الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب، والصلاة والسلام على سيد الأحباب، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار. هذا والكلام هنا فى بيان بقية أسباب سجود السهو وثمانية أصول وخاتمة.
(السبب الثانى) من أسباب سجود السهو. النقص فى الصلاة:
أعلم أن المتروك من الصلاة فرض وواجب وسنة وأدب وقد تقدم بيانها.
(1)
ترك الفرض:
الفرض لا ينوب عنه سجود السهو إن تركه سهوا بل لابد من الإتيان به إن أمكن وتذكره قبل سلامه أو بعده ولم يطل الفصل ولم يأت بمناف للصلاة (وذلك) أنه إذا ترك سجده صلبية من ركعة ثم تذكرها، قضاها ولو آخر الصلاة. ولا تلزمه إعادة ما بعدها. وإن أعادة كان أفضل.
(وإن ترك) سجدتين قضاهما ويبدأ بالأولى ثم الثانية، لأن القضاء على حسب الأداء، ولو كانت إحداهما سجدة تلاوة تركها من الأولى، والأخرى صلبية تركها من الثانية، راعَى الترتيب أيضا، وقد تقدم بيانه بأتم من هذا (1) 0
(ولو كان) المتروك كوعا، لا يتصور فيه القضاء، وكذا إذا ترك سجدتين من ركعة. وذلك أنه إذا افتتح الصلاة فقرأ وسجد ولم يرجع ثم قام إلى الثانية فقرأ وركع وسجد، فقد صلى ركعة واحدة، وليس هذا الركوع قضاء عن
(1) راجع صفحة 294، 293 جزء 5 دين.
الأول، لأنه إذا لم يركع لا يعتد بالسجود، فكان أداء هذا الركوع فى محله، فإذا أتى بالسجود بعده صار مؤدياً ركعة تامة. وكذا إذا قرأ وركع ولم يسجد ثم رفع رأسه فقرأ ولم يركع ثم سجد، فقد صلى ركعة. ولا يكون هذا السجود قضاء عن الأول، لأن ركوعه وقع معتبرا لمصادفته محله، إلا أنه توقف على أن تتقيد الركعة بالسجدة. فإذا قام وقرأ لم يعتد بهما. فإذا سجد صادف السجود محله لوقوعه بعد ركوع معتد به، فقد انضم السجدتان إلي الركوع فصار مصلياً ركعة. وكذا إذا قرأ وركع ثم رفع رأسه وقرأ وركع وسجد، فقد صلى ركعة، لأن السجود تقدمه ركوعان فيلحق بإحدهما ويلغى الآخر، والصحيح أن المعتبر الركوع الأول لأنه صادف محله دون الثانى. وكذا إذا قرأ وركع وسجد ثم قام فقرأ وركع ولم يسجد. ثم قام فقرأ ولم يركع وسجد، فقد صلى ركعة، لأن سجوده الأول لم يصادف محله، لحصوله قبل الركوع، فإذا قرأ وركع توقف هذا الركوع على أن يتقيد بسجود بعد، فإذا سجد بعد القراءة تقيد ذلك الركوع به فصار مصليا ركعة. وكذا إن ركع فى الأولى ولم يسجد، ثم ركع فى الثانية ولم يسجد وسجد فى الثالثة ولم يركع، فلا شك أنه صلى ركعة واحدة لما مر، غير أن هذا السجود يلتحق بالركوع الأول على الصحيح. وعليه سجود السهو فى هذه المواضع، لإدخاله الزيادة فى الصلاة وهو نقص فيها ولا تفسد على الصحيح. (ولو ترك) القعدة الأخيرة من ذوات الأربع وقام إلي الخامسة، فإن لم يقيدها بالسجدة يعود إلى القعدة. وإن قيد الخامسة بالسجدة لا يعود وفسد فرضه. هذا مذهب الحنفيين.
(وقالت) الحنبلية. من نسى ركنا غير التحريمة والنية. فإن تذكره قبل الشروع فى قراءة الركعة التالية، لزمه الرجوع إليه. وإن لم يتذكره إلا بعد الشروع فى قراءتها بطلت الركعة التى ترك فيها الركن وحلت التالية محلها وسجد
للسهو فى الحالين (قال) الشيخ منصور بن إدريس " من نسى " ركنا غير التحريمة - لعدم انعقاد الصلاة بتركها، وكذا النية على القول بركمنيتها - فذكره بعد شروعه فى قراءة الركعة التى بعد المتروك منها الركن " بطلت " الركعة التى تركه منها، لأنه ترك ركنا لم يمكنه استدراكه لتلبسه بالركعة التى بعدها، فلغت ركعته وصارت التى شرع فيها عوضا عنها، ولا يعيد الاستفتاح، فإن كان الترك من الأولى صارت الثانية أولى، والثالثة ثانية، والرابعة ثالثة وياتى بركعة فإن رجع إلى ما تركه عالما عامدا، بطلت صلاته، لأنه ترك الواجب عمداً، وإن رجع سهوا أو جهلا، لم تبطل صلاته، لكنه لا يعتد بما بفعله فى الركعة التى ترك ركنها، لأنها فسدت بشروعه فى قراءة غيرها، وإن ذكر الركن المنسى قبل شروعه فى القراءة التى بعدها، عاد لزوما فأتى بالمتروك، لأنه ذكره فى موضعه، كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السلام فإنه يأتى بها فى الحال وأتى بما بعد المتروك من الأركان والواجبات، لوجوب الترتيب، فلو ذكر الركوع وهو جالس بين السجدتين أو قائم قبل القراءة، أتى به وبما بعده، وإن سجد سجدة ثم قام قبل سجوده الثانية ناسيا فإن كان جلس بين السجدتين سجد الثانية، ولم يجلس للفصل، وإن لم يكن جلس للفصل جلس له ثم سجد الثانية تداركا لما فاته وإن كان جلس بعد السجدة الأولى للاستراحة، لم يجزئه عن جلسته بين السجدتين، فإن لم يعد إلي الركن المتروك وقد ذكره قبل شروعه فى قراءة الأخرى عمداً، بطلت صلاته لتركه الواجب عمداً، وإن لم يعد سهوا أو جهلا، بطلت الركعة فقط، لأنه فعل غير متعمد فأشبه ما لو مضى قبل ذكر المتروك
حتى شرع فى القراءة فإن علم بالمتروك بعد السلام، فهو كتركة ركعة كاملة، لأن الركعة التى لغت بترك ركنها غير معتد بها، فإذا سلم قبل ذكرها يأتى بالركعة مع قرب الفصل عرفا ولو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد، ويسجد قبل السلام، وإن طال الفصل أو أحدث بطلت الصلاة، لفوات الموالاة، فإن كان المتروك تشهدا أخيرا.
أتى به وسجد للسهو وسلم، وإن كان المتروك سلاما أتى به وسجد للسهو وسلم (1).
(وإن نسى) أربع سجدات من أربع ركعات من كل ركعة سجدة وذكر فى التشهد، سجد فى الحال سجدة فصحت له ركعة تم أتى بثلاث ركعات وسجد للسهو وسلم، لأن كل ركعة من الثلاث الأول بطلت بشروعه فى قراءة التى بعدها وبقيت الرابعة ناقصة فيتمها بسجدة فتصبح وتصير أولى ويأتى بالثلاث الباقية.
(وإن ذكر) أنه ترك أربع سجدات من أربع ركعات بعد سلامه، بطلت صلاته لأن الركعة الأخيرة بطلت أيضا بسلامه فلم يصح له شئ من صلاته يبنى عليه.
(وإن ذكر) أنه ترك أربع سجدات وقد قرأ فى الخامسة، فهى أولاه لبطلان كل ركعة مما قبلها بشروعه فى قراءة ما بعدها وجلوسه للتشهد قبل سجدتى الركعة الأخيرة زيادة فعلية، يجب السجود لسهو ويبطل الصلاة عمدها، لأنه ليس محلا للجلوس. وتشهده قبل السجدة الثانية زيادة قولية يسن السجود لها سهوا ولا يبطل عمدها الصلاة، لأنه ذكر مشروع فى الصلاة فى الجملة والجلوس له ليس بزيادة، لأنه بين السجدتين فهو محل جلوس. (وإن نسى) سجدتين أو ثلاثا من ركعتين جهلهما، أتى بركعتين، وإن نسى ثلاثا أو أربعا من ثلاث جهلها، أتى بثلاث (وإن نسى) خمسا من أربع أو ثلاث أتى بسجدتين ثم بثلاث ركعات أو بركعتين (2).
(1) كذا فى الإقناع. وصريحه أن السجود هنا بعد السلام مع أنه ليس من المسائل التى يسجد فيها بعد السلام. افادة فى الشرح.
(2)
أى أنه يأتى بثلاث ركعات إن نسى خمس سجدات من أربع وبركعتين إن نسيها من ثلاث.
(وإن نسى) من الأولى سجدة ومن الثانية سجدتين ومن الرابعة سجدة، أتى بسجدة ثم بركعتين أهـ بتصرف (1).
(وهذا) إذا علم عين المتروك وموضعه، فإن جهله بنى على الأحوط.
(قال) الشيخ ابن إدريس: وإن ترك ركنا كالركوع أو الطمأنينة فيه لا يعلم موضعه بأن جهل أهو من الأولى أو غيرها؟ بنى على الأحوط، ليخرج من العهدة بيقين، فلو ذكر فى التشهد أنه ترك سجدة لا يعلم أهى من الأولى أم من الثانية؟ جعلها من الركعة الأولى وأتى بركعة بدلها (وإن ترك) سجدتين لا يعلم أهما من ركعة أو من ركعتين؟ جعلهما من ركعتين احتياطا. فإن ذكرهما قبل الشروع فى القراءة، سجد سجدة وحصلت له ركعة. ثم يأتى بركعة ليخرج من العبادة بيقين (وإن ذكر) المتروك - وهو سجدتان لا يعلم أنهما من ركعة أو من ركعتين - بعد شروعه فى قراءة الثالثة - لغت الأوليان، لأن الأحوط كونهما من ركعتين كما تقدم. وكل منهما تبطل بشروعه فى قراءة التى بعدها.
(وإن ترك) سجدة لا يعلم من أى ركعة؟ أتى بركعة كاملة، لاحتمال أن تكون من غير الأخيرة (ولو جهل) عين الركن المتروك بأن ذكر أنه ترك ركنا وجهل عينه، بنى على الأحوط أيضا. فإن شك هل المتروك قراءة أو ركوع؟ جعله قراءة فيأتى بها ثم بالركوع للترتيب، وإن شك فى الركوع والسجود، جعله ركوعا فيأتى به ثم بالسجود. (فإن ترك) آيتين متواليين من الفاتحة، جعلهما من ركعة عملا بالظاهر، وإن لم يعلم تواليهما جعلهما من ركعتين احتياطا، لئلا يخرج من الصلاة وهو شاك فيها فيكون مغررا بها. لقوله عليه الصلاة والسلام: لا غرار فى صلاة ولا تسليم، رواه أبو داود (2). . {1}
(1) أنظر ص 263 أكشاف القناع (السجود عن نفس فى صلاته).
(2)
واخرجه ايضا أحمد والحاكم عن ابى هريرة بسند صحيح ص 27 ج 6 - المنهل العذب (رد السلام فى الصلاة) وص 133، 132 ج 4 - الفتح الربانى. والغرار بكسر الغين، النقصان. وهو فى الصلاة على وجهين:
(أ) ألا يتم الركوع والسجود.
(ب) أن يشك هل صلى ثلاثا أو اربعا؟ فيأخذ بالأكثر ويترك اليقين. والنقص فى التسليم الاقتصار فى البدء على السلام عليكم. وفى الرد على مثل ما ذكر البادئ أو اقل منه أو يقول على وعليك (ولا تسليم) بالنصب معطوفا على غرار. والمغنى لا نقص ولا سلام فى الصلاة للتحية، لأنه كلام.
