الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الرابع)
اللباس
معلوم أن ستر العورة فرض ولا سيما فى الصلاة. وأن التجمل للصلاة مطلوب ولا سيما للجمعة والعيدين. ولذا عقب الكلام على أحكام الصلاة بذكر يحث اللباس. والكلام فيه ينحصر فى ثمانية وعشرين فرعا.
1 -
حكم اللبس:
اللباس تعتريه أحكام خمسة:
(أ) فرض وهو ما يستر العورة ويدفع الحسر والبرد. قال الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ زِينَتَكُمْ خُذُوا عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} 31 - الأعراف أى ما يستر عورتكم عند الصلاة.
والإنسان لا يتحمل الحر والبرد، فيحتاج إلى دفع ضررهما باللباس. قال تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ} (1) أى البرد.
(ويكون) من قطن أو كتان أو صوف أو غيرها مما يحل، وقد لبس النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصوف وغيره (روى) الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى شملة قد عقد عليها. أخرجه ابن ماجه (2){74} وخالد لم يلق عبادة ولم يسمع منه. والأحوص ضعيف.
(وقال) المغيرة بن شعبة: وضأت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم
(1) من آية 81 - النحل وصدرها: والله جعل لكم مما خلق ظلالا.
(2)
انظر ص 191 ج 2 سنن ابن ماجه (اللباس) و (الشملة) كساء بتغطى به وتلفف فيه (قد عقد عليها) لئلا يسقط من الصغر.
وعليه جبة من صوف شامية ضيقة الكمين (الحديث) أخرجه الترمذى (1){75}
(وقال) أبو بردة: دخلت على عائشة فأخرجت إلينا كساء ملبدا وإزارا غليظا فقالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى هذين. أخرجه الستة إلا النسائى (2){76}
(ب) ومستحب وهو ما يحصل به اصل الزينة وإظهار النعمة (قال) تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (وعن) ابى الأحوض عن أبيه قال: دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فرآنى سيئ الهيئة. فقال: ألك من شئ؟ قلت: نعم. من كل المال قد آتانى الله تعالى، فقال: إذا كان لك مال فلير عليك. أخرجه النسائى (3){77} (وعن) ابن عمر وأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحب أن يرى اثر نعمته على عبده. أخرجه الحاكم والترمذى وحسنه (4){78}
(جـ) ومباح وهو الثوب الجميل للتزين ولا سيما فى الجمع والأعياد ومجامع الناس " لحديث " محمد بن يحيى بن حبان (بفتح الحاء) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة غير ثوبى مهنته. أخرجه أبو داود والبيهقى. وأخرجه أبو داود عن يوسف بن عبد الله ابن سلام وأخرجه ابن ماجه عن عائشة أيضا (5){79}
(د) ومكروه وهو اللبس للتكبر والخيلاء " لحديث " عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن النبى صلى الله
عليه وسلم قال: كلوا واشربوا وتصدقوا فى غير إسراف ولا مخيلة. أخرجه أحمد والنسائى والحاكم وابن ماجه
(1) انظر ص 266 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس) وص 270 منه (الخامس فى الصوف) وص 191 ج 2 - ابن ماجه (اللباس).
(2)
انظر ص 266 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس) وص 270 ج 1 (الخامس فى الصوف) وص 191 ج 2 - ابن ماجة (اللباس)
(3)
انظر ص 296 ج 2 مجتبى (ما يستحب من لبس الثياب
(4)
انظر رقم 1880 ص 293 ج 2 فيض القدير.
(5)
انظر ص 265 ج 3 تيسير الوصول (التنزين - اللباس) وص 176 ج 1 - ابن ماجة (الزينة يوم الجمعة)
وعلقه البخارى (1){80} (وعن) ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة. أخرجه البخارى موقوفا (2){81}
(وقال) عبد الله بن عمرو: قلت يا رسول الله أمن الكبر ان يكون لى الحلة فألبسها؟ قال: لا قلت: أمن الكبر ان تكون لى راحلة فاركبها؟ قال: لا، قلت: أمن الكبر أن اصنع طعاما فأدعو أصحابي؟ قال لا، الكبر أن تَشْفَه الحق وتَغْمِضَ الناس. أخرجه أحمد والبراز بسند رجاله ثقات {82} .
(هـ) وحرام على الرجال والخنائى المكلفين المختارين. وهو الحرير، فيحرم على الرجل والخنثى لا المراة لبسه ولو بحائل بينه وبين بدنه " وما قيل " من أنه لا يحرم إلا إذا مس الجلد " فغير " صحيح لا يجوز العمل ولا الفتوى به، لأنه مخالف لعموم الأدلة وهى:
(حديث) ابى أمامة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا. أخرجه أحمد والحاكم (3){83} .
(وحديث) ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إنما يلبس الحرير فى الدنيا من لاخلاقه له فى الآخرة. أخرجه الشيخان والنسائى (4){84} .
(1) انظر رقم 6402 ص 46 ج 5 فيض القدير. وص 198 ج 10 فتح البارى (كتاب اللباس) والمخيلة كعظيمة، الكبر
(2)
انظر رقم 6402 ص 46 ج 5 فيض القدير. وص 198 ج 10 فتح البارى (كتاب اللباس) والمخيلة كعظيمة، الكبر
(3)
انظر ص 133 ج 5 مجمع الزوائد (إظهار النعم واللباس الحسن) و (صفة الحق) من باب تعب جهله. وغمضة من باب ضرب وسمع وفرح، احتقره كاغتصمه وعايه وتهاون بحقه.
(4)
(انظر رقم 8982 ص 211 ج 2 فيض القدير. وص 268 ج 3 تيسير الوصول 0 الحرير تحريمة) و (من لاخلاق (أى لا نصيب (له) من الخير فى الآخرة وهو كناية عن عدم دخول الجنة قال تعالى فى وصف أهل الجنة ولباسهم فيها حرير فمن لبسه فى الدنيا لم يدخل الجنة. ويؤيده (قول) ابن عمر: حدثنى ابو حفص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من لبس الحرير فى الدنيا فلا خلاق له فى الآخرة أخرجه النسائى {85} ص 297 ج 2 مجتبى.
(وحديث) أبى أمامة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة. أخرجه أحمد والشيخان (1){86} .
(وحديث) البراء بن عازب رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الديباج والحرير والإستبراق. أخرجه ابن ماجه (2){87} .
(وحديث) جوبرية بنت الحارث رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وعلى أله وسلم قال: من لبس ثوب حرير فى الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوبا من نار. أخرجه أحمد والطبرانى وفى سنده جابر الجعفى ضعيف وقد وثق (3){88} .
(وما ذكر) خاص بالرجال دون النساء " لحديث " على رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله فى يمينه وذهبا فى شماله ثم رفع بهما يديه فقال إن هذين حرام على ذكور أمتى حل لإناثهم. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجه (4){89} .
(ولحديث) زبد بن أرقم ووائلة بن الأسقع أن النبى صلى الله عليه وسلم
(1)(انظر ص 269 ج 3 تيسير الوصول 0 الحرير - تحريمة)
(2)
انظر ص 195 ج 2 - ابن ماجة (كراهة لبس الحرير) والديباج: ماسداه ولحمته من حرير والإستبراق ما غلظ منه، فذكرهما معه من ذكر الأخص مع الأهم.
(3)
انظر ص 324 ج 6 مسند أحمد وص 141 ج 5 مجمع الزوائد (الحرير والذهب).
(4)
انظر ص 268 ج 3 تيسير الوصول (الحرير - تحريمة) وص 196 ج 2 - ابن ماجة (لبس الحرير والذهب للنساء) و (أن هذين). أى استعمال هذين، فخذف المضاف وأبقى الخبر على إفراده وعلى كل فالمراد أن الحرام لبسهما والأ فاستعمالهما صرفا وإتفاقا وبيعا، جائز للرجال والنساء واستعمال أوانى الذهب واتخاذها حرام على الكل.
قال: الذهب والحرير حل لإناث أمتى وحرام على ذكورها. أخرجه الطبرانى فى الكبير وأبو داود والنسائى وابن ماجه (1){90} .
(قال) ابن المدينى: حديث حسن ورجاله معروفون.
(ولحديث) ابى موسى الشعرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: حُرِّمَ لباس الحرير والذهب على ذكور أمتى وأحل لإناثهم. أخرجه أحمد والأربعة وصححه الترمذى والحاكم وابن خزيمة والطبرانى (2){91} .
" ولقول " أنس: رأيت على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قميص حرير سيراه. أخرجه ابن ماجه (3){92} .
(وعن) أنس أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بردا سيراء قال: والسيراء المضلع بالقز. أخرجه أبو داود (4){93} .
(ففى) هذه الأحاديث دلالة على حل لبس الحرير للنساء وتحريمه على الرجال وهو متفق عليه إن كان الحرير خالصا. وكذا إذا كان غالبا ظاهرا عند جمهور السلف والحلف. فإن الأدلة لم تفرق بين الخاص والمخلوط، ولأن الأقل كالعدم.
(وقال) ابن عباس وجماعة: إنما يحرم الحرير الصافى الذى لا يخالطه غيره.
(1) انظر ص 143 ج 5 مجمع الزوائد (الحرير والذهب).
(2)
انظر ص 392 ج 4 مسند أحمد وص 294 ج 2 مجتبى (تحريم الذهب 9 وص 40 ج 3 تحفة الأحوذى (الحرير والذهب للرجال)
(3)
(انظر ص 196 ج 2 ابن ماجه 0 لبس الحرير والذهب والنساء) و 0 سيراه) بكسر ففتح ممدودا وع من الثياب فيه خطوط يخالطه حرير.
(4)
انظر ص 50 ج 4 سنن أبى داود (الحرير للنساء)
(روى) خُصيف بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس قال: إنما نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصْمَت من الحرير. وأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به. أخرجه وأبو داود والبيهقى بسند صحيح كما قال النووى فى شرح المهذب (ولكن) خُصيف ضعفه أحمد وقال: ليس بحجة ولا قوى أهـ ووثقه ابن معين وأبو زرعة (وقال) الحافظ فى التقريب: صدوق سيئ الحفظ خلط بآخره أهـ، وأخرجه الطبرانى بسند حسن والحاكم بسند صحيح. عن ابن جريح عن عكرمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إنما نهى النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم عن المصمت إذا كان حريراً (1){20}
(وعن) عبد الله بن سعد عن أبيه قال: رأيت رجلا ببخارى على بغلة بيضاء، عليه عمامة خز سوداء فقال: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أخرجه أبو داود (2){94} .
(قال) ابن الأثير فى النهاية: الخز ثياب تنسج فى صوف وإبريسم. وهى مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهى عنها لأجل التشبه بالعجم وزى المترفين.
(وقال) القاضى عياض: الخز ما خلط من الحرير والوبر.
وأجاب الجمهور (أ) عن اثر ابن عباس بأنه يحتمل أن يراد بالمصمت فيه الخالص أو ما غالبه حرير، بدليل قوله: وأما العلم وسدى الثوب فلا باس به.
(ب) وعن حديث عبد الله بن سعد عن أبيه " بأن قول " الرجل فى عمامة
(1) انظر ص 49 ج 2 سنن أبى داود (الرخصة فى العلم وخيط الحرير 9 وص 145 ج 5 مجمع الزوائد (استعمال الحرير لعله) والمصمت، بضم فسكون ففتح، الخالص والسدى بفتح السين وقد تضم، ما يمد طولا فى النسج، واللحمة، بضم اللام وفتحها ما ينسخ عرضا.
(2)
انظر ص 45 ج 4 سنن ابى داود (فى الخز) و (رجلا) هو عبد الله بن خازن بالخاء المعجمة والزاى، كنيته أبو صالح. قيل إن له صحبة.
الخز: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " لا يستلزم " جواز لبسه إياها، لجواز أن يكون النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلمها له ليجعلها خماراً لبعض نسائه كما وقع نظيره لعمر وعلىّ وأسامة بن زيد رضى الله عنهم كما سيأتى. ويحتمل أن تكون تلك العمامة متخذة من حرير وغيره وليس الحرير غالبا. أو متخذة من وبر الأرنب كما قيل فى الخز.
(ومن هذا) تعلم حرمة لبس القطانى والأحزمة المتخذة من الحرير الخالص أو الغالب. وقد تغالى بعضهم فاتخذ منه جبة أو عبارة أو قميصاً أو طيلسانا على الرأس أو غير ذلك. وسكت على هذا كثير من أهل العلم. يل استعمله بعضهم فاغتر بهم كثير من القاصرين الجاهلين واقتدى بهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(قال) النووى فى شرح مسلم: وأما لبس الحرير والإستبرق والديباج والقسى وهو نوع من الحرير، فكله حرام على الرجال سواء لبسه للخيلاء أو غيرها إلا أن يلبسه للحكة فيجوز فى السفر والحضر. وأما النساء فيباح لهن لبس الحرير بجميع أنواعه، وخواتم الذهب وسائر الحلى منه ومن الفضة سواء المزوّجة وغيرها والشابة والعجوز والغنية والفقيرة. هذا مذهبنا ومذهب الجماهير انظر 32 ص 14 ج شرح مسلم.
2 -
زر الطربوش:
ومن الحرير المحرم على الرجال زر الطربوش، فإن الأدلة عامة فى تحريم الحرير على الرجال ولم يستثن النبى صلى الله عليه وسلم منه إلا مقدار الأربع الأصابع فاقل كما سيأتى وليس منها زر الطربوش. وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.
(قال) الشيخ عوض فيما كتبه على الخطيب شرح أبى شجاع (فرع) زر الطربوش حرام وقيل حلال أهـ (وقال) المدابغى: يحرم زر الطربوش أهـ فتراهما قد نصا على تحريمه عملا بالدليل. ولا غيرة بما قيل بحله، لعدم ما يدل عليه ومن ادعى حله فعلية الدليل وإلا فلا يقبل قوله.
(وقال) الشيخ منصور الحنبلى فى شرح المنتهى: وحرم الأكثر استعماله.
(أى الحرير) مطلقا، فيدخل فيه تكة وشرَّابة مفردة وخيط سبحة أهـ ويعلم منه حرمة زر الطربوش بالأولى.
(ولذا) افتى المرحوم الشيخ سليم البشرى الإسلام وغيره من علماء المذاهب الأربعة بتحريم زر الطربوش إذا كان من الحرير.
(فقد سئلوا) بما نصه: هل زر الطربوش المعروف لبسه حرام أو مكروه أو جائز؟ فإن قلتم بالكراهة أو الجواز فما الدليل؟ (فأجاب)(أ) الأستاذ الشيخ محمد طموم المالكى أمين الفتوى للأستاذ الجليل الشيخ سليم البشرى شيخ الجامع الأزهر سابقا بقوله: لبس الحرير الخالص حرام على الذكور المكلفين، لما رواه ابن ماجه بسنده عن حذيفة رضى الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن لبس الحرير والذهب (1){95} وروى أيضا بسنده عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة (2){96} . وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة فى تحريم الحرير إلا ما ستثنى كالعلم فى الثوب قدر اربع اصابع، والسجاف والخباطة به وراية الجهاد وخيط السبحة وستر السقف والحائط به بشرط ألا يستند إليه الرجل. ولم يستثنوا زر الطربوش فهو حرام إذا كان من خالص الحرير أهـ.
ولما اطلع على هذا الجواب شيخ الإسلام الشيخ سليم البشرى كتب ما نصه: ما كتبه العلامة الشيخ محمد كموم هو الحق الذى لا شك فيه أهـ.
(ب) وأجاب العلامة الشيخ محمد حسين الشافعى بقوله: وأما استعمال زر الطربوش فهو حرام، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة. أخرجه ابن ماجه وغيره من أصحاب السنن. وروى
(1) انظر ص 195 ج 2 - ابن ماجه (كراهية لبس الحرير) وحديث أنس أخرجه ايضا أحمد والشيخان والنسائى انظر رقم 9003 ص 218 ج 6 فيض القدير.
(2)
انظر ص 195 ج 2 - ابن ماجه (كراهية لبس الحرير) وحديث أنس أخرجه ايضا أحمد والشيخان والنسائى انظر رقم 9003 ص 218 ج 6 فيض القدير.
أيضا بسنده عن حذيفة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والذهب أهـ وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة فى تحريم لبس الحرير بجميع أنواعه وأصنافه.
(جـ) وأجاب العلامة الشيخ محمود الشنقيطى بما نصه: لبس زر الطربوش الحرير حرام، فيجب على المكلف البعد عنه، فقد روى ابن ماجه فى سننه بسنده عن على بن ابى طالب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حريراً بشماله وذهبا بيمينه، ثم رفع بهما يديه فقال: إنى هذين حرام على ذكور أمتى حلال لإناثهم (1){97} ولبس زر الطربوش غير الحرير من الهذيان والعبث المطلوب تركه لا على جهة الوجوب أهـ.
3 -
استعمال الحرير بغير اللبس:
وكما يحرم على الرجال لبس الحرير يحرم عليهم استعماله بغيره من أنواع الاستعمال فيحرم جعله وسادة أو لحافا أو تكة للسراويل أو سترا أو ملاءة " لحديث " حذيفة رضى الله عنه: قال نهانا النبى صلى الله عليه وسلم أن نشرب فى آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها: وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه. أخرجه البخارى (2) {98} " ولقول " على رضى الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن لبس القسىّ وعن جلوس على المياثر. أخرجه أحمد ومسلم والثلاثة بألفاظ مختلفة (3){99}
(1)(تقدم رقم 89 ص 176 وص 226 ج 10 فتح البارى 0 افتراض الحرير)
(2)
(تقدم رقم 89 ص 176 وص 226 ج 10 فتح البارى 0 افتراض الحرير)
(3)
انظر ص 80 ج 1 مسند أحمد وصدره: نهانى عن ثلاثة وص 72 ج 14 نووى مسلم (تحريم خاتم الذهب على الرجال) وص 47 ج 4 سنن أبى داود وص 294 ج 2 مجتبى (النهى عن لبس خاتم الذهب) وص 50 ج 3 تحفة الأحوذى (كراهية خاتم الذهب 9 والقسى، بفتح القاف وقد تكسر وشد السين المهملة المكسورة ثياب مخططة بالحرير تعمل بالقسى، موضع بمصر على ساحل البحر قريب من دمياط. (وقيل) هى ثياب مخلوطة بالحرير، وقيل ثياب من القز. وهو ردئ الحرير ن فابدلت الزاى سينا. و (المياثر) فراش صغير يتخذ من حرير يحشى بقطن أو صوف يضعها الراكب على البعير فوق الرحل ز فإن كانت من الحرير كما هو الغالب فهى حرام وهى عند مسلم فقط.
