الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السوداء تسن فى زمن دون آخر، أو تختص بطائفة دون أخرى، وغير ذلك مما يبوقله أهل الافتراء والأهواء من الهذيان الذى ينادى عليهم بأنهم لا يعرفون شيئا من واضح أحكام الدين.
وأين أولئك المجازفون المفترون من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: من تمسك بسنتى عند فساد أمتى فله أجر مائه شهيد. أخرجه البيهقى عن ابن عباس (1){301} وقوله صلى الله عليه وسلم: من أحيا سنتى فقد أحبنى ومن احبنى كان معى فى الجنة. رواه السجزى فى الإبانة عن أنس (2){302} .
(فإن لم) يكن العمل بالسنة - لا سيما ما دثر منها عند فساد أهل الزمان وإعراضهم عن العمل بالوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عملا) قيما جليلا، فما فائدة هذا الترغيب الصادر من المبعوث رحمة للعالمين؟ {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ} {وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (3)
(الثامن) سنن الهدى والزيادة
بعدما تقدم من الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة. نرى بعض من لم يوفق لإرسال عذبة العمامة يقول: العذبة من سنن الزوائد وهى لاثواب فى فعلها ولا عتاب فى تركها. يقصد بذلك رفع اللوم عنه فى عدم إرخائه العذبة. وهذا خطأ منه، لأن إرخاء العذبة من سنن الهدى لا الزوائد، لما تقدم من الأحاديث النبوية، والنصوص الفقهية الناطفة بأن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها لنفسه ولغيره وأمر بفعلها وقال: إنها أعرب وأحسن وأجمل. وسنن الهدى يثاب على فعلها ويلام على تركها. وعلى فرض أنها من سنن الزوائد فسنن الزوائد يثاب عليها، فلا يعقل أن فعلها وتركها سواء.
(1) انظر ص 141 ج 1 - الترغيب والترهيب (الترغيب فى اتباع الكتاب والسنة).
(2)
انظر رقم 8346 ص 40 ج 6 فيض القدير وفيه خالد بن أنس لا يعرف وحديثه منكر جدا.
(3)
آية 81 سورة الإسراء.
(وهناك) الفرق بين سنن الهدى وسنن الزوائد.
(وأما) سنة الهدى فهى التى واظب عليها النبى صلى الله عليه وسلم تعبدا وابتغاء مرضاة الله مع الترك مرة أو مرتين بلا عذر، أو لم يتركها أصلا لكنه لم ينكر على التارك.
(قال) العلامة النسفى فى شرحه على المنار: سنة الهدى أخذها هدى وتركها ضلالة أهـ (وقال) الكمال ابن الهمام فى التحرير وشرحه: سنن الهدى هى ما يكون إقامتها تكميلا للدين تاركها بلا عذر على سبيل الإصرار مضلل ملوم أهـ (وفى شرح) نور الأنوار على المنار: ترك سنة الهدى يستوجب إساءة كالعتاب واللوم أهـ (وقال) منلا خسروا فى المرقاة وشرحه: سنة الهدى مكملة للدين وتاركها مسئ يستحق اللوم كصلاة العيد والأذان والإقامة والصلاة بالجماعة والسنن الرواتب أهـ.
(وأما) سنن الزوائد فقد عرفوها بالمثال (قال) فى المنار وشرحه نور الأنوار: سنن الزوائد هى كسير النبى صلى الله عليه وسلم فى لباسه وقعوده وقيامه (إلى أن قال) فهذه كلها من سنن الزوائد يثاب المرء على فعلها ولا يعاقب على تركها وهو فى معنى المستحب، إلا أن المستحي ما أحبه العلماء. وهذا ما اعتاده النبى صلى الله عليه وسلم أهـ.
(وقال) العلامة ابن عابدين فى رد المختار: السنة نوعان: سنة الهدى، وتركها يوجب إساءة وكراهية كالجماعة والأذان والإقامة ونحوها. وسنة الزوائد، ونركها لا يوجب ذلك كسير النبى صلى الله عليه وسلم فى لباسه وقيامه وقعوده، والنفل ومنه المندوب يثاب فاعله ولا يسئ تاركه، وقيل هو دون سنن الزوائد.
(وقد) مثلوا لسنة الزوائد ايضا بتطويله عليه الصلاة والسلام القراءة والركوع والسجود، ولا شك فى كون ذلك عبادة، وحينئذ فمعنى كون سنة الزوائد عادة أن النبى صلى الله عليه وسلم واظب عليها حتى صارت عادة له ولم يتركها إلا أحيانا، لأن السنة هى الطريقة المسلوكة فى الدين، فهى فى نفسها
عبادة، وسميت عادة لما ذكرنا. ولما لم تكن من مكملات الدين وشعائره سميت سنة الزوائد بخلاف سنة الهدى، وهى السنن المؤكدة القريبة من الواجب التى يضلل تاركها لأن تركها استخفاف بالدين (وبخلاف) النفل فإنه كما قالوا: ما شرع لنا زيادة على الفرض، والواجب والسنة بنوعيها. ولذا جعلوه قسما رابعا وجعلوا منه المندوب والمستحب وهو ما ورد به دليل ندب يخصه كما فى التحرير.
(فالنفل) ما ورد به دليل ندب عموما أو خصوصا ولم يواظب عليه النبى صلى الله عليه وسلم، ولذا كان دون سنن الزوائد كما صرح به فى التنقيح فاغتنم تحقيق هذا المحل فإنك لا تجده فى غير هذا الكتاب أهـ ملخصا.
(وملخص) القول أن سنن الهدى هى المعبر عنها عند الفقهاء بالسنة المؤكدة وسنن الزوائد هى المعبر عنها عندهم بالمندوب والمستحب، وأنه لا خلاف فى حصول الثواب بفعل سنن الزوائد كالمندوب.
(وأما) ثبوت الكراهة وعدمها بترك سنن الزوائد والمندوبات، فظاهر عبارات الأصوليين والفقهاء عدم الكراهة. وعن بعضهم أن تركها مكروه تنزيها (والحق) أن تركها خلاف الأولى، فإن كراهى التنزيه لابد فيها من نهى مخصوص كما يؤخذ من كلام ابن عابدين فى " باب مندوبات الوضوء " من رد المحتار. والله تعالى أعلم.
خاتمة فى اللباس وفيها ثمانية مباحث
1 -
لباس النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
ينحصر بيانه فى عدة أمور:
(1)
كان صلى الله عليه وسلم يلبس من الثياب ما وجد من إزار أو رداء أو قميص أو جبة أو غيرها. قال ابو بردة: دخلت على عائشة فأخرجت لى إزار غليظا
من التى تصنع باليمن وكساء من هذه الأكسية التى تدعى
الملبتدة وأقسمت لقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما. أخرجه مسلم وابن ماجه (1){303} .
وعليه رداء نجرانى غليظ الحاشية. أخرجه الشيخان وابن ماجه (2){304}
(وعن) ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قميصا قصير اليدين والطول أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف (3){305}
(وقال) أيضا: كان النبى صلى الله عليه وسلم يلبس قميصا فوق الكعبين مستوى الكمين باطراف أصابعه، أخرجه ابن عساكر والحاكم وابن حبان وصححاه وقد تقدم هذا وأحاديث أخر فى بحث " القميص "" وهيئة اللباس "(4).
(وقال) المغيرة بن شعبة: وضأت النبى صلى الله عليه وسلم جبة شامية ضيقة الكمين. أخرجه الشيخان (5){306}
(وقال) عبد الله مولى أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما: اخرجت إلى أسماء جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوقين بالديباج فقالت: هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبى صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها. أخرجه مسلم والنسائى (6){307} .
(1) انظر ص 191 ج 2 سنن ابن ماجه (لباسه صلى الله عليه وسلم وص 56 ج 14 نووى مسلم (التواضع فى اللباس) و (الملبدة) بفتح الباء مشددة هى المرقعة وقيل الغليظة.
(2)
انظر ص 192 ج 2 سنن ابن ماجه (لباسه صلى الله عليه وسلم
(3)
انظر ص 194 منه (كم القميص كم يكون).
(4)
انظر ص 158 رقم 149 وص 161 رقم 157 من هذا الجزء.
(5)
انظر ص 266 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس).
(6)
انظر ص 43، 42 ج 14 نووى مسلم (تحريم الذهب والحرير للرجال واباحته للنساء و (جبة طيالسة)(بالإضافة، والطيالسة جمع طيلسان بفتح اللام. وهو لباس العجم 0 وكسروانية) بكسر الكاف وفتحها، نسبة الى كسرى ملك الفرس. و (لبنة) بكسر فسكون رقعة فى جيب القميص و (المكفوف) ما جعل له كفة - بضم الكاف - وهو ما يكف به جوانبه ويعطف عليها. ويكون فى الذيل والفرجين والكمين (وفى حديث) دليل على استحباب التبرك بىثار الصالحين، وقصدت اسماء باخراج الجبة بيان أن المكفوف بالحرير جائز ما لم يزد على اربع أصابع. فإن زاد فهو حرام كما تقدم.
2 -
ولبس النبى صلى الله عليه وسلم الحبرة. وهى معنبة نوع من البرود اليمنية. وكانت من أحب الثياب إليه، ولبس القباء والفروج، وهو القباء الذى شق من خلفه كما تقدم (1) (الواقدى: كان رداؤه وبرده طول سنة اذرع فى ثلاثة وشبر. وإزاره من نسج عمان طول اربعة أذرع وشبر فى عرض ذراعين وشبر. ولبس حلة حمراء، والحلة إزار ورداء ورداء، ولا تكون الحلة إلا اسما للثوبين معا، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتة لا يخالطها غيرها وإنما الحلة الحمراء بردان يمنيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية وهى معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالحمر البحث منهى عنه أشد النهى كما تقدم (2)، ولبس الخميصة المعلمة والساذجة، ولبس ثوبا أسود، ولبس الفروة المكفوفة بالسندس كما تقدم
3 -
وكان له صلى الله عليه وسلم بردان أخضران، والرد الأخضر هو الذى فيه خطوط خضر فهو كالحلة الحمراء، وكان للنبى صلى الله عليه وسلم كساء اسود وكساء أحمر ملبد وكساء من شعر، وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الثياب الخضر (فقد) قال أنس: كان أحب الألوان اليه الخضرة أخرجه ابو الشيخ وأبو نعيم فى الطب (وقال) قتادة أبو رمثة رضى الله عنه:
(1) انظر " بحث القباء " وتثدم بص 184.
(2)
انظر " بحث لبس الأحمر " ص 144.
رأيت على النبى صلى الله عليه وسلم ثوبين أخضرين أخرجه الثلاثة (1){54}
(ولكن) كان أكثر لباس النبى صلى الله عليه وسلم البياض، وقال خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم، وكفنوا فيها موتاكم، أخرجه الحاكم والدار قطنى، وقد تقدم هذا وأحاديث أخر فى بحث " لبس الأبيض "(2).
4 -
واشترى النبى صلى الله عليه وسلم سراويل، والظاهر أنه أنما اشتراها ليلبسها ن ولم يثبت من طريق صحيح أنه لبس السراويل كما تقدم فى بحث " السراويل "(3)، وكان أصحابه يلبسونها بإذنه صلى الله عليه وسلم.
5 -
ولبس النبى صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ثم رمى به ونهى عن التختم بالذهب ثم اتخذ خاتما من فضة ولم ينه عنه، وثبت أنه لبسه فى اليمين واليسار، وكان يجعل فصه مما يلى باطن كفه كما تقدم فى بحث " كيفية التختم "(4)
6 -
وأما الطيلسان فلم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه لبسه ولا أحد من أصحابه، بل قد ثبت من حديث النواس بن مسعان عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدجال فقال: يخرج معه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة. أخرجه مسلم (5){308} (ورأى) أنس جماعة عليهم الطيالسة فقال: ما أشبههم بيهود خيبر (6){55} (ولذا) كره لبسها جماعة من السلف والخلف " ولحديث ": من تشبه بقوم فهو منهم، أخرجه أبو داود عن ابن عمر والطبرانى فى الأوسط عن حذيفة بن اليمان (7){309}
وأما ما جاء " فى حديث الهجرة " أن النبى صلى الله عليه وسلم جاء
(1) انظر ص 268 ج 3 تيسير الوصول (الأخضر - الوان الثياب).
(2)
تقدم ص 151، 152.
(3)
تقدم ص 154 وما بعدها.
(4)
تقدم ص 198.
(5)
انظر ص 36 ج 1 - زارد المعاد (فصل فيما يتعلق بلباسه صلى الله عليه وسلم.
(6)
انظر ص 36 ج 1 - زاد المعاد.
(7)
انظر رقم 8593 ص 104 ج 6 فتح القدير شرح الجامع الصغير.
إلى أبى بكر متقنعا بالهاجرة " فإنما فعله " صلى الله عليه وسلم تلك الساعة ليختفى بذلك، ففعله للحاجة، ولم يكن عادته التقنع، وقد ذكر أنس عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر القناع. وهذا إنما كان يفعله والله أعلم للحاجة من الحر ونحوه وأيضا التقنع ليس هو التطليس. قاله فى زاد المعاد (1)
7 -
وكان للنبى صلى الله عليه وسلم عمامة تسمى السحاب كساها عليا (روى) جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: وكان النبى صلى الله عليه وسلم عمامة تسمى السحاب فوهيها لعلى رضى الله عنه فربما طلع على فيها، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: أتاكم على فى السحاب أخرجه ابن عدى وأبو الشيخ ابن حبان وهو حديث مرسل ضعيف جدا (2){310} (وكان) النبى صلى الله عليه وسلم يلبس العمامة وتحتها قلنسوة، وكان يلبسها بلا قلنسوة (3)، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما تقدم وكان يتلحى بالعمامة تحت الحنك.
8 -
وكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه وقال: اللهم أنت كسوتنى هذا القميص أو الرداء أو العمامة. اسألك من خيره وخير ما صنع له. وأعوذ بك من شره وشر ما صمع له (روى) أبو سعيد الخدرى أن
(1) انظر ص 36 ج 1 زاد المعاذ و (التقنع) بشد النون تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره. وحديثه رواه الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: بينا نحن جلوس فى بيتنا فى نحر (أى اول) الظهيرة، قال قائل لأبى بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا فى ساعة لم يكن يأتينا فيها. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل. أخرجه أبو داود (56) انظر ص 56 ج 4 سنن أبى داود (باب فى التقنع).
