الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91]. وقد أخبر في موضع آخر
(1)
أنه أرسل إليها الملَك، فنفخ في فرجها. فكان النفخُ مضافًا إلى الله أمرًا وإذنًا، وإلى الرسول مباشرة.
يبقى هاهنا
(2)
أمران:
أحدهما: أن يقال: فإذا كان النفخُ حصل في مريم من جهة الملك، وهو الذي ينفخ الأرواحَ في سائر البشر، فما وجه تسمية المسيح بروح الله؟ وإذا كان سائرُ الناس تحدث أرواحُهم من هذه الروح، فما خاصِّيَّة
(3)
المسيح؟
الثاني: أن يقال: فهل تعلُّق الروح بآدم كانت
(4)
بواسطة نفخ هذا الروح، هو الذي نفَخها فيه بإذن الله كما نفَخها في مريم، أم الربُّ تعالى هو الذي نفَخها بنفسه
(5)
كما خلَقه بيده؟
قيل: لَعَمْرُ الله، إنَّهما
سؤالان مهمّان
. فأما الأول
(6)
، فالجوابُ عنه أنَّ الروحَ الذي نَفَخ في مريم هو الروح المضاف إلى الله الذي اختصَّه لنفسه وأضافه إليه، وهو روح خاصٌّ من بين سائر الأرواح، وليس بالملَك الموكَّل
(1)
يشير إلى قوله تعالى في سورة مريم (17): {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} .
(2)
(ط): «ويبقى هنا» .
(3)
(ب، ج): «خاصَّة» .
(4)
كذا بتاء التأنيث في جميع النسخ.
(5)
(أ، غ): «في نفسه» ، خطأ.
(6)
ما عدا (أ، ق، غ): «السؤال الأول» .
بالنفخ في بطون الحوامل من المؤمنين والكفار. فإن الله سبحانه وكَّل بالرحمِ ملَكًا ينفخُ الروح
(1)
في الجنين، فيكتب
(2)
رزقَ المولود، وأجله، وعمله، وشقاوته وسعادته
(3)
. وأما هذا الروح المرسَل إلى مريم، فهو روح الله الذي اصطفاه من الأرواح لنفسه، فكان لمريم بمنزلة الأب لسائر النوع، فإنَّ نفخته لما دخلتْ في فرجها كان ذلك بمنزلة لقاح
(4)
الذكر للأنثى من غير أن يكون هناك وطء.
وأما ما اختصَّ به آدم، فهو أنه لم يُخلَق كخلقة المسيح من أمٍّ، ولا كخلقة سائر النوع من أب وأمّ، ولا كان الروح الذي نفخ الله فيه منه هو الملك الذي ينفخ الروحَ في سائر أولاده. ولو كان كذلك لم يكن لآدم فيه
(5)
اختصاص. وإنما ذكر في الحديث ما اختُصَّ به على غيره، وهو أربعة أشياء: خلقُ الله له بيده، ونفخُه فيه من روحه، وإسجادُ ملائكته له، وتعليمُه أسماءَ كل شيء. فنفخُه فيه من روحه يستلزم نافخًا، ونَفْخًا، ومنفوخًا منه. فالمنفوخ منه هو الروح المضافة إلى الله، فمنها سرَت النفخة في طينة آدم، والله تعالى هو الذي نفخ في طينته من تلك الروح.
هذا هو الذي دلَّ عليه النصُّ. وأمَّا كونُ النفخةِ بمباشرةٍ منه سبحانه كما
(1)
«الروح» ساقط من (ط).
(2)
(ب، ج): «ويكتب» .
(3)
كما في حديث عبد الله بن مسعود. أخرجه البخاري (3332، 7454) ومسلم (2643).
(4)
(ب): «إلقاح» .
(5)
(ق): «به» . وهو ساقط من (ب، ط، ج، ن).
خلَقَه بيده
(1)
، أو أنها حصلت بأمره كما حصلت في مريم؛ فهذا يحتاجُ إلى دليل.
والفرقُ [100 ب] بين خلق الله له بيده، ونفخه فيه من روحه: أنَّ اليدَ غيرُ مخلوقة، والروحَ مخلوقةٌ. والخلق فعل من أفعال الربِّ. وأمَّا النفخُ، فهل هو فعلٌ من أفعاله القائمة به، أو هو مفعولٌ من مفعولاته القائمة بغيره المنفصلة عنه؟ هذا مما يحتاج
(2)
إلى دليل.
وهذا بخلاف النفخ في فرج مريم، فإنه مفعول من مفعولاته. وأضافه إليه لأنه بإذنه وأمره.
فنفخُه في آدم، هل هو فعلٌ له أو مفعول؟ وعلى كلِّ تقدير، فالروح التي نفخ منها في آدم
(3)
روحٌ مخلوقة غير قديمة، وهي مادَّة روح آدم، فروحُه أولى أن تكون حادثة مخلوقة، وهو المراد
(4)
.
(1)
«هذا
…
بيده» ساقط من (ط).
(2)
كذا في جميع النسخ التي بين يديّ. وفي بعض الطبعات: «لا يحتاج» . وهو غلط.
(3)
(ق، ب، ج): «فيها من آدم» ، وفي (ط):«فيها في آدم» . وفي (ن): «نفخها في آدم» .
(4)
زاد في (ط): «وبالله التوفيق» .
فصل
وأمَّا المسألة الثامنة عشرة
(1)
وهي: هل
(2)
تقدَّم خلقُ الأرواح على الأجساد أو تأخَّر خلقُها عنها؟
فهذه المسألة، للناس فيها قولان معروفان، حكاهما شيخُ الإسلام
(3)
وغيره. وممن ذهب إلى تقدُّم خَلْقها محمد بن نصر المروزي وأبو محمد بن حزم، وحكاه ابن حزم إجماعًا
(4)
.
ونحن نذكر حججَ الفريقين، وما هو الأولى منها بالصواب.