(قال) الأثرم: سالت أبا عبد الله عن تفسيره فقال: أما أنا فلا أراه يخرج منها إلا على يقين أنها قد تمت أهـ (1).
(وقالت) المالكية: من ترك ركنا سهوا فإن تذكره قبل الرفع من ركوع الركعة التى تليها عاد إليه لزوما، وإن لم يتذكر إلا بعد الرفع من ركوعها، لغت الركعة التى ترك ركنها فيتم الصلاة ويسجد للسهو بعد السلام فى الحالين.
(وقالت) الشافعية: من ترك ركنا سهوا فإن تذكره قبل أن يأتي بمثله من الركعة التالية، لزمه العود إليه، وإن تذكره بعد فعل مثله، تمت الركعة السابقة ولغا ما بينهما وأتم الصلاة وسجد للسهو فى الحالين، وهذا إذا عرف عين المتروك وموضعه. فإن لم يعرف لزم الأخذ بالأقل ويأتى بالباقى.
(قال) النووى فى المجموع: الترتيب واجب فى أركان الصلاة اتفاقا، فإن تركه عمدا بطلت صلاته، وإن تركه سهوا لم يعتد بما فعله بعد الركن المتروك حتى يصل إلى الركن بعده فحينئذ يصح المتروك وما بعده فإن ذكر السهو قبل مثل المسبوق اشتغل بالمتروك وإن تذكر بعد فعل مثله فى ركعة أخرى تمت الركعة السابقة ولغا ما بينهما هذا إذا عرف عين المتروك وموضعه فإن لم يعرف وجب عليه أن يأخذ بأقل الممكن ويأتى بالباقى. وفى الأحوال كلها يسجد للسهو إلا إذا وجب الاستئناف بأن ترك ركناً وشك فى عينه وجوز أن يكون النية أو
(1) انظر ص ج كشاف القناع (السجود عن نقص فى صلاته).
التحريمة، وإلا إذا كان المتروك هو السلام، فإنه إذا تذكره قبل طول الفصل سلم، ولا يسجد للسهو، هذا ضابط الفصل، فلو تذكر فى قيام الثانية أنه ترك سجدة من الأولى، وجب الإتيان بها، وهل يجزئه أن يسجد من قيامه أم يجلس ثم يسجد؟ الصحيح أنه إن لم يكن جلس عقب السجدة الأولى وجب الجلوس مطمئنا، لأنه ركن مقصود، وإن كان جلس كفاه السجود بلا جلوس سواء كان جلس بنية الجلوس بين السجدتين أم بنية جلسة الاستراحة، كمن جلس فى التشهد الأخير يظنه الأول فإنه يجزئه، ويقع فرضا، ولو شك هل جلس فهو كما إذا لم يجلس، لأن الأصل عدمه، أما إذا تذكر بعد سجوده فى الثانية أنه ترك سجدة من الأولى فينظر إن تذكر بعد السجدتين فى الركعة الثانية أو فى الثانية منهما، فقد تمت ركعته الأولى ولغا ما بينهما. وهل يحصل تمامها بالسجدة الأولى أم الثانية؟ ينبغى على ما تقدم، فحيث قلنا لا يجب الجلوس يحصل تمامها بالسجدة الأولي.
وإن أوجبنا الجلوس حصل التمام بالثانية، وعليه فلو تذكر بعد السجدة الأولى فى الركعة الثانية وقبل السجدة الثانية. فإن أوجبنا الجلوس لم تتم ركعته الأولى حتى يجلس ثم يسجد. وإن نوجبه فقد تمت ركعته فيقوم إلى الثانية. (وإذا تذكر) فى جلوس الركعة الرابعة أنه ترك أربع سجدات فله ثلاثة أحوال:
(أ) إذا تيقن أن المتروك ثنتان من الثالثة وثنتان من الرابعة، صحت الركعتان الأوليان وحصلت الثالثة لكن بلا سجود فيها ولا فيما بعدها فيسجد سجدتين ليتمها، ثم يأتى بركعة رابعة، وكذا لو ترك سجدة من الأولى وسجدة من الثانية وسجدتين من الرابعة، أو ترك سجدة من الثانية وسجدة من الثالثة. وسجدتين من الرابعة.
(ب) وإذا ترك من كل ركعة سجدة، حصل له ركعتان، فقد تمت الأولى بالثانية، والثالثة بالرابعة، فيأتى بركعتين، وكذا لو ترك سجدتين من الثانية وسجدتين من الأولى أو الثالثة، أو سجدتين من الثانية وواحدة من الأولى
وأخرى من الثالثة، أو سجدتين من الثانية وسجدة من الثالثة وأخرى من الرابعة، أو سجدة من الأولى وسجدة من الثانية وسجدتين من الثالثة. أو سجدة من الثانية وسجدة من الثالثة وسجدة من الرابعة، فيحصل فى كل هذه الصور ركعتان، فيأتى بركعتين ويسجد للسهو.
(جـ) وإذا ترك من الأولى سجدة ومن الثانية اثنتين ومن الرابعة سجدة حصل له ركعتان إلا سجدة، فيسجدها ثم يأتى بركعتين ويسجد للسهو، وكذا لو ترك من الأولى سجدتين ومن الثانية سجدة ومن الرابعة أخرى، أو ترك سجدتين من ركعة وسجدتين من ركعتين غير متواليتين.
(وهذا) إذا عرف مواضع السجدات، فإن لم يعرفه أخذ بالأشد فيأتى بسجدة ثم ركعتين، هذا مذهبنا (وقال) الليث بن سعد، من ترك أربع سجدات من كل ركعة سجدة لا يحصل له إلا تكبيرة الأحرام.
(وقال) الحسن والثورى والحنفيون: يسجد فى آخر صلاته أربع سجدات وقد تمت صلاته.
(وقال) مالك وأحمد فى أصح الروايتين عنهما: لا يحصل له إلا ما فعله فى الركعة الرابعة، وفى رواية عنهما: يستأنف الصلاة أهـ ملخصا (1).
(تتميم) من تيقن بعد السلام أنه ترك ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو ركوعا أو سجودا أو غيرهما من الأركان سوى النية وتكبيرة الإحرام. فإن تذكر قبل طول الفصل، لزمه البناء على صلاته فيأتي بالباقى ويسجد للسهو، وإن تذكر بعد طول الفصل، لزمه استئناف الصلاة، والمعتبر فى طول الفصل وقصره، العرف، فإن عده قليلا فقليل أو كثير فكثير، وقيل قدر ركعة يقتصر فيها على الفاتحة، طويل، ودونها قليل، وقيل القدر المنقول عن النبى
(1) انظر الصفحات من 118 الى 123 ج 4 شرح المهذب (حكم ترك الترتيب فى أركان الصلاة).
صلى الله عليه وسلم فى قصة ذى اليدين - وهو أنه قام إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين وسأل الصحابة فأجابوا - قليل، والزيادة عليه طويل، ومتى قصر الفصل جاز البناء ولو تكلم بعد السلام أو خرج من المسجد واستدبر القبلة عند الشافعية. أفاده النووى فى المجموع (1).
(ب) - ترك الواجب:
الواجب الأصلى من واجبات الصلاة إذا تركه سهوا، سجد له سجدتين للسهو، لعموم، حديث: فإذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين. أخرجه مسلم عن ابن مسعود " (2) (2) " وحديث " عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سجدتا السهو تجزيان عن كل زيادة ونقص. أخرجه البيهقى والطبرانى فى الأوسط وأبو يعلى والبراز وفيه حكم بن نافع ضعفه أبو زرعة ووثقه ابن معين (3) (3) " وحديث " الأسود عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر خمسا ثم سجد سجدتى السهو ثم قال: هاتان سجدتان لمن ظن منكم أنه زاد أو نقص. أخرجه أحمد والبيهقى (4) (4) " وقوله " صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين، أخرجه مسلم عن علقمة عن ابن مسعود (5)(5).
(وقد تقدم) أن الحنفيين والحنبليين هم القائلون بأن للصلاة واجبات تجبر
(1) انظر ص 163 ج 4 شرح المهذب (حكم من تيقن بعد السلام أنه ترك ركعة أو أكثر أو ركنا).
(2)
تقدم بالحديث رقم 392 ج 2 مجمع الزوائد (حكم سجود السهو).
(3)
انظر ص 151 ج 2 مجمع الزوائد (السهو فى الصلاة).
(4)
انظر 154 ج 4 - الفتح الربانى (ما يفعل من صلى الرباعية خمسا)
(5)
انظر ص 67 ج 5 نووى مسلم (السهو فى الصلاة والسجود له).
بسجود السهو إذا تركت سهوا، وكذا إذا تركت جهلا عند الحنبلية وهى عشرون واجبا.
(1)
قراءة الفاتحة - هى واجبة عند الحنفيين فى كل ركعات النفل والوتر وفى أولي الفرض، فإن تركها أو أكثرها سهوا، لزمه سجود السهو عند الصاحبين وكذا إذا ترك منها أية عند الإمام أبى حنيفة، وإن تركها فى أخريى الفرض فلا سجود عليه.
(وقال) الأئمة الثلاثة والجمهور: قراءة الفاتحة فرض فلا تجبر بسجود السهو.
(2)
قراءة السورة بعد الفاتحة - تقدم أنه يجب عند الحنفيين فيما تجب فيه الفاتحة، أن يضم إليها سورة ولو قصيرة أو ثلاث آيات قصار أو ما يماثلها من آية طويلة. فلو ترك ما ذكر سهوا، لزمه سجود السهو، ولو قرأ الفاتحة وآيتين فركع ساهيا ثم تذكر فعاد وأتم ثلاث آيات، فعليه سجود السهو، ولو ترك السورة فذكرها قبل السجود، عاد وقرأها، ولو ترك الفاتحة فذكرها قبل السجود، قرأها وأعاد السورة، لآنها تقع فرضا بالقراءة ومتى عاد فى الكل، أعاد الركوع لارتفاضه ويسجد للسهو، عاد للقراءة أو لم يعد.
(وقالت) المالكية والحنبلية: قراءة السورة سنة مؤكدة، فإن تركها سهوا سن له سجود السهو، (قالت) الشافعية: قراءة السورة سنة خفيفة " أى هيئة " لا يطلب لتركها سجود. فإن سجد لها قبل السلام بطلت صلاته (قال) النووى فى المجموع: " وأما غير " الأبعاض من السنن كالتعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين والتكبيرات والتسبيحات والدعوات والجهر والإسرار والتورك والافتراش والسورة بعد الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين وتكبيرات العيد الزائدة وسائر الهيئات " فلا يسجد لها " سواء تركها عمدا أو سهوا، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود لشئ منها. والسجود زيادة فى الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف، وتخالف الأبعاض فإنه
ورد التوقيق فى التشهد الأول وجلوسه وقسنا باقيها عليه لاستواء الجميع فى أنها سنن متأكدة (1).
(3)
تعيين الأوليين للقراءة - تقدم أنه يجب عند الحنفيين قراءة الفاتحة فى أوليى الفرض ولا تتعين فى الأخريين، فلو ترك القراءة فى الأوليين أو إحداهما سهوا، لزمه سجود السهو.
(وقالت) الأئمة الثلاثة: القراءة فرض فى كل ركعات الصلاة فلا يجبر تركها بسجود السهو.
(4)
رعاية الترتيب فى فعل مكرر كالسجود - تقدم أنه يجب عند الحنفيين تقديم السجدة الثانية على ما بعدها. فلو ترك سجدة من ركعة فتذكرها، سجدها ولو فى آخر الصلاة وسجد للسهو، لترك الترتيب.
(وهو) فرض عند الأئمة الثلاثة على ما تقدم بيانه فلا ينوب عنه سجود السهو.