(2)
انظر ص 9 ج 5 زرقانى المواهب (النوع الثانى فى لباس النبى صلى الله عليه وسلم و (السحاب) اسم العمامة، وليس المراد بها التى فى السماء كما زعمت الرافضة فقالوا إن عليا حى رفع فى السحاب. وهذا ضلال وجهل بين.
(3)
وكان للنبى صلى الله عليه وسلم عدة قلانس كما تقدم بص 217، 216.
النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه إما قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه اسالك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له. أخرجه أحمد والحاكم والثلاثة وحسنة الترمذى، وصححه النووى. وتقدم هو وأحاديث أخر (1).
9 -
وكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا أو غيره بدأ بميامنة. وإذا تنزعه أخرجه مياسرة (قال) ابن عمر: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا لبس شيئا من الثياب، بدا بالأيمن وإذا نزع بدأ بالأيسر (وقال) أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا ارتدى أو ترجل (2) أو انتعل، بدأ بيمينه. وإذا خلع بدا بيساره. أخر جهما أبو الشيخ ابن حبان وسندهما ضعيف. وقد تقدم فى بحث " التيامن فى اللباس " الأحاديث الصحيحة فيه (3).
10 -
وكان مقبض سيف النبى صلى الله عليه وسلم محلى بالفضة قال ابن عباس: كان النبى صلى الله عليه وسلم سيف قائمته من فضة وقبيعة من فضة وكان يسمى ذا الفقار .... الحديث أخرجه الطبرانى (4).
(ويشهد) له حديث جرير بن حازم عن قتادة عن أنس قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة. أخرجه الترمذى فى الشمائل والثلاثة وحسنة الترمذى، وقال النسائى: وهذا حديث منكر (5).
والصواب قتادة عن سعيد أهـ، وأخرجه الدرامى وقال: هشام الدستوائى
(1) انظر بحث " ما يقول من لبس جديدا " ص 188، 187 رقم 200 - 202.
(2)
ارتدى، أى لبس الرداء. والترجل تسريح الشعر.
(3)
انظر ص 178.
(4)
انظر ص 271 ج 5 مجمع الزوائد (الات الحرب) وفى سنده على بن عروة متروك] 311 [و (قبيعة السيف) على وزن سفينة، ما على مقبضة من فضة أو حديد.
(5)
المنكر، ما خالف الضعيف فيه من هو أفوى منه أو ما تفرد به الضعيف ونقد بص 206 م
خالفه فقال، قتادة عن سعيد بن ابى الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم، وزعم الناس أنه هو المحفوظ أهـ (1){312}
(ففيه) دليل على جواز تحلية السيف بقليل من الفضة للرجل لا يذهب، وأما النساء فيحرم عليهن تحليته بالذهب أو الفضة، واختلفوا فى اللجام والسرج. فاباحه بعضهم كالسيف وحرمه بعضهم لأنه من زينة الدابة (قال) ابن حجر فى شرح الشمائل: فى الحديث حل تحلية آلة الحرب بالفضه للرجل. أما بالذهب فيحرم عليه كما يحرم تحليته بهما أو بأحدهما للنساء (والحاصل) أن الذهب لا يحل للرجال مطلقا لا استعماله ولا اتخاذا ولا تضبيبا ولا تمويها لالالة حرب ولا لغيرها، وكذا الفضة الا فى التضبيب والخاتم وتحلية آله الحرب أهـ.
2 -
المخالفة فى اللباس:
ينبغى للإنسان أن يكون لباسه من الحلال المعتاد لأمثاله، ويكره له لبس غير زى أهل بلده وأقرانه. ويحرم التشبه بأهل الكتاب فى اللباس الخاص بهم "لقول " أبى كريمة: سمعت على بن أبى طالب وهو يطب على منبر الكوفة وهو يقول: يأيها الناس إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إياكم ولباس الرهبان، فإنه من ترهب أو تشبه فليس منى. أخرجه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه على بن سعد الرازى وهو ضعيف (2){313}
" ولقول" ابى أمامة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: يا معشر الأنصار حمروا وصفروا، وخالفوا أهل الكتاب. فقلنا يا رسول إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسرولون وأتزروا، وخالفوا
(1) انظر ص 30 ج 3 سنن أبى داود (السيف يحلى) وص 83 شمائل الترمذى (صفة سيف النبى صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر ص 131 ج 5 مجمع الزوائد (مخالفة أهل الكتاب فى اللباس وغيره).
أهل الكتاب قلنا يا رسول الله أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتخففوا وانتعلوا، وخالفوا أهل الكتاب فقلنا يا رسول الله يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: قصوا سبالكم ووفروا عثانينهم وخالفوا أهل الكتاب. أخرجه أحمد والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم، وهو ثقة. قاله الهيثمى (1)({314} والأحاديث) فى هذا كثيرة (2).
(قال) السفارينى فى غذاء الألباب: سئل الحافظ جلال الدين السيوطى عن طالب علم تزيا بزى أهل العلم فى الأصل من قرى البر، ثم لما رجع إلى بلاده وعشيرته تزيا بزيهم وترك زى أهل العلم، هل يغترض عليه فى ذلك أم لا؟ (فأجاب) بما معناه لما اتصف بالصفتين لا اعتراض عليه فى اى الزيين تزيا. لأنه إن تزيا بزى العلماء فهو منهم. وإن تزيا بزى أهل بلده وعشيرته فلا حرج عليه اعتبارا بالأصل، ولأنه بين أظهر عشيرته وقومه، وهذا واضح، ولعل كلام علمائنا لا يخالفه. ومرادهم بقولهم: يكره خلاف زى بلده، يعنى بلا حاجة تدعو إلى خلافهم، فإن من صار من العلماء تزيا بزيهم فى أى مصر كان أو بلدة كانت غالبا أهـ.
3 -
لبس الجلود
أجمع العلماء على أنه لا يجوز لبس جلد الميتة ولا الانتفاع به إذا لم يدبغ ويجوز استعمال كل طاهر منها بالذكاة الشرعية أو الدبغ لا فرق فى ذلك بين مأكول اللحم وغيره من السباع وغيرها لعموم حديث عائشة قالت: سئل
(1) انظر ص 131 ج 5 مجمع الزوائد و (عثانينهم) جمع عثنين، وهو اللحية. و (السبال) جمع سبلة بالتحريك الشارب.
(2)
منها (حديث) من تشبه بقوم فهو منهم. أخرجه وأبو داود عن ابن عمر بسند صحيح والطبرانى فى الأوسط عن حذيفة تقدم رقم 309 ص 252 (وحديث) خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون فى نعالهم ولا خفافهم. أخرجه أبو داود وابن حبان والبيهقى والحاكم عن شداد بن أوس] 315 [انظر رقم 3879 ص 431 ج 3 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
النبى صلى الله عليه وسلم عن ذكاة الميتة فقال: ذكاة الميتة دباغها أخرجه الأربعة إلا الترمذى {316} جعل الدباغ بمنزلة الذبح والذبح مطهر (1).
" ولحديث " ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ايما إهاب دبغ فقد طهر. أخرجه السبعة إلا البخارى، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح (2){317} .
" ولحديث " الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضى الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بشاةميتة لميمونة فقال: ألا دبغتم إهابها فاستمتعتم به؟ قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال: إنما حرم أكلها. أخرجه الستة إلا ابا داود (3){318} . والإهاب الجلد قبل الدباغ.
(ولذا) قال الحنفيون: يجوز استعمال كل جلد طهر بالدباغ والذكاة الشرعية، واستثنوا من ذلك ما لا يحتمل الدباغ كجلد الحية والفأر والطيور فلا يطهر بالدبغ لعدم إمكانه. وكذا جلد الخنزير لنجاسة عينه.
(وبه) قالت الشافعية، إلا أنهم استثنوا من ذلك جلد الكلب ايضا قياسا على الخنزير. وكذا ما تولد من أحدهما مع حيوان آخر. وروى عن على وابن مسعود.
(وقالت) المالكية: جلد المذكى من مأكول اللحم طاهر، وكذا جلد مكروه الأكل كالسبع والهرة سواء ذكى لأكل لحمه أو لأخذ جلده. أما محرم الأكل كالحمار والبغل والفرس، فجلده نجس لا يطهر بالذكاة ولا بالدباغ لكن يجوز استعماله فى اليابس والماء دون غيره من المائعات لأن الماء طهور لا يضره إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه.
(1) انظر ص 296 ج 2 تيسير الوصول (الجلود - الطهارة).
(2)
انظر رقم 2947 ص 139 ج 3 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(3)
انظر ص 296 ج 2 تيسير الوصول.
(واستدلوا) بحديث عبد الله بن عكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلمكتب الى جينة قبل موته بشهرين: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. أخرجه الثلاثة {319} .
(قالوا) هذا الحديث ناسخ للأحاديث السابقة لتأخره لأنه كان قبل موت النبى صلى الله عليه وسلم بشهرين أهـ (وأجاب) الجمهور بأنه لا يقاوم الأحاديث السابقة صحة واشتهارا قال الترمذى: سمعت أحمد بن الحسن يقول: كان احمد بن حنبل يذهب الى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين. وكان يقول: كان هذا أخر أمر النبى صلى الله عليه وسلم. ثم ترك أحمد ابن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا فى إسناده حيث روى بعضهم وقال عن عبد الله ابن عكيم عن أشياخ من جهينة أهـ. وقال ابو الفرج بن عبد الرحمن فى الناسخ والمنسوخ وحديث ابن عكيم مضطرب جدا فلا يقاوم الأول - يعنى حديث ابن عباس - لأنه فى الصحيحين. وقال النسائى: أصح ما فى هذا الباب حديث الزهرى عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة. أفاده المنذرى.
(قال) فى البدائع: الدباغ تطهير للجلود كلها إلا جلد الإنسان والخنزير.
(وقال) مالك: إن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، لكن يجوز استعماله فى الجامد لا فى المائع بان يجعل جرابا للحبوب دون الزق للماء والسمن والدبس (1)
(وقال) عامة اصحاب الحديث: لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه.
(وقال) الشافعى كما قلنا، إلا فى جلد الكلب لأنه تجس العين عنده كالخنزير وكذا روى عن الحسن بن زياد.
واحتجوا (يعنى المالكية والمحدثين) بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب (2).
(1) انظر ص 296 ج 2 تيسير الوصول، وعكيم، مصغر.
(2)
الزق ن بكسر الزاى، السقاء، والدنس بكسر فسكون ما يسيل من الرطب.
واسم الإهاب يعم الكل إلا فيما قام الدليل على تخصيصه.
(ولنا) ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ايما إهاب دبغ فقد طهر (1) كالخمر تخلل فتحل
ولأن نجاسة الميتات لما فيها من الرطوبات والدماء السائلة، وأنها تزول بالدباغ، فتطهر كالثوب النجس إذا غسل. ولأن العادة جارية فيما بين المسلمين بلبس جلد الثعلب والفنك والسمور (2) ونحوها فى الصلاة وغيرها من غير نكير، فدل على الطهارة (ولا حجة) لهم فى الحديث. لأن الإهاب فى اللغة اسم الجلد لم يدبغ (وروى) عن ابى يوسف أن الجلود كلها تطهر بالدباغ، لعموم الحديث. والصحيح أن جلد الخنزير لا يطهر بالدباغ، لأن نجاسته ليست لما فيه من الدم والرطوبة بل هو نجس العين. فكان وجود الدباغ فى حقه والعدم بمنزلة واحدة، وقيل إن جلده لا يحتمل الدباغ، لأن له جلودا مترادفة بعضها فوق بعض أهـ بحذف.
(ومشهور) مذهب الحنبلية أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ " لحديث " عبد الله ابن عكيم السابق (3). وقال بعضهم: يطهر بالدباغ جلد ميتة مأكول اللحم دون غيره " لحديث " ابن عباس عن ميمونة السابق (4)" ولحديث " ابن عباس أن داجنا (5) لميمونة ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا انتفعتم بإهابها؟ الادبغتموه؟ فإنه ذكاته. أخرجه أحمد وكذا مسلم والأربعة بلفظ هلا أخذتم إهابها قد بغتموه فانتفعتم به، إنما حرم أكلها.
فالذكاة المسبه بها لا يحل بعا غير المأكول، فكذلك الدباغ المشبه لا يطهر
(1) أخرجه أحمد والأربعة عن عبد الله بن عكيم، وهو مضطرب جدا كما علمت.
(2)
أخرجه السبعة الا البخارى عن ابن عباس تقدم رقم 317 ص 257.
(3)
الفنك، بفتحتين دويية فى لحمها حلاوة والسمور، بفتح فشد. حيوان يشبه السنور كما سيأتى.
(4)
انظر رقم 319 ص 258.
(5)
انظر رقم 318 ص 257.
جلد غير الماكول (ورد) بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وحديث ابن عكيم مضطرب جدا فلا يقاوم غيره كما تقدم.
" ولما " قالت الحنبلية لا يطهر جلد المينة بالدباغ " قالوا ": لا يحل لبس جلد كل ذى ناب من السباع ولو مذكى لما تقدم " ولقول " ابى ثعلبة الخشبى رضى الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذى ناب من السباع. أخرجه الستة "ولقول" ابن عباس: نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذى ناب من السباع، وعن أكل كل ذى مخلب من الطير أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (1) {320} وهذا يشمل ما يأتى:
1 -
جلد الثعلب فكما لا يحل أكل لحمه لا يحل لبس جلده " لحديث " وابصة بن معبد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: شر السباع هذه الأثعل يعنى الثاعالب. أخرجه ابن قانع فى معجمه (2){321} .
(قال) السفارينى فى غذاء الألباب: سماه النبى صلى الله عليه وسلمفى هذا الحديث سبعا. فعلى هذا يحرم أكل لحمه ولبس جلده والصلاة فيه، واختار هذا أبو بكر. قال فى الفروع: ويحرم الثعلب. وقال فى الإنصاف: أما الثعلب فيحرم على الصحيح من المذهب أهـ ملخصا (3)
2 -
وجلد السمور - هو بفتح السين وشد الميم - حيوان برى يشبه السنور وهو حيوان جرئ، أجرا حيوان على الإنسان، لا يدبغ جلده.
