الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
السماح للمقابلين بالتغيير الإصلاحي كنقط ما لم ينقط في الأصل وحقُّه النقط، يخشى منه أن يخطئا فيه؛ ومنعُهما من ذلك يؤدي إلى صعوبة المقابلة أو التقصير فيها. وذلك أن الناسخ قد يكون تصرَّف تصرُّفًا لا يظهر للمقابلين بقراءة أحدهما، كأن زاد أو نقص نقطًا أو شكلًا في موضع صالح لذلك، أو فصَلَ ما هو موصول في الأصل أو عكسه ونحو ذلك. راجع أسباب الغلط في المقدمة.
[ص 25] فالأولى: السماح لهما بما يتبين لهما صوابه بعد أن يكونا من العلم والمعرفة والتحري والممارسة بحيث يندر خطاؤهما، وليحتاطا مع ذلك جهدهما؛ ثم يكون الأصل أمام المصحح العلمي وقت التصحيح، وليكثر من مراجعته حتى كأنه يقابل عليه مرة أخرى.
تنبيه:
قد يُكتفى من المقابلة بأن يقابل رجل واحد مع نفسه. وهذا وإن كان أحوط من بعض الجهات فإنه مظنّة التساهل والتسامح المؤدي إلى إخلال شديد، لأن ما فيه من كثرة التعب يهوِّن على النفس التسامح. نعم، إذا وقعت المقابلة بين رجلين، ثم قابل رجل مع نفسه لمزيد التثبت، فحسنٌ.
وإذا ابتدأ رجل فقابل مع نفسه، أو كانت المقابلة بين اثنين ولكن على وجه لا يوثق به، كأن كان أحدهما أو كلاهما ممن لا يوثق بعلمه أو بتحريه واحتياطه= وجب إعادتُها على الوجه الموثوق به.
*
العمل السادس: مقابلة المسودة على أصل آخر فأكثر
المقصود من هذا العمل تقييد اختلافات النسخ في المسودة، لتكون
المسودة جامعة لما في تلك النسخ، ثم يتصرف فيها المصحح بما يقتضيه التصحيح، كما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى، فيأتي هنا عامة ما تقدم في العمل السابق.
ولابد أن يكون المقابلان من أهل [ص 26] العلم والمعرفة والممارسة ولاسيما لفن الكتاب، وأن يستحضرا أسباب الغلط التي مرت في المقدمة، ويحرص كل منهما على فهم عبارة الكتاب كما يجب؛ فإن ذلك مَنْبَهَةٌ على الغلط. وبالتنبُّه للغلط يستعان على تبيُّن اختلاف النسخ الاختلافَ الذي لا يظهر بالنطق إمَّا لتماثل الصورتين في النطق مثل "منوال" و"من وال"، و"ادع الله" و"ادعوا الله"؛ وإما لاشتباههما لتقارب مخارج الحروف، وإما لإسراع القارئ في القراءة، أو تسامح الناظر في تحقيق الاستماع وتحقيق النظر.
وبالجملة فالمدار على جودة المعرفة، وطول الممارسة، وصدق التثبت، والحرص على الوفاء بالمقصود. فإذا اختل شيء من ذلك في المقابلين أو أحدهما لم يوثق بالمقابلة. وإذا توفرت الشروط، فالأولى السماح لهما باطراح الاختلافات التي يتضح لهما جدًّا أنه لا فائدة في التنبيه عليها، إذ لو كُلِّفا إثباتها زادت المشقة، وأبطأ العمل، وكثر السواد في المسودة؛ فيعسر الطبع عنها، وليحتاطا في ذلك جهدهما.