ولأنه فعل الأكاسرة (وقد) قال عمر رضى الله عنه: إياكم وزى الأعاجم. أخرجه ابن حبان (وقال) سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه: لأن أتكئ على جمر الغضى (1) أحب إلى من أن أتكئ على مرافق الحرير.
" ولقوله" صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى حديث على رضى الله عنه: إن هذين حرام على ذكور أمتى، حلال لإناثهم. فإنه بعمومه يشمل الجلوس والاتكاء وغيرهما أنواع الاستعمال.
(وبهذا) قالت المالكية والشافعية وأبو يوسف ومحمد. وهو مشهور مذهب الحنبلية.
(وقال) أبو حنيفة: لا بأس بافتراش الحرير والنوم عليه واتخاذ الوسائد والمرافق والبسط والستور منه إذا لم يكن فيها تماثيل. وبه قال القسم وابن الماجشون. وروى عن ابن عباس وأنس (روى) وكيع عن مسعر عن راشد مولى بنى تميم قال: رأيت فى مجلس ابن عباس مرفقة حرير.
(وقال) مؤذن بنى وداعة: دخلت على ابن عباس وهو متكى على مرفقة حرير، ولأن الفراش موضع إهانة.
(قال) الشوكانى فى النيل: واستدل لهم بالقياس على الوسائد المحشوة بالقز إذ لا خلاف فيها. وهذا دليل باطل لا ينبغى التعويل عليه فى مقابلة النص. وقد تقرر بطلان القياس فى مقابلة النص، وأنه فاسد الاعتبار، وعدم حجية
(1) الغضى: شجر خشية من اصلب الخشب.
أقوال الصحابة، لا سيما أقوال الصحابة، لا سيما إذا خالفت الثابت عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم (1).
(والحكمة) فى تحريم الحرير على الرجال أنه خلق فى الأصل للنساء كالحلية بالذهب، فحرم على الرجال لما فيه من مفسدة تشبه الرجال بالنساء. وقيل: حرم لما يورثه من الفخر والخيلاء والعجب. وقيل: حرم لما يورثه للبدن لملامسته من الأنوثية والتخنث وضد الشهامة والرجولية. فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث، ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه فى الأكثر إلا وعلى شمائلة من التخنث والتأنيث والرخاوة ما لا يخفى، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم رجولية، فلابد أن ينقصه لبس الحرير منها وإن لم يذهبها، ولهذا كان أصح القولين أنه يحرم على الولى أن يلبسه الصبى لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث. أفاده ابن القيم (2).
4 -
اللباس المخلوط وليس الحرير غالبا:
إن كان الحرير مساويا لغيره أو أقل كالخز، سداه حرير ولحمته من غيره فعند الحنفيين يحل استعماله للرجال ولو كانت اللحمة أقل من السدى على الصحيح، وقيل: لا يحل إلا إذا غلبت اللحمة، وهو الصحيح عند الشافعية والحنبلية (لما) تقدم عن ابن عباس أنه قال: إنما نهى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الثوب المصمت من الحرير. فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا باس به. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى (3).
وقال النووى: وإذا كان بعض الثوب حريرا وبعضه غيره ونسج منهما،
(1) انظر ص 78 ج 2 نيل الأوطار (افتراش الحرير كلبسة).
(2)
انظر ص 89 ج 3 زاد المعاذ (منافع الحرير الطبية)
(3)
تقدم أثر 20 ص 125 (دليل حل الحرير غير الصافى).
ففيه طريقان " أحدهما " إن كان الحرير ظاهرا يشاهد، حرم وإن قل وزنه، وإن استتر لم يحرم وإن كثر وزنه، لأن الخيلاء والمفاخرة إنما تحصل بالظاهر (والطريق) الثانى هو الصحيح المشهور أن الاعتبار بالوزن. فإن كان الحرير أقل وزنا حَلْ، وإن كان أكثر حرم. وإن استويا فوجهان، الصحيح الحل لأن الشرع إنما حرم ثوب الحرير وهذا ليس بحرير أهـ بتصرف (1) وهذا مذهب أحمد.
(وعند) المالكية فى المخلوط بالحرير وغيره مساو أو أكثر، قول بالجواز وقول بالكراهة، وقول بالحرمة واختاره بعضهم، لما ثبت عن كثير من الصحابة مما يدل على تحريم المخلوط بالحرير (قال) ابن عمر: رأى عمر عُطاردا التميمى يقيم بالسوق حلة سيراء، وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم. فقال عمر: يا رسول الله إنى رأيت عطاردا يقيم فى السوق حلة سيراء، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك، وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إنما يلبس الحرير فى الدنيا من لا خلاق له فى الاخرة. فلما كان بعد ذلك أتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحلل سيراء فبعث إلى عمر بحلة. وبعث إلى أسامة بن زيد بحلة وأعطى على بن أبى طالب حلة (قال) شققها خمرا بين نسائك، فجاء عمر بحلته يحملها فقال: يار سول الله بعثت إلىّ بهذه وقد قلت بالأمس فى حلة عطارد ما قلت، فقال: إنى لم أبعث بها إليك لتلبسها، ولكنى بعثت بها إليك لتصيب بها، وأما أسامة فراح فى حلته فنظر إليه رسول الله نظرا عرف أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أنكر ما صنع، فقال يا رسول الله ما تنظر
(1) انظر ص 438 ج 4 شرح المهذب (تفصيل القول فيما إذا كان بعض الثوب إبريسما وبعضه قطنا).
إلى؟ فأنت بعثت إلىَّ بها، فقال: إنى لم أبعث إليك لتلبسها ولكنى بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين نسائك. أخرجه مسلم والبيهقى (1){100}
(وقال) على رضى الله عنه: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حلة مكفوفة بحرير، إما سداها وإما لحمتها، فأرسل بها إلىّ فأتيته فقلت: يا رسول الله ما أصنع بها؟ ألبسها؟ قال لا، ولكن اجعلها خمراً بين الفواطم أخرجه ابن ماجه (2){101} .
(ورجح) الشوكانى هذا حيث قال بعد ذكر هذه الأحاديث: وقد عرفت مما سلف الأحاديث الواردة فى تحريم الحرير على الرجال بدون تقييد. فالظاهر منها تحريم ماهية الحرير عليهم، سواء أوجدت منفردة أم مختلطة بغيرها، ولا يخرج عن التحريم إلا ما استثناه الشارع من مقدار الأربع الأصابع من الحرير الخالص، وسواء أوجد ذلك المقدار مجتمعنا كما فى القطعة الخالصة أم مفرّقا كما فى الثوب المشوب (وحديث) ابن عباس، لا يصلح لتخصيص تلك العمومات ولا لتقييد تلك الإصلاقات لما عرفت " ولا متمسك " للقائلين بحل المشوب إذا كان الحريرمغلوبا " إلا قول " ابن عباس فيما أعلم (فانظر) أيها المنصف، هل يصلح جعله جسراً تذاد عنه الأحاديث الواردة فى تحريم مطلق الحرير ومقيدة؟ وهل ينبغى التعويل عليه فى مثل هذا الأصل العظيم؟ مع ما فى إسناده
(1) انظر ص 39 ج 14 نووي مسلم (تحريم الذهب والحرير علي الرجال) و " ويقيم حلة " أي يعرضها للبيع " وسيراء" بكسر ففتح نوع من الثياب يخالطه حرير كالسيور و " من لا خلاق ط أى لا نصيب ط له " فى لبس الحرير "فى الاخرة "
(2)
انظر ص 196 ج 2 - ابن ماجة (لبس الحرير والذهب النساء)" وخمرا " بضم الميم ويجوز إسكانها جمع خمار، وهو ما يوضع على راس المراة و " الفواطم " فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج على ن وفاطمة بنت أسد أمه، وفاطمة بنت شيبة.
من الضعف الذى يوجب سقوط الاستدلال به على فرض تجرّده عن المعارضات (فإن) قلت قد صرح الحافظ بن حجر أن عمدة من يقول بجواز لبس ما خالطة الحرير إذا كان غير الحرير أغلب ما وقع فى تفسير الحلة السِّيراء (قلت) ليس فى أحاديث الحلة السِّيرَاء ما يدل على أنها حلال، بل جميعها قاضية بالمنع منها، كما فى حديث عمر وعلى وغيرهما مما سلف (فإن) فسرت بالثياب المخلوطة بالحرير كما قال جمهور أهل اللغة. كانت حجة عليهم لا لهم، وإن فسرت بأنها الحرير الخالص، فأى دليل فيها على جواز لبس المخلوط؟ وهكذا إن فسرت بسائر التفاسير المتقدمة.
(والحاصل) أنه لم يأت المدعون للحل بشئ تركن النفس إليه، وغاية ما جادلوا به أنه قول الجمهور، وهذا أمرهين (والحق) لا يعرف بالرجال أهـ بتصرف (1).
5 -
ما يباح من الحرير:
يحل للرجال اليسير من الحرير، بأن كان قدر أربع أصابع مضمومة فأقل كعلم الثوب والطراز والقيطان والسجاف لإصلاح الثوب، سواء أكان مركبا عليها أم منسوجا فيها أم مصنوعا بالإبرة " لقول " سويد بن غفلة: خطب عمر رضى الله عنه بالجابية فقال: نهى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبع أو أصبعين أو ثلاث أو أربع، أخرجه أحمد ومسلم والترمذى وقال هذا حديث حسن
(1) انظر ص 84، 85 ج 2، نيل الأوطار (اقوال العلماء فى لبس الثوب المسوب بالحرير).
صحيح (1){102} " ولقول " عبد الله مولى أسماء بنت أبى بكر: أخرجت إلىّ أسماء جُبَّةَ طيالسة عليها لبنة شبرد من ديباح كسروانى، وفرجاها مكفوفان به، قالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يلبسها، كانت عند عائشة فلما قبضت عائشة قبضتها إلىّ، فنحن نغسلها للمريض منا يستشفى بها. أخرجه أحمد ومسلم (2){103} .
والمتبادر أن المراد قدر أربع الأصابع عرضا وإن زاد الطول. والمراد بالعلم ما كان من خالص الحرير نسجا أو خياطة. والظاهر أنه لا فرق بينه وبين المطرف وهو ما جعل طرفه مسجفا بالحرير فى أنه يتقيد بأربع أصابع وهذا متفق عليه.
(قال) العلامة ابن عابدين فى رد المختار: وعلم الثوب رقمه وهو الطراز والمراد به ما كان من خالص الحرير نسجا أو خياطة. وظاهر كلامهم أنه لا فرق بينه وبين المطرف - وهو ما جعل طرفه مسجفا بالحرير - فى أنه يتقيد بأربع أصابع، خلافا للشافعية حيث قيدوا المطرز بالأربع الأصابع،
(1) انظر ص 51 ج 1 مسند أحمد وص 269 ج 3 تيسير الوصول (ما ابيح من ذلك) اى من الحرير. وص 40 ج 3 تحفة الأحوذى (الحرير والذهب للرجال) و " الجابية " قرية بدمشق.
(2)
انظر ص 347 ج 6 مسند احمد. وص 43، 42 ج 14 نووى مسلم (تحريم الذهب والحرير على الرجال وغباحته للنساء) و " طيالسة " جمع طيلسان، وهو كساء غليظ و " لينة" بكسر فسكون أى رقعة فى جيب القميص. وكان عرضها شبرا. فشبر صفة للبنة و " الديباج " ما غلظ من الحرير و " كسروانى " بقتح فسكون " نسبة على كسرى ملك الفرس على غير قياس. والقياس كسر الكاف و " فرجاها " ثنية فرج وهو الشق أسفل الثوب ز و " المكفوف ط ما جعل له كبة بضم الكاف، وهو ما يكف به جوانبها ويعطف عليها، والمعنى أن شقى الجبية اللذين فى اسفلها مكفوفان بالحرير.
وبنوا المطرف على العادة الغالبة فى كل ناحية وإن جاوز أربع أصابع، فالمراد بالعلم عندنا ما يشملهما، فيدخل فيه السجاف وما يخاط على أطراف الأكمام وما يجعل فى طوق الجبة، وهو المسمى قبة، وكذا العروة والزور كما سيأتى.
ومثله فيما يظهر طرة الطربوش أى القلنسوة ما لم تزد على عرض أربع أصابع وكذا بيت تكة السراويل وما علا أكتاف العباءة وعلى ظهرها وما فى أطراف الشاش، سواء أكان تطريزا بالإبرة أم نسجا، فجميع ذلك لا بأس به إذا كان عرض أربع أصابع، وإن زاد على طولها بناء على مامر، ومثلة لورقع الثوب بقطعة ديباج بخلاف مالوجعلها حشوا.
(قال) فى الهندية: ولو جعل القز حشوا للقباء فلا بأس به، لأنه تبع ولو جعلت ظهارته أو بطاتنه فهو مكروه، لأن كليهما مقصود، كذا فى محيط السرخسى وفى شرح القدروى عن أبى يوسف: أكره بطائن القلانس من إبريسم أهـ. وعليه فلو كانت قية الجبة أكثر من عرض أربع أصابع كما هو العادة فى زماننا فخيط فوقها قطعة كرباس ن يجوز لبسها، لأن الحرير صار حشوا، تأمل (1).
(وقال) النووى فى المجموع: يجوز لبس المطرز بشرط ألا يجاوز طراز الحرير أربع أصابع، فإن زاد عليها فحرام للحديث السابق، ويجوز لبس الثوب المطرز والمجيّب ونحوهما بشرط ألا يجاوز العادة فيه، فإن جاوزها حرم بالاتفاق. ولو رقع ثوبه بديباج فهو كتطريزة، ولو خلط ثوبا بإبريسم جاز لبسه بلا خلاف، بخلاف الدرع المنسوجة بذهب قليل، فإنها تحرم لكثرة الخيلاء فيه. ولو اتخذ سبحة فيها خيط حرير لم يحرم استعمالها. لعدم الخلاء، ولو اتخذ جبة من غير الحرير وحشاها حريرا أو حشاء القباء (أى القفطان) والمخدة ونحوها، جاز استعمالها، ونقل إمام الحرمين الاتفاق عليه، وقال:
(1) انظر ص 248 ج 5 رد المحتار (اللبس) و " كرباس " بكسر فسكون أى قطن.
ظاهر كلامهم أنه لو لبس ثوبا ظهارته وبطانته قطن وفى وسطه حرير منسوج جاز. وفيه نظر واحتمال أهـ ملخصا (1).
6 -
لبس الحرير لضرورة:
يجوز لبس الحرير لحاجة كحكة أو قمل أو مرض ينفعه لبس الحرير " لقول " أنس: رخص النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم للزبير وعبد الرحمن بن عوف فى لبس الحرير لحكة بهما، أخرجه السبعة ولفظ الترمذى: شكو إلى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم القمل فرخص لهما فى قُمص الحرير فى غزاة لهما (2){104}
وهو مشهور مذهب الشافعية والحنبلية وظاهر مذهب الحنفيين. وبه قال ابن حبيب المالكى، ومثل الحكة غيرها من الأمراض التى ينفع فيها لبس الحرير.
(وقال) ابن الصلاح: يرخص لبس الحرير للحكة والقمل فى السفر فقط، لظاهر قول أنس: رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد الرحمن بن عوف وللزبير بن العوام فى قمص الحرير فى السفر من حكة كانت بهما. أخرجه أبو داود (3){105} ، ولأن السفر شاغل عن المعالجة وتفقد الثياب وغيرهما.
(1) انظر ص 348 ج 4 شرح المهذب (تفصيل القول فى الثوب بعضه حرير وبعضه قطن).
(2)
انظر ص 269 ج 3 تيسير الوصول (ما أبيح من ذلك) وص 196 ج 2 سنن ابن ماجه (من رخص له فى لبس الحرير).
(3)
انظر ص 50 ج 4 سنن ابى داود (لبس الحرير لعذر).
(وقال) مالك: لا يجوز لبس الحرير مطلقا سفرا وحضرا لحكة ونحوها وهو قول الحنبلية (وأجابوا) عن الحديث باحتمال أن يكون الترخيص خاصا بابن عوف والزبير، لكن الأصل عدم الخصوصية، ولا دليل هنا على التخصيص.
(قال) النووى فى المجموع: يجوز لبس الحرير للحكة وللجرب ونحوه، هذا هو المذهب، وفيه وجه أنه لا يجوز وليس بشيئ ، ويجوز لدفع القمل في السفر والحضر ، وفيه وجه أنه لا يجوز إلا في السفر ، واختاره الشيخ أبو عمرو بن صلاح ، لأنه ثبت في روايه في الصحيحين قي هذا الحديث ، أرخص لهما في ذلك السفر ، والصحيح المشهور جوازه مطلقا ، وبه قطع كثيرون واقتضاه إطلاق الباقين أهـ بتصرف واحد (1).
(وقال) ابن القيم هذا الحديث (حديث أنس) يتعلق به أمران فقهي وطبي. فأما الفقهي فالذي استقرت عليه سنته صلي الله عليه وعلي آله وسلم إباحة الحرير للنساء مطلقا وتحريمه علي الرجال إلا للحاجه ومصلحة راجحه ، فالحاجه كأن لا يجد ما يستر به عورته سواه (ومنها) إلباسه للمرض والحكة وكثرة القمل كما دل عليه حديث أنس، والجواز أصح الروايتين عن الإمام أحمد وأصح قولى الشافعى، إذ الأصل عدم التخصيص، والرخصة إذا ثبتت فى حق بعض الأمة لمعنى، تعدت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى، إذ الحكم يعم بعموم سببه، ومن منع منه قال: أحاديث التحريم عامة، وأحاديث الرخصة تحتمل اختصاصا لعبد الرحمن بن عوف والزبير، أى ويحتمل تعديها إلى غيرهما وإذا احتمل الأمران، كان الأخذ بالعموم أولى. والصحيح عموم الرخصة فإنه عرف خطاب الشرع فى ذلك ما لم يصرح بالتخصيص كقوله صلى الله
(1) انظر ص 441 ج 4 شرح المهذب (يجوز لبس الحرير لحكة ونحوها).
عليه وسلم لأبى بردة: اذبحها ولا تصلح لغيرك (1) ولقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فى نكاح من وهبت نفسها له {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ} من آية 5 الأحزاب.
وتحريم الحرير إنما كان سداً للذريعة، ولهذا أبيح للنساء وللحاجة والمصلحة الراجحة، وهذه قاعدة ما حرم لسد الذرائع فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة، كما حرم النظر سدا لذريعة الفعل، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة، وكما حرم التنفل بالصلاة فى أوقات النهى سدا لذريعة المشابهة الصورية بعباد الشمس، وأبيحت للمصلحة الراجحة أهـ بتصرف (2).