3 -
وجلد الفنك - وهو بفتحتين - دويبة فى لحمها حلاوة. قال فى الإنصاف: فى السمور والفنك وجهان، أصحهما يحرم أهـ.
4 -
وجلد السنجاب وهو حيوان أكبر من الفار، شعره فى غاية النعومة قال فى الإنصاف: فى السنجاب وجهان، أحدهما يحرم، وقيل يكره، ومال
(1) انظر رقم 9340 ص 304 ج 6 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(2)
انظر ص 220 ج 2 غذاء الألباب (هل يمتنع لبس جلد الثعلب فى الصلاة؟ ).
(3)
انظر ص 220 ج 2 غذاء الألباب (هل يمتنع لبس جلد الثعلب فى الصلاة؟ ).
الإمام الموفق إلى الإباحة، واختار فى منظومة الآداب القول بكراهة ما ذكر من جلد الثعلب وما بعده.
(5 و 6 و 7 و 8) وجلد الأسد والنمر والذئب والسنور ونحوها.
(قال) السفارينى فى غذاء الألباب: وكل السباع من الأسد والنمر والذئب ونحوها، يمنع لبس شئ من جلودها. لنهيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك لنجاستها وعدم طهارتها بالدباغ، كما يمنع لبس جلد سنور البر. أما السنور الأهلى فلا شك فى المذهب فى حرمته وحرمة لبس جلده. قال فى الإنصاف: وأما سنور البر، فالصحيح من المذهب أنه حرم، وفى الفروع: يحرم سنور بر على الأصح. وقيل يباح (وقد روى) البيهقى وغيره عن ابى الزبير قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهرة وأكل ثمنها (1){322} .
(وفى) مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن أبى داود أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيع السنور (2){323} ، فقيل محمول على بيع الوحش الذى لا نفع فيه ن وقيل نهى تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته أهـ ملخصا.
(واستدلوا) ايضا على عدم جواز الانتفاع بجلود السباع (بحديث) سعيد ابن أبى عروبة عن فتادة عن أبى المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتادة عن أبى المليح بن اسامة عن ابيه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن جلود السباع. أخرجه أحمد والثلاثة والحاكم وزاد الترمذى: أن تفترش. وقال: لا نعلم أحدا قال عن أبى المليح غير سعيد ابن ابى عروبة. وأخرجه عن أبى المليح عن النبى صلى الله عليه وعلى وآله وسلم مرسلا وقال هذا اصح أهـ (3){324} .
(وبحديث) ابى المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن ركوب النمور. أخرجه ابن ماجه {325}
(1)(انظر رقم 9340 ص 304 ج 6 غذاء الألباب 0 الحيوانات التى تمنع لبس جلودها).
(2)
انظر رقم 9340 ص 304 ج 6 غذاء الألباب (الحيوانات التى تمنع لبس جلودها).
(3)
انظر ص 297 ج 2 تيسير الوصول (الجلود).
وكذا أحمد وأبو داود عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا تركبوا الخز ولا النمار (1){326}
(والمعنى) أنه نهى عن الركوب على السروج والرحال المغطاة بالخز، أى الحرير، وجلود النمور لما فيه من التكبر والخيلاء. أو لأنه زى الأعاجم
(وبحديث) بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان قال: وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود ورجل من بنى أسد إلى معاوية ابن ابى سفيان فقال معاوية للمقدام: أعلمت أن الحسن بن على توفى؟ (2)
(1) انظر رقم 9768 ص 394 ج 6 فيض القدير شرح الجامع الصغير وص 67 ج 4 سنن أبى داود (جلود النمور والسباع) والنمور جمع نمر بفتح فكسر وبكسر فسكون وهو سبع أجرا وأخبث من الأسد بجلده نقط سود وبيض بعيد الوثبة.
(2)
الحسن بن على رضى الله عنهما ولد فى رمضان سنة ثلاث من الهجرة. ونشأ فى حجر النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يحضر غزواته لصغر سنة. وكان النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحبه (قال) اسامة بن زيد: طرقت النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة فى بعض الحاجة، فخرج النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو مشتمل على شئ لا أدرى ما هو؟ فلما فرغت من حاجتى، قلت ما هذا الذى أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وركية فقال: ابناى وابنا ابنتى، اللهم فإنى أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. أخرجه الترمذى وقال حديث حسن غريب وصححه ابن حبان والحاكم (*)] 327 [(وقال) زهير بن الحارث: بينما الحسن بن على يخطب بعد ما قتل على. اذ قاك رجل من الأزد فقال: لقد رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه فى حبوته (أى بين بطمه وفخذية وهو محتب) يقول: من أحبنى فليحبه، فليبلغ الشاهد الغائب. أخرجه أحمد. قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفه (**)] 328 [
(وأخبر) النبى صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة (روى) أبو سعيد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين سيد شباب أهل الجنة. أخرجه أحمد والترمذى وقال حديث صحيح حسن (*)] 329 [
يعى أنهما رضى الله عنهما سيدا كل من مات شابا ودخل الجنة.
وأخرجه الحاكم من طريق زر بن جبيش عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وقال: هذا حديث صحيح بهذه الزيادة (يعنى وأبوهما خير منهما) ولم يخرجاه (تولى) الحسن رضى الله عنه الخلافة بعد قتل ابيه يوم الجمعة الرابع عشر من شهر رمضان سنة اربعين من الهجرة بايعه أربعون ألفا من أهل العراق. وأول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة، قال له: ابسط يدك ابايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقتال المحلين (أى من استحلوا قتل على ولعنه) فقال الحسن: على كتاب الله وسنة نبيه فإنهما يأتيان على كل شرط فبايعه الناس على ذلك.
(وقد) كان على رضى الله عنه جهز جيشا لحرب الشام فأمر الحسن بخروج هذا الجيش تنفيذا لما عزم عليه ابوه وسير قيس بن سعد طليعة له ولكنه كان رضى الله عنه يكره الفتن واراقة الدماء، ويحب الألفة وجمع الكلمة. فارسل الى معاوية ابن ابى سفيان طالبا الصلح على شررط اشتراطها، وينزل لمعاوية عن الخلافة. فأرسل له معاوية مختوما ليس فيه كتابا طالبا منه أن يشترط لنفسه ما شاء، فكتب الحسن شروطا أهمها تأمين جيشه وشيعة على كلهم. فقبلها معاوية وقدم العراق وقابله الحسن بجيشه وبايعه بالخلافة هو وجنده فى أواخر ربيع الأول سنة إحدى واربعين هجرية.
(وبهذا) تحقق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم (قال) ابو بكر رضى الله عنه: رايت النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن على معه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول: إن ابنى هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين قئتين من المسلمين، أخرجه البخارى (**){330}
(وقال) ابو بكر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس وكان الحسن بن على يثبت على ظهره اذا سجد فعل ذلك غير مرة فقالوا له: انك لتفعل =
فرجع المقدام أى قال: إنا لله وإنا اليه راجعون. فقال له فلان (1): أتعدها مصيبة؟ فقال له: ولم لا اراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجره فقال: هذا منى وحسين من على (2) فقال الأسدى: جمرة أطفأها الله (3) فقال المقدام: أما أنا فلا ابرح اليوم حتى أغيظك واسمعك ما تكره. ثم قال يا معاوية: إن أنا صدقت فصدقنى وإن أنا كذبت فكذبنى قال افعل. قال: فانشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
= بهذا شيا ما رايناك تفعله بأحد. قال: ابنى هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين. فلما ولى لم يهرق فى خلافته بمحجبة من دم. اخرجه] 331 [انظر ص 330 جـ 1 - الإصابة فى تمييز الصحابة (ترجمة الحسن بن على)
(وكانت) خلافته سنة اشهر واياما. توفى رضى الله عنه سنة تسع واربعين أو سنة خمسين مسموما، قيل سمته امرأته جعدة بإشارة يزيد بن معاوية (قال) عمر بن إسحاق: دخلت أنا وصاحب لى على الحسن بن على فقال: لقد لفظت طائفة من كبدى، وإنى قد سقيت السم مرارا فلم اسق مثل هذا فأتاه الحسين بن على رضى الله عنهما فساله من سقاك؟ فابى أن يخبره أخرجه ابن سعد (57) انظر ص 331 ج 1 - الإصابة فى تمييز الصحابة.
(1)
فلان هو معاوية بن ابى سفيان. وأعجب العجب منه ألا يرى مثل موت الحسن ابن على - ابن بنت رسول اله صلى الله عليه وسلم الذى قد سماه سيدا - مصيبة وموتة من أعظم المصائب. ولله در المقدام رضى الله عنه فقد تكلم الحق وجاهر به ولم يخش فيه لومة لائم هكذا يكون المؤمن الصادق.
(2)
" هذا " أى الحسن منى أى يشبهنى والحسين يشبه عليا رضى الله عنهم وكان الحسن ذا حلم وأتاه كالنبى صلى الله عليه وسلم وكان الحسين ذا شدة وباس كابيه رضى الله عنهم.
(3)
جمرة الخ يريد أن الحسن رضى الله عنه كان فتنه. فلما توفى سكنت وما قال السدى ذلك إلا ملقا وتقربا الى معاوية فض الله فاه، وجزى المقدام خيرا
وسلم ينهى عن لبس الذهب؟ قال نعم. قال فانشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قال نعم. قال فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال نعم. قال فوالله قد رايت هذا كله فى بيتك يا معاوية فقال معاوية: قد علمت أنى لن أنجو منك يا مقدام. قال خالد فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه (1) وفرض لابنه فى المائتين (2) ففرقها المقدام على اصحابه ولم يعط الأسدى أحدا شيئا مما أخذ.
فبلغ ذلك معاوية، فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده، وأما الأسدى فرجل حسن الإمساك لشيئه (3) أخرجه أحمد وابو داود وهذا لفظه وكذلك النسائى مختصرا وفى سنده بقية بن الوليد وهو مدلس، لكن فى سند أحمد تصريح بقية بالتحديث فانتفى تدليسه (4){332} .
(قال) ابن تيمية: وهذه النصوص تمنع استعمال جلد ما لا يؤكل لحمه فى اليابسات وتمنع بعمومها طهارته بذكاة أو دباغ أهـ.
(ورد) بأنه غير مسلم، لاحتمال أن النهى فى هذه الأحاديث عن مجرد افتراش جلود السباع والركوب عليها ن لما فيه من الخيلاء. ولا ملازمة بين ذلك وبين المجاسة ن كما لازمه بين النهى عن الذهب والحرير وبين نجاستهما. فلا معارضة ن بل يحكم بالطهارة بالدباغ مع منع الركوب عليها وافتراشها خيلاء وتكبرا (ويحتمل) أن النهى عما لم يدبغ منها جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على طهارة جلد الميتة مطلقا بالدباغ وجواز الانتفاع بها.
(1) الصاحبان هما عمرو بن الأسود والرجل الأسدى.
(2)
فرض أى قدر لابن المقدام مائتى درهم من بيت المال.
(3)
المراد بالشئ المال والمناع.
(4)
انظر ص 132 ج 4 مسند أحمد مختصر حديث المقدام بن معد يكرب. وص 68 ج 4 سنن أبى داود (فى جلود النمور والسباع).
(فالراجح) مذهب غير الحنبلية لقوة أدلته. لما فيه من العمل بكل الأحاديث وعدم طرح شئ منها (قال) فى النيل: وأما الاستدلال بأحاديث الباب على ان الدباغ لا يطهر جلود السباع بناء على أنها مخصصة للأحاديث القاضية بأن الدباغ مطهر على العموم " فغير " ظاهر، لأن غاية ما فيها مجرد النهى عن الركوب عليها وافترائها، ولا ملازمة بين ذلك وبين النجاسة أهـ.
4 -
اتخاذ النعل:
النعل الحذاء وكل ما يقى القدم. ويستحب لبسها " لحديث " جابر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل. اخرجه مسلم وابو داود والنسائى وأحمد (1){333} .
(والمعنى) ان المنتعل شيبة بالراكب فى خفة المشقة وقلة التعب وسلامة الرجل من أذى الطريق ز وفيه غرشاد الى المصلحة، وتنبيه على ما يخفف المشقة، فغن الحافى المديم للمشى يلقى من الآلام والمشقة بالعثار وغيره، ما يقطعه عن المشى ويمنعه من الوصول إلى مقصوده كالراكب فلذلك شبه به أفادة الحافظ فى الفتح.
(وعن) انس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أمرت بالنعلين والخاتم. أخرجه الطبرانى فى الصغير والأوسط وفيه عمر بن هارون البلخى وهو ضعيف (2){334} .
(وعن) عبيد بن جريح أنه قال لعبد الله بن عمر: رايتك تلبس النعال السبتية ز فقال له: إنى رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التى ليس فيها شعر، ويتوضا فيها فأنا أحب أن ألبسها. اخرجه البخارى
(1) انظر رقم 999 ص 499 ج 1 - فيض القدير شرح الجامع الصغير وص 69 ج 4 سنن ابى داود.
(2)
انظر ص 128 ج 5 مجمع الزوائد (فى النعال والخفاف)
والنسائى والترمذى فى الشمائل (1){335}
(وفيه دلالة) على جواز لبس النعال السبتية على كل حال وبه قال الجمهور
(وقال) أحمد: يكره لبسها فى المقابر " لقول " بشير بن الخصاصية مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بقبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ثلاثا ثم مر بقبور المسلمين فقال: لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ثم حانت من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نظرة فإذا رجل يمشى فى القبور عليه نعلان فقال يا صاحب السبتيين ويحك الق سبتيتيك فنظر الرجل فلما عرف صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلعهما فرمى بهما ز اخرجه ابو داود والحاكم وصححه وأحمد (2){336} واحتج به على ما ذكر (وتعقبه) الطحاوى بأنه يجوز أن يكون الأمر يخلعها لأذى فيهما. وقد ثبت فى الحديث أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين وهو دال على جواز لبس النعال فى المقابر. وثبت حديث أنس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى نعليه (3). فإذا جاز دخول المسجد بالنعل الميت كما ورد النهى عن الجلوس على القبر، وليس ذكر السبتيتين للمتخصصين، بل اتفق ذلك. والنهى إنما هو للمشى على القبور بالنعال أهـ.
