الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا جَاءَ فِي تَجْرِيدِ الْكَعْبَةِ وَأَوَّلِ مَنْ جَرَّدَهَا
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، عَنْ
⦗ص: 259⦘
مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه «كَانَ يَنْزِعُ كِسْوَةَ الْبَيْتِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ، فَيَسْتَظِلُّونَ بِهَا عَلَى السَّمُرِ بِمَكَّةَ»
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ الْمَكِّيُّ
، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: كَانَتْ عَلَى الْكَعْبَةِ كُسًا كَثِيرَةٌ مِنْ كِسْوَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَنْطَاعِ وَالْأَكْسِيَةِ وَالْكِرَارِ وَالْأَنْمَاطِ، فَكَانَتْ رُكَامًا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَلَمَّا كُسِيَتْ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَانَ يُخَفَّفُ عَنْهَا الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَكَانَتْ تُكْسَى فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما الْقَبَاطِيَّ يُؤْتَى بِهِ مِنْ مِصْرَ، غَيْرَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه كَسَاهَا سَنَةً بُرُودًا يَمَانِيَةً، أَمَرَ بِعَمَلِهَا عَامِلَهُ عَلَى الْيَمَنِ يَعْلَى بْنَ مُنَبِّهٍ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ظَاهَرَ لَهَا كِسْوَتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ مَعَ الْقَبَاطِيِّ، فَقَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ: لَوْ طُرِحَ عَنْهَا مَا عَلَيْهَا مِنْ كُسَا الْجَاهِلِيَّةِ فَخَفَّفَ عَنْهَا؛ حَتَّى لَا يَكُونَ مِمَّا مَسَّهُ الْمُشْرِكُونَ شَيْءٌ لِنَجَاسَتِهِمْ. فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ بِالشَّامِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ جَرِّدْهَا، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِكِسْوَةٍ مِنْ دِيبَاجٍ وَقَبَاطِيٍّ وَحِبَرَةٍ. قَالَ: فَرَأَيْتُ شَيْبَةَ جَرَّدَهَا حَتَّى لَمْ يَتْرُكْ عَلَيْهَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا، وَخَلَّقَ جُدُرَاتِهَا كُلَّهَا وَطَيَّبَهَا، ثُمَّ كَسَاهَا تِلْكَ الْكِسْوَةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا مُعَاوِيَةُ إِلَيْهَا، وَقَسَمَ الثِّيَابَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَاضِرًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُمْ يُجَرِّدُونَهَا. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا كَرِهَهُ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، قَالَ:" جَرَّدَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْكَعْبَةَ قَبْلَ الْحَرِيقِ، فَخَلَّقَهَا وَطَيَّبَهَا. قُلْتُ: وَمَا تِلْكَ الثِّيَابُ؟ قَالَ: مِنْ كُلٍّ، نَحْوِ كِرَارٍ وَأَنْطَاعٍ وَخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ شَيْبَةُ يَكْسُو مِنْهَا، حَتَّى رَأَى عَلَى امْرَأَةٍ حَائِضٍ مِنْ كِسْوَتِهِ، فَدَفَنَهَا فِي بَيْتٍ حَتَّى هَلَكَتْ. يَعْنِي الثِّيَابَ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ جَرَّدَ الْكَعْبَةَ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهَا كِسْوَةً شَتَّى، كِرَارًا وَأَنْطَاعًا وَمُسُوحًا، وَخَيْرًا
⦗ص: 261⦘
مِنْ ذَلِكَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَجَلَسْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ زَمْزَمَ، وَشَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ يُجَرِّدُ الْكَعْبَةَ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: فَرَأَيْتُ جِدَارَهَا، وَرَأَيْتُ خَلُوقَهَا وَطِيبَهَا، وَرَأَيْتُ تِلْكَ الثِّيَابَ الَّتِي أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ أَنَّهُ رَآهَا فِي حَدِيثِ نَذْرِ أُمِّهِ الْبَدَنَةَ قَدْ وُضِعَتْ بِالْأَرْضِ، فَرَأَيْتُ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ يَقْسِمُهَا أَوْ قَسَمَ بَعْضَهَا، فَأَخَذْتُ يَوْمَئِذٍ كِسَاءً مِنْ نَسْجِ الْأَعْرَابِ، فَلَمْ أَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْكَرَ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: وَكَانَتْ قَبْلَ هَذَا لَا تُجَرَّدُ، إِنَّمَا يُخَفَّفُ عَنْهَا بَعْضُ كِسْوَتِهَا وَتُتْرَكُ عَلَيْهَا، حَتَّى كَانَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ أَوَّلَ مَنْ جَرَّدَهَا وَكَشَفَهَا "