(والحكمة) فى جواز لبس الحرير للحكة والقمل، ما قيل من أن فى الحرير برودة، وقيل إن فيه خاصية تدفع ما تنشا عنه الحكة والقمل.
(فوائد)(الأولى) لو خاف الإنسان على نفسه من حر أو برد أو غيرهما ولم يجد إلا ثوب حرير، جاز لبسه بلا خلاف للضرورة، ويلزمه الاستتار به عن العيون إذا لم يجد غيره بلا خلاف، وكذا فى الخلوة إذا أوجبنا الستر فيها.
…
(الثانية) يجوز لبس الحرير فى الحرب إذا دعت إليه ضرورة بأن لم يجد غيره، أو كان ثخينا لا يقوم غيره فى الحرب مقامه (وبهذا) قال الحنفيون والشافعية (قال) العلامة ابن عابدين فى رد المختار: اعلم أن لبس
(1) هو بعض حديث تقدم رقم 21 ص 14 ج 5 دبن (لا يجزئ فى التضحية الجذع من غير الضأن).
(2)
انظر ص 88، 87 ج 3 زاد المعاد (هدية صلى الله عليه وسلم فى علاج الجسم وما يولد القمل).
الحرير لا يجوز بلا ضرورة مطلقا، فما كان سداه غير حرير ولحمته حريرا، يباح لبسه فى الحرب للضرورة وهى شيئان: التهيب بصورته وهو بريقه ولمعانه، والثانى دفع معرة السلاح أى مضرته، فإذا كان رقيقا لم تتم الضرورة فحرام عند الإمام وصاحبيه (1).
(وقال) النووى فى المجموع: يجوز للرجل لبس الديباج فى حال مفاجأة الحرب والقتال إذا لم يجد غيره، وكذلك يجوز الديباج الثخين الذى لا يقوم غيره مقامه فى دفع السلاح، ولا خلاف فى جوازه فى حال الضرورة. ولا يقال إنه مكروه فلو وجد غيره مما يقوم مقامه فوجهان (الصحيح) تحريمه لعدم الضرورة قياسا على الدرع المنسوجة بالذهب، فإنها لا تحل فى الحرب إلا إذا لم يجد ما يقوم مقامها باتفاق الأصحاب (والثانى) جوازه مع الكراهة، ووجهه القياس على التضبيب فإنه يجوز بالفضة للحاجة وإن وجد نحاسا غيره، ويفرق بينه وبين الدرع المنسوجة بالذهب بأن الحرير يسامح بقليلة كالعلم والجيب ونحوهما وعما دون نصف الثوب أهـ بتصرف (2).
(وهذا) هو المشهور عند الحنبلية. وقيل يجوز لبس الحرير فى الحرب ولو بلا حاجة (قال) أبو محمد عبد الله بن قدامة فى المغنى: فأما لبسه فى الحرب فإن كان فى حاجة إليه كأن كان بطانة لبيضة أو درع ونحوه أبيح. قال بعض أصحابنا: يجوز مثل ذلك من الذهب كدرع مموه بالذهب وهو لا يستغنى عن لبسه وهو محتاج إليه. وإن لم يكن به حاجة إليه فعلى وجهين (أحدهما) يباح، لأن المنع من لبسه للخيلاء وكسر قلوب الفقراء: والخيلاء فى وقت
(1) انظر ص 251 ج 5 رد المختار (اللبس).
(2)
انظر ص 439 ج 4 شرح المهذب (يجوز للرجل لبس الديباج فى حال مفاجأة الحرب إذا لم يجد غير هـ).
الحرب غير مذموم (والثانى) يحرم لعموم الخبر، وظاهر كلام أحمد رحمة الله إباحته مطلقا وهو قول عطاء (1).
(وحاصل) مذهب الحنفيين فى هذا أن ما لحمته حرير وسداه غيره لا يحل إلا فى الحرب صفيقا يحصل به اتقاء العدو، فلو كان رقيقا حرم لعدم الفائدة ولا يجوز لبس الحرير الخالص فى الحرب عند الإمام، وقال أبو يوسف ومحمد يجوز لو كان صفيقا، لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى الحرير الخالص فى الحرب. ورخص فى لبس الخز والديباج فى الحرب للضرورة، ولأن الخالص منه أدفع لحدة السلاح وأهيب فى عين العدو. وللإمام إطلاق النصوص الواردة فى النهى عن لبس الحرير من غير تفصيل. والضرورة تندفع بالمخلوط فلا حاجة إلى الخالص (وجملة القول) أن صور هذه المسالة ثلاثة.
(أ) ما يكون كله حريرا وهو الديباج لا يجوز لبسه فى غير الحرب اتفاقا وأما فى الحرب فعند الإمام لا يجوز وعندهما يجوز.
(ب) ما يكون سداه حريرا ولحمته غيره، لا بأس به فى الحرب وغيره.
(جـ) ما لحمته حرير وسداه غيره، فهو مباح فى الحرب دون غيره.
(الثالثة) لا بأس بعروة القميص وزره من الحرير وخياطته بخيطه، وجعل خيط السبحة وليقة الدواة وكيس المصحف وغطاء الكتب من الحرير.
(وقال) ابن عابدين فى رد المختار: فيدخل فى العلم السجاف وما يخيط على أطراف الأكمام، وما يجعل فى طوق الجبة وهو المسمى قبة، وكذا العروة والزر (أى زر الصديرى ونحوه) كما سيأتى إن شاء الله، ومثله فيما يظهره طرة الطربوش أى القلنسوة ما لم تزد على عرض أربع أصابع (2).
(1) انظر ص 631 ج 1 مغنى (ما يرخص فيه من الحرير).
(2)
انظر ص 248 ج 5 رد المختار (اللبس).
(والطرة) هى حرف الشئ وجانبه كما فى كتب اللغة. فما كان منسوجا أو مخيطا من الحرير فى طرف القلنسوة الأعلى أو الأسفل، كما هو مشاهد فيما يسمونه طاقية مكية، لا باس به على ما استظهره ابن عابدين، بشرط أن لا يزيد على أربع أصابع.
(وقال) أكثر الحنبلية: النهى عن استعمال الحرير يتناول كل ما ذكر.
(قال) فى شرح المنتهى: وحرم الأكثر استعماله مطلقا فيدخل فيه تكة وشرّابة مفردة وخيط سبحة أهـ.
(الرابعة) لو بسط فوق ثوب الحرير ثوب قطن وجلس عليه، جاز كما لو حشا الجبة والمخدة به، وكما لو بسط على النجاسة ثوبا طاهرا أو جلس على جبة محشوة بالحرير. قاله النووى فى المجموع (1).
7 -
لبس المعصفر والمزعفر:
يجوز للنساء لبس الثياب المصبوغة بعصفر أو زعفران دون الرجال " لقول " على رضى الله عنه: نهانى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب وعن لباس القسى وعن القراءة فى الركوع والسجود، وعن لبس المعصفر. أخرجه أحمد ومسلم والثلاثة، قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح (2){106}
" ولحديث " جبير بن نفير أن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله
(1) انظر ص 454 ج 4 شرح المهذب (المسألة السادسة).
(2)
تقدم بلفظ آخر رقم 99 ص 128 (استعمال الحرير بغير اللبس) وما هنا لفظ الثلاثة.
صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين. فقال: هذه ثياب الكفار فلا تلبسها أخرجه أحمد ومسلم والنسائى (1){107}
" ولحديث " طاوس عن عبد الله بن عمرو قال: رأى النبى صلى الله عليه وسلم علىّ ثوبين معصفرين فقال: أأمك أمرتك بهذا؟ قلت أغسلهما؟ قال بل احرقها، أخرجه مسلم ورزين (2){108}
" ولحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يتزعفر الرجل. أخرجه الشيخان والنسائى (3){109} .
" ولقول " ابن عمر: نهى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس أو بزعفران. أخرجه البخارى والنسائى وأبو داود (4){110} .
(واختلف) العلماء فى حكم لبس الرجل المعصفر والمزعفر (فقالت) الظاهرية إنه حرام، لظاهر هذه الأحاديث ونحوها، وبه قالت الشافعية فى المزعفر.
(وقال) الحنفيون والحنبلية وجماعة من السلف: يكره لبسهما للرجال حملا للنهى على الكراهة، وهو مشهور مذهب مالك لقول أنس: رأى النبى
(1) انظر ص 162 ج 2 مسند أحمد (مسند عبد الله بن عمرو) وص 53 ج 14 نووى مسلم (النهى عن لبس الرجل الثوب المعصفر) وص 55 منه.
(2)
انظر ص 236 ج 10 فتح البارى (النهى عن المزعفر للرجال) وص 78 ج 14 نووى مسلم وص 294 ج 2 مجتبى (النزعفر) و (يتزعفر)، أى يستعمل الزعفران فى ثوب أو بدن.
(3)
انظر ص 236 ج 10 فتح البارى (الثوب المزعفر) وص 8 ج 2 مجتبى (النهى عن الثياب المصبوغة بالورس والزعفران فى الإحرام) ورقم 100 ص 128 ج 1 تكملة المنهل (ما يلبس المحرم)
(4)
انظر ص 361 ج 2 تيسير الوصول (الوليمة) وفى رواية جاء عبد الرحمن ابن عوف وعليه درع (اثر 9 من زعفران.
صلى الله عليه وسلم على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، فقال ما هذا؟ قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب فقال: بارك الله لك أوْ لم ولو بشأة. أخرجه مالك والخمسة (1){111} .
(وجه) الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ولا أمره بغسله بل دعا له بالبركة، فدل على أن نهيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجال عن التزعفر للكراهة، إذ لو كان للتحريم لما أقره (وأجيب) بأن ما كان على ابن عوف من الزعفران لحقه من امرأته لا أنه وضعه قصداً، ورجحه النووى.
(وروى) عن مالك وجماعة أنه يجوز لبس المزعفر والمعصفر لغير المحرم وروى عن الشافعى فى المعصفر أخذا بحديث ابن عمر المذكور فقد قيد فيه بالمحرم، وحملوا عليه المطلق كحديث أنس، ويؤيده (قول) أم سلمة: ربما صبغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاره وردءاه بزعفران أو ورس. أخرجه الطبرانى بسند فيه مجهول (2){112} .
(وما ثبت) عن ابن عمر أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران، فقيل له لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ فقال: أنى رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. يدهن به ويصبغ به ثيابها كلها. أخرجه أحمد.
(ورد) بأن هذا الحديث فى سنده مجهول فهو ضعيف.
(وروى) عن مالك أنه يكره لبس المعصفر والمزعفر فى المحافل دون البيوت.
(1) انظر ص 128 ج 5 مجمع الزوائد (ما جاء فى الصباغ)
(2)
انظر ص 54، 55 ج 14 نووى مسلم.
(والراجح) القول بحرمة لبسهما مطلقا، لظهور الأدلة السابقة فى الحرمة
(قال) النووى فى المجموع: يحرم على الرجل لبس الثوب المزعفر، ونقل البيهقى وغيره أن الشافعى رحمة الله نهى الشافعى الرجل عن المزعفر واباح المعصفر (قال) الشافعى: إنما رخصت فى المعصفر لأنى لم أجد أحدا يحكى عن النبى صلى الله عليه وسلم النهى عنه إلا ما قال على رضى الله عنه: نهانى ولا أقول نهاكم - قال البيهقى: وقد جاءت أحاديث تدل على النهى على العموم ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال رأنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ثوبان معصفران فقال: هذه ثياب الكفار فلا تلبسها، رواه مسلم فى صحيحه (ثم روى) البيهقى روايات تدل على أن نهى الرجال عن لبسه على العموم، ولو بلغ الشافعى هذا لقال به إن شاء الله تعالى: ثم ذكر بإسناده ما هو مشهور صحيح عن الشافعى قال: إذا كان حديث النبى صلى الله عليه وسلم خلاف قولى فاعملوا بالحديث ودعوا قولى.
(قال البيهقى): قال الشافعى وأنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر قال وآمره إذا تزعفر أن يغسله، قال البيهقى: فتبع السنة فى المزعفر فمتابعتها فى المعصفر أولى. قال وقد كره المعصفر بعض السلف. قال: ورخص فيه جماعة، والسنة أولى بالاتباع. أهـ بتصرف (1).
8 -
لبس الأحمر:
يجوز للنساء لبس الثوب الأحمر الخالص دون الرجال (لقول) عبد الله ابن عمرو: مرَّ على النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل عليه ثوبان أحمران
(1) انظر ص 449 ج 4 شرح المهذب (المسألة الثالثة).
فسلم عليه فلم يرد عليه النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أخرجه أبو داود والترمذى (1){113} وفى سنده أبو يحيى القتات ضعيف لا يحتج بحديثه " ولقول " البراء بن عازب: نهانا النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المياثر الحمر والقسى. أخرجه البخارى والترمذى (2){114} والأحاديث فى هذا كثيرة.
(أما) الثوب المشوب بالأحمر وغيره كبياض وسواد وغيرهما فإنه جائز للرجال والنساء. وعليه يحمل (حديث) البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مربوعا. وقد رأيته فى حلة حمراء لم أر شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أخرجه الخمسة، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح (3){115} .
(وحديث) عون بن أبى جحيفة عن أبيه قال: رأيت النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليه حلة
حمراء (الحديث) أخرجه البخارى والترمذى (4){116} .
(وقول) ابن عباس: كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يلبس يوم العيد بردة حمراء. أخرجه الطبرانى فى الأوسط بسند رجاله ثقات (5){117} .
(وحديث) هلال بن عامر عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة وعليه برد أحمر، وعلىّ أمامه يعبّر عنه. أخرجه أبو داود بسند حسن (6){118} .
(1) انظر ص 267 ج 3 تيسير الوصول (ألوان الثياب) وفى الحديث دلالة على جواز ترك رد السلام على من سلم وهو مرتكب منهيا عنه ردعا له وزجرا عن المعصية قال ابن رسلان: ويستحب أن يقول المسلم عليه أنا لم ارد عليك، لأنك مرتكب المنهى عنه زجرا، ولذلك قال كعب بن مالك: فسلمت عليه فوالله ما رد السلام على أهـ.
(2)
انظر ص 228 ج 10 فتح البارى (لبس القسى) وص 267 ج 3 تيسير الوصول (ألوان الثياب) ومربوعا، أى وسطا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير.
(3)
انظر ص 228 ج 10 فتح البارى (لبس القسى) وص 267 ج 3 تيسير الوصول (ألوان الثياب) ومربوعا، أى وسطا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير.
(4)
أنظر ص 230 ج 1 فتح البارى (الصلاة فى الثوب الأحمر).
(5)
انظر ص 198 ج 2 مجمع الزوائد (اللباس يوم العيد).
(6)
انظر ص 267 ج 3 تيسير الوصول (الوان الثياب).
هذا. والمراد بالحلة الحمراء، بردان يمنيان منسوجان بخطوط حمر مع سود كسائر البرود اليمنية. ووصفت بالحمرة باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر وإلا فالأحمر البحت منهى عنه كما تقدم ومكروة لبسه.
(قال) ابن القيم فى زاد المعاد: كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلبس مرة بردين أخضرين، ومرة بردا أحمر، ليس هون أحمر مصمتا كما يظنه بعض الناس، فإنه لو كان كذلك لم يكن برداً، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية، فسمى أحمر باعتبار ما فيه من ذلك. وقد صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غير معارض النهى عن لبس المعصفر والأحمر. وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما. فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه. والذى يقوم عليه بالدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهية هيئته كراهة شديدة أهـ.
(وهذا) هو الظاهر وبه يجمع بين الأدلة (قال) الحافظ فى الفتح: القول السابع تخصيص المنع بالثوب الذى يصبغ كله. وأما ما فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا. وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة فى الحلة الحمراء، فإن الحلل اليمانية غالبا تكون ذات خطوط حمر وغيرها (1).
(ولذا) قال بعض الحنفيين والحنبليين: يكره للرجال لبس الأحمر الخالص دون المشوب بغيره (قال) العلامة الحصكفى فى الدر: وكره لبس المعصفر والمزعفر الأحمر والأصفر للرجال. لا يكره للنساء، ولا بأس بسائر الألوان. وفى المجتبى والقهستانى وشرح النقاية لأبى المكارم: لا بأس بلبس الثوب الأحمر أهـ ومفادة أن الكراهة تنزيهه، لكن صرح فى التحفة بالحرمة فأفاد أنها تحريمة. وللشُّر نْبُلالى رسالة نقل فيها ثمانية أقوال منها أنه مستحب (2) أهـ.
(1)(انظر ص 238 ج 10 فتح البارى الشرح 0 الثوب الأحمر).
(2)
(انظر ص 252 ج 5 الدر المختار هامش رد المختار 0 اللبس) وقال ابن عابدين فى رد المختار: قال أبو حنيفة والشافعى ومالك: يجوز لبس المعصفر. وقال جماعة من العلماء: مكروه كراهة التنزيه. وقال صاحب الروضة: يجوز للرجال والنساء لبس الثوب الأحمر والأخضر بلا كراهة. وفى الحاوى الزاهدى يكره للرجال لبس المعصفر والمزعفر والمورس والأحمر وإن لم يكن حريرا إذا كان فى صبغة دم وإلا فلا وفى مجمع الفتاوى: لبس الأحمر مكروه وعند البعض لا يكره. وقيل يكره إذا اصبغ بالأحمر القانى. ولو صبغ بقشر الجوز عسليا لا يكره لبسه إجماعا أهـ بتصرف.
ثم قال: وقال الشرنبلالى: لم تجد نصا قطعيا لإثبات الحرمة (يعنى فى الأحمر) ووجدنا النهى عن لبسه لعله قامت بالفاعل من تشبه بالنساء أو بالأعاجم أو التكبر وبانتفاء العلة تزول الكراهة بإخلاص النية بإظهار نعمة الله تعالى. وعروض الكراهة بالنجس تزول بغسله. ووجدنا نص الإمام الأعظم على الجواز ودليلا قطعيا على الإباحة وهو إطلاق الأمر بأخذ الزينة. ووجدنا فى الصحيحين موجبة وبه تنتفى الحرمة والكرامة. بل يثبت الاستحباب اقتداء بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أهـ أقول: ولكن جل الكتب على الكراهة وبه أفتى العلامة قاسم وفى الحاوى الزاهدى: ولا يكره فى الراس إجماعا أهـ ملخصا انظر ص 252 رد المختار.