والكلام هنا ينحصر فى اربعة مباحث:
(1) انظر ص 264 ج 3 تيسير الوصول (الانتعال) وص 71 شمائل الترمذى و (الستية 9 بكسر فسكون نسبة الى السبت بكسر فسكون. وهى جلود البقر أو كل جلد مدبوغ لا شعر فيه.
(2)
انظر ص 82 ج 9 - المنهل العذب (المشى بين القبور بالنعل)
(3)
(قال) سعيد بن زيد: سالت أنسا أكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى نعليه؟ قال نعم أخرجه أحمد والشيخان والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح وقد تقدم بيانه بص 161 ج 3 دين (طبعة ثانية) فى بحث. الصلاة فى النعل والخف الظاهرين.
1 -
نعل النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
قد ورد فى وصف نعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحاديث منها:
(1)
حديث يزيد بن الشخير عن الأعرابى أن نعل النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت مخصوفة. أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح (1){337}
(2)
وحديث ابى هريرة قال: كان لنعل النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبالان ولنعل ابى بكر قبالان، ولنعل ابى بكر قبالان، ولنعل عمر قبالان. وأول من عقد عقدة واحدة عثمان. أخرجه الطبرانى فى الصغير والبزار بسند رجاله ثقات (2){338}
(3)
وحديث ابن عباس قال: كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبالان مثنى شراكهما: أخرجه الترمذى فى الشمائل (3){339} .
وقد كانت نعله صلى الله عليه وسلم مخصرة معقبة ملسنة (4) كما
(1) انظر ص 138 ج 5 مجمع الزوائد (فى النعال والخفاف) و (مخصوفة) أى مخروزة قد ضم فيها طاق الى طاق من الخصف وهو ضم شئ الى شئ (وفيه) رد على من زعم أن نعل النبى صلى الله عليه وسلم كانت من طاف واحد. وفيل كان له صلى الله عليه وسلم نعل من طاف، ونعل من اكثر كما دلت عليه الأحاديث.
(2)
انظر ص 138 ج 5 مجمع الزوائد و (القبالان) تثنية قبال بكسر ففتح مخففا وهو السير الذى يعقد فيه الشسع (لكسر فسكون أحد سيور النعلف) الذى يكون بين إصبعى الرجل.
(3)
انظر ص 70 شمائل الترمذى (نعله صلى الله عليه وسلم و (مثنى شراكهما) أى كان شراك نعله مجعولا اثنين من السبور.
(4)
المخصرة، التى لها حضر دقيق والمعقبة التى لها عقب أى سير من جلد فى مؤخر النعل يمسك به عقب القدم. والملسنة التى فى مقدمها طول على هيئة اللسان. لأن سبابه رجله صلى الله عليه وسلم كانت أطول اصابعه فكان فى مقدم النحل بعض طول لذلك
رواه ابن سعد فى الطبقات وقد بين الحافظ العراقى صفة نعلة صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله:
ونعله الكريمة المصونة طوبى لمن مس بها جبينه
لها قبالان بسير وهما سبتيتان سبتوا شعرهما
وطولها شبر واصبعان وعرضها مما يلى الكعبان
سبع اصابع وبطن القدم خمس وفوق ذا فيت فاعلم
وراسها محدد وعرض ما بين القبالين اصبعان اضبطهما
2 -
لون النعل
قال بعض العلماء: يستحب كون النعل اصفر ولم يثبت فيه حديث يعتمد عليه. وذكر فيه بعضهم آثارا
(قال) العلامة الألوسى فى روح المعانى: وجمهور المفسرين يشيرون إلى أن الصفرة من الألوان السارة، ولهذا كان على كرم الله وجهه يرغب فى النعال الصفر ويقول: من لبس نعلا أصفر قل همه. ونهى ابن الزبير ويحيى بن ابى كثير عن لباس النعال السود لأنها تغم أهـ (وقال) القرطبى: قال ابن عباس: الصفرةتسر النفس، وحض على لباس النعال الصفر حكاة النقاش. وقال على بن ابى طالب كرم الله وجهه: من لبس نعلى جلد أصفر قل همه، لأن الله تعالى يقول: صفراء فاقع (1) لونها تسر الناظرين (2) حكاه عند الثعلبى. ونهى ابن الزبير وابن ابى كثير عن لباس النعال السود لأنها تهم. ومعنى تسر تعجب أهـ وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس الخف الأسود
(1) فاقع لونها " أى شديد الصفرة صاف.
(2)
عجز آية 69 - البقرة.
(روى) بريدة أن النجاشى أهدى للنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم خفين اسودين ساذجين فلسهما ثم توضأ ومسح عليهما. أخرجه الترمذى فى الشمائل (1){340}
3 -
ما يطلب من المنتعل:
ما يطلب منه أمور (أ) يستحب له البدء فى لبس النعل باليمنى، وفى خلفه باليسرى " لحديث " ابى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع. أخرجه البخارى وأبو داود وابن ماجه والترمذى فى الشمائل (2) {341} " ولقول " عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحب التيامن ما ستطاع فى شانه كله. فى طهورة وترجله وتنعله وسواكه. أخرجه أحمد والستى والترمذى فى الشمائل (3){342} " ولحديث " ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذ لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بميامنكم. أخرجه ابو داود وابن حبان (4){343} .
(قال) القاضى عياض: الأمر فى هذه الأحاديث للاستحباب إجماعا.
(وقال) ابن عبد البر: من بدا فى الانتعال باليسرى اساء، لمخالفته السنة.
(ب) ويستحب لداخل المسجد تفقد نعله لإزالة ما علق بها فى نجس
(1) انظر ص 68 شمائل الترمذى (خفة صلى الله عليه وسلم و (ساذجين) بفتح الذال وكسرها أى لم يخالط سوادهما لون آخر.
(2)
انظر رقم 495 ص 304 ج 1 فيض القدير وص 73 شمائل الترمذى. (نعله صلى الله عليه وسلم.
(3)
انظر رقم 6995 ص 207 ج 5 فيض القدير. وص 73 شمائل الترمذى. و (الترجل) تسريح الشعر وتنظيمه وتحسينه.
(4)
انظر رقم 843 ص 436 ج 1 - فيض القدير.
" لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: تعاهدوا نعالكم عند أبواب المساجد. أخرجه الدار قطنى (1){344} ، و (تقدم) نحوه عن أبى سعيد الخدرى فى " بحث الصلاة فى النعل والخف الطاهرين "(2)
(جـ) ويستحب للمنتعل أن يفسخ لأخيه الحافى فى الطريق السوى، رافة منه ولطفا ومودة وحرضا على دفع الأذى عن أخيه المسلم وإيصال النفع إليه وامتثالا لأمر النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم (روى) جابر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ليوسع المنتعل للحافى عن جدد الطريق، فإن المنتعل بمنزلة الراكب. أخرجه الخلال (3){345} .
(د) ويسن له خلع النعل إذا جلس ليستريح قدمه. وأن يجعلها وراءه أو على يساره، إلا لعذر كخوف عليها " لقول " ابن عباس: من السنة إذا جلس الرجل أن يخلع نعليه فيضعهما بجنبه، أخرجه أبو داود بسند حسن (4) {58} " ولحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا جلستم فاخلعوا نعالكم - أحسبه قال - تستريح اقدامكم، أخرجه البزار وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمى وهو ضعيف (5){346} .
(وقال) السفارينى فى غذاء الألباب: ثم إن الإنسان إذا دخل المسجد وخلع نعليه تركهما أمامه، وقيل عن يساره، لأن النبى صلى الله عليه وعلى
(1) انظر رقم 3311 ص 249 ج 3 فيض القدير.
(2)
ولفظه عن ابى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا جاء أحدكم الى المسجد فلينظر، فإن رأى فى نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما أخرجه أحمد وابو داود وابن حبان والبيهقى والحاكم بسند جيد. أنظر رقم 207 ص 161 ج 3 - الدين الخالص طبعة ثانية.
(3)
لم نعثر على مرجعه. و (الجدد) بفتحتين الأرض الصلبة المستوية، والجادة بشد الذال أوسط الطرق واسهلها وقد تخفف.
(4)
انظر ص 70 ج 4 سنن ابى داود (باب الانتعال).
(5)
انظر ص 140 ج 5 مجمع الزوائد (خلع النعل).
آله وسلم لما خلع نعليه وهو فى الصلاة جعلهما عن يساره. أخرجه أحمد وأبو داود (1) ولأن اليسار جعلت للأفعال المستقذرة (قال) القاضى: فأما موضعهما من غير المصلى فإلى جنبه، كما تقدم عن ابن عباس (قال) فى الإقناع: ولا يرمى على وجه الكبر والتعاظة، وإن كان ذلك سببا لإتلاف شئ من ارض المسجد أو أذى أحد لم يجز. يضمن ما تلف بسببه. والأدب ألا يفعل ذلك أهـ.
(هـ) ويستحب خلع النعل حال الأكل " لحديث " أنس أن صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا قرب إلى أحدكم طعامه وفى رجله نعلان فلينزع نعليه، فإنه اروح للقدمين. أخرجه البزار وأبو يعلى والطبرانى فى الأوسط (قال) الهيثمى: ورجال الطبرانى ثقات إلا أن عقبة بن خالد السكونى لم أجد له من محمد بن الحارث سماعا أهـ (2){347} .
4 -
ما يكره للمنتعل:
هو امور: (أ) يكره له الانتعال قائما إن كان فيه مشقة، وعليه يحمل حديث جابر قال: نهى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينتعل الرجل قائما. أخرجه أبو داود بسند حسن. وأخرجه البزار عن أنس بسند فيه عنبسة ابن سالم، ضعفه أبو داود.
وأخرجه الضياء المقدسى فى المختارة والترمذى وصححه (3){348} . (قال) الخطابى: إنما نهى عن لبس النعل قائما، لأن لبسها قاعدا اسهل عليه وأمكن له، وربما كان لبسها قائما سببا لانقلابه فامر بالقعود، لأنه اسهل واسلم من المفسدة أهـ.
(1) ولفظه عن ابى سعيد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى باصحابه اذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره (الحديث) تقدم تاما رقم 207 ص 161 ج 3 دين 9 الصلاة فى النعل والخف الطاهرين
(2)
انظر رقم 795 ص 417 ج 1 فيض القدير.
(3)
انظر ص 69 ج 4 سنن ابى داود (الانتعال).
(وبهذا) قال بعض العلماء (وقال) ابو بكر الخلال: كتب إلى يوسف ابن يعد الله: حدثنا الحسين بن على بن الحسين أنه سأل ابا عبد الله (يعنى الإمام أحمد) عن الانتعال قائما. قال لا يثبت فيه شئ. قال القاضى: وظاهر هذا أنه ضعف الأحاديث فى النهى. ذكره السفارينى فى غذاء الألباب.
(ورد) بأن الحديث صححه الترمذى وحسنه غيره كما تقدم.
(ب) ويكره المشى فى نعل أو خف واحدة لغير عذر " لحديث " ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لا يمشى أحدكم فى النعل الواحدة لينتعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا. اخرجه الشيخان وابو داود والترمذى. وأخرجه ابن ماجه بلفظ: لا يمش أحدكم فى نعل واحدة أو خف واحدة. اخرجه أحمد وفيه ابن لهيعة متكلم فيه. قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح (1){349} .
" ولحديث " ابى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يمشى الرجل فى نعل واحدة أو خف واحدة. أخرجه أحمد وفيه ابن لهيعة متكلم فيه. قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح (2){350} " ولحديث " جابر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشى فى نعل واحدة حتى يصلح شسعه. ولا يمشى فى خف واحد ولا يأكل بشماله. اخرجه مسلم وأبو داود والنسائى (3) {
351} " ولحديث " ابى هريرة أن النبى
(1) انظر ص 69 ج 4 سنن ابى داود. وص 264 ج 3 تيسير الوصول (الانتعال) ولا يمشى نفى بمعنى النهى. وفى رواية البخارى وغيره: لا يمشى بالنهى.
(2)
انظر ص 139 ج 5 مجمع الزوائد (لا يمشى أحد فى نعل واحدة).
(3)
انظر ص 70 ج 4 سنن ابى داود (فلا يمش فى نعل
…
) أى ليس له أن يمشى فى نعل واحدة اذا قطع شسع نعله الأخرى حتى يصلح ما قطع فيمشى بالنعلين وهذا من مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا منع المشى فى نعل واحدة مع الاحتياج لإصلاح الأخرى فمع عدم وجودها أولى. وهو يدل على ضعف قول على: كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا انقطع شسع نعله فى نعل واحدة والأخرى فى يده حتى يجد شسعا. أخرجه الطبرانى فى الأوسط] 352 [انظر ص 139 ج 5 مجمع الزوائد (المشى فى نعل واحدة) ولعل عليا رضى الله عنه لم يبلغه النهى " وكذا " ما روى عن على وابن عمر أيهما فعلا ذلك " فهو " محمول على أنه لم يبلغهما النهى، أو بلغهما فحملاه على التنزيه، أو كان زمن فعلهما يسيرا بحيث يؤمن معه المحذور. افاده الحافظ فى الفتح (وقال) قال ابن عبد البر: لم يأخذ أهل العلم برأى عائشة فى ذلك. والتقييد بقوله لا يمش قد يتمسك به من أجاز الوقوف بنعل واحدة اذا عرض للنعل ما يحتاج إلى اصلاحها، وقد اختلف ذلك، فنقل عياض عن مالك أنه قال: يخلع الأخرى ويقف قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح فى الفتوى وفى الأثر، وعليه العلماء، ولم يتعرض لصورة الجلوس والذى يظهر جوازها بناء على أن العلة فى النهى حصول المشقة للحافية .. أما على أن العلة فى النهى إرادة العدل بين الجوارح ن فإنه يتناول هذه الصورة ايضا أهـ بتصرف.
صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا انقطع شسع أحدكم أو شراكه فلا يمش فى الأخرى حتى يصلحها. أخرجه أحمد والبخارى والنسائى (1){353} .