(5)
الرفع من الركوع (6) الجلوس بين السجدتين (7) الطمأنينة فيهما وفى الأركان حتى تسكن مفاصلة. تقدم أن ما ذكر واجب عند أبى حنيفة ومحمد. فيجب سجود السهو بتركها كلا أو بعضا (وهى) فرض عند أبى يوسف وباقى الأئمة، فلا ينوب عنها سجود السهو (8) القعود غير الأخير - تقدم أنه واجب عند الحنفيين والحنبليين ولو فى نفل على غير مأموم قام إمامه عنه سهوا، فيجب السجود بتركه سهوا.
(وقالت) المالكية والشافعية والجمهور: إنه سنة يجبر بالسجود إن ترك سهوا. وكذا إن ترك عمدا على الصحيح عند الشافعية " لقول " عبد الله بن بحينة صلى بنا رسول الله صلى على آله وسلم صلاة نظن أنها العصر فقام فى الثانية
(1) انظر ص 126، 125 ج 4 شرح المهذب (وأما غير الأبعاض من السنن فلا يسجد لها).
ولم يجلس. فلما كان قبل أن يسلم، سجد سجدتين وسجدهما الناس معه مكان ما نسى من الجلوس. أخرجه مالك والسبعة وهذا لفظ أحمد (1)
(9)
قراءة التشهد - تقدم أنه واجب عند الحنفيين فى كل قعود. وعند الحنبلية فى القعود غير الأخير فلو ترك قراءته كلا أو بعضا وتذكر ولو بعد السلام، لزمه السجود (وقال) أبو يوسف: لا يلزمه. وبقوله يعمل إمام القوم إذا كان فى السجود تهريش على العامة.
(قال) الكمال ابن الهمام فى الفتح: قد لا يتحقق ترك التشهد على وجه يوجب السجود إلا فى الأول. أما التشهد الثانى فإنه لو تذكره بعد السلام أتى به ثم سلم وسجد، فإن تذكره بعد شئ يقطع البناء لم يتصور إيجاب السجود. ومن فروع هذا أنه لو اشتغل به بعد السلام والتذكر، فلو قرأ بعضه وسلم بعد تمامه فسدت صلاته عند أبى يوسف، لأن بعودة إلي التشهد إرتفاضا قعوده فإذا سلم قبل إتمامه فقد سلم قبل قعودة قبل التشهد (وعند) محمد لا تفسد، لان قعوده ما ارتفض أصلا، لأن محل قراءة التشهد القعدة فلا ضرورة إلي رفضها وعليه الفتوى أهـ (2).
(وظاهره) أنه لو تذكره بعد السلام ولم يقرأه لا يسجد لتركع، لأنه لما تذكره وأمكنه فعله ولم يفعله فكأنه تركه عمدا فلا يلزمه السجود وإنما يكون مسيئا. وعليه فكل من ترك واجبا سهوا وأمكنه فعله بعد تذكره فلم يفعله لا سجود عليه كمن تركه عمدا.
(وقال) ابن قدامة فى المغنى، وإن نسى التشهد " يعنى غير الأخير " دون الجلوس له فحكمه فى الرجوع إليه حكم ما لو نسيه مع الجلوس، لأن التشهد هو المقصود أهـ (3).
(1) انظر ص 150 ج 4 - الفتح الربانى وص 175 ج 2، تيسير الوصول (سجود السهو)
(2)
انظر ص 359، 360 ج 1 فتح القدير (سجود السهو) وص 683 ج 1 مغنى.
(3)
انظر ص 359، 360 ج 1 فتح القدير (سجود السهو) وص 683 ج 1 مغنى.
(وقالت) المالكية: التشهد سنة فى كل قعود (وقالت) الشافعية: هو سنة فى القعود غير الأخير، فيجبر بسجود السهو إن ترك سهوا. وكذا إن ترك عمدا على الأصح عند الشافعية (قال) النووى فى المجموع: وأما إذا ترك التشهد الأول عمدا فالأصح عندنا أنه يسجد للسهو (وقال) النخعى وأبو حنيفة وابن القاسم لا يسجد. وقال أحمد: تبطل صلاته أهـ (1).
(10)
السلام من الصلاة - تقدم أنه واجب عند الحنفيين ولا يتصور إيجاب السجود بتركه، لأنه بعد القعود الأخير إذا لم يأت بمناف، سلم ولا سجود عليه. لعدم تحقق سببه، وإن أتى بمناف فلا سجود، لفوات وقته. وإنما يتصور إيجاب السجود بتأخير السلام (قال) فى التجنيس: والسهو عن السلام يوجب السجود. والسهو عنه أن يطيل القعدة ويقع عنده أنه خرج من الصلاة ثم يعلم أنه لم يخرج فيسلم ويسجد، لأنه أخر واجبا أو ركنا على الخلاف أهـ (والواجب) هو لفظ السلام، دون عليكم. ولو سلم عن يساره أولا لا سجود عليه لأنه ترك سنة، وإذا سلم عن يمينه وسها عن التسليمة الثانية فما دام ولم يستدبر القبلة يأتى بها. وقيل يأتى بها مادام فى المسجد وإن استدبر.
(وقال) الأئمة الثلاثة: السلام فرض فلا ينجبر بالسجود بل لابد من الإيتان به.
(11 و 12) الجهر والإسرار - تقدم أنه يجب عند الحنفيين على الإمام الجهر فيما يجهر فيه بقدر ما يسمع المأمومين. ويجب الإسرار فمحله على كل مصل فإذا جهر الإمام سهوا فيما يسر فيه أو خافت فيما يجهر فيه لزمه سجود السهو. وكذا إذا جهر المنفرد فيما يسر فيه. أما إذا خافت فيما يجهر فيه فلا سجود عليه.
(وقالت) المالكية والحنبلية: يسن الجهر فى محله للإمام والمنفرد.
ويسن الإسرار فى محله لكل مصل فإذا جهر فى موضع السر أو خافت فى موضع
(1) انظر ص 128 ج 4 شرح المهذب (يسجد للسهو للزيادة والنقص)
الجهر سهوا، يسن له السجود عند المالكية وعن أحمد روايتان فى مشروعيته السجود وعدمه (قال) ابن قدامة فى المغنى: الجهر والإخفات فى موضعهما من سنن الصلاة لا تبطل الصلاة بتركه عمدا. وإن تركه سهوا فهل يشرع له السجود من أجله؟ فيه عن أحمد روايتان: إحداهما لا يشرع (قال) الحسن وعطاء وسالم ومجاهد والقاسم والشعبى والحكم: لا سهو عليه. وعن قتادة أن أنا جهز فى الظهر أو العصر فلم يسجد (1)(1) وهذا مذهب الأوزاعى والشافعى، لأنه سنة " يعنى خفيفة " فلا يشرع السجود لتركه كرفع اليدين (والثانية) يشرع وهو مذهب مالك وأبى حنيفة "لقول" النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فإذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين (2) ولأنه أخل بسنة قولية فشرع السجود لها كترك القنوت. فإذا قلنا بهذا فإن السجود مستحب غير واجب (قال) الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل سها فجهر فيما يخافت فيه فهل عليه سجدتا السهو؟ قال: أما عليه فلا أقول عليه. ولكن إن شاء سجد (3).
(وقالت) الشافعية: الجهر والإسرار فى محلهما سنة خفيفة فلا سجود بتركهما (قال) النووى فى المجموع: مذهبنا أنه لا يسجد لترك الجهر والإسرار والتسبيح وسائر الهيئات أهـ (4).
(13)
قنوت الوتر - تقدم أنه واجب عند أبى حنيفة يجبر بالسجود وسنة عند أبى يوسف ومحمد وأحمد فيسن السجود لتركه سهوا عند أحمد لا عندهما (قال) الكمال ابن الهمام فى الفتح. ولو قرأ القنوت فى الثالثة ونسى
(1) أخرجه الطبرانى فى الكبير عن قتادة بسند رجاله ثقات ومنهم سعيد بن بشير اختلط افاده الهيثمى. انظر ص 154 ج 2 مجمع الزوائد (مالا سجود فيه)
(2)
هو بعض حديث اخرجه مسلم عن ابن مسعود وتقدم هنا رقم (2) ص 11
(3)
انظر ص 687 ج 1 مغنى (الجهر والإخفات فى موضعهما) وص 128 ج 4 شرح المهذب
(4)
انظر ص 687 ج 1 مغنى (الجهر والإخفات فى موضعهما) وص 128 ج 4 شرح المهذب
الفاتحة أو السورة أو كليهما فنذكر بعدما ركع، قام وقرأ وأعاد القنوت والركوع، لأنه رجع إلى ما محله قبله ويسجد للسهو أهـ.
(وقالت) الشافعية: إنما يسن القنوت فى وتر النصف الثانى من رمضان فإذا تركه سهوا أو عمدا سجد.
(وتقدم) أن قنوت الوتر غير مشروع عند المالكية.
(14)
التكبير فى صلاة العيد - تقدم فى بحثه أنه واجب عند الحنفيين وألحقوا به تكبير ركوع الركعة الثانية، لاتصاله به فلو تركه كلا أو بعضا سهوا أو زاد عليه أو أتى به فى غير موضعه، لزمه السجود. وإذا تذكره الإمام فى الركوع، عاد إلى القيام وأتى به ثم ركع. وإن تذكره بعد الرفع من الركوع لا يأتي به ويسجد للسهو.
(وقالت) الأئمة الثلاثة: تكبير صلاة العيد سنة فإن نسيه وتذكره بعد القراءة، عاد إليه واستأنفها وسجد بعد السلام عند مالك. وإن تذكره بعد الركوع لا يأتي به وسجد قبل السلام.
(ومشهور) مذهب الشافعية والحنبلية أنه إن نسى التكبير وشرع فى القراءة لا يعود إليه ولا سجود عليه كما تقدم (1).
(15)
تكبير الانتقال - تقدم أنه واجب عند أحمد إلا تكبير الركوع لمن أدرك الإمام راكعا. فإن تركه سهوا لزمه السجود.
(وقالت) الأئمة الثلاثة: تكبير الانتقال سنة خفيفة. وهو رواية عن أحمد فلا سجود لتركه أو بعضا عند الحنفيين والشافعيين.
(وقالت) المالكية: يسن السجود لترك تكبيرتين فأكثر سهوا.
(1) انظر ص 338 ج 4 دين (من نسى تكبير العيد وذكره)
(16 و 17) التسبيح فى الركوع والسجود - تقدم أنه واجب فى المشهور عن أحمد. فمن تركه سهوا لزمه السجود. ولا سجود بتركه عند الأئمة الثلاثة لنه سنة خفيفة عندهم.
(18 و 19) التسميع والتحميد - تقدم أنه يجب عند أحمد على الإمام والمنفرد أن يقول حال رفعه من الركوع: سمع الله لمن حمده. وعلى كل مصل أن يقول: ربنا ولك الحمد، يأتى به المأموم فى رفعه. وغيره فى الاعتدال فمن تركهما أو أحدهما سهوا، لزمه السجود، ولا سجود عليه عند الحنفيين والشافعيين. ويسن السجود لترك التسميع سهوا عند المالكية دون التحميد.
(20)
الدعاء بين السجدتين - تقدم فى المشهور عن أحمد أنه يجب على المصلى أن يقول بين السجدتين: رب اغفر لى، فلو تركه سهوا أو جهلا، لزمه السجود، ولا سجود عليه عند الأئمه الثلاثة، لأنه سنة خفيفة.
جـ - (ترك السنة):
السنة المتروكة عمدا أو سهوا لا يعود إليها بعد التلبس بالفرض، كأن تذكر فى القراءة، الثناه أو التعوذ، فلا يعود إلى ما تركه منهما، لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه لسنة، ولا يسجد للسهو عن السنة إن تركها سهوا أو عمدا لكن يسن له إعادة الصلاة بتركها عمدا، وهذا مذهب الحنفيين.