(وقال) الشيخ منصور بن إدريس الحنبلى فى كشاف القناع: ويكره للرجل دون المرأة لبس مزعفر " لقول " أنس إن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يتزعفر الرجل متفق عليه (1) وبكره للرجل لبس أحمر مصمت لما ورد عن عبد الله بن عمرو قال: مر على النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل عليه ثوبان أحمران فسلم فلم يرد النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه. رواه أبو داود (2) قال أحمد: يقال أول من لبسه آل قارون أو آل فرعون، ولو كان الأحمر المصمت بطانة. وخرج بالمصمت ما فيه حمرة وغيرها، فلا يكره ولو غلب الأحمر. وعليه يحمل لبس النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحلة الحمراء أو البرد الأحمر. ويكره للرجل أيضاً لبس
(1) متفق علبه أى أخرجه الشيخان وكذا النسائى. تقدم رقم 109 ص 142
(2)
وأخرجه ايضا مالك والترمذى. وتقدم رقم 113 بص 144.
طيلسان وهو المقور على شكل الطرحة يرسل من فوق الرأس، لأنه يشبه لبس رهبان النصارى. وأما المدور فهو غير مكروه بل قيل باستحبابه (وكذا) المعصفر فيكره للرجل، لما روى على قال: نهانى رسول الله عليه وسلم عن التختم بالذهب، وعن لباس القسى وعن القراءة فى الركوعوالسجود وعن لباس المعصفر. رواه مسلم (1){119} ، إلا فى إحرام فلا يكره للرجل لبس المعصفر ويباح للنساء لتخصيص الرجل بالنهى أهـ بتصرف (2).
(وقالت) المالكية والشافعية وبعض الحنفيين: يجوز لبس الأحمر الخالص غير المزعفر والمعصفر على ما تقدم. وروى عن على وطلحة والبراء وغيرهم من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب والشعبى والنخعى وغيرهم من التابعين " لحديث " البراء وغيره من الأحاديث الدالة على أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يلبس الأحمر (3).
(وأجابوا) عن أحاديث النهى عن لبس الأحمر بأنها ضعيفة كما تقدم أو محمولة على المعصفر والمزعفر.
(وردّ) بأنها لكثرتها تقوى وتصلح للاحتجاج بها. ولا دليل على تخصيصها بالمعصفر والمزعفر. بل ورد النهى عن لبس ما صبغ بغيرهما (قالت) أمرأة من بنى أسد: كنت عند زينب أم المؤمنين ونحن نصبغ ثيابا لها بمغْرة إذ طلع النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما رأى المغْرة رجع. فلما رأت ذلك زينب علمت أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد كره ما فعلت فغسلت ثيابها ووارت
(1) وأخرجه أيضا الثلاثة وتقدم رقم 106 ص 141 (لبس المعصفر)
(2)
انظر ص 192 ج 1 كشاف القناع (ما يكره من اللباس)
(3)
انظر الأحاديث من رقم 115 - 118 ص 145
كل حمرة ثم أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجع فاطلع لم ير شيئاً دخل أخرجه ابو داود بسند فيه ضعيف (1){120} .
(وقال) بعض الفقهاء: يمنع لبس الأحمر ولو مخططا لإطلاق أحاديث النهى السابقة (وردّ) بأن الجمع بين الأحاديث يقضى بحمل حالة النهى على الخالص وأحاديث الإباحة على المشوب بالأحمر وغيره كما تقدم.
(وقال) عطاء وطاوس ومجاهد: يكره لبس الثوب المشبع بالحمرة دون ما كان صبغة خفيفا " لحديث " يزيد بن أبى زياد عن الحسن بن سهيل عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المفدّم قال يزيد: قلت للحسن ما المفدم؟ قال المشبع بالعصفر. أخرجه البيهقى وابن ماجه بسند صحيح رجاله ثفات (2){121} .
(وعن مالك) أنه يكره لبس الأحمر مطلقا لقصد الزينة والشهرة ويجوز فى البيوت. وروى عن ابن عباس " لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من لبس ثوب شهرة فى الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا. أخرجه أبو داود وابن ماجه وهذا لفظه (3){122} . والأحاديث فى هذا كثيرة (4).
(1) انظر ص 53 ج 4 سنن ابى داود (باب فى الحمرة) والمغرة بفتح فسكونأو فتح الطبن الأحمر. والمعصفر كمعظم المصبوغ بها.
(2)
انظر ص 197 ج 2 سنن ابن ماجه (كراهية المعصفر للرجال) و (المفدم) بالفاء وشد الدال المفتوحة، أى المشبع حمرة.
(3)
انظر ص 198 ج 2 سنن ابن ماجه (من لبس شهرة من الثياب) وص 44 ج 4 سنن ابى داود المعنى أن من لبس ثوبا يقصد به الاشتهار بين الناس بأن كان نفيا يلبسه تفاخرا بالدنيا وزينتها، أو خسيسا يلبسه إظهارا للزهد والرياء. و (ثوب مذلة) من اضافة السبب إلى المسبب أو بيانية تشبيها للمذلة بانثوب فى الاشتمال.
(4)
منها (حديث) من لبس ثوب شهرة اعرض الله عنه حتى يضعه متى وضعه أخرجه ابن ماجه والضياء المقدسى عن ابى ذر] 123 [انظر ص 198 ج 2 سنن ابن ماجه (وحديث) ما من أحد يلبس ثوبا ليباهى به فينظر الناس اليه إلا لم ينظر الله إليه حتى ينزعه متى نزعه. أخرجه الطبرانى والضياء المقدسى فى المختارة عن أم سلمة وفيه عبد الخالق بن زيد واقد وهو ضعيف {124} انظر ص 135 ج 5 مجمع الزوائد (ثوب الشهرة).
(وحديث)(نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن لبستين المشهورة فى حسنها والمشهورة فى قبحها ، أخرجه الطبرانى عن ابن عمر، وفيه بزيغ وهو ضعيف] 125 [انظر ص 135 ج 5 مجمع الزوائد 0 فالثياب) الشرعية قصد ورحمة. وغيرها شقاء ونقمة، ألا قاتل الله قوما باعوا دينهم بدنياهم، وتركوا التزين بزى رضيته لهم الشريعة ن فارادوا نبذة واستبداله بثياب افرنجية، غيثارا لهواهم ودنياهم على ما فيه خيرهم وسعادتهم، وهو التحلى بهدى النبى صلى الله عليه وسلم. وفق الله الجميع لسلوك سبيل الرشاد، والتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم سيد العباد.
(وقال) بعضهم: يجوز لبس ما صبغ غزلة ثم نسج. ويمنع لبس ما صبغ بالأحمر بعد النسج. وجنح إليه الخطابى وقال: إن الحلة الحمراء والبرد الأحمر الواردين فى لبسه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حلل اليمن وبروده، وقد كان يصبغ غزلها ثم ينسج.
وقال الطبرى: الذى أراه جواز لبس الثياب المصبوغة بكل لون إلا أنى لا أحب لبس ما كان مشبعا بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقا ظاهرا فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المروءة فى زماننا ذكره فى الفتح، وقال: والتحقيق فى هذا المقام أن النهى عن لبس الأحمر إن كلن من أجل أنه لبس الكفار فهو للزجر عن التشبه بهم، أو من أجل أنه زى النساء فهو للزجر عن التشبه بهن، أو من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمتنع حيث يقع ذلك. وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت أهـ ملخصا (1).
(1) انظر ص 238 ج 10 فتح البارى الشرح (الثوب الأحمر)
9 -
لبس الأبيض:
يستحب لبس البيض وتكفين الموتى فيه " لحديث " ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: البسول من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم. وكفنوا فيها موتاكم. أخرجه أحمد والبيهقى والأربعة إلا النسائى وصححه الترمذى (1){126} " ولحديث " سمرة بن جندب أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: البسوا ثياب البياض فإنها أطيب وأطهر وكفنوا فيها موتاكم. أخرجه أحمد والنسائى والبيهقى والترمذى، والحاكم وصححاه (2){127} وقال صحيح على شرط الشيخين.
(والأمر) محمول على الندب. أما فى اللباس فلما ثبت عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لبس غير الأبيض وأقر كثيرا من الصحابة على ذلك كما تقدم ويأتى. وأما فى الكفن " فلقول " جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إذا توفى أحدكم فوجد شيئاً فليكفن فى ثوب حِبَرة. أخرجه أبو داود والبيهقى (3){128} .
والحبرة كعنبة، نوع مخطط من البرود اليمانية. ولذا اتفق العلماء على استحباب لبس الثياب البيض وتكفين الموتى بها (قال) ابن حجر الهيتمى فى الكلام على حديث جبريل حينما جاء إلى مجلس النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم
(1) يأتى رقم 445 ص 256 ج 7 دين (تكفين الميت) ورقم 446 منه و (اطيب) أى أحسن من غيرها، لما فى البياض من الصفا والبريق واللمعان و (اطهر) لأنها إذا اصابها شئ من النجاسة أو الدنس ظهر فيها فبادر لابسها إلى تطهيرها وتنظيفها.
(2)
يأتى رقم 445 ص 256 ج 7 دين (تكفين الميت) ورقم 446 منه و (اطيب) أى أحسن من غيرها، لما فى البياض من الصفا والبريق واللمعان و (اطهر) لأنها إذا اصابها شئ من النجاسة أو الدنس ظهر فيها فبادر لابسها إلى تطهيرها وتنظيفها.
(3)
انظر ص 310 ج 8 المنهل العذب (الكفن)(فوجد شيئا) أى وجد أهله شيئا قليلا فى حال الضرورة فإن الثوب الواحد كاف حيينئذ وسيأتى أنواع الكفن فى محله إن شاء الله تعالى.
شديد بياض الثياب: ومن ثم استحب عمر رضى الله عنه البياض للقارئ. واستحبه بعض أئمتنا لدخول المسجد وينبغى ندبه لكل اجتماع ماعدا العيدين إذا كان عنده أرفع منه، لأنه يوم الزينة وإظهار للنعمة أهـ.
10 -
لبس الأصفر:
يجوز لبس الأصفر غير المعصفر والمزعفر " لما " فى حديث عبيد بن جريح أنه قال لابن عمر رضى الله عنهما: رأيتك تصبغ بالصفرة. فقال إنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، فأنا أحب ان أصبغ بها. أخرجه البخارى مختصرا (1) {129} " ولقول " قيس بن سعد: أتانا النبى صلى الله عليه وسلم فوضعنا له ماء يتبرد فاغتسل ثم أتيته بملحفة صفراء فرأيت أثر الورس على عكنة. أخرجه ابن ماجه (2){130} " ولقول" عبد الله بن جعفر: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثوبين أصفرين. أخرجه الطبرانى فى الصغير (3){131} " ولقول " عمران بن مسلم: رأيت على أنس بن مالك إزارا أصفر. أخرجه الطبرانى بسند رجاله رجال الصحيح (4){21} وقد اتفق على هذا العلماء.
11 -
لبس أخضر:
ويجوز أيضا لبس الأخضر " لقول " أبى رمثة: رأيت على النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلام ثوبين
أخضرين. أخرجه أحمد والثلاثة وقال الترمذى:
(1)(مختصرا) من حديث مطول بص 239 ج 10 فتح البارى (النعال السبتية وغيرها)
(2)
انظر ص 197 ج 2 سنن ابن ماجه (الصفرة للرجال 9 و (العكن) بضم ففتح جمع عكنة: كغرفة وهى الطى فى البطن من السمن.
(3)
انظر ص 129 ج 5 مجمع الزوائد (الصباغ) وص 130 منه
(4)
انظر ص 129 ج 5 مجمع الزوائد (الصباغ) وص 130 منه
حديث حسن غريب لا تعرفه إلا من حديث عبيد الله بن غياد. وأبو رمثة التيمى اسمه حبيب بن حيان (1){132} " ولحديث " يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت مضطبعا ببرد أخضر. أخرجه أحمد والدرامى والربعة إلا النسائى. وقال الترمذى: حديث حسن صحيح (2){133} وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.
12 -
لبس الأسود:
يجوز لبسه " لقول " عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود. أخرجه مسلم والترمذى وقال حديث حسن صحيح غريب (3){134} " ولحديث " مطرف عن عائشة قالت: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها، وكانت تعجبه الريح الطيبة. اخرجه الحاكم وابو داود والنسائى (4) {135} " ولقول " أم خالد بنت خالد: أتى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة. فقال من ترون أن نكسو هذه؟ فسكت القوم فقال: ائتونى بأم خالد فأتى بها تحمل فأخذ الخميصة بيده
(1) انظر ص 163 ج 4 مسند احمد. وص 268 ج 3 تيسير الوصول (الأخضر).
(2)
انظر ص 217 ج 1 تكملة المنهل (الاضطباع فى الطواف) وبقية المراجع بهامش 1: منه والاضطباع جعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن وطرفيه على الكتف الأيسر.
(3)
انظر ص 57 ج 14 نووى مسلم (التواضع فى اللباس) و (المرط) بكسر فسكون كساء طويل واسع من خز أو صوف أو كتان يؤثرون به و (المرحل) بالحاء المهملة المفتوحة المشددة المقوش عليه صور الرحال (بالهاء المهملة) وإنما المحرم صور الحيوان. ووصف بالسود لنلبة السواد فيه
(4)
انظر ص 54 ج 4 سنن ابى داود (فى السواد)
فألبسها وقال: أبلى وأخلقى وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال ك يا أم خالد هذا سناه. وسناه بالحبشية حسن. أخرجه البخارى (1) {
136}
13 -
المخطط:
يجوز لبس حلال مخطط بما لا يلهى " لقول " أنس. كان أحب ما إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن نلبسه الحبرة. أخرجه الخمسة (2){138} والحبرة كعنبة برد مخطط من قطن أو كتان " ولحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى بردة حبرة عقد بين طرفيها. أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار بسند رجاله ثقات (3){139}
14 -
السراويل:
يستحب لبس السراويل للرجال والنساء " لقول " القاسم: سمعت أبا أمامة
(1) انظر ص 217 ج 10 فتح البارى (الخميصة السوداء) و (تحمل (مبنى للمجهول أى يحملها الغير لصغرها (ابلى وأخلقى) بفتح فسكون امر من الإبلاء والإخلاق وهما بمعنى والمراد الدعاء بطول البقاء اى أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق 0 قال الحافظ فى الفتح: وفى رواية وأخلفى بالغاء أى أخلقى هذا الثوب واستخلفى غيره (ويؤيده) ما فى حديث أبى نضرة قال: كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوبا جديدا قيل له: تبلى ويخلف الله. أخرجه ابو داود بسند صحيح] 137 [انظر ص 217 ج 10 فتح البارى .. و (حسن) تفسير من بعض الرواة لقوله صلى الله عليه وسلم سناه، أى أنها كلمة حبشية معناها حسن 0 قال 9 الحافظ: وفى رواية: فجعل (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ينظر الى علم الخميصة ويشير بيده الى وبقول: يا أم خالد هذا سنا ويا امك خالد هذا سنا. والسنا بلسان الحبشة الحسن أهـ
(2)
انظر ص 266 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس)
(3)
انظر ص 99 ج 3 مسند أحمد (والعقد بين طرفى الثوب) هو أن يضع طرفها على منكبة الأيمن ويأخذه من تحت إبطه اليسرى ويأخذ طرفه الذى على منكبة الأيسر من تحت إبطة اليمنى ثم يعقدها على صدره.
يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على مشيخة من الأنصار، بيض لحاهم فقال يا معشر الأنصار: حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب. فقلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولوا ولا ياتزرون فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب (الحديث) أخرجه أحمد والطبرانى بسند رجاله رجال الصحيح (1){140}
" ولحديث " على رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال يأيها الناس اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن. أخرجه ابن عدى فى الكامل، والعقيلى والبراز والبيهقى فى الأدب مطولا. وفى سنده إبراهيم بن زكريا العجلى البصرى. ذكره ابن حيان فى الثقات (2){141}
(1) نظر ص 264 ج 5 مسند أحمد و (حمروا وصفروا) أى غيروا الشيب بالحمرة والصفرة وتقدم فى بحث " تغيير الشيب " ص 195 ج 1 طبعة ثالثة بيان المذاهب فى صبغ الشعر وما يصبغ به، والجمع بيت الأحاديث الواردة فى تغيير الشيب امرا ونهيا.
(2)
انظر ص 122 ج 5 مجمع الزوائد (باب فى السراويل) هذا والمذكور فى الصل عجز الحديث. وصدره عن على قال: كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عند اليقيع فى يوم مطير فمرت امرأة على حمار ومعها مكار فهوت يد الحمار فى وهدة أى منخفض من الأرض فسقطت المرأة فاعرض عنها النبى صلى الله عليه وسلم بوجهه. فقالوا ك يا رسول الله إنها متسرولة. فقال اللهم اغفر للمتسرولات من أمتى، يأيها الناس (الحديث)
(وقال) ابو هريرة: بينا النبى صلى الله عليه وسلم جالس على باب من ابواب المسجد: مرت أمراة على دابة فلما حاذت النبى صلى الله عليه وسلم عثرت بها، فأعرض صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله إن عليهاسراويل فقال ك رحم الله المتسرولات أخرجه البيهقى فى الشعب] 142 [رقم 4420 ص 22 ج 4 فيض القدير (وعن) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله المتسرولات من النساء أخرجه الدار قطنى فى الأفراد (كسابقة فى المرجع)(قال) السيوطى فى اللآلى: ولمجموع هذه الطرق يرتقى الحديث الى درجة الحسن أهـ.
"ولقول " سويد بن قيس: جلبت أنا ومخرمة العبدى ثيابا من هجر، فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمشى فساومنا سراويل فيعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له زن وأرجح. أخرجه أحمد والربعة وابن حيان (1){143}
" ولقول " أبى هريرة: دخلت مع النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوما السوق فجلس إلى البراز فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكأن لأهل السوق وزان يزن فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتزن وأرجح. فقال الوزان: إن هذه لكلمة ما سمعتها من أحد. فقال له أبو هريرة: كفى بك من الجفاء فى دينك ألا تعرف نبيك، فطرح الميزان ووثب إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم يريد أن يقبلها، فجذب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يده منه. وقال له: يا هذا إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها، ولست بملك إنما أنا رجل منكم فوزن وارجح، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم السراويل. قال أبو هريرة: فذهبت لأحمله عنه. فقال: صاحب الشئ أحق بشيئه أن يحمله إلا أن يكون ضعيفا فيعجز عنه فيعينه أخوه المسلم. قال: قلت يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل؟ قال: أجل فى السفر والحضر، وفى الليل والنهار فإنى أمرت بالستر فلم أر شيئاً أستر منه. أخرجه الطبرانى فى الأوسط وأبو يعلى الموصلى وابن حبان فى الضعفاء والدار قطنى فى الأفراد، وفى سنده يوسف ابن زياد البصرى عن شيخه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقى، وهما
(1) انظر ص 352 ج 4 سند أحمد وص 266 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس) وص 194 ج 2 سنن ابن ماجه (لبس السراويل) و (هجر)(فتحتين، بلد قرب المدينة، يذكر فيصرف وهو الأكثر ويؤنث فيمنع من الصرف 0 والمساومة) تقدير ثمن السلعة من كل من البائع والمشترى
ضعيفان (1){144} .