(قال) الخطابى: الحكمة فى النهى أن النعل شرعت لوقاية الرجل مما يكون فى الأرض من شوك أو نحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشى أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج بذلك عن سجية مشيه، ولا يأمن مع ذلك من العثار. وقيل لأنه لم يعدل بين جوارحه وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأى أو ضعفه (وقال) البيهقى: الكراهة فيه للشهرة فتمتد الأبصار لمن يرى ذلك منه. أفاده فى الفتح.
(وقال) الخطابى أيضا: ويدخل فى النهى عن المشى فى نعل واحدة كل لباس شفع كالخفين وإدخال اليدين فى الكمين، ووضع الرداء على المنكبين. فيكره إدخال يد فى كم وإخراج الأخرى، ووضع الرداء على أحد المنكبين دون الآخر، وهذا فى الخف ظاهر، لأنه قد نص عليه كالنعل. وفى غيره لا يظهر إلا إن كانت علة النهى إرادة العدل بين الجوارح وترك الشهرة.
(جـ) يكره لبس النعل والخف قبل نفضها " لقول " ابى أمامة: دعا
(1) انظر ص 37 راموز الأحاديث.
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخفيه يلبسهما. فليس إحداهما ثم جاء غراب فاحتمل الأخرى فرمى بها فخرجت منها حية. فقال النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضها. أخرجه الطبرانى (1){354} وفيه هاشم بن عمرو. قال الهيثمى: ولم اعرفه إلا أن ابن حبان ذكره فى الثقات. وفيه إسماعيل بن عياش وشيخه شامى، فرواته ثقات وهو صحيح إن شاء الله أهـ بتصرف.
" لقول " ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا اراد الحاجة ابعد، فانطلق ذات يوم لحاجته ثم توضأ ولبس أحد خفيه فجاء طائر أخضر فأخذ الخف الآخر فارتفع به ثم ألقاه، فخرج منه اسود سالح فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هذه كرامة أكرمنى الله بها، اللهم إنى أعوذ بك من شر من يمشى على بطنه، ومن شر من يمشى على رجلين، ومن شر من يمشى على اربع. أخرجه الطبرانى فى الأوسط. وفى سنده سعد بن طريف واتهم بالوضع. قاله الهيثمى (2){355} .
(د) ويكره للرجال والنساء لبس نعل له صوت إعجابا بصوته لأنه زى اليهود (قال) السفارينى فى غذاء الألباب: نص الإمام أحمد رضى الله عنه على كراهة اتخاذ النعال السندية (3) قال له المرزوى: أمرونى فى المنزل أن اشترى لهم نعلا سنديا للصبية. فقال لا تشتر ز فقلت يكره للنساء والصبيان؟ قال: نعم أكرهه. وإن كان للمخرج والطين فأرجو (4) وأما ان اراد الزينة فلا (وقال) عن شخص لبسها يتشبه بأولاد الملوك، أكرهه. وقال فى رواية صالح: إذا كان للوضوء فارجو. وأما للزينة فأكرهه للرجال والنساء. " وحكى " ابن الجوزى عن ابن عقيل تحريم الصرير فى المداس. ويحتمله كلام أحمد أهـ بحذف.
(1) انظر ص 140 ج 5 مجمع الزوائد (النهى عن لبس الخف قبل أن ينقضها).
(2)
انظر ص 203 ج 1 - مجمع الزوائد (الأبعاد عند قضاء الحاجة) و (أسود) اسم للحية العظيمة و (سالح) أى له سلاح يؤذى به.
(3)
السندية، بكسر فسكون نسبة الى السند وهى نعال لها صوت كصرير الباب.
(4)
أى أن اتخذ السندى لمحل قضاء الحاجة والعمل فى الطبن فارجو أن لا بأس به.
(فوائد)(الأولى) يباح المشى فى قبقاب خشب فقد قال الإمام أحمد: لا باس بالخشب أن يمشى فيه إن كان لحاجة. قاله فى غذاء الألباب.
(الثانية) يندب المشى حافيا بلا نعل أحيانا إن أمن مؤذيا ومنجسا، اقتداء بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقد كان يمشى حافيا، لاسيما إلى عيادة المريض تواضعا وطلبا لمزيد الأجر (قال) ابن عمر رضى الله عنهما - فى عيادة النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لسعد بن عبادة رضى الله عنه - فقام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشى فى السباخ. أخرجه مسلم (1){356} .
(وعن) قضالة بن عبيد رضى الله عنه أنه لما كان أميرا بمصر قال له بعض أصحابه: لا أرى عليك حذاء. قال: كان بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمرنا أن نختفى أحيانا. أخرجه أبو داود (2){357} .
(وعن) ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمشى حافيا وناعلا. أخرجه البزار بسند رجاله ثقات وصححه العراقى (3){358} .
(وعن) ابى حدرد أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: تمعددوا واخشوشنوا وانتصلوا وامشوا حفاة. أخرجه الطبرانى وابن شاهين وأبو نعيم، وفى سنده يحيى بز زكريا بن ابى زائدة وهو ضعيف. وأخرجه ابن عدى من حديث أبى هريرة (قال) المناوى: الكل ضعيف (4){359} . (وقال) الحافظ
(1) انظر ص 318 ج 2 تخريج أحاديث الإحياء للعراقى (جملة من محاسن أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم و (السباخ) جمع سبخة بفتح فسكون، وهى ارض تعلوها الملوحة لا تكاد تنبت.
(2)
لم نعثر عليه فى سنن أبى داود.
(3)
انظر ص 371 ج 2 - الإحياء للغزالى.
(4)
انظر ص 136 ج 5 مجمع الوائد (ترك الرفاهية) ورقم 3364 ص 268 ج 3 فيض القدير. و (تمعددوا)، أى تشبهوا بمعد بن عدنان فى تقشفه وخشونة عيشه وفى رواية تمعززوا، أى تشددوا فى الدين من العز والقوة (وانتضلوا) (أى تعلموا الرمى بالنضال أى السهام 0 وفيه) الحث على التواضع والنهى عن إفراط الترفه (قال) الغزالى رحمة الله: التنزين بالمباح مباح، لكن الخوض فيه يوجب الأنس به حتى يشق تركه واستدامة الزينة لا تكون الا بمباشرة اسباب يلزم منها فى الغالب ارتكاب المعاصى من المداهنة ومراعاة الخلق فالحزم اجتناب ذلك.
العراقى: يمشى بلا نعل ولا خف إلى * عيادة المريض حوله الملا
(الثالثة) ينبغى للعاقل ألا يلتزم حالا واحدة من العيش، بل يكون كما وضعه الله عز وجل. فإذا وسع الله عليه فلا باس أن يظهر اثر نعمته عليه من غير كبر ولا عجب. وإذا تقلص عنه العيش فليلزم الصبر والرضا، وليكن مطمئن القلب منشرح الصدر، حتى يكون من خير عباد الله. فإن هذا شان العبد مع سيده إن منحه شكر، وإن منعه صبر ن وليتذكر (قول) النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن الله يحب المؤمن المتبذل الذى لا يبالى ما لبس. أخرجه البيهقى فى الشعب عن ابى هريرة وفيه ابن لهيعة ولذا ضعفه المنذرى (1){360} (وقوله) صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ليس البر فى حسن اللباس والزى، ولكن البر السكينة والوقار. أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس عن ابى سعيد الخدرى وضعفه السيوطى (2){361} .
(وروى) ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من لبس ثوب شهرة فى الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا. أخرجه ابن ماجه بسند حسن (3){362}
(1) انظر رقم 1872 ص 289 ج 2 فيض القدير و (لا يبالى ما يلبس) أى أهو من فاخر اللباس أم من أدناه.
(2)
انظر رقم 7571 ص 356 ج 5 فيض القدير.
(3)
انظر ص 198 ج 1 سنن ابن ماجه (من لبس شهرة من الثياب) أى من لبس ثوبا يقصد به الشهرة بين الناس سواء أكان نفيسا تفاخرا أم خسيسا يلبسه إظهارا للزهد والرياء
(الرابعة) يجوز اتخاذ الستور على الأبواب والمنافذ إذا لم تكن حريرا ولا فيها صورة محرمة. أما الستر من الحرير فحرام، وما فيه صورة فمكروه " لحديث " عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتى فاطمة فوجد على بابها سترا فلم يدخل. وقلما كان يدخل إلا بدأ بها. فجاء على فرآها مهتمة فقال مالك؟ قالت: جاء النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى فلم يدخل فأتاه على وقال: يا رسول الله إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها قال وما أنا والدنيا، وما أنا الرقم فذهب الى فاطمة وأخبرها بقول رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: قل لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يأمرنى به؟ قال: قل لها فاترسل به إلى بنى فلان. أخرجه أبو داود (1){363} .
(1) انظر ص 72 ج 4 سنن ابى داود (اتخاذ الستور)، (وما أنا والدنيا) (أى ليس لى الفة بها ولا لها ومحبة معى حتى ارغب فيها. ويحتمل أن ما استفهامية اى: أى الفة لى بالدنيا؟ 0 والرقم) بفتح فسكون، النقش والوشى والمراد بينى فلان قوم فقراء فى حاجة الى لبس الستر.
(ويكره) تغطية الجدران بالثياب مطلقا ولو من غير الحرير ومما لا صورة فيه " لحديث " زيد بن خالد الجهنى عن أبى طلحة الأنصارى أن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى بعض مغازية وكنت أتحين قفوله فأخذت نمطا كان لنا فسترته على العرض فلما جاء استقبلته فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذى أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد على شيئا ورايت الكراهية فى وجهه، فأتى النمط حتى هتكه ثم قال: إن الله يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن، فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفا ن فلم ينكر ذلك على. أخرجه مسلم وابو داود (1){364} .
(قال) النووى فى شرح مسلم: استدلوا به على المنع من ستر الحيطان وتنجيد البيوت بالثياب. وهو منع كراهة تنزيه لا تحريم هذا هو الصحيح أهـ.
(وقال) فى المجموع " وإطلاق " المقدسى التحريم فى غير المصورة من غير الحرير " ضعيف " والصواب أنه مكروه وليس بحرام " وأما حديث " عائشة فى صحيح مسلم قالت: أخذت نمطا فسترته على الباب، فلما قدم النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرأى النمط عرفت الكراهية فى وجهه، فجذبه " من وجهين " أحدهما " أن هذا النمط كان فيه صورة الخيل وغيرها. وقد صرح بذلك فى باقى روايات الحديث فى مسلم " والثانى " أنه ليس فى حقيقة اللفظ تصريح بتحريمه، بل فيه أن الله تعالى لم يأمر به. وهذا إنما يقتضى أنه ليس بواجب ولا مندوب أهـ.
5 -
كسوة الكعبة:
تقدم أنه يكره تغطية الجدران بالثياب. ويستثنى من ذلك " الكعبة " فإن كسوتها مشروعة ولو بالديباج تعظيما لها وهو مجمع عليه كما قاله الحافظ فى الفتح.
(قال) ابن جريح: أخبرت أن عمر كان يكسوها القباطى، وأخبرنى غير واحد أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كساها القباطى والحبرات. وابو بكر، وعمر، وعثمان. أخرجه عبد الرزاق (2).
(1) انظر ص 73 ج 4 سنن ابى داود (الصور) و (النمط) بفتحتين بساط لطيف له خمل (أى وبر) وقيل ثوب من صوف يجعل سترا و (العرض) بفتح فسكون الخشية المعترضة يسقف بها البيت ويوضع عليها الخشب الصغير وقال الهروى المحدثون يروونه بالضاد المعجمة وهو بالصاد أو السين، خشية توضع على البيت عرضا اذا ارادوا تسقيفه، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار يقال عرصت البيت تعريصا. وذكره ابو عبيد بالسين وقال: والبيت المعرس الذى له عرس وهو الحائط تجعل بين حائطى البيت لا يبلغ به اقصاه والحديث فى سنن ابى داود بالضاد المعجمة وفى غريب الحديث بالصاد المهملة أو بالسين.
(2)
(انظر ص 297 ج 3 فتح البارى 0 فى معرفة يده كسوة البيت) و (القباطى بضم القاف جمع قبطية بكسر أو ض
…
م فسكون وهو ثوب من كتان رقيق يصنع بمصر والحبرات جمع حبرة معنبة، برود نصنع باليمن.
" ولحديث " علقمة بن ابى علقمة أن أمه قالت: سالت عائشة أنكسو الكعبة؟ قالت: المراء يكفونكم. أخرجه عبد الرزاق (1)(وعن) ابن عمر أنه كان يكسو بدنه بالقباطى والحبرات يوم يقلدها، فإذا كان يوم النحر نزعها ثم أرسل بها الى شيبة بن عثمان فناءلها على الكعبة. أخرجه الفاكهى بسند صحيح وزاد فى رواية صحيحة فلما كست الأمراء الكعبة جللها (أى البدن) القباطى ثم تصدق بها (2).
هذا: وأول من كساها أسعد أبو كرب تبع ملك حمير قبل الهجرة بقرنين كساها الخصف والمعافر والملاء والوصائل والعصب والمسوح والأنطاع والبرود (3) وجعل للكعبة بابا ومفتاحا (قال) الحافظ فى الفتح: روى الفاكهى من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه أنه قال: زعموا أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن سب أسعد، وكان أول من كسا البيت الوصائل، ورواه الواقدى عن معمر عن همام بن منبه عن ابى هريرة مرفوعا. وأخرجه الحارث ابن ابى اسامة فى مسنده عنه. وزعم بعضهم أن أول من كسا الكعبة إسماعيل عليه الصلاة والسلام. وقيل إن عدنان أول من كسا الكعبة أو كسيت فى زميه أهـ (4).
(1) انظر ص 297 ج 3 فتح البارى و (البدن) بضمتين او بضم فسكون جمع بدنة، وهى ما يهدى الى الحرم من الإبل والبقر.
(2)
انظر ص 297 ج 3 فتح البارى و (البدن) بضمتين او بضم فسكون جمع بدنة، وهى ما يهدى الى الحرم من الإبل والبقر.
