الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسِيرُ تُبَّعٍ إِلَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:" سَارَ تُبَّعٌ الْأَوَّلُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَأَرَادَ هَدْمَهَا وَتَخْرِيبَهَا، وَخُزَاعَةُ يَوْمَئِذٍ تَلِي الْبَيْتَ وَأَمْرَ مَكَّةَ، فَقَامَتْ خُزَاعَةُ دُونَهُ، وَقَاتَلَتْ عَنْهُ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى رَجَعَ، ثُمَّ تُبَّعٌ آخَرُ فَكَذَلِكَ. وَأَمَّا التَّبَابِعَةُ الَّذِينَ أَرَادُوا هَدْمَ الْكَعْبَةِ وَتَخْرِيبَهَا ثَلَاثَةٌ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ يَسِيرُ فِي الْبِلَادِ، فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ عَظَّمَ الْحَرَمَ وَالْبَيْتَ، وَأَمَّا التُّبَّعُ الثَّالِثُ الَّذِي أَرَادَ هَدْمَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ زَمَانِ قُرَيْشٍ. قَالَ: وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِ وَمَسِيرِهِ إِلَيْهِ؛ أَنَّ قَوْمًا مِنْ هُذَيْلٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ جَاءُوهُ، فَقَالُوا: إِنَّ بِمَكَّةَ بَيْتًا تُعَظِّمُهُ الْعَرَبُ جَمِيعًا، وَتَفِدُ إِلَيْهِ، وَتَنْحَرُ عِنْدَهُ، وَتَحُجُّهُ وَتَعْتَمِرُهُ، وَإِنَّ قُرَيْشًا تَلِيهِ، فَقَدْ حَازَتْ شَرَفَهُ وَذِكْرَهُ، وَأَنْتَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَيْتُ وَشَرَفُهُ وَذِكْرُهُ لَكَ، فَلَوْ سِرْتَ إِلَيْهِ وَخَرَّبْتَهُ، وَبَنَيْتَ عِنْدَكَ بَيْتًا، ثُمَّ صَرَفْتَ حَاجَّ الْعَرَبِ إِلَيْهِ، كُنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ: فَأَجْمَعَ الْمَسِيرَ إِلَيْهِ "
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْمَدِينِيِّ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ تُبَّعٌ بِالدُّفِّ مِنْ جُمْدَانَ بَيْنَ أَمَجَ وَعُسْفَانَ، دَفَّتْ بِهِمْ دَوَابُّهُمْ
، وَأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ عَلَيْهِمْ، فَدَعَا أَحْبَارًا كَانُوا مَعَهَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هَلْ هَمَمْتَ لِهَذَا الْبَيْتِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَهْدِمَهُ قَالُوا: فَانْوِ لَهُ خَيْرًا أَنْ تَكْسُوَهُ، وَتَنْحَرَ عِنْدَهُ فَفَعَلَ، فَانْجَلَتْ عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الدُّفَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالدُّفِّ مِنْ جُمْدَانَ بَيْنَ أَمَجَ وَعُسْفَانَ دَفَّتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، وَغَشِيَتْهُمْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ وَرِيحٌ، فَدَعَا أَحْبَارًا كَانُوا مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هَلْ هَمَمْتَ لِهَذَا الْبَيْتِ بِسُوءٍ؟ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ لَهُ الْهُذَلِيُّونَ، وَبِمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ، فَقَالَتِ الْأَحْبَارُ: وَاللَّهِ مَا أَرَادُوا إِلَّا هَلَاكَكَ وَهَلَاكَ قَوْمِكَ، إِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، وَلَمْ يُرِدْهُ أَحَدٌ قَطُّ بِسُوءٍ إِلَّا هَلَكَ. قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالُوا: تَنْوِي لَهُ خَيْرًا أَنْ تُعَظِّمَهُ وَتَكْسُوَهُ، وَتَنْحَرَ عِنْدَهُ، وَتُحْسِنَ إِلَى أَهْلِهِ. فَفَعَلَ، فَانْجَلَتْ عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ، وَسَكَنَتِ الرِّيحُ، وَانْطَلَقَتْ بِهِمْ رِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ، فَأَمَرَ تُبَّعٌ بِالْهُذَلِيِّينَ، فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ وَصَلَبَهُمْ وَإِنَّمَا كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ حَسَدًا لِقُرَيْشٍ عَلَى وِلَايَتِهِمُ الْبَيْتَ. ثُمَّ سَارَ تُبَّعٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَكَانَتْ سِلَاحَهُ بِقُعَيْقِعَانَ، فَيُقَالُ: فَبِذَلِكَ سُمِّيَ قُعَيْقِعَانَ، وَكَانَتْ خَيْلُهُ بِأَجْيَادٍ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ أَجْيَادٌ أَجْيَادًا بِجِيَادِ خَيْلِ تُبَّعٍ، وَكَانَتْ مَطَابِخُهُ فِي الشِّعْبِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ شِعْبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ؛ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ الشِّعْبُ الْمَطَابِخَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ أَيَّامًا، يَنْحَرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ، لَا يَرْزَأُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ فِي عَسْكَرِهِ مِنْهَا شَيْئًا، يَرِدُهَا النَّاسُ فَيَأْخُذُونَ مِنْهَا حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ تَقَعُ الطَّيْرُ فَتَأْكُلُ، ثُمَّ تَنْتَابُهَا السِّبَاعُ إِذَا أَمْسَتْ، لَا يُصَدُّ عَنْهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِنْسَانٌ وَلَا طَائِرٌ وَلَا