(ولهذه) الروايات اتفق العلماء على جواز لبس السراويل. ولا دليل لمن قال بكراهته (قال) العلامة السفارينى فى غذاء الألباب: سئل الإمام أحمد رضى الله عنه عن لبس السراويل فقال: هو أستر من الإزار، ولباس القوم كان الإزار. وفى الصحيحين عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب بعرفات: من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل للمحرم {145} .
(وبهذا) استدل الإمام أحمد على أنها كانت معروفة عندهم (قال) وروى عن عمر رضى الله عنه أنه كتب إلى جيشه بأذربيجان: إذا قدمتم من عزاتكم إن شاء الله، فألقوا السراويلات والأقبية والبسوا الأزر والأردية. فدل على كراهيته لها وأنها غير زيهم. وجزم فى الإقناع وغيره بسنية لبس السراويل وهو المذهب بلا ريب أهـ بحذف (2)
(واختلفوا) فى أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبسه أم لا؟ فصرح كثير منهم بأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم اشتراه، ولم يثبت من طريق صحيح أنه لبسه.
(وقال) العلامة السفارينى فى غذاء الألباب: قد روى عن ابراهيم وموسى عليهما السلام أنهما لبسا السراويل ولبسه النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وروى عن غير واحد من الصحابة كسلمان. وعن على رضى الله عنه أنه أمر ربه، وأخرج ابن حبان عن بريدة قال: إن النجاشى كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إنى قد زوجتك امرأة من قومك وهى على دينك، أم حبيبة بنت ابى سفيان وأهديت لك هدية جامعة: قميصا وسراويل وعطافا وخفين ساذجين، توضأ النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومسح عليهما {146} . قال
(1) انظر ص 212 ج 5 مجمع الزوائد (السراويل)(وص 200 ج 2 غذاء الألباب 0 لا يكره لبس السراويل) وص 46 ج 4 فتح البارى المطبعة البهية
(2)
نظر ص 212 ج 5 مجمع الزوائد (السراويل) وص 200 ج 2 غذاء الألباب (لا يكره لبس السراويل) وص 46 ج 4 فتح البارى المطبعة البهية
سليمان بن داود أحد رواة الحديث: قلت للهيثم بن عدى ما العطاف؟ قال الطيلسان. وأخرج أحمد من حديث مالك بن عميرة الأسدى قال: قدمت قبل مهاجر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاشترى منى سراويل فارجح لى {147}
(قال) فى الفتح: وما كان لتشتريه عبثا وإن كان غالب لبسه الإزار (1) أهـ.
(قال) وفى زاد المعاذ: واشترى صلى الله عليه وعلى آله وسلم السراويل. والظاهر أنه إنما اشتراه ليلبسه (وقد) روى فى غير حديث أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات فى زمانه وبإذنه أهـ.
(فائدة) أول من لبس السراويل سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام، كان كثير الحياء حتى كان يستحى من أن تَرى الأرضُ مذاكيره، فاشتكى إلى الله تعالى فهبط عليه جبريل بخرقة من الجنة ففصلها جبريل سراويل وقال ادفعها الى سارة تخيطه. فلما خاطئة ولبسه ابراهيم قال ما أحسن هذا وأستره فإنه نعم الستر للمؤمن. ذكره فى غذاء الألباب (2)
15 -
القميص:
القميص هو مخيط له كمان وجيب - أى فتحة يخرج منها الإنسان رأسه - يلبس تحت الثياب. ويستحب لبسه " لقول " أم سلمة: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم القميص أخرجه أبو داود والترمذى وقال حسن غريب، إنما نعرفه من حديث عبد المؤمن بن خالد، تفرد به هو مروزى (3) {148} (وروى) بعضهم هذا الحديث عن أبى تُمَيْلَة عن عبد المؤمن ابن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة أهـ. ولفظه عن أم سلمة قالت: لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من القميص
(1) انظر ص 201 ج 2 غذاء الالباب (هل لبس النبى صلى الله عليه وسلم السراويل)
(2)
انظر ص 201 ج 2 غذاء الالباب (هل لبس النبى صلى الله عليه وسلم السراويل)
(3)
انظر ص 265 ج 3 تيسير الوصول (أنواع اللباس).
أخرجه أبو داود وابن ماجه (1){149} وقال الترمذى: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث عبد الله بن بريدة عن أمة عن أم سلمة أصح أهـ وعبد المؤمن لا بأس به. أبو تميلة بمثناه مصغرا، هو يحيى بن واضح الآنصارى. ذكره البخارى فى الضعفاء. وقال أبو حاتم ثقة يحوّل من كتاب الضعفاء للبخارى. ووثقة يحيى بن معين. وقال ابن خراش صدوق. وقال أحمد ويحيى لبس به بأس.
وإنما كان القميص أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه أستر للعورة من نحو إزار ورداء، ولأنه أقل مؤنة فى اللبس وأخف على البدن.
(فائدة) جيب الثوب فتحته التى يدخل منها الرأس. وكان جيب ثوب النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم على صدره.
(وقال) أبو هريرة: ضرب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل البخيل والمتدصق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثيهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أناملة وتعفوه اثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت واخذت كل حلقة بمكانها ز قال ابو هريرة: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول بأصبعة هكذا فى جيبه فلو رأيته يوسعها ولا تتوسع أخرجه البخارى (2){150}
(1) انظرص 43 ج 4 سنن أبى داود (ما جاء فى القميص) وص 194 ج 2 سنن ابن ماجه (لبس القميص).
(2)
انظر ص 209 ج 1 فتح البارى (جيب القميص) ثديهما. بضم فكسر جمع ثدى وبفتح الثاء على الثنية. والتراقى جمع ترقوة بفتح فسكون فضم، وهى العظم الذى بين ثغرة النحر والعانق. فالترقوتان، العظمان المشرفان فى أعلى الصدر إلى طرف ثغرة النحر. و (تغشى) بضم ففتح فشد، أو بفتح فسكون، أى تغطى وتعفوا أثره أى تذهبه. و (قلص) الثوب، من باب صرب، انزوى وجواب لو فى قوله (فلو رايته) محذوف تقديره لتعجبت منه
(وقال) الحافظ فى الفتح: استدل به ابن بطال على أن الجيب فى ثياب السلف كان عند الصدر، وموضع الدلالة منه أن البخيل إذا أراد إخراج يده أمسكت فى المواضع الذى ضاق عليها، وهو الثدى والتراقى. وذلك فى الصدر، فبان أن جيبه كان فى صدره، لأنه كان فى يده لم تضطر يداه إلى تدييه وتراقيه أهـ.
(وقال) سلمة بن الأكوع: قلت يا رسول الله أنى رجل أصيد أفاْصلى فى القميص الواحد؟ قال نعم وازْرُرْهُ ولو بشوكة. أخرجه الشافعى وأحمد وابو داود والنسائى والحاكم (1){151} .
16 -
هيئة اللباس:
يطلب فى اللباس أمور (أ) أن يكون وسطا بين الخسيس والنفيس "لحديث" ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن هاتين اللبستين المرتفعة والدون. أخرجه أبو الحسن رزين بن معاوية (2){152} .
(قال) النووى فى المجموع: يستحب ترك الترفع فى اللباس تواضعا ويستحب أن يتوسط فيه ولا يقتصر على ما يزردى به لغير حاجة ولا مقصود شرعى (قال) المتولى والرويانى: يكره لبس الثياب الخشنة إلا لغرض مع الاستغناء والمختار ماقدمناه، ومما يدل للطرفين (حديث) معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك اللباس تواضعا لله تعالى وهو بقدر عليه دعاه الله تعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أى حلل
(1) انظر ص 62 ج 1 بدائع المنن (وجوب ستر الورة فى الصلاة) وص 49 ج 4 مسند أحمد. وص 18 ج 5 المنهل العذب (الرجل يصلى فى قميص واحد)
(2)
انظر ص 265 ج 3 تيسير الوصول (ترك الزينة).
الإيمان شاء يلبسها. رواه الترمذى وقال: حديث حسن (1){153} (وعن) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه ولعى آله وسلم: إن الله يحب أن يُرى أثرُ نعمته على عبده. رواه الترمذى وقال حديث حسن (2){154}
(ب) ويستحب أن يكون الكم قصيرا إلى الرسغ، ويجوز أن يصل إلى رءوس الأصابع " لقول " أسماء بنت يزيد: كان كم قميص النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الرسغ. أخرجه الثلاثة وقال الترمذى: حسن غريب {155} (ولقول) أنس: كان يدُ كُمِّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الرسغ. أخرجه البراز ورجاله ثقات (3){156} (وحديث) ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلبس قميصا فوق الكعبين مستوى الكمين بأطراف أصابعه. أخرجه الحاكم وابن حيان وصححاه (4){157}
(ولامنافاة) بين هذه الأحاديث، لاحتمال تعدد القميص، فأخبر كل بما رأى (قال) ملا على القارى فى شرح الشمائل: ويجمع بين هذه الروايات إما بالحمل على تعدد القميص أو بحمل رواية الرسغ على التقريب والتخمين أهـ.
(وقال) المناوى: وجمع بعضهم بين حديث الرسغ وحديث أطراف الأصابع بأن الأول محمول على حالة السفر، فإن تقصير الكم فيه يساعد على النشاط، والثانى على حالة الحضر أهـ بتصرف.
(وهذا) فى حق الرجل: وأما المرأة فيطلب منها تطويل الكم زيادة عن
(1) وأخرجه أيضا أحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد انظر ص 265 ج 3 تيسير الوصول (ترك الزينة) وص 439 ج 3 مسند أحمد.
(2)
انظر ص 497 ج 4 شرح المهذب (المسالة الخامسة من مسائل اللباس).
(3)
انظر ص 121 ج 5 مجمع الزوائد (القميص والكم).
(4)
انظر رقم 7165 ص 246 ج 5 فيض القدير ونسبة السيوطى لابن عساكر ورمز لضعفه.
الأصابع مبالغة فى الستر، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (1).
(1) آية 59 - الآحزاب. و (يدنين) أى يغطين وجوههن ورءوسهن إلا عينا واحدة، ليعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن بأذى (من جلابيبعن) من التبعيض وجلابيب جمع جلباب وهو ثوب يستر جميع البدن. والاشارة فى قوله (ذلك) إلى أدناه الجلابيب. و (أدنى) أى أقرب (أن يعرفن) فيتميزن عن الإماء وبعرفن أنهن حرائر (فلا يؤذين) من أهل الفسق بالتعرض لهن خوفا من أهلهن (وسبب) نزول هذه الآية ما قاله أبو مالك: كان نساء النبى صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا إنما نفعله بالإماء.
فنزلت هذه (يأيها النبى قل لازواجك) الاية. أخرجه سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن ابى حاتم (23) انظر ص 297 ج 4 فتح القدير تفسير الشوكانى (وقال) محمد بن كعب القرظى: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن. فإذا قيل له قال: كنت أحسبها أمة. فامرهن الله أن يخالفن زى الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن، نخمر وجهها إلا أحدى عينيها (ذلك أدنى أن يعرفن) يقول ذلك أحرى أن يعرفن أخرجه ابن سعد (24) (انظر ص 297 ج 4 فتح القدير تفسير الشوكانى وفيه 0 وقال) ابن عباس فى هذه الاية: امر الله النساء المؤمنات إذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. أخرجه ابن حرير وابن ابى حاتم وابن مردوية (25)(وقال) محمد بن سيرين سالت عبيدة السلمانى عن قول الله عز وجل ك يدنين عليهن من جلابيبهن فغطى وجهه وراسه وابرز عينه اليسرى. ذكره ابن كثير انظر ص 612 ج 6 منه (وقالت) أم سلمة: لما نزلت هذه الآية: يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء الأنصار كأن رؤسهن الغربان من الأكسية. أخرجه أبو داود وعبد الرازق وعبد بن حميد وابن حاتم. انظر ص 297 ج 4 فتح القدير تفسير الشوكانى (وقالت) عائشة: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: وليضربن بخمرهن على جيوبهن. شققن أكتف مروطهن (جمع مرط وهو كساء تأنزر به المرأة) فاختمرن بها. أخرجه أبو داود (26) انظر ص 61 ج 4 سنن ابى داود (لباس النساء) وفى سنده قرة بن عبد الرحمن المعافرى. قال أحمد: منكر الحديث
" ولحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة. فقالت أم سلمة: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال يرخين شبراً. قالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: فيرخين ذراعا ولا يزدن عليه. أخرجه الثلاثة وصححه الترمذى (1){158} .
(جـ) وينبغى للرجل ألا يبالغ فى سعة الكم فلا يزيد اتساعه عن شبر، لأنه سرف منهى عنه (قال) العز بن عبد السلام: وإفراط توسعة الثياب والأكمام بدعة وسرف أهـ.
(وقال) وفى زاد المعاد: وأما الأكمام الواسعة الطوال التى هى كالأخراج فلم يلبسها النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أحد من أصحابه ألبتة، وهى مخالفة لسنته. وفى جوازها نظر فإنها من جنس الخيلاء وهى ممنوعة أهـ بتصرف.
(وقال) ابن الحاج فى المدخل: ولا يخفى على ذى بصيرة أن كم بعض من ينسب إلى العلم اليوم فيه إضاعة مال، لأنه قد يفضل من هذا الكم ثوب لغيره أهـ.
(وقال) فى النيل: لقد صار أشهر الناس بمخالفة هذه السنة فى زماننا هذا العلماء فَبُرَى أحدهم وقد جعل لقميصه كمين يصلح كل منهما أن يكون جبة أو قميصا لصغير من أولاده أو يتيم. ولبس فى ذلك شئ من الفائدة (الدنيوية) إلا العبث وتثقيل المؤنة على النفس، ومنع الانتفاع باليد فى كثير من المنافع وتعريضه لسرعى التمزق وتشويه الهيئة (ولا الدينية) إلا مخالفة السنة والإسبال والسرف والخيلاء أهـ بتصرف.
(د) ويسن للرجل أن يكون ذيل ثوبه الى نصف الساق. ويجوز له ما نزل إلى الكعبين. ويحرم ما زاد عنهما بقصد الخيلاء. وترخى المرأة ذيلها إلى ذراع " لحديث " أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إزره المؤمن إلى نصف الساق، ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين. ما كان أسفل من ذلك فهو فى النار، ما كان أسفل من ذلك فهو فى النار. ومن جر إزاره بطرا
(1) انظر ص 262 ج 3 تيسير الوصول (إزرة النساء) وص 46 ج 3 تحفة الأحوذى (كراهية جر الإزرار).
لم ينظر الله إليه يوم القيامة. أخرجه مالك وأحمد وأبو داودوابن ماجه (1){159} .
" ولقول " الأشعث بن سليم: سمعت عمتى تحدث عن عمها قال: بينما أنا أمشى إذا إنسان خلفى يقول: أرفع إزارك فإنه أتقى وأبقى، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقلت: يا رسول الله إنما هى بردة ملحاء قال: أمالك فىَّ أسوة؟ فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه. أخرجه الترمذى فى الشمائل. وأخرجه أحمد وابن سعد والبيهقى بلفظ: ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك وأنقى لربك: أمالك فىَّ أسوة؟ (2){160}
" ولحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال. الإزار إلى نصف الساق أو إلى الكعبين، لا خير فى أسفل من ذلك. أخرجه أحمد
(1) انظر ص 5 ج 3 مسند أحمد. وص 59 ج 4 سنن ابى داود (قدر موضع الإزار (وص 194 ج 2 سنن ابن ماجه (موضع الإزار اين هو؟ ) و (الإزرة) بالكسر الحالة وهيئة الانزار ن أى حالة المؤمن التى ترضى ربه وتحسن شرعا، أن يكون إزاره إلى نصف ساقه. و (ما اسفل من ذلك الخ) أى ما دون الكعبين وهو قدم صاحب الإزار المسبل ن يكون فى النار عقوبة له. ويحتمل أن يراد به الشخص المسبل فيكون الكلام على حذف مضاف و (البطر)(بفتحتين الكبر وشدة المرح 0 لم ينظر الله اليه) أى نظر رحمة، وهو كناية عن أن الله يعذبه.
(2)
انظر ص 90 - الشمائل المحمدية و (عمته) هى رهم - بضم فسكون - بنت الأسود ابن خالد. و (عمها) عبيد الله بن خالد المحاربى و (أتقى) أى اقرب الى سلوك سبيل التقوى للبعد عن الكبر والخيلاء والقاذورات وفى بعض النسخ أنقى بالنون. أى أنظف إذ غسباله يقتضى تعلق النجاسة والقاذورات به فيتلوث (وأبقى) بالباء الموحدة، أى أكثر بقاء للثوب، فإن الإسبال يؤدى الى سرعة بلائه فينبغى للعاقل الرفق بما يستعمله والاهتمام بحفظه وتعهده، لأن إهماله تضييع وإسراف ز و (بردة ملحاء) كحمراء وهى كساء مخطط فيه بياض وسواد. ومراده أنها بردة مبتذلة ليست للزينة، فجرها لا يؤدى إلى الخيلاء، فاشار إليه صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به فى تقصير الثياب وإن لم يؤد إسبالها إلى الخيلاء سد للذريعة.
والطبرانى فى الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح (1){161} .
" ولحديث " سمرة بن فاتك أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: نعم الفتى سمرة، لو أخذ من لُمَّتِه وشمَّر من متزره ففعل ذلك سمرة، أخذ من لُمَّتِه وشمَّر من متزره. أخرجه أحمد عن شيخه يعمر بن بشر، ويقال مشايخ أحمد كلهم ثقات (2){162} .
" ولحديث " يزيد بن أبى سُمَّية قال: سمعت ابن عمر يقول: ما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى الازار، فهو فى القميص. أخرجه أبو داود (3){163} .
" ولحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: الإسبال فى الإزرار والقميص والعمامة من جرَّ منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة أخرجه البيهقى والأربعة إلا الترمذى بسند حسن (4){164}
(والإسبال) فى الإزرار والقميص بنزولها عن الكعبين، وفى العمامة بإرسال العذبة زيادة عن غايتها وهو نصف الظهر فإنه بدعة.
" ولحديث " ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جَرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال ترخين شبرا قالت إذن تنكشف أقدامهن، قال فيرخين ذراعا ولا يزدن عليه أخرجه ابو داود والنسائى والترمذى (5){165} .
" ولحديث " ابن عمر أن أزواج النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم رخص لهن فى الذيل ذراعا، فكن يأتينا فتذرع لهن بالقصب ذراعا. أخرجه
(1) انظر ص 222 ج 5 مجمع الزوائد (الإزرار وموضعه) و (اللمة) بضم فشد، ما وصل من شعر الرأس إلى المنكلبين.
(2)
انظر ص 222 ج 5 مجمع الزوائد (الإزرار وموضعه) و (اللمة) بضم فشد، ما وصل من شعر الرأس إلى المنكلبين.
(3)
انظر ص 60 ج 4 سنن ابى داود (قدر موضع الإزار) وص 299 جـ 2 مجتبى (إسبال الإزرار)
(4)
انظر ص 60 ج 4 سنن ابى داود (قدر موضع الإزار) وص 299 جـ 2 مجتبى (إسبال الإزرار)
(5)
انظر ص 262 جـ 3 تيسير الوصول (إزرة النساء).
ابن ماجه (1) والأحاديث فى هذا كثيرة (2){166} .
(1) انظر ص 195 جـ 2 سنن ابن ماجه (ذيل المرأة كم يكون؟ )
(2)
منها: حديث حذيفة (1) قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن ابيت فأسفل، فإن ابيت فمن وراء الساق ولاحق للكعبين فى الإزار. أخرجه النسائى {167} انظر ص 299 ج 2 مجتبى (موضع الإزار) والعضلة بفتحات، اللحمة المجتمعة الممتلئة فى الساق.
وحديث أبى هريرة قال: بينما رجل يصلى مسبلا إزاره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ فذهب فتوضا ثم جاء ثم قال: أذهب فتوضا فذهب فتوضأ ثم جاء فقال له رجل: يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ؟ قال: إنه كان يصلى وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل. أخرجه أبو داود والبيهقى {168} انظر ص 57 جأ 4 سنن ابى داود (إسبال الإزار) وفى سنده ابو جعفر الأنصارى المؤذن لا يعرف اسمه. وقال الحافظ بن حجر فى التقريب: مقبول من الثالثة. (ولعل) السر فى أمره بالوضوء وهو طاهر ان يتفكر فى موجب هذا الأمر ليعلم ما ارتكبه من المخالفة فيتباعد عنها، ويهتم بتطهير الباطن من دنس الكبر، لأن طهارة الظاهر تؤثر فى طهارة الباطن. ولما لم يفطن للغرض من أمره بالطهارى أولا، أمره بها ثانيا ن لذلك وزجرا له على إسبال الإزار (وظاهرة)(يدل على أن إسبال الإزار) بقصد الخيلاء مبطل للوصوء والصلاة (ولم يقل) به أحد من الأئمة، لضعف الحديث بجهالة أبى جعفر. وعلى فرض ثبوته فهو منسوخ، لأن الإجماع على خلافه.
(ففى) هذه الأحاديث تحذير الرجال من إسبال الإزار أسفل من الكعبين للخيلاء. وطلب الإسبال للنساء شبراً أو ذراعا.
(قال) العراقى فى شرح الترمذى: الظاهر أن الذراع المرخص فيه للنساء يبتدئ من أول ما يمس الأرض، والمراد بالذراع ذراع اليد وهو شبران " لقول " ابن عمر: رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمهات المؤمنين فى الذيل شبراً، ثم استزدنه فزادهن شبراً، فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعا. أخرجه أبو داود (1)، وهو يدل على أن الذراع المأذون فيه شبران أهـ ملخصا.
(هذا) والتقييد بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خيلاء، يدل بمفهمومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا فى هذا الوعيد لكنه مذموم (قال) النووى: يحرم إطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ويكره
(1) وحديث أبى ذر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. قلت: من هم يا رسول الله قد خابوا وخسروا؟ فأعادها النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثا. فقلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا فقال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر. أخرجه السبعة إلا البخارى {169} انظر ص 148 جـ 5 مسند أحمد. وص 114 جـ 2 نووى مسلم (تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف) وص 57 جـ 4 سنن أبى داود وص 299 جـ 2 مجتبى (غسبال الإزار).
(وفى رواية) لأبى داود ابى ذر قال: المنان الذى لا يعطى شيئا إلا أمنه أى عده على المعطى (والمنفق) بفتح النون وكسر الفاء المشددة، أو بسكون النون وكسر الفاء، المروج تجارته بالحلف الكاذب.
وحديث المغيرة بن شعبة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يا سفيان بن ابى سهل: لا تسبل إزارك إن الله لا يحب المسبلين. أخرجه أحمد وابن ماجه {170} انظر ص 246 ج 4 مسند أحمد. وص 194 جـ 2 سنن ابن ماجه (موضع الإزار اين هو؟ ).
وحديث ابن عمر: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله الى من جر ثوبه خيلاء. فقل ابو بكر: يا رسول الله إزارع يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال إنك لست ممن يفعله خيلاء ز أخرجه الخمسة إلا الترمذى] 171 [ص 262 ج 3 تيسير الوصول (اسبال الإزار)
لغيره نص عليه الشافعى (1)(وقال) ابن عبد البر: مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أنَّ جر القميص وغيره من الثياب مذموم قاله الحافظ (2)
وفيه قال ابن العربى: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبة ويقول لا أجره خيلاء، لأن النهى قد تناوله لفظا. ولا يجوز لمن تناوله لفظا أن يخالفه إذ صار حكمه أن يقول لا أمتثله، لأن تلك العلة ليست فىَّ، فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالة ذيله دلالة على تكبره أهـ (وحاصلة) أن الإسبال يستلزم جرَّ الثوب، وجرَّ الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصده الملابس. ويدل على عدم التقييد بالخيلاء (أ) (ما أخرجه) أبو داود والنسائى والترمذى وصححه عن جابر بن سليم من حديث طويل وفيه: وأرفع إزارك إلى نصف الساق. فإن أبيت فإلى الكعبين. وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة (3) (ب) (وما أخرج) الطبرانى من حديث أبى أمامة قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصارى فى حلة - إزار ورداء - قد أسبل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله عز وجل ويقول: عبدك وابن عبدك وأمتك حتى سمعها عمرو، فقال يا رسول الله إنى أحمش الساقين " أى دقيقها " فقال يا عمرو: إن الله تعالى قد أحسن كل شئ خلقه. يا عمرو إن الله لا يحب المسبل، والحديث رجاله ثقات (4){172}
(وظاهره) أن عمرا لم يقصد الخيلاء. وقد عرضت ما فى حديث الباب من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبى بكر: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء.
(1) انظر ص 454 ج 4 شرح المهذب (المسالة السابعه من مسائل اللباس)
(2)
انظر ص 206 ج 10 فتح البارى (شرح حديث: من جر ثوبة مخيلة لم ينظر الله اليه).
(3)
انظر ص 56 ج 4 سنن ابى داود (إسبال الإزار).
(4)
انظر ص 124 ج 5 مجمع الزوائد (الإزار وموضعه).
وهو صريح في أن مناط التحريم الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء وقد يكون لغيره، فلابد من حمل قوله: فإنها من المخيلة فى حديث جابر بن سليم على أنه خرج مخرج الغالب. فيكون الوعيد المذكور فى حديث الباب متوجها إلى من فعل ذلك اختيالا " والقول " بأن كل إسبال من المخيلة أخذا بظاهر حديث جابر "تردُّه " الضرورة، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله " ويرده " ما تقدم من وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبى بكر: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء. وبهذا يحصل الجمع بين الآحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به فى الصحيحين أهـ بتصرف (1).
(وقال) القسطلانى فى المواهب اللدنية: وحاصل ما ذكر فى الأحاديث أن للرجل حالين استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق. وحال جواز وهو أن ينزل به الى الكعبين، وكذا للنساء حالان: حال استحباب وهو أن تزيد على ماهو جائز للرجال بقدر الشبر. وحال جواز وهو أن تزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الذراع، وأن الإسبال يكون فى القميص والعمامة والإزار، وأنه لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء. وإن كان لغيرها فهو مكروه للتنزيه أهـ.
هذا. وإنه ليسوءنا ويسوء كل غيور على دينه حريص على سعادة أمته أن ترى مخالفة هذه الأدلة بين ظهرانينا من الرجال والنساء.
فنرى الرجال يسبلون الثياب تجر على الأرض ذيولها، ويوسعون الأكمام ويتركون الحبل على الغارب للنساء، فيقصرن الثياب ويكشفن الرءوس والنحور والصدور. ويسرن فى الطرقات متعطرات متبرجات متهتكات، كاسيات عاريات مائلات مميلات، يبدين زينتهن ويظهران أطرافهن على مرأى ومشهد من القريب والبعيد.
(1) انظر ص 207 وغيرها ج 10 فتح البارى (شرح حديث: من جر ثوبة مخيلة لم ينظر الله اليه).
(وبهذا) تحقق ما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم (روى) أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخث المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. أخرجه أحمد ومسلم (1) {
173}
(1) انظر ص 109 ج 14 نووى مسلم (النساء الكاسيات العاريات .. اللباس) و (كاسيات) أى من نعم الله تعالى (عاريات) من شكرها، أو ساترة بعض بنسها كاشفة بعضه، أو تلبس ثوبا رقيقا يصف بدنها. و (مائلات) أى عن طاعة الله وما يلزمهن حفظة، أو يمشين متبخترات. و (مميلات) لأكتافهن، أو يعلمن غيرهن فعلهن المذموم أو يملن الشبان إليهن بما يبدين من زينتهن (رءوسهن كاسنمة البخت) أى يعظمنها ويكبرنها بما يلف كالعمامة، أو يجمعن شعورهن حتى تشبه اسنمة الإبل البخت ذات السنام المائل. وهو من شعار العاهرات.
(قال) القرطبى فى معنى الحديث: نساء كاسيات عاريات، يعنى كاسيات بالثياب عاريات من الدين، لانكشافهن وغبداء محاسنهن. وقيل كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما تحتها وما خلفها فهن كاسيات فى الظاهر عاريات فى الحقيقة. وقيل كاسيات فى الدنيا بانواع الزينة من الحرام وما لا يجوز لبسه، عاريات يوم القيامة (مائلات) أى زائغات عن طاعة الأزواج وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر عن الأجانب. و (مميلات) يعلمهن غيرهن الدخول فى مثل فعلهن، وقيل مائلات متبخترات يملن رءوسهن وأعطافهن للخيلاء والتبختر، وقيل مميلات لقلوب الرجال بما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن (على رءوسهن مثل اسنمة البخت) أى يعظمهن رءوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رءوسهن ما يسمى عندهن الفاهرة لا عقص الشعر والذوائب المباحة للنساء أهـ ملخصا (وفى الحديث) ذو هذين الصنفين، وهو معجزة ظاهرة للنبى صلى الله عليه وسلم، لقد تحقق ما أخبر أنه سيكون وقد ورد تحذير النساء من لبس رقيق الثياب التى تصف البشرة فى غير حديث كما يأتى فى ط بحث الثياب الرقيقة " ص 179 - ان شاء الله تعالى
(وإن تعجب) أيها المؤمن فعجب من ذلك الرجل الذى يترك امرأته تتزيا بزى الخلاعة أمام البنات والخادمات (1) حتى فشا الفجور باسم المدنية والتقدم، وتهدَّم الشرف وضاعت الفضيلة تحت ستار الحضارة والرقى.
(كيف) لا يخجل ذلك الرجل الذى يتأبط المرأة فى الطرقات وهى شبه عارية؟ أيصل به تفكيره إلى أن زوجته مشاع للجميع؟ فليتمتع بالنظر إليها من شاء.
(ألا يحسّ) ذلك الرجل الذى يترك بناته على هواهنّ، ويتفانى فى شراء أدوات الزينة والتهتك لهنّ فيخلعن ثوب الوقار ويلبسن ما يغضب الواحد القهار.
(ألا يجدر) بهؤلاء وأولئك أن يرجعوا إلى تعاليم الدين الحنيف فيعملوا على ما فيه الخير لنسائهم وبناتهم فى الدنيا والآخرة من حشمة ووقار.
(ألا يجدر) بحضرات المحامين - وهم الطبقة المتعلمة ولاسيما الشرعيين منهم - أن يجعلوا من مكاتبهم أماكن وعظ وهداية لتلك التى خرجت من خدرها تريد محاربة زوجها، وقد حاربت ربها من قبله بخروجها عارية سافرة فى الطرقات يشاهدها الفساق والفجار، وكثير ماهم.
(ألا تعمل) الحكومة على سنّ قانون يضرب بيد من حديد على كل من تحدّثها نفسها بانتهاك حرمتها وخروجها بشكل فاضح مزر بكرامتها وكرامة قومها ووطنها الإسلامى.
(1) وإنا نسجل هنا مكرمة تذكر فنشكر لصاحب المعالى وزير المعارف - المرحوم محمود فهمى النقراشى باشا - فى هذا الشان. قالت مجلة الاعتام فى عددها الرابع الصادر فى 19 من شوال سنة 1358 هـ لاحظت وزارة المعارف أن بعض طالبات المدارس يذهبن الى مدارسهن بملابس الألعاب الرايضية القصيرة، ويظهرن بها فى الطريق بدل الملابس العادية. وترى الوزارة أن هذا يتنافى مع ما يجب أن تكون عليه الطالبة من تمام الحشمة فكتبت الى حضرات ناظرات مدارس البنات تطلب اليهن أن ينبهن الطالبات - لا سيما كبارهن - الى عدم الظهور فى خارج المدرسة بملابس الألعاب الرياضية (وإنها) لخطوة مباركة لمعالى وزير المعارف، نرجو أن يشفعها معاليه ببث الروح الدينية بين المتعلمين والمتعلمات، مع المراقبة الشديدة على تنفيذ هذا الأمر والعمل على مقتضاه، ومؤاخذة من يتوانى فى العمل به حتى يعود للأمة مجدها وعزها ويرجع لها وقارها وهيبتها، وكرامتها، نسال الله الجميع الهداية والتوفيق.
(هـ) وكذا تمنع المبالغة فى سعة الثياب كالفرجيات، لما فيه من الإسراف المنهى عنه (قال) ابن الحاج فى المدخل: وينبغى للعالم أن يتحفظ فى نفسه بالفعل، وفيمن يجالسه بالقول، من هذه البدعة التى يفعلها كثير ممن ينسب إلى العلم فى تفصيل ثيابهم من طول الكم واتساعه الخارج عن سبيل الشريعة فيقعون بسببه فى المحذور، لأن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن إضاعة المال (وقد) روى الإمام مالك فى موطئه أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إزرة المسلم إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين. ما أسفل من ذلك ففى النار. ما أسفل من ذلك ففى النار. لا ينظر الله يوم القيامة الى من جر إزاره بطرا (1){174} .
(فهذا) نص صريح منه عليه الصلاة والسلام على أنه لا يجوز للإنسان أن يزيد فى ثوبه ما ليس فيه حاجة إليه، إذ أن ما تحت الكعبين ليس للإنسان به حاجة. فمنعه منه وأباح ذلك للنساء، فلها أن تجر مِرْطَها خلفهاً شبرا أو ذراعا للحاجة الداعية إليه وهى التستر والإبلاغ فيه، إذ المرأة كلها عورة إلا ما استثنى (وكره) الإمام مالك للرجل سعة الثوب وطوله عليه، ذكره ابن يونس.
(وحكى) الإمام ابو بكر محمد بن الوليد الطرطوشى فى كتابه " سراج الملوك والخلفاء " أنه لما دخل محمد بن واسع سيد العُبَّاد فى زمانه على بلال
(1) وأخرجه أيضاً أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبى سعيد الخدرى بلفظ تقدم رقم 159 بص 163 وما بعدها.
ابن أبى بردة أمير البصرة، وكان ثوبه إلى نصف ساقيه، قال له بلال: ما هذه الشهرة يابن واسع؟ فقال له ابن واسع: أنتم شهرتمونا، هكذا كان لباس من مضى، وإنما أنتم طولتم ذيولكم، فصارت السنة بينكم بدعة وشهرة أهـ (فتوسيع) الثوب وكبره، وتوسيع الكم وكبره ليس للرجل به حاجة " فيمنع مثل مازاد على الكعبين سواء بسواء، وإن كان للإنسان أن يتصرف فى ماله لكن تصرفا غير تام فهو محجور عليه، لأنه أبيح له أن يصرفه فى مواضع، ومنع من صرفه فى مواضع، فالمال فى الحقيقة ليس له وإنما هو فى يده على سبيل العارية على أن يصرفه فى كذا ولا يصرفه فى كذا. وهذا بين منصوص عليه فى القرآن والحديث. قال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} آية 7: الحديد. ونحوه من الآيات، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يقول أحدكم مالى مالى، وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما ليست فأبليت، وما تصدقت فأبقيت (1){175} ونحوه من الأحاديث، فما يفعلونه من الاتساع والكبر ليس مشروعا فيمنع.
(قال) ابن القاسم: بلغنى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قطع كم رجل إلى أطراف أصابعه، ثم أعطاه فضل ذلك وقال له: خذ هذا واجعله فى حاجتك {27} (قال) ابن رشد: إنما فعل سيدنا عمر رضىالله عنه هذا لأنه رأى أن الزيادة فى طول الكمين على قدر الأصابع مما لا يحتاج إليه، فرآه من السرف وخشى عليه أن يدخله منه عجب، فأين الحال من الحال؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(1) أخرجه أحمد ومسلم عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يقوم ابن آدم مالى مالى. وهو لك بابن آدم من مالك الى ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت؟ أو تصدقت فأمضيت؟ رقم 3231 ص 393 ج 2 كشف الخفاء وص 94 ج 18 نووى مسلم (الزهد).
