المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل العاشر: في ذكر ولده - الرياض النضرة في مناقب العشرة - جـ ٤

[الطبري، محب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌تابع القسم الثاني: في مناقب الأفراد

- ‌الباب الخامس: في مناقب أبي محمد طلحة بن عبد الله

- ‌الفصل الأول: في ذكر نسبه

- ‌الفصل الثاني: في اسمه وكنيته

- ‌الفصل الثالث: في صفته

- ‌الفصل الرابع: في إسلامه

- ‌الفصل الخامس: في ذكر هجرته

- ‌الفصل السادس: في خصائصه

- ‌الفصل السابع: في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في مقتله وما يتعلق بذلك

- ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

- ‌الباب السادس: في مناقب الزبير بن العوام

- ‌الفصل الأول: في نسبه

- ‌الفصل الثاني: في اسمه

- ‌الفصل الثالث: في صفته

- ‌الفصل الرابع: في إسلامه، وسنه يوم أسلم

- ‌الفصل الخامس: في هجرته

- ‌الفصل السادس: في خصائصه

- ‌الفصل السابع: في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في مقتله وما يتعلق به

- ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

- ‌الباب السابع: في مناقب أبي محمد عبد الرحمن بن عوف

- ‌الفصل الأول: في نسبه

- ‌الفصل الثاني: في اسمه

- ‌الفصل الثالث: في صفته

- ‌الفصل الرابع: في إسلامه

- ‌الفصل الخامس: في هجرته

- ‌الفصل السادس: في خصائصه

- ‌الفصل السابع: في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في ذكر وفاته، وما يتعلق بها

- ‌الفصل العاشر: في ولده

- ‌الباب الثامن: في مناقب سعد بن مالك

- ‌الفصل الأول: في نسبه

- ‌الفصل الثاني: في اسمه

- ‌الفصل الثالث: في صفته

- ‌الفصل الرابع: في إسلامه

- ‌الفصل الخامس: في هجرته

- ‌الفصل السادس: في خصائصه

- ‌الفصل السابع: في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في ذكر وفاته، وما يتعلق بها

- ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

- ‌الباب التاسع: في مناقب أبي الأعور سعيد بن زيد

- ‌الفصل الأول: في نسبه

- ‌الفصل الثاني: في اسمه

- ‌الفصل الثالث والرابع: في صفته وإسلامه

- ‌الفصل الخامس، والسادس، والسابع: في هجرته وخصائصه وفي شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة:

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في وفاته، وما يتعلق بها

- ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

- ‌الباب العاشر: في مناقب أبي عبيدة بن الجراح

- ‌الفصل الأول والثاني والثالث: في نسبه وأسمه وصفته

- ‌الفصل الرابع والخامس: في إسلامه وهجرته

- ‌الفصل السادس: في خصائصه

- ‌الفصل السابع: في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثامن: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل التاسع: في ذكر وفاته، وما يتعلق بها

- ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الجزء الثالث من الكتاب

- ‌فهرس الجزء الرابع من الكتاب:

الفصل: ‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

‌الفصل العاشر: في ذكر ولده

وكان له عشرون ولدًا، أحد عشر ذكرًا وتسع إناث.

ذكر الذكور:

عبد الله، وكان يكنى أبا بكر، ويكنى أيضًا أبا خبيب بابنه خبيب.

عن عائشة -رضى الله عنها- قالت: أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكها ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن فاطمة بنت المنذر وهشام بن عروة بن الزبير قالا: خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت وهي حبلى بعبد الله بن الزبير فقدمت قباء فنفست عبد الله بقباء، ثم خرجت حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فوضعه في حجره، قالا: قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها -يعني تمرة- قبل أن نجدها، فمضغها1 ثم بصقها في فيه؛ فإن أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أسماء: ثم مسحه وصلى2 عليه، وسماه عبد الله، ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمانٍ ليبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك الزبير، فتبسم

1 وهذا هو التحنيك.

2 المراد: دعا له بالبركة.

ص: 291

رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلًا، ثم بايعه. أخرجهما البخاري.