(وقالت) المالكية: يسن سجود السهو لترك سنة من السنن المؤكدة سهوا وهى السورة بعد الفاتحة، والجهر فيما يجهر فيه، والسر فيما يسر فيه، وسمع الله لمن حمده، والتشهد الأول، والجلوس له، والتشهد الأخير، ولترك سنتين خفيفتين كتكبيرتين من تكبير الانتقال.
(وقالت) الشافعية: يسن السجود لترك سنة مؤكدة سهوا أو عمداً، ولا يسجد لترك سنة خفيفة (قال) النووى فى المجموع: وأما غير الركن فأبعاض
وغيرها (فالأبعاض) هى التشهد الأول، والجلوس له، والقنوت. والقيام له، وكذا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله إذا تركهما فى التشهد الأول، وقلنا إنهما سنة، وكذا على الآل فى التشهد الأخير، إذا قلنا بالمذهب إنها ليست واجبة بل هى سنة، وكل واحد
من هذا الأبعاض مجبور بسجود السهو إذا تركه سهوا " لحديث " عبد الله بن بحينة رضى الله عنهما (1)
وإن تركه عمدا، فوجهان مشهوران (الصحيح) باتفاق الأصحاب يسجد لأنه إذا شرع للساهى فالعامد المقصر أولى، وأما غير الأبعاض من السنن فلا يسجد لها سواء تركها عمدا أم سهوا أهـ ملخصا (2).
(وقالت) الحنبلية: يسن السجود لترك سنة من سنن الصلاة سهوا أو جهلا.
د- (ترك الأدب):
الأدب المتروك عمدا أو سهوا لا يسجد له عند الأئمة الثلاثة، ويباح عند الحنبلية.
(السبب الثالث) لسجود السهو متابعة الإمام.
على المأموم السجود إذا سها إماما وسجدو إن لم يكن مقتديا به وقت السهو، لأن النبى صلى الله عليه وسلم سها فسجدو سجد الصحابة معه (فقد) قال عبد الله بن بحينه: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه، فلما قضى صلاته وانتظرنا التسليم كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم صلى الله عليه وسلم. أخرجه الجماعة والبيهقى (3).
(وبهذا) قال كافة العلماء بلا فرق بين المدرك والمسبوق واللاحق، غير أن هذا لا يتابع الإمام فى السجود، بل يبدأ بقضاء ما فاته ثم يسجد آخر صلاته
(1) تقدم رقم 6 ص 13.
(2)
انظر ص 125 ج 4 شرح المهذب (الذى يقتضى سجود السهو قسمان).
(3)
تقدم بيانه نص 14
ولو سجد مع الإمام لا يجزئه فعليه إعادته بعد قضاء ما فاته، ولا تفسد صلاته، لأنه ما زاد إلا سجدتين والمسبوق يسجد بلا سلام مع إمامه ويتشهد ثم إذا سلم الإمام يقوم يقضى ما فاته، فإن سلم عامدا فسدت صلاته وإلا فلا ولا سجود عليه إن سلم قبل الإمام أو معه سهوا، أما لو سلم بعده فيلزمه ولو لم يسجد مع الإمام وقام إلى القضاء، سجد فى آخر صلاته، وإن سجد مع الإمام ثم سها فيما يقضى، سجد ثانيا، وإن لم يسجد معه ثم سها فيما يقضى كفاه سجدتان، ومثله فى ذلك المقيم خلف المسافر.
(ولو سها) الإمام فى صلاة الخوف، سجد وتسجد معه الطائفة الثانية، لأنها بمنزلة المسبوق، وتسجد الطائفة الأولى بعد فراغها. لأنها بمنزلة اللاحق وإن لم يسجد الإمام لا يسجد المأموم وهذا مذهب الحنفيين والمالكية غير أنهم قالوا: إن سجد الإمام قبل السلام سجد المسبوق معه وإلا سجد آخر صلاته بعد سلامه وإن لم يسجد الإمام لسهوه سجد المأموم آخر صلاته
(وقالت) الشافعية: يسجد المسبوق مع الإمام وآخر صلاته أيضا
(قال) النووى فى المجموع: إذا سها الإمام فى صلاته، لحق المأمومَ سهوهُ وتستثنى صورتان (إحداهما) إذا بان الإمام محدثا فلا يسجد المأموم لسهوه ولا يحمل هو عن المأموم سهوه (الثانية) أن يلعم سبب سهو الإمام ويتيقن غلطه فى ظنه، بان ظن الإمام ترك بعض الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه، أو جهر فى موضع الإسرار أو عكسه فسجد، فلا يوافقه المأموم.
ثم إذا سجد الإمام فى غير الصورتين، لزم المأموم موافقته فيه، فإن ترك موافقته عمدا بطلت صلاته، وسواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه، فمتى سجد الإمام فى آخر صلاته سجدتين، لزم المأموم متابعته حملا له على أنه سها. ولو لم يسجد الإمام إلا سجدة، سجد المأموم أخرى، حملا له على أنه نسيها ولو ترك الإمام السجود لسهوه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام، سجد المأموم، هذا هو الصحيح المنصوص. ولو سلم الإمام ثم عاد إلى السجود نظر، إن سلم المأموم معه ناسيا، وافقه فى السجود فإن لم
يوافقه ففى بطلان صلاته وجهان، بناء على الوجهين فيمن سلم ناسيا لسجود السهو فعاد إليه، هل يكون عائدا إلى الصلاة؟ وإن كان المأموم سلم عمدا مع علمه بالسهو لم يلزمه متابعة الإمام إذا عاد إلى السجود، لأن سلامه عمدا يتضمن انقطاع القدوة. ولو لم يسلم المأموم ليسجد، فإن عاد بعد أن سجد المأموم فوجهان (أصحهما) لا يجوز متابعته بل يسجد منفردا ثم يسلم.
(والثانى) تلزمه متابعته فإن لم يفعل بطلت صلاته. (ولو سبق) الإمام حدث بعد ما سها أو بطلت صلاته بسبب آخر: أتم المأموم صلاته وسجد على الصحيح.
ولو سها المأموم ثم سبق الإمام حدث: لم يسجد المأموم، لأن الأمام حمله.
(وإن قام) الإمام إلى خامسة ساهيا فنوى المأموم مفارقته بعد بلوغ الإمام إلى حد الراكعين فى ارتفاعه، سجد المأموم للسهو، لأنه توجه عليه السهو قبل مفارقته. وإن نواها قبله فلا سجود، لأنه نوى مفارقته قبل توجه السجود عليه.
(ولو كان) الإمام حنفيا فسلم قبل أن يسجد للسهو: لم يسلم معه المأموم، بل يسجد قبل السلام ولا ينظر سجود الإمام بعده، لأنه فارقه بسلامه أهـ ملخصا (1).
(ثم قال) وإذا سبقه الإمام ببعض الصلاة وسها فيما أدركه وسجد الإمام لزم المسبوق أن يسجد معه على الصحيح. وعليه إذا سجد معه هل يعيد السجود في آخر صلاته؟ فيه قولان (أصحهما) يعيده. فإن لم يسجد الإمام لم يسجد المسبوق فى آخر صلاة الإمام ويسجد فى آخر صلاة نفسه على المذهب أما إذا سها الإمام قبل اقتداء المأموم فوجهان (الصحيح) أنه يلحقه حكم سهوه. فعلى هذا إن سجد الإمام سجد معه، وهل يعيده المسبوق فى آخر صلاته؟ فيه القولان (أصحهما) يعيده، وإن لم يسجد سجد هو فى آخر صلاته على المذهب (والثانى) لا يلحقه حكم سهوه. فعلى هذا لم يسجد الإمام لم يسجد هو أصلا، وإن سجد فوجهان (أصحهما) لا يسجد لأنه لا سهو فى حقه.
(1) انظر ص 144 ج 4 شرح المهذب (يلحق الماموم سهو إمامه إلا فى صورتين)
(والثانى) يسجد متابعة للإمام. فعلى هذا لا يعيد فى آخر صلاته إن كان مسبوقا (وحيث) قلنا المسبوق يعيد السجود فى آخر صلاته فاقتدى به مسبوق آخر بعد انفراده. ثم اقتدى بالثانى ثالث بعد انفراده. ثم بالثالث
رابع فأكثر، فكل واحد منهم يسجد لمتابعة إمامه. ثم يسجد فى آخر صلاة نفسه أهـ ملخصا (1).
(وحاصل) مذهب الحنبلية ما ذكره فى كشاف القناع بقوله: وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد المأموم معه سواء سها المأموم أم لا. حكاه إسحق وابن المنذر إجماعا " لحديث " عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو. فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو. أخرجه الدار قطنى (2)(7)" ولعموم " قوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا (3)(ويسجد) المأموم ولو كان مسبوقا، سواء كان سهو إمامه فيما أدركه المسبوق معه أم قبله، وسواء سجد إمامه قبل السلام أم بعده " لعموم " ما تقدم. فلو تقدم. فلو قام المسبوق لقضاء ما فاته بعد سلام إمامه. رجع وجوبا إن لم يستتم قائما، فسجد معه لسهوه، وإن استنم قائما، كره رجوعه. وإن شرع فى القراءة حرم رجوعه كما لو نهض عن التشهد الأول (وإن) أدركه المسبوق فى إحدى سجدتى السهو الأخيرة، سجد معه السجدة التى أدركه فيها متابعة له.
فإذا سلم إمامه أتى المسبوق بالسجدة الثانية من سجدتى السهو، ليوالى بين السجدتين ثم قضى المسبوق صلاته "لعموم"
(1) انظر ص 148 ج 4 شرح المهذب (حكم المسبوق إذا سها فيما أدركه).
(2)
انظر ص 145 سنن الدار قطنى وفى سنده خارجه بن مصعب ضعيف.
(3)
هو بعض حديث أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر. وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع واذا قال سمع الله لمن حمده، فقولولا: اللهم ربنا لك الحمد. واذا سجد فاسجدوا ن ولا تسجدوا حتى يسجد اهـ (8) انظر ص 69، 65 ج 3 دين طبعة ثانية (متابعة المأموم الإمام)
قوله عليه الصلاة والسلام: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (1).
(وإن أدركه) المسبوق بعد سجود السهو وقبل السلام، لم يسجد المسبوق لسهو إمامه، لأن سهو الإمام قد انجبر بسجوده قبل دخوله معه فأشبه ما لو لم يسه. ويسجد مسبوق لسلامه لسلامه مع إمامه سهوا، لأنه صار منفردا بسلام إمامه. ويسجد مسبوق لسهوه مع إمامه. ويسجد مسبوق لسهوه فيما انفرد به ولو كان سجد مع إمامه لسهوه. ولا يعيد المسبوق السجود إذا سجد مع إمامه لسهو إمامه. لأنه قد سجد وانجبرت صلاته. وظاهره ولو كان سها فيما أدركه مع الإمام. وإن لم يسجد المسبوق مع إمامه لسهوه لعذر، سجد آخر الصلاة. وأن لم يسجد الإمام لسهوه سهوا أو عمدا، لاعتقاده عدم وجوبه، سجد المأموم بعد سلامه والإياس من سجود الإمام، لأن صلاته نقصت بسهو إمامه فلزمه جبرها كما لو انفرد لعذر " ولعموم " قوله عليه الصلاة والسلام: فعليه وعلى من خلفه (2) لكن يسجد المسبوق الذى لم يسجد إمامه لسهوه إذا فرغ من قضاء ما فاته، لأن محل سجود السهو آخر الصلاة وإنما كان يسجده مع الإمام متابعة له، وإن ترك الإمام سجود السهو الواجب قبل السلام مع اعتقاده وجوبه عمدا، بطلت صلاته. وفى صلاتهم روايتان. ومقتضى ما تقدم بطلان صلاتهم. وإن كان محله بعد السلام، لم تبطل صلاته ولا صلاتهم أهـ ملخصا (3).