(قال) أبو طالب المكى فى قوت القلوب: ومما أحدثوا من البدع لبس الثياب الذى خرجوا به عن حدَّ السمت والوقار، وتكلفهم فى حملة إن تركوه مدلى ثقل عليهم فى مشيهم فثقل مروءة أحدهم بسببه، ولا يقدر على المشى الكثير، ولا على تعاطى قضاء الحوائج. وإن رفع يديه به كان فيه كلفة وإن كان فى صلاة فإن رفع يديه به ضمة إليه، كان فيه شغل فى الصلاة فيمنع منه، لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يكفت أحد شعره فى الصلاة. أو يضم ثوبه، وإن تركه على حاله انفرش على الأرض حين السجود والجلوس فيمسك به إن كان فى المسجد ما ليس له أن يمسكه، لأنه ليس له فى المسجد إلا موضع قيامه وسجوده وجلوسه. وما زاد على ذلك فلسائر المسلمين فيكون غاضباً قدراً من المسجد وهو محرم، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه من سبع أرضين (1){176}
(وربما) أرتكب بدعة أخرى لأجل ثيابه وهى فرش سجادة. وربما جلس عليها وحده فيزداد الغصب مع ما ينضاف إلى ذلك من الخيلاء، وهذا أمر لو فعله بعض الأعاجم أو الجهلاء بدينهم، لوجب على العالم تحذيرهم منه وزجرهم والأخذ على أيديهم أو وعظهم إن كان يخاف شوكتهم، فكيف يفعله العالم فى نفسه؟ كان الناس يقتبسون آثار العالم ويهتدون بهديه ويرجعون عن عوائدهم لعوائده، فانعكس الأمر فصار من لا علم عنده من الأعاجم وغيرهم يحدثون أشياء مثل هذا، فيسكت لهم عليه ثم يتشبه العالم بهم فى فعلهم فكان الناس يقتدون بالعلماء، فرجعنا نقتدى بفعل الجهلاء.
(1) أخرجه أحمد والشيخان عن عائشة انظر ص 63 ج 3 تيسير الوصول (الغصب)
(وهذا) الباب هو الأصل الذى تركت منه السنن غالبا، أعنى اتخاذ عوائد يقع الاصطلاح عليها ويمشى عليها فينشأ أناس عليها لا يعرفون غيرها ويتركون ما وراءها فجاء ما قال صاحب الأنوار رحمة الله سواء بسواء: ويلكم يا معشر العلماء السوء الجهلة بربهم، جلستم على باب الجنة تدعون الناس إلى النار بأعمالكم فلا أنتم دخلتم الجنة بفضل أعمالكم، ولا أنتم أدخلتم الناس فيها بصالح أعمالكم، قطعتم الطريق على المريد، وصددتم الجاهل عن الحق، فما ظنكم غدا عند ربكم إذا ذهب الباطل بأهله. وقرب الحق أتباعه؟ أهـ.
(على أنه) لم ينقل عن أحد ممن مضى أنه كان لعلمائهم لباس يعرفون به غير لبأس الناس جميعا، لامزية لهم على غيرهم فى الثوب ولا فى التفصيل بل لباس بعضهم أقل من لباس الناس لتواضعهم وورعهم وزهدهم ولمعرفة الحق والرجوع إليه. ولفضيلة ذلك عند الشرع. والعالم أولى من يبادر إلى الأفضل والرجح فى الشرع، نعم سيدنا عمر رضى الله عنه قال: استحب للقارئ أن يكون ثوبه أبيض {28} يعنى يفعل ذلك توقيراً للعلم، فلا يلبس ثوبا وسخا ولم يقل أحد إنه يخالف لباس الناس بسبب علمه، فقد كان للإمام ثياب كثيرة يوقر بها مجلس الحديث حين كان يقرؤه. ولم ينقل عنه أنه كان فى غير مجلس الحديث إلا على العادة. وعلى كل حال لم يكن مخالفا لما امر به النبى صلى الله عليه وسلم، بخلاف لبس غالب علماء هذا الزمان. فإنه منهى عنه بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدم، وما ورد عنه عليه الصلاة والسلام من التأكيد فى لبس الخشن من الثياب إلا فى الجمع والأعياد (1).
ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم فى ذلك
(1)" روى " سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أى حلل الأيمان شاء يلبسها. أخرجه الترمذى وحسنة والطبرانى والحاكم والبيهقى] 178 [انظر رقم 1872 ص 289 ج 2 فيض القدير ز والتبذل ترك التزين تواضعا
(وهذا) لا ينافى ما تقدم رقم 154 ص 161 من قول النبى صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى نعمته على عبده. وراه الترمذى وحسنة عن ابن عمرو] 179 [. (فإن المراد) به التوسط فى الملبس والتواضع فيه، وإظهار التجميل أحيانا إظهارا لنعم البارى جل شانه.
(والمراد) بما هنا الرضا بالأدنى عن الأعلى تواضعا لله مع التوسط بين زى الفقراء وزى أهل الخيلاء، فإن خير الأمور أوساطها.
مخالفة لباس الناس لفقيه ولا غيره. وقد جعلت اليوم هذه الثياب للفقيه كأنها فرض عليه. ولا يمكن أن يقعد فى الدرس إلا بها. فإن قعد بغيرها قيل عنه مهين يتهاون بمنصب العلم لا يعطى العلم حقه، ولا يقوم بما يجب له، فانعكس الأمر ودثرت السنة ونسى فعل السلف، بفتوى من غفل أو وهم، واتباعها وشد اليد عليها لكونها جاءت فيها حظوظ النفس، وهى التميز عن الأصحاب والأقران، لأن من لبس ذلك الثوب عندهم قيل هو فقيه فيتميز إذ ذاك عن العوام. وهذه درجة لا تحصل له إلا بعد مجاهدة طويلة، حتى تحصل له درجة فضيلة تنقله ممن درجة العوام، فبنفس لبس تلك الثياب انتقلت درجته عنهم ورجع ملحوقا بالفقهاء فإنا لله وإنا اليه راجعون. صار الفقه بالزى دون الدرس والفهم. فاين هذا مما كان عليه الصحابة رضى الله عنهم والسلف من اللبس الموافق لفعل وقول صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم؟ وأن العالم إنما كان يعرف بينهم بحسن هدية لتخلقه بأخلاق نبيه صلى الله عليه وسلم (قال) عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه: العالم يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون أهـ {29}
(فأنظر) إلى قوله رضى الله عنه هل قال: العالم يعرف بوسع كمه وطوله ووسع ثوبه وحسنه؟
(وكذا) قال غير ابن مسعود رضى الله عنه من الصحابة. ولما كان العلماء على هذه الأوصاف كانت لهم اليد العليا وانتفع الناس بهم، ووجدوا البركة والراحة على ايديهم.
(حكى) عبد الله بن أبى جمرة عن شيخه أبى الحسن الزيات أنه خرج إلى بستانه ليعمل فيه، لأنه كان من عادته يخرج لحائطه يعمل بيده، وإذا ببعض الظلمة أخذوه مع غيره فى السخرة لبستان السلطان، فمضى معهم وصار يعمل معهم إلى أن جاء الوزير لينظر ما عمل فى البستان، فوقعت عينه على الشبخ وهو يعمل فطأطأ على قدميه يقبلهما ويقول: يا سيدى ما جاء بك هنا؟ فقال: أعوانكم الظلمة. فقال يا سيدى عسى أنك تقِبلنا وتخرج فأبى. فقال له ولم؟ قال: هؤلاء إخوانى من المسلمين كيف أخرج وهم فى ظلمكم؟ لا أفعل ذلك. فسأله أن يخرج بهم فأبى. فقال له ولم؟ فقال له: غدا تأخذونهم إن كانت لكم بهم حاجة. فلم يخرج حتى تابوا إلى الله تعالى ألا يستعملوا أحداً من المسلمين ظلما أهـ.
(فأنظر) إلى بركة زى العالم إذا كان مثل زى الناس، وما يحصل لهم به من الخير. هذا فى واحدة. فما بالك بغيرها وغيرها. فلو كان على الشيخ إذ ذاك لباس يعرف به لم يؤخذ، فكانت تلك البركة تمنع عن هؤلاء المساكين الذين أخذوا فى ظلم السلطان.
(وعن) الفضيل بن عياض رحمة الله تعالى أنه قال: لو أن اهل العلم أكرموا أنفسهم، وشحوا على دينهم، وأعزوا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله تعالى، لخضعت لهم رقاب الجبابرة، وأنقادت لهم الناس وكانوا لهم تبعا وعز الإسلام وأهله، ولكنهم أذلوا أنفسهم ولم يبالوا بما نقص من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم، وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا بذلك ما فى أيديهم، فذلوا وهانوا على الناس أهـ.
(فهذه) المفاسد كلها ظاهرة مع ما يحصل فيها من المفاخرة والخيلاء أهـ ملخصا. وتمامه بكتاب إصابه السهام (1).
17 -
التيامن فى اللباس وغيره:
يسن التيامن فى اللبس وغيره من الأمور الشريفة " لحديث " أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه. أخرجه النسائى والترمذى (2){180} " ولحديث " ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم. أخرجه أحمد وأبو داود والطبرانى والبيهقى (3){181} (قال) ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصح.
" ولقول " عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعجبه التيامن لترجله وتنعله وطهوره وفى شأنه كله. أخرجه أحمد والشيخان (وأخرجه) السبعة بلفظ: كان يحب التيامن ما استطاع فى طهوره وتنعله وترجله وفى شأنه كله (4){182} " ولحديث " حفصة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجعل يمينه لأكله وشربه ووضوئه وثيابه وأخذه وعطائه. ويجعل شماله لما سوى ذلك. أخرجه أحمد والحاكم وأبو داود (5){183}
(ولهذا) اتفق العلماء على أنه يستحب التيامن فى الأمور الشريفة، والتياسر
(1) انظر ص 17 وما بعدها.
(2)
انظر رقم 6788 ص 159 ج 5 فيض القدير.
(3)
تقدم رقم 177 ص 261 ج 1 دين (التيامن فى الوضوء). الطبعة الثالثة.
(4)
تقدم رقم 176 ص 261 ج 1 دين (التيامن فى الوضوء) و (الترجل) تسريح الشعر.
(5)
انظر رقم 6985 ص 204 ج 5 فيض القدير وفيه. وقال النووى إسناد جيد.
فيما سوى ذلك (قال) النووى: هذه قاعدة مستمرة فى الشرع وهى " أن ما كان " من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب وترجيل الشعر ونتف الأبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة وغسل أعضاء الطهارة والخروج من الخلاء والمصافحة والأكل والشرب واستلام الحجر الاسود وغير ذلك مما هو فى معناه " يستحب " التيامن فيه " وأما ما كان " بضده كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك " فيستحب " التياسر فيه. وذلك لكرامة اليمين وشرفها (1).
18 -
الثياب الرقيقة والضيقة:
لا يحل لرجل ولا لامرأة لبس ثوب خفيف أو ضيق يصف العورة " لحديث " ضمرة بن ثعلبه أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه حلتان من حلل اليمن. فقال يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة؟ فقال يا رسول الله: لئن استغفرتَ لى لا أقعد حتى أنزعهما عنى. فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لضمرة فانطلق سريعا حتى نزعهما عنه. اخرجه أحمد بسند رجاله ثقات إلا أن بقية مدلس (2){184} ففيه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كره من ضمرة أن يلبس حلة رقيقة " ولقول" دحية الكلبى: أتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بُقباطىّ فاعطانى منها قُبطية فقال: اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصا وأعط الأخر امرأتك تختمر به فلما أدبر قال: وأمر امرتك أن تجعل تحثه ثوبا لا يصفها. أخرجه أبو داود والبيهقى والطبرانى والحاكم (3){185}
(1) انظر ص 74 ج 14 - نووى مسلم.
(2)
انظر ص 136 ج 5 مجمع الزوائد (باب فى الثياب الرقاق)
(3)
انظر ص 69 ج 4 سنن ابى داود (لبس القباطى للنساء) و (قباطى) بضم ففتح جمع قبطية، بكسر أو ضم وسكون، اى ثوب يصنعه قبط مصر، رقيقة بيضاء وضم القاف من تغيير النسب.
وفى سنده ابن لهيعة لا يحتج بحديثه. وقد تابعه أبو العباس يحيى بن أيوب المصرى، وفيه مقال وقد احتج به مسلم واستشهد به البخارى. قاله المنذرى " ولقول " أسامة بن زيد: كسانى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبى فكسوتها امرأتى فقال لى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مالك لم تلبس القبطية؟ قلت يا رسول الله كسوتها امرأتى. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مرها فلتجعل تحتها غِلالة فإنى أخاف أن تصف حجم عظامها. أخرجه أحمد والطبرانى والبيهقى وفيه عبد الله بن محمد ابن عقيل، وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات قاله الهيثمى (1){186}
(وعلى هذا) اتفقت كلمة العلماء (قال) السفارينى فى غذاء الألباب: إذا كان اللباس خفيفاً يبدى لرقته وعدم ستره عورة لابسه من ذكر أو أنثى فذلك ممنوع محرم على لابسه لعدم ستره العورة المأمور بسترها شرعا بلا خلاف. وقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عدة أخبار فى النهى عن لبس النساء الرقيق من الثياب التى تصف البشرة " فقد " قال ابن عمرو رضى الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: يكون فى آخر أمّتى رجال يركبون على سُرج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كاسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهنَ ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدم نساؤكم نساءهم كما خدمتكم نساء الأمم من قبلكم. أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح واللفظ له والطبرانى فى معاجمه الثلاثة وابن حبان فى صحيحه والحاكم وقال على شرط مسلم (2) {187} (وعن) خالد بن دريك أن عائشة قالت: إن أسماء بنت
(1) انظر ص 136 ج 5 مجمع الزوائد (كسوة النساء) و (الغلالة)، بكسر العين، شعار يلبس تحت الثوب.
(2)
انظر ص 137 ج 5 مجمع الزوائد (كسوة النساء) و (البخت) نوع من الإبل ماش السنام. و (والعجاف) الهزيل
أبى بكر الصديق رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه. رواه أبو داود. وقال هذا مرسل. خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضى الله عنها (1){188} .
(وقال) ابن الحاج فى المدخل: وليحذر العالم من هذه البدعة التى أحدثها النساء فى لباسهن وهن ناقصات عقل ودين، فمن ذلك ما يلبسن من هذه الثياب الضيقة والقصيرة وهما منهى عنهما ووردت السنة بضدهما. لآن الضيق من الثياب يصف من المرأة أكتافها وثدييها وغير ذلك. وغالبهن يجعلن القميص إلى الركبة، فإن انحنت أو جلست أو قامت انكشفت عورتها. وقد تقدم أن ذيل ثوب المرأة تجره خلفها ويكون فيه وسع بحيث إنه لا يصفها. وتمامه فيه.
19 -
لبس الصوف والكتان ونحوهما:
يباح لبس الثياب الصوف والكتان والوبر والشعر إذا كان من حيوان طاهر " لقول " سهل بن سهل: حيكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنمار من صوف أسود، وجعل لهاذؤابتان من صوف أبيض فخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المجلس وهى عليه فضرب على فخذه فقال ألا ترون ما أحسن هذه الحلة؟ فقال أعرابى: يا رسول الله أكسنى هذه الحلة - وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سئل شيئا لم يقل لشئ يسأله
(1) انظر ص 62 ج 4 سنن ابى داود (ما تبدى المرأة من زينتها) وص 141 ج 2 غذاء الألباب (حكم لبس ما يصف البشرة) و (المحيض) زمن البلوغ والمراد بالمرسل ما يشمل المنقطع، وهو ما حذف منه غير الصحابى
لا - قال نعم، فدعا بمعقدتين فلبسهما فأعطى الأعرابى الحلة وأمر بمثلها تحاك، فمات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهى فى المحاكة. أخرجه الطبرانى وفيه زمعة بن صالح وهو ضعيف وقد وثق. وبقية رجاله ثقات (1){189}
" ولحديث " ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: كان على موسى عليه السلام يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف، وكان نعلاه من حمار ميت. أخرجه الترمذى وقال: غريب، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين (2){191} .
(ورد) بأن فى سنده حميد الأعرج بن على أو ابن عمار وهو متروك. قاله المنذرى (وعلى هذا) اتفقت كلمة العلماء.
(قال) ابن القيم فى زاد المعاد: وكان غالب ما يلبس النبى صلى الله عليه
(1) انظر ص 130 ج 5 مجمع الزوائد (لبس الصوف) و (حيكت) مبنى للمجهول من حاك الثوب نسجه و (أثمار) جمع ثمرة بفتح فكسر وهى شملة من صوف و (المعقد) بشد القاف نوع من برود هجر و (المحاكة) بضم الميم موضع الحياكة وهى النسج (والحديث) أخرجه ابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدى أن امرأة جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله إنى نسجت هذه بيدى لأكسوكها فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجا البها فخرج علينا فيها، وأنها لازاره فجاء فلان ابن فلان (رجل سماه يومئذ) فقال: يارسول الله ما أحسن هذه البردة؟ ! اكسنيها قال نعم. فلما دخل طواها وارسل بها اليه. فقال القوم: والله ما أحسنت، كسيها النبى صلى الله عليه وسلم محتاجا اليها ثم سالته إياها وقد علمت أنه لا يرد سائلا. فقال إنى والله ما سالته إياها لألبسها، ولكن سالته إياها لتكون كفنى. فقال سهل فكانت كفنه يوم مات] 190 [انظر ص 92 جـ 2 سنن ابن ماجه (لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر ص 270 ج 3 تيسير الوصول (الصوف) و (الكعبة) بضم فشد، القلنسوة الصغيرة.
وعلى آله وسلم هو وأصحابه من القطن. وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان. وذكر الشيخ أبو إسحاق الأصبهانى بإسناد صحيح عن جابر ابن أيوب قال: دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين وعليه جبة صوف، وإزار صوف، وعمامة صوف، فاشماز منه محمد (يعنى ابن سيرين) وقال: أظن أن أقواماً يلبسون الصوف ويقولون قد لبسه عيسى ابن مريم وقد حدثنى من لا أتهم أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد لبس الكتان والصوف والقطن. وسنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحق أن تتبع (ومقصود) ابن سيرين بهذا أن أقواما يرون أن لبس الصوف دائما أفضل من غيره فيتحرونه ويمنعون أنفسهم من غيره. وكذلك يتحرر وززياً واحداً من الملابس ويتحرون رسوما وأوضاعا وهيئات يرون الخروج عنها منكرا. ولبس المنكر إلا التقيد بها والمحافظة عليها وترك الخروج عنها (والصواب) أن أفضل الطرق طريق النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم التى سنها وأمر بها ورغب فيها وداوم عليها. وهى أن هديه فى اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة، والقطن تارة، والكتان تارة أهـ (1)
(وقال) السفارينى فى غذاء الألباب: ويباح لبس الكتان إجماعا. والنهى عنه من حديث جابر باطل. ونقل عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه كرهه للرجال ولا شك فى الإباحة (2). ولا فرق فى إباحة ذلك بين الرجال والنساء " لحديث " عائشة (فعن) الحسن مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلى فى مروط نسائه. وكانت أكسية من صوف. أخرجه مسلم وأبو داود (3){192}
(1) انظر ص 36 ج 1 زاد المعاد (لبسه صلى الله علهي وسلم الصوف والقطن والكتان).
