الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتنقله إِلَى ان ظهر صلى الله عليه وسلم وَغَيره من أهل الْكَرَامَة قد تكون افاضة الله تَعَالَى تِلْكَ الْكَرَامَة عَلَيْهِ بعد وجوده بِمدَّة كَمَا يَشَاء سُبْحَانَهُ وَلَا شكّ ان كل مَا يَقع فَالله عَالم بِهِ من الازل وَنحن نعلم علمه بذلك بالادلة الْعَقْلِيَّة والشرعية وَيعلم النَّاس مِنْهَا مَا يصل اليهم عِنْد ظُهُوره كعلمهم نبوة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن فِي أول مَا جَاءَهُ جِبْرِيل وَهُوَ فعل من افعاله تَعَالَى من جملَة معلوماته وَمن آثَار قدرته وإرادته واختياره فِي مَحل خَاص يَتَّصِف بهَا فهاتان مرتبتان الأولى مَعْلُومَة بالبرهان وَالثَّانيَِة ظَاهِرَة للعيان وَبَين المرتبتين وسائط من أَفعاله تَعَالَى تحدث على حسب اخْتِيَاره مِنْهَا مَا يظْهر لَهُم بعد ذَلِك وَمِنْهَا مَا يحصل لَهُ كَمَال لذَلِك الْمحل وان لم يظْهر لأحد من المخلوقين وَذَلِكَ يَنْقَسِم إِلَى كَمَال يقارن ذَلِك الْمحل من حِين خلقه وَإِلَى كَمَا يحصل لَهُ بعد ذَلِك وَلَا يصل علم ذَلِك الينا إِلَّا بالْخبر الصَّادِق وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خير الْخلق فَلَا كَمَا لمخلوق اعظم من كَمَاله وَلَا مَحل أشرف من مَحَله فَعرفنَا بالْخبر الصَّحِيح حُصُول ذَلِك الْكَمَال من قبل خلق آدم لنبينا صلى الله عليه وسلم من ربه سُبْحَانَهُ وانه أعطَاهُ النُّبُوَّة من ذَلِك الْوَقْت ثمَّ اخذ لَهُ المواثيق على الانبياء ليعلموا انه الْمُقدم عَلَيْهِم وانه نَبِيّهم ورسولهم وَفِي اخذ المواثيق وَهِي فِي معنى الِاسْتِخْلَاف وَلذَلِك دخلت لَام الْقسم فِي {لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه} الْآيَة
لَطِيفَة أُخْرَى فِي أَن اخذ الْمِيثَاق من النَّبِيين لنبينا صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِم كَإِيمَانِ الْبيعَة الَّتِي تُؤْخَذ للخلفاء
وَهِي كَأَنَّهَا إِيمَان الْبيعَة الَّتِي تُؤْخَذ للخلفاء وَلَعَلَّ ايمان الْخُلَفَاء اخذت من هُنَا فَانْظُر هَذَا التَّعْظِيم الْعَظِيم للنَّبِي صلى الله عليه وسلم من ربه سبحانه وتعالى فاذا عرفت ذَلِك فالنبي صلى الله عليه وسلم هُوَ نَبِي الْأَنْبِيَاء وَلِهَذَا ظهر ذَلِك فِي الْآخِرَة جَمِيع الْأَنْبِيَاء تَحت لوائه وَفِي الدُّنْيَا كَذَلِك لَيْلَة الاسراء صلى بهم
وَلَو اتّفق مَجِيئه فِي زمن آدم ونوح وابراهيم ومُوسَى وَعِيسَى وَجب عَلَيْهِم وعَلى أممهم
الْإِيمَان بِهِ ونصرته وَبِذَلِك أَخذ الله الْمِيثَاق عَلَيْهِم فنبوته عَلَيْهِم ورسالته اليهم مغنى حَاصِل لَهُ وَإِنَّمَا امْرَهْ يتَوَقَّف على اجْتِمَاعهم مَعَه فَتَأَخر ذَلِك الامر رَاجع إِلَى وجودهم لَا إِلَى عدم اتصافهم بِمَا يَقْتَضِيهِ وَفرق بَين توقف الْفِعْل على قبُول الْمحل وتوقفه على اهلية الْفَاعِل فَهُنَا لَا توقف من جِهَة الْفَاعِل وَلَا من جِهَة ذَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم الشَّرِيفَة وَإِنَّمَا هُوَ من جِهَة وجود الْعَصْر الْمُشْتَمل عَلَيْهِ فَلَو وجد فِي عصرهم لَزِمَهُم اتِّبَاعه بِلَا شكّ وَلِهَذَا يَأْتِي عِيسَى فِي آخر الزَّمَان على شَرِيعَته وَهُوَ نَبِي كريم على حَاله لَا كَمَا يظنّ بعض النَّاس أَنه يَأْتِي وَاحِدًا من هَذِه الامة نعم هُوَ وَاحِد من هَذِه الامة لما قُلْنَاهُ من اتِّبَاعه للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا يحكم بشريعة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة وكل مَا فيهمَا من أَمر أَو نهي فَهُوَ مُتَعَلق بِهِ كَمَا يتَعَلَّق بِسَائِر الْأمة وَهُوَ نَبِي كريم على حَاله لم ينقص مِنْهُ شَيْء وَكَذَلِكَ لَو بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي زَمَانه أَو فِي زمَان مُوسَى وابراهيم ونوح وآدَم كَانُوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إِلَى أممهم وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَبِي عَلَيْهِم وَرَسُول إِلَى جَمِيعهم فنبوته ورسالته أَعم وأشمل وَأعظم ومتفق مَعَ شرائعهم فِي الْأُصُول لِأَنَّهَا لَا تخْتَلف
وَتقدم شَرِيعَته صلى الله عليه وسلم فِيمَا عساه يَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ من الْفُرُوع إِمَّا على سَبِيل التَّخْصِيص وَإِمَّا على سَبِيل النّسخ أَو لَا نسخ وَلَا تَخْصِيص بل تكون شَرِيعَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْأَوْقَات بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُولَئِكَ الْأُمَم مَا جَاءَت بِهِ انبياؤهم وَفِي هَذَا الْوَقْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِه الْأمة هَذِه الشَّرِيعَة والاحكام تخْتَلف باخْتلَاف الاشخاص والأوقات وَبِهَذَا بَان لنا معنى حديثين كَانَا خفِيا عَنَّا
أَحدهمَا قَوْله صلى الله عليه وسلم بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة كُنَّا نظن انه من زَمَانه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَبَان انه جَمِيع النَّاس أَوَّلهمْ وَآخرهمْ
وَالثَّانِي قَوْله صلى الله عليه وسلم كنت نَبيا وآدَم بَين الرّوح والجسد كُنَّا نظن أَنه بِالْعلمِ فَبَان أَنه زَائِد على ذَلِك مَا شرحناه وَإِنَّمَا يفْتَرق الْحَال بَين مَا بعد وجود جسده صلى الله عليه وسلم وبلوغه الْأَرْبَعين وَمَا قبل ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَبْعُوث إِلَيْهِم وتأهلهم لسَمَاع كَلَامه لَا بِالنِّسْبَةِ اليه وَلَا اليهم لَو تأهلوا قبل ذَلِك وَتَعْلِيق الْأَحْكَام على الشُّرُوط قد يكون
بِحَسب الْمحل الْقَابِل وَقد يكون بِحَسب الْفَاعِل الْمُتَصَرف فَهُنَا التَّعْلِيق إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْمحل الْقَابِل وَهُوَ الْمَبْعُوث اليهم وقبولهم سَماع الْخطاب والجسد الشريف الَّذِي يخاطبهم بِلِسَانِهِ وَهَذَا كَمَا يُوكل الْأَب رجلا فِي تَزْوِيج ابْنَته اذا وجدت كفوا فالتوكيل صَحِيح وَذَلِكَ الرجل أهل للوكالة ووكالته ثَابِتَة وَقد يحصل توقف التَّصَرُّف على وجود كفو وَلَا يُوجد إِلَّا بعد مُدَّة وَذَلِكَ لَا يقْدَح فِي صِحَة الْوكَالَة واهلية الْوَكِيل انْتهى كَلَام السُّبْكِيّ بِلَفْظِهِ وَالله اعْلَم
بَاب خصوصيته صلى الله عليه وسلم بِكِتَابَة اسْمه الشريف مَعَ اسْم الله تَعَالَى على الْعَرْش وَسَائِر مَا فِي الملكوت
اخْرُج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما اقْتَرَف آدم الْخَطِيئَة قَالَ يَا رب بِحَق مُحَمَّد لما غفرت لي قَالَ وَكَيف عرفت مُحَمَّدًا قَالَ لِأَنَّك لما خلقتني بِيَدِك ونفخت فِي من روحك رفعت رَأْسِي فَرَأَيْت على قَوَائِم الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فَعلمت انك لم تضف إِلَى اسْمك إِلَّا احب الْخلق إِلَيْك قَالَ صدقت يَا آدم وَلَوْلَا مُحَمَّد مَا خلقتك
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الاحبار قَالَ ان الله انْزِلْ على آدم عصيا بِعَدَد الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ ثمَّ اقبل على ابْنه شِيث فَقَالَ أَي بني انت خليفتي من بعدِي فَخذهَا بعمارة التَّقْوَى والعروة الوثقى فَكلما ذكرت الله فاذكر الى جنبه اسْم مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي رَأَيْت اسْمه مَكْتُوبًا على سَاق الْعَرْش وَأَنا بَين الرّوح والطين ثمَّ إِنِّي طفت السَّمَوَات فَلم أر فِي السَّمَوَات موضعا إِلَّا رَأَيْت اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَأَن رَبِّي اسكنني الْجنَّة فَلم ار فِي الْجنَّة قصرا وَلَا غرفَة إِلَّا اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَلَقَد رَأَيْت اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا على نحور الْحور الْعين وعَلى ورق قصب آجام الْجنَّة وعَلى ورق شَجَرَة
طُوبَى وعَلى ورق سِدْرَة الْمُنْتَهى وعَلى أَطْرَاف الْحجب وَبَين اعين الْمَلَائِكَة فَأكْثر ذكره فان الْمَلَائِكَة تذكره فِي كل ساعاتها
واخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن انس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بِي رَأَيْت على سَاق الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أيدته بعلي
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة أسرِي بِي رَأَيْت على الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق عُثْمَان ذُو النورين
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر وَالْحسن بن عَرَفَة فِي جزئه الْمَشْهُور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة أسرِي بِي عرج بِي الى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله وَأَبُو بكر الصّديق خَلْفي
واخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بِي إِلَى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله
واخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي فِي الْعَرْش فرندة خضرَة فِيهَا مَكْتُوب بِنور أَبيض لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله ابو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكْتُوب على بَاب الْجنَّة لَا اله إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
واخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا فِي الْجنَّة شَجَرَة عَلَيْهَا ورقة إِلَّا مَكْتُوب عَلَيْهَا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أوحى الله إِلَى عِيسَى آمن بِمُحَمد وَمر من أدْركهُ من أمتك ان يُؤمنُوا بِهِ فلولا مُحَمَّد مَا خلقت آدم وَلَا الْجنَّة وَلَا النَّار وَلَقَد خلقت الْعَرْش على المَاء فاضطرب فَكتبت عَلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فسكن قَالَ الذَّهَبِيّ فِي سَنَده عَمْرو بن أَوْس لَا يدْرِي من هُوَ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ بَين كَتِفي آدم مَكْتُوب مُحَمَّد رَسُول الله خَاتم النَّبِيين
بَاب
أخرج الْبَزَّار عَن أبي ذَر رَفعه أَن الْكَنْز الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه لوح من ذهب مصمت فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبت لمن أَيقَن بِالْقدرِ كَيفَ ينصب عجبت مِمَّن ذكر النَّار ثمَّ يضْحك عجبت مِمَّن ذكر الْمَوْت ثمَّ غفل لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَورد مثله عَن عمر وَعلي أخرجهُمَا الْبَيْهَقِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس أخرجه الخرائطي فِي كتاب قمع الْحِرْص
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ فص خَاتم سُلَيْمَان بن دَاوُد سماويا ألقِي اليه فَوَضعه فِي خَاتمه وَكَانَ نقشه أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا مُحَمَّد عَبدِي ورسولي
واخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَابْن عدي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ نقش خَاتم سُلَيْمَان بن دَاوُد لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
واخرج ابْن عَسَاكِر وَابْن النجار فِي تاريخيهما عَن أبي الْحسن عَليّ بن عبد الله الْهَاشِمِي الرقي قَالَ دخلت بِلَاد الْهِنْد فَرَأَيْت فِي بعض قراها شَجَرَة ورد أسود ينفتح عَن وردة كَبِيرَة طيبَة الرَّائِحَة سَوْدَاء عَلَيْهَا مَكْتُوب بِخَط أَبيض لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق فشككت فِي ذَلِك وَقلت انه مَعْمُول فعمدت
إِلَى حَبَّة لم تفتح ففتحتها فَرَأَيْت فِيهَا كَمَا رَأَيْت فِي سَائِر الْورْد وَفِي الْبَلَد مِنْهُ شَيْء كثير وَأهل تِلْكَ الْقرْيَة يعْبدُونَ الْحِجَارَة لَا يعْرفُونَ الله عز وجل
بَاب ذكره فِي الآذان فِي عهد آدم وَفِي الملكوت الْأَعْلَى
أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نزل آدم بِالْهِنْدِ واستوحش فَنزل جبرئيل عليه السلام فَنَادَى بالاذان الله اكبر الله اكبر أشهد أَن لَا اله إِلَّا الله مرَّتَيْنِ أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله مرَّتَيْنِ قَالَ آدم من مُحَمَّد قَالَ آخر ولدك من الْأَنْبِيَاء
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ قَالَ لما اراد الله ان يعلم رَسُوله الآذان أَتَاهُ جبرئيل عليه السلام بِدَابَّة يُقَال لَهَا الْبراق فَذهب يركبهَا فاستصعبت فَقَالَ لَهَا جبرئيل اسكني فوَاللَّه مَا ركبك عبد اكرم على الله من مُحَمَّد فركبها حَتَّى انْتهى إِلَى الْحجاب الَّذِي يَلِي الرَّحْمَن فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ خرج ملك من الْحجاب فَقَالَ الْملك الله اكبر الله اكبر فَقيل لَهُ من وَرَاء الْحجاب صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَقَالَ الْملك وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب صدق عَبدِي انا أرْسلت مُحَمَّدًا قَالَ الْملك حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة ثمَّ قَالَ الله اكبر الله اكبر فَقيل من وَرَاء الْحجاب صدق عَبدِي أَنا اكبر انا أكبر ثمَّ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا أَنا ثمَّ اخذ الْملك بيد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فقدمه فَأَما اهل السَّمَوَات فيهم آدم ونوح فَيَوْمئِذٍ أكمل الله لمُحَمد الشّرف على اهل السَّمَوَات وَالْأَرْض
بَاب خصوصيته بِأخذ الْمِيثَاق على النَّبِيين أَن يُؤمنُوا بِهِ
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ لم يبْعَث نَبِي قطّ من لدن نوح إِلَّا أَخذ الله ميثاقه ليُؤْمِنن بِمُحَمد ولينصرنه إِن خرج وَهُوَ حَيّ وَإِلَّا أَخذ على قومه أَن يُؤمنُوا بِهِ وينصروه إِن خرج وهم أَحيَاء
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لم يزل الله تَعَالَى يتَقَدَّم فِي النَّبِي إِلَى آدم فَمن بعده وَلم تزل الْأُمَم تتباشر بِهِ وتستفتح بِهِ حَتَّى أخرجه الله فِي خير أمة وَفِي خير قرن وَفِي خير أَصْحَاب وَفِي خير بلد فَأَقَامَ بِهِ مَا شَاءَ الله وَهُوَ حرم إِبْرَاهِيم ثمَّ أخرجه إِلَى طيبَة وَهِي حرم مُحَمَّد فَكَانَ مبعثه من حرم وَمُهَاجره إِلَى حرم
بَاب دُعَاء ابراهيم عليه السلام بِهِ
أخرج ابْن جرير فِي تَفْسِيره عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ لما قَالَ ابراهيم عليه السلام {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} الْآيَة قيل لَهُ قد اسْتُجِيبَ لَك وَهُوَ كَائِن فِي آخر الزَّمَان
وَأخرج احْمَد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى عليهما السلام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ قيل يَا رَسُول الله أخبرنَا عَن
نَفسك قَالَ نعم انا دَعْوَة أبي ابراهيم وَكَانَ آخر من بشر بِي عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام
واخرج ابْن سعد من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم قَالَ وَهُوَ يرفع الْقَوَاعِد من الْبَيْت {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} حَتَّى أتم الله
بَاب اعلام الله بِهِ ابراهيم عليه السلام وَآله
أخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أَمر إِبْرَاهِيم بِإِخْرَاج هَاجر حمل على الْبراق فَكَانَ لَا يمر بِأَرْض عذبة سهلة إِلَّا قَالَ انْزِلْ هَا هُنَا يَا جبرئيل فَيَقُول لَا حَتَّى أَتَى مَكَّة فَقَالَ جبرئيل انْزِلْ يَا ابراهيم قَالَ حَيْثُ لَا ضرع وَلَا زرع قَالَ نعم هَا هُنَا يخرج النَّبِي الْأُمِّي من ذُرِّيَّة ابْنك الَّذِي تتمّ بِهِ الْكَلِمَة الْعليا
وَأخرج عَن الشّعبِيّ قَالَ فِي مجلة ابراهيم عليه السلام أَنه كَائِن من ولدك شعوب وشعوب حَتَّى يَأْتِي النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي يكون خَاتم الْأَنْبِيَاء
وَأخرج عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ لما خرجت هَاجر بابنها اسماعيل تلقاها متلق فَقَالَ يَا هَاجر إِن ابْنك أَبُو شعوب كَثِيرَة وَمن شعبه النَّبِي الْأُمِّي سَاكن الْحرم
وَأخرج عَنهُ أَيْضا قَالَ أوحى الله إِلَى يَعْقُوب أَنِّي أبْعث من ذريتك ملوكا وأنبياء حَتَّى ابْعَثْ النَّبِي الحرمي الَّذِي تبني أمته هيكل بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ خَاتم الْأَنْبِيَاء واسْمه أَحْمد
بَاب إِعْلَام الله بِهِ مُوسَى عليه السلام
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لما بلغ ولد معد بن عدنان أَرْبَعِينَ رجلا وَقَعُوا فِي عَسْكَر مُوسَى فانتبهوه فَدَعَا عَلَيْهِم مُوسَى فَأوحى الله إِلَيْهِ لَا تدع عَلَيْهِم فَإِن مِنْهُم النَّبِي الْأُمِّي النذير البشير وَمِنْهُم الْأمة المرحومة أمة مُحَمَّد الَّذين يرضون من الله باليسير من الرزق ويرضى الله مِنْهُم بِالْقَلِيلِ من الْعَمَل فيدخلهم الْجنَّة بقول لَا إِلَه إِلَّا الله نَبِيّهم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب المتواضع فِي هَيئته الْمُجْتَمع لَهُ اللب فِي سُكُوته ينْطق بالحكمة وَيسْتَعْمل الْحلم
أخرجته من خير جيل من أمة قُرَيْش ثمَّ أخرجته صفوة من قُرَيْش فَهُوَ خير من خير إِلَى خير هُوَ وَأمته إِلَى خير يصيرون
بَاب ذكره فِي التَّوْرَاة والانجيل وَسَائِر كتب الله الْمنزلَة
قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل} وَقَالَ تَعَالَى مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم تراهم سجدا يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطاه الْآيَة
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ لقِيت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قلت أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أجل وَالله إِنَّه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} وحرزا للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا
صخاب فِي الاسواق وَلَا يحزي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء بِأَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَيفتح بِهِ أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق من طَرِيق مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عبد الله بن سَلام عَن جده عبد الله بن سَلام أَنه لما سمع بمخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة خرج فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم انت ابْن سَلام عَالم اهل يثرب قَالَ نعم قَالَ ناشدتك بِاللَّه الَّذِي انْزِلْ التَّوْرَاة على مُوسَى هَل تَجِد صِفَتي فِي كتاب الله قَالَ انسب رَبك يَا مُحَمَّد فارتج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ جبرئيل {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} فَقَالَ ابْن سَلام أشهد أَنَّك رَسُول الله وان الله مظهرك ومظهر دينك على الاديان وَإِنِّي لأجد صِفَتك فِي كتاب الله يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يَسْتَقِيم بِهِ الْملَّة المعوجة حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَيفتح بِهِ أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا
ثمَّ اخْرُج من طَرِيق زيد بن اسْلَمْ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة إِنَّا ارسلناك شَاهدا وَمُبشرا فَذكره إِلَى آخِره
واخرج الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن ابْن سَلام مثله
واخرج الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ فِي السطر الاول مُحَمَّد رَسُول الله عَبدِي الْمُخْتَار لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَيغْفر مولده بِمَكَّة وهجرته بِطيبَة وَملكه بِالشَّام وَفِي السطر الثَّانِي مُحَمَّد رَسُول الله أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء يحْمَدُونَ
الله فِي كل منزل ويكبرونه على كل شرف رُعَاة الشَّمْس يصلونَ الصَّلَاة إِذا جَاءَ وَقتهَا وَلَو كَانُوا على رَأس كناسَة ويأتزرون على اوساطهم ويوضئون اطرافهم وأصواتهم بِاللَّيْلِ فِي جو السَّمَاء كأصوات النَّحْل
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي فَرْوَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَ كَعْب الاحبار كَيفَ تَجِد نعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة فَقَالَ كَعْب نجده مُحَمَّد ابْن عبد الله يُولد بِمَكَّة ويهاجر الى طابة وَيكون ملكه بِالشَّام وَلَيْسَ بفحاش وَلَا بصخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يُكَافِئ بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي كل سراء وَيُكَبِّرُونَ الله على كل نجد يوضئون أَطْرَافهم ويأتزرون فِي أوساطهم ويصفون فِي صلَاتهم كَمَا يصفونَ فِي قِتَالهمْ دويهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل يسمع مناديهم فِي جو السَّمَاء
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صِفَتي أَحْمد المتَوَكل مولده مَكَّة وَمُهَاجره إِلَى طيبَة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ يَجْزِي بِالْحَسَنَة الْحَسَنَة وَلَا يُكَافِئ بِالسَّيِّئَةِ أمته الْحَمَّادُونَ ويأتزرون على انصافهم ويوضئون أطرفهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يصفونَ للصَّلَاة كَمَا يصفونَ لِلْقِتَالِ قُرْبَانهمْ الَّذِي يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَيّ دِمَاؤُهُمْ رُهْبَان بِاللَّيْلِ لُيُوث بِالنَّهَارِ
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عَائِشَة قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَكْتُوب فِي الانجيل لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الاسواق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أم الدَّرْدَاء امْرَأَة أبي الدَّرْدَاء قَالَت قلت لكعب كَيفَ تَجِدُونَ صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة قَالَ كُنَّا نجده مَوْصُوفا فِيهَا مُحَمَّد رَسُول الله اسْمه المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الاسواق وَأعْطِي المفاتيح ليبصر الله بِهِ أعينا عورا وَيسمع بِهِ آذَانا صمًّا وَيُقِيم بِهِ السّنة معوجة حَتَّى
يشْهدُوا ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ يعين الْمَظْلُوم ويمنعه من ان يستضعف
وَأخرج ابو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان مُوسَى لما نزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَقرأَهَا فَوجدَ فِيهَا ذكر هَذِه الْأمة قَالَ يَا رب إِنِّي اجد فِي الألواح أمة هم الْآخرُونَ السَّابِقُونَ فأجعلها امتي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح امة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلها امتي قَالَ تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يقرؤنه ظَاهرا فاجعلها امتي قَالَ تِلْكَ امة احْمَد قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح امة يَأْكُلُون الْفَيْء فاجعلها امتي قَالَ تِلْكَ امة أَحْمد قَالَ يَا رب إِنِّي اجد فِي الالواح امة يجْعَلُونَ الصَّدَقَة فِي بطونهم يؤجرون عَلَيْهَا فاجعلها امتي قَالَ تِلْكَ امة أَحْمد قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَاحِدَة وَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر حَسَنَات فاجعلها أمتِي قَالَ تِلْكَ أمة احْمَد قَالَ يَا رب إِنِّي اجد فِي الألواح امة إِذا هم أحدهم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب وَإِن عَملهَا كتبت عَلَيْهِ سَيِّئَة وَاحِدَة فاجعلها أمتِي قَالَ تِلْكَ امة أَحْمد قَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح امة يُؤْتونَ الْعلم الأول وَالْعلم الآخر فيقتلون قُرُون الضَّلَالَة والمسيح الدَّجَّال فاجعلها أمتِي قَالَ تِلْكَ امة احْمَد قَالَ يَا رب فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد فَأعْطِي عِنْد ذَلِك خَصْلَتَيْنِ فَقَالَ {يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي فَخذ مَا آتيتك وَكن من الشَّاكِرِينَ} قَالَ قدر رضيت يَا رب
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي ان كَعْب الْأَحْبَار رأى حبر الْيَهُود يبكي فَقَالَ لَهُ مَا يبكيك قَالَ ذكرت بعض الْأَمر فَقَالَ لَهُ كَعْب أنْشدك بِاللَّه لَئِن أَخْبَرتك مَا أبكاك لتصدقني قَالَ نعم قَالَ انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ رب إِنِّي أجد أمة فِي التَّوْرَاة خير أمة اخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِالْكتاب الاول وَالْكتاب الآخر
ويقاتلون اهل الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الاعور الدَّجَّال فَقَالَ مُوسَى رب اجعلهم أمتِي قَالَ هم امة أَحْمد قَالَ الحبر نعم
قَالَ كَعْب فأنشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ يَا رب إِنِّي أجد امة هم الْحَمَّادُونَ رُعَاة الشَّمْس المحكمون إِذا أَرَادوا أمرا قَالُوا نفعله إِن شَاءَ الله فاجعلهم أمتِي قَالَ هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر نعم
قَالَ كَعْب انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل ان مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ يَا رب إِنِّي اجد امة إِذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وَإِذا هَبَط وَاديا حمد الله الصَّعِيد لَهُم طهُور والارض لَهُم مَسْجِد حَيْثُ مَا كَانُوا يتطهرون من الْجَنَابَة طهورهم بالصعيد كطهورهم بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَجدونَ المَاء غر محجلون من آثَار الْوضُوء فاجعلهم أمتِي قَالَ هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر نعم
قَالَ كَعْب انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل ان مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ رب إِنِّي أجد أمة مَرْحُومَة ضعفاء يَرِثُونَ الْكتاب واصطفيتهم فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات وَلَا أجد أحدا مِنْهُم الا مرحوما فاجعلهم أمتِي قَالَ هم امة احْمَد قَالَ الحبر نعم
قَالَ كَعْب انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل ان مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة امة مصاحفهم فِي صُدُورهمْ يلبسُونَ ألوان ثِيَاب اهل الْجنَّة يصفونَ فِي صلَاتهم كَصُفُوف الْمَلَائِكَة أَصْوَاتهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل لَا يدْخل النَّار مِنْهُم أحد إِلَّا بَرِيء من الْحَسَنَات مثل مَا برِئ الْحجر من ورق الشّجر فاجعلهم امتي قَالَ هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر نعم
فَلَمَّا عجب مُوسَى من الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله مُحَمَّدًا وَأمته قَالَ يَا لَيْتَني من أمة أَحْمد فَأوحى الله اليه ثَلَاث آيَات يرضيه بِهن {يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي} الْآيَة فَرضِي مُوسَى كل الرِّضَا
وَأخرج ابو نعيم عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ لكعب الاحبار أَخْبرنِي عَن صفة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأمته قَالَ اجدهم فِي كتاب الله أَن أَحْمد وَأمته حمادون يحْمَدُونَ الله على كل خير وَشر يكبرُونَ الله على كل شرف ويسبحون الله فِي كل منزل نداؤهم فِي جو السَّمَاء لَهُم دوِي فِي صلَاتهم كَدَوِيِّ النَّحْل على الصخر يصفونَ فِي الصَّلَاة كَصُفُوف الْمَلَائِكَة ويصفون فِي الْقِتَال كصفوفهم فِي الصَّلَاة إِذا غزوا فِي سَبِيل الله كَانَت الْمَلَائِكَة بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم برماح شَدَّاد إِذا حَضَرُوا الصَّفّ فِي سَبِيل الله كَانَ عَلَيْهِم مظلا وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَمَا تظل النسور على وكورها لَا يتأخرون زحفا أبدا حَتَّى يحضرهم جبرئيل عليه السلام
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن انس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اوحى الله الى مُوسَى نَبِي بني اسرائيل انه من لَقِيَنِي وَهُوَ جَاحد بِأَحْمَد ادخلته النَّار قَالَ يَا رب وَمن أَحْمد قَالَ مَا خلقت خلقا اكرم عَليّ مِنْهُ كتبت اسْمه مَعَ اسْمِي فِي الْعَرْش قبل أَن أخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض إِن الْجنَّة مُحرمَة على جَمِيع خلقي حَتَّى يدخلهَا هُوَ وَأمته قَالَ وَمن أمته قَالَ الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ صعُودًا وهبوطا وعَلى كل حَال يشدون أوساطهم ويطهرون اطرافهم صائمون بِالنَّهَارِ رُهْبَان بِاللَّيْلِ اقبل مِنْهُم الْيَسِير وأدخلهم الْجنَّة بِشَهَادَة ان لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ اجْعَلنِي نَبِي تِلْكَ الْأمة قَالَ نبيها مِنْهَا قَالَ اجْعَلنِي من أمة ذَلِك النَّبِي قَالَ استقدمت واستأخر وَلَكِن سأجمع بَيْنك وَبَينه فِي دَار الْجلَال
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ اوحى الله إِلَى اشعياء اني باعث نَبيا أُمِّيا افْتَحْ بِهِ آذَانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا وَأَعْيُنًا عميا مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة وَملكه بِالشَّام عَبدِي المتَوَكل الْمُصْطَفى الْمَرْفُوع الحبيب المتحبب الْمُخْتَار لَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَيغْفر رحِيما بِالْمُؤْمِنِينَ يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي للْيَتِيم فِي حجر الأرملة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الاسواق وَلَا متزين بالفحش وَلَا قَوَّال بالخنا لَو يمر إِلَى جنب السراج لم يطفه من سكينته وَلَو
يمشي على الْقصب الرعراع يَعْنِي اليافع لم يسمع من تَحت قَدَمَيْهِ أبعثه مبشرا وَنَذِيرا اسدده لكل جميل وَأهب لَهُ كل خلق كريم اجْعَل السكينَة لِبَاسه وَالْبر شعاره وَالتَّقوى ضَمِيره وَالْحكمَة معقوله والصدق وَالْوَفَاء طَبِيعَته وَالْعَفو وَالْمَغْفِرَة وَالْمَعْرُوف خلقه وَالْعدْل سيرته وَالْحق شَرِيعَته وَالْهدى إِمَامه والاسلام مِلَّته وَأحمد اسْمه اهدي بِهِ من بعد الضَّلَالَة وَاعْلَم بِهِ بعد الْجَهَالَة وَأَرْفَع بِهِ بعد الْخَمَالَة واسمي بِهِ بعد النكرَة واكثر بِهِ بعد الْقلَّة وَأغْنِي بِهِ بعد الْعيلَة وَأجْمع بِهِ بعد الْفرْقَة واؤلف بِهِ بَين قُلُوب واهواء مُتَشَتِّتَة وأمم مُخْتَلفَة وَأَجْعَل أمته خير أمة أخرجت للنَّاس أمرا بِالْمَعْرُوفِ ونهيا عَن الْمُنكر وتوحيدا بِي وإيمانا بِي وإخلاصا لي وَتَصْدِيقًا لما جَاءَت بِهِ رُسُلِي وهم رُعَاة الشَّمْس طُوبَى لتِلْك الْقُلُوب وَالْوُجُوه والأرواح الَّتِي اخلصت لي ألهمهم التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتحميد والتوحيد فِي مَسَاجِدهمْ ومجالسهم مضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم ويصفون فِي مَسَاجِدهمْ كَمَا تصف الْمَلَائِكَة حول عَرْشِي هم أوليائي وأنصاري انتقم بهم من أعدائي عَبدة الْأَوْثَان يصلونَ لي قيَاما وقعودا وركعا وَسجدا وَيخرجُونَ من دِيَارهمْ واموالهم ابْتِغَاء مرضاتي ألوفا ويقاتلون فِي سبيلي صُفُوفا وزحوفا اختم بِكِتَابِهِمْ الْكتب وبشريعتهم الشَّرَائِع وبدينهم الْأَدْيَان فَمن أدركهم فَلم يُؤمن بِكِتَابِهِمْ وَلم يدْخل فِي دينهم وشريعتهم فَلَيْسَ مني وَهُوَ مني بَرِيء وأجعلهم أفضل الْأُمَم وأجعلهم امة وسطا شُهَدَاء على النَّاس إِذا غضبوا هللوني وَإِذا قبضوا كبروني واذا تنازعوا سبحوني يطهرون الْوُجُوه والأطراف ويشدون الثِّيَاب الى الانصاف ويهللون على التلال والاشراف قُرْبَانهمْ دِمَاؤُهُمْ واناجيلهم صُدُورهمْ رهبانا بِاللَّيْلِ ليوثا بِالنَّهَارِ يناديهم مناديهم فِي جو السَّمَاء لَهُم دوِي كَدَوِيِّ النَّحْل طُوبَى لمن كَانَ مَعَهم وعَلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم ذَلِك فضلي أوتيه من اشاء وَأَنا ذُو الْفضل الْعَظِيم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم الجادور بن عبد الله فَأسلم وَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد وجدت وصفك فِي الانجيل وَلَقَد بشر بك ابْن البتول
وَأخرج ابو نعيم عَن سعيد بن الْمسيب أَن الْعَبَّاس قَالَ لكعب الْأَحْبَار مَا مَنعك ان تسلم فِي عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وابي بكر حَتَّى اسلمت الْآن فِي عهد عمر فَقَالَ إِن أبي كتب لي كتابا من التَّوْرَاة فَدفعهُ إِلَى وَقَالَ اعْمَلْ بِهَذَا وَاتبعهُ وَأخذ عَليّ بِحَق الْوَالِد ان لَا أفض هَذَا الْخَاتم وَختم على سَائِر كتبه فَلَمَّا رَأَيْت الاسلام قد ظهر وَلم أر إِلَّا خيرا قَالَت لي نَفسِي لَعَلَّ أَبَاك قد غيب عَنْك علما ففضضت الْخَاتم فاذا فِيهِ صفة مُحَمَّد وَأمته فَجئْت الْآن فاسلمت
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن كَعْب قَالَ إِن أبي كَانَ من أعلم النَّاس بِمَا انْزِلْ الله على مُوسَى وَكَانَ لم يدّخر عني شَيْئا مِمَّا كَانَ يعلم فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت دَعَاني فَقَالَ لي يَا بني انك قد علمت أَنِّي لم أدخر عَنْك شَيْئا مِمَّا كنت أعلمهُ إِلَّا أَنِّي قد حبست عَنْك ورقتين فيهمَا نَبِي يبْعَث قد اطل زَمَانه فَكرِهت ان اخبرك بذلك فَلَا آمن عَلَيْك ان يخرج بعض هَؤُلَاءِ الْكَذَّابين فتطيعه وَقد جعلتهما فِي هَذِه الكوة الَّتِي ترى وطينت عَلَيْهِمَا فَلَا تعرضن لَهما وَلَا تنظرن فيهمَا حينك هَذَا فَإِن الله إِن يرد بك خيرا وَيخرج ذَلِك النَّبِي تتبعه ثمَّ إِنَّه قد مَاتَ فدفناه فَلم يكن شَيْء أحب إِلَيّ من أَن أنظر فِي الورقتين ففتحت الكوة ثمَّ استخرجت الورقتين فاذا فيهمَا مُحَمَّد رَسُول الله خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعده مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَيجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَة وَيَعْفُو ويصفح أمته الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على كل حَال تدلل السنتهم بِالتَّكْبِيرِ وينصر نَبِيّهم على كل من ناوأه يغسلون فروجهم ويأتزرون على اوساطهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ وتراحمهم بَينهم تراحم بني الْأُم وهم أول من يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة من الْأُمَم فَمَكثت مَا شَاءَ الله ثمَّ بَلغنِي ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد خرج بِمَكَّة فأخرت حَتَّى استثبت ثمَّ بَلغنِي انه توفّي وَأَن خَلِيفَته قد قَامَ مقَامه وجاءتنا جُنُوده فَقلت لَا ادخل فِي هَذَا الدّين حَتَّى انْظُر سيرتهم وأعمالهم فَلم أزل أدافع ذَلِك وأؤخره لاستثبت حَتَّى قدم علينا عُمَّال عمر بن الْخطاب رضي الله عنه فَلَمَّا رَأَيْت وفاءهم بالعهد وَمَا صنع الله لَهُم على الاعداء علمت أَنهم هم الَّذين كنت أنْتَظر فوَاللَّه اني ذَات لَيْلَة فَوق سطحي فَإِذا رجل من الْمُسلمين يَتْلُو