قال مَن ذهبَ إلى تقدمُّ خلقها على خَلْق البدن: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [الأعراف: 11]. قالوا: «ثُمَّ» للترتيب والمُهلة
(5)
، فقد تضمَّنت الآية أنَّ خَلْقَنا
(6)
مقدَّمٌ على أمر الله للملائكة بالسجود لآدم. ومن المعلوم قطعًا أنَّ أبدانَنا حادثةٌ بعد ذلك، فعُلِم أنها الأرواح.
(1)
(ن): «التاسعة عشر» ولم يرد فيها «فصل وأما» . والمثبت من (ط). وفي غيرها: «الثامنة عشر» .
(2)
«هل» ساقطة من (ق، ط، ج). وفي (ب): أضافها بعض القراء.
(3)
في (ن) زيادة: «ابن تيمية» . وانظر: درء التعارض (8/ 414).
(4)
الفصل لابن حزم (2/ 322). وانظر: التمهيد (18/ 84)، وشفاء العليل للمصنف (444). وشرح الطحاوية (216).
(5)
الفصل لابن حزم (2/ 321).
(6)
كذا في (ب، ط، ق، ج). وكذا كان في الأصل فغيَّره بعضهم إلى «خلقها» كما في (ن، غ) والنسخ المطبوعة. ويؤيد المثبت ما يأتي في (ص 499).
قالوا: ويدلُّ عليه قوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهْم وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}
(1)
[الأعراف: 172]. قالوا: وهذا الاستنطاق والإشهاد إنما كان لأرواحنا، إذ لم تكن الأبدان حينئذ موجودة.
ففي «الموطأ»
(2)
:
حدثنا مالك، عن زيد بن أبي أُنيسة، أنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، عن مسلم بن يسار الجُهني، أنَّ عمر بن الخطاب سُئل [101 أ] عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ
(1)
كذا وردت الآية في جميع النسخ. {ذرياتهم} وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر من السبعة. وقرأ الباقون بالإفراد: {ذريتهم} . الإقناع (651). وقد سبق التنبيه على أن قراءة أبي عمرو كانت هي السائدة في بلاد الشام في زمن المؤلف.
(2)
برقم (1593). ومن طريقه أبو داود (4703)، والترمذي (3075)، والنسائي في الكبرى (11190)، والإمام أحمد (311)، وابن أبي عاصم في السنة (196)، وأبو بكر الفريابي في كتاب القدر (27)، والطحاوي في مشكل الآثار (3886)، وابن حبان (6166)، والحاكم (1/ 27) وغيرهم.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلًا» وكذا قال الطحاوي.
ونقل ابن كثير في تفسيره (3/ 503) كلام الترمذي ثم قال: «وكذا قاله أبو حاتم وأبو زرعة. زاد أبو حاتم: وبينهما نُعَيم بن ربيعة» . وانظر: المراسيل لابن أبي حاتم (786، 787).
وهو قول أبي عمر بن عبد البر كما سيأتي بيانه عند المصنِّف؛ ولذلك لما صحّحه الحاكم على شرط الشيخين تعقبه الذهبي بقوله: «فيه إرسال» .
قلت: وجهالة أيضًا؛ فإن مسلم بن يسار هذا ليس من رجال الصحيحين وهو غير معروف كما قاله ابن عبد البر ونقله عن ابن معين. (قالمي).
ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهْم}
(1)
، فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُسأل عنها فقال: «خلقَ الله آدمَ، ثم مسحَ ظهرَه بيمينه، فاستخرجَ منه ذريةً، فقال: خلقتُ هؤلاء للنار وبعمل أهلِ النار يعملون، وخلقتُ هؤلاء للجنةِ وبعمل أهل الجنة يعملون» . فقال رجلٌ يا رسولَ الله، ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله إذا خلق الرجلَ للجنة استعمَلَه بعمل أهل الجنةِ، حتى يموتَ على عملٍ من أعمال أهل الجنة، فيُدخِلُه به الجنة. وإذا خلق العبدَ للنار استعمَلَه بعمل أهل النار، حتى يموتَ على عملٍ من أعمال أهل النار، فيُدخِله به النار» . قال الحاكم
(2)
: هذا حديث على شرط مسلم.
وروى الحاكم
(3)
أيضًا من طريق هشام بن سعد
(4)
عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: «لما خلق الله آدم مَسَح ظهره، فسقط من ظهره كلُّ نَسَمة هو خالقها إلى يوم القيامة أمثالَ الذرِّ
(5)
، ثم جعل بين عينَي كلِّ إنسان منهم وَبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: من هؤلاء يا رب؟ قال: هؤلاء ذريتُك. فرأى رجلًا منهم أعجبه وَبيصُ ما بين عينيه، فقال: يا ربِّ مَن هذا؟ فقال: هذا ابنُك داود، يكون في آخر الأمم. قال: كم
(1)
كذا وردت الآية في جميع النسخ على قراءة أبي عمرو وغيره. انظر ما علَّقنا آنفا.
(2)
في المستدرك (3256).
(3)
في المستدرك (3257). وأخرجه الترمذي (3076)، وابن سعد في الطبقات (1/ 27، 28)، وأبو يعلى (6654)، وابن خزيمة في التوحيد (455) كلهم من طريق هشام بن سعد، به. (قالمي).
(4)
تحرّف «سعد» في (ق) إلى «يزيد» ، وفي غيرها إلى «زيد». وفي (ط):«هشام بن زيد بن أسلم» !
(5)
(ط): «مثل الذرّ» .
جعلتَ له من العُمْر؟ قال: ستِّين سنة، قال: يا رب زِدْه من عُمْرِي أربعين سنةً. فقال الله تعالى: إذًا يُكتَبُ ويُختَم فلا يبدَّل.
فلما انقضى عمرُ آدم جاءه ملك الموت. قال: أو لم يبقَ من عمري أربعون
(1)
سنةً؟ فقال: أوَلم تجعلها لابنك داود؟ قال: فجحَدَ، فجحدت ذريتُه. ونسيَ، فنسيت ذريته. وخَطِئ، فخطئت ذريته». قال: هذا على شرط مسلم.
ورواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[101 ب] ورواه الإمام أحمد
(2)
من حديث ابن عباس، قال: لما نزلت آية الدَّين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول من جحد آدم» .
وزاد محمد بن سعد: «ثم أكملَ الله لآدم ألفَ سنة، ولداود مائة سنة»
(3)
.
وفي صحيح الحاكم
(4)
أيضًا من حديث أبي جعفر الرَّازيِّ
(5)
، حدثنا
(1)
في جميع النسخ: «أربعين» ما عدا الأصل، ولكن يبدو أن فيه إصلاحًا.
(2)
في المسند (2270)، (2713)، (3519)، وأبو داود الطيالسي (2815)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 28، 29)، وابن أبي عاصم في السنة (204)، وأبو يعلى (12928) من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس.
وإسناده ضعيف؛ علي بن زيد هو ابن جدعان مشهور بالضَّعف. (قالمي).
(3)
طبقات ابن سعد (1/ 29). وهي أيضًا عند الإمام أحمد في الموضع الثاني، وأبي يعلى. (قالمي).
(4)
برقم (3255).
(5)
(ق): «الداري» تصحيف.
الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيِّ بن كعب في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} الآية [الأعراف: 172]، قال: جمعهم له يومئذ جميعًا ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجعلهم أرواحًا، ثم صوَّرهم، واستنطقهم، فتكلَّموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق، {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]. قال: فإنِّي أُشهِدُ عليكم السمواتِ السبع والأرَضين السبع، وأُشهِد عليكم أباكم آدمَ {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} . فلا تُشركوا بي شيئًا، فإنِّي أُرسِل إليكم رُسُلي يذكِّرونكم عهدي وميثاقي، وأُنزِلُ عليكم كتبي. فقالوا: نشهد أنك ربُّنا وإلهنا، لا ربَّ لنا غيرُك.
ورُفِع لهم أبوهم آدمُ، فرأى فيهم الغنيَّ والفقيرَ، وحَسنَ الصورة، وغيرَ ذلك؛ فقال: ربِّ لو سوَّيتَ بين عبادك! فقال: إني أحبُّ أن أُشكَر.
ورأى فيهم الأنبياء مثلَ السُّرُج، وخُصُّوا بميثاق آخر بالرسالة والنبوة. فذلك قوله:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7]. وهو قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]. وهو قوله: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} [النجم: 56]. وقوله: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102]. وكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخَذَ عليها الميثاق، فأرسل ذلك الرُّوحَ [102 أ] إلى مريم، حين انتبذَتْ من أهلها مكانًا شرقيًّا، فدخل مِن فيها.
وهذا إسناد صحيح.
وقال إسحاق بن راهويه: أخبرنا بقية بن الوليد قال: أخبرني الزُّبَيْديُّ محمد بن الوليد، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النَّصْري
(1)
، عن أبيه، عن هشام بن حكيم بن حزام أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أتُبتَدأ الأعمال، أم قد مضى القضاء
(2)
؟ فقال: «إن الله لما أخرج ذريةَ آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم
(3)
في كفَّيه، فقال: هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار. فأهلُ الجنة ميسَّرون لعمل أهل الجنة، وأهلُ النار ميسَّرون لعمل أهل النار»
(4)
.
(1)
الأصل غير منقوط. وفيما عداه: «البصري» وهو تصحيف. وقد اتفقت النسخ على «أبي قتادة» وكذا في شفاء العليل (31). والصواب: عبد الرحمن بن قتادة. والنصّ على ضبط «النصري» بالنون في الإكمال (1/ 390). وانظر: تفسير الطبري ــ شاكر (13/ 247) حاشية المحقق.
(2)
في (ب) بعده زيادة: «يوم القيامة» .
(3)
من أفاض الرجل بقداح الميسر: ضرب بها وأجالها.
(4)
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية (2962)، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (696)، وفيهما:«عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النّصري» .
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 191، 192) تعليقًا، والبزار (2140 ــ كشف الأستار)، وابن جرير الطبري في تفسيره (10/ 562)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 169) من طرق عن بقية، به.
وفي إسناده اختلاف على راشد بن سعد: فروي عنه من هذا الوجه.
وروي عنه عن عبد الرحمن بن قتادة، عن هشام بن حكيم. وليس فيه «عن أبيه» . أخرجه أبو بكر الفريابي في القدر (22)، ومن طريقه الآجري في الشريعة (330)، والطبراني في مسند الشاميين (1855، 2046).
وروي عنه، عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الإمام أحمد (17660)، والفريابي في القدر (25، 26)، وابن حبان (338)، والحاكم (1/ 30) وصحّحه.
وبناء على هذه الرواية تُرجم لعبد الرحمن هذا في الصحابة، كما في الإصابة ترجمة (5207) وغيره.
لكن جزم البخاري في التاريخ الكبير (5/ 341) بخطأ هذه الرواية. ونقله عنه الحافظ في تعجيل المنفعة في ترجمة عبد الرحمن بن قتادة السلمي (643) وزاد: «وأن الصواب: عن راشد، عن عبد الرحمن، عن هشام» . وهذا يعني عدم ثبوت صحبة عبد الرحمن بن قتادة.
هذا وقد أعلّ ابن السكن، وابن عبد البر، والحسيني الحديث بالإضطراب. انظر: الاستيعاب ترجمة (1450)، والإكمال ترجمة (532)، والإصابة.
وعلى القول بترجيح الوجه الثاني كما قاله البخاري، يكون في إسناده جهالة؛ لأن عبد الرحمن بن قتادة لم تصح صحبته وإنما ذُكر فيهم بناءً على رواية الإمام أحمد وغيره، وهي خطأ، وأما قول الحافظ في آخر ترجمته:«ويكفي في صحته إثبات الرواية التي شهد له فيها التابعي بأنه من الصحابة، فلا يضرّ بعد ذلك إن كان سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم أو بينهما فيه واسطة» . فالجواب أن هذا يستقيم لو لم يختلف عليه في إسناده، أما وأن الرواية التي شهد له التابعي بالصحبة هي خطأ. كما نقله هو عن البخاري. فحقُّه حينئذ أن يترجمه في القسم الرابع، كما هي عادته في مثل هذا. والله أعلم. (قالمي).