(3)
الخصف، بفتحتين جمع خصفة بفتحات وهى الثوب الغليظة جدا، والمعافرة فى الصل اسم بلد، سميت به الثياب التى تصنع فيه، والملاء بضم ففتح جمع ملاءة، وهى ثوب لين رقيق ينسج قطعة واحدة، وتسمى الربطة بفتح فسكون والوصائل جمع وصيلة وهى ثوب أحمر مخطط يصنع باليمن. والعصب بفتح فسكون برود يمانية يجمع غزلها ويسد ثم يصبغ وينسج مع غير المعصوب فيأتى موشى. والمسوح بضمتين جمع مسح كحمل، وهو ثوب من الشعر غليظ والانطاع جمع نطع بفتح النون وكسرها مع فتح الطاء وسكونها، وهو بساط من الجلد، والبرود جمع برد وهو ثوب مخطط وكساء بلتحف به.
(4)
ملخص من ص 297 ج 3 فتح البارى (فى معرفة بدء كسوة البيتث) وعلم منه إن فى أول من كساها ثلاثة اقوال: تبع ملك حمير وإسماعيل وعدنان فإن ثبتت فيجمع بينها بأن غسماعيل أول من كساها مطلقا، وأما تبع فاول من كساها الأنطاع والوصائل، وأما عدنان فعله أول من كساها بعد اسماعيل.
ولما بنت قريش الكعبة عملوا لعا كسا شتى من أنواع الثياب. ولم تزل تكسوها حتى كان زمن أبى ربيعة بن المغيرة المخزومى، وكان ذا مال فقال: أكسوها من مالى عاما وقوموا بكسوتها عاما. واستمر الأمر على هذا الى عهد النبى صلى الله عليه وسلم " فقد " روى الواقدى عن إبراهيم بن أبى ربيعة قال: كسى البيت فى الجاهلية الأنطاع. ثم كساه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الثياب اليمانية. ثم كساه عمر وعثمان القباطى.
(وروى) الدار قطنى فى المؤتلف أن أول من كسا الكعبة الديباج نتيلةبنت جناب والدة العباس بن عبد المطلب، كانت أضلت العباس صغيرا فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة الديباج. وذكر الزبير بن بكار أنها أضلت ابنها ضرار بن عبد المطلب شقيق العباس، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فرده عليها رجل من جذام فكست الكعبة ثيابا بيضا (وهذا) محمول على تعدد القصة
(وحكى) الأرزاقى أن معاوية كساها الديباج والقباطى والحبرات فكانت تكسى الديباج يوم عاشوراء، والقباطى فى آخر رمضان.
وكساها الديباج يزيد بن معاوية، وابن الزبير، وعبد الملكبن مروان. وكانت كل كسوة تطرح على سابقتها، حتى سنة 160 هجرية حج المهدى العباسى، فأمر بتجريدها وألا يسدل عليها إلا كسوة واحدة.
(والصحيح) أن أول من أمر بتجريدها من الكسوة العتيقة سيدنا عمر فكان ينزع كسوتها كل سنة ويستبدل بها جديدة ويقسم الأولى بين الحجاج
(وذكر) الفاكهى أن أول من كساها الديباج، المأمون بن الرشيد
فكان يكسوها الديباج الأحمر يوم التروية، والقباطى أول رجب، والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان. وكساها الناصر العباسى ديباجا أخضر. ثم كساها ديباجا أسود واستمر الأمر على هذا إلى الآن.
فهى الآن تكسى فى العام مرة واحدة يوم النحر. جرت العادة أن تغسل الكعبة بماء زمزم فى السابع والعشربن من ذى القعدة، وتشمر ستورها وتكسى يوم الأضحى، ويأخذ الأشراف وبنو شيبة الكسوة العتيقة ويقتسمونها ويبيعون كل قطعة منها بأوفر الثمن.
(هذا) وقد اختلف العلماء فى التصرف فى كسوتها، فقال النووى فى المجموع قال صاحب التلخيص وفيره من الشافعية: لا يجوز قطع أستار الكعبة ولا نقل شئ منها ولا بيعا ولا شراؤها، خلاف ما يفعله العامة يشترونه من بنى شيبة. وارتضاه الرافعى والحليمى. وقال ابن الصلاح: الأمر فيها إلى الإمام يصرفها فى بعض مصارف بين المال بيعا وعطاء، واحتج بما رواه الأزرقى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان ينزع كسوة البيت كل سنة فيقسمها على الحاج.
…
وهذا حسن متعين لئلا يؤدى إلى تلفها بطول الزمان. وروى الأزرقى عن ابن عباس وعائشة رضى الله هنهما قالا: تباع كسوتها وتجعل فى سبيل الله والمساكين وابن السبيل. قال ابن عباس وعائشة وأم سلمة: ولا باس بان يلبس كسوتها من صارت إليه من حائض وجنب وغيرهما. ولا يجوز أخذ شئ من طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره. ومن أخذ شيئا منه لزمه رده إليها فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده من عنده فمسحها به ثم أخذه أهـ ملخصا (1).
6 -
لبس الخرقة:
الخرفة لغة قطعة من الثوب والجمع خرق كسدرة وسدر، وفى اصطلاح
(1) ملخص من ص 459 - 462 ج 7 مجموع النووى (حكم سترة الكعبة).
الصوفية نوع من الثياب يلبسه الشيخ بعض المريدين حسبما يراه من حاله أو طاق من القماش يلفه على رأسه، يجمع الشيخ بعض الفقراء ويقرءون الفاتحة ويدعون للمريد، ثم يلبسه الشيخ ثوبا خشنا أزرق أو أحمر أو طاقية أو قلنسوة أو رداء أو يعممه. والكلام فيها بنحصر فى ثلاثة فروع.
1 -
شرط لبسها:
يشترط فيمن يريد لبس الخرقة أن يحسن النية بأن يقصد بلبسها حصول البركة له والتزى بزى القوم الصالحين، لا الرباء والشهرة. وإلا كانت حراما. وأن يكون أهلا لها. وأن يكون الشيخ من العارفين أرباب النظر الصائب والفكر الثاقب.
(قال) القطب الشعرانى فى لواقح الأنوار: أحد علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نلبس لباس شبرة ولا لباس فخر ولا مباهاة، كأن نلبس المرقعات الملونة برقع خضر وصفر وحمر وسود ونحو ذلك، أو نلبس بشتا من ليف أو خوص أو حلفاء أو جلودا منزوعة الشعر. أو طرطور جلد أو خوص مكشوفا بغير عمامة، أو شملةحمراء أو خضراء أو نحوهما، أو نلبس طيلسانا رقيقا أو جبة نقية البياض جدا ونحو ذلك إلا بنية صحيحة شرعية. وقد كان الأشياخ لا يلتزمون لونا خاصا، فاعلم ذلم ولا تلبس لباس شهرة (روى) ضمرة بن ثعلبة أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم حلتان من حلل اليمن. فقال: يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة؟ فقال: يا رسول الله لئن استغفرت لى لا اقعد حتى انزعهما عنى فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لضمرة، فانطلق سريعا حتى نزعهما عنه. أخرجه أحمد ورجاله ثقات غير بقية فإنه مدلس (1){365}
(1) انظر ص 136 ج 5 مجمع الزوائد (فى الثياب الرقاق).
(وعن فاطمة) الزهراء مرفوعا: شرار أمتى الذين غذوا بالنعيم، الذين يأكلون الوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون فى الكلام، أخرجه ابن أبى الدنيا والبيهقى بسند ضعيف (1) {366} (وروى) ابن عمر مرفوعا: من لبس ثوب شهرة البسه الله يوم القيامة ثوبا مثله ثم ألهب فيه النار. أخرجه أبو داود (2){367} وتقدم نحوه عند ابن ماجه رقم 362 ص 277
(ويؤخذ) منه أن لبس الشملة الصفراء أو الحمراء أو غيرهما إذا قصد به الشهرة والفخر يكون حراما، وعليه تحمل فتوى قدوة المحققين الشيخ على العدوى بالحرمة. وأخذ منه أنه لا يجوز للشيخ أن يلبس المريد الخرقة إلا إذا كان الشيخ أهلا للإلباس، والمريد أهلا للبس، بخلاف ما شاع فى هذا الزمان من أن كل من أدعى المشيخة يأمر تلميذه بلبس الخرقة، وهو ليس من أهل الكمال.
(قال) سيدى عبد الوهاب الشعرانى فى دور الغواص: قلت لشيخنا على الخواص رحمة الله: ما شرط
إلباس الخرقة عندكم؟ فقال: شرط إلباسها أن يعطى الله تعالى ذلك الشيخ من القوة والعزم أنه بمجرد ما يقول للمريد انزع فلنسوتك أو ثوبك مثلا أن ينزع عنه جميع الأخلاق المذمومة. ثم إنه يلبسه القلنسوة التى معه فيخلع عليه فيها جمع الأخلاق المحمودة التى يمكن مثله التخلق بها فمن لم يعطه الله ذلك فهو بإلباسه الخرقة للمريد كالمستهزئ بالطريق أهـ.
2 -
فائدة الخرقة:
(قال) العارف السهرودى فى عوارف المعارف: لبس الخرقة ارتباط بين الشيخ والمريد، وتحكيم من المريد للشيخ فى نفسه ز والتحكيم سائغ فى الشرع لمصالح دنيوية. فماذا ينكر المنكر للبس الخرقة على طالب صادق فى طلبة يقصد
(1) انظر ص 6 ج 2 كشف الخفاء (حرف الشين).
(2)
انظر ص 44 ج 4 سنن أبى داود (فى لبس الشهرة).
شيخا بحسن ظن وعقيدة. يحكمه فى نفسه لمصالح دينه يرشده ويهديه ويعرفه الطريق، ويبصره بىفات النفوس وفساد الأعمال، ومداخل العدو فيسلم نفسه إليه ويستسلم لرأيه ويستصوبه فى جميع تصاريفه، فيلبسه الخرقة إظهارا للتفويض والتسليم: ودخوله فى حكم الشيخ دخول فى حكم الله ورسوله وإحياء لسنة المبايعة مع رسول الله صلى الله علية وعلى آله وسلم (ثم قال) وسر الخرقة أن الطالب الصادق إذا دخل فى صحبة الشيخ وسلم نفسه له وصار كالولد الصغير مع الوالد يربيه الشيخ بعلمه المستمد من الله تعالى بصدق الافتقار وحسن الاستقامة ويكون للشيخ بنفوذ بصيرته الإشراف عليه ن فقد يكون المريد يلبس الخشن كثياب المتقفين المتزهدين، وله فى ذلك هوى كامن فى نفسه ليرى بعين الزهادة، فاشد ما عليه لبس الناعم. وللنفس هوى واختيار فى هيئة مخصوصة من الملبوس. كقصر الكم والذيل وطوله وخشونته ونعومته على قدر هواها، فليلبس الشيخ مثل هذا الراكن لتلك الهيئة ثوبا يكون سببا فى كسر هوى نفسه. وقد يكون على المريد ملبوس ناعم أو هيئة فى الملبوس تشرئب النفس الى تلك الهيئة بالعادة، فيلبسه الشيخ ما يخرج النفس من عادتها وهواها.
فتصرف الشيخ فى الملبوس كتصرفه فى المطعوم، وكتصرفه فى صوم المريد وإفطاره وكتصرفه فى امر دينه بإرشاده إلى ما يرى له من المصلحة من دوام الذكر والتنفل بالصلاة ودوام التلاوة والخدمة، وكتصرفه فيه برده الى الكسب وغيره، فيأمر كل مريد بما يصلحه من أمر معاشه ومعاده، ولتنوع الاستعدادات تنوعت مراتب الدعوة. قال الله تعالى:{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)
(فالحكمة) رتبة فى الدعوة وكذا الموعظة والمجادلة، فمن يدعى بالحكمة لا يدعى بالموعظة وبالعكس ن فهكذا الشيخ يعلم من هو على وضع الأبرار ومن هو على وضع المقربين، ومن يصلح لدوام الذكر، ومن يصلح لدوام الصلاة، ومن له هوى فى التخشن أو فى التنعيم، فيخلع المريد من عادته ويخرجه من
(1) صدر آية 125 سورة النحل.
مضيق هوى نفسه، ويطعمه باختياره ويلبسه باختياره ويداوى بالخرقة المخصوصة والهيئة المخصوصة داء هواه، ويتوخى بذلك تقريبه إلى رضا مولاه أهـ بتصرف.
3 -
دليل لبس الخرقة:
(قال) السيوطى فى زاد المسير: قد استنبطت للخرقة أصلا من السنة وهو (ما رواه) البيهقى فى الشعب عن عطاء الخراسانى أن رجلا أتى ابن عمر فساله عن إرخاء طرف العمامة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية وأمر عليها عبد الرحمن بن عوف وعقد له لواء وعلى عبد الرحمن عمامة من كرابيس مصبوغة بسواد، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحل عمامته ثم عممه بيده وأفضل موضع اربع اصابع أو نحوها فقال: هكذا فاعتم فإنه أحسن وأجمل (1){368} .
(وما رواه) أبو داود والبيهقى عن عبد الرحمن بن عوف قال: عممنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدلها بين يدى ومن خلفى. وفى سنده شيخ مجهول (2){370} .
(1) انظر ص 229 حديث رقم 284 من هذا الجزء وص 12 ج 5 مجمع الزوائد (العمائم) ورواه الطبرانى فى الأوسط مطولا بسند حسن عن ابن عمر قال: كنت عاشر عشرة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم الأربعة وابن مسعود وابن عوف (الحديث) وفيه ثم أمر ابن عوف فتجهز لسرية بعثة عليها فاصبح وقد اعتم بعمامة كرابيس سواد فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم ثم نقصها فعممه فارسل من خلفه اربع اصابع أو نحوها ثم قال هكذا بابن عوف فاعتم فإنه أعرب وأحسن] 369 [و (السرية) كعطية قطعة من الجيش، فعليه بمعنى فاعله، لأنها تسرى خفية و (كرابيس) جمع كرباس بكسر فسكون، وهو الثول الخشن من قطن أو غيره.
(2)
انظر ص 55 ج 4 سنن ابى داود (العمائم)
(وظاهر) أنه لا دلالة فى هذه الأخبار على إلباس الخرقة المعروفة عند الصوفية.