قَول الله يَا أَيهَا الَّذين أوتو الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا الْآيَة فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْآيَة خشيت ان لَا أصبح حَتَّى يحول الله وَجْهي فِي قفاي فَمَا كَانَ شَيْء أحب إِلَيّ من الصَّباح فَغَدَوْت على الْمُسلمين واخرجه ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْمسيب بن رَافع وَغَيره عَن كَعْب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ إِن الله أوحى إِلَى دَاوُد فِي الزبُور يَا دَاوُد إِنَّه سَيَأْتِي من بعْدك نَبِي اسْمه أَحْمد وَمُحَمّد صَادِقا نَبيا لَا أغضب عَلَيْهِ أبدا وَلَا يعصيني أبدا وَقد غفرت لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأمته أمة مَرْحُومَة أَعطيتهم من النَّوَافِل مثل مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء وافترضت عَلَيْهِم الْفَرَائِض الَّتِي افترضت على الانبياء وَالرسل حَتَّى يأتوني يَوْم الْقِيَامَة ونورهم مثل نور الْأَنْبِيَاء وَذَلِكَ اني افترضت عَلَيْهِم ان يَتَطَهَّرُوا فِي كل صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء وأمرتهم بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء وأمرتهم بِالْحَجِّ كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء وأمرتهم بِالْجِهَادِ كَمَا أمرت الرُّسُل يَا دَاوُد إِنِّي فضلت مُحَمَّد وَأمته على الْأُمَم كلهم أَعطيتهم سِتّ خِصَال لم أعْطهَا غَيرهم من الْأُمَم لَا اؤاخذهم بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان الحَدِيث وَسَيَأْتِي بَقِيَّته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فجَاء رجل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَتَقْرَأُ التَّوْرَاة قَالَ نعم قَالَ والانجيل قَالَ نعم فَنَاشَدَهُ هَل تجدني فِي التَّوْرَاة والانجيل قَالَ نجد نعتا مثل نعتك وَمثل هيئتك ومخرجك وَكُنَّا نرجو ان يكون منا فَلَمَّا خرجت تخوفنا ان تكون أَنْت هُوَ فَنَظَرْنَا فَإِذا لَيْسَ أَنْت هُوَ قَالَ وَلم ذَلِك قَالَ إِن مَعَه من أمته سبعين ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب وَلَا عَذَاب وَإِنَّمَا مَعَك نفر يسير قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأَنا هُوَ انهم لأمتي وانهم لأكْثر من سبعين ألفا وَسبعين ألفا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن الله لما اراد هدي زيد بن سعنة قَالَ زيد بن سعنة إِنَّه لم يبْق من عَلَامَات النُّبُوَّة
شَيْء إِلَّا وَقد عرفتها فِي وَجه مُحَمَّد حِين نظرت إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ لم اخبرهما مِنْهُ يسْبق حلمه جَهله وَلَا تزيده شدَّة الْجَهْل عَلَيْهِ إِلَّا حلما فَكنت أتلطف لَهُ لِأَن أخالطه فأعرف حلمه وجهله فابتعت مِنْهُ تَمرا مَعْلُوما إِلَى أجل وأعطيته الثّمن فَلَمَّا كَانَ قبل مَحل الْأَجَل بيومين اَوْ بِثَلَاثَة أَتَيْته فَأخذت بِمَجَامِع قَمِيصه وردائه وَنظرت إِلَيْهِ بِوَجْه غليظ ثمَّ قلت أَلا تقضي يَا مُحَمَّد حَقي فوَاللَّه انكم يَا بني عبد الْمطلب لمطل وَلَقَد كَانَ لي بمخالطتكم علم فَقَالَ عمر بن الْخطاب أَي عَدو الله أَتَقول لرَسُول الله مَا اسْمَع فوَاللَّه لَوْلَا مَا أحاذر فَوته لضَرَبْت بسيفي رَأسك وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينظر الى عمر بِسُكُون وتؤدة وَتَبَسم ثمَّ قَالَ أَنا وَهُوَ كُنَّا أحْوج إِلَى غير هَذَا مِنْك يَا عمر أَن تَأْمُرنِي بِحسن الْأَدَاء وتأمره بِحسن التباعة اذْهَبْ بِهِ يَا عمر فاقضه حَقه وزده عشْرين صَاعا مَكَان مَا رعته فَفعل فَقلت يَا عمر كل عَلَامَات النُّبُوَّة قد عرفتها فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين نظرت إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ لم اخبرهما مِنْهُ يسْبق حلمه جَهله وَلَا تزيده شدَّة الْجَهْل عَلَيْهِ إِلَّا حلما فقد خبرتهما فأشهدك أَنِّي قد رضيت بِاللَّه رَبًّا وبالاسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا
وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ ان يَهُودِيّا قَالَ مَا كَانَ بَقِي شَيْء من نعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاة إِلَّا رَأَيْته إِلَّا الْحلم وَإِنِّي اسلفته ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي تمر إِلَى أجل مَعْلُوم وَذكر نَحوه وَفِي آخِره فَقَالَ يَا عمر مَا حَملَنِي على مَا صنعت إِلَّا أَنِّي قد كنت رَأَيْت فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صفته فِي التَّوْرَاة كلهَا إِلَّا الْحلم فاختبرت حلمه الْيَوْم فَوَجَدته كَمَا وصف فِي التَّوْرَاة فَأسلم الْيَهُودِيّ وَأهل بَيته
وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق يُوسُف بن عبد الله بن سَلام عَن ابيه قَالَ إِنِّي اجد فِي مَا اقْرَأ من الْكتب انه ترفع راية بِمَكَّة الله مَعَ صَاحبهَا وصاحبها مَعَ الله يظهره الله على جَمِيع الْقرى
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي عَن سهل مولى
غثيمة انه كَانَ نَصْرَانِيّا من اهل مريس وَكَانَ يَتِيما فِي حجر عَمه قَالَ فَأخذت الْإِنْجِيل فَقَرَأته حَتَّى مرت بِي ورقة ملصقة بغرى ففتقتها فَوجدت فِيهَا نعت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم انه لَا قصير وَلَا طَوِيل أَبيض ذُو ضفرين بَين كَتفيهِ خَاتم يكثر الاحتباء وَلَا يقبل الصَّدَقَة ويركب الْحمار وَالْبَعِير ويحتلب الشَّاة ويلبس قَمِيصًا مرقوعا وَمن فعل ذَلِك فقد برِئ من الْكبر وَهُوَ يفعل ذَلِك وَهُوَ من ذُرِّيَّة اسماعيل اسْمه احْمَد قَالَ سهل فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى هَذَا من ذكر مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم جَاءَ عمي فَلَمَّا رأى الورقة ضَرَبَنِي وَقَالَ مَا لَك وَفتح هَذِه الورقة وقراءتها فَقلت فِيهَا نعت النَّبِي أَحْمد فَقَالَ إِنَّه لم يَأْتِ بعد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عمر بن الحكم بن رَافع بن سِنَان قَالَ حَدثنِي بعض عمومتي وآبائي انه كَانَت عِنْدهم ورقة يتوارثونها فِي الْجَاهِلِيَّة حَتَّى جَاءَ الاسلام فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة أَتَوْهُ بهَا مَكْتُوب فِيهَا بِسم الله وَقَوله الْحق وَقَول الظَّالِمين فِي تباب هَذَا الذّكر لأمة تَأتي فِي آخر الزَّمَان يسبلون أَطْرَافهم ويأتزرون على اوساطهم ويخوضون الْبحار إِلَى اعدائهم فيهم صَلَاة لَو كَانَت فِي قوم نوح مَا أهلكوا بالطوفان وَفِي عَاد مَا اهلكوا بِالرِّيحِ وَفِي ثَمُود مَا اهلكوا بالصيحة فَعجب النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما فِيهَا لما قُرِئت عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن مندة فِي الصَّحَابَة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعَثَنِي الله هدى وَرَحْمَة للْعَالمين وبعثني لأمحو المزامير وَالْمَعَازِف فَقَالَ أَوْس بن سمْعَان وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لأجدها فِي التَّوْرَاة كَذَلِك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن كَعْب الْأَحْبَار انه سمع رجلا يَقُول رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن النَّاس جمعُوا لِلْحسابِ فدعي الْأَنْبِيَاء فجَاء مَعَ كل نَبِي أمته وَرَأى لكل نَبِي نورين وَلكُل من اتبعهُ نورا يمشي بِهِ فدعي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَإِذا لكل شَعْرَة فِي رَأسه وَوَجهه نور على حِدة يُثبتهُ من نظر إِلَيْهِ وَلكُل من اتبعهُ نوران يمشي بهما كنور
الْأَنْبِيَاء فَقَالَ كَعْب بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لقد رَأَيْت هَذَا فِي مَنَامك قَالَ نعم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لصفة مُحَمَّد وَأمته وَصفَة الْأَنْبِيَاء واممها فِي كتاب الله لكَأَنَّمَا قَرَأَهُ من التَّوْرَاة
وَأخرج ابْن عساكرعن ابْن مَسْعُود قَالَ خَمْسَة بشر بهم قبل ان يَكُونُوا إِسْحَاق وَيَعْقُوب {فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} وَيحيى {أَن الله يبشرك بِيَحْيَى} وَعِيسَى {إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ} وَمُحَمّد صلى الله عليه وسلم {وَمُبشرا برَسُول يَأْتِي من بعدِي اسْمه أَحْمد} فَهَؤُلَاءِ اخبر بهم من قبل أَن يَكُونُوا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ كَانَ فِي بني اسرائيل رجل عصى الله مِائَتي سنة ثمَّ مَاتَ فَأَخَذُوهُ فألقوه على مزبلة فَأوحى الله إِلَى مُوسَى ان اخْرُج فصل عَلَيْهِ قَالَ يَا رب بَنو اسرائيل شهدُوا انه عصاك مِائَتي سنة فَأوحى الله إِلَيْهِ هَكَذَا كَانَ إِلَّا أَنه كَانَ كلما نشر التَّوْرَاة وَنظر إِلَى اسْم مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قبله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ وَصلى عَلَيْهِ فَشَكَرت لَهُ ذَلِك وغفرت ذنُوبه وَزَوجته سبعين حوراء
وَأخرج ابْن سعد عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيت الْمدَارِس فَقَالَ أخرجُوا إِلَيّ أعلمكُم فَقَالُوا عبد الله بن صوريا فَخَلا بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنَاشَدَهُ بِدِينِهِ وَبِمَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِم وأطعمهم من الْمَنّ والسلوى وظللهم بِهِ من الْغَمَام أتعلم أَنِّي رَسُول الله قَالَ اللَّهُمَّ نعم وَإِن الْقَوْم ليعرفون مَا أعرف وان صِفَتك ونعتك لمبين فِي التَّوْرَاة وَلَكنهُمْ حسدوك قَالَ فَمَا يمنعك انت قَالَ اكره خلاف قومِي وَعَسَى ان يتبعوك ويسلموا فَأسلم
وَأخرج احْمَد وَابْن سعد عَن أبي صَخْر الْعقيلِيّ قَالَ حَدثنِي رجل من الْأَعْرَاب قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ مَعَه سفر فِيهِ التَّوْرَاة يقْرؤهَا على ابْن لَهُ مَرِيض فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا يَهُودِيّ نشدتك بِالَّذِي انْزِلْ التَّوْرَاة على مُوسَى أتجد فِي توراتك نعتي وصفتي ومخرجي فَأَوْمأ بِرَأْسِهِ ان لَا فَقَالَ ابْنه لكني أشهد بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى انه ليجد نعتك وزمانك وصفتك ومخرجك فِي كِتَابه وَأَنا اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا الله وانك رَسُول الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اقيموا الْيَهُودِيّ عَن صَاحبكُم وَقبض الْفَتى فصلى عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ نَحوه من حَدِيث أنس وَابْن مَسْعُود
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بعثت قُرَيْش النَّضر بن الْحَارِث وَعقبَة بن ابي معيط وَغَيرهمَا إِلَى يهود يثرب وَقَالُوا لَهُم سلوهم عَن مُحَمَّد فقدموا الْمَدِينَة فَقَالُوا أَتَيْنَاكُم لأمر حدث فِينَا منا غُلَام يَتِيم حقير يَقُول قولا عَظِيما يزْعم انه رَسُول الرَّحْمَن قَالُوا صفوا لنا صفته فوصفوا لَهُم قَالُوا فَمن تبعه مِنْكُم قَالُوا سفلتنا فَضَحِك حبر مِنْهُم وَقَالَ هَذَا النَّبِي الَّذِي نجد نَعته ونجد قومه أَشد النَّاس لَهُ عَدَاوَة
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن ابي طَالب ان يَهُودِيّا كَانَ لَهُ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَنَانِير فتقاضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ مَا عِنْدِي مَا أَعطيتك قَالَ فَإِنِّي لَا افارقك يَا مُحَمَّد حَتَّى تُعْطِينِي قَالَ إِذا اجْلِسْ مَعَك فَجَلَسَ مَعَه فصلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء والغداة وَكَانَ اصحاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتهددون الْيَهُودِيّ ويتوعدونه فَقَالُوا يَا رَسُول الله يَهُودِيّ يحبسك قَالَ مَنَعَنِي رَبِّي ان اظلم معاهدا وَلَا غَيره فَلَمَّا ترجل النَّهَار أسلم الْيَهُودِيّ وَقَالَ شطر مَالِي فِي سَبِيل الله أما وَالله مَا فعلت الَّذِي فعلت بك إِلَّا لأنظر إِلَى نعتك فِي التَّوْرَاة مُحَمَّد بن عبد الله مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة وَملكه بِالشَّام لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الاسواق وَلَا متزين بالفحشاء وَلَا قَوَّال للخنا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عبد الله بن سَلام قَالَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَعِيسَى بن مَرْيَم يدْفن مَعَه
واخرج ابو الشَّيْخ فِي تَفْسِيره عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قَالَ الَّذين آمنُوا من اصحاب النَّجَاشِيّ للنجاشي ائْذَنْ لنا فلنأت هَذَا النَّبِي الَّذِي كُنَّا نجده فِي الْكتاب فَأتوا فأسلموا فَشَهِدُوا أحدا
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن كَعْب قَالَ إِن فِي كتاب الله الَّذِي انْزِلْ على مُوسَى ان الله قَالَ للمدينة يَا طيبَة يَا طابة يَا مسكينة لَا تقبلي الْكُنُوز ارْفَعْ أجاجيرك على أجاجير الْقرى
وَأخرج عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ بَلغنِي أَن للمدينة فِي التَّوْرَاة أَرْبَعِينَ اسْما
بَاب أَخْبَار الاحبار والرهبان بِهِ قبل مبعثه
أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنه سُئِلَ كَيفَ كَانَ اول اسلامك قَالَ كنت يَتِيما من رام هُرْمُز وَكَانَ أبي دهقان رام هُرْمُز يخْتَلف إِلَى معلم يُعلمهُ فَلَزِمته لأَكُون فِي كنفه وَكَانَ لي اخ أكبر مني وَكَانَ مستغنيا بِنَفسِهِ وَكنت غُلَاما فَقِيرا فَكَانَ إِذا قَامَ من مَجْلِسه تفرق من يحفظه فَإِذا تفَرقُوا خرج فتقنع بِثَوْبِهِ ثمَّ صعد الْجَبَل فَكَانَ يفعل ذَلِك غير مرّة متنكرا فَقلت لَهُ أما إِنَّك تفعل كَذَا وَكَذَا فَلم لَا تذْهب بِي مَعَك قَالَ انت غُلَام وأخاف أَن يظْهر مِنْك شَيْء قلت لَا تخف قَالَ فَإِن فِي هَذَا الْجَبَل قوما لَهُم عبَادَة وَصَلَاح يذكرُونَ الله ويذكرون الْآخِرَة يَزْعمُونَ انا عَبدة النيرَان وَعَبدَة الْأَوْثَان وَأَنا عل غير دين قلت فَاذْهَبْ بِي مَعَك إِلَيْهِم قَالَ حَتَّى استأمرهم فاستأمرهم فَقَالُوا جِيءَ بِهِ فَذَهَبت مَعَه فانتهيت اليهم فَإِذا هم سِتَّة
اَوْ سَبْعَة وَكَأن الرّوح قد خرجت مِنْهُم من الْعِبَادَة يَصُومُونَ النَّهَار ويقومون اللَّيْل يَأْكُلُون الشّجر وَمَا وجدوا فَقَعَدْنَا اليهم فحمدوا الله وأثنوا عَلَيْهِ وَذكروا من مضى من الرُّسُل والأنبياء حَتَّى خلصوا الى عِيسَى بن مَرْيَم قَالُوا بَعثه الله وَولد بِغَيْر ذكر بَعثه الله رَسُولا وسخر لَهُ مَا كَانَ يفعل من إحْيَاء الْمَوْتَى وَخلق الطير وابراء الاعمى والاكمه والأبرص فَكفر بِهِ قوم وَتَبعهُ قوم ثمَّ قَالُوا يَا غُلَام إِن لَك رَبًّا وَإِن لَك معادا وان بَين يَديك جنَّة وَنَارًا إِلَيْهَا تصير وان هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يعْبدُونَ النيرَان أهل كفر وضلالة لَا يرضى الله بِمَا يصنعون وَلَيْسوا على دين ثمَّ انصرفنا ثمَّ غدونا اليهم فَقَالُوا مثل ذَلِك وَأحسن فلزمتهم فَقَالُوا لي يَا سلمَان إِنَّك غُلَام وَإنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تصنع مَا نصْنَع فصل ونم وكل واشرب ثمَّ اطلع عَلَيْهِم الْملك فَأَمرهمْ بِالْخرُوجِ من بِلَاده فَقلت مَا أَنا بمفارقكم فَخرجت مَعَه حَتَّى قدمنَا الْموصل فَلَمَّا دخلُوا حفوا بهم ثمَّ اتاهم رجل من كَهْف فَسلم وَجلسَ فحفوا بِهِ وعظموه فَقَالَ لَهُم أَيْن كُنْتُم فأخبروه قَالَ مَا هَذَا الْغُلَام مَعكُمْ فَأَثْنوا عَليّ خيرا واخبروه باتباعي إيَّاهُم وَلم أر مثل اعظامهم إِيَّاه فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر من ارسل الله من رسله وانبيائه وَمَا لقوا وَمَا صنع بهم حَتَّى ذكر عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ وعظهم وَقَالَ اتَّقوا الله والزموا مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى وَلَا تخالفوه فيخالف بكم ثمَّ أَرَادَ ان يقوم فَقلت مَا انا بمفارقك قَالَ يَا غُلَام انك لَا تَسْتَطِيع ان تكون معي إِنِّي لَا اخْرُج من كهفي هَذَا إِلَّا كل يَوْم أحد قلت مَا انا بمفارقك فتبعته حَتَّى دخل الْكَهْف فَمَا رَأَيْته نَائِما وَلَا طاعما إِلَّا رَاكِعا وساجدا إِلَى الْأَحَد الآخر فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خرجنَا واجتمعوا اليه فَتكلم نَحْو الْمرة الأولى ثمَّ رَجَعَ إِلَى كهفه وَرجعت مَعَه فَلَبثت مَا شَاءَ الله يخرج فِي كل يَوْم اُحْدُ وَيخرجُونَ اليه ويعظهم ويوصيهم فَخرج فِي أحد فَقَالَ مثل مَا كَانَ يَقُول ثمَّ قَالَ يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي قد كبر سني ودق عظمي واقترب أَجلي وَإِنِّي لَا عهد لي بِهَذَا الْبَيْت مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَا بُد لي من اتيانه فَقلت مَا انا بمفارقك فَخرج وَخرجت مَعَه حَتَّى انتهينا إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَدخل وَجعل يُصَلِّي وَكَانَ فِيمَا
يَقُول لي يَا سلمَان إِن الله سَوف يبْعَث رَسُولا اسْمه احْمَد يخرج بتهامة علامته انه يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة وَهَذَا زَمَانه الَّذِي يخرج فِيهِ قد تقَارب فَأَما انا فَانِي شيخ كَبِير لَا احسبني أدْركهُ فان ادركته انت فَصدقهُ وَاتبعهُ قلت وَإِن امرني بترك دينك وَمَا انت عَلَيْهِ قَالَ وَإِن أَمرك ثمَّ خرج من بَيت الْمُقَدّس وعَلى بَابه مقْعد فَقَالَ ناولني يدك فَنَاوَلَهُ فَقَالَ قُم بِسم الله فَقَامَ كَأَنَّمَا نشط من عقال فخلى عَن يَده فَانْطَلق ذَاهِبًا وَكَانَ لَا يلوي على أحد فَقَالَ لي المقعد يَا غُلَام احْمِلْ عَليّ ثِيَابِي حَتَّى انْطلق فَحملت عَلَيْهِ ثِيَابه وَانْطَلق الراهب لَا يلوي فَخرجت فِي اثره اطلبه وَكلما سَأَلت عَنهُ قَالُوا امامك حَتَّى لَقِيَنِي ركب من كلب فسألتهم فَلَمَّا سمعُوا لغتي أَنَاخَ رجل مِنْهُم بعيره فَحَمَلَنِي فجعلني خَلفه حَتَّى أَتَوا بِي بِلَادهمْ فباعوني فاشترتني امْرَأَة من الْأَنْصَار فجعلتني فِي حَائِط لَهَا وَقدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرت بِهِ فَأخذت شَيْئا من تمر حائطي ثمَّ أَتَيْته فَوجدت عِنْده أُنَاسًا فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قلت صَدَقَة قَالَ للْقَوْم كلوا وَلم يَأْكُل هُوَ ثمَّ لَبِثت مَا شَاءَ الله ثمَّ أخذت مثل ذَلِك ثمَّ أَتَيْته فَوجدت عِنْده أُنَاسًا فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قلت هَدِيَّة قَالَ بِسم الله فَأكل وَأكل الْقَوْم فَقلت فِي نَفسِي هَذِه من آيَاته فَدرت خَلفه فَفطن بَين فَأرْخى ثَوْبه فَإِذا الْخَاتم فِي نَاحيَة كتفه الْأَيْسَر فتبينته ثمَّ درت حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ فَقلت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق قَالَ حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنِي سلمَان الْفَارِسِي قَالَ كنت رجلا من أهل فَارس وَكَانَ أبي دهقان أرضه فَكَانَ يحبني حبا شَدِيدا حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيت كَمَا تحبس الْجَارِيَة وَاجْتَهَدت فِي الْمَجُوسِيَّة حَتَّى كنت قطن النَّار الَّذِي يوقدها فَكنت كَذَلِك لَا اعْلَم من أَمر النَّاس شَيْئا إِلَّا مَا أَنا فِيهِ وَكَانَ لأبي