وقال أبو عمر: كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنية جده أبي أمه، وسماه باسمه ودعا له، وبارك عليه، وشهد1 الجمل مع أبيه وخالته، وكان فصيحًا ذا أنفة، أطلس، لا لحية له، ولا شعر في وجهه، وكان كثير الصوم والصلاة، شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات، وبويع له بالخلافة سنة أربع وستين، وقتل سنة خمس وستين بعد موت معاوية بن يزيد، واجتمع على طاعته أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، وحج بالناس ثماني حجج؛ وذكر صاحب الصفوة في صفته أنه كان إذا صلى كأنه عود من الخشوع. قال مجاهد: وكان إذا سجد يطول حتى تنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذما، قاله يحيى بن ثابت.

"شرح" الجذم: أصل الشيء، والجذمة: القطعة من الجبل ونحوه.

وقال ابن المنكدر: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة، تصفقه الريح.

وعن عمر بن قيس عن أمه قالت: دخلت على ابن الزبير بيته وهو يصلي فسقطت حية من السقف على ابنه، ثم تطوقت على بطنه وهو نائم فصاح أهل البيت، ولم يزالوا بها حتى قتلوها، وابن الزبير يصلي ما التفت ولا عجل، ثم فرغ بعدما قتلت الحية فقال: ما بالكم? فقالت زوجته: رحمك الله أرأيت إن كنا هُنَّا عليك، يهون عليك ابنك?!

وعن محمد بن حميد قال: كان عبد الله بن الزبير يحيي الدهر أجمع

1 وقعة الجمل المشهورة في التاريخ بين طلحة والزبير ومن كان معهما، وبين علي -كرم الله وجهه.

ص: 292

ليلة قائمًا حتى يصبح، وليلة راكعًا حتى يصبح، وليلة ساجدًا حتى يصبح.

وعن مسلم بن يناق المكي قال: ركع ابن الزبير يومًا ركعة، فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه.

وعن محمد بن الضحاك وعبد الملك بن عبد العزيز: كان ابن الزبير يصوم يوم الجمعة، فلا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة، ويصوم بمكة فلا يفطر إلا في المدينة، وأول ما يفطر عليه لبن لقحه بسمن بقر.

وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: كان ابن الزبير صواما بالنهار قواما بالليل، وكان يسمى خادم المسجد.

وعن ابن أبي مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام.

وعن وهب بن كيسان قال: ما رأيت ابن الزبير يعطي كلمة قط -لرغبة ولا لرهبة- سلطانا ولا غيره. أخرجه أبو معاوية الضرير.

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وإذا عبد الله بن الزبير معه طشت يشرب ما فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما شأنك يابن أخي?" قال: إني أحببت أن يكون من دم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوفي، فقال:"ويل لك من الناس، وويل للناس منك، لا تمسك النار؛ إلا قسم اليمين" أخرجه ابن الغطريف.

وعن عروة قال: عبد الله بن الزبير أحب البشر إلى عائشة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر، وكان أبر الناس بها. أخرجه البخاري.

وعنه، وعن وهب بن كيسان قال أهل الشام يعيرون الزبير، يقولون: يابن ذات النطاقين، فقالت أسماء: يا بني، يعيرونك بالنطاقين!! هل تدري ما النطاقين? إنما كان نطاقي شققته نصفين فأكيت قربة رسول الله

ص: 293

-صلى الله عليه وسلم بأحدهما وجعلت في سفرته آخر. قال: وكان أهل الشام إذا عيروه بالنطاقين يقول: إيها والإله؛ تلك شكاة ظاهر عنك عارها. أخرجه البخاري.

قال الدارقطني: روى عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن أبيه الزبير، وروى عنه أخوه عروة وبنوه، والجم الغفير.

ذكر مقتله:

قتل في أيام عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين، وعمره ثلاث وسبعون سنة، صلب بعد قتله بمكة وبدأ الحجاج في حصاره من أول ذي الحجة، وحج الحجاج بالناس ذلك العام، ووقف بعرفة وعليه درع، ولم يطوفوا بالبيت في تلك الحجة، وحاصروه ستة أشