المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع: تدبره من أجل الامتثال له، والعمل بما فيه من الأوامر، واجتناب النواهي: - الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

[خالد السبت]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌بيان معنى التدبر

- ‌1 - التدبُّر في اللغة:

- ‌2 - التدبُّر بمعناه العام:

- ‌3 - معنى تدبُّر القرآن خاصَّة (المعنى الشرعي):

- ‌4 - ذكر بعض عبارات المفسِّرين في معنى التدبر:

- ‌العلاقة بين التدبر وما يقاربه من الألفاظ

- ‌أولًا: علاقته بالتفسير:

- ‌ثانيًا: علاقته بالتأويل:

- ‌ثالثًا: علاقته بالبيان:

- ‌رابعًا: علاقته بالاستنباط:

- ‌خامسًا: علاقته بالفهم:

- ‌سادسًا: علاقته بالتَّفَكُّر:

- ‌فضله وشرفه

- ‌أهمية التدبر

- ‌ثمراته ونتائجه

- ‌مظاهره وعلاماته

- ‌موضوعه

- ‌أنواع تدبر القرآن(مَطالِب المُتَدَبِّرين ومقاصِدهم)

- ‌النوع الأول: تدبره لمعرفة صِدْق من جاء به، وأنه حق من عند الله تعالى:

- ‌النوع الثاني: تدبره للوقوف على عظاته، والاعتبار بما فيه من القصص والأخبار

- ‌النوع الثالث: تدبره لاستخراج الأحكام منه، سواء كان ذلك مما يتصل بالعقائد، أو الأعمال المتعلقة بالجوارح، أو السلوك؛ إذ الأحكام تشمل ذلك كله بمفهومها الأوسع

- ‌النوع الرابع: تدبره للوقوف على ما حواه من العلوم والأخبار والقصص، وما ورد فيه من أوصاف هذه الدار

- ‌النوع الخامس: تدبره للوقوف على وجوه فصاحته وبلاغته وإعجازه، وصُرُوف خطابه، واستخراج اللطائف اللغوية التي تُسْتَنْبَط من مضامين النص القرآني

- ‌النوع السادس: تدبُّره لتعَرُّفِ ضُروبِ المُحَاجَّة والجدال للمخالفين

- ‌النوع السابع: تدبره من أجل الاستغناء به عن غيره؛ سوى السنَّة فإنها شارحة له

- ‌النوع الثامن: تدبره من أجل تليين القلب به وترقيقه، وتحصيل الخشوع:

- ‌النوع التاسع: تدبره من أجل الامتثال له، والعمل بما فيه من الأوامر، واجتناب النواهي:

- ‌أركان التدبر

- ‌الأول: المُتَدَبِّر:

- ‌الثاني: الكلام المُتَدَبَّر:

- ‌الثالث: عمليَّة التدبُّر:

- ‌شروط التدبر

- ‌ ما يتوقَّف عليه التدبر إجمالًا:

- ‌ الشروط الأساسية للتدبر:

- ‌الشرط الأول: وجود المَحَل القَابِل:

- ‌الشرط الثاني: العمل الذي يصدر من المكلف (الاستماع، أو القراءة، مع حضور القلب):

- ‌ذِكْرُ جملة من الأمور المُعِينة على التدبر، مما يكون مُشترَكًا بين الاستماع والتلاوة:

- ‌1 - إدراك أهمية التدبر وفائدته:

- ‌2 - استحضار عظمة المتكلم بالقرآن:

- ‌3 - ما ينبغي أن تكون عليه تصوراتنا ونظرتنا للقرآن:

- ‌4 - استحضار أنك المُخَاطَب بهذا القرآن:

- ‌5 - صدق الطلب والرغبة، وقوة الإقبال على كتاب الله، عز وجل:

- ‌6 - أن يقرأ ليمتثل:

- ‌7 - تنزيل القرآن على الواقع:

- ‌الشرط الثالث: وجود قدر من الفهم للكلام المقروء أو المسموع:

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌النوع التاسع: تدبره من أجل الامتثال له، والعمل بما فيه من الأوامر، واجتناب النواهي:

‌النوع التاسع: تدبره من أجل الامتثال له، والعمل بما فيه من الأوامر، واجتناب النواهي:

عن ابن مسعود رضي الله عنه في بيان المراد بقوله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} (البقرة: 121)؛ قال: «والذي نفسي بيده، إنَّ حَقَّ تلاوته أن يُحِلَّ حلاله، ويُحرِّم حرامه، ويقرأَه كما أنزله الله» (1).