قال إسحاق
(1)
: وأخبرنا النَّضْر، أنا أبو مَعشَر
(2)
، عن سعيد المقبُريِّ ونافع مولى الزبير، عن أبي هريرة، قال: لما أراد الله أن يخلق آدم ــ فذكر خلق آدم ــ فقال له
(3)
: يا آدمُ، أيُّ يديَّ أحبُّ أن أُرِيَك ذريتَك فيها؟ فقال:
(1)
(ب، ج): «ابن إسحاق» ، خطأ.
(2)
(ق): «أبو مسعر» ، تحريف.
(3)
«له» ساقط من (ب، ط، ن).
يمينُ ربي، وكلتا يدَي ربِّي يمين. فبسَط يمينه، وإذا فيه
(1)
ذرِّيته كلُّهم ما هو خالقٌ إلى يوم القيامة: الصحيحُ على هيئته، والمبتلى على هيئته، والأنبياء على هيئتهم. فقال: ألَّا أعفيتَهم
(2)
كلَّهم! فقال: إنِّي أحببتُ أن أُشكَر». وذكر
(3)
الحديث.
وقال محمد بن نصر: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنا الليث بن سعد، حدثني ابن
(4)
عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلام، قال: خلق الله آدم، ثم قال بيديه، فقبضهما. فقال
(5)
: اختَرْ يا آدم. فقال: اخترت يمينَ ربي، وكلتا يديك يمين. فبسطها، فإذا فيها ذرِّيته. فقال: من هؤلاء يا ربِّ؟ قال: مَن قضيتُ أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة
(6)
إلى أن تقوم الساعة
(7)
.
قال: وأخبرنا إسحاق [102 ب] حدثنا جعفر بن عون
(8)
، أنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله آدمَ مسَح ظهرَه فسقط من ظهره كلُّ نَسَمة هو خالقُها من ذريته إلى يوم
(1)
كذا في جميع النسخ. والوجه: «فيها» كما في الخبر الآتي، فإن «اليمين» مؤنثة.
(2)
(أ، ط، غ): «أغنيتَهم» ، والمثبت من غيرها موافق لما في شفاء العليل (32).
(3)
«وذكر» ساقط من (ق). وقد أورد المصنف الأثر في شفاء العليل (32). وانظر: أمالي ابن بشران (663).
(4)
«ابن» ساقط من (ط).
(5)
(ط): «ثم قال» .
(6)
(ط): «من الجنة» .
(7)
أورده المصنف أيضًا في شفاء العليل (32).
(8)
(ق): «عوف» ، تصحيف.
القيامة»
(1)
.
وحدثنا إسحاق وعمرو بن زُرارة، أنا إسماعيل، عن كلثوم بن جَبْر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية [الأعراف: 172]. قال: «مسح ربك ظهرَ آدم، فخرجت منه كلُّ نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنَعمانَ هذا الذي وراء عرفة
(2)
، فأخذ ميثاقهم:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} »
(3)
.
ورواه أبو جَمْرة الضُّبَعي، ومجاهد، وحبيب بن أبي ثابت وأبو صالح، وغيرُهم عن ابن عباس
(4)
.
وقال إسحاق: أخبرنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو في هذه الآية
(5)
قال: أخَذَهم، كما يؤخذ بالمشط من الرأس
(6)
.
وحدثنا حَجَّاج، عن ابن جُرَيج، عن الزبير بن موسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنَّ الله ضرب مَنكِبه الأيمَن، فخرجت كلُّ نفس مخلوقة للجنة بيضاءَ نقية، فقال: هؤلاء أهل الجنة. ثم ضرب
(7)
مَنْكِبه
(1)
تقدم تخريجه قريبًا.
(2)
وهو الوادي الذي يسمى: نعمان الأراك.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره ــ شاكر (13/ 224) من طريق يعقوب عن إسماعيل.
(4)
حديث أبي جمرة أخرجه ابن منده في الرد على الجهمية (31) والطبري في تفسيره (13/ 229). وحديث حبيب أخرجه الطبري (13/ 227). وحديث أبي صالح أخرجه ابن منده في الرد على الجهمية (37).
(5)
«الآية» ساقط من (ط).
(6)
أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 233).
(7)
«منكبه
…
ضرب» ساقط من (ن).
الأيسر، فخرجت كلُّ نفس مخلوقة للنار سوداء، فقال: هؤلاء أهل النار. ثم أخذ عهده على الإيمان به، والمعرفةِ له ولأمره، والتصديق له وبأمره من بني آدم كلِّهم، وأشهدهم على أنفسهم. فآمنوا، وصدَّقوا، وعَرَفوا، وأقرُّوا
(1)
.
وذكر محمد بن نصر
(2)
من تفسير السُّدِّي، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مُرَّة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} الآية [الأعراف: 172]. لما أخرَجَ الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسَحَ صَفْحة ظهر [103 أ] آدم اليمنى، فأخرج منه ذرِّيةً بيضاءَ مثلَ اللؤلؤ وكهيئة الذرِّ، فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي. ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرِّيةً سوداءَ كهيئة الذرِّ
(3)
، فقال لهم
(4)
: ادخلوا النار، ولا أبالي. فذلك حيث
(5)
يقول: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} [الواقعة: 41].
ثم أخذ منهم الميثاق فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فأعطاه طائفةٌ طائعين، وطائفة كارهين على وجه التقِيَّة. فقال هو والملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 237).
(2)
زاد في (ط): «المروزي» .
(3)
«كهيئة الذر» ساقط من (ب، ط، ج، ن).
(4)
«لهم» من (أ، غ).
(5)
(ب، ج، ن): «حين» .
مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ}
(1)
[الأعراف: 172 ــ 173].