(فائدة) لا يجود بسهو المأموم لا عليه ولا على الإمام عند الأئمة الأربعة
(1) هو بعض حديث أخرجه الشافعى والسبعة عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وأله وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة. فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا. وفى رواية فاقضوا (9) انظر رقم 71 ص 45 ج 3 دين (ما تدرك به الجماعة)
(2)
هو بعض حديث عمر رقم 7 وتمامه وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافية.
(3)
انظر ص 266 ج 1 كشاف القناع (القسم الثالث مما يشرع له سجود السهو - الشك).
والجمهور لقوله صلي الله عليه وسلم في حديث عمر: وان سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه. ولانه لو سجد وحده قبل السلام كان مخالفا لإمامه. وان أخره إلى ما بعد سلام الإمام يخرج من الصلاه بسلام الإمام ، لأنه سلم عمد ممن لا سهو عليه. ولو طلب من الإمام ، لانقلب المتبوع تابعا.
(السبب الرابع) لسجود السهو ، الشك في الصلاة:
الشك لغه مطلق التردد بين شيئين سواء استوي طرفاه أم رجح أحدهما فيشمل الوهم والظن وهو المراد هنا. ومن شك في صلاته أنه كم صلي؟ بني علي الأقل المتيقن إماما أو منفردا وسجد للسهو " لحديث " أبى سعيد الخدري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلي؟ فليبن علي اليقين ،حتي إذا استيقن أن قد أتم فليسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإنه إن كانت صلاته وتراً صارت شفعاً. وأن كانت شفعاً كان ذلك ترغيما للشيطان. أخرجه مالك واحمد والخمسه إلا البخاري (1) {10} قال المنذري: حديث أبى سعيد أصح حديث في الباب أهـ.
(وبهذا) قالت الشافعية ، وروي عن أحمد قال النووي في المجموع:
(1) انظر من 176 ج 2 تيسير الوصول (سجود السهو) وص 130 ج 4 - الفتح الرباني يعني ان السجدتين بمنزله الركعه لانهما ركناها فصار سجود السهو بمنزله ركعه سادسه و (ترغيما للشيطان) لانه لما قصد التلبيس علي المصلي كان سجود السهو - لما فيه من الثواب - إذلالا للشيطان واغاظه له ، ولفظ أي داود: فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة. كانت الركعة والسجدتان نافلة، وإن كانت صلاته ناقصة، كانت الركعة تماما والسجدتان ترغيما للشيطان.
من شك فى عدد الركعات وهو فى الصلاة مذهبنا أنه يبنى على اليقين ويأتى بما بقى. فإذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ لزمه أن يأتى بركعة إذا كانت صلاته رباعية، سواء كان شكه مستوى الطرفين أو ترجح احتمال الأربع، ولا يعمل بغلبة الظن سواء طرأ هذا الشك أول مرة أم تكرر (وبهذا) قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح وربيعة ومالك والثورى أهـ (1).
(ثم قال) واختلفوا فى سبب سجود السهو هنا فقيل: المعتمد فيه الحديث ولا يظهر معناه واختاره إمام الحرمين والغزالى (والأصح) أن سببه التردد فى الركعة التى يأتي بها، هل هى رابعة أم زائدة تقتضى السجود؟ وهذا التردد يقتضى السجود. فلو زال تردده قبل السلام وقبل السجود وعرف أن التى يأتى بها رابعة، لم يسجد على الأول ويسجد على الثانى. وضبط أصحاب الوجه الثانى صورة الشك وزواله فقالوا: إن كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زواله لابد منه على كل احتمال، لم يسجد للسهو. وإن كان زائدا على بعض الاحتمالات سجد. مثاله شك فى قيامه من الظهر أن تلك الركعة ثالثة أم رابعة؟ فركع وسجد على هذا الشك وهو عازم على القيام إلي ركعة أخرى أخذاً باليقين، ثم تذكر قبل القيام إلى الأخرى أنها ثالثة أو رابعة، فلا يسجد، لأن ما فعله مع الشك لابد منه على التقديرين. فإن لم يتذكر حتى قام، سجد للسهو وإن تيقن أن التى قام إليها رابعة، لأن
احتمال الزيادة وكونها خامسة كان موجودا حين قام أهـ (2).
(ومشهور) مذهب المالكية: أن من شك فى صلاته يبنى على الأقل فلو بنى على الأكثر بطلت صلاته إلا إذا كان يأتيه الشك فى كل يوم فى صلاته
(1) انظر 111 ج 4 شرح المهذب (المذاهب فيمن شك فى عدد الركعات)
(2)
انظر ص 128 منه (فرع فى قواعد متكررة فى أبواب الفقه)(ولا يظهر معناه) أى لا تعرف حكمته فهو امر تعبدى.
ولو مرة. فإنه يبنى على الأكثر ويعرض عن الشك ويسجد بعد السلام ترغيما للشيطان. فلو بنى على الأقل صحت صلاته، لأنه رجوع إلى الأصل (ومشهور) مذهب الحنبلية أن الأمام إن شك بنى على غالب ظنه إن كان المأموم أكثر من واحد، وإلا بنى على اليقين كالمنفرد، والفرق أن للإمام من ينبهه ويذكره إذا أخطأ: بخلاف المنفرد. قال الشيخ منصور بن إدريس: ويأخذ مأموم عند شكله بفعل إمامه " إذا كان المأموم " اثنين فأكثر، لأنه يبعد خطأ اثنين وإصابه واحد (قال) فى المبدع: وأما المأموم فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه وإن جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله.
(والمأموم) فى فعل نفسه يبنى على اليقين. فلو شك هل دخل مع الإمام فى الركعة الأولى أو الثانية؟ جعل الدخول معه فى الثانية، فيقضى ركعة إذا سلم إمامه احتياطا، ولو أدرك المأموم الإمام راكعا ثم شك بعد تكبيره للإحرام هل رفعه من الركوع قبل إدراكه راكعا؟ لم يعتد بتلك الركعة، لاحتمال رفعه من الركوع قبل إدراكه فيه. (وحيث) بنى المصلى على اليقين فإنه يأتى بما بقى عليه من صلاته، ليخرج من عهدته، فإن كان مأموما أتى به بعد سلام إمامه كالمسبوق، ولا يفارقه قبل ذلك، لعدم الحاجة إليه وسجد للسهو، ليجبر ما فعله مع الشك فإنه نقص فى المعنى.
" وإن كان " المأموم واحدا وشك فى عدد الركعات ونحوه، لم يقلد إمامه لاحتمال السهو منه - كما لم يرجع عليه الصلاة والسلام لقول ذى اليدين وحده - ويبنى على اليقين لما تقدم، فإن سلم إمامه أتى بما شك فيه.
(ولا أثر) لشك المصلى بعد سلامه. وكذلك سائر العبادات لو شك فيها بعد فراغها، لأن الظاهر أنه أتى بها على الوجه المشروع (ومن) شك قبل السلام فى ترك ركن فهو كتركه ويعمل باليقين، لأن الأصل عدمه. ولا يسجد لشكه فى ترك واجب، لأن الأصل عدم وجوبه فلا يسجد بالشك، ولا يسجد لشكه هل سها؟ لأن الأصل عدمه، أو شكه فى زيادة بأن شك فى
التشهد هل زاد شيئا أو لا؟ لم يسجد، لأن الأصل عدم الزيادة إلا إذا شك فيها وقت فعلها، بأن شك فى الأخيرة هل هى زائدة أو لا؟ أو شك وهو ساجد هل سجوده زائد أو لا؟ فيسجد لذلك جبرا للنقص الحاصل فيه بالشك ولا يسجد لشكه إذا زال شكه وتبين أنه مصيب فيما فعله إماما كان أو غيره لزوال موجب السجود، ولو شك من سها هل سجد لسهوه أم لا؟ سجد للسهو وكفاه سجدتان أهـ ملخصا (1).
(وقال) الأوزاعى والحنفيون: للشك فى الصلاة ثلاث صور:
(الأولى) ألا يكون الشك عادة له، بأن لم يسبق له شك قبل ذلك أصلا أو فى الصلاة التى شك فيها، فيستأنف الصلاة بعمل مناف. والسلام قاعداً أفضل، لأنه المحلل، وهو مروى عن ابن عباس وابن عمر وابن عمرو "لحديث" إسحاق بن يحيى بن عبادة عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها فى صلاته فلم يدركم صلى؟ فقال: ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدا. أخرجه الطبرانى فى الكبير (2){11} ، وفيه انقطاع فإن إسحاق لم يسمع من جده عبادة.
(وإن) أتم الصلاة على غالب ظنه، لا تبطل غير أنها تكون نقلا ويلزمه أداء الفرض. ولو كانت نفلا ينبغى أن يلزمه قضاؤه وإن أكمله، لوجوب الاستئناف عليه.
(الثانية) أن يكون الشك عادة له بأن وقع له مرتين قبل هذه، أو فى
(1) انظر ص 266 ج 1 كشاف القناع (القسم الثالث ك من يشرع له سجود السهو).
(2)
انظر ص 153 ج 2 مجمع الزوائد (باب السهو فى الصلاة)
عمره أو فى صلاته على الخلاف، فيتحرى ويأخذ بأكبر رأيه إن كان له رأى ويسجد للسهو إن طال تفكره قدر أداء ركن، وإن لم يطل تفكره، فلا سجود لما فى حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وإذا شك أحدكم فى صلاته فليتحر الصواب وليبن عليه فإذا سلم فليسجد سجدتين، أخرجه السبعة (1) {12} (ولحديث) ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا؟ فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتمه ثم ليسلم تم ليسجد سجدتى السهو ويتشهد ويسلم، أخرجه الطحاوى (2){13} .
(الثالثة) أن يكون الشك عادة له ولكن ليس له رأى أو كان ولم يقع تحريه على شئ فإنه يبنى على الأقل المتيقن ويقعد فى كل موضع ظنه محل قعود ويسجد للسهو، فلو شك فى ركعة من الرباعى مثلا أنها أولى أو ثانية، جعلها الأولى ثم يقعد للتشهد، لاحتمال أنها الثانية، ثم يصلى ركعة ويقعد لذلك، ثم يصلى ركعة ويقعد لاحتمال أنها رابعة، ثم يصلى أخرى ويقعد لذلك.
(ولو شك) أنها الثانية أو الثالثة أتمها وقعد، ثم صلى أخرى وقعد، ثم الرابعة وقعد، (ولو شك) فى صلاة الصبح وهو قائم أنها الثالثة أو الأولى، لا يتمها بل يقعد قدر التشهد ثم يصلى ركعتين بفاتحة وسورة ويتشهد ويسجد للسهو فى كل ما ذكر، وإن شك وهو ساجد فى أنها أولى أو ثانية، أتمها وقعد قدر التشهد ثم صلى أخري (ولو شك) فى ركعة أنها ثانية الوتر أم ثالثة، قنت وقعد للتشهد، ثم صلى وقنت أيضاً فى الأصح، وسجد للسهو فى كل ذلك.
(1) انظر ص 126 ج 4 - الفتح الربانى وص 177 ج 2 تيسير الوصول (سجود السهو).
(2)
(انظر ص 252 ج 1 شرح معانى الآثار 0 الشك فى الصلاة).
وعليه يحمل (حديث) عبد الرحمن بن عوف أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا سها أحدكم فى صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين؟ فليبن على واحدة. فإن لم يدر اثنين صلى أم ثلاثا؟ فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا؟ فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم، أخرجه ابن ماجه والترمذى وقال حسن صحيح (1){14} .
