الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا جَاءَ فِي حَرِيقِ الْكَعْبَةِ وَمَا أَصَابَهَا مِنَ الرَّمْيِ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ بِالْمَنْجَنِيقِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَالْكَعْبَةُ مُحْرَقَةٌ، حِينَ أَدْبَرَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالْكَعْبَةُ تَتَنَاثَرُ حِجَارَتُهَا، فَوَقَفَ وَمَعَهُ نَاسٌ غَيْرُ قَلِيلٍ فَبَكَى، حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِهِ تَنْحَدِرُ كُحْلًا فِي عَيْنَيْهِ مِنْ إِثْمِدٍ، كَأَنَّهُ رُءُوسُ الذُّبَابِ عَلَى وَجْنَتَيْهِ، فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَكُمْ أَنَّكُمْ قَاتِلُو ابْنِ نَبِيِّكُمْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، وَمُحْرِقُو بَيْتِ رَبِّكُمْ لَقُلْتُمْ مَا مِنْ أَحَدٍ أَكْذَبُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَحْنُ نَقْتُلُ ابْنَ نَبِيِّنَا، وَنَحْرِقُ بَيْتَ رَبِّنَا؟ فَقَدْ وَاللَّهِ فَعَلْتُمْ، لَقَدْ قَتَلْتُمُ ابْنَ نَبِيِّكُمْ، وَحَرَقْتُمْ بَيْتَ اللَّهِ، فَانْتَظِرُوا النِّقْمَةَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ، لَيَلْبِسَنَّكُمُ اللَّهُ شِيَعًا، وَلَيُذِيقَنَّ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ» . يَقُولُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَا فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَفْهَمُ مَا يَقُولُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَفْهَمُ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ رَجْعَ صَوْتِهِ، فَقَالَ: «أَيْنَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
، وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ، لَوْ قَدْ أَلْبَسَكُمُ اللَّهُ شِيَعًا، وَأَذَاقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، لَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لِمَنْ عَلَيْهَا، لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ»
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ:" أَوَّلُ مَا تُكُلِّمَ فِي الْقَدَرِ حِينَ احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ، فَقَالَ رَجُلٌ: طَارَتْ شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَتْ ثِيَابُ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا قَدَّرَ اللَّهُ هَذَا "
حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الذِّمَارِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عُلَيْمٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: «لَتُحْرَقَنَّ هَذِهِ الْكَعْبَةُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الزُّبَيْرِ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَوْنٍ: مَتَى كَانَ احْتِرَاقُ الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: " يَوْمَ السَّبْتِ لِلَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنَا نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَجَاءَ نَعْيُهُ فِي هِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. قُلْتُ: وَمَا كَانَ سَبَبُ احْتِرَاقِهَا؟ قَالَ: جَاءَنَا مَوْتُ يَزِيدَ، تُوُفِّيَ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ يَوْمَئِذٍ عِنْدَنَا، وَكَانَ احْتِرَاقُهَا بَعْدَ الصَّاعِقَةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَهْلَ الشَّامِ بِعِشْرِينَ لَيْلَةً. قَالَ أَبُو عَوْنٍ: مَا كَانَ
احْتِرَاقُهَا إِلَّا مِنَّا، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَّا، وَهُوَ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي خَلِيفَةَ الْمَذْحِجِيُّ، كَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يُوقِدُونَ فِي خِصَاصٍ لَهُمْ حَوْلَ الْبَيْتِ، فَأَخَذَ نَارًا فِي زُجِّ رُمْحِهِ فِي النِّفْطِ، وَكَانَ يَوْمَ رِيحٍ، فَطَارَتْ مِنْهَا شَرَارَةٌ، فَاحْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ حَتَّى صَارَتْ إِلَى الْخَشَبِ، فَقُلْنَا لَهُمْ: هَذَا عَمَلُكُمْ، رَمَيْتُمْ بَيْتَ اللَّهِ عز وجل بِالنِّفْطِ وَالنَّارِ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ "
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي رَبَاحُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«كَانُوا يُوقِدُونَ فِي الْخِصَاصِ، فَأَقْبَلَتْ شَرَارَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ، فَاحْتَرَقَتْ ثِيَابُ الْكَعْبَةِ، وَاحْتَرَقَ الْخَشَبُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ:" قَدِمْتُ مَكَّةَ مَعَ أَبِي يَوْمَ احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ، فَرَأَيْتُ الْخَشَبَ قَدْ خَلَصَتْ إِلَيْهِ النَّارُ، وَرَأَيْتُهَا مُجَرَّدَةً مِنَ الْحَرِيقِ، وَرَأَيْتُ الرُّكْنَ قَدِ اسْوَدَّ، فَقُلْتُ: مَا أَصَابَ الْكَعْبَةَ؟ فَأَشَارُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالُوا: هَذَا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ فِي سَبَبِهِ، أَخَذَ نَارًا فِي رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ، فَطَارَتْ بِهِ الرِّيحُ، فَضَرَبَتْ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ
⦗ص: 199⦘
رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: " نَصَبْنَا الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَاعْتَنَقَتْهُ الرِّجَالُ، وَقَدْ أَلْجَأْنَا الْقَوْمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَبَنَوْا خِصَاصًا حَوْلَ الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَرِفَافًا مِنْ خَشَبٍ تُكِنُّهُمْ مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ، فَكُنْتُ أَرَاهُمْ إِذَا أَمْطَرْنَا عَلَيْهِمُ الْحِجَارَةَ يَكِنُّونَ تَحْتَ تِلْكَ الرِّفَافِ. قَالَ: فَوَهَنَ الرَّمْيُ بِحِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ الْكَعْبَةَ فَهِيَ تَنْقَضُّ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحِجَارَةَ تَصُكُّ وَجْهَ الْكَعْبَةِ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ حَتَّى تَخْرُقَهَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا كَأَنَّهَا جُيُوبُ النِّسَاءِ، وَتَرْتَجُّ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْحَجَرَ يَمُرُّ فَيَهْوِي الْآخَرُ عَلَى أَثَرِهِ، فَيَسْلُكُ طَرِيقَهُ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَاعِقَةً بَعْدَ الْعَصْرِ، فَاحْتَرَقَ الْمَنْجَنِيقُ، وَاحْتَرَقَ تَحْتَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَجَعَلْنَا نَقُولُ: قَدْ أَظَلَّهُمُ الْعَذَابُ، فَكُنَّا أَيَّامًا فِي رَاحَةٍ حَتَّى عَمِلُوا مَنْجَنِيقًا آخَرَ، فَنَصَبُوهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي عَصِيدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ اللَّيْثِيُّ، عَنْ مَوْلًى، لِابْنِ الْمُرْتَفِعِ، عَنِ ابْنِ الْمُرْتَفِعِ، قَالَ:«كُنَّا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْحِجْرِ، فَأَوَّلُ حَجَرٍ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ وَقَعَ فِي الْكَعْبَةِ، فَسَمِعْنَا لَهَا أَنِينًا كَأَنِينِ الْمَرِيضِ آهِ آهِ»
حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَجُوزٌ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَتْ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي
⦗ص: 200⦘
عَنِ احْتِرَاقِ الْكَعْبَةِ كَيْفَ كَانَ؟ قَالَتْ: كَانَ الْمَسْجِدُ فِيهِ خِيَامٌ كَثِيرَةٌ، فَطَارَتِ النَّارُ مِنْ خَيْمَةٍ مِنْهَا فَاحْتَرَقَتِ الْخِيَامُ، وَالْتَهَبَ الْمَسْجِدُ، حَتَّى تَعَلَّقَتِ النَّارُ بِالْبَيْتِ فَاحْتَرَقَ " قَالَ عُثْمَانُ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، أَحْرَقَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى بَابِ بَنِي جُمَحَ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ خِيَامٌ وَفَسَاطِيطُ، فَمَشَى الْحَرِيقُ حَتَّى أَخَذَ فِي الْبَيْتِ، فَظَنَّ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا أَنَّهُمْ هَالِكُونَ، فَضَعُفَ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ، حَتَّى إِنَّ الطَّيْرَ لَيَقَعُ عَلَيْهِ فَتَتَنَاثَرُ حِجَارَتُهُ "