكُبُ فِي الْحِجْرِ، وَجَعَلُوا دَرَجَةً

ص: 164

مِنْ خَشَبٍ فِي بَطْنِهَا فِي الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، يُصْعَدُ مِنْهَا إِلَى ظَهْرِهَا، وَزَوَّقُوا سَقْفَهَا وَجُدْرَانَهَا مِنْ بَطْنِهَا وَدَعَائِمِهَا، وَجَعَلُوا فِي دَعَائِمِهَا صُوَرَ الْأَنْبِيَاءِ، وَصُوَرَ الشَّجَرِ، وَصُوَرَ الْمَلَائِكَةِ، فَكَانَ فِيهَا صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ شَيْخٍ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ، وَصُورَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ، وَصُورَةُ الْمَلَائِكَةِ عليهم السلام أَجْمَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَجَاءَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ، وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ، فَطُمِسَتْ. قَالَ: وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ عليهما السلام، وَقَالَ:«امْحُوا جَمِيعَ الصُّوَرِ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدَيَّ» فَرَفَعَ يَدَيْهِ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ، وَنَظَرَ إِلَى صُورَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ

ص: 165

: «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، جَعَلُوهُ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ، مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَلِلْأَزْلَامِ» وَجَعَلُوا لَهَا بَابًا وَاحِدًا، فَكَانَ يُغْلَقُ وَيُفْتَحُ، وَكَانُوا قَدْ أَخْرَجُوا مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنْ حِلْيَةٍ وَمَالٍ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَأَخْرَجُوا هُبَلَ، وَكَانَ عَلَى الْجُبِّ الَّذِي فِيهِ نَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ هُنَالِكَ، وَنَصَبَ عِنْدَ الْمَقَامِ، حَتَّى فَرَغُوا مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، فَرَدُّوا ذَلِكَ الْمَالَ فِي الْجُبِّ، وَعَلَّقُوا فِيهِ الْحِلْيَةَ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ، وَرَدُّوا الْجُبَّ فِي مَكَانِهِ

⦗ص: 167⦘

فِيمَا يَلِي الشِّقَّ الشَّامِيَّ، وَنَصَبُوا هُبَلَ عَلَى الْجُبِّ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا لَهُ سُلَّمًا يُصْعَدُ عَلَيْهِ إِلَى بَطْنِهَا، وَكَسَوْهَا حِينَ فَرَغُوا مِنْ بِنَائِهَا حِبَرَاتٍ يَمَانِيَةً "

ص: 166

وَحَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَدْرَكْتَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالَ مَرْيَمَ وَعِيسَى؟ قَالَ: نَعَمْ، أَدْرَكْتُ فِيهَا تِمْثَالَ مَرْيَمَ مُزَوَّقًا، فِي حِجْرِهَا عِيسَى ابْنُهَا قَاعِدًا مُزَوَّقًا. قَالَ: وَكَانَتْ فِي الْبَيْتِ أَعْمِدَةُ سِتِّ سَوَارٍ، وَصْفُهَا كَمَا نَقَطْتُ فِي هَذَا التَّرْبِيعِ " قَالَ: وَكَانَ تِمْثَالُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَمَرْيَمَ عليهما السلام فِي الْعَمُودِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَتَى هَلَكَ؟ قَالَ: فِي الْحَرِيقِ فِي عَصْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَقُلْتُ: أَعْلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ

ص: 167

: أَفَرَأَيْتَ تَمَاثِيلَ صُوَرٍ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ، مَنْ طَمَسَهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنِّي أَدْرَكْتُ مِنْ تِلْكِ الصُّوَرِ اثْنَتَيْنِ دَرْسَهُمَا، وَأَرَاهُمَا وَالطَّمْسُ عَلَيْهِمَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثُمَّ عَاوَدْتُ عَطَاءً بَعْدَ حِينٍ، فَخَطَّ لِي سِتَّ سَوَارٍ كَمَا خَطَطْتُ، ثُمَّ قَالَ: تِمْثَالُ عِيسَى وَأُمِّهِ عليهما السلام فِي الْوُسْطَى مِنَ اللَّاتِي تَلِينَ الْبَابَ الَّذِي يَلِينَا إِذَا دَخَلْنَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الَّذِي خَطَّ هَذَا التَّرْبِيعَ وَنَقَطَ هَذَا النَّقْطَ "

ص: 168

حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُهْدَمَ تِمْثَالَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ "

ص: 168

وَحَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ الْحَجَبَةِ، عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا شَيْبَةُ، امْحُ كُلَّ صُورَةٍ فِيهِ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي» . قَالَ: فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ "

ص: 168

حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ، يَقُولُ:" إِنَّمَا يُكْرَهُ مَا فِيهِ الرُّوحُ. قَالَ عَمْرٌو: أَنْ يُصْنَعَ التِّمْثَالُ عَلَى مَا فِيهِ الرُّوحُ، فَأَمَّا الشَّجَرُ وَمَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ فَلَا "