ضَيْعَة فِيهَا بعض الْعَمَل فدعاني فَقَالَ أَي بني اني قد شغلت عَن ضيعتي هَذِه وَلَا بُد لي من إطلاعها فَانْطَلق اليها فمرهم بِكَذَا وَكَذَا وَلَا تحتبس عني فَإنَّك إِن احْتبست عني شغلتني عَن كل شَيْء فَخرجت أُرِيد ضيعته فمررت بكنيسة النَّصَارَى فَسمِعت أَصْوَاتهم فِيهَا فَقلت مَا هَذَا فَقَالُوا هَؤُلَاءِ النصاري يصلونَ فَدخلت انْظُر فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْت من حَالهم فوَاللَّه مَا زلت جَالِسا عِنْدهم حَتَّى غربت الشَّمْس وَبعث ابي فِي طلبي فِي كل وَجه حَتَّى جِئْته حِين أمسيت وَلم أذهب إِلَى ضيعته فَقَالَ أبي أَيْن كنت ألم أكن قلت لَك فَقلت يَا ابتاه مَرَرْت بناس يُقَال لَهُم النَّصَارَى فَأَعْجَبَنِي صلَاتهم ودعاؤهم فَجَلَست أنظر كَيفَ يَفْعَلُونَ فَقَالَ أَي بني دينك وَدين آبَائِك خير من دينهم فَقلت لَا وَالله مَا هُوَ بِخَير من دينهم هَؤُلَاءِ قوم يعْبدُونَ الله ويدعونه وَيصلونَ لَهُ وَنحن إِنَّمَا نعْبد نَارا نوقدها بِأَيْدِينَا إِذا تركناها مَاتَت فخافني فَجعل فِي رجْلي حديدا وحبسني فِي بَيت عِنْده فَبعثت إِلَى النَّصَارَى فَقلت لَهُم ايْنَ اصل هَذَا الدّين الَّذِي أَرَاكُم عَلَيْهِ فَقَالُوا بِالشَّام فَقلت فَإِذا قدم عَلَيْكُم من هُنَاكَ نَاس فأذنوني فَقَالُوا نَفْعل فَقدم عَلَيْهِم نَاس من تجارهم فبعثوا إِلَيّ انه قد قدم علينا تجار من تجارنا فَبعثت إِلَيْهِم إِذا قضوا حوائجهم وَأَرَادُوا الْخُرُوج فأذنوني فَقَالُوا نَفْعل فَلَمَّا قضوا حوائجهم وَأَرَادُوا الرحيل بعثوا إِلَيّ بذلك فطرحت الْحَدِيد الَّذِي فِي رجْلي وَلَحِقت بهم فَانْطَلَقت مَعَهم حَتَّى قدمت الشَّام فَلَمَّا قدمتها قلت من أفضل أهل هَذَا الدّين فَقَالُوا الأسقف صَاحب الْكَنِيسَة فَجِئْته فَقلت لَهُ إِنِّي أَحْبَبْت ان أكون مَعَك فِي كنيستك وأعبد الله فِيهَا مَعَك وأتعلم مِنْك الْخَيْر قَالَ فَكُن معي قَالَ فَكنت مَعَه وَكَانَ رجل سوء كَانَ يَأْمُرهُم بِالصَّدَقَةِ ويرغبهم فِيهَا فَإِذا جمعوها إِلَيْهِ اكتنزها وَلم يُعْطهَا للْمَسَاكِين فأبغضته بغضا شَدِيدا لما رَأَيْت من حَاله فَلم يلبث ان مَاتَ فَلَمَّا جَاءُوا ليدفنوه قلت لَهُم إِن هَذَا رجل سوء كَانَ يَأْمُركُمْ بِالصَّدَقَةِ ويرغبكم فِيهَا حَتَّى اذا جمعتموها إِلَيْهِ اكتنزها وَلم يُعْطهَا للْمَسَاكِين فَقَالُوا وَمَا عَلامَة ذَلِك فَقلت أَنا أخرج لكم كنزه فَقَالُوا فهاته فأخرجت لَهُم سبع قلال مَمْلُوءَة ذَهَبا وورقا فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَالُوا وَالله لَا يدْفن أبدا فصلبوه على خَشَبَة ورموه بِالْحِجَارَةِ وَجَاءُوا بِرَجُل آخر فجعلوه مَكَانَهُ فَلَا وَالله مَا
رَأَيْت رجلا قطّ لَا يُصَلِّي الْخمس أرى أَنه أفضل مِنْهُ أَشد اجْتِهَادًا وَلَا زهادة فِي الدُّنْيَا وَلَا أدأب لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ مَا أعلمني احببت شَيْئا قطّ قبله حبه فَلم أزل مَعَه حَتَّى حَضرته الْوَفَاة فَقلت يَا فلَان قد حضرك مَا ترى من امْر الله واني وَالله مَا احببت شَيْئا قطّ حبك فَمَاذَا تَأْمُرنِي وَإِلَى من توصيني فَقَالَ لي أَي بني مَا أعلم إِلَّا رجلا بالموصل فأته فَإنَّك ستجده على مثل حَالي فَلَمَّا مَاتَ لحقت الْموصل فَأتيت صَاحبهَا فَوَجَدته على مثل حَاله من الِاجْتِهَاد والزهادة فِي الدُّنْيَا فَقلت لَهُ إِن فلَانا اوصى بِي اليك أَن آتِيك واكون مَعَك قَالَ فأقم أَي بني فأقمت عِنْده على مثل أَمر صَاحبه حَتَّى حَضرته الْوَفَاة فَقلت لَهُ إِن فلَانا أوصى بِي اليك وَقد حضرك من امْر الله مَا ترى فَإلَى من توصيني قَالَ وَالله مَا اعْلَم أَي بني إِلَّا رجلا بنصيبين وَهُوَ على مثل مَا نَحن عَلَيْهِ فَالْحق بِهِ فَلَمَّا دفناه لحقت بِالْآخرِ فَقلت لَهُ يَا فلَان إِن فلَانا اوصى بِي إِلَى فلَان وَفُلَان أوصى بِي اليك قَالَ فاقم يَا بني فأقمت عِنْده على مثل حَالهمَا حَتَّى حَضرته الْوَفَاة فَقلت لَهُ يَا فلَان انه قد حضرك من أَمر الله مَا ترى وَقد كَانَ فلَان اوصى بِي إِلَى فلَان وَأوصى بِي فلَان الى فلَان وَأوصى بِي فلَان اليك فَإلَى من توصيني قَالَ أَي بني مَا اعْلَم أحدا على مثل مَا نَحن عَلَيْهِ إِلَّا رجلا بعمورية من أَرض الرّوم فأته فانك ستجده على مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ فَلَمَّا واريته خرجت حَتَّى قدمت على صَاحب عمورية فَوَجَدته على مثل حَالهم فأقمت عِنْده واكتسبت حَتَّى كَانَت لي غنيمَة وبقرات ثمَّ حَضرته الْوَفَاة فَقلت يَا فلَان إِن فلَانا اوصى بِي إِلَى فلَان وَفُلَان الى فلَان وَفُلَان الى فلَان وَفُلَان اليك وَقد حضرك مَا ترى من أَمر الله تَعَالَى فَإلَى من توصيني قَالَ أَي بني وَالله مَا اعْلَم بَقِي اُحْدُ على مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرك ان تَأتيه وَلكنه قد اظلك زمَان نَبِي يبْعَث من الْحرم مهاجره بَين حرتين إِلَى أَرض سبخَة ذَات نخيل وَأَن فِيهِ عَلَامَات لَا تخفى بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة فَإِن اسْتَطَعْت ان تخلص إِلَى تِلْكَ الْبِلَاد فافعل فانه قد اظلك زَمَانه فَلَمَّا واريناه أَقمت حَتَّى مر بِنَا رجال من تجار الْعَرَب من كلب فَقلت لَهُم تحملوني مَعكُمْ حَتَّى تقدمُوا بِي أَرض الْعَرَب وأعطيكم غنيمتي هَذِه وبقراتي قَالُوا نعم فأعطيتهم إِيَّاهَا وحملوني حَتَّى إِذا جَاءُوا بِي وَادي الْقرى ظلموني فباعوني عبدا من رجل من يهود
بوادي الْقرى فوَاللَّه لقد رَأَيْت النّخل وطمعت ان يكون الْبَلَد الَّذِي نعت لي صَاحِبي وَمَا حقت عِنْدِي حَتَّى قدم رجل من بني قُرَيْظَة من يهود وَادي الْقرى فابتاعني من صَاحِبي الَّذِي كنت عِنْده فَخرج بِي حَتَّى قدم بِي الْمَدِينَة فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْتهَا فَعرفت نَعته فأقمت فِي رقي مَعَ صَاحِبي وَبعث الله رَسُوله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة لَا يذكر لي شَيْء من امْرَهْ مَعَ مَا أَنا فِيهِ من الرّقّ حَتَّى قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبَاء وَأَنا اعْمَلْ لصاحبي فِي نخله فوَاللَّه إِنِّي لفيها إِذْ جَاءَنِي ابْن عَم لَهُ فَقَالَ فلَان قَاتل الله بني قيلة وَالله إِنَّهُم الان لفي قبَاء مجتمعون على رجل جَاءَ من مَكَّة يَزْعمُونَ انه نَبِي فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا ان سَمعتهَا فَأَخَذَتْنِي العرواء يَقُول الرعدة حَتَّى ظَنَنْت لاسقطن على صَاحِبي وَنزلت اقول مَا هَذَا الْخَبَر مَا هُوَ فَرفع مولَايَ يَده فلكمني لكمة شَدِيدَة وَقَالَ مَا لَك وَلِهَذَا اقبل على عَمَلك فَقلت لَا شَيْء إِنَّمَا سَمِعت خَبرا فَأَحْبَبْت ان اعلمه فَخرجت وَسَأَلت فَلَقِيت امْرَأَة من أهل بلادي فسألتها فَإِذا أهل بَيتهَا قد أَسْلمُوا فدلتني على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أمسيت وَكَانَ عِنْدِي شَيْء من طَعَام فَحَملته وَذَهَبت بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بقباء فَقلت إِنَّه بَلغنِي انك رجل صَالح وَأَن مَعَك أصحابا لَك غرباء وَقد كَانَ عِنْدِي شَيْء من الصَّدَقَة فرأيتكم احق من بِهَذِهِ الْبِلَاد بِهِ فها هُوَ ذَا فَكل مِنْهُ فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده وَقَالَ لأَصْحَابه كلوا وَلم يَأْكُل فَقلت فِي نَفسِي هَذِه خلة مِمَّا وصف لي صَاحِبي ثمَّ رجعت وتحول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة فَجمعت شَيْئا كَانَ عِنْدِي ثمَّ جِئْت بِهِ فَقلت إِنِّي قد رَأَيْتُك لَا تَأْكُل الصَّدَقَة وَهَذِه هَدِيَّة وكرامة لَيست بِالصَّدَقَةِ فَأكل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأكل أَصْحَابه فَقلت هَذِه خلَّتَانِ ثمَّ جِئْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يتبع جَنَازَة وَعَلِيهِ شملتان وَهُوَ فِي أَصْحَابه فاستدرت بِهِ لأنظر الى الْخَاتم فِي ظَهره فَلَمَّا رَآنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم استدرته عرف أَنِّي استثبت شَيْئا قد وصف لي فَوضع رِدَاءَهُ عَن ظَهره فَنَظَرت إِلَى الْخَاتم بَين كَتفيهِ كَمَا وصف لي صَاحِبي فأكببت عَلَيْهِ أقبله وأبكي فَقَالَ تحول يَا سلمَان هَكَذَا فتحولت فَجَلَست بَين يَدَيْهِ وَأحب ان يسمع أَصْحَابه حَدِيثي
عَنهُ فَحَدَّثته فَلَمَّا فرغت قَالَ كَاتب يَا سلمَان فكاتبت صَاحِبي على ثَلَاثمِائَة نَخْلَة وَأَرْبَعين أُوقِيَّة وأعانني اصحاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْلِ ثَلَاثِينَ ودية وَعشْرين ودية وَعشر كل رجل مِنْهُم على قدر مَا عِنْده فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقر لَهَا فاذا فرغت فَآذِنِّي حَتَّى اكون أَنا الَّذِي أضعها بيَدي ففقرتها وأعانني أَصْحَابِي يَقُول حفرت لَهَا حَيْثُ تُوضَع حَتَّى فَرغْنَا مِنْهَا فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكُنَّا نحمل اليه الودي ويضعه بِيَدِهِ وَيُسَوِّي عَلَيْهَا فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا مَاتَت مِنْهَا ودية وَاحِدَة وَبقيت عَليّ الدَّرَاهِم فَأَتَاهُ رجل من بعض الْمَعَادِن بِمثل بَيْضَة الْحَمَامَة من ذهب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خُذ هَذِه يَا سلمَان فأدها مِمَّا عَلَيْك فَقلت يَا رَسُول الله وَأَيْنَ تقع هَذِه مِمَّا عَليّ قَالَ فَإِن الله سيؤدي بهَا عَنْك فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو زنت لَهُم مِنْهَا أَرْبَعِينَ اوقية فأديتها إِلَيْهِم وَبَقِي عِنْدِي مثل مَا اعطيتهم
وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن سلمَان قَالَ كنت فِيمَن ولد برام هُرْمُز فَكنت انْطلق مَعَ غلْمَان من قريتنا وَكَانَ ثمَّ جبل فِيهِ كَهْف فمررت ذَات يَوْم وحدي وَإِذا انا فِيهِ بِرَجُل طَوِيل عَلَيْهِ ثِيَاب شعر نعلاه شعر فَأَشَارَ إِلَيّ فدنوت مِنْهُ فَقَالَ لي يَا غُلَام تعرف عِيسَى بن مَرْيَم قلت لَا وَلَا سَمِعت بِهِ قَالَ أَتَدْرِي من عِيسَى بن مَرْيَم هُوَ رَسُول الله من آمن بِعِيسَى أَنه رَسُول الله وبرسول يَأْتِي من بعده اسْمه احْمَد أخرجه الله من غم الدُّنْيَا إِلَى روح الْآخِرَة وَنَعِيمهَا فَرَأَيْت الْحَلَاوَة والنور يخرج من شَفَتَيْه فعلقه فُؤَادِي فَكَانَ اول مَا عَلمنِي شَهَادَة ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وَمُحَمّد بعده رَسُول الله والبعث بعد الْمَوْت وَعَلمنِي الْقيام فِي الصَّلَاة وَقَالَ إِذا اقمت فِي الصَّلَاة فاستقبلت الْقبْلَة فَإِذا احتوشتك النَّار فَلَا تلْتَفت وَإِن دعتك امك وَأَبُوك وَأَنت فِي صَلَاة الْفَرِيضَة فَلَا تلْتَفت إِلَّا أَن يَدْعُوك رَسُول من رسل الله فَإِن دعَاك وَأَنت فِي فَرِيضَة فاقطعها فَإِنَّهُ لَا يَدْعُوك إِلَّا بِوَحْي من الله ثمَّ قَالَ إِن أدْركْت مُحَمَّد بن عبد الله الَّذِي يخرج من جبال تهَامَة فَآمن بِهِ واقرأ عليه السلام مني قلت صفه لي قَالَ انه نَبِي يُقَال لَهُ نَبِي الرَّحْمَة مُحَمَّد بن عبد الله يخرج من
جبال تهَامَة ويركب الْجمل وَالْحمار وَالْفرس والبغل وَالْبَغْلَة وَيكون الْحر والمملوك عِنْده سَوَاء وَتَكون الرَّحْمَة فِي قلبه وجوارحه بَين كَتفيهِ بَيْضَة كبيضة الْحَمَامَة عَلَيْهَا مَكْتُوب بَاطِنهَا الله وَحده لَا شريك لَهُ مُحَمَّد رَسُول الله وظاهرها توجه حَيْثُ شِئْت فَإنَّك الْمَنْصُور يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة لَيْسَ بحقود وَلَا حسود وَلَا يظلم معاهدا وَلَا مُسلما
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق شُرَحْبِيل بن السمط عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ خرجت ابْتغِي الدّين فَوَافَقت فِي الرهبان بقايا أهل الْكتاب فَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا زمَان نَبِي قد أظل يخرج من أَرض الْعَرَب لَهُ عَلَامَات من ذَلِك شامة مُدَوَّرَة بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة فلحقت بِأَرْض الْعَرَب وَخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْت مَا قَالُوا كُله وَرَأَيْت الْخَاتم فَشَهِدت ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق بُرَيْدَة ان سلمَان كَاتب على كَذَا وَكَذَا نَخْلَة يغرسها وَيقوم عَلَيْهَا حَتَّى تطعم فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فغرس النّخل كُله إِلَّا نَخْلَة وَاحِدَة غرسها عمر فأطعم النّخل كُله من سنته إِلَّا تِلْكَ النَّخْلَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غرسها قَالُوا عمر فنزعها وغرسها بِيَدِهِ فَحملت من عامها
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان قَالَ كاتبت اهلي على ان اغرس لَهُم خَمْسمِائَة فسيلة فَإِذا علقت فَأَنا حر فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَجعل يغْرس بِيَدِهِ إِلَّا وَاحِدَة غرستها بيَدي فعلقن إِلَّا الْوَاحِدَة
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن سلمَان قَالَ أَعْطَانِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثل هَذِه من ذهب وَحلق بِأُصْبُعِهِ السبابَة على الْإِبْهَام مثل الدِّرْهَم قَالَ فَلَو وضع أحد فِي كفة وَوضعت فِي أُخْرَى لرجحت بِهِ
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن سلمَان قَالَ لما اعطاني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَلِك الذَّهَب فَقَالَ اقْضِ بِهِ قلت يَا رَسُول الله وَأَيْنَ تقع هَذِه مِمَّا عَليّ فقلبها على
لِسَانه ثمَّ قَذفهَا إِلَيّ ثمَّ قَالَ انْطلق بهَا فَإِن الله سيؤدي بهَا عَنْك فَانْطَلَقت فوزنت مِنْهَا حَتَّى أوفيتهم مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة
وَأخرج ابْن اسحاق وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيقه قَالَ حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة حَدثنِي من سمع عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ حدثت عَن سلمَان ان صَاحب عمورية قَالَ لسلمان حِين حَضرته الْوَفَاة إيت غيضتين من ارْض الشَّام فَإِن رجلا يخرج من إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فِي كل سنة لَيْلَة يَعْتَرِضهُ ذَوُو الاسقام فَلَا يَدْعُو لأحد بِهِ مرض إِلَّا شفي فَاسْأَلْهُ عَن هَذَا الدّين الَّذِي تَسْأَلنِي عَنهُ فَخرجت حَتَّى اقمت بهَا سنة حَتَّى خرج تِلْكَ اللَّيْلَة فَأخذت بمنكبه فَقلت رَحِمك الله الحنيفية دين ابراهيم قَالَ قد أظلك نَبِي يخرج عِنْد هَذَا الْبَيْت بِهَذَا الْحرم يبْعَث بذلك الدّين فَلَمَّا ذكر ذَلِك سلمَان لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَئِن كنت صدقتني يَا سلمَان لقد رَأَيْت عِيسَى بن مَرْيَم
وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه قَالَ حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالَ حَدثنِي أَشْيَاخ منا قَالُوا لم يكن اُحْدُ من الْعَرَب أعلم بشأن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم منا كَانَ مَعنا يهود وَكَانُوا اهل كتاب وَكُنَّا اصحاب وثن وَكُنَّا إِذا بلغنَا مِنْهُم مَا يكْرهُونَ قَالُوا إِن نَبيا مَبْعُوثًا الْآن قد أظل زَمَانه نتبعه مَعكُمْ فنقتلكم قتل عَاد وإرم فَلَمَّا بعث الله رَسُوله صلى الله عليه وسلم اتبعناه وَكَفرُوا بِهِ ففيهم أنزل الله {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} الْآيَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن عَليّ الْأَزْدِيّ قَالَ كَانَت الْيَهُود تَقول اللَّهُمَّ ابْعَثْ لنا هَذَا النَّبِي يحكم بَيْننَا وَبَين النَّاس
واخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت يهود خَيْبَر تقَاتل غطفان فَلَمَّا الْتَقَوْا هزمت يهود خَيْبَر فعاذت الْيَهُود بِهَذَا الدُّعَاء فَقَالَت اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك بِحَق مُحَمَّد
النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي وعدتنا ان تخرجه لنا فِي آخر الزَّمَان أَلا نصرتنا عَلَيْهِم فَكَانُوا إِذا الْتَقَوْا دعوا بِهَذَا الدُّعَاء فهزموا غطفان فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم كفرُوا بِهِ فَأنْزل الله {وَكَانُوا من قبل يستفتحون} الْآيَة