فليس أحدٌ من ولد آدم إلا وهو يعرف أنَّ ربَّه الله
(2)
، ولا مشرك
(3)
إلا وهو يقول: إنا وجدنا آباءنا على أمَّة. فذلك قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} ، وقوله:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83]، وقوله:{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149]. قال: يعني يوم أخذ عليهم الميثاق
(4)
.
قال إسحاق: وأخبرنا رَوْح بن عُبادة، ثنا موسى بن عبيدة الرَّبَذي
(5)
قال: سمعت محمد بن كعب القُرَظي يقول في هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية: أقرُّوا له بالإيمان والمعرفة، الأرواح قبل أن يخلق أجسادها
(6)
.
قال: وثنا الفضل بن موسى، عن عبد الملك، عن عطاء في هذه الآية،
(1)
في (ب، ط، ج، غ): «أن يقولوا» ، و «أو يقولوا» بالياء، وهي قراءة أبي عمرو. وفي (ن) بالتاء على قراءة الباقين من السبعة. ولم ينقط حرف المضارعة في (أ، ق).
(2)
(ق، ط): «الله ربُّه» .
(3)
ما عدا (أ، ق، غ): «يشرك» .
(4)
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (18/ 70). وانظر: تفسير الطبري (13/ 242 ــ 243).
(5)
تصحف في (ق، ب، ن، غ): «الزيدي» .
(6)
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (18/ 80). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (6/ 653) إلى ابن جرير وأبي الشيخ.
قال: أُخرِجوا من صُلْب آدم حتى
(1)
أخذ منهم الميثاق، ثم رُدُّوا في صلبه
(2)
.
قال إسحاق: وأخبرنا علي بن الأَجْلَح
(3)
، عن الضحاك قال: إنَّ الله أخرج من ظهر آدم يوم خلقه ما يكون إلى أن تقوم الساعة
(4)
فأخرجهم مثلَ الذرِّ فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} . قالت الملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}
(5)
[الأعراف: 172]. ثم قبض قبضة بيمينه
(6)
، فقال: هؤلاء في الجنة. وقبض أخرى، فقال: هؤلاء في النار
(7)
.
قال إسحاق: وأخبرنا أبو عامر العَقَدي وأبو نُعَيم المُلَائي قالا: ثنا هشام بن سعد، عن يحيى ــ وليس بابن سعيد ــ
(8)
قال: قلت لابن المسيِّب [103 ب]: ما تقول في العَزْل؟ قال: إن شئت حدَّثتُك حديثًا هو حقٌّ
(9)
: إنَّ الله سبحانه لما خلق آدم أراه كرامةً لم يَرها أحدٌ
(10)
من خلقه: أراه كلَّ نسمة هو
(1)
ما عدا (ط): «حين» . والمثبت مطابق لما في تفسير الطبري.
(2)
أخرجه الطبري في التفسير (13/ 241).
(3)
كذا في النسخ وأحكام أهل الذمة (2/ 555)، والصواب:«يعلى عن الأجلح» كما سبق (ص 320). قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا التعليق ليس في المطبوع، وهو ثابت في الأصل الوارد من «عطاءات العلم» ، جزاهم الله خيرا
(4)
(ن): «إلى يوم القيامة» .
(5)
في (ب، ط، ج، غ): «يقولوا» بالياء على قراءة أبي عمرو. وقد سلف نحوه آنفًا.
(6)
(ط): «في يمينه» .
(7)
أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (8538). وقد عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد أيضًا. الدر المنثور (6/ 672).
(8)
بل هو يحيى بن حسان البكري، كما صرَّح به في كتاب القدر لابن وهب.
(9)
في مطبوعة كتاب القدر: حديثًا موجزًا.
(10)
(ب، ج): «لم يُرها أحدًا» .
خالقها من ذريته
(1)
إلى يوم القيامة. فمن حدَّثك أنه يزيد فيهم شيئًا أو ينقص منهم، فقد كَذَب. ولو كان لي سبعون ما بالَيْت
(2)
.
وفي «تفسير ابن عيينة» عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا} [آل عمران: 83]. قال: يوم أخْذِه
(3)
الميثاق
(4)
.
قال إسحاق: فقد كانوا في ذلك الوقت مقِرِّين. وذلك أنَّ الله عز وجل أخبر أنه قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] والله تعالى لا يخاطِب إلا من يفهم عنه المخاطبة، ولا يجيب إلا مَن فهِم السؤال. فإجابتُهم إياه بقولهم دليلٌ على أنَّهم قد فهموا عن الله عز وجل وعقلوا عنه استشهاده إياهم:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} ، فأجابوه من بعد عَقْلٍ منهم للمخاطبة وفهمٍ لها بأن:{قَالُوا بَلَى} فأقرُّوا له بالرُّبوبية.
(1)
في كتاب القدر: «بين يديه» .
(2)
أخرجه ابن وهب في كتاب القدر (14) عن هشام بن سعد.
(3)
(ق): «أخذ» .
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم (8781) عن الربيع عن أبي العالية نحوه في تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} [الأعراف: 102]. أما في تفسير الآية المذكورة من آل عمران، فأخرج ابن أبي حاتم (3776)، والطبري (6/ 565) عن الربيع عن أبي العالية قوله:«كلُّ آدمي قد أقرَّ على نفسه بأن الله ربِّي وأنا عبده، فمن أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرهًا، ومن أخلص له العبودة فهذا الذي أسلم طوعًا» . هذا لفظ الطبري. وقد أخرج بعد هذا الأثر عن ابن عباس نحو ما روي هنا عن أبي العالية.
فصل
واحتجُّوا أيضًا بما رواه أبو عبد الله بن منده، أخبرنا محمد بن محمد بن صابر البخاريُّ، ثنا محمد بن المنذر بن سعيد الهَرَوي، ثنا جعفر بن محمد بن هارون المِصِّيصي، ثنا عتبة بن السَّكَن، ثنا أرطاة بن المنذر، ثنا عطاء بن عجلان، عن يونس بن حَلْبَس
(1)
، عن عمرو بن عَبَسَة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله خلق أرواح العباد قبل العباد بألفي عام، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»
(2)
.