ص: 168

حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصُّوَرِ، وَأَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ زَمَنَ الْفَتْحِ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ، فَيَمْحُوَ مَا فِيهِ مِنْ صُورَةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْهُ حَتَّى مُحِيَ»

ص: 168

حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ حَتَّى أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ يَطْمِسَ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ فِيهَا "

ص: 168

حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَفِيهَا صُوَرُ

⦗ص: 169⦘

الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا، فَرَأَى صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ:«قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، جَعَلُوهُ شَيْخًا يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ» . ثُمَّ رَأَى صُورَةَ مَرْيَمَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَقَالَ:«امْحُوا مَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ إِلَّا صُورَةَ مَرْيَمَ»

ص: 168

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الثِّقَةِ، عِنْدَهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ قَدْ جَعَلَتْ فِي الْكَعْبَةِ صُوَرًا، فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَمَرْيَمُ عليهما السلام قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَقِرٍ: " إِنَّ امْرَأَةً مِنْ غَسَّانَ حَجَّتْ فِي حَاجِّ الْعَرَبِ، فَلَمَّا رَأَتْ صُورَةَ مَرْيَمَ فِي الْكَعْبَةِ قَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي إِنَّكِ لَعَرَبِيَّةٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْحُوا تِلْكَ الصُّوَرَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ صُورَةِ عِيسَى وَمَرْيَمَ "

ص: 169

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الثِّقَةِ، عِنْدَهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَقْبَلَ حَتَّى أَتَى الْبَيْتَ، فَطَافَ بِهِ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ، فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ، فَفُتِحَتْ لَهُ فَدَخَلَهَا، فَوَجَدَ فِيهَا حَمَامَةً مِنْ عِيدَانٍ فَطَرَحَهَا "

ص: 169

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ، فَإِذَا فِيهِ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهما السلام وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَالْكَبْشِ أَوْ رَأْسِ الْكَبْشِ - فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْحُوهَا. قَالَ: فَمَا دَخَلَ حَتَّى مُحِيَتْ. قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ رَأَى الْأَزْلَامَ قَدْ صُوِّرَتْ فِي يَدِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ:«قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، لَقَدْ أَبَى أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِالْأَزْلَامِ»

ص: 169

حَدَّثَنِي جَدِّي، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ

⦗ص: 170⦘

ابْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا حَيْثُ هُدِمَتِ الْكَعْبَةُ، فَكَانَ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ، فَوَضَعَ عَلَى ظَهْرِهِ إِزَارَهُ يَتَّقِي بِهِ، فَلُبِجَ بِهِ، فَأَخَذَهُ الْعَبَّاسُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَتَعَرَّى»

ص: 169

حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: اسْمُ الَّذِي بَنَى الْكَعْبَةَ بَاقُومُ، وَكَانَ رُومِيًّا، كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَصَابَتْهَا رِيحٌ فَحَجَبَتْهَا - يَقُولُ: حَبَسَتْهَا - فَخَرَجَتْ إِلَيْهَا قُرَيْشٌ بِجُدَّةَ، فَأَخَذُوا السَّفِينَةَ وَخَشَبَهَا، وَقَالُوا: ابْنِهِ لَنَا بُنْيَانَ الشَّامِ "

ص: 170

حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ:" لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا الْكَعْبَةَ خَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَحَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بِنَائِهِمْ، وَكَانَتْ تُشْرِفُ عَلَى الْجِدَارِ. قَالَ: فَقَالُوا: إِنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ نُتَمِّمَهُ فَسَيَكْفِيكُمُوهَا. ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو: فَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: فَجَاءَ طَيْرٌ أَبْيَضُ، فَأَخَذَ بِأَنْيَابِهَا، فَذَهَبَ بِهَا نَحْوَ الْحَجُونِ "

ص: 170

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ حُبَابٍ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - سَمِعَ مِنَ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا قَالَ الْحَارِثُ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا. قَالَ: سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَلَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ أَعَدْتُ فِيهَ مَا تَرَكُوهُ مِنْهُ، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمَّ لِأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ» فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَزَادَ الْوَلِيدُ فِي الْحَدِيثِ: «وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ بِالْأَرْضِ، بَابًا

ص: 170

شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا» ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: «تَعَزُّزًا لِئَلَّا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ إِلَّا مَنْ أَرَادُوا، فَكَانُوا إِذَا كَرِهُوا أَنْ يَدْخُلَهَا الرَّجُلُ، يَدَعُونَهُ يَرْتَقِي، حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ يَدْفَعُونَهُ فَيَسْقُطُ» قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَنَكَتَ بِعَصَاهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تَحَمَّلَ

ص: 171

حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوْا الْبَيْتَ اسْتَقْصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ» ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِهِ؟ قَالَ: لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا أَرَاهُ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ

ص: 171

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: " كَانَ بَابُ الْكَعْبَةِ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ وَجُرْهُمٍ بِالْأَرْضِ، حَتَّى بَنَتْهَا قُرَيْشٌ قَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، ارْفَعُوا بَابَ الْكَعْبَةِ؛ حَتَّى لَا يُدْخَلَ عَلَيْكُمْ إِلَّا بِسُلَّمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَنْ أَرَدْتُمْ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ مِمَّنْ تَكْرَهُونَ رَمَيْتُمْ بِهِ فَيَسْقُطُ

⦗ص: 172⦘

، فَكَانَ نَكَالًا لِمَنْ رَآهُ فَفَعَلَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ، وَرَدَمُوا الرَّدْمَ الْأَعْلَى، وَصَرَفُوا السَّيْلَ عَنِ الْكَعْبَةِ، وَكَسَوْهَا الْوَصَائِلَ "

ص: 171

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مَوْدُودٍ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا وَضَعَتُ الرُّكْنَ بِيَدِي يَوْمَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ فِي وَضْعِهِ»

ص: 172

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي تَجْرَأَةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: أَنَا أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ الرُّكْنَ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: لِمَنِ الثَّوْبُ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ الْحَجَرُ؟ قَالَتْ: لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَيُقَالُ: حُمِلَ الْحَجَرُ فِي كِسَاءٍ طَارُونِيٍّ كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "

ص: 172

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:«الَّذِي أَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي انْفَلَقَ مِنْ غَمْزِ الْعَتَلَةِ مِنْ أَسَاسِ الْكَعْبَةِ، فَنَزَا مِنْ يَدِهِ فَرَجَعَ مَكَانَهُ، أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ»

ص: 172

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ:«الَّذِي أَخَذَ الْحَجَرَ فَنَزَا مِنْ يَدِهِ عَامِرُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ» قَالَ الْوَاقِدِيُّ: «وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَائِذٍ»

ص: 172

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، فَتَذَاكَرُوا أَحَادِيثَ الْعَرَبِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي نَزَا الْحَجَرُ مِنْ يَدِهِ حِينَ حَفَرَ أَسَاسَ الْبَيْتِ حَتَّى عَادَ مَكَانَهُ؟ قَالُوا: مَنْ أَعْلَمُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟ قَالَ: عَلَيَّ ذَلِكَ، لَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ وَعَيْنَاهُ وَلَا حَفِظْنَاهُ، لَقَدْ عَلِمْنَا أُمُورًا فَنَسِينَاهَا. قَالُوا جَمِيعًا: هُوَ أَبُو وَهْبِ

ص: 172

بْنُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَلِكَ كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ أَبِي، وَكَانَ حَاضِرًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. قَالَ: فَمَنْ قَالَ حِينَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ فِي بُنْيَانِ مُقَدَّمِ الْبَيْتِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَا تَنَافَسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا فَيَطْمَعَ فِيكُمْ غَيْرُكُمْ، وَلَكِنْ جَزِّئُوا الْبَيْتَ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ رَبِّعُوا الْقَبَائِلَ فَلْتَكُنْ أَرْبَاعًا؟ قَالُوا: إِنَّهُ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ: هَكَذَا كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ. قَالَ: فَمَنِ الْقَائِلُ حِينَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ فِي وَضْعِ الرُّكْنِ: حَكِّمُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؟ قَالَ: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَنِ النَّفْرُ الَّذِينَ رَفَعُوا الثَّوْبَ حِينَ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: جَدُّكَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ أَحَدُهُمْ. قَالَ: كَذَلِكَ كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ مِنَ الرُّبُعِ الثَّانِي؟ قَالُوا: أَبُو زَمْعَةَ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: كَذَلِكَ كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ؟ قَالُوا: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ: كَذَلِكَ كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ فِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ؟ قَالُوا: أَبُو قَيْسِ بْنُ عَدِيٍّ السَّهْمِيُّ. قَالَ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ قَدْ أَخَذْتُهَا عَلَيْكُمْ، الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ. قَالَ: فَمَنْ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَا تُدْخِلُوا فِي عِمَارَةِ بَيْتِ رَبِّكُمْ إِلَّا طَيِّبًا مِنْ كَسْبِكُمْ؟ قَالُوا: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ: هَذِهِ أُخْرَى قَدْ أَخَذْتُهَا عَلَيْكُمْ، الْقَائِلُ هَذَا وَالْمُتَكَلِّمُ بِهِ أَبُو أُحَيْحَةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِي. قَالَ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمَ "

ص: 173

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " لَمَّا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ

⦗ص: 174⦘

فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ لِتَبْنِيَهَا، فَكُشِفَ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا مِنَ الْأَسَاسِ، فَإِذَا حَجَرٌ فِيهِ مَكْتُوبٌ: أَنَا يَعْفُرُ بْنُ عَبْدِ قِرَا، أَقْرَأُ عَلَى رَبِّي السَّلَامَ مِنْ رَأْسِ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ "

ص: 173