(وقد) استدل ابن الصلاح وغيره على إلباسها بما تقدم عن أم خالد بنت خالد بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بكسوة فيها خميصة صغيرة فقال: من ترون أحق بهذه؟ فكست القوم. فقال إيتونى بأم خالد فأتى بها فألبسها إياها ثم قال. أبلى وأخلفى، مرتين. أخرجه أحمد والبخارى وأبو داود (1)
وهو أيضا لا يدل على الدعوى كما هو واضح.
(وقد) ذكر الحافظ بن الصلاح سنده فى لبس الخرقة إلى حبيب العجمى عن الحسن البصرى عن على بن أبى طالب وقال: ولبس بقادح فيما أوردناه كون لبس الخرقة ليس متصلا الى منتهاه على شرط أصحاب الحديث فى الأسانيد (2)
أهـ.
(1) تقدم ص 189 رقم 204 (ما يقال لمن لبس ثوبا جديدا).
(2)
و (لبس الخرقة ليس متصلا
…
) هذا على ما رآه تبعا للبخارى وابن معين من عدم ثبوت سماع الحسن من على. ونحوه قول ابن الجزرى، وقد ساق سنده بلبس الخرقة من طريق الحسن، وقال: كذا وصلت لنا خرقة التصوف من طريق القوم، وأهل الحديث لا يثبتون للحسن سماعا من على مع انه عاصره بلا شك، يثبت أنه رآه، وأنه ولد فى خلافة عمر ن وصح أنه سمع خطبة عثمان أهـ.
ورأت طائفة منهم الحافظ ضياء الدين المقدسى صحة سماع الحسن من على لتصريحه به فيما رواه أبو يعلى قال: أخبرنا جوبرية بن اشرس، أخبرنا عقبة بن ابى الصهباء الباهلى، سمعت الحسن يقول: سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أمتى مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره. أنظر ص 390 راموز الأحاديث قال محمد بن الحسن الصريفينى: هذا نص صريح فى سماع الحسن من على. ورجاله ثقات، جوبرية وثقة ابن حبان، وعقبة وثقة أحمد وابن معين أهـ] 371 [(واخرج) المزى من طريق ابى نعيم بإسناده الى يونس بن عبيد قال: قلت الحسن إنت تقول =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تدركه. قال باين أخى لقد سالتنى عن شئ وكان فى زمن الحجاج - كل شئ سمعتنى اقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عن على ن غير أنى فى زمان لا استطيع أن اذكر عليا أهـ
(قال) الحافظ السيوطى فى " إتحاف الفرقة. برفو الخرقة ": وأنكر جماعة من الحفاظ سماع الحسن البصرى من على بن ابى طالب وتمسك بهذا بعض المتأخرين فخدش به فى طريق لبس الخرقة. واثبته جماعه وهو الراجح عندى لوجوه. ثم ساق ما يدل على سماع الحسن البصرى من على بن ابى طالب رضى الله عنه فقال: ذكر ما وقع لما من رواية الحسن عن على.
(قال) أحمد فى مسنده: حدثنا هشام أخبرنا يونس عن الحسن عن على قال ك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رفع القلم عن ثلاثة، المجنون المغلوب على عقلة حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم وأخرجه الترمذى وحسنه، والنسائى والحاكم وصححه، والضياء المقدسى فى المختارة رقم 19 ص 94 ج 8 - الدين الخالص] 372 [.
(قال) الحافظ زين الدين العراقى فى شرح الترمذى عند الكلام على هذا الحديث: قال على بن المدينى: الحسن رأى عليا بالمدينة وهو غلام وقال ابو زرعة: كان الحسن البصرى يوم بويع لعلى، ابن اربع عشرة سنة، ورأى عليا بالمدينة. ثم خرج الى الكوفة والبصرة ولم يبقه الحسن بعد ذلك وقال الحسن ن رايت الزبير يبايع عليا أهـ ويحمل قول النافى على ما بعد خروج على من المدينة.
(وقال) النسائى: حدثنا الحسن بن احمد بن حبيب شاذ بن فياض عن عمر ابن ابراهيم عن قتادة عن الحسن عن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: افطر الحاجم والمحجوم وأخرجه احمد وابن حبان والحاكم. انظر رقم 197 ص 362 ج 2 دين] 373 [وقال الصحاوى حدثنا أحمد بن داود بسنده الى قتادة عن الحسن وخلاس بن عمرو أن عليا قال فى الرهن يترادان فى الزيادة والنقصان جميعا فإن اصابته جائحة برئ (59) انظر ص 254 ج 2 (الرهن يهلك فى يد المرتهن) =
(فتحصل) أن لبس الخرفة وإلباسها بالكيفية التى عليها صوفية الزمان لا دليل عليه من الشرع (قال) العارف السهرورى فى عوارف المعارف: ولا خفاء أن لبس الخرقة على الهيئة التى تعتمدها الشيوخ فى هذا الزمان لم يكن فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداء بها فى استحسان الشيوخ أهـ.
(قال) العلامة الشيخ محمد بن عبد الباقى الزرقانى فى كتابه " تلخيص مختصر المقاصد الحسنة: فى الأحاديث المشهرة: لبس الخرفة المشهور بين الصوفية باطل لا اصل له. نص عليه جمع من الحفاظ حتى ممن لبسها اقتداء بالسادة الصوفية. وللجلال السيوطى مؤلف سماه " إتحاف الفرقة برقو الخرقة ".
لكن غاية ما فيه إثبات أن الحسن البصرى سمع من على فى الجملة. وليس فيه إثبات أن عليا البس الحسن. وى أن المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبس عليا الخرقة على الصورة المتعارفة بينهم أهـ.
(وقال) المحدث الشيخ إسماعيل العجلونى فى كشف الخفاء: لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصرى لبسها من على: قال فى المقاصد: قال ابن دحية وابن الصلاح: باطل. وقال الحافظ بن حجر: ليس فى شئ من طرقها
= (وقال) الدار قطنى: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا داود بن رشيد حدثنا ابو حفص الأبار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن على قال: الخلية والبرية والبته والبائن والحرام، ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (60) ص 438 - الدار قطنى (الطلاق).
(وقال)(الطحاوى): حدثنا ابن مرزوق حدثنا عمرو بن ابى رزين حدثنا هشام بن حسان عن الحسن عن على قال ليس فى مس الذكر وضوء ورواه ايضا عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعمران بن حسين ورجل آخر (61) انظر ص 47 - ج 1 الطحاوى (مس الفرج عل يجب فيه الوضوء؟ )
(وذكر) السيوطى أحاديث اخر كلها من طريق الحسن عن على رضى الله عنه
ما يثبت ولم يرد فى خير صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبى صلى الله عليه وسلم البس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لبعض اصحابه، ولا أمر أحد من الصحابة بفعل ذلك. وكل ما ورد فى ذلك صريحا فباطل. ثم قال: إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليا البس الخرقة الحسن البصرى.
(وقال) فى التمييز: لم ينفرد الحافظ بن حجر بهذا، بل سبقه إليه جماعة حتى من لبسها وألبسها كالدمياطى والذهبى والهكارى وابى حبان والعلائى والعراقى وابن ملقن والأنباسى والبرهان الحلبى وابن ناصر الدين وغيرهم.
(وقال) القارى: وكذا نسبة التلقين المتعارف بين الصوفية لا اصل له، " وكذا " نسبة الخرقة إلى أويس القرنى وأنه الصلاة والسلام أوصى له بخرقته، وأن عمر وعليا سلماها إليه " فغير " ثابت ولو ذكره بعض
المشايخ، فالمدار على طريقة الصحة ومتابعة الكتاب والسنة أهـ ملخصا (1).
(فالصواب) الاقتصار على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام، من مبايعة الناس على السمع والطاعة والوقوف عند الحدود من التخلى عن الرذائل والتحلى بالفضائل.
" وأما " ما يقع من متصوفة الزمان من وضع ايديهم فى ايدى الرجال والنساء ومعاهدتهم على أن يكونوا تلامذة لهم ليتمشيخوا عليهم ويشاركوهم فى أموالهم تارة بالأكل فى بيوتهم، تارة بضرب عوائد يدفعونها فى وقت معين كأنها جزية تؤخذ بالجبروت " فهو " إحرام وإفساد خارج عن حد الشرع ولا يقره العقل. نسال الله لنا ولجميع الأمة كمال الهداية وتمام التوفيق.
7 -
الفراش:
يطلب الاقتصاد فيه والاكتفاء بالمحتاج إليه اقتداء برسول رسول الله صلى
(1) انظر ص 137، 138 ج 2 كشف الخفاء (حرف اللام).
الله عليه وسلم وينبغى تجنب لين الفراش (فقد) قال جابر بن عبد الله ذكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفرش فقال: فراش للرجل وفراش لمراة وفراش للضيف والرابع للشيطان. أخرجه مسلم وابو داود والنسائى (1){373} .
(والمعنى) أن ما زاد عن الحاجة من الفراش فاتخاذه للمباهاة والفخر وما كان كذلك فهو مذموم يرتضيه الشيطان ويحسنه فاضيف اليه. ويحتمل أنه على ظاهره. والمعنى أن الزائد عن الحاجة يكون للشيطان عليه مبيت ومقبل
هذا وتعدد الفراش للزوج والزوجة إنما يكون عند الحاجة كالمرض ونحوه، وإلا فاجتماعهما فى فراش واحد أفضل. وهو الذى واظب عليه النبى صلى الله عليه وسلم، مع مواظبته على قيام الليل.
(فقد) كان ينام مع زوجه فإذا أراد التهجد قام وتركها، فلنقتد به صلى الله عليه وسلموهذا من باب حسن العشرة، لا سيما إن عرف من حالها حرصها على النوم معه.
(وقالت) عائشة رضى الله عنها: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذى ينام عليه من أدم حشوة ليف. أخرجه الخمسة إلا النسائى وقال الترمذى: حديث حسن صحيح (2){374} . وأخرجه ابو داود عن عائشة قالت: كانت ضجعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من آدم حشوها ليف (3){375} (وعنها) قالت: كان وسادة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
(1) انظر ص 270 ج 3 تيسير الوصول (الفرش) بضمتين جمع فراش.
(2)
انظر ص 270 ج 3 تيسير الوصول (فى الفرش والوسائد) و (الآدم) بفتحتين جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ.
(3)
انظر ص 71 ج 4 سنن ابى داود (فى الفراش) و (ضجعة) بكسر فسكون من الاضطجاع، وهو النوم وبفتح الضاد المرة من الاضطجاع. والمراد ما كان مضطجع عليه.
وسلم التى ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه (1){376} .
هذا. ويباح وضع ملاءه ونحوها من غير الحرير على الفراش " لحديث " جابر بن عبد الله قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اتخذتم أنماطا؟ قلت وأنى لنا الأنماط؟ فقال أم إنها ستكون لكم أنماط. أخرجه الخمسه. وفي روايه لمسلم: قال جابر. وعند امراتي نمط فانا اقول نحيه عني ، وتقول فقد قال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم. انها ستكون (2){377} .
(ففيه) دلاله علي جواز اتخاذ الانماط اذا لم تكن من حرير. وفيه معجزة للنبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم حيث وقع ما اخبر به ولم يكن فى زمانه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
8 -
الاثار الموضوعة فى اللباس
لم نال جهدا فى ذكر أدلة اللباس وما ألحق به وبيان حالها من صحة وحسن وضعف، وقد قيل فيه ما لم يثبت، فإتمامه للفائدة وتنبيها للغافل، وتحذيرا للعاقل من الاغترار به نبينه هنا وهو سبعة أنواع.
1 -
ما قيل فى العمامة:
…
(أ) قال المحدث العجلونى فى كشف الخفاء. ومن الموضوع ما أورده الديلمى عن ابن عمر مرفوعا: صلاة بعمامة تعدل بخمس وعشرين صلاة. وجمعة
(1) انظر رقم 6868 س 181 ج 5 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(2)
انظر ص 71 ج 4 سنن ابى داود (الفراش) و (أنماطا) جمع نمط، كسيب وهو ثوب من صوف ذو لون، ولا يقال للابيض نمط.
بعمامة تعدل سبعين جمعة (1) وفيه: إن الملائكة يشهدون الجمعة معتمين ويصلون على أهل العمائم حتى تغيب الشمس. وفى لفظ عنه أيضا: جمعة بعمامة أفضل من سبعين بلا عمامة (2).
(وعنه) وعن ابى هريرة معا: إن لله عز وجل ملائكة وقوفا بباب المسجد يستغفرون لأصحاب العمائم البيض (3)
(وعن) جابر: ركعتان بعمامة افضل من سبعين بلا عمامة (4)(وعن) ابى الدرداء: إن الله وملائكته يصلون على اصحاب العمائم يوم الجمعة (وعن) على: العمامة حاجز بين المسلمين والمشركين. وبعضه أو هى من بعض أهـ.
(ب) وقال العلامة محمد طاهر فى تذكرة الموضوعات: قال فى المقاصد. صلاة بعمامة تعدل بخمس وعشرين. وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة. موضوع.
(وقال) فى الذيل عن عبد الله بن عمر. يابنى أحب العمامة. يابنى اعتم تبجل وتكرم وتوقر. ولا يراك الشيطان إلا ولى هاربا، سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إن صلاة بعمامة تعدل خمسا وعشرين صلاة بغير عمامة، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة. إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين ولا يزالون يصلون على اصحاب العمائم حتى تغرب الشمس (قال) ابن حجر. موضوع، فيه عباس بن كثير لم أر له ذكرا فى الغرباء. وفيه غيره، قلت: أخرجه ابن عساكر والديلمى. وفيه ايضا العباس المذكور (صلاة) على كور العمامة يعدل ثوابها عند الله غزوة فى سبيل الله. وضعه إبراهيم (الصلاة) فى العمامة عشرة الاف حسنة. فيه ابان متهم، وفى المقاصد هو موضوع أهـ.
(1) انظر ص 25 ج 2 كشف الخفاء (حرف الصاد).
(2)
لم نعثر عليهما فى كشف الخفاء ولا فى غيره.
(3)
لم نعثر عليهما فى كشف الخفاء ولا فى غيره.
(4)
لم نعثر عليهما فى كشف الخفاء ولا فى غيره.
2 -
ما قيل فى القباء والمنطقة:
(قال) ابو سعيد العقيلى لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبى صلى الله عليه وسلم قباء ومنطقة ن فقال ابو البخترى حدثنى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن جبريل نزل على النبى صلى الله عليه وسلم قباء ومنطقة، متحجر فيها تحجيرا، هذا وضعه أبو البخترى (قال) الخطيب أنبأنا التنوخى حدثنا طلحة بن محمد بن جعفر حدثنى عمر بن الحسن الأشنانى حدثنا جعفر الطيالسى عن يحيى بن معين أنه وقف على حلقة ابى البخترى فإذا هو يحدث هذا الحديث عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر فقال له: كذبت يا عدو الله على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمن قال فأخذنى إلى والى الشرط (1) فقلت هذا يزعم أن رسول رب العالمين نزل على النبى صلى الله عليه وسلمقباء، فقالوا لى هذا والله قاص كذاب، وأفرجوا عنى. قاله السيوطى فى اللالى (2).
3 -
ما قيل فى لبس الصوف:
(أ) قال احمد بن عبد الله الجوئيارى حدثنا سلم بن سالم عن عباد بن كثير عن مالك بن دينار عن الحسن عن أبى هريرة مرفوعا: من سره أن يجلس مع الله تعالى فليجلس مع أهل الصوف، أخرجه الخطيب. قال السيوطى فى اللالى: موضوع، والمتهم به الجوئبارى (3).
(ب) وقال هناد بن غبراهيم النسفى: أنبانا المنصور بن ربيعة بن أحمد الدينورى
(1) أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس بسند ضعيف كما فى الجامع الصغير وقال المناوى إن فيه طارق بن عبد الرحمن. قال الحاكم شيئ الحفظ ومن ثم قال السخاوى هذا الحديث لا يثبت رقم 4468 ص 37 ج 4 فيض القدير.
(2)
الشرط، جمع شرطة كغرفة وغرف، الجند وأعوان السلطان، والوالى الرئيس.
(3)
انظر ص 141 ج 2 - اللآلى المصنوعة (الباس).
حدثنا عبد الرحمن بن الصومعى حدثنا على بن محمد بن البخارى حدثنا ابو زرعة محمد بن على بن محمد حدثنا ابو عمرو سعيد بن القاسم بن العلا البردعى حدثنا فارس بن محمد بن على حدثنا يحيى بن خالد المهلى حدثنا سعدان عن مقاتل بن سليمان عن عطاء عن ابن عباس قال: مات النبى صلى الله عليه وسلم فى الصوف وعليه اثنتا عشرة رقعة بعضها من أدم، ومات عمر بن الخطاب وعليه ثلاث عشرة رقعة بعضها من أدم. رواه الخطيب، قال السيوطى فى اللالئ موضوع، هناد ومقاتل كذابان، ومن بينهما مجاهيل أهـ (1).
(جـ) وقال سليمان بن ارقم عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن الأعرج عن ابى هريرة. وحدث سليمان عن صالح بن كيسان عن ابى هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال: من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليلبس الصوف وليعقل شاته. أخرجه ابن عدى قال ابن الجوزى: موضوع، سليمان متروك (2) (وقال) فى التذكرة فيه سليمان بن أرقم يروى الموضوعات (قلت) الحديث حسن له شواهد فعند البيهقى بوجه آخر: من لبس الصوف وحلب الشاة وركب الأتن، فليس فى جوفه شئ من الكبر (3).
(د) وقال فى التذكرة: قال فى الذيل: عن ابن عباس رفعه: نزل جبريل فى بعض الليل فقعد فمسحت يدى على ظهره فاصبت الشعر ن فقلت يا جبريل ما هذا الشعر؟ قال: الصوف لباس الأولياء. قلت سبحان لله الملائكة تلبس الصوف؟ قال نعم يا محمد، والله إن لباس حملة العرش الصوف. فيه عبد الله بن واقد، مظلم الحديث.
(1) انظر ص 142 منه.
(2)
انظر ص 142 ج 2 - اللآلى المصنوعة (الباس).
(3)
انظر ص 142 ج 2 - اللالى (اللباس) من رواية ابى نعيم والبيهقى مرسلا وموقوفا و (الأنن) جمع أنان، وهى الأنثى من الحمير.
وحديث: من لبس الصوف ليعرفه الناس كان حقا على الله أن يكسوه ثوبا من جرب حتى تتساقط عروقه. فيه عباد بن كثير متروك أهـ.
4 -
ما قيل فى الثوب:
(أ) قال سليم بن عيسى أبو يحيى عن سفيان الثورى عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عائشة أنها قالت، قال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم، ابغض العباد إلى الله تعالى من كان ثوباه خيرا من عمله، أن يكون ثيابه ثياب الانبياء وعمله عمل الجبارين، أخرجه العقيلى، وقال: سليم مجهول فى النقل، حديثه غير محفوظ منكر (وقال) ابن الجوزى: موضوع.
(وقال) فى الميزان: سليم بن عيسى الكوفى القارئ إمام فى القراءة عن الثورى أورد خبرا منكرا ساقه العقيلى وهو هذا، ثم قال: هذا باطل. ولعل هذا الرجل غير القارئ. قاله السيوطى فى اللآلى (1).
(ب) وقال العجلونى فى كشف الخفاء: من تزيا بغير زيه فقتل فدمه هدر قال فى المقاصد، ليس له أصل يعتمد، ويحكى فيه حكايات منقطعة.
(منها) أن بعض الجان حدث به إما عن على مرفوعا، وإما عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلا واسطة، ولم يثبت منه شئ أهـ (2).
5 -
ما قيل فى الخاتم:
(أ) قال فى كشف الخفاء: الصلاة بخاتم تعدل سبعين صلاة بغير خاتم. قال فى المقاصد إنه موضوع (3).
(1) انظر ص 143 ج 2 اللالئ.
(2)
انظر ص 239 ج 2 كشف الخفاء.
(3)
انظر ص 25 ج 2 كشف الخفاء (حرف الصاد).
(ب) وقال: تختموا بالزبر جد فإنه يسر لا عسر فيه. قال الحافظ بن حجر موضوع (1).
(جـ) وقال: تختموا بالزمر فإنه ينفى الفقر. رواه الديلمى عن ابن عباس ولا يصح (2).
(د) وقال: تختموا بالعقيق فإنه ينفى الفقر. رواه ابن عدى عن أنس وقال حديث باطل، فيه الحسين بن إبراهيم مجهول. ولذا حكم ابن الجوزى بوضعه واقره السيوطى. ورواه العقيلى والبيهقى وغيرهما عن عائشة بلفظ: تختموا بالعقيق فإنه مبارك (وقال) فى المقاصد: له طرق كلها واهية (فمنها) ما رواه البيهقى فى الشعب عن عائشة رضى الله عنها من طرق بالفاظ (منها) اشتر له خاتما وليكن فصه عقيقا، فإنه من تختم بالعقيق لم يقض له إلا بالذى هو اسعد، وأعله ابن الجوزى بمحمدبن ايوب بن سويد، فإنه يروى الموضوعات عن ابيه وليس بشئ (3) (ومنها) أكثر تختم أهل الجنة بالعقيق (ومنها) لابن عدى عن أنس مرفوعا بلفظ: فإنه ينفى الفقر بدل: فإنه مبارك. زاد: واليمين أحق بالزينة. وجزم فى الميزان بأنه موضوع. وقال ابن عدى: هو باطل (ومنها) ما فى أمالى الحسين بن هارون الضبى عن جعفر بلفظ: من تختم بالعقيق ونقش فيه " وما توفيقى إلا بالله، وفقه الله لكل خير، وأحبه الملكان الموكلان به. وفى سنده ابو سعيد الحسن بن على كذاب (ومنها) لابن حبان فى الضعفاء عن فاطمة مرفوعا: من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا. وفى سنده أبو بكر ابن شعيب لا يحل الاحتجاج بحديثه، يروى عن مالك ما لبس من حديثه.
(1) انظر ص 299 ج 1 كشف الخفاء (حرف المثناة الفوقية).
(2)
انظر ص 299 منه. و (ينفى الفقر) قال بعضهم يريد أنه اذا ذهب ماله فباع خاتم الزمرد وجد فيه غنى والأشبه ان صح الحديث أن يكون لخاصية فيه، وتقدم نحوه بص 203.
(3)
انظر ص 299، 300 ج 1 - كشف الخفاء (حرف المثناة الفوقية) و (اشتر له) اى لشخص سئل عنه.
ورواه الطبرانى فى الأوسط وغيره بطرق وكلها باطلة. ومن ثم قال العقيلى: لا يثبت فى هذا عن صلى الله عليه وعلى آله وسلم شئ وذكره ابن الجوزى فى الموضوعات أهـ مخلصا (1)
(هـ) وقال يعقوب بن الوليد المدنى عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة مرفوعا: تختموا بالعقيق فإنه مبارك. اخرجه العقيلى وقال: لا يثبت فى هذا عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم شئ. ذكره ابن الجوزى فى الموضوعات وذكر حمزة بن الحسن الإصبهانة فى كتابه التنبيه على حروف من التصحيف إن كثيرا من رواة الحديث يروونه تختموا بالعقيق وإنما تخيموا بالتحتية بالعقيق وهو اسم واد قرب المدينة (قال) ابن الجوزى: وهذا بعيد وقائل هذا أحق أن ينسب اليه التصحيف، لما ذكرنا فى طرق هذا الحديث (2).
(وقال) الحافظ بن حجر فى تلخيص مسند الفردوس: ويؤيد قول حمزة ما أخرجه البخارى بلفظ: أتانى جبريل فقال: صل فى هذا الوادى المبارك يعنى العقيق، وقل عمرة فى حجة أهـ قاله السيوطى فى اللالئ (3).
(وقال) فى كشف الخفاء: وهذا الوصف ثبت لوادى العقيق فى الحديث الذى أخرجه البخارى فى الحج عن ابن عباس يقول: أمه سمع عمر يقول: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم بوادى العقيق يقول: أتانى آت من ربى فقال ك ثل فى هذا الوادى المبارك وقل عمرة فى حجة أهـ قال فى المقاصد " وما روى " المطرزى فى اليواقيت عن إبراهيم الحربى أنه سئل عنه فقال: إنه صحيح. ويروى ايضا " تخيموا " بالمثناه التحتية، أى اسكنوا العقيق واقيموا به " فغير " معتمد بل المعتمد بطلانه اهـ (4)
(1) انظر ص 300 ج 1 - كشف الخفاء (المثناه الفوقية).
(2)
انظر ص 300، 301 ج 1 منه.
(3)
انظر ص 146 ج 2 - اللالى (اللباس).
6 -
ما قيل فى النعل:
(قال) فى كشف الخفاء: من لبس نعلا أصفر قل همه. رواه العقيلى والطبرانى والخطيب عن ابن عباس موقوفا لكن بلفظ: لم يزل فى سرور مادام لابسها بدل قل همه. وقال ابن ابى حاتم: سالت ابى عنه. فقال: كذب موضوع وعزاه فى الكشاف لعلى باللفظ الأول. وكأن المأخذ قوله تعالى: {صفراء صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} (1)
7 -
ما قيل فى طى الثياب:
قد قيل فيه عدة أحاديث كلها ضعيفة (منها) ما تقدم فى بحث " طى الثياب "(2)(ومنها) حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اطووا ثيابكم ترجع اليها ارواحها، فإن الشيطان إذا وجد ثوبا مطويا لم يلبسه، وإذا وجده منشورا لبسه. أخرجه فى الأوسط وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو وضاع (3) (وقال) السخاوى فى المقاصد: إسناده واه (وقال) ابن الجوزى: حديث لا يصح
(ومنها) حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: طى الثوب راحته، أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس (قال) ابن الجوزى: لا يصح وفيه أيضا عمر بن موسى الوجيهى (4)(وعن جابر) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله
(1) انظر ص 301 ج 1 - كشف الخفاء (المثناة الفوقية).
(2)
انظر ص 276 ج 2 كشف الخفاء (حرف الميم) والآية رقم 69 - البقرة.
(3)
انظر ص 192.
(4)
انظر ص 135 ج 5 مجمع الزوائد (طى الثياب) وص 48 ج 2 كشف الخفاء (حرف الطاء المهملة) و (ترجع اليها ارواحها) يعنى تبقى فيها قوتها، شبيهها بذوات الارواح.
وسلم قال: الشياطين يستمتعون بثيابكم، فإذا نزغ أحدكم ثوبه فليطوه حتى ترجع إليها أنفاسها (1) فإن الشياطين لا تلبس ثوبا مطويا، أخرجه ابن عساكر وضعفه السيوطى (وذكر) فى كشف الخفاء حديثى جابر الأولين وحديث عائشة المتقدم فى بحث " طى الثياب " وقال: جميعها واهية، وكذا ما اشتهر على بعض الألسنة: اطووا ثيابكم بالليل لا يلبسها الجن تتوسخ، بل قال فى المقاصد: لم اره، وفى كلام بعضهم، اطوونى ليلا أجملكم نهار أهـ (2)
تنبيهات
الأول: اشتمل هذا الجزء عل أدلة الأحكام من الكتاب مضبوطة مفسرة مبينا مرجعها.
الثاني: اشتمل على (أ) 378 ثمانية وسبعين وثلثمائة حديث المكرر منها 33 ثلاثة وثلاثون حديثا
(ب) واشتمل على 62 اثنين وستين أثرا المكرر منها أربعة.
الثالث: قد بين بها مش هذا الجزء أهم المراجع التي استعين بها في تخريج أدلته ومراجع النصوص العلمية فلينظر بيانها بصحتي 375، 276 من الجزء السابع من الدين الخالص. والله تعالى ولى التوفيق والهداية. والصلاة والسلام على من أنزل عليه الكتاب وعلى اله والأصحاب، والتابعين لهم بأحسان الى يوم الدين.
تم بحمد الله تعالى وحسن توفيقه الجزء السادس من الدين الخالص
ويليه ان شاء اللهخ تعالى الجزء السابع، وأوله الجنائز
(1) انظر ص 48 ج 2 كشف الخفاء (حرف الطاء المهملة) و (راحته) أى من انتهاك الشياطين له ولبسها غياه، أو شبهة فى طية يرجل يكون فى عمل فإذا فرغ منه استراح.
(2)
لم نعثر على مرجعة بهذا اللفظ والضمير فى أنفاسها الى الثوب. والقياس حتى يرجع اليه نفسه. ولعلالتأنيث من بعض الرواة.