الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسنادُ كلٍّ منها إلى المؤلف غير إسنادي [الأخريين]
(1)
. وقريب من هذا أن تتفق ثلاث نسخ من ثلاثة كتب للمؤلف [في]
(2)
كل واحد [تسميع]
(3)
وأنسابها مختلفة.
الخامس: أن يوجد بخطه محققًا
، سواء وقف عليه المصحح، أو نقله من يوثق به.
السادس: أن يحكيه عنه بعض أهل العلم
، وفي هذا بعض الضعف؛ لأنهم قد يتسامحون في هذا، فيحكي أحدهم عن العالم ما وجده في بعض كتبه، بحسب النسخة التي وقعت له.
[6/ب] فصل
وإذا اختلفت هذه الخمسة
(4)
فالأول هو المتعيِّن قطعًا. وأما غيره، كأن نصَّ المؤلف على شيء في موضع، ثم اقتضى ترتيبه وتبويبه في موضعٍ خلافَه، فلا بد من الترجيح. والأول أرجح من الثاني في غير موضعه، أعني أنه إذا نصَّ على شيء، ثم بوَّب أو رتَّب على خلافه، ففي الموضع الذي رتَّب أو بوَّب يكون الراجح ما يقتضيه الترتيب والتبويب، وفي بقية المواضع الراجحُ ما نصَّ عليه.
(1)
لم تتضح في الصورة.
(2)
تحتمل "من" و"بين".
(3)
قراءة تخمينية.
(4)
كذا في الأصل، لأن الأمور المذكورة في الفصل السابق كانت أولًا خمسة، ثم زاد فيها.
وإن اختلف واحد منهما كأن ينصَّ في موضع على شيء، وفي آخر على خلافه، فالترجيح. فإن لم يترجح فلينظر ما عند غيره من أهل العلم، فإن كان الذي عندهم موافقًا لأحد قوليه، فهو الراجح.
فإن اختلف ما عندهم كاختلاف قوليه ولم يترجَّح، رُجِّح بكثرة النسخ وجودتها. فإن لم يترجَّح شيء تخيَّر المصحح.
ومتى ترجح شيء أثبته في الأصل، ونبَّه على الآخر في الهامش. فإن تعيَّن ولكن خالفته النسخ أو بعضها، فكذلك ينبه على ما في النسخ أو بعضها في الهامش.
فصل
فإن لم يُعلم ما عند المؤلف بوجه من الوجوه المتقدمة، فلينظر ما عند غيره من أئمة الفن، فإن كان قولًا واحدًا موافقًا للنسخ فهو المتعين؛ أو مخالفًا، وفي نسخ الكتاب أصلان جيدان، اجتهد المصحح بحسب معرفته لمقدار صحة النسختين، ولمقدار اشتهار ما عند أئمة الفن.
فإن ترجَّح عنده احتمالُ أن يكون ما عند المؤلف كما في النسختين، أثبتَ ما فيهما في الأصل، ونبه في الهامش على ما عند أئمة الفن.
وإن ترجح عنده احتمال أن ما وقع في الأصلين من تصرُّف الرواة والنساخ، فالعكس.
وإن كان ما عندهم قولًا واحدًا موافقًا لبعض النسخ، مخالفًا لبعضها، فهو المتعين، وينبه بالهامش على ما في النسخة، أو النسخ الأخرى.
وإن كان لأهل العلم قولان، فأقربهما إلى أن يكون قول المؤلف، كأن يكون كذلك في النسخ، أو في أكثرها أو أجودها. فإن لم يتبين فأرجحهما، فإن لم يترجَّح تخيَّر.
فصل
معرفة ما عند أهل العلم تكون بواحد فأكثر من الأمور التي تقدَّم أنه يُعرف بها ما عند المؤلف.
ومتى عرف بذلك ما عند إمام من أئمة الفن، وبحث المصحح فيما عنده من الكتب، فلم يطلع على خلاف ذلك، فالظاهر أن ذلك قولهم جميعًا، إلا أن يكون شذَّ بعضهم، فحكموا عليه بالخطأ.
[7/أ] ويعرف ما عندهم أيضًا باتفاق ثلاث نسخ جيدة، كلُّ نسخة من كتاب لعالم من علماء الفن، كنسخة جيدة من "تاريخ البخاري"، وأخرى كذلك من "كتاب ابن أبي حاتم"، وثالثة كذلك من "ثقات ابن حبان".
فإن لم يكن إلا نسختان من كتابين، أو ثلاث ليست بتلك الجودة، فالترجيح بينها وبين نسخ الكتاب الذي يطبع.
فصل
يجب على المصحح أن يتثبت في أمور:
الأول: أن هذا الاسم الذي يريد تصحيحه هو الذي قام الدليل على أنه عند المؤلف أو عند غيره كذا. فقد رأيتُ مصححًا ذا منزلةٍ رأى في الكتاب "أبو بكر بن أبي خيثمة"، فصححه فيما زعم:"أبو بكر بن أبي حثمة". ولم
يدر أنَّ هذا غير ذاك. وكذا رأى "أبو خيرة الضبعي"، فصححه فيما زعم:"أبو جمرة الضبعي"، وهذا غير ذاك؛ في أشياء أخرى.
وهذا يكثر جدًّا في الحديث ورجاله، بل رأيت مولانا أبا عبد الله محمد السورتي
(1)
رحمه الله، وكان قد صحح كتاب "الكفاية" فرأى في موضع:"أبو نعيم بن عدي الحافظ" فأصلحه فيما يرى: "أبو أحمد بن عدي الحافظ"، وكتب بالهامش:"الأصل: أبو نعيم، وليس بشيء"؛ مع أن الصواب في ذلك الموضع: "أبو نعيم"، و "أبو نعيم بن عدي الحافظ الجرجاني غير أبي أحمد بن عدي الحافظ الجرجاني، ولكن الثاني اشتهر بشهرة كتابه "الكامل"، فكثر ذكره في كتب الجرح والتعديل، والآخر على جلالته لم يشتهر تلك الشهرة، فلم يستحضره أبو عبد الله، وظنَّ أنه لا وجود له. وقد نبهتُ على ذلك بهامش "الكفاية" (ص 115)، ولكن المركِّبين أخَّروا في الطبع الأخير السطر الذي تتعلق به الحاشية إلى أول الصفحة التي تليها.
وقد ذكرت أمثلة أخرى في مقالتي "علم الرجال وأهميته"
(2)
.
فلا يحل أن يكون المصحح إلا عارفًا بالفن، ذا اطلاع واسع، وتثبُّت بالغ.
(1)
بلديُّ الأستاذ الميمني، وزميله في الدرس، وقرينه في كثرة المحفوظ من الشعر واللغة. برز في علوم العربية والحديث والرجال. توفي سنة 1361. انظر ترجمته في نزهة الخواطر (8/ 428).
(2)
انظر: "مجموع الرسائل الحديثية"(ص 244) من هذه الموسوعة المباركة.