وعن عكرمة: «يَتَّبِعُونه حَقَّ اتِّباعِه باتِّبَاعِ الأمر والنهي؛ فَيُحِلُّون حلاله، ويُحَرِّمُون حرامه، ويعملون بما تضمنه» (2).

وقال الحسن: «إن هذا القرآن قد قرأه عَبيدٌ وصبيانٌ لا علم لهم بتأويله، وما تَدبُّر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده؛ حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأتُ القرآن فما أسقطتُ منه حرفًا، وقد- والله- أسقطه كله، ما يُرى القرآن له في خُلق ولا عمل؛ حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَس! والله ما هؤلاء بالقُّرَّاء ولا العلماء ولا الحُكَماء ولا الوَرَعَة، متى كان القُرَّاء مثل هذا؟ ! لا كَثَّر الله في الناس أمثالهم» (3).

(1) رواه ابن وهب (كما في تفسير القرآن من الجامع لابن وهب ص: 23)، وابن جرير في تفسيره (2/ 567، 569). وينظر: تفسير ابن كثير (1/ 403).

(2)

رواه الطبري في تفسيره (2/ 566) بنحوه مختصرًا.

(3)

رواه سعيد بن منصور (135 التفسير)، وابن المبارك في الزهد (793)، وعبد الرزاق في المصنف (5984)، وأبو عبيد في فضائل القرآن (371)، وابن نصر في قيام الليل (المختصر ص: 76 - 77)، والفريابي في فضائل القرآن (177)، والآجري في أخلاق أهل القرآن (34)، والخطيب في اقتضاء العلم العمل (180)، والبيهقي في الشعب (2408).

ص: 34

وبهذا نعلم أن تدبر القرآن يتنوع بحسب تنوع مَطَالِب المتدبرين.

كما يظهر أيضًا ما يقع للناس من التفاوت العظيم في باب التدبر، فمِن مُقِلٍّ ومُكْثِر.

ولكِنْ تأخُذُ الأذهانُ منهُ

على قَدْرِ القَرائحِ والفُهُومِ (1)

وفي هذا المعنى يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله: «والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآية حُكْمًا أو حُكمين، ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام، أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سِيَاقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره، وأخص من هذا وألطف ضَمُّه إلى نصٍّ آخر مُتَعَلِّق به، فيَفهم من اقترانه به قَدْرًا زائدًا على ذلك اللفظ بمفرده.

وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به؛ وهذا كما فهم ابن عباس رضي الله عنهما من قوله:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (الأحقاف: 15)، مع قوله:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (البقرة: 233): أن المرأة قد تَلِد لستة أشهر» اهـ (2).

(1) ديوان المتنبي ص: 232.

(2)

إعلام الموقعين (3/ 126)، وأثر ابن عباس رضي الله عنهما رواه عبد الرزاق في مصنفه (13446) وغيره.

ص: 35

وإذا عرفت ما سبق، فإن من هذه الأنواع ما يصلح لعموم الناس، ومنها ما لا يُحسِنُه إلا العلماء، وبناء على ذلك فإن من الشَّطَط أن تتوجَّه الأذهان عند الحديث عن التدبر إلى استخراج المعاني واللطائف والنِّكات الدقيقة التي لم نُسْبَق إليها! ! فإن ذلك لا يصلح إلا للعلماء، لكنَّ المؤمن يتدبر ليُرَقِّق قلبه، ويتعرَّف مواطنَ العِبَر، ويَعْرِض نفسَه على ما ذكره الله تعالى في القرآن الكريم من أوصاف المؤمنين، ويحذر من الاتصاف بصفات غيرهم، إلى غير ذلك مما ينتفع به، ويمكن حصوله لكلِّ من تدبر كتاب الله عز وجل.

ص: 36