(2)
انظر ص 199 ج 2 غذاء الألباب (لا يكره لبس ثياب الكتان).
(3)
انظر ص 156 ج 2 منه (لا باس يلبس الصوف والقباء للنساء).
20 -
القباء:
هو بفتح القاف والمد من قبوت الحرف أقبوة إذا ضممته، وهو القفطان ففى القاموس: القبوة انضمام ما بين الشفتين، ومنه القباء من الثياب.
هذا. ولا باس يلبسه إذا لم يكن حريرا (قال) المسور بن مخرمة رضى الله عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئا. فقال مخرمة: يا بنى انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فانطلقت معه فقال: ادخل فادعه لى، فدعوته فخرج إليه وعليه قباء. فقال: خبأت هذا لك فنظر إليه فقال رضى مخرمة. أخرجه أبو داود والنسائى (1){193} .
وقال السفارينى: (سئل) شيخ الأسلام ابن تيمية عن طرح القباء على الكتفين من غير أن يدخل يديه فى كميه هل هو مكروه أم لا؟ (فأجاب) بأنه لا بأس بذلك باتفاق الفقهاء. وليس هذا من السدل المكروه. لأن هذه اللبسة ليست لبسة اليهود أهـ (2)
21 -
البرنس:
هو بضم فسكون، قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه.
(ويباح) لبسه فى غير الإحرام، لأن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل ما يلبس المحرم؟ فقال لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل. أخرجه السبعة، من حديث ابن عمر (3){194} . فقد دل
(1) انظر ص 43 ج 4 سنن ابى داود (ما جاء فى القبية) وص 298 ج 2 مجتبى (لبس الأقبية).
(2)
انظر ص 156 ج 2 غذاء الألباب (حكم لبس القباء).
(3)
هو بعض حديث لفظه ك لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل، ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين إلا ألا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكون اسفل من الكعبين. انظر هامش 1 ص 72 (ارشاد الناسك الى أعمال المناسك) طبعة ثانية دين ج 9.
بمنطوقه على حرمة لبس البرنس للمحرم، وبمفهومه على إباحته لغيره. وقد ورد فى هذا أحاديث أخر فيها مقال (منها) قول أبى قرصافة: كسانى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم برنسا وقال البسه. أخرجه الطبرانى. قال الهيثمى فيه جماعة لم أعرفهم (1){195}
22 -
لبس الفراء وجلد الأرنب:
(الفراء) بكسر الفاء جمع فروة، وهو لباس معروف.
(ويباح) لبسه إن كان جلد حيوان مأكول لم يعلم موته ولم يدبغ جلده. فالمعتبر فى حل لبسه عدم العلم بنجاسته، فإذا وجدنا جلد مأكول اللحم فالأصل أنه طاهر، ما لم نعلم أنه مات حتف أنفه أو ذكاه من لا تحل ذكاته له.
(والأرنب) حيوان صغير قصير اليدين طويل الرجلين عكس الزرافة، يطلق على الذكر والأنثى، يقال للذكر خزر كصرد وللأنثى عكرشة (2) ويباح لبس جلده باتفاق العلماء.
23 -
لبس المصبوغ من الثياب:
يباح لبس الثوب المصبوغ بأى لون كان غير الأحمر القانى قبل غسله ما لم تعلم نجاسته ولو كان الصابغ غير مسلم، لأن الأصل الطهارة " ولعموم " حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رخص فى الثوب المصبوغ ما لم يكن له نفض ولا رِدْع. أخرجه أحمد (3) وفيه الحجاج بن أرطاة
(1) انظر ص 127 ج 5 مجمع الزوائد (البرانس).
(2)
العكرشة، بكسر فسكون فكسر، الأرنبة الضخمة.
(3)
انظر ص 129 جـ 5 مجمع الزوائد (الصباغ) و (الردع) بكسر فسكون نفض الصبغ فهو عطف مرادف.
مدلس " ولقول" عائشة: كان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثوب مصبوغ بورس، وكان يلبسه فى بيته ويدور فيه على نسائه ويصلى فيه. أخرجه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف قاله الهيثم (1){197}
" لقول" عمران بن مسلم: رأيت بن مالك إزارا أصفر، أخرجه الطبرانى بسند رجاله رجال الصحيح (2){30} (وبهذا) قال الحنفيون والحنبليون.
(وقالت) المالكية والشافعية: يكره لبس ما صبغه الكفار قبل غسله (قال) السفارينى فى الأقناع: وثياب الكفار كلهم وأوانيهم طاهرة إن جهل حالها حتى ما ولى عوراتهم، كما لو علمت طهارتها، وكذا ما صبغوه أو نسجوه وعبارة المنتهى " وما لم " تعلم نجاسته من آتية كفار ولو لم تحل ذبيحتهم كالمجوس وما لم تعلم نجاسته من ثيابهم ولو وليت عوراتهم وكذا من لابس النجاسة كثيرا " طاهر " مباح لقوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} وهو يتناول ما لا يقوم إلا بآنية (لكونه سائلا) ولأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه توضئوا من مزادة مشركة. متفق عليه. ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك وبدن الكافر طاهر وكذا طعامه وماؤه وما صبغوه أو نسجوه.
(وقال) فى الإقناع: وتصح الصلاة فى ثياب المرضعه والحائض والصبى مع الكراهة ما لم تعلم نجاستها. وعبارة الفروع: وثياب الكفار وآنيتهم مباحة إن جهل حالها وفاقا لأبى حنيفة (وعنه) الكراهة وفاقا لمالك والشافعى (وعنه) المنع فيما ولى عوراتهم. وعنه المنع ممن تحرم ذبيحته، وكذا حكم ما صبغوه وآنية من لابس النجاسة كثيرا وثيابه أهـ ملخصا (3).
(1) انظر ص 129 ج 5 مجمع الزوائد (ما جاء فى الصباغ).
(2)
انظر ص 130 جـ 5 مجمع الزوائد (ما جاء فى الصباغ).
(3)
انظر ص 146 جـ 2 غذاء اللباب (حكم لبس ما صبغة اليهود قبل غسله) و (المزادة) بفتح الميم والقياس كسرها لأنها آله يستقى بها
24 -
لبس المزرَّر وغيره:
يجوز لبس القميص والقباء ونحوهما مزررا ومحلول الأزرار إذا لم تبد عورته. ولا كراهة فى واحد منهما " لما تقدم " عن سلمة بن الأكوع: قال يا رسول الله إنى رجل أصيد أفاصلى فى القميص الواحد؟ قال نعم وَزُرهَّ عليك ولو بشوكة. أخرجه الشافعى وأحمد وأبو داود والنسائى والحاكم (1){198} "ولحديث " معاوية بن قرة عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى رهط فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار (الحديث) أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذى فى الشمائل بسند صحيح (2){199}
25 -
ما يقول من لبس جديدا:
يسن لمن لبس جديدا أو عمامة أو نعلا أو نحوه أن يحمد الله تعالى ويدعوه بالوارد " لحديث " أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا استجد ثوبا سماه باسما قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول: اللهم لك الحمد إنك كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له. وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له. أخرجه أحمد والحاكم والثلاثة وحسنه والترمذى. وقال النووى: حديث صحيح (3){200} .
(1) تقدم رقم 151 ص 160 (القميص)
(2)
(انظر ص 55 جـ 4 سنن ابى داود - حل الإزار) وص 194 ج 2 سنن ابن ماجه وص 59 الشمائل (لباس النبى صلى الله عليه وسلم
(3)
انظر رقم 6562 ص 98 ج 5 فيض القدير وص 41 ج 4 سنن ابى داود (اللباس) و (سماه باسمه) والبداءة باسم الثوب قبل حمد الله تعالى ابلغ فى تذكر النعمة وإظهارها. فإن ذكر الثوب مرتين ظاهرا ومضمرا. (وخير الثوب) استعماله فى طاعة الله وعبادته (وشره) استعماله فى معصية الله ومخالفته وقيل (خير الثوب) بقاؤه ونقاؤه وكونه ملبوسا للحاجة لا للفخر والخيلاء وكونه حلالا له (وشره) كونه حراما أو نجسا أو لا يبقى زمنا طويلا، (وخير ما صنع له) هو دفع الضرورة التى يصنع لها اللباس من الحر والبرد (وشر ما صنع له) ألا يتوصل به الى المطلوب من دفع الضرر وويحتمل أن خير ما صنع له هو الشكر بالجوارح والقلب وشر ما صنع له هو الكفر والمعاصى.
" ولحديث " معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذى أطعمنى هذا الطعام ورزقنيه من غير حول منى ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذى كسانى هذا الثوب ورزقنيه من غير حول منى ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. أخرجه أبو داود والحاكم وصححه وأخرج أحمد والترمذى صدره وحسنه الترمذى (1){201} .
" ولقول " أبى أمامة: لبس عمر بن الخطاب رضى الله عنه ثوبا جديدا فقال: الحمد لله الذى كسانى ما أوارى به عورتى وأبحمل به فى حياتى. قم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: من لبس ثوبا جديدا فقال: الحمد لله الذى كسانى ما أوراى به عورتى، وأتجمل به فى حياتى، ثم عمد إلى الثوب الذى أخلق أو ألقى فتصدق به، كان فى كنف الله وحفظه وستره حيا وميتا قالها ثلاثا. أخرجه ابن ماجه والترمذى وحسنه والحاكم وصححه (2){202}
(وردّ) بأن فى سنده أصبغ بن زيد ضعفه ابن سعد وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال النسائى: لا بأس به ووثقه ابن معين والدار قطنى. وقال المنذرى صدوق وفيه أيضاً أبو العلا قال المنذرى: مجهول.
(1)(انظر ص 42 جـ 4 سنن ابى داود 0 اللباس) وص 25 جـ 2 تيسير الوصول (دعاء اللباس والطعام) وص 507 جـ 1 مستدرك. وص 439 جـ 3 مسند أحمد.
(2)
انظر ص 192 جـ 2 سنن ابن ماجه (ما يقول من لبس جديا) وص 24 جـ 2 تيسير الوصول و (أخلف أو القى) أى أبلاه أو القاء لاستغنائه عنه.
26 -
ما يقال لمن لبس ثوبا جديدا:
يسن الدعاء لمن لبس ثوبا جديدا " لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى على عمر ثوبا فقال: البس جديدا، وعش حميدا، وموت شهيدا ويرزقك الله قرة عين فى الدنيا الآخرة. أخرجه أحمد والطبرانى والنسائى وابن ماجه وابن حبان وصححه (1) {203} " ولحديث " أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتِىَ بكسوة فيها خميصة صغيرة فقال: من ترون أحق بهذه؟ فسكت القوم وفقال: إيتونى بأم خالد فأتى بها فألبسها إياها، ثم قال: أبلى وأخلفى مرتين (الحديث) أخرجه أحمد وأبو داود {204} وكذا البخارى بلفظ تقدم (2).
(وقال) أبو نضرة المنذر بن مالك: وكان أصحاب النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديدا قيل له: تبلى ويخلف الله تعالى. أخرجه أبو داود والبيهقى (3){31}
27 -
تنظيف اللباس:
يلزم غسل الثياب من النجاسة للصلاة كما تقدم. ويسن غسلها من الوسخ والعرق " لحديث " ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من كرامة
(1) انظر ص 81 راموز الأحاديث وص 192 جـ 2 سنن ابن ماجه صدره الى قوله " مت شهيدا "(ما يقول من لبس ثوبا جديدا).
(2)
انظر ص 364 جـ 6 مسند أحمد. وص 42 جـ 4 سنن ابى داود (ما يدعى به لمن لبس جديدا) وتقدم رقم 136 ص 153 (لبس الأسود والخميصة) كساء اسود معلم الطرفين من خز أو صوف.
(3)
انظر ص 41 جـ 4 سنن أبى داود (اللباس).
المؤمن على الله نقاء ثوبه ورضاه باليسير. أخرجه الطبرانى (1){205} ، وفى سنده عبّاد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره. وجرول بن حنفل ثقة. وقال ابن المدينى له مناكير. وبقية رجاله ثقات " ولحديث " عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الإسلام نظيف فتنظفوا، فانه لا يدخل الجنة إلا نظيف. أخرجه الطبرانى فى الأوسط، وفيه نعيم بن مورع وهو ضعيف. قاله الهيثمى (2) {206} (وكذا) يطلب تنظيف الشعر " لحديث " عائشة أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أكرموا الشعر. أخرجه البزار: وفى سنده خالد بن إلياس متروك (3){207}
(وقد) ورد فى الحث على النظافة عدة أحاديث منها (حديث) إن الله تعالى جميل يحب الجمال، سخى يحب السخاء نظيف يحب النظافة. أخرجه ابن عدى عن ابن عمر وضعفه السيوطى (4){208} .
(وحديث) أبى هريرة أن رجلا جميلا قال النبى صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أنى رجل حُبِّب إلىّ الجمال وأعطيت منه ما ترى. فأحب أن يكون ثوبى جميلا ونعلى جميلا، أفمن الكبر ذلك؟ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك من الكبر. ولكنّ الكبر مَنْ بطِر الحق وعمظ الناس، وفى رواية الترمذى: وغمض بالصاد بدل الطاء المهملة. أخرجه أبو داود (5){209}
(1) انظر ص 132 ج 4 مجمع الزوائد (النظافة).
(2)
انظر ص 132 ج 4 مجمع الزوائد (النظافة).
(3)
انظر ص 164 منه (ما جاء فى الشعر واللحية).
(4)
انظر رقم 1722 ث 225 ج 2 فيض القدير.
(5)
انظر ص 59 ج 4 سنن ابى داود (ما جاء فى الكبر - اللباس) و (بطر) كفرح، كفر النعمة وانكرها وبطر الحق دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا وقيل هو تضيعه وعدم العمل به، أو هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا (والغمط) بفتح فسكون، الاستهانة والاستحقار ومثله الغمص وغمط وغمص كسمع وضرب والثانى كفرح ايضا.
(وحديث) ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بَطر الحق وغمْط الناس. أخرجه مسلم (1){210} . وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء.
هذا ويستحب غسل الثوب إذا توسخ وإصلاح الشعر إذا شعث " لحديث " جابر رضى الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرأى رجلا شعِثا قد تفرق شعره فقال: أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره؟ ورأى رجلا عليه ثياب وسخه فقال: أما كان بجد ماء يغسل به ثوبه؟ . رواه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين (2){212}
(قال) السفارينى فى غذاء الألباب: يسن تنظيف الثياب كلها من قميص ورداء وإزار وسراويل وعمامة وغيرها، لأن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال: أما يجد هذا ما يغسل به ثوبه؟ ورأى رجلا شعِثا فقال أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه؟ رواه الإمام أحمد والخلال من
(1) انظر ص 89 ج 2 نووى مسلم (تحريم الكبر 38 - الإيمان) وهذه الأحاديث " لا ينافيها " قوله صلى الله عليه وسلم: إن البذاءة من الأيمان فيما قوله أبو أمامة بن ثعلبه: ذكروا عند النبى صلى الله عليه وسلم الدنيا فقال الآ تسمعون ألا تسمعون؟ إن الذاذة من الإيمان. إن البذاذة من الإيمان. أخرجه ابو داود وابن ماجه والحاكم وهو حديث صحيح وسنده جيد] 211 [وانظر ص 72 ج 2 تيسير الوصول (الزهد) لأن " البذاذة " هى التقحل " سواء الحال " والتقشف ورثاثة الهيئة وترك الترفه وإدامة التنزين والتنعم فى البدن والملبس، إيثارا لعدم الشهرة وبعدا عن التكبر على عباد الله تعالى. وقال أحمد: البذاذة التواضع فى اللباس.
(2)
انظر ص 51 جـ 4 سنن ابى داود (عسل الثوب) و (شعث) الشعر شعثا من باب تحب تغير وتلك لفلة تعهده بالدهن ونحوه
حديث جابر {213} وعلله الإمم أحمد بأن الثوب إذا اتسخ تقطع. وروى وكيع عن ابن مسعود أنه كان يعجبه - إذا قام إلى الصلاة - الرائحة الطيبة والثياب النقية {32} وروى أيضا عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: من مروءة الرجل نقاء ثوبه (1){33} (وقال) ابن الأثير فى النهاية: إن الله تعالى نظيف يحب النظافة (2): نظافة الله تعالى كناية عن تنزيهه عن سمات الحدوث، وتعاليه فى ذاته عن كل نقص. وحبه النظافة من غيره، كناية عن خلوص العقيدة ونفى الشرك وبجانبه الأهواء. ثم نظافة القلب عن الغل والحقد والحسد وأمثالها. ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشَّبَه. ثم نظافة الظاهر لملابسه العبادات (ومنه) الحديث: نظفوا أفواهكم فإنها طرق القرآن {214} أى صونوها عن اللغو والفحش والغيبة والنميمة والكذب وأمثالها. وعن أكل الحرام والقاذورات.
وفيه الحث على تطهيرها من النجاسات وعلى استعمال السواك أهـ بتصرف (3).
28 -
طى الثياب:
(قال) بعض الفقهاء: يطلب طى الثياب بعد خلعها والتسمية عليها " لحديث " إذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسم الله عليها لئلا يلبسها الجن الليل وأنتم بالنهار
(1) انظر ص 215 جـ 2 غذاء الألباب (يسن تنظيف الثياب وطيها).
(2)
يشير الى تقدم رقم 208 ص 190 عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم قال إن الله تعالى جميل يحب الجمال، سخى يحب السخاء ن نظيف يحب النظافة. (إن الله جميل) أى جميل الذات والأفعال، والمراد بنظافة الله تعالى تنزهه عن النقائص. ويحب ما ذكر، رضاه عمن تخلق بشئ من صفاته. وتنظيف الثوب والبدن مطلوب عقلا وشرعا وعرفا، وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه لم يتسخ له ثوب قط، لأنه لا يبدو منه إلا طيب ولم يفعل ثوبه.
(3)
انظر ص 156 جـ 4 النهاية فى غريب الحديث والأثر - مادة (نظف).