فهذا بعض ما احتج به هؤلاء.
قال الآخرون: الكلام معكم في مقامين:
أحدهما: ذكر الدليل على الأرواح إنما خلقت بعد خلق الأبدان.
الثاني: الجواب عما استدلَلْتم به.
فأما المقام الأول، فقد قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13]. وهذا خطاب للإنسان الذي هو روح وبدن، فدلَّ على أنَّ جملته مخلوقة بعد خلق الأبوين.
(1)
تصحف في (ق، ب) إلى «جليس» ، وفي (ن) إلى «حبيب» .
(2)
إسناده ضعيف جدًّا؛ وقد بيَّن المصنف رحمه الله ــ كما سيأتي ــ أن إسناده لا يصح؛ لأن فيه عتبة بن السكن قال عنه الدارقطني: متروك، وشيخه أرطاة بن المنذر قال ابن عدي: بعض أحاديثه غلط.
وفي إسناده أيضًا عطاء بن عجلان الحنفي، قال الحافظ في التقريب:«متروك، بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب» . ثم أعلَّ الجزء الأول من متنه بمخالفته للأحاديث الصحيحة التي دلّت على خلق الجسد قبل الروح. (قالمي).
وأصرحُ منه قوله
(1)
: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]. وهذا صريح في أنَّ خلْقَ جُملةِ النوعِ الإنساني بعد خلقِ [104 أ] أصله.
فإن قيل: هذا
(2)
لا ينفي تقدُّمَ خلق الأرواح على أجسادها، وإن خُلِقت بعد خلق أبي البشر، كما دلَّت عليه الآثار المتقدمة.
قيل: سنبيِّن ــ إن شاء الله ــ أنَّ الآثار المذكورة لا تدلُّ على سَبْق الأرواحِ الأجسادَ
(3)
سَبْقًا مستقرًّا ثابتًا. وغايتُها أن تدلَّ بعد صحتها وثبوتها على أنَّ بارئها وفاطرها سبحانه صوَّر النَّسَمَ، وقدَّر خلْقَها وآجالها وأعمالها، واستخرج تلك الصورَ من مادتها، ثم أعادها إليها، وقدَّر خروج
(4)
كلِّ فرد من أفرادها في وقته المقدَّر له. ولا تدل على أنها خُلقت خلقًا مستقرًّا، ثم استمرَّت موجودةً
(5)
حيَّةً عالمةً
(6)
ناطقةً، كلُّها في موضع واحد. ثم تُرسَل منها إلى الأبدان جملةً بعد جملة، كما قاله أبو محمد بن حزم، فهل تحتمل
(7)
الآثارُ ما لا طاقة لها به؟ نعم الربُّ سبحانه يخلق منها جملةً بعدَ جملةٍ على الوجه الذي سبق به التقدير أولًا، فيجيءُ الخلق الخارجيُّ مطابقًا
(1)
لم يرد «قوله» في (أ، غ).
(2)
ما عدا (أ، غ): «فهذا» .
(3)
(ب، ج، ن): «للأجساد» .
(4)
(أ، ق، غ): «كل خروج» ، ولعله سهو.
(5)
(ق، ط، ن): «بوجوده» .
(6)
«حية» ساقط من (ب، ج). وسقط من (ن) معه «عالمة» .
(7)
(ب، ج، ن): «تحمل» .
للتقدير السابق؛ كشأنه تعالى في جميع مخلوقاته، فإنه قدَّر لها أقدارًا وآجالًا وصفاتٍ وهيئات، ثم أبرزها إلى الوجود
(1)
مطابقةً لذلك التقدير الذي قدَّره لها، لا تزيد عليه ولا تنقص منه.
فالآثار المذكورة إنما تدل على إثبات القدَر السابق، وبعضُها يدل على أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصُورَهم، وميَّزَ أهل السعادة من أهل الشقاوة. وأمَّا مخاطبتهم واستنطاقهم، وإقرارهم له بالربوبية، وشهادتهم على أنفسهم بالعبودية؛ فمَن قاله من السلف فإنما هو بناءٌ منه على فهم الآية، والآيةُ لم تدلَّ على هذا، بل دلَّت على خلافه.
وأما حديث مالك، فقال أبو عمر
(2)
: هو
(3)
حديث منقطع، مسلم بن يسار لم يلقَ عمر بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث نُعيم بن ربيعة، وهو أيضًا مع هذا الإسناد لا تقوم به حجة. ومسلم بن يسار
(4)
هذا مجهول، قيل: إنه مدني، وليس بمسلم بن يسار البصري. قال ابن أبي خَيثمة
(5)
[104 ب]: قرأت على يحيى بن معين حديثَ مالكٍ هذا عن زيد بن أبي أُنَيسة، فكتب بيده على مسلم بن يسار: لا يُعرف.
ثم ساقه أبو عمر من طريق النسائي: أخبرنا محمد بن وهب
(6)
، ثنا
(1)
(ط): «للوجود» .
(2)
في التمهيد (6/ 3 ــ 5).
(3)
(ن): «هذا» .
(4)
زاد في (ن): «الجهني» .
(5)
في تاريخه (2667، 4575).
(6)
(ب، ج): «وهب بن منبه» ، خطأ.
محمد بن سَلَمة قال: حدثني أبو عبد الرحيم قال: حدثني زيد بن أبي أُنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يسار، عن نُعيم بن ربيعة
(1)
.
ثم ساقه من طريق ابن سنجَر
(2)
: حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد، ثنا محمد بن سَلَمة
(3)
، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عبد الحميد، عن مسلم، عن نُعيم.
قال أبو عمر
(4)
: وزيادة مَن زادَ في هذا الحديث: «نُعيم بن ربيعة»
(1)
رواية النسائي هذه هي في خارج السنن فإن المزيّ في تحفة الأشراف (10654) لم يورد له من سننه الكبرى إلا طريق مالك السابق.