(وحديث) أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا أم أربعا؟ فليبين على اليقين ويدع الشك، فإن كانت صلاته نقصت: فقد أتمها وكانت السجدتان ترغيما للشيطان. وإن كانت صلاته تامه كان ما زاد والسجدتان له نافلة، أخرجه الطحاوى (2){15} .
(فوائد)(الأولى) إنما فصل الحنفيون هذا التفصيل فى الشك فى الصلاة وجعلوه ثلاث صور كما ترى، جمعا بين الأحاديث " بحمل " حديث عبادة بن الصامت رقم 11 " على ما " إذا لم يكن الشك عادة له "وحمل " حديثى ابن مسعود رقمى 12 و 13 " على ما " إذا كثر شكه وأمكنه التحرى ووقع تحريه على شئ " وحمل " حديثى عبد الرحمن بن عوف رقم 14 وأبى سعيد الخدرى رقم 15 " على ما " إذا لم يكن له تحر أو لم يقع تحريه على شئ.
(ومنه) يعلم أن الحنفيين يفرقون بين التحرى والبناء على اليقين وبه قال أبو حاتم وابن حيان، قال: قد يتوهم من لم يحكم صناعة الأخبار ولا تفقه فى صحيح الآثار، أن التحرى والبناء على اليقين واحد ليس كذلك، لأن التحرى أن يشك المرء فى صلاته فلا يدرى ما صلى؟ فعليه أن يتحرى الصواب ويبنى على الأغلب عنده. والبناء على اليقين أن يشك المرء فى اثنتين والثلاث. أو الثلاث والأربع، فعليه أن يبنى على اليقين وهو الأقل أهـ.
(1) انظر ص 189 ج 1 سنن ابن ماجه (من شك فى صلاته فرجع إلي اليقين) وص 176 ج 2 تيسير الوصول (سجود السهو).
(2)
انظر ص 251 ج 1 شرح معانى الآثار (الشك فى الصلاة).
(وقال) الشافعى والجمهور: لا فرق بين التحرى والبناء على اليقين، لأن التحرى القصد، فمعنى قوله فى الحديث: فليتحر الصواب، أى يقصد الصواب ويعمل به وقصد الصواب هو البناء على اليقين وهو الأقل كما فى حديث أبى سعيد.
(الثانية) الشك بعد الصلاة لا يعتبر إلا إذا قال له عدل بعد السلام: إنك تركت ركعة مثلا وشك فى صدقة فإنه يعيد احتياطا، لأن الشك فى صدقه شك فى الصلاة. وهذا مذهب الحنفيين.
(وقالت) الشافعية: إذا شك بعد السلام فى ركعة أو ركعات أو ركن فالصحيح أنه لا شئ عليه ولا أثر لهذا الشك (وقيل) يجب الأخذ باليقين فإن قرب الفصل وجب البناء وإن بعد وجب الاستئناف.
(وبهذا) قالت المالكية، والبعد عندهم يتحقق بالخروج من المسجد، وإن لم يخرج منه أو كان فى غيره، اعتبر العرف أو حصول حدث.
(الثالثة) الشك فى صفة الصلاة لا يعتبر، فلو شك فى ثانية الظهر أنه فى العصر وفى الثالثة أنه فى التطوع، وفى الرابعة أنه فى الظهر: يكون فى الظهر ولا عبرة بالشك عند الأئمة الثلاثة.
(وقالت) المالكية: يبنى على اليقين، فمن شك أنه فى آخره العشاء أو فى الشفع: يعتبر أنه فى العشاء. ومن شك أنه فى العصر أو الظهر: يعتبر أنه فى الظهر.
(الرابعة) إذا اختلف الإمام والقوم بعد السلام بأن قالوا: صليت ثلاثا وقال: بل صليت أربعا، فإن كان على يقين لم يعد، وإلا أعاد بقولهم إلا إن كان معه بعض المأمومين ولو واحدا، فالعبرة بقوله، ولو تيقن واحد بالتمام وآخر بالنقص وشك الإمام والقوم، فعلى المتيقن بالنقص الإعادة، ولو تيقن الإمام بالنقص، لزمهم الإعادة إلا من تيقن التمام، ولو تيقن واحد بالنقص وشك الإمام والقوم، فإن كان فى الوقت، فالأولى الإعادة احتياطا. وإن كان المخبر بالنقص عدلين لزمت الإعادة، وهذا مذهب الحنفيين.
(وقالت) المالكية: إذا أخبر المصلى أماما أو غيره جماعة مستفيضة - يفيد خبرهم العلم الضرورى - بنقص أو زيادة، لزمه الرجوع إلى خبرهم ولو كان متيقنا خلافه. وإذا أخبر الإمام عدلان بنقص أو زيادة، رجع لقولهما ما لم تيقن كذبهما فإن ولم يكن الشك عادة له، لا يرجع لقولهما، بل يبنى على الأقل. وإذا أخبره واحد بالتمام لا يرجع لقوله، بل يبنى على يقين نفسه وإن أخبره بالنقص ولم يكن الشك عادة له، يرجع لقوله لحصول الشك بخبره وإن كان الشك عادة للإمام، بنى على الأكثر ولا يرجع لقول المخبر.
(وإن) أخبر العدلان أو الواحد غير الإمام بنقص أو زيادة، بنى على يقينه ولا يرجع لقول أحد ما لم يبلغ حد التواتر كما تقدم.
(وقالت) الحنبلية: إذا شك الإمام يلزمه العمل بقول مأمومين يثق بهما ولو غلب على ظنه خطؤهما. ولا يعمل بقول الواحد إلا إذا غلب على ظنه صدقة.
(وقالت) الشافعية: إذا شك الإمام يعمل بقول المأموم واحدا أو أكثر ما لم يغلب على ظنه خطأ المخبر ولو اثنين.
(قال) أبو محمد عبد الله بن قدامة فى المغنى: إذا سبح للإمام اثنان يثق بقولهما، لزمه قبوله والرجوع إليه ولو غلب على ظنه خطؤهما (وقال) الشافعى: إن غلب على ظنه خطؤهما لم يعمل بقولهما، لأن من شك فى فعل نفسه لم يعمل بقول غيره، كالحاكم إذا نسى حكما حكم به قشهد به شاهدان وهو لا يذكره (ولنا) أن النبى صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول أبى بكر وعمر وغيرهما رضى الله عنهم فى حديث ذى اليدين لما سألهم أصدق ذو اليدين؟ فأومئوا نعم (1)، مع أنه كان شاكا بدليل أنه أنكر ما قاله ذو اليدين وسألهم عن صحة قوله. ولأن النبى صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتسبيح لذكروا الإمام ويعمل بقولهم.
(1)(تقدم رقم 405 ص 302 ج 5 دين 0 القسم الأول من الزيادة القولية)
(وروى) ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فزاد ونقص إلى قوله: إنما أنا بشر أنسى. فإذا نسيت فذكرونى (1)، يعنى بالتسبيح كما روى عنه فى الحديث الآخر. وكذا نقول فى الحاكم إنه يرجع إلى قول الشاهدين.
(وإن كان) الإمام على يقين من صوابه وخطأ المأمومين، لم يجز له متابعتهم (وإذا) ثبت هذا فإنه إذا سبح به المأمون فلم يرجع فى موضع يلزمه الرجوع فيه، بطلت صلاته وليس للمأمومين اتباعه. فإن اتبعوه عالمين بتحريم ذلك بطلت صلاتهم، لأنهم تركوا الواجب عمدا. وإن تابعوه جهلا بتحريم ذلك بطلت صلاتهم صحيحة، لأن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم تابعوه فى التسليم فى حديث ذى اليدين، وفى الخامسة فى حديث ابن مسعود فلم تبطل صلاتهم.
(وروى) الأثرم بإسناده عن الزبير أنه صلى العصر فلما سلم قال له رجل من القوم: يا أبا عبد الله إنك صليت ركعات ثلاثا، قال: أكذلك؟ قالوا: نعم، فرجع فصلى ركعة ثم سجد سجدتين (2)، وعن إبراهيم قال: صلى بنا علقمة الظهر خمسا فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل قد صليت خمسا. قال كلا ما فعلت، قالوا بلى، وكنت فى ناحية القوم وأنا غلام فقلت: بلى قد صليت خمسا. قال لي أعور وأنت تقول ذلك أيضا؟ قلت
نعم فسجد سجدتين {3} ، فلم يأمروا من وراءهم بالإعادة، فدل على أن صلاتهم لم تبطل بمتابعتهم.
(ومتى) عمل الإمام بغالب ظنه فسبح به المأمون فرجع إليهم فإن سجوده قبل السلام لما فعله من الزيادة فى الصلاة سهوا (قال) الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل جلس في الركعة الأولى من الفجر فسبحوا به
(1) هذا بعض حديث أخرجه أحمد وتمامه: وأيكم ما شك فى صلاته فليتحر اقرب ذلك للصواب فليتم عليه ويسلم ثم يسجد سجدتين (16) انظر ص 128 ج 4 الفتح الربانى.
فقام: متى يسجد للسهو؟ فقال قبل السلام. (فإن سبح) الإمام واحد لم يرجع إلى قوله إلا أن يغلب على ظنه صدقه فيعمل بغالب ظنه لا بتسبيحه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل قول ذى اليدين وحده فإن سبح فسئاق لم يرجع إلى قولهم لأن قولهم غير مقبول فى أحكام الشرع (وإن) افترق المأمومون طائفتين، وافقه قوم وخالفة آخرون: سقط قولهم لتعارضهم كالبينتين إذا تعارضتا. ومتى لم يرجع وكان المأموم على يقين من خطأ الإمام لم يتابعه. وينبغى أن ينتظره، لأن صلاة الإمام صحيحة لم تفسد بزيادة فينتظره أهـ ملخصا (1)
(الخامسة) لو شك الإمام فلحظ القوم ليعلم إن قاموا قام، ولا قعد فلا بأس به ولا سجود عليه.
(السادسة) لو شك فى صلاته أكبَّر للافتتاح أم لا؟ أو أحدث أم لا؟ أو أصابه نجاسة أم لا؟ استأنف الصلاة إن لم يكن الشك عادة له وإلا فلا.
(ولو غلب) على ظنه وهو فى الصلاة أنه أحدث أو لم يتطهر ثم ظهر خلافه، استأنف إن كان أدى ركنا وإلا مضى، وهذا مذهب الحنفيين.
(وقالت) المالكية: من شك هل أحرم؟ استأنف الصلاة. ومن شك هل أحدث أو أصابته نجاسة؟ تمادى فى صلاته، ثم إن تيقن عدم الحدث أو عدم النجاسة لا إعادة عليه. وإن تيقن الحدث أو النجاسة أعاد وجوباً. ومن تذكر نجاسة أو طرأت عليه وهو فى الصلاة: قطع وجوبا إن قدر على إزالة النجاسة واتسع الوقت لذلك وإلا استمر ولا إعادة عليه. لأن إزالة النجاسة واجبة مع الذكر والقدرة. فمن أتم الصلاة وهو ناس للنجاسة، صحت صلاته وأعاد ندبا فى الوقت.
(السابعة) من القواعد أن اليقين لا يزول بالشك، بل يعمل بالمتيقن ويطرح
(1) انظر ص 674 ج 1 مغنى (إذا سبح للامام اثان يثق بقولهما).
الشك، فإذا شك فى ترك مأمور يجبر تركه بالسجود، فالأصل أنه لم يفعله فيسجد للسهو أما إذا شك هل ترك مأموراً به أم لا؟ فلا يسجد كما لو شك أسها أم لا؟ فإنه لا يسجد. وإن شك أزاد فى الصلاة ركعة أو سجدة أو غيرهما أم لا؟ أو هل سلم ناسياً؟ لم يسجد، لأن الأصل عدم ولو تيقن السهو وشك هل سجد له؟ فليسجد، لأن الأصل عدم السجود. ولو شك أسجد للسهو سجدة أم سجدتين؟ سجد أخرى. ولو تيقن السهو وشك فى عين ما سها فيه سجد لتحقق سبب السجود. أفاده النووى فى المجموع (1).