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَأحمد البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق مَحْمُود بن لبيد عَن سَلمَة بن سَلامَة بن وقش قَالَ كَانَ بَيْننَا يَهُودِيّ فَخرج على نَادِي قومه بني عبد الْأَشْهَل ذَات غَدَاة فَذكر الْبَعْث وَالْقِيَامَة وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان فَقَالَ ذَلِك لأَصْحَاب وثن لَا يرَوْنَ أَن بعثا كَائِن بعد موت وَذَلِكَ قبيل مبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا وَيحك يَا فلَان وَهَذَا كَائِن إِن النَّاس يبعثون بعد مَوْتهمْ إِلَى دَار فِيهَا جنَّة ونار يجزون من أَعْمَالهم قَالَ نعم وَالَّذِي يحلف بِهِ لَوَدِدْت ان حظي من تِلْكَ النَّار أَن توقدوا أعظم تنور فِي داركم فتحمونه ثمَّ تقذفوني فِيهِ ثمَّ تطينون عَليّ وَأَن انجو من النَّار غَدا قيل يَا فلَان فَمَا عَلامَة ذَلِك قَالَ نَبِي يبْعَث من نَاحيَة هَذِه الْبِلَاد وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو مَكَّة واليمن قَالُوا فَمَتَى ترَاهُ فَرمى بطرفه إِلَيّ وَأَنا احدث الْقَوْم فَقَالَ إِن يستنفذ هَذَا الْغُلَام عمره يُدْرِكهُ فَمَا ذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى بعث الله رَسُوله صلى الله عليه وسلم وانه لحي بَين أظهرنَا فأمنا بِهِ وصدقناه وَكفر بِهِ بغيا وحسدا فَقُلْنَا يَا فلَان أَلَسْت الَّذِي قلت لنا فِيهِ مَا قلت واخبرتنا بِهِ قَالَ لَيْسَ بِهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم والخرائطي فِي الهواتف عَن خَليفَة بن عَبدة قَالَ سَأَلت مُحَمَّد بن عدي بن ربيعَة كَيفَ سماك أَبوك فِي الْجَاهِلِيَّة مُحَمَّدًا قَالَ أما إِنِّي سَأَلت أبي عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ فَقَالَ خرجت رَابِع أَرْبَعَة من بني تَمِيم أَنا أحدهم وسُفْيَان بن مجاشع بن دارم وَيزِيد بن عمر بن ربيعَة وَأُسَامَة بن مَالك بن خندف فَلَمَّا وردنا الشَّام نزلنَا على غَدِير عَلَيْهِ شجرات فَأَشْرَف علينا ديراني فَقَالَ من أَنْتُم قُلْنَا قوم من مُضر قَالَ أما أَنه سَوف يبْعَث مِنْكُم وشيكا نَبِي فسارعوا إِلَيْهِ وخذوا بحظكم مِنْهُ ترشدوا فَإِنَّهُ خَاتم النَّبِيين فَقُلْنَا مَا اسْمه قَالَ مُحَمَّد فَلَمَّا صرنا إِلَى أهلنا ولد لكل منا غُلَام فَسَماهُ مُحَمَّدًا
وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَانَت الْعَرَب تسمع من أهل الْكتاب وَمن الْكُهَّان أَن نَبيا يبْعَث من الْعَرَب اسْمه مُحَمَّد فَسمى من بلغه ذَلِك من الْعَرَب وَلَده مُحَمَّدًا طَمَعا فِي النُّبُوَّة
وَأخرج ابْن سعد عَن قَتَادَة بن السكن العرني قَالَ كَانَ فِي بني تَمِيم مُحَمَّد بن سُفْيَان ابْن مجاشع وَكَانَ أسقفا قَالَ لِأَبِيهِ انه يكون للْعَرَب نَبِي اسْمه مُحَمَّد فَسَماهُ مُحَمَّدًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مَرْوَان بن الحكم عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ حَدثنِي ابو سُفْيَان بن حَرْب قَالَ خرجت أَنا وَأُميَّة بن أبي الصَّلْت إِلَى الشَّام فمررنا بقرية فِيهَا النَّصَارَى فَلَمَّا رَأَوْا أُميَّة عظموه وأكرموه وَأَرَادُوا على ان ينْطَلق مَعَهم فَقَالَ لي أُميَّة يَا أَبَا سُفْيَان انْطلق معي فَإنَّك تمْضِي إِلَى رجل قد انْتهى إِلَيْهِ علم النَّصْرَانِيَّة فَقلت لست أَنطلق مَعَك فَذهب وَرجع قَالَ تكْتم عَليّ مَا احدثك بِهِ قلت نعم قَالَ حَدثنِي هَذَا الرجل الَّذِي انْتهى اليه علم الْكتاب ان نَبيا مَبْعُوث فَظَنَنْت أنني انا هُوَ فَقَالَ لَيْسَ مِنْكُم هُوَ من أهل مَكَّة قلت مَا نسبه قَالَ وسط من قومه وَقَالَ لي آيَة ذَلِك ان الشَّام قد رجفت بعد عِيسَى بن مَرْيَم ثَمَانِينَ رَجْفَة وَبقيت رَجْفَة يدْخل على الشَّام مِنْهَا شَرّ ومصيبة فَلَمَّا صرنا قَرِيبا من ثنية إِذا رَاكب قُلْنَا من أَيْن قَالَ من الشَّام قُلْنَا هَل كَانَ من حدث قَالَ نعم رجفت الشَّام رَجْفَة دخل على الشَّام مِنْهَا شَرّ ومصيبة
واخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب ووهب بن مُنَبّه قَالَا رأى بخت نصر فِي مَنَامه رُؤْيا عَظِيمَة أفزعته فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَهَا فَدَعَا كهنته وسحرته فَأخْبرهُم بِمَا أَصَابَهُ من الكرب فِي رُؤْيَاهُ وسألهم ان يعبروها لَهُ فَقَالُوا قصها علينا قَالَ نسيتهَا قَالُوا فَإنَّا لَا نقدر على تَأْوِيلهَا حَتَّى تقصها فَدَعَا دانيال فَأخْبرهُ فَقَالَ إِنَّك قد رَأَيْت صنما عَظِيما رِجْلَاهُ فِي الأَرْض وَرَأسه فِي السَّمَاء أَعْلَاهُ من ذهب ووسطه من فضَّة وأسفله من نُحَاس وساقاه من حَدِيد وَرجلَاهُ من فخار فَبينا انت تنظر إِلَيْهِ قد اعجبك حسنه وإحكام صَنعته فقذفه الله بِحجر من السَّمَاء فَوَقع على قنة رَأسه فدقه حَتَّى طحنه
فاختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده وفخاره حَتَّى تخيل إِلَيْك انه لَو اجْتمع جَمِيع الانس وَالْجِنّ على ان يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذَلِك وَلَو هبت ريح لأذرته وَنظرت إِلَى الْحجر الَّذِي قذف بِهِ يَرْبُو ويعظم وينتشر حَتَّى مَلأ الأَرْض كلهَا فصرت لَا ترى إِلَّا السَّمَاء اَوْ الْحجر قَالَ بخت نصر صدقت هَذِه الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتهَا فَمَا تَأْوِيلهَا قَالَ اما الصَّنَم فأمم مُخْتَلفَة فِي اول الزَّمَان وَفِي أوسطه وَفِي آخِره واما الْحجر الَّذِي قذفه بِهِ الصَّنَم فدين الله يقذف بِهِ الْأُمَم فِي آخر الزَّمَان لِيظْهرهُ الله عَلَيْهَا فيبعث الله نَبيا أُمِّيا من الْعَرَب فيدوخ الله بِهِ الْأُمَم والأديان كَمَا رَأَيْت الْحجر دوخ أَصْنَاف الصَّنَم وَيظْهر على الْأَدْيَان والأمم كَمَا رَأَيْت الْحجر ظهر على الأَرْض
وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن عِيسَى بن دَاب قَالَ قَالَ ابو بكر الصّديق كنت جَالِسا بِفنَاء الْكَعْبَة وَزيد بن عَمْرو بن نفَيْل قَاعد فَمر بِهِ أُميَّة بن أبي الصَّلْت فَقَالَ أما إِن هَذَا النَّبِي الَّذِي ينْتَظر منا أَو مِنْكُم أَو من أهل فلسطين قَالَ فقصصت عَلَيْهِ الحَدِيث فَقَالَ نعم يَا ابْن اخي اُخْبُرْنَا أهل الْكتاب وَالْعُلَمَاء ان هَذَا النَّبِي الَّذِي ينْتَظر من أَوسط الْعَرَب نسبا ولي علم بِالنّسَبِ وقومك اوسط الْعَرَب نسبا قلت يَا عَم وَمَا يَقُول النَّبِي قَالَ يَقُول مَا قيل لَهُ إِلَّا أَنه لَا يظلم وَلَا يظالم قَالَ فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آمَنت وصدقت
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل ان زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وورقة بن نَوْفَل خرجا يلتمسان الدّين حَتَّى انتهيا إِلَى رَاهِب بالموصل فَقَالَ لزيد من أَيْن أَقبلت قَالَ من بنية ابراهيم عليه السلام قَالَ وَمَا تلتمس قَالَ ألتمس الدّين قَالَ ارْجع فَإِنَّهُ يُوشك ان يظْهر الَّذِي تطلب فِي أَرْضك
وَأخرج ابو يعلى وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق أُسَامَة بن زيد عَن زيد بن حَارِثَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَقِي زيد ابْن عَمْرو بن نفَيْل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا عَم مَا لي أرى قَوْمك قد شنفوك قَالَ
اما وَالله ان ذَلِك لبغير ثائرة كَانَت مني إِلَيْهِم لكني أَرَاهُم على ضَلَالَة فَخرجت ابْتغِي هَذَا الدّين حَتَّى أتيت على شيخ بالجزيرة فَأَخْبَرته بِالَّذِي خرجت لَهُ فَقَالَ من أَنْت قلت من أهل بَيت الله قَالَ فَإِنَّهُ قد خرج من بلدك نَبِي اَوْ هُوَ خَارج قد طلع نجمه فَارْجِع فَصدقهُ وآمن بِهِ فَرَجَعت فَلم أحس شَيْئا بعد قَالَ وَمَات زيد بن عَمْرو قبل ان يبْعَث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَوْله شنفوك بِمُعْجَمَة وَنون وَفَاء أَي أبغضوك
أخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن عَامر بن ربيعَة قَالَ لقِيت زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَهُوَ خَارج من مَكَّة يُرِيد حراء وَإِذا هُوَ قد كَانَ بَينه وَبَين قومه سوء فِي صدر النَّهَار فِيمَا أظهر من خلافهم واعتزال آلِهَتهم وَمَا كَانَ يعبد آباؤهم فَقَالَ زيد يَا عَامر إِنِّي خَالَفت قومِي وَاتَّبَعت مِلَّة ابراهيم وَمَا كَانَ يعبد فَأَنا أنْتَظر نَبيا من ولد اسماعيل ثمَّ من بني عبد الْمطلب اسْمه احْمَد وَلَا أَرَانِي أدْركهُ فَأَنا أُؤْمِن بِهِ وأصدقه وَأشْهد انه نَبِي فان طَالَتْ بك مُدَّة فرأيته فاقرأه مني السَّلَام وسأخبرك يَا عَامر مَا نَعته حَتَّى لَا يخفى عَلَيْك هُوَ رجل لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل وَلَا بِكَثِير الشّعْر وَلَا بقليله وَلَيْسَ تفارق عَيْنَيْهِ حمرَة وَخَاتم النُّبُوَّة بَين كَتفيهِ واسْمه أَحْمد وَهَذَا الْبَلَد مولده ومبعثه ثمَّ يُخرجهُ قومه مِنْهَا ويكرهون مَا جَاءَ بِهِ حَتَّى يُهَاجر الى يثرب فَيظْهر أمره فإياك ان تخدع عَنهُ فَإِنِّي بلغت الْبِلَاد كلهَا أطلب دين إِبْرَاهِيم وكل من أسأَل من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس يَقُول هَذَا الدّين وَرَاءَك وينعتونه مثل مَا نَعته لَك وَيَقُولُونَ لم يبْق نَبِي غَيره قَالَ عَامر فَلَمَّا تنبأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اخبرته فترحم عَلَيْهِ وَقَالَ قد رَأَيْته فِي الْجنَّة يسحب ذيله
وَأخرج ابْن سعد خمن طَرِيق الشّعبِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب قَالَ قَالَ زيد بن عَمْرو بن نفَيْل كنت بِالشَّام فَأتيت رَاهِبًا فَذكرت لَهُ كراهتي عبَادَة الْأَوْثَان واليهودية والنصرانية فَقَالَ لي أَرَاك تُرِيدُ دين إِبْرَاهِيم يَا أَخا أهل مَكَّة إِنَّك لتطلب دينا مَا يُؤْخَذ الْيَوْم بِهِ فَالْحق ببلدك فَإِن نبيلا يبْعَث من قَوْمك فِي بلدك يَأْتِي بدين ابراهيم بالحنفية وَهُوَ أكْرم الْخلق على الله
وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق ابي امامة الْبَاهِلِيّ عَن عَمْرو بن عبسة السّلمِيّ قَالَ رغبت عَن آلِهَة قومِي فِي الْجَاهِلِيَّة وَرَأَيْت أَنَّهَا الْبَاطِل يعْبدُونَ الْحِجَارَة فَلَقِيت رجلا من أهل الْكتاب فَسَأَلته عَن أفضل الدّين فَقَالَ يخرج رجل من مَكَّة ويرغب عَن آلِهَة قومه وَيَدْعُو إِلَى غَيرهَا وَهُوَ يَأْتِي بِأَفْضَل الدّين فَإِذا سَمِعت بِهِ فَاتبعهُ فَلم يكن لي هم إِلَّا مَكَّة آتيها فاسأل هَل حدث فِيهَا أَمر فَيَقُولُونَ لَا فأنصرف إِلَى أَهلِي وَأَعْتَرِض الركْبَان خَارِجين من مَكَّة فأسألهم هَل حدث فِيهَا أَمر فَيَقُولُونَ لَا فَإِنِّي لقاعد على الطَّرِيق إِذْ مر بِي رَاكب قلت من أَيْن جِئْت قَالَ من مَكَّة قلت هَل حدث فِيهَا خبر قَالَ نعم رجل رغب عَن آلِهَة قومه ودعا إِلَى غَيرهَا فَقلت صَاحِبي الَّذِي أُرِيد فَأَتَيْته فَوَجَدته مستخفيا قلت مَا أَنْت قَالَ نَبِي قلت وَمَا النَّبِي قَالَ رَسُول قلت وَمن أرسلك قَالَ الله قلت بِمَاذَا أرسلك قَالَ أَن توصل الْأَرْحَام وتحقن الدِّمَاء وتؤمن السبل وتكسر الْأَوْثَان وَتعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا قلت نعم مَا أرسلك بِهِ أشهدك أَنِّي قد آمَنت بك وصدقت فأمكث مَعَك أَو مَا ترى قَالَ قد ترى كَرَاهِيَة النَّاس لما جِئْت بِهِ فامكث فِي أهلك فَإِذا سَمِعت بِي خرجت مخرجا فاتبعني فَلَمَّا سَمِعت بِهِ خرج إِلَى الْمَدِينَة سرت حَتَّى قدمت عَلَيْهِ
وَأخرجه ابْن سعد من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن عَمْرو بن عبسة بِهِ
وَأخرج ابو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بَلغنِي ان بني اسرائيل لما أَصَابَهُم من ظُهُور بخت نصر عَلَيْهِم وفرقتهم وذلتهم تفَرقُوا وَكَانُوا يَجدونَ مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم منعوتا فِي كِتَابهمْ وَأَنه يظْهر فِي بعض هَذِه الْقرى الْعَرَبيَّة فِي قَرْيَة الْعَرَبيَّة بَين الشَّام واليمن يَجدونَ نعتها نعت يثرب فَينزل بهَا طَائِفَة مِنْهُم ويرجون ان يلْقوا مُحَمَّدًا فيتبعونه حَتَّى نزل من بني هَارُون مِمَّن حمل التَّوْرَاة بِيَثْرِب مِنْهُم طَائِفَة جَاءَ فأدركه من أدْركهُ من أبنائهم وَكَفرُوا بِهِ وهم يعْرفُونَ
وَأخرج ابو نعيم عَن حسان بن ثَابت انه قَالَ وَالله إِنِّي لفي منزلي ابْن سبع سِنِين وَأَنا احفظ مَا أرى وأعي مَا اسْمَع وَأَنا مَعَ أبي إِذْ دخل علينا فَتى منا يُقَال لَهُ ثَابت بن الضَّحَّاك فَتحدث فَقَالَ زعم يَهُودِيّ فِي قُرَيْظَة السَّاعَة وَهُوَ يلاحيني قد اظل خُرُوج نَبِي يَأْتِي بِكِتَاب مثل كتَابنَا يقتلكم قتل عَاد قَالَ حسان فوَاللَّه إِنِّي لعلى فارع يَعْنِي أَطَم حسان فِي السحر إِذْ سَمِعت صَوتا لم أسمع قطّ صَوتا أنفذ مِنْهُ فَإِذا يَهُودِيّ على ظهر أَطَم من آطام الْمَدِينَة مَعَه شعلة من نَار فَاجْتمع إِلَيْهِ النَّاس فَقَالُوا مَا لَك وَيلك قَالَ حسان فاسمعه يَقُول هَذَا كَوْكَب احْمَد قد طلع هَذَا كَوْكَب لَا يطلع إِلَّا بِالنُّبُوَّةِ وَلم يبْق من الْأَنْبِيَاء إِلَّا أَحْمد قَالَ فَجعل النَّاس يَضْحَكُونَ مِنْهُ ويعجبون لما يَأْتِي مِنْهُ وَكَانَ حسان عَاشَ مائَة سنة وَعشْرين سنة سِتِّينَ سنة فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ سنة فِي الاسلام
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن حويصة بن مَسْعُود قَالَ كُنَّا ويهود فِينَا كَانُوا يذكرُونَ نَبيا يبْعَث بِمَكَّة اسْمه أَحْمد وَلم يبْق من الْأَنْبِيَاء غَيره وَهُوَ فِي كتبنَا وَمَا أَخذ علينا مِنْهُ صفته كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَأْتُوا على نَعته قَالَ وانا غُلَام وَمَا أرى احفظ وَمَا اسْمَع أعي إِذْ سَمِعت صياحا من نَاحيَة بني عبد الْأَشْهَل فَإِذا قومِي فزعوا وخافوا ان يكون أَمر حدث ثمَّ خَفِي الصَّوْت ثمَّ عَاد فصاح ففهمنا صياحه يَا أهل يثرب هَذَا كَوْكَب أَحْمد الَّذِي ولد بِهِ قَالَ فَجعلنَا نعجب من ذَلِك ثمَّ أَقَمْنَا دهرا طَويلا ونسينا ذَلِك فَهَلَك قوم وَحدث آخَرُونَ وصرت رجلا كَبِيرا فَإِذا مثل ذَلِك الصياح بِعَيْنِه يَا أهل يثرب قد خرج مُحَمَّد وتنبأ وجاءه الناموس الْأَكْبَر الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى عليه الصلاة والسلام فَلم ننشب ان سَمِعت ان بِمَكَّة رجلا خرج يَدعِي النُّبُوَّة خرج من خرج من قَومنَا وَتَأَخر من تَأَخّر وَأسلم فتيَان منا أَحْدَاث وَلم يقْض لي ان اسْلَمْ حَتَّى قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت يهود قُرَيْظَة وَالنضير وفدك وخيبر يَجدونَ صفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدهم قبل أَن يبْعَث وَأَن هجرته الْمَدِينَة فَلَمَّا ولد قَالَت أَحْبَار يهود ولد أَحْمد هَذِه اللَّيْلَة هَذَا الْكَوْكَب قد طلع فَلَمَّا تنبأ قَالُوا تنبأ أَحْمد كَانُوا يعْرفُونَ ذَلِك ويقرون بِهِ ويصفونه
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي نملة قَالَ كَانَت يهود بني قُرَيْظَة يدرسون ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي كتبهمْ ويعلمونه الْولدَان بِصفتِهِ واسْمه وَمُهَاجره إِلَيْنَا الْمَدِينَة فَلَمَّا ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حسدوا وبغوا وأنكروا
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا مَالك بن سِنَان يَقُول جِئْت بني عبد الْأَشْهَل يَوْمًا لأتحدث فيهم فَسمِعت يُوشَع الْيَهُودِيّ يَقُول اظل خُرُوج نَبِي يُقَال لَهُ أَحْمد يخرج من الْحرم فَقيل لَهُ مَا صفته قَالَ رجل لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل فِي عَيْنَيْهِ حمرَة يلبس الشملة ويركب الْحمار سَيْفه على عَاتِقه وَهَذَا الْبَلَد مهاجره فَرَجَعت إِلَى قومِي بني خدرة وَأَنا اتعجب مِمَّا قَالَ فَأَسْمع رجلا منا يَقُول ويوشع يَقُول هَذَا وَحده كل يهود يثرب تَقول هَذَا فَخرجت حَتَّى جِئْت بني قُرَيْظَة فأجد جمعا فتذاكروا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الزبير ابْن باطا قد طلع الْكَوْكَب الْأَحْمَر الَّذِي لم يطلع إِلَّا لخُرُوج نَبِي وظهوره وَلم يبْق اُحْدُ إِلَّا أَحْمد وَهَذِه مهاجره
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق مَحْمُود بن لبيد عَن مُحَمَّد بن سَلمَة قَالَ لم يكن فِي بني عبد الاشهل الا يَهُودِيّ وَاحِد يُقَال لَهُ يُوشَع فَسَمعته يَقُول وَإِنِّي لغلام قد أظلكم خُرُوج نَبِي يبْعَث من نَحْو هَذَا الْبَيْت ثمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مَكَّة فَمن أدْركهُ فليصدقه فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وَهُوَ بَين أظهرنَا فَلم يسلم حسدا أَو بغيا
وَأخرج ابو نعيم عَن عبد الله بن سَلام قَالَ لم يمت تبع حَتَّى صدق بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لما كَانَ يهود يثرب يخبرونه
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب قَالَ لما قدم تبع الْمَدِينَة وَنزل بقناة بعث إِلَى أَحْبَار يهود فَقَالَ إِنِّي مخرب هَذَا الْبَلَد فَقَالَ لَهُ شامون الْيَهُودِيّ وَهُوَ يَوْمئِذٍ اعلمهم أَيهَا الْملك إِن هَذَا بلد يكون إِلَيْهِ مهَاجر نَبِي من بني اسماعيل مولده بِمَكَّة اسْمه احْمَد وَهَذِه دَار هجرته وَأَن مَنْزِلك هَذَا الَّذِي أَنْت بِهِ يكون بِهِ من الْقَتْل والجراح امْر كثير فِي أَصْحَابه وَفِي عدوهم قَالَ تبع وَمن يقاتله يَوْمئِذٍ قَالَ يسير إِلَيْهِ قومه فيقتتلون هَا هُنَا قَالَ فَأَيْنَ قَبره قَالَ بِهَذَا الْبَلَد قَالَ فَإِذا قوتل لمن تكون الدبرة قَالَ تكون لَهُ مرّة وَعَلِيهِ مرّة وَبِهَذَا الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ تكون عَلَيْهِ وَيقتل بِهِ أَصْحَابه مقتلة لم يقتلُوا فِي موطن مثلهَا ثمَّ تكون لَهُ الْعَاقِبَة وَيظْهر فَلَا ينازعه فِي هَذَا الْأَمر أحد قَالَ وَمَا صفته قَالَ رجل لَا بالطويل وَلَا بالقصير فِي عَيْنَيْهِ حمرَة يركب الْبَعِير ويلبس الشملة سَيْفه على عَاتِقه لَا يُبَالِي من لَاقَى حَتَّى يظْهر أمره
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ كَانَ الزبير بن باطا وَكَانَ اعْلَم الْيَهُود يَقُول إِنِّي وجدت سفرا كَانَ أبي كتمه عَليّ فِيهِ ذكر أَحْمد نَبِي يخرج بِأَرْض القيوظ صفته كَذَا وَكَذَا فَتحدث بِهِ الزبير بعد أَبِيه وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يبْعَث فَمَا هُوَ إِلَّا ان سمع بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قد خرج بِمَكَّة عمد إِلَى ذَلِك السّفر فمحاه وكتم شَأْن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَيْسَ بِهِ
وَأخرج ابو نعيم عَن سعد بن ثَابت قَالَ كَانَ أَحْبَار يهود بني قُرَيْظَة وَالنضير يذكرُونَ صفة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا طلع الْكَوْكَب الْأَحْمَر أخبروا أَنه نَبِي وَأَنه لَا نَبِي بعده اسْمه احْمَد مهاجره إِلَى يثرب فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة ونزلها انكروا وبغوا وحسدوا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن زِيَاد بن لبيد انه حدث انه كَانَ على أَطَم من آطام الْمَدِينَة سمع يَا أهل يثرب قد ذهبت وَالله نبوة بني اسرائيل هَذَا نجم قد طلع بمولد احْمَد وَهُوَ نَبِي آخر الْأَنْبِيَاء مهاجره إِلَى يثرب
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابت عَن أَبِيه قَالَ مَا كَانَ فِي الْأَوْس والخزرج رجل أوصف لمُحَمد صلى الله عليه وسلم من أبي عَامر الراهب كَانَ يألف الْيَهُود ويسائلهم عَن الدّين ويخبرونه بِصفة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَن هَذِه دَار هجرته ثمَّ خرج إِلَى يهود تيماء فأخبروه بِمثل ذَلِك ثمَّ خرج إِلَى الشَّام فَسَأَلَ النَّصَارَى فأخبروه بِصفة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَن مهاجره يثرب فَرجع أَبُو عَامر وَهُوَ يَقُول أَنا على دين الحنيفية فَأَقَامَ مترهبا وَلبس المسوح وَزعم انه على دين ابراهيم عليه السلام وَأَنه ينْتَظر خُرُوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا ظهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة لم يخرج إِلَيْهِ وَأقَام على مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة حسد وبغى ونافق فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّد بِمَ بعثت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بالحنيفية فَقَالَ انت تخلطها بغَيْرهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أتيت بهَا بَيْضَاء نقية ايْنَ مَا كَانَ يُخْبِرك الْأَخْبَار من الْيَهُود وَالنَّصَارَى من صِفَتي قَالَ لست بِالَّذِي وصفوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كذبت فَقَالَ مَا كذبت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْكَاذِب اماته الله طريدا وحيدا فَقَالَ آمين ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة فَكَانَ مَعَ قُرَيْش يتبع دينهم وَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ
واخرج ابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن جَعْفَر بن عبد الله بن أبي الحكم نَحوه وَزَاد فَخرج إِلَى مَكَّة فَلَمَّا فتحت مَكَّة خرج إِلَى الطَّائِف فَلَمَّا أسلم أهل الطَّائِف لحق بِالشَّام فَمَاتَ بهَا طريدا غَرِيبا وحيدا
وَأخرج ابو نعيم عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ كَانَ كَعْب بن لؤَي بن غَالب يجمع قومه يَوْم الْجُمُعَة فيخطبهم فَيَقُول أما بعد فَاسْمَعُوا وتعلموا وافهموا وَاعْلَمُوا ليل سَاج ونهار وضاح وَالْأَرْض مهاد وَالسَّمَاء بِنَاء وَالْجِبَال
أوتاد والنجوم أَعْلَام والأولون كالآخرين وَالذكر وَالْأُنْثَى وَالروح إِلَى بلَى فصلوا أَرْحَامكُم واحفظوا اصهاركم وثمروا اموالكم فَهَل رَأَيْتُمْ من هَالك رَجَعَ أَو ميت نشر الدَّار امامكم وَالظَّن غير مَا تَقولُونَ حرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا بِهِ فَسَيَأْتِي لَهُ نبأ عَظِيم وسيخرج مِنْهُ نَبِي كريم
ثمَّ يَقُول
(نَهَار وليل كل أَوب بحادث
…
سَوَاء علينا لَيْلهَا ونهارها)
(على غَفلَة يَأْتِي النَّبِي مُحَمَّد
…
يخبر أَخْبَارًا صَدُوق خبيرها)
وَالله لَو كنت ذَا سمع وَذَا بصر وَذَا أيد وَذَا رجل لتنصبت فِيهَا تنصب الْجمل ولأرقلت فِيهَا إرقال الْفَحْل ثمَّ يَقُول
(يَا لَيْتَني شَاهدا نجواء دَعوته
…
حِين الْعَشِيرَة تبغي الْحق خذلانا)
وَكَانَ بَين موت كَعْب بن لؤَي ومبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَمْسمِائَة سنة وَسِتُّونَ سنة
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس أَن قس بن سَاعِدَة كَانَ يخْطب قومه فِي سوق عكاظ فَقَالَ فِي خطبَته سيعمكم حق من هَذَا الْوَجْه وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو مَكَّة قَالُوا لَهُ وَمَا هَذَا الْحق قَالَ رجل أَبْلَج أحور من ولد لؤَي بن غَالب يدعوكم إِلَى كلمة الْإِخْلَاص وعيش الْأَبَد ونعيم لَا ينْفد فَإِن دعَاكُمْ فأجيبوه وَلَو علمت أَنِّي أعيش إِلَى مبعثه لَكُنْت أول من يسْعَى إِلَيْهِ
وَأخرج الخرائطي فِي كتاب الهواتف وَابْن عَسَاكِر عَن جَامع بن جران بن جَمِيع بن عُثْمَان بن سمال بن ابي الْحصن بن السمؤال بن عاديا قَالَ لما حضرت الْأَوْس ابْن حَارِثَة الْوَفَاة أوصى ابْنه مَالِكًا بوصايا ثمَّ انشأ يَقُول
(شهِدت السبايا يَوْم آل محرق
…
وَأدْركَ عمري صَيْحَة الله فِي الْحجر)
(فَلم أر ذَا ملك من النَّاس وَاحِدًا
…
وَلَا سوقة إِلَّا الى الْمَوْت والقبر)
إِلَى أَن قَالَ
(ألم يَأْتِ قومِي ان لله دَعْوَة
…
يفوز بهَا أهل السَّعَادَة وَالْبر)
(إِذا بعث الْمَبْعُوث من آل غَالب
…
بِمَكَّة فِيمَا بَين زَمْزَم وَالْحجر)
(هُنَالك فابغوا نَصره ببلادكم
…
بني عَامر إِن السَّعَادَة فِي النَّصْر)
وَأخرج ابْن سعد عَن حرَام بن عُثْمَان الْأنْصَارِيّ قَالَ قدم سعد بن زُرَارَة من الشَّام تَاجِرًا فِي أَرْبَعِينَ رجلا من قومه فَرَأى رُؤْيا أَن آتِيَا أَتَاهُ فَقَالَ إِن نَبيا يخرج بِمَكَّة يَا أَبَا أُمَامَة فَأتبعهُ وَآيَة ذَلِك انكم تَنْزِلُونَ منزلا فيصاب أَصْحَابك فتنجو انت وَفُلَان يطعن فِي عينه فنزلوا منزلا فبيتهم الطَّاعُون فأصيبوا جَمِيعًا غير أبي أُمَامَة وَصَاحب لَهُ طعن فِي عينه
وَأخرج ابْن ابي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الشّعبِيّ قَالَ حَدثنِي شيخ من جُهَيْنَة أَن رجلا منا فِي الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهُ عُمَيْر بن حبيب مرض فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فسجيناه فظنناه انه قد مَاتَ وأمرنا بحفرته ان تحفر فَبينا نَحن عِنْده إِذْ جلس فَقَالَ إِنِّي أتيت حَيْثُ رَأَيْتُمُونِي أُغمي عَليّ فَقيل لي لامك الهبل أَلا ترى إِلَى حفرتك تنتثل وَقد كَادَت امك تثكل ارأيت ان حولناها عَنْك بمحول وقذفنا فِيهَا القصل ثمَّ ملأناها عَلَيْهِ بالجندل أتؤمن بِالنَّبِيِّ الْمُرْسل وتشكر لِرَبِّك وَتصل وَتَدَع سَبِيل من أشرك فأضل قلت نعم فأطلقت فانظروا مَاذَا فعل القصل فَذَهَبُوا ينظرُونَ فوجدوه قد مَاتَ فَدفن بِالْحُفْرَةِ وعاش الرجل حَتَّى أدْرك الْإِسْلَام
واخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن كَعْب قَالَ كَانَ إِسْلَام ابي بكر الصّديق سَببه بِوَحْي من السَّمَاء وَذَلِكَ انه كَانَ تَاجِرًا بِالشَّام فَرَأى رُؤْيا فَقَصَّهَا على
بحيراء الراهب فَقَالَ لَهُ من أَيْن أَنْت قَالَ من مَكَّة قَالَ من أَيهَا قَالَ من قُرَيْش قَالَ فأيش أَنْت قَالَ تَاجر قَالَ صدق الله رُؤْيَاك فَإِنَّهُ يبْعَث نَبِي من قَوْمك تكون وزيره فِي حَيَاته وخليفته بعد مَوته فأسرها أَبُو بكر حَتَّى بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّد مَا الدَّلِيل على مَا تَدعِي قَالَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْت بِالشَّام فعانقه وَقبل مَا بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ أشهد انك رَسُول الله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن البياضي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قيل لأبي بكر هَل رَأَيْت قبل الاسلام شَيْئا من دَلَائِل نبوة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ نعم وَهل بَقِي أحد من قُرَيْش اَوْ من غير قُرَيْش لم يَجْعَل الله لمُحَمد فِي نبوته حجَّة بَينا أَنا قَاعد فِي شَجَرَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذْ تدلى عَليّ غُصْن من أَغْصَانهَا حَتَّى صَار على رَأْسِي فَجعلت انْظُر إِلَيْهِ وَأَقُول مَا هَذَا فَسمِعت صَوتا من الشَّجَرَة هَذَا النَّبِي يخرج فِي وَقت كَذَا وَكَذَا فَكُن أَنْت من أسعد النَّاس بِهِ
بَاب اخْتِصَاصه بِذكر أَصْحَابه فِي الْكتب السَّابِقَة وَوَعدهمْ بوراثة الأَرْض
قَالَ الله تَعَالَى {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون}
أخرج ابْن ابي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ أخبر الله سُبْحَانَهُ فِي التَّوْرَاة وَالزَّبُور وسابق علمه قبل ان تكون السَّمَوَات وَالْأَرْض ان يُورث أمة مُحَمَّد الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء انه قَرَأَ قَوْله تَعَالَى {أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} فَقَالَ نَحن الصالحون قلت وَقد وقفت على نُسْخَة من الزبُور وَهُوَ مائَة وَخَمْسُونَ سُورَة وَرَأَيْت فِي السُّورَة الرَّابِعَة مِنْهُ مَا نَصه يَا دَاوُد اسْمَع مَا أَقُول وَمر سُلَيْمَان فليقله للنَّاس من بعْدك إِن الأَرْض لي أورثها مُحَمَّدًا أَو أمته
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ أَبُو بكر الصّديق خرجت إِلَى الْيمن قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَنزلت على شيخ من الأزد عَالم قد قَرَأَ الْكتب وَأَتَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعمِائَة سنة إِلَّا عشر سِنِين فَقَالَ لي احسبك حرميا قلت نعم قَالَ واحسبك قرشيا قلت نعم قَالَ واحسبك تيميا قلت نعم قَالَ بقيت لي مِنْك وَاحِدَة قلت مَا هِيَ قَالَ تكشف لي عَن بَطْنك قلت لم ذَاك قَالَ أجد فِي الْعلم الصَّادِق ان نَبيا يبْعَث فِي الْحرم يعاون على أمره فَتى وكهل فَأَما الْفَتى فخواض غَمَرَات ودفاع معضلات وَأما الكهل فأبيض نحيف على بَطْنه شامة وعَلى فَخذه الْيُسْرَى عَلامَة وَمَا عَلَيْك ان تريني فقد تكاملت لي فِيك الصّفة إِلَّا مَا خَفِي عَليّ قَالَ أَبُو بكر فَكشفت لَهُ عَن بَطْني فَرَأى شامة سَوْدَاء فَوق سرتي فَقَالَ انت هُوَ وَرب الْكَعْبَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الرّبيع بن أنس قَالَ مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول مثل ابي بكر الصّديق مثل الْقطر أَيْنَمَا يَقع نفع
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي بكر قَالَ أتيت عمر رضي الله عنه وَبَين يَدَيْهِ قوم يَأْكُلُون فَرمى ببصره فِي مؤخرة الْقَوْم إِلَى رجل فَقَالَ مَا تَجِد فِيمَا تقْرَأ قبلك من الْكتب قَالَ خَليفَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم صديقه
وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق زيد بن أسلم قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن الْخطاب قَالَ خرجت مَعَ نَاس من قُرَيْش فِي تِجَارَة إِلَى الشَّام فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا خرجنَا إِلَى مَكَّة نسيت قَضَاء حَاجَة فَرَجَعت فَقلت لِأَصْحَابِي ألحقكم فوَاللَّه إِنِّي لفي سوق من أسواقها إِذا انا ببطريق قد جَاءَ فَأخذ بعنقي فَذَهَبت انازعه فَأَدْخلنِي كنيسته فَإِذا تُرَاب متراكب بعضه على بعض فَدفع إِلَيّ مجرفة وفأسا وزنبيلا وَقَالَ انقل هَذَا التُّرَاب فَجَلَست أتفكر فِي أَمْرِي كَيفَ أصنع فَأَتَانِي فِي الهاجرة فَقَالَ لي لم أرك أخرجت شَيْئا ثمَّ ضم أَصَابِعه فَضرب بهَا وسط رَأْسِي فَقُمْت بالمجرفة فَضربت بهَا هامته فاذا دماغه قد انتثر ثمَّ خرجت على وَجْهي مَا أَدْرِي ايْنَ أسلك فمشيت بَقِيَّة يومي وليلتي حَتَّى أَصبَحت فانتهيت الى دير فاستظللت فِي ظله فَخرج إِلَيّ رجل
فَقَالَ يَا عبد الله مَا يجلسك هَا هُنَا قلت اضللت عَن أَصْحَابِي فَجَاءَنِي بِطَعَام وشراب وَصعد فِي النّظر وخفضه ثمَّ قَالَ يَا هَذَا قد علم أهل الْكتاب انه لم يبْق على وَجه الأَرْض اُحْدُ أعلم مني بِالْكتاب وَإِنِّي اجد صِفَتك الَّذِي تخرجنا من هَذَا الدَّيْر وتغلب على هَذِه الْبَلدة فَقلت لَهُ أَيهَا الرجل قد ذهبت فِي غير مَذْهَب قَالَ مَا اسْمك قلت عمر بن الْخطاب قَالَ أَنْت وَالله صاحبنا فَهُوَ غير شكّ فَاكْتُبْ لي على ديري وَمَا فِيهِ قلت ايها الرجل قد صنعت مَعْرُوفا فَلَا تكدره فَقَالَ اكْتُبْ لي كتابا فِي رق لَيْسَ عَلَيْك فِيهِ شَيْء فَإِن تَكُ صاحبنا فَهُوَ مَا نُرِيد وَإِن تكن الْأُخْرَى فَلَيْسَ يَضرك قلت هَات فَكتبت لَهُ ثمَّ ختمت عَلَيْهِ فَلَمَّا قدم عمر الشَّام فِي خِلَافَته أَتَاهُ ذَلِك الراهب وَهُوَ صَاحب دير الْقُدس بذلك الْكتاب فَلَمَّا رَآهُ عمر تعجب مِنْهُ وَأَنْشَأَ يحدثنا حَدِيثه فَقَالَ أوف لي بشرطي فَقَالَ عمر لَيْسَ لعمر وَلَا لِابْنِ عمر مِنْهُ شَيْء
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ ركض عمر فرسا فانكشف ثَوْبه عَن فَخذه فَرَأى اهل نَجْرَان بفخذه شامة سَوْدَاء فَقَالُوا هَذَا الَّذِي كُنَّا نجد فِي كتَابنَا أَنه يخرجنا من أَرْضنَا
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من طَرِيق أبي اسحاق عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ ركض عمر فرسا على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَانْكَشَفَتْ فَخذه من تَحت القباء فأبصر رجل من أهل نَجْرَان شامة فِي فَخذه فَقَالَ هَذَا الَّذِي كُنَّا نجده فِي كتَابنَا يخرجنا من دِيَارنَا
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن كَعْب قَالَ قلت لعمر بِالشَّام انه مَكْتُوب فِي هَذِه الْكتب هَذِه الْبِلَاد مَفْتُوحَة على يَد رجل من الصَّالِحين رَحِيم بِالْمُؤْمِنِينَ شَدِيد على الْكَافرين سره مثل عَلَانِيَته وَقَوله لَا يُخَالف فعله الْقَرِيب والبعيد سَوَاء فِي الْحق عِنْده وَأَتْبَاعه رُهْبَان بِاللَّيْلِ وَأسد بِالنَّهَارِ متراحمون متواصلون متبارون قَالَ عمر أَحَق مَا تَقول قَالَ أَي وَالله قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أعزنا وَأَكْرمنَا وشرفنا ورحمنا بنبينا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبيد بن آدم وَأبي مَرْيَم وَأبي شُعَيْب بن عمر أَن عمر ابْن الْخطاب كَانَ بالجابية فَقدم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَقَالُوا لَهُ مَا اسْمك قَالَ خَالِد بن الْوَلِيد قَالُوا وَمَا اسْم صَاحبك قَالَ عمر بن الْخطاب قَالُوا أنعته لنا فنعته قَالُوا أما انت فلست تفتحها وَلَكِن عمر فَإنَّا نجد فِي الْكتب كل مَدِينَة تفتح قبل الْأُخْرَى وكل رجل يفتحها نَعته وَإِنَّا نجد فِي الْكتاب أَن قيسارية تفتح قبل بَيت الْمُقَدّس فاذهبوا فافتحوها ثمَّ تَعَالَوْا بصاحبكم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مغيث الْأَوْزَاعِيّ أَن عمر بن الْخطاب قَالَ لكعب الْأَحْبَار كَيفَ تَجِد نعتي فِي التَّوْرَاة قَالَ خَليفَة قرن من حَدِيد أَمِير شَدِيد لَا يخَاف فِي الله لومة لائم ثمَّ يكون من بعْدك خَليفَة تقتله امة ظالمين لَهُ ثمَّ يَقع الْبلَاء بعده
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْأَقْرَع مُؤذن عمر ان عمر دَعَا الأسقف فَقَالَ هَل تجدونا فِي شَيْء من كتبكم قَالَ نجد صفتكم وَأَعْمَالكُمْ وَلَا نجد اسماءكم إسما إسما قَالَ كَيفَ تجدوني قَالَ قرنا من حَدِيد قَالَ مَا قرن من حَدِيد قَالَ أَمِير شَدِيد قَالَ عمر الله اكبر قَالَ فَالَّذِي من بعدِي قَالَ رجل صَالح يُؤثر اقرباءه قَالَ عمر يرحم الله ابْن عَفَّان فَالَّذِي من بعده قَالَ صداء حَدِيد فَقَالَ عمر وادفراه قَالَ مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ رجل صَالح وَلَكِن تكون خِلَافَته فِي هراقة من الدِّمَاء وَالسيف مسلول
واخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن سِيرِين قَالَ قَالَ كَعْب الْأَحْبَار لعمر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل ترى فِي مَنَامك شَيْئا فانتهره فَقَالَ أَنا اجد رجلا يرى امْر الْأمة فِي مَنَامه
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده بِسَنَد حسن عَن افلح مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ كَانَ عبد الله بن سَلام قبل أَن يَأْتِي اهل مصر يدْخل على رُؤُوس قُرَيْش فَيَقُول لَهُم لَا تقتلُوا هَذَا الرجل يَعْنِي عُثْمَان فَيَقُولُونَ وَالله مَا نُرِيد قَتله فَيخرج وَهُوَ
يَقُول وَالله لَيَقْتُلَنهُ ثمَّ قَالَ لَهُم لَا تقتلوه فوَاللَّه ليموتن إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَبَوا فَخرج عَلَيْهِم بعد أَيَّام فَقَالَ لَهُم لَا تقتلوه فوَاللَّه ليموتن إِلَى خمس عشرَة لَيْلَة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن طاؤس قَالَ سُئِلَ عبد الله بن سَلام حِين قتل عُثْمَان كَيفَ تَجِدُونَ صفة عُثْمَان فِي كتبكم قَالَ نجده يَوْم الْقِيَامَة أَمِيرا على الْقَاتِل والخاذل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن يُوسُف عَن جده عبد الله بن سَلام أَنه دخل على عُثْمَان فَقَالَ لَهُ مَا ترى فِي الْقِتَال والكف قَالَ الْكَفّ أبلغ للحجة وَإِنَّا لنجد فِي كتاب الله انك يَوْم الْقِيَامَة أَمِير على الْقَاتِل والآمر
وَأخرج من هَذِه الطَّرِيق أَن عبد الله بن سَلام قَالَ للمصريين لَا تقتلُوا عُثْمَان فَإِنَّهُ لَا يستكمل ذَا الْحجَّة حَتَّى يَأْتِي على أَجله
وَأخرج ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ لما توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قيل لذِي قربات الْحِمْيَرِي وَكَانَ من أعلم يهود يَا ذَا قربات من بعده قَالَ الْأمين يَعْنِي أَبَا بكر قيل فَمن بعده قَالَ قرن من حَدِيد يَعْنِي عمر قيل فَمن بعده قَالَ الازهر يَعْنِي عُثْمَان قيل فَمن بعده قَالَ الوضاح الْمَنْصُور يَعْنِي مُعَاوِيَة