ومن هذا الوجه أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3888)، وابن منده في التوحيد (454).
وأخرجه أبو داود (4704) من طريق عمر بن جعثم القرشي، وابن أبي عاصم في السنة (201)، والطحاوي في مشكل الآثار (3887) من طريق يزيد بن سنان. كلاهما عن زيد بن أبي أنيسة، به.
ونعيم بن ربيعة لا يعرف أيضًا كما في الميزان (4/ 270). (قالمي).
(2)
في النسخ المطبوعة تصحف إلى «سخبرة» ، وحذفوا كلمة «ابن» . وهو محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني الحافظ صاحب المسند، نزيل مصر. توفي سنة 258. انظر: التمهيد، وتذكرة الحفاظ (578) وتوضيح المشتبه (5/ 183).
(3)
هنا في جميع النسخ: «مسلمة» ، وهو تحريف.
(4)
التمهيد (6/ 5 ــ 6) وقد سبق أن الذي زاد نعيم بن ربيعة هم: أبو عبد الرحيم وهو ثقة، وعمر بن جعثم وهو مقبول كما في التقريب، ويزيد بن سنان الرُّهاوي وهو ضعيف.
ورجَّح الإمام الدارقطني في العلل (2/ 222) أن الرواية المتصلة أولى بالصواب. ورجّحها أيضًا أبو جعفر الطحاوي.
وزعم الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 503، 504) أنّ مالكًا وقعت عنده الرواية متصلة وإنما أسقط نعيم بن ربيعة عمدًا لما جهل حاله ولم يعرفه. قال: «وكذلك يُسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم؛ ولهذا يرسل كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من الموصولات» اهـ.
قلت: وأيًّا كان فالإسناد لا يخلو من علتين؛ فالمنقطع فيه إرسال وجهالة، والمتصل فيه مجهولان. والله تعالى أعلم. (قالمي).
ليست حجَّةً. إنَّ
(1)
الذي لم يذكره أحفَظُ، وإنما تُقبَل الزيادة من الحافظ المتقِن.
وجملة القول في هذا الحديث: أنه حديث ليس إسناده بالقائم؛ لأن مسلم بن يسار ونُعيم بن ربيعة جميعًا غيرُ معروفَين بحمل العلم. ولكنَّ معنى هذا الحديث قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة
(2)
يطول ذكرها، من حديث عمر بن الخطاب وغيره وجماعةٍ
(3)
يطول ذكرهم
(4)
.
ومرادُ أبي عمر الأحاديثُ الدالَّةُ على القدر السابق، فإنها هي التي ساقها بعد ذلك، فذكر حديثَ عبد الله بن عمر في القدر، وقال في آخره: وسأله رجل من مُزَينة ــ أو جُهَينة ــ فقال: يا رسول الله، ففيمَ العمل؟ فقال: «إن أهل الجنة يُيَسَّرون
(5)
لعمل أهل الجنة، وأهلَ النار يُيَسَّرون
(6)
لعمل أهل النار»
(7)
.
(1)
(ب): «لأن» . وكذا في مطبوعة التمهيد.
(2)
(ب، ن، ج): «ثابتة كثيرة» .
(3)
كذا «وجماعة» في جميع النسخ. ولعل الصواب حذف الواو كما في التمهيد.
(4)
وانظر نحوه في الاستذكار (8/ 260).
(5)
(ق، ب، ج، ن): «ميسرون» . (ط): «لييسَّرون» .
(6)
(ق، ن): «ميسرون» .
(7)
أخرجه ابن عبد البر (6/ 6، 7) من طريق أبي داود (4696) في سياق مختصر، وهو بطوله وتمامه في مسند أحمد (184) وجاء مطولًا أيضًا في كتاب الإيمان من صحيح مسلم (8) لكن بدون هذه الزيادة. (قالمي).
قال: ورُوي هذا المعنى [عن عمر]
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق. وممن رَوى هذا المعنى في القدر عن النبي صلى الله عليه وسلم: عليُّ بن أبي طالب
(2)
، وأُبيّ بن كعب
(3)
، وعبد الله بن عباس
(4)
، وابن عمر
(5)
، وأبو هريرة
(6)
، وأبو سعيد
(7)
، وأبو سَرِيحة الغِفاري
(8)
، وعبد الله بن مسعود
(9)
، وعبد الله بن
(1)
زيادة من التمهيد.
(2)
أخرجه البخاري (4945، 4949) ومسلم (2647).
(3)
أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (21232)، ومن طريقه الضياء في المختارة (1158)، والفريابي في القدر (52، 53)، وابن جرير الطبري (10/ 557، 558)، وابن أبي حاتم في تفسيره (8535) والحاكم (2/ 323، 324). وسيأتي كلام المصنف رحمه الله على إسناده، وبيان ما جاء فيه من النكارة في متنه. (قالمي).
(4)
وهو الآتي تخريجه بعد حديث أبي هريرة. (قالمي).
(5)
أخرجه مسلم (2655). وله حديث آخر في القدر أخرجه البزار (2149) وأبو يعلى (5775) وابن حبان (6178) بإسناد صحيح. (قالمي).
(6)
أخرجه البخاري (3409) ومسلم (2652). وله حديث آخر عند مسلم (2651). (قالمي).
(7)
له حديث في محاجّة آدم موسى عليهما السلام، أخرجه البزار (2147 ــ كشف الأستار). وأخرجه أبو يعلى (1204) موقوفًا. قال الهيثميّ في مجمع الزوائد (7/ 191):«رواه أبو يعلى والبزّار مرفوعًا ورجالهما رجال الصحيح» .
وله حديث آخر في خلق بني آدم على طبقات شتى. أخرجه البيهقي في القضاء والقدر (91) وصحّح إسناده. (قالمي).
(8)
أخرجه مسلم (2644).
(9)
أخرجه البخاري (3208) ومسلم (2643).
عمرو
(1)
، وعمران بن حُصَين
(2)
، وعائشة
(3)
، وأنس بن مالك
(4)
، وسُراقة بن جُعْشُم
(5)
، وأبو موسى الأشعري
(6)
، وعبادة بن الصامت
(7)
.