(وقالت) المالكية: من شك هل سجد واحدة أم اثنتين؟ أو ركع أم لا؟ أو قرأ الفاتحة أم لا؟ أتى بما شك فيه. وإن لم يكن الشك عادة له وسجد بعد السلام. وإن كان الشك عادة له، سجد قبل السلام ولا يأتى بما شك فيه. ومن شك هل سجد للسهو واحدة أم اثنتين؟ سجد الثانية، ومن شك هل سجد للسهو؟ أتى به ولا سجود عليه.
(الثامنة) لو أدرك مسبوق الإمامَ راكعاً وشك هل أدرك ركوعه المجزئ؟ فالصحيح أنه لا تحسب له
الركعة، وعليه يطلب منه سجود السهو كما لو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ ولا يقال يتحمل الإمام سهوه،
لأنه بعد سلام الإمام شاك فى عدد الركعات. أفاده النووى فى المجموع (2).
(وبه) قالت المالكية: غير أنهم قالوا لا سجود عليه.
الفرع الثالث لسجود السهو - محله (3).
مدار سجود السهو على ستة أحاديث وهى:
(1) أنظر ص 128 ج 4 شرح المهذب (قواعد متكررة فى ابواب الفقه) وص 129 منه.
(2)
أنظر ص 128 ج 4 شرح المهذب (قواعد متكررة فىأابواب الفقه) وص 129 منه.
(3)
والأول حكمه وتقدم ص 280 ج 5 دين والثانى سببه وتقدم ص 282.
(1)
حديث عمران بن حصين أن النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم سَّلم فى ثلاث ركعات من العصر ثم دخل الحجرة فكلمة الخِر باق فصلى تلك الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم (1).
(2)
وحديث أبى هريرة فى قصة ذى اليدين وفيه: أن النبى صلى الله عليه وسلم سلم فى الرباعية من اثنتين ومشى وتكلم وسجد بعد السلام (2).
(3)
وحديث ابن مسعود وفيه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قام إلى خامسة وسجد بعد السلام (3)
(4)
وحديث عبد الله بن مالك بن بحينة وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قام اثنتين من الظهر لم يجلس فسجد قبل السلام (4).
(5)
وحديث أبى سعيد الخدرى فيمن شك فى صلاته وفيه أنه يسجد قبل السلام (5).
(6)
وحديث عبد الرحمن بن عوف فيمن شك كم صلى؟ وفيه السجود قبل السلام. (6).
(وقد) تقدمت هذه الأحاديث وأحاديث أخرى بمعناها. ولذا اتفق العلماء على أنه يجوز سجود السهو قبل السهو وبعده للنقص والزيادة. ولكن اختلفوا
(1) هما بعضا حديثين تقدما رقم 404 و 405 ص 302 ج 5 دين - (الزيادة القولية).
(2)
هما بعضا حديثين تقدما رقم 404 و 405 ص 302 ج 5 دين - (الزيادة القولية).
(3)
هو بعض حديث تقدم تاما رقم 400 ص 298 ج 5 (القيام لزائدة)
(4)
هو بعض حديث تقدم فى بحث " القيام لثالثة بلا تشهد " رقم 399 ص 293 ج 5 دين.
(5)
هو بعض حديث تقدم فى بحث " الشك فى الصلاة " ص 24] 10 ج [
(6)
هو بعض حديث تقدم فى " الصورة الثالثة من صور الشك فى الصلاة " ص 29 {14}
فى الأفضل (فقال) الحنفيون والثورى: الأفضل السجود بعد السلام وبه قال على وسعد بن أبى وقاص وعمار بن ياسر وابن مسعود وعمران بن حصين وأنس والمغيرة بن شعبة من الصحابة وأبو سلمة بن عبد الرحمن والحسن البصرى والنخعى وعمر بن العزيز وغيرهم من التابعين (واستدلوا)" بأحاديث " عمران وذى اليدين وابن مسعود المذكورة.
" وبحديث " ثوبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لكل سهو سجدتان بعدما يسلم. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند فيه إسماعيل بن عياش (1){17} وفيه مقال. لكن قال البخارى: إذا حدث عن أهل بلده
يعنى الشاميين فصحيح أهـ وهذا الحديث من روايته عن الشاميين. فتضعيف الحديث به غير مسلم.
" وبحديث " أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها، فلما سلم سجد سجدتين ثم سلم. أخرجه أحمد (2){18}
" وبحديث " عبد الله بن جعفر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شك فى صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى والبيهقى (3){19} ، وفى سنده مصعب بن شيبه وفيه مقال. لكن يعضده أحاديث الباب
(وقال) الأوزاعى والليث بن سعد والشافعى فى الجديد: الأفضل أن يكون السجود قبل السلام (واستدلوا) بأحاديث عبد الله بن بحينة وأبى سعيد وابن عوف المذكورة آنفاً.
(1) انظر ص 155 ج 4 - الفتح الربانى وص 169 ج 6 - المنهل العذب (من نسى ان يتشهد) وص 190 ج 1 - سنن ابن ماجه (من سجدهما بعد السلام)
(2)
انظر ص 157 ج 4 - الفتح الربانى (السجود بعد السلام).
(3)
انظر ص 157 منه وص 160 ج 6 - المنهل العذب (من قال بعد التسليم) وص 185 ج 1 - مجتبى (باب التحرى).
(وللشافعية) قولان آخران (أحدهما) أن التقديم والتأخير سواء فى الفضيلة (والثانى) أن السجود إن كان لزيادة فالأفضل فيه أن يكون بعد السلام، وإلا فالأفضل كونه قبل السلام، جمعاً بين الأحاديث السابقة.
(وبهذا) قالت المالكية. والمشهور عنهم أن تأخير القبلى مكروه وتقديم البعدى حرام. وإذا اجتمع نقص وزيادة، غلّب النقص على الزيادة وسجد قبل السلام وبهذا يكون استعمال الخبرين جميعاً. واستعمال الأخبار على وجهها أولى من أدعاء النسخ.
(وقال) أحمد: الأفضل استعمال كل حديث ورد فى سجود السهو على ما ورد فيه. وما لم يرد فيه شئ، فالأفضل فيه السجود قبل السلام (قال) الأثرم: قال أحمد: سجد النبى صلى الله عليه وسلم فى ثلاثة مواضع بعد السلام، وفى غيرها قبل السلام. قلت: اشرح الثلاثة المواضع التى بعد السلام قال: سلم من ركعتين فسجد بعد السلام. هذا حديث ذى اليدين (1) وسلم من ثلاث فسجد بعد السلام. هذا حديث عمران بن حصين (2) وحديث ابن مسعود فى موضع التحرى سجد بعد السلام (3).
(واختلف) فيمن سها فصلى خمساً هل يسجد قبل السلام أو بعده؟ على روايتين (وما عدا) هذه المواضع الثلاثة يسجد لها قبل السلام رواية واحدة.
(وحكى) ابو الخطاب عن أحمد روايتين أخريين (إحداهما) أن السجود كله قبل السلام وهو مذهب الشافعى، لحديث ابن بحينه وأبى سعيد (4).
(1) يشير الى حديث ابى هريرة رقم 2 هامش ص 35.
(2)
تقدم رقم 1 هامش ص 35.
(3)
وتقدم رقم 12 ص 28.
(4)
حديث ابن بحينة، تقدم رقم 4 هامش ص 35 وتقدم ص 293 ج 5 - دين وص 19، 13 وحديث ابى سعيد تقدم رقم 5 بهامش ص 35.
(وقال) الزهرى: كان آخر الأمرين السجود قبل السلام، ولأنه تمام الصلاة وجبر لنقصها فكان قبل سلامها كسائر أفعالها (والثانية) أن ما كان من نقص سجد له قبل السلام، لحديث ابن بحينة. وما كان من زيادة سجد له بعد السلام، لحديث ذى اليدين، وحديث ابن مسعود حين صلى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم خمسا (1) وهذا مذهب مالك وأبى ثور (2).
الفرع الرابع لسجود السهو - السجود فى النفل:
النفل فى سجود السهو كالفرض عند الجمهور، لعموم الأحاديث السابقة (وقال) ابن سيرين وقتادة: لا يشرع السجود فى النافلة. وروى عن الشافعى فى القديم (قال) فى المهذب. وهذا لا وجه له، لأن النفل كالفرض فى النقصان فكان كالفرض فى الجبران أهـ.
(وقالت) المالكية: السهو فى النفل كالسهو فى الفرض إلا فى ست مسائل (إحداها) الفاتحة، فلو نسيها فى النافلة وتذكر بعد الركوع، تمادى وسجد قبل السلام، بخلاف الفريضة فإنه يلغى تلك الركعة ويأتى بركعة أخرى ويسجد قبل السلام إن كانت الركعة الملغاه من الأوليين. وإلا فبعد السلام (الثانية والثالثة والرابعة) السورة والجهر والسر، فمن نسى واحدة منها فى النافله، فلا سجود عليه بخلاف الفريضة فيسجد (الخامسة) من قام إلى ثالثة فى النافله فإن تذكر قبل عقد ركوعها، رجع وسجد بعد السلام. وإلا تمادى وزاد رابعة وسجد قبل السلام، بخلاف فى الفريضى فإنه يرجع متى ذكر أنه زاد ويسجد بعد السلام (السادسة) من نسى ركنا من النافلة كالركوع ولم يتذكر حتى سلم وطال، فلا إعادة عليه، بخلاف الفريضة فإنه يعيدها أبداً.
قال أبو محمد عبد الله بن قدامة فى المغنى: وحكم النافلة حكم الفرض فى سجود
(1) تقدم رقم 3 بهامش ص 35.
(2)
ملخص من سنن ابن قدامة ص 677 ج 1 - (متى يكون السجود بعد السلام).
السهو فى قول عامة أهل العلم. لا نعلم فيه مخالفاً، إلا أن ابن سيرين قال: لا يشرع فى النافلة. وهذا يخالف عموم قول النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين (1). وقال: إذا نسى أحدكم فزاد أو نقص فليسجد سجدتين (2){20} ولم يفرق، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود فيسجد لسهوها كالفريضة. ولو قام فى صلاة الليل فحكمه حكم القيام الى ثالثة فى الفجر نص عليه أحمد (وقال) مالك: يتمها أربعا ويسجد للسهو ليلا كان أو نهارا (وقال) الأوزاعى: فى صلاة النهار كقوله وفى صلاة الليل إن ذكر قبل ركوعه فى الثالثة جلس وسجد للسهو وإن ذكر بعد ركوعه أتمها أربعا قول النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى (3){21} ولأنها صلاة شرعت ركعتين فكان حكمها ما ذكرنا فى صلاة الفجر. فأما صلاة النهار فيتمها أربعا.
(ولا يشرع) السجود للسهو فى صلاة جنازة، لأنها لا سجود فى صلها ففى جبرها أولى. ولا فى سجود تلاوة، لأنه لو شرع لكان الجبر زائداً على الأصل أهـ (4).
الفرع الخامس لسجود السهو - كيفية سجود السهو:
كيفيته عند الحنفيين أن يسجد سجدتين بعد السلام الأول على ما اختاره الجمهور أو الثانى على ما صححه فى الهداية. ويكبر للسجود ويسبح فيه كتسبيح السجود للصلاة ندباً. وبعد السجدتين يتشهد وجوباً، ويصلى على النبى صلى الله
(1) أخرجه مسلم عن ابن مسعود وتقدم برقم 2 بهامش ص 11.
(2)
أخرجه مسلم عن ابن مسعود بلفظ: إذا زاد الرجل أو نقص، فليسجد سجدتين، وتقدم بصفحة 11.