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ قَالَ لي عبد الله بن سَلام لما قتل عَليّ هَذَا رَأس أَرْبَعِينَ سنة وسيكون عِنْدهَا صلح
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح قَالَ كَانَ الْحَادِي يَحْدُو بعثمان وَهُوَ يَقُول
(إِن الامير بعده عَليّ
…
وَفِي الزبير خلف مرضِي)
فَقَالَ كَعْب لَا بل هُوَ مُعَاوِيَة فَأخْبر مُعَاوِيَة بذلك فَقَالَ يَا أَبَا إِسْحَاق أَنى يكون هَذَا وَهَا هُنَا أَصْحَاب مُحَمَّد عَليّ وَالزُّبَيْر قَالَ أَنْت صَاحبهَا
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن رَاهَوَيْه بِسَنَد حسن عَن ابي حريز الْأَزْدِيّ عَن عبد الله بن سَلام أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم إِنَّا نجدك يَوْم الْقِيَامَة قَائِما عِنْد رَبك وَأَنت مجمارة وجنتاك مستحي من رَبك مِمَّا احدثت امتك بعْدك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن يزِيد الثَّقَفِيّ قَالَ اصطحب قيس بن خَرشَة وَكَعب الاحبار حَتَّى إِذا بلغا صفّين وقف كَعْب ثمَّ نظر سَاعَة ثمَّ قَالَ ليهراقن بِهَذِهِ الْبقْعَة من دِمَاء الْمُسلمين شَيْء لَا يهراق ببقعة من الآرض مثله فَقَالَ قيس مَا يدْريك فَإِن هَذَا من الْغَيْب الَّذِي اسْتَأْثر الله بِهِ فَقَالَ كَعْب مَا من الأَرْض شبر إِلَّا مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة الَّذِي انْزِلْ الله على مُوسَى مَا يكون عَلَيْهِ وَمَا يخرج مِنْهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عبد الله بن الزبير أَنه قَالَ لما أَتَى بِرَأْس الْمُخْتَار مَا حَدثنِي كَعْب بِحَدِيث إِلَّا وجدت مصداقه إِلَّا أَنه حَدثنِي أَن رجلا من ثَقِيف سيقتلني قَالَ الْأَعْمَش مَا درى أَن الْحجَّاج خبئ لَهُ
وَأخرج الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِنِّي أجد مَكْتُوبًا فِي الْكتاب رجلا من شَجَرَة مُعَاوِيَة يسفك الدِّمَاء ويستحل الاموال وينقض هَذَا الْبَيْت حجرا حجرا فان كَانَ ذَاك وَأَنا حَيّ وَإِلَّا فاذكريني يَقُول لامْرَأَة من بني الْمُغيرَة كَانَ منزلهَا على أبي قبيس فَلَمَّا كَانَ زمن الْحجَّاج وَابْن الزبير وَرَأَتْ الْبَيْت ينْقض قَالَت رحم الله عبد الله بن عَمْرو
وَأخرج عبد الله بن احْمَد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن هِشَام بن خَالِد الربعِي قَالَ قَرَأت فِي التَّوْرَاة ان السَّمَاء وَالْأَرْض تبْكي على عمر بن عبد الْعَزِيز أَرْبَعِينَ سنة
وَأخرج عَن مُحَمَّد بن فضَالة أَن رَاهِبًا قَالَ إِنَّا نجد عمر بن عبد الْعَزِيز من أَئِمَّة الْعدْل مَوضِع رَجَب من أشهر الْحرم
وَأخرج عَن الْوَلِيد بن هِشَام بن الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط قَالَ نزلنَا أَرض كَذَا فَقَالَ رجل أَلا تسمع مَا يَقُول هَذَا الراهب زعم أَن سُلَيْمَان أَمِير الْمُؤمنِينَ توفّي قَالَ فَمن اسْتخْلف بعده قَالَ الْأَشَج عمر بن عبد الْعَزِيز فَلَمَّا قدمت الشَّام إِذا هُوَ كَمَال قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْعَام الرَّابِع نزلنَا ذَلِك الْمنزل فَأَتَاهُ ذَلِك الرجل فَقَالَ يَا رَاهِب الحَدِيث الَّذِي حدثتناه وَجَدْنَاهُ كَمَا قلت قَالَ فَإِنَّهُ وَالله قد سقِِي عمر السم فأتيناه فوجدناه كَذَلِك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن رجل من أهل الْبَصْرَة قَالَ خرجت أُرِيد بَيت الْمُقَدّس فآواني الْمَطَر إِلَى صومعة رَاهِب فَأَشْرَف عَليّ فَقَالَ إِنَّا نجد فِي كتَابنَا ان قوما من أهل دينكُمْ يقتلُون بعذراء لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب فَمَا مكثت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جِيءَ بِحجر بن عدي وَأَصْحَابه فَقتلُوا بعذراء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب قَالَ تظهر رايات سود لبني الْعَبَّاس حَتَّى ينزلُوا الشَّام وَيقتل الله على ايديهم كل جَبَّار وعدو لَهُم
وَأخرج الدولابي فِي الكنى من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن يعلى بن عَطاء عَن بجير أبي عبيد عَن سرح اليرموكي وَكَانَ من أهل الْكتاب قَالَ أجد فِي الْكتاب أَن فِي هَذِه الْأمة اثْنَي عشر رَئِيسا نَبِيّهم أحدهم فَإِذا وفت الْعدة طغوا وبغوا وَكَانَ بأسهم بَينهم
بَاب اخبار الْكُهَّان بِهِ قبل مبعثه
أخرج ابو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق اسماعيل بن عَيَّاش عَن يحيى بن ابي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الله بن الديلِي عَن ابْن عَبَّاس ان رجلا أَتَاهُ فَقَالَ بلغنَا أَنَّك تذكر سطيحا الكاهن تزْعم ان الله تَعَالَى لم يخلق من ولد آدم شَيْئا وَلَا عصب إِلَّا الجمجمة والعنق وَالْكَفَّيْنِ وَكَانَ يطوي من رجلَيْهِ إِلَى ترقوته كَمَا يطوى الثَّوْب وَلم يكن فِيهِ شَيْء تحرّك إِلَّا لِسَانه فَلَمَّا اراد الْخُرُوج إِلَى مَكَّة حمل عَليّ وضمه فَأتى بِهِ مَكَّة فَخرج اليه اربعة نفر من قُرَيْش عبد شمس وَعبد منَاف ابْنا قصي والأحوص بن فهر وَعقيل بن أبي وَقاص فانتموا إِلَى غير نسبهم فَقَالُوا نَحن اناس من جمح اتيناك لنزورك لما بلغنَا قدومك ورأينا ان إتياننا إياك حَقًا وَاجِبا لَك علينا وَأهْدى لَهُ عقيل صفيحة هندية وصعدة ردينية فَوَضَعَتَا على بَاب الْبَيْت الْحَرَام لينظروا هَل يراهما سطيح ام لَا فَقَالَ يَا عقيل ناولني يدك فَنَاوَلَهُ يَده فَقَالَ والعالم الْخفية والغافر
الخطية والذمة الوفية والكعبة المبنية انك للجائي بالهدية الصفيحة الْهِنْدِيَّة والصعدة الردينية قَالُوا صدقت يَا سطيح فَقَالَ وَاللات بالفرح وقوس قزَح وَالسَّابِق الْقرح واللطيم المنبطح وَالنَّخْل وَالرّطب والبلح ان الْغُرَاب حَيْثُمَا طَار سخ وَأخْبر ان الْقَوْم لَيْسُوا من جمح وَأَن نسبهم من قُرَيْش ذِي البطح قَالُوا صدقت يَا سطيح نَحن أهل الْبَلَد آتيناك لنزورك لما بلغنَا من علمك فَأخْبرنَا عَمَّا يكون فِي زَمَاننَا وَمَا يكون من بعده إِن يكن عنْدك فِي ذَلِك علم فَقَالَ الْآن صَدقْتُمْ خُذُوا مني وَمن إلهام الله إيَّايَ أَنْتُم يَا معشر الْعَرَب فِي زمَان الْهَرم سَوَاء بصائركم وبصيرة الْعَجم لَا علم عنْدكُمْ وَلَا فهم وينشؤا من عقبكم دهم يطْلبُونَ أَنْوَاع الْعلم يكسرون الصَّنَم يبلغون الرَّدْم يقتلُون الْعَجم يطْلبُونَ الْغنم قَالُوا يَا سطيح مِمَّن يكون اولئك قَالَ وَالْبَيْت ذِي الْأَركان والأمن وَالسُّلْطَان لينشئوا من عقبكم ولدان يكسرون الْأَوْثَان ويتركون عبَادَة الشَّيْطَان يوحدون الرَّحْمَن ويسنون دين الديَّان يشرفون الْبُنيان ويسبقون العميان قَالُوا يَا سطيح فَمن نسل من يكون أُولَئِكَ قَالَ وأشرف الْأَشْرَاف والمحصي الاسراف والمزعزع الاحقاف والمضعف الْأَضْعَاف لينشئون آلَاف من بني عبد شمس ومناف يكون فيهم اخْتِلَاف قَالُوا يَا سطيح مَا تخبرنا بأمرهم وَمن أَي بلد يخرج قَالَ وَالْبَاقِي الْأَبَد والبالغ الأمد ليخرجن من ذَا الْبَلَد نَبِي مهتد يهدي إِلَى الرشد يرفض يغوثا والفند يبرأ من عبَادَة الصدد يعبد رَبًّا انْفَرد ثمَّ يتوفاه الله مَحْمُودًا وَمن الأَرْض مفقودا وَفِي السَّمَاء مشهودا ثمَّ يَلِي أمره الصّديق إِذا قضى صدق وَفِي رد الْحُقُوق لَا خرق وَلَا نزق ثمَّ يَلِي أمره الحنيف مجرب غطريف قد أضَاف المضيف وَأحكم التحنيف ثمَّ يَلِي أمره دارع لأَمره مجرب فيجتمع لَهُ جموع وَعصب فيقتلونه نقمة عَلَيْهِ وَغَضب فَيُؤْخَذ الشَّيْخ فَيذْبَح اربا فَيقوم لَهُ رجال خطبا ثمَّ يَلِي امْرَهْ النَّاصِر يخلط الرَّأْي بِرَأْي ماكر يظْهر فِي الأَرْض العساكر ثمَّ يَلِي أمره من بعده ابْنه يَأْخُذ جمعه ويقل حَمده وَيَأْخُذ المَال فيأكل وَحده ويكنز المَال لعقبه بعده ثمَّ يَلِي من بعده مُلُوك لَا شكّ ان الدَّم فيهم مسفوك ثمَّ يَلِي امْرَهْ من بعده الصعلوك يطأهم كوطأة الدرنوك ثمَّ يَلِي عضوض أَبُو جَعْفَر يقصي الْحق ويدني مُضر يفْتَتح الارض افتتاحا مُنكر ثمَّ يَلِي قصير الْقَامَة
بظهره عَلامَة يَمُوت موت السَّلامَة ثمَّ يَأْتِي قَلِيل ماكر يتْرك الْملك مجلي باير ثمَّ يَلِي أَخُوهُ بسنته سَائِر يخْتَص بالأموال والمنابر ثمَّ يَلِي امْرَهْ من بعده اهوج صَاحب دنيا ونعيم محلج يثاوره معاشره وذووه ينهضون اليه ويخلعوه يَأْخُذُونَ الْملك ويقتلوه ثمَّ يَلِي من بعده السَّابِع فَيتْرك الْملك مخلى ضائع يسور فِي ملكه سُورَة جَائِع عِنْد ذَلِك يطْمع فِي الْملك كل عُرْيَان فيلي امْر النَّاس اللهفان يوطي نزار جمع قحطان إِذا التقى بِدِمَشْق جمعان بَين ميسَان ولبنان يصنف الْيمن يَوْمئِذٍ صنفين صنف مُشَوه وصنف مخذول لَا ترى الاخباء مخلولا ولواء محلولا وأسيرا مغلولا بَين الْفُرَات والجبول عِنْد ذَلِك تخرب المنابر وتسلب الأرامل وَتسقط الْحَوَامِل وَتظهر الزلازل وَيطْلب الْخلَافَة وَائِل فَعِنْدَ ذَلِك تغْضب نزار وتدني العبيد والأشرار وَيَقْضِي النساك والأخيار تجوع النَّاس وتغلو الأسعار وَفِي صفر من الأصفار يقتل كل جَبَّار مِمَّن تشرف إِلَى خنادق وانهار ذَات أسعال وأشجار تغمد لَهُم الأغمار تهزمهم اول النَّهَار يظْهر لأَمره الْأَخْبَار فَلَا يَنْفَعهُمْ نوم وَلَا قَرَار حَتَّى يدْخل مصرا من الْأَمْصَار فيدركه الْقَضَاء والأقدار ثمَّ تَجِيء الرُّمَاة تزحف مشَاة لقتل الكماة وَأسر الحماة وَجَهل الغواة هُنَالك يُدْرِكهُ بِأَعْلَى الْمِيَاه ثمَّ يبور الدّين وتقلب الْأُمُور وَيكفر الزبُور وتقطع الجسور وَلَا يغلب إِلَّا من كَانَ فِي جزائر البحور ثمَّ يثور الْجنُوب وَتظهر الأعاريب لَيْسَ فيهم معِين على أهل الفسوق والأحاريب فِي زمَان عصيب لَو كَانَ للْقَوْم حَيَاء وَمَا يُغني المنى قَالُوا ثمَّ مَاذَا يَا سطيح قَالَ ثمَّ يظْهر رجل من الْيمن ابيض كالشطن يخرج من بَين صنعاء وعدن يُسمى حُسَيْن أَو حسن يذهب الله على رَأسه الْفِتَن
الْوَضم كل شَيْء يحمل عَلَيْهِ اللَّحْم من خشب أوبارية والصعدة الْقَنَاة المستوية وردينة اسْم امْرَأَة كَانَت تقوم القنا فنسب اليها الرماح الردينية والقرح بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة جمع قارح وَهُوَ الْفرس إِذا اسْتكْمل خمس سِنِين وانتهت أَسْنَانه واللطيم من الْخَيل الَّذِي سَالَتْ غرته فِي اُحْدُ شقي وَجهه والدهم بِفَتْح الدَّال وَسُكُون الْهَاء الْعدَد الْكثير والمزعزع بزايين معجمتين المحرك والصدد من أَسمَاء الْحجر والخرق بِفَتْح الرَّاء ضد الرِّفْق والنزق بِفَتْح الزَّاي الخفة والطيش وَالْوَصْف مِنْهُمَا
بِكَسْر الرَّاء وَالزَّاي والغطريف بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالرَّاء السَّيِّد والدرنوك بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَالرَّاء نوع من الْبسط ومحلج بحاء مُهْملَة وَآخره جِيم من الحليجة وَهِي عصارة نحى أَو لبن أنقع فِيهِ تمر
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن اسحاق عَن بعض أهل الرِّوَايَة ان ربيعَة بن نصر اللَّخْمِيّ رأى رُؤْيا هالته وفظع بهَا فَبعث إِلَى أهل الحزاة من أهل مَمْلَكَته فَلم يدع كَاهِنًا وَلَا ساحرا وَلَا عائفا وَلَا منجما إِلَّا جمعهم إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُم إِنِّي قد رَأَيْت رُؤْيا هالتني فَأَخْبرُونِي بتأويلها قَالُوا اقصصها علينا نخبرك بتأويلها قَالَ إِنِّي ان اخبركم بهَا لم اطمئن إِلَى تَأْوِيلهَا إِنَّه لَا يعرف تَأْوِيلهَا إِلَّا من يعرفهَا قبل ان اخبره بهَا فَقَالَ لَهُ رجل من القوام إِن كَانَ الْملك يُرِيد هَذَا فليبعث إِلَى سطيح وشق فَإِنَّهُ لَيْسَ أحد أعلم مِنْهُمَا فهما يخبرانك فَقدم إِلَيْهِ سطيح قبل شقّ وَلم يكن فِي زمانهما مثلهمَا من الْكُهَّان فَقَالَ لَهُ يَا سطيح إِنِّي رَأَيْت رُؤْيا هالتني فَأَخْبرنِي بهَا قَالَ رَأَيْت حممة خرجت من ظلمَة فَوَقَعت فِي أَرض تُهْمَة فَأكلت مِنْهَا كل ذَات جمجمة قَالَ الْملك مَا اخطأت مِنْهَا شَيْئا فَمَا عنْدك فِي تَأْوِيلهَا قَالَ احْلِف بِمَا بَين الحزتين من حَنش ليهبطن أَرْضكُم الْحَبَش فليملكن مَا بَين أبين إِلَى جرش قَالَ الْملك إِن ذَلِك لنا لغائط موجع فَمَتَى هُوَ كَائِن أَفِي زماني اَوْ بعده قَالَ بل بعده بِحِين اكثر من سِتِّينَ اَوْ سبعين تمْضِي من السنين قَالَ فَهَل يَدُوم ذَلِك من ملكهم اَوْ يَنْقَطِع قَالَ يَنْقَطِع لبضع وَسبعين يمضين من السنين ثمَّ يقتلُون بهَا أَجْمَعِينَ وَيخرجُونَ هاربين قَالَ الْملك وَمن الَّذِي يَلِي ذَلِك من قَتلهمْ واخراجهم قَالَ يَلِيهِ إرم ذِي يزن يخرج عَلَيْهِم من عدن فَلَا يتْرك مِنْهُم أحدا بِالْيمن قَالَ أفيدوم ذَلِك من سُلْطَانه اَوْ يَنْقَطِع قَالَ بل يَنْقَطِع لبضع وَسبعين من السنين قَالَ وَمن يقطعهُ قَالَ نَبِي زكي يَأْتِيهِ الْوَحْي من قبل الْعلي قَالَ وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِي قَالَ من ولد غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر يكون الْملك فِي قومه إِلَى آخر الدَّهْر قَالَ وَهل الدَّهْر من آخر يَا سطيح قَالَ نعم يَوْم يجمع فِيهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ ويسعد فِيهِ المحسنون ويشقى فِيهِ المسيئون قَالَ أَحَق مَا تُخبرنِي بِهِ يَا سطيح قَالَ نعم والشفق والغسق والفلق أَن مَا نبأتك بِهِ لحق
فَلَمَّا فرغ سطيح من قَوْله قدم عَلَيْهِ شقّ فَقَالَ يَا شقّ رَأَيْت رُؤْيا هالتني وكتمه مَا قَالَه سطيح لينْظر أيتفقان ام يَخْتَلِفَانِ قَالَ نعم رَأَيْت حممة خرجت من ظلمَة فَوضع بَين رَوْضَة وأكمة فَأكلت مِنْهَا كل ذَات نسمَة قَالَ مَا عنْدك فِي تَأْوِيلهَا قَالَ احْلِف بِمَا بَين الحرتين من إِنْسَان لتردن أَرْضكُم السودَان فليغلبن على كل ذِي طفلة البنان وليملكن مَا بَين أبين إِلَى نَجْرَان قَالَ الْملك ان هَذَا لنا لغائظ موجع فَمَتَى هُوَ كَائِن فِي زماني ام بعده قَالَ بعده بِزَمَان ثمَّ يستنقذكم مِنْهُ عَظِيم ذُو شَأْن يذيقهم أَشد الهوان قَالَ وَمن هَذَا الْعَظِيم الشَّأْن قَالَ غُلَام لَيْسَ بدني وَلَا مدن يخرج من بَيت ذِي يزن قَالَ فَهَل يَدُوم سُلْطَانه أَو يَنْقَطِع قَالَ بل يَنْقَطِع برَسُول مُرْسل يَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْعدْل من أهل الدّين وَالْفضل يكون الْملك فِي قومه إِلَى يَوْم الْفَصْل قَالَ وَمَا يَوْم الْفَصْل قَالَ يَوْم يجزى فِيهِ الْوُلَاة يدعى من السَّمَاء دعوات يسمع مِنْهَا الاحياء والاموات وَيجمع فِيهِ النَّاس للميقات يكون فِيهِ لمن اتَّقى الله الْفَوْز والخيرات
قَالَ ابْن عَسَاكِر بَلغنِي ان سطيحا ولد فِي ايام سيل العرم وَتوفى فِي الْعَام الَّذِي ولد فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنه عَاشَ خَمْسمِائَة سنة وَقيل ثَلَاثمِائَة سنة
وَأخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الذيل عَن ابْن الْكَلْبِيّ عَن عوَانَة قَالَ قَالَ عمر لجلسائه هَل فِيكُم اُحْدُ وَقع لَهُ خبر من امْر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ طفيل ابْن زيد الْحَارِثِيّ وَكَانَ قد أَتَت عَلَيْهِ سِتُّونَ وَمِائَة سنة نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ الْمَأْمُون بن مُعَاوِيَة على مَا بلغك من كهانته فَذكر الحَدِيث فِي إنذاره بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَوله
(يَا لَيْت أَنِّي ألحقهُ
…
وليتني لَا أسبقه)
قَالَ طفيل فَأَتَانَا خبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَنحن بتهامة فَقلت يَا نفس هَذَا ذَاك الَّذِي أنذر بِهِ الْمَأْمُون قَالَ وتراخت الْأَيَّام إِلَى أَن وفدت فَأسْلمت
بَاب مَا وجد على الْحِجَارَة الْقَدِيمَة من نقش اسْمه صلى الله عليه وسلم
اخْرُج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْحسن عَن سُلَيْمَان قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب لكعب اُخْبُرْنَا عَن فَضَائِل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبل مولده قَالَ نعم يَا امير الْمُؤمنِينَ قَرَأت فِيمَا قَرَأت ان إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وجد حجرا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ أَرْبَعَة أسطر
الأول أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني
وَالثَّانِي إِنِّي انا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا مُحَمَّد رَسُولي طُوبَى لمن آمن بِهِ وَاتبعهُ
وَالثَّالِث إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا من اعْتصمَ بِي نجا
وَالرَّابِع إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا انا الْحرم لي والكعبة بَيْتِي من دخل بَيْتِي أَمن عَذَابي
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن الاسود بن خلف بن عبد يَغُوث عَن أَبِيه أَنهم وجدوا كتابا اسفل الْمقَام فدعَتْ قُرَيْش رجلا من حمير فَقَالَ إِن فِيهِ لحرفا لَو أحدثكموه لقتلتموني فظننا أَن فِيهِ ذكر مُحَمَّد فكتمناه
واخرج أَبُو نعيم من طَرِيق حريش بن أبي حريش عَن طَلْحَة قَالَ وجد فِي الْبَيْت حجر منقور فِي الهدمة الأولى فدعي رجل فقرأه فَإِذا فِيهِ عَبدِي الْمُنْتَخب المتَوَكل الْمُنِيب الْمُخْتَار مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره طيبَة لَا يذهب حَتَّى يُقيم السّنة العوجاء وَيشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله امته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله بِكُل أكمة يَأْتَزِرُونَ على أوساطهم ويطهرون أَطْرَافهم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي الطّيب عبد الْمُنعم بن غلبون الْمُقْرِئ قَالَ لما فتحت عمورية وجدوا على كَنِيسَة من كنائسها مَكْتُوب بِالذَّهَب شَرّ الْخلف خلف يشْتم السّلف وَاحِد من السّلف خير من ألف من الْخلف يَا صَاحب الْغَار نلْت كَرَامَة الافتخار إِذْ أثنى عَلَيْك الْملك الْجَبَّار إِذْ يَقُول فِي كِتَابه الْمنزل على نبيه الْمُرْسل ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ
هما فِي الْغَار) يَا عمر مَا كنت واليا بل كنت والدا يَا عُثْمَان قتلوك مقهورا وَلم يزوروك مقبورا وانت يَا عَليّ إِمَام الْأَبْرَار والذاب عَن وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْكفَّار فَهَذَا صَاحب الْغَار وَهَذَا أحد الأخيار وَهَذَا غياث الْأَمْصَار وَهَذَا إِمَام الْأَبْرَار فعلى من ينتقصهم لعنة الْجَبَّار قَالَ فَقلت لصَاحب لَهُ قد سَقَطت حاجباه على عَيْنَيْهِ من الْكبر مُنْذُ كم هَذَا على بَاب كنيستكم مَكْتُوبًا قَالَ من قبل أَن يبْعَث نَبِيكُم بألفي عَام
أخرج أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي فِي أَمَالِيهِ عَن يحيى بن الْيَمَان قَالَ أَخْبرنِي إِمَام مَسْجِد بني سليم قَالَ غزا أَشْيَاخ لنا الرّوم فوجدوا فِي كَنِيسَة من كنائسهم شعر
(أترجو أمة قتلت حُسَيْنًا
…
شَفَاعَة جده يَوْم الْحساب)
فَقَالُوا مُنْذُ كم وجدْتُم هَذَا الْكتاب فِي هَذِه الْكَنِيسَة قَالُوا قبل أَن يخرج نَبِيكُم بستمائة عَام
بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِطَهَارَة نسبه وَأَنه لم يخرج من سفاح من لدن آدم
اخْرُج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من لدن آدم من نِكَاح غير سفاح
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ولدني من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَمَا ولدني إِلَّا نِكَاح كَنِكَاح الْإِسْلَام
واخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من نِكَاح غير سفاح
وَأخرج ابْن سعد وَابْن ابي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم لم يُصِبْنِي من سفاح أهل الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَلم اخْرُج إِلَّا من طهرة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ كتبت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم خَمْسمِائَة عَام فَمَا وجدت فِيهِنَّ سِفَاحًا وَلَا شَيْئا مِمَّا كَانَ من أَمر الْجَاهِلِيَّة
واخرج الْعَدنِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ ابْن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم إِلَى أَن ولدني أبي وَأمي وَلم يُصِبْنِي من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء
وَأخرج أَبُو نعيم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يلتق ابواي قطّ على سفاح لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطّيبَة إِلَى الْأَرْحَام الطاهرة مصفى مهذبا لَا تتشعب شعبتان إِلَّا كنت فِي خيرهما
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خير الْعَرَب مُضر وَخير مُضر بَنو عبد منَاف وَخير بني عبد منَاف بَنو هَاشم وَخير بني هَاشم بَنو عبد الْمطلب وَالله مَا افترق فرقتان مُنْذُ خلق الله آدم إِلَّا كنت فِي خيرهما
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ مَا زَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتقلب فِي أصلاب الانبياء حَتَّى وَلدته أمه
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت فِيهِ
وَأخرج مُسلم عَن وَاثِلَة بن الاسقع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله اصْطفى
من ولد ابراهيم اسماعيل وَاصْطفى من ولد اسماعيل بني كنَانَة وَاصْطفى من بني كنَانَة قُريْشًا وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله حِين خلقني جعلني من خير خلقه ثمَّ حِين خلق الْقَبَائِل جعلني من خَيرهمْ قَبيلَة وَحين خلق الْأَنْفس جعلني من خير أنفسهم ثمَّ حِين خلق الْبيُوت جعلني من خير بُيُوتهم فَأَنا خَيرهمْ بَيْتا وَخَيرهمْ نفسا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بَين آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم فَأَنا من خِيَار إِلَى خِيَار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله قسم الْخلق قسمَيْنِ فجعلني فِي خيرهما قسما ثمَّ جعل الْقسمَيْنِ أَثلَاثًا فجعلني فِي خَيرهَا ثلثا ثمَّ جعل الأثلاث قبائل فجعلني فِي خَيرهَا قَبيلَة ثمَّ جعل الْقَبَائِل بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهَا بَيْتا فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} الْآيَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا افترق النَّاس فرْقَتَيْن إِلَّا جعلني الله فِي خيرهما فأخرجت من بَين أَبَوي فَلم يُصِبْنِي شَيْء من عهر الْجَاهِلِيَّة وَخرجت من نِكَاح وَلم اخْرُج من سفاح من لدن آدم حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى أبي وَأمي فَأَنا خَيركُمْ نفسا وخيركم أَبَا
واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله اخْتَار فَاخْتَارَ
الْعَرَب ثمَّ اخْتَار مِنْهُم كنَانَة ثمَّ اخْتَار مِنْهُم قُريْشًا ثمَّ اخْتَار مِنْهُم بني هَاشم ثمَّ اختارني من بني هَاشم
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الاوسط وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لي جبرئيل قلبت الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلم أجد رجلا أفضل من مُحَمَّد وَلم اجد بني أَب افضل من بني هَاشم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ولدتني بغي قطّ مُنْذُ خرجت من صلب آدم وَلم تزل تنازعني الْأُمَم كَابِرًا عَن كَابر حَتَّى خرجت من أفضل حيين من الْعَرَب هَاشم وزهرة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن انس قَالَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} بِفَتْح الْفَاء وَقَالَ انا انفسكم نسبا وصهرا وحسبا لَيْسَ فِي آبَائِي من لدن آدم سفاح كلنا نِكَاح
وَأخرج ابْن ابي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس ان قُريْشًا كَانَت نورا بَين يَدي الله تَعَالَى قبل ان يخلق آدم بألفي عَام يسبح ذَلِك النُّور وتسبح الْمَلَائِكَة بتسبيحه فَلَمَّا خلق الله آدم ألْقى ذَلِك النُّور فِي صلبه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأهبطني الله إِلَى الأَرْض فِي صلب آدم وَجَعَلَنِي فِي صلب نوح وَقذف بِي فِي صلب إِبْرَاهِيم ثمَّ لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الْكَرِيمَة والأرحام الطاهرة حَتَّى أخرجني من بَين أَبَوي لم يلتقيا على سفاح قطّ
وَيشْهد لهَذَا مَا أخرج الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن خريم بن أَوْس قَالَ هَاجَرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُنْصَرفه من تَبُوك فَسمِعت الْعَبَّاس يَقُول يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن امتدحك قَالَ قل لَا يفضض الله فَاك فَقَالَ
(من قبلهَا طبت فِي الظلال وَفِي
…
مستودع حَيْثُ يخصف الْوَرق)
(ثمَّ هَبَطت الْبِلَاد لَا بشر
…
أَنْت وَلَا مُضْغَة وَلَا علق)
(بل نُطْفَة تركب السفين وَقد
…
ألْجم نسرا وَأَهله الْغَرق)
(تنقل من صالب إِلَى رحم
…
إِذا مضى عَالم بدا طبق)
(وَردت نَارا لخليل مستترا
…
فِي صلبه أَنْت كَيفَ يَحْتَرِق)
(حَتَّى احتوى بَيْتك الْمُهَيْمِن من
…
خَنْدَق علياء تحتهَا النُّطْق)
(وانت لما ولدت اشرقت الأَرْض
…
وضاءت بنورك الْأُفق)
(فَنحْن فِي ذَلِك الضياء وَفِي
…
النُّور وسبل الرشاد تخترق)
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لما خلق الله آدم اراه بنيه فَجعل يرى فَضَائِل بَعضهم على بعض فَرَأى نورا ساطعا فِي أسفلهم فَقَالَ يَا رب من هَذَا قَالَ هَذَا ابْنك أَحْمد وَهُوَ اول وَهُوَ آخر وَهُوَ أول شَافِع
وَقَالَ ابو نعيم وَجه الدّلَالَة على نبوته من هَذِه الْفَضِيلَة ان النُّبُوَّة ملك وسياسة عَامَّة وَالْملك فِي ذَوي الاحساب والأخطار من النَّاس لِأَن ذَلِك أدعى إِلَى انقياد الرّعية لَهُ واسرع الى طَاعَته وَلذَلِك سَأَلَ هِرقل أَبَا سُفْيَان كَيفَ نسبه فِيكُم قَالَ هُوَ فِينَا ذُو نسب قَالَ هِرقل وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبْعَث فِي نسب قَومهَا
بَاب رُؤْيا عبد الْمطلب
أخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت أَبَا طَالب يحدث عَن عبد الْمطلب قَالَ بَينا أَنا نَائِم فِي الْحجر رَأَيْت رُؤْيا هالتني فَفَزِعت مِنْهَا فَزعًا شَدِيدا فَأتيت كاهنة قُرَيْش فَقلت لَهَا إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن شَجَرَة نَبتَت قد نَالَ رَأسهَا السَّمَاء وَضرب بأغصانها الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا رَأَيْت نورا أظهر مِنْهَا أعظم من نور الشَّمْس سبعين ضعفا وَرَأَيْت الْعَرَب والعجم ساجدين وَهِي تزداد كل سَاعَة عظما ونورا وارتفاعا سَاعَة تخفى وَسَاعَة تظهر وَرَأَيْت رهطا من
قُرَيْش قد تعلقوا بأغصانها وَرَأَيْت قوما من قُرَيْش يُرِيدُونَ قطعهَا فَإِذا دنوا مِنْهَا أَخذهم شَاب لم أر قطّ أحسن مِنْهُ وَجها وَلَا أطيب مِنْهُ ريحًا فيكسر أظهرهم ويقلع أَعينهم فَرفعت يَدي لأتناول مِنْهَا نَصِيبا فَلم أنل فَقلت لمن النَّصِيب فَقَالَ النَّصِيب لهَؤُلَاء الَّذين تعلقوا بهَا وسبقوك إِلَيْهَا فانتبهت مذعورا فَزعًا فَرَأَيْت وَجه الكاهنة قد تغير ثمَّ قَالَت صدقت رُؤْيَاك ليخرجن من صلبك رجل يملك الْمشرق وَالْمغْرب ويدين لَهُ النَّاس ثمَّ قَالَ لأبي طَالب لَعَلَّك ان تكون هَذَا الْمَوْلُود فَكَانَ أَبُو طَالب يحدث بِهَذَا الحَدِيث وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد خرج وَيَقُول كَانَت الشَّجَرَة وَالله ابا الْقَاسِم الْأمين فَيُقَال لَهُ أَلا تؤمن بِهِ فَيَقُول السبة والعار
بَاب مَا وَقع فِي حمله صلى الله عليه وسلم من الْآيَات
اخْرُج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابي عون مولى الْمسور بن مخرمَة عَن الْمسور بن مخرمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عبد الْمطلب قدمنَا الْيمن فِي رحْلَة الشتَاء فَنزلت على حبر من الْيَهُود فَقَالَ رجل من اهل الزبُور يَعْنِي الْكتاب مِمَّن الرجل قلت من قُرَيْش قَالَ من أَيهمْ قلت من بني هَاشم قَالَ أتأذن لي ان انْظُر إِلَى بعضك قلت نعم مَا لم يكن عَورَة قَالَ فَفتح إِحْدَى منخري فَنظر فِيهِ ثمَّ نظر فِي الْأُخْرَى فَقَالَ اشْهَدْ ان فِي إِحْدَى يَديك ملكا وَفِي الآخرى نبوة وَأرى ذَلِك وَفِي لفظ وَإِنَّا نجد ذَلِك فِي بني زهرَة فَكيف ذَاك قلت لَا ادري قَالَ هَل لَك من شاعة قلت وَمَا الشاعة قَالَ الزَّوْجَة قلت أما الْيَوْم فَلَا قَالَ فَإِذا رجعت فَتزَوج مِنْهُم فَرجع عبد الْمطلب إِلَى مَكَّة فَتزَوج هَالة بنت وهب بن عبد منَاف فَولدت لَهُ حَمْزَة وَصفِيَّة وَتزَوج ابْنه عبد الله آمِنَة بنت وهب فَولدت لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت قُرَيْش فلج عبد الله على أَبِيه
وَأخرجه ابو نعيم من طَرِيق حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن ابيه ان عبد الْمطلب فَذكره
وَأخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من طَرِيق جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْمسور بن مخرمَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ إِن عبد الْمطلب فَذكره وَفِيه فَنظر إِلَى الشّعْر فِي مَنْخرَيْهِ فَقَالَ أرى نبوة وَأرى ملكا وَأرى أَحدهمَا فِي بني زهرَة وَفِي آخِره فَجعل الله فِي بني عبد الْمطلب النُّبُوَّة والخلافة
وَأخرج ابو نعيم عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ أقبل عبد الله بن عبد الْمطلب أَبُو رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بِنَاء لَهُ وَعَلِيهِ اثر الطين وَالْغُبَار فَمر بليلى العدوية فَلَمَّا رَأَتْهُ وَرَأَتْ مَا بَين عَيْنَيْهِ دَعَتْهُ إِلَى نَفسهَا وَقَالَت لَهُ إِن وَقعت بِي فلك مائَة من الْإِبِل فَقَالَ لَهَا عبد الله بن عبد الْمطلب حَتَّى اغسل عني هَذَا الطين فَارْجِع إِلَيْك فَدخل عبد الله على آمِنَة بنت وهب فَوَقع بهَا فَحملت برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرجع إِلَى ليلى فَقَالَ لَهَا هَل لَك فِيمَا قلت قَالَت لَا قَالَ وَلم قَالَت لِأَنَّك مَرَرْت بِي وَبَين عَيْنَيْك نور ثمَّ رجعت إِلَيّ وَقد انتزعته آمِنَة مِنْك وَفِي لفظ لقد دخلت بِنور مَا خرجت بِهِ وَلَئِن كنت أَلممْت بآمنة لتلدن ملكا
وَأخرج ابو نعيم الخرائطي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما خرج عبد الْمطلب بِابْنِهِ ليزوجه مر بِهِ على كاهنة من اهل تبَالَة متهودة قد قَرَأت الْكتب يُقَال لَهَا فَاطِمَة بنت مر الخثعمية فرأت نور النُّبُوَّة فِي وَجه عبد الله فَقَالَت يَا فَتى هَل لَك ان تقع عَليّ الْآن وَأُعْطِيك مائَة من الْإِبِل فَقَالَ عبد الله
(أما الْحَرَام فالممات دونه
…
والحل لَا حل فأستبينه)
(فَكيف لي الْأَمر الَّذِي تبغينه
…
يحمي الْكَرِيم عرضه وَدينه)
ثمَّ مضى مَعَ أَبِيه فَزَوجهُ آمِنَة بنت وهب فَأَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا ثمَّ ان نَفسه دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الخثعمية فَأَتَاهَا فَقَالَت مَا صنعت بعدِي قَالَ زَوجنِي أبي آمِنَة بنت وهب فأقمت عِنْدهَا ثَلَاثًا قَالَت إِنِّي وَالله مَا أَنا بصاحبة رِيبَة وَلَكِنِّي رَأَيْت فِي
وَجهك نورا فَأَرَدْت أَن يكون فِي وأبى الله إِلَّا أَن يصيره حَيْثُ أحب ثمَّ قَالَت فَاطِمَة
(إِنِّي رَأَيْت مخيلة لمعت
…
فتلألأت بِخَاتم الْقطر)
(ظلما بهَا نور يضيء لَهُ
…
مَا حوله كإضاءة الْبَدْر)
(ورجوته فخرا أَبُوء بِهِ
…
مَا كل قَادِح زنده يوري)
(لله مَا زهرية سلبت
…
ثوبيك مَا استلبت وَمَا تَدْرِي)
وَقَالَت أَيْضا
(بني هَاشم قد غادرت من أخيكم
…
أمينة إِذْ للباه يعتلجان)
(كَمَا غادر الْمِصْبَاح بعد خبوه
…
فتائل قدميثت لَهُ بدهان)
(وَمَا كل مَا يحوي الْفَتى من تلاده
…
بحزم وَلَا مَا فَاتَهُ لتواني)
(فاجمل إِذا طالبت أمرا فَإِنَّهُ
…
سيكفيكه جدان يصطرعان)
(سيكفيكه إِمَّا يَد مقفلة
…
وَإِمَّا يَد مبسوطة ببنان)
(وَلما قَضَت مِنْهُ أمينة مَا قَضَت
…
نبا بَصرِي عَنهُ وكل لساني)
وَأخرجه ابْن سعد عَن هِشَام بن الْكَلْبِيّ عَن أبي الْفَيَّاض الْخَثْعَمِي معضلا وَفِيه أَنه لما رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ هَل لَك فِيمَا قلت قَالَت قد كَانَ ذَاك مرّة فاليوم لَا فَذَهَبت مثلا وَفِي آخِره وَبلغ شُبَّان قُرَيْش مَا عرضت على عبد الله فَذكرُوا لَهَا ذَلِك فَقَالَت الأبيات وَفِيه بعد قَوْله اقام عِنْدهَا ثَلَاثًا وَكَانَت تِلْكَ السّنة عِنْدهم إِذا دخل الرجل على امْرَأَته فِي أَهلهَا
وَقَالَ ابْن سعد انا وهب بن جرير بن حَازِم ثَنَا أبي سَمِعت ابا يزِيد الْمدنِي قَالَ نبئت ان عبد الله أَتَى على إمرأة من خثعم فرأت بَين عَيْنَيْهِ نورا ساطعا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت هَل لَك فِي قَالَ نعم حَتَّى ارمي الْجَمْرَة فَانْطَلق فَرمى الْجَمْرَة ثمَّ أَتَى امْرَأَته آمِنَة ثمَّ ذكر الخثعمية فَأَتَاهَا فَقَالَت هَل أتيت امْرَأَة بعدِي قَالَ نعم امْرَأَتي آمِنَة قَالَت فَلَا حَاجَة لي فِيك إِنَّك مَرَرْت وَبَين عَيْنَيْك نور سَاطِع إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا وَقعت عَلَيْهَا ذهب فَأَخْبرهَا انها قد حملت بِخَير أهل الأَرْض أخرجه ابْن عَسَاكِر
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت امْرَأَة من خثعم تعرض نَفسهَا فِي موسم من المواسم وَكَانَت ذَات جمال وَمَعَهَا ادم تَطوف بِهِ كأنهها تبيعه فَأَتَت على عبد الله بن عبد الْمطلب فَلَمَّا رَأَتْهُ أعجبها فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَكَانك حَتَّى ارْجع إِلَيْك فَانْطَلق إِلَى أَهله فَبَدَا لَهُ فواقع أَهله فَحملت بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَت وَمن أَنْت قَالَ انا الَّذِي وعدتك قَالَت لَا مَا أَنْت هُوَ وَلَئِن كنت ذَاك لقد رَأَيْت بَين عَيْنَيْك نورا مَا أرَاهُ الْآن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ عبد الله احسن رجل رُؤِيَ قطّ خرج يَوْمًا على نسَاء قُرَيْش فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ أيتكن تتَزَوَّج بِهَذَا الْفَتى فتصطب النُّور الَّذِي بَين عَيْنَيْهِ فَانِي أرى بَين عَيْنَيْهِ نورا فتزوجته آمِنَة فَحملت برَسُول الله صلى الله عليه وسلم
واخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة وَغَيره قَالُوا إِن قتيلة بنت نَوْفَل اخت ورقة بن نَوْفَل كَانَت تنظر وتعتاف فَمر بهَا عبد الله فدعته ليستبضع مِنْهَا ولزمت طرف ثَوْبه فَأبى وَقَالَ حَتَّى آتِيك وَخرج سَرِيعا حَتَّى دخل على آمِنَة فَوَقع عَلَيْهَا فَحملت برَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ رَجَعَ الى الْمَرْأَة فَوَجَدَهَا تنتظره فَقَالَ لَهَا هَل لَك فِي الَّذِي عرضت عَليّ قَالَت لَا مَرَرْت وَفِي وَجهك نور سَاطِع ثمَّ رجعت وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِك النُّور وَفِي لفظ مَرَرْت وَبَين عَيْنَيْك غرَّة مثل غرَّة الْفرس وَرجعت وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجهك
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْمَرْأَة الَّتِي عرضت على عبد الله مَا عرضت هِيَ أُخْت ورقة بن نَوْفَل
وَقَالَ ابْن سعد انا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي عَليّ بن يزِيد عَن عبد الله بن وهب بن زَمعَة عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت كُنَّا نسْمع ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت بِهِ آمِنَة كَانَت تَقول مَا شَعرت أَنِّي حملت بِهِ وَلَا وجدت ثقله كَمَا تَجِد النِّسَاء إِلَّا أنني قد أنْكرت رفع