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ:" جَرَّدَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْكَعْبَةَ قَبْلَ الْحَرِيقِ مِنْ ثِيَابٍ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَسَوْهَا إِيَّاهَا، ثُمَّ خَلَّقَهَا وَطَيَّبَهَا. قُلْتُ: وَمَا كَانَتْ تِلْكَ الثِّيَابُ؟ قَالَ: مِنْ كُلٍّ، كِرَارًا وَأَنْطَاعًا، وَخَيْرًا مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ شَيْبَةُ يَقْسِمُ تِلْكَ الثِّيَابَ، فَرَأَى عَلَى امْرَأَةٍ حَائِضٍ ثَوْبًا مِنْ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ، فَرَفَعَهُ شَيْبَةُ، فَأَمْسَكَ مَا بَقِيَ مِنَ الْكِسْوَةِ حَتَّى هَلَكَتْ. يَعْنِي الثِّيَابَ "
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ
⦗ص: 262⦘
، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَجْتَمِعُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ فَتَكْثُرُ، فَيَعْمِدُ إِلَى بِيَارٍ فَيَحْفِرُهَا وَيُعَمِّقُهَا، فَتُدْفَنُ فِيهَا ثِيَابُ الْكَعْبَةِ؛ لِكَيْ لَا تَلْبَسَهَا الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ. قَالَتْ عَائِشَةُ:«مَا أَصَبْتَ، وَبِئْسَ مَا صَنَعْتَ، لَا تَعُدْ لِذَلِكَ؛ فَإِنَّ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إِذَا نُزِعَتْ عَنْهَا لَا يَضُرُّهَا مَنْ لَبِسَهَا مِنَ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ، وَلَكِنْ بِعْهَا، وَاجْعَلْ ثَمَنِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ: رَأَيْتُ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ ثِيَابِ الْكَعْبَةِ - ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حَدِيثِ عَائِشَةَ - فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ إِلْيَاسَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ فَاطِمَةَ الْخُزَاعِيَّةِ قَالَتْ: سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ:«إِذَا نُزِعَتْ عَنْهَا ثِيَابُهَا فَلَا يَضُرُّهَا مَنْ لَبِسَهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ»
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشْيَخَةِ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُ: «حَجَّ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَجَرَّدَ الْكَعْبَةَ، وَأَمَرَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَهُدِمَ، وَزَادَ فِيهِ الزِّيَادَةَ الْأُولَى»
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَجَبِيُّ، عَنْ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: " حَجَّ الْمَهْدِيُّ، فَجَرَّدَ الْكَعْبَةَ، وَطَلَى جُدْرَانَهَا مِنْ خَارِجٍ بِالْغَالِيَةِ
⦗ص: 263⦘
وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ. قَالَتْ: فَأَخْبَرَنِي جَدُّكَ - تَعْنِي زَوْجَهَا - مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَبِيُّ قَالَ: «صَعِدْنَا عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ بِقَوَارِيرَ مِنَ الْغَالِيَةِ، فَجَعَلْنَا نُفْرِغُهَا عَلَى جُدُرَاتِ الْكَعْبَةِ مِنْ خَارِجٍ مِنْ جَوَانِبِهَا كُلِّهَا، وَعَبِيدُ الْكَعْبَةِ قَدْ تَعَلَّقُوا بِالْبَكَرَاتِ الَّتِي تُخَاطُ عَلَيْهَا ثِيَابُ الْكَعْبَةِ، وَيَطْلُونَ بِالْغَالِيَةِ جُدُرَاتِهَا مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: «أَنَا رَأَيْتُهَا وَقَدْ غُيِّرَ الْجَدْرُ الَّذِي بَنَاهُ الْحَجَّاجُ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَقَدِ انْفَتَحَ مِنَ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِقْدَارُ أُصْبُعٍ مِنْ دُبُرِهَا وَمِنْ وَجْهِهَا، وَقَدْ رُهِمَ بِالْجِصِّ الْأَبْيَضِ»
حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: " حَجَّ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَى الْكَعْبَةِ كِسْوَةٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهَا قَدْ أَثْقَلَتْهَا، وَيُخَافُ عَلَى جُدُرَاتِهَا مِنْ ثِقَلِ الْكِسْوَةِ، فَجَرَّدَهَا حَتَّى لَمْ يُبْقِ عَلَيْهَا مِنْ كِسْوَتِهَا شَيْئًا، ثُمَّ ضَمَّخَهَا مِنْ خَارِجِهَا بِالْغَالِيَةِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، وَطَلَى جُدُرَاتِهَا كُلَّهَا مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا مِنْ جَوَانِبِهَا كُلِّهَا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ كُسًا مِنْ قَبَاطِيٍّ وَخَزٍّ وَدِيبَاجٍ، وَالْمَهْدِيُّ قَاعِدٌ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِي دَارَ النَّدْوَةِ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَهِيَ تُطْلَى بِالْغَالِيَةِ وَحِينَ كُسِيَتْ. ثُمَّ لَمْ يُحَرَّكْ وَلَمْ يُخَفَّفْ عَنْهَا مِنْ كِسْوَتِهَا شَيْءٌ حَتَّى كَانَ سَنَةَ الْمِائَتَيْنِ، وَكَثُرَتِ الْكِسْوَةُ أَيْضًا عَلَيْهَا جِدًّا، فَجَرَّدَهَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الطَّالِبِيُّ فِي الْفِتْنَةِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَخَذَ مَكَّةَ لَيَالِيَ دَعَتِ الْمُبَيِّضَةُ
⦗ص: 264⦘
إِلَى أَنْفُسِهَا وَأَخَذُوا مَكَّةَ، فَجَرَّدَهَا حَتَّى لَمْ يُبْقِ عَلَيْهَا مِنْ كِسْوَتِهَا شَيْئًا. قَالَ جَدِّي: فَاسْتَدَرْتُ بِجَوَانِبِهَا وَهِيَ مُجَرَّدَةٌ، فَرَأَيْتُ جُدَّاتِ الْبَابِ الَّذِي كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جَعَلَهُ فِي ظَهْرِهَا، وَسَدَّهُ الْحَجَّاجُ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَأَيْتُ جُدَّاتِهِ وَعَتَبَهُ عَلَى حَالِهَا، وَعَدَدْتُ حِجَارَتَهُ الَّتِي سُدَّ بِهَا فَوَجَدْتُهَا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ حَجَرًا فِي تِسْعَةِ مَدَامِيكَ، فِي كُلِّ مِدْمَاكٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ، إِلَّا الْمِدْمَاكَ الْأَعْلَى، فَإِنَّ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحْجَارٍ، رَأَيْتُ الصِّلَةَ الَّتِي بَنَى الْحَجَّاجُ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ حِينَ هَدَمَ مَا زَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ تِلْكَ الصِّلَةَ بَيِّنَةً فِي الْجَدْرِ، وَهِيَ كَالْمُتَبَرِيَّةِ مِنَ الْجَدْرِ الْآخَرِ. قَالَ إِسْحَاقُ: وَرَأَيْتُ جُدُرَاتِهَا كَلَوْنِ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ حِينَ جُرِّدَتْ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأَحْسِبُهُ مِنْ تِلْكَ الْغَالِيَةِ. قَالَ: وَكَانَ تَجْرِيدُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ إِيَّاهَا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ السَّبْتِ سَنَةَ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ كَسَاهَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ كِسْوَتَيْنِ مِنْ قَزٍّ رَقِيقٍ، إِحْدَاهُمَا صَفْرَاءُ، وَالْأُخْرَى بَيْضَاءُ، مَكْتُوبٌ بَيْنَهُمَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ، أَمَرَ أَبُو السَّرَايَا الْأَصْفَرُ بْنُ الْأَصْفَرِ دَاعِيَةٌ إِلَى مُحَمَّدٍ بِعَمَلِ هَذِهِ الْكِسْوَةِ لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ " قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَابْتَدَأَتْ كِسْوَتُهَا مِنْ سَنَةِ الْمِائَتَيْنِ، وَعِدَّتُهَا إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ ثَوْبًا. قَالَ مُحَمَّدٌ الْخُزَاعِيُّ: وَأَنَا رَأَيْتُهَا وَقَدْ عُمِرَ الْجَدْرُ الَّذِي بَنَاهُ الْحَجَّاجُ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، فَانْفَتَحَ
⦗ص: 265⦘
مِنَ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِقْدَارُ نِصْفِ إِصْبَعٍ مِنْ وَجْهِهَا وَمِنْ دُبُرِهَا، وَقَدْ رُهِمَ بِالْجِصِّ الْأَبْيَضِ، وَقَدْ رَأَيْتُهَا حِينَ جُرِّدَتْ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، فَرَأَيْتُ جُدُرَاتِهَا كَلَوْنِ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ مِنْ تِلْكَ الْغَالِيَةِ