(3)
أخرجه الجماعة عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى انظر رقم 442 ص 308 ج 2 دين طبعة ثانية.
(4)
انظر ص 702 ج 1 - مغنى (النافلة كالفرض فى سجود السهو).
عليه وسلم ويدعو ندباً فى قعدة السهو على المختار، لأن موضعهما آخر الصلاة وقيل يأتى بهما فى القعدتين احتياطاً، ويسلم وجوباً " لحديث " أبى هريرة وابن مسعود رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سجدتا السهو بعد التسليم وفيهما تشهد وسلام، أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس (1){22}
(وروى) أبو عبيدة أن عبد الله بن مسعود قال: السهو أن يقوم فى قعود أو يقعد فى قيام، أو يسلم فى الركعتين. فإن يسلم ثم يسجد سجدتى السهو ويتشهد ويسلم. اخرجه الطحاوى (2){4} .
(وقالت) المالكية: كيفيته أن يسجد سجدتين كسجود الصلاة ثم يتشهد ندباً بلا دعاء ولا صلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى السجود البعدى، وكذا فى القبلى على المشهور.
(وقالت) الحنبلية: يتشهد وجوباً فى البعدى ولا يتشهد فى القبلى (قال) الشيخ منصور بن إدريس: ومتى سجد للسهو بعد السلام، كبر ثم سجد سجدتين كسجود صلب الصلاة. ثم جلس مفترشاً فى الثنائية ومتوركا فى غيرها فتشهد وجوبا التشهد الأخير ثم سلم. وهو قول جماعة منهم ابن مسعود " لحديث " عمران ابن حصين أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم. رواه أبو داود والترمذى وحسنة (3){23} ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد يعقبه كسجود الصلب وإن سجد قبل السلام، سجد سجدتين بلا تشهد بعدهما إجماعا. وسجود سهو كسجود صلب الصلاة. وما يقول فيه وبعد الرفع منه كسجود صلب الصلاة، لما تقدم فى حديث ابى هريرة فى قصة ذى اليدين:
(1) انظر رقم 4684 ص 102 ج 4 فيض القدير.
(2)
انظر ص 256 ج 1 شرح معانى الآثار (سجود السهو اقبل التسليم أم بعده).
(3)
انظر ص 170 ج 6 - المنهل العذب (باب سجدتى السهو فيهما تشهد وتسليم) وص 305 ج 1 تحفة الأحوذى (التشهد فى سجدتى السهو).
ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر (1).
(وقالت) الشافعية: سجود السهو سجدتان بينهما جلسة يفترش فيها ويتورك بعدهما ثم يسلم بلا تشهد ولو سجد بعد السلام على الصحيح. وصفه السجدتين فى الهيئة والذكر صفة سجدات الصلاة.
الفرع السادس لسجود السهو - تعدد سبب السجود:
إذا سها المصلى سهوين فأكثر، كفاه سجدتان للجميع " لحديث " عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: سجدتا السهو فى الصلاة تجزئان من كل زيادة ونقصان. أخرجه أبو يعلى وابن عدى والبيهقى (2){24} .
(وبهذا) قال الأئمة الأربعة والجمهور (فعند) الحنفيين لا يتكرر سجود السهو بترك أكثر من واجب، حتى لو ترك جميع واجبات الصلاة ساهياً، لا يلزمه أكثر من سجدتى، لعدم ورود الشرع بتكريره، لكن تقدم أن المسبوق يتابع إمامه فى السجود. ثم إذا سها فى قضاء ما عليه فإنه يسجد ثانياً، فقد تكرر السجود (وأجاب) فى البدائع بأن التكرير فى صلاة واحدة غير مشروع وهما صلاتان حكما وإن كانت التحريمة واحدة، لأن المسبوق كالمنفرد فيما يقضى. ونظيره المقيم إذا اقتدى بالمسافر فيها الإمام يتابعه المقيم فى السهو وعلى تقدير سهوه فى إتمام صلاته يسجد فى أصح يسجد فى أصح الروايتين، لكن لما كان منفرداً فى ذلك كان صلاتين حكما أهـ.
(وقال) ابن قدامة فى المغنى: إذا سها سهوين أو أكثر من جنس. كفاه سجدتان للجميع. لا نعلم أحداً خالف فيه. وإن كان السهو من جنسين فكذلك
(1) انظر ص 268 ج 1 - كشاف القناع وحديث ابى هريرة تقدم رقم 405 ص 302 ج 5 دين (زيادة القول)
(2)
انظر رقم 4683 ص 102 ج 4 - فيض القدير وفيه تفرد به حكيم بن نافع الرقى ابو زرعة: ليس بشئ.
حكاه ابن المنذر قولا لأحمد، وهو قول أكثر أهل العلم منهم النخعى والثورى ومالك والليث والشافعى وأصحاب الرأى، وذكر أبو بكر فيه وجهين أحدهما ما ذكرنا والثانى يسجد سجودين (1).
(وقال) النووى فى المجموع: إذا اجتمع فى صلاته سهوان أو أكثر من نوع أو أنواع بزيادة أو بنقصان أو بهما، كفاه للجميع سجدتان. ولا يجوز أكثر من سجدتين. ولا يكرر حقيقة السجود وقد تُكرر صورته فى مواضع.
(منها) إذا سجد المسبوق وراء الإمام يعيده فى آخر صلاته على الصحيح (ومنها) لو سها الإمام فى صلاة الجمعة فسجد للسهو فخرج وقت الصلاة قبل السلام، فالمشهور أنه يتمها ظهراً ويسجد للسهو، لأن السجود الأول لم يقع فى آخر الصلاة (ومنها) لو ظن أنه سها فسجد للسهو ثم بأن قبل السلام أنه لم يسه فوجهان (أصحهما) يسجد ثانيا، لأنه زاد سجدتين سهوا (والثانى) أنه لا يسجد بل يكون سجوده جابرا لنفسه ولغيره (ومنها) لو سها مسافر فى صلاة مقصورة فسجد ثم نوى الإتمام قبل السلام أو صار مقيما بانتهاء السفينة على وطنه، وجب الإتمام ويعيد السجود (ومنها) لو سجد للسهو ثم سها قبل السلام بكلام أو غيره فوجهان (أحدهما) يعيده، كما لو تكلم أو سلم بين سجدتى السهو أو فيهما، فإنه لا يعيده بلا خلاف، لأنه لا يؤمن من وقوع مثله فيتسلسل (ومنها) لو شك هل سها أم لا؟ فقد سبق أنه لا يسجد، فلو توهم أنه يقتضى السجود فسجد، أمر بالسجود ثانيا لهذه الزيادة (ومنها) لو ظن أن سهوه لترك القنوت فسجد له، فبان قبل السلام أنه لغيره فوجهان (أحدهما) يعيد السجود لأنه لم يجبر ما يحتاج إلى الجبر (وأصحهما) لا يعيده، لأنه قصد جبر الخلل (ولو) سجد للسهو ثلاثا لم يسجد لهذا السهو (ونقل) العبدرى إجماع المسلمين على أنه إذا سها فى سجود السهو لم يسجد لهذا السهو. ولو شك هل
(1) انظر ص 696 ج 1 مغنى (سجود السهو لا يتعدد بتعدده).
سجد للسهو سجدة أو سجدتين؟ فأخذ بالأقل فسجد أخرى فبان أنه كان سجد سجدتين، لم يعد السجود أهـ. ملخصا (1).
(وقال) الأوزاعى: إذا كان السهوان من جنسين بأن كان أحدهما قبل السلام والآخر بعده، سجد لكل سجدتين وإن كان السهو زيادة أو نقصاً كفاه سجدتان (وقال) ابن أبى ليلى: يتكرر السجود بتكرر سببه مطلقاً ولا يتداخل (واستدلا) بما تقدم عن ثوبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2){25} (ورد) بأنه لا دليل فيه على تكرير السجود، لأن المراد أن لكل سهو فى صلاة سجدتين والسهو وإن كثر فيها فهو داخل تحت لفظ السهو، فالتقدير لكل صلاة فيها سهو سجدتان، ولذا قال: لكل سهو سجدتان بعدما يسلم ولا يلزمه بعد السلام سجودان.
الفرع السابع لسجود السهو - تدارك السجود:
من كان عليه سجود سهو وسلم لا يريد السجود، فعليه أن يسجد ما لم يتكلم أو يتحول عن القبلة، لأن السلام ذكر فلا يقطع الصلاة ولو مع تذكر السهو (وقيل) التحول لا يمنع من السجود ما لم يخرج من المسجد أو يتكلم.
(ولو) سلم ناسيا السهو، لزمه السجود ما دام فى المسجد ولم يوجد منه منه مناف للصلاة. وإن كان فى غير المسجد فإن تذكر قبل مجاوزة الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره، أتى بالسجود. وإن مشى أمامه فالأصح اعتبار موضع سجوده أو سترته إن كان له ستره. وإن وجد مناف للصلاة أو خرج من المسجد ونحوه مما تقدم، سقط سجود السهو وأعاد الصلاة وجوبا وهذا مذهب الحنفيين (وقالت) المالكية: من ترك السجود البعدى عمدا أو سهوا، لا تبطل
(1) انظر ص 141 ج 4 شرح المهذب (إن اجتمع سهوان أو أكثر كفاه للجميع سجدتان).
(2)
تقدم رقم 17 ص 36 (محل سجود السهو).
صلاته ويأتى به متى ذكره ولو بعد سنين. ومن ترك السجود القبلى سهوا أو عمدا، سجدة إن تذكره عن قرب ولم يخرج من المسجد. فإن لم يسجد وطال الفصل، بطلت صلاته إن كان لترك ثلاث سنن سهوا. وإلا لا تبطل.
(وحاصل) مذهب الشافعية ما ذكره النووى فى المجموع بقوله: فإذا قلنا إنه (يعنى سجود السهو) قبل قبل السلام فسلم قبل السجود، فإن سلم عامدا عالما السهو فوجهان (أصحهما) أنه فوت السجود ولا يسجد (والثانى) يسجد إن قرب الفصل وإلا فلا. فعلى هذا إذا سجد لا يكون عائدا إلى الصلاة، وإن سلم ناسيا فإن طال الفصل فقولان: الحديد الأظهر لا يسجد. والقديم يسجد. وإن لم يطل الفصل وبداله أن لا يسجد، فذاك والصلاة صحيحة وحصل التحلل بالسلام على الصحيح، وإن أراد أن يسجد فالصحيح أنه يسجد " لحديث " ابن مسعود (1) فإن سجد فهل يكون عائدا إلى حكم الصلاة؟ فيه وجهان (أصحهما) يكون عائدا. وقيل لا يكون عائدا (ويتفرع) على الوجهين مسائل (منها) لو تكلم عامدا أو أحدث فى السجود بطلت صلاته على الوجه الأول دون الثانى (ومنها) لو كان السهو فى صلاة جمعة وخرج الوقت وهو فى السجود، فاتت الجمعة على الوجه الأول دون الثانى (ومنها) ولو كان مسافراً يقصر الصلاة ونوى الإتمام فى السجود، لزمه الإتمام على الوجه الأول دون الثانى (ومنها) هل يكبر للافتتاح ويتشهد؟ إذا قلنا بالأول لا يكبر ولا يتشهد لكن يجب عليه إعادة السلام بعد السجود. وإن قلنا بالثانى كبر ولا يتشهد على الأصح، لأنه لم يصح فيه عن النبى صلى الله عليه وسلم سئ أهـ ملخصا (2).
(1) أخرجه السبعة بلفظ: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا فقيل له: أزيد فى الصلاة؟ قال وما ذاك؟ قال صليت خمسا، فسجد سجدتين بعد ما سلم وتقدم رقم 400 ص 298 ج 5 دين (القيام لزائدة).
(2)
انظر ص 155 ح 4 شرح المهذب (تدارك سجود السهو).