(1)
أخرجه مسلم (2653). وله حديث آخر أخرجه الإمام أحمد (6563)، والترمذي (2141) وقال:«حسن صحيح غريب» . وانظر: السلسلة الصحيحة (848).
وذكر بعده في التمهيد (6/ 7) ذا اللحية الكلابي. وحديثه أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (16630، 16631) ج 27، والبغوي في معجم الصحابة (664)، والطبراني في الكبير (2435، 2436)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2619، 2620).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 194): «رواه ابن أحمد والطبراني، ورجاله ثقات» . (قالمي).
(2)
أخرجه البخاري (6596) ومسلم (2649).
(3)
أخرجه مسلم (2662).
(4)
أخرجه البخاري (3333) ومسلم (2646). وله حديث آخر في القدر أخرجه الإمام أحمد (12214) وأبو يعلى (3840) والضياء في المختارة (1980) بإسناد صحيح. (قالمي).
(5)
أخرجه ابن ماجه (91)، والطبراني في الكبير (6588) بإسناد ضعيف. انظر: مصباح الزجاجة (1/ 61).
ولكن أخرجه مسلم (2648) من حديث جابر رضي الله عنه قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله بيِّن لنا ديننا كأنّا خُلقنا الآن فيما العمل اليوم؟
…
» (قالمي).
(6)
له حديث في القبضتين أخرجه أبو داود (4693)، والترمذي (2955)، والإمام أحمد (19582)، وابن خزيمة في التوحيد (101، 102)، والحاكم (2/ 261) وصححه هو والترمذي. (قالمي).
(7)
له حديث في خلق القلم، أخرجه الإمام أحمد (22705)، وابن أبي شيبة (35922)، وابن أبي عاصم في السنة (107) بإسناد حسن، وعند أحمد قصة. وأخرجه الترمذي (2155) من وجه آخر مطولًا وفيه ضعف. (قالمي).
وأكثر أحاديث [105 أ] هؤلاء لها طرُق
(1)
شتى.
ثم ساق كثيرًا منها بإسناده.
وأما حديث أبي صالح عن أبي هريرة، فإنما يدل على استخراج الذرية وتمثيلهم
(2)
في صُوَر الذرّ، وكان منهم حينئذ المشرق والمظلم. وليس فيه أنه سبحانه خلق أرواحهم
(3)
قبل الأجساد وأقرَّها بموضع واحد ثم إنه يرسل كلَّ روح من تلك الأرواح عند حدوث بدنها إليه. نعم هو سبحانه يخُصُّ كلَّ بدن بالروح التي قَدَّر أن تكون له في ذلك
(4)
الوقت. وأمَّا أنه خلق نفسَ ذلك البدن في ذلك الوقت
(5)
، وفرغ من خلقها، وأودعها في مكانٍ معطَّلةً عن بدنها، حتى إذا أحْدَث بدنَها أرسلها إليه من ذلك المكان؛ فلا يدلُّ شيء من الأحاديث على ذلك البتةَ لمن تأمَّلَها.
وأمَّا حديث أُبيّ بن كعب، فليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم. وغايته لو صحَّ ــ ولم يصحَّ ــ أن يكون من كلام أُبيّ. وهذا الإسناد يروَى به أشياءُ منكرةٌ جدًّا مرفوعة وموقوفة. وأبو جعفر الرازيُّ وُثِّق وضُعِّف. قال علي بن المديني: كان ثقة. وقال أيضًا: كان يخلط. وقال ابن معين: هو ثقة. وقال أيضًا: يُكتب
(6)
حديثه إلا أنه يخطئ. وقال الإمام أحمد: ليس بقوي في الحديث.
(1)
في (ط) بعده: «كثيرة شتى» .
(2)
(ق، ط، ن): «تمثّلهم» .
(3)
(ب، ج، ن): «الأرواح» .
(4)
(ط): «هذا» .
(5)
«وأما .. الوقت» ساقط من (ط، ن).
(6)
في الأصل بعده فوق السطر: «عنه» ولعله زيادة من بعض القراء. وهي في (غ) في داخل المتن.
وقال أيضًا: صالح الحديث
(1)
. وقال الفلَّاس: سيئِّ الحفظ. وقال أبو زُرعة: يَهِم كثيرًا. وقال ابن حِبَّان: ينفرد
(2)
بالمناكير عن المشاهير
(3)
.
قلت: ومما يُنكَر من هذا الحديث قوله: «فكان رُوح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق، فأرسل ذلك الروح إلى مريم حين انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا، فدخل مِن فيها»
(4)
. ومعلومٌ أن الروح الذي أُرسل إلى مريم ليس هو روح المسيح بل ذلك الروح الذي نفخ فيها فحملت بالمسيح. قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}
(5)
[مريم: 17 ـ 19]. فروح المسيح لا يخاطبها عن نفسه بهذه المخاطبة قطعًا.
وفي بعض طرق حديث أبي جعفر هذا أنَّ روح المسيح هو الذي خاطبها، وهو الذي أُرسِل إليها.
وهاهنا أربع مقامات:
أحدها: أنَّ الله سبحانه استخرج صورهم وأمثالهم، فميَّز
(6)
شقيَّهم
(1)
هذا القول الثاني لأحمد ساقط من (ن).
(2)
في الأصل: «يتفرد» . وفي (غ): «متفرِّد» .
(3)
انظر هذه الأقوال في تهذيب الكمال (3/ 194 ــ 196) إلا قول ابن حبان فهو في كتاب المجروحين (2/ 120).
(4)
في (أ، غ): «في فيها» ، خلافًا لما سبق، وهو المطابق لما ورد في المستدرك. وقد سقطت «من» من (ق).
(5)
في (أ، ق، غ): «ليهَبَ» بالياء. وهي قراءة أبي عمرو. انظر: الإقناع لابن الباذش (696).
(6)
(ب، ج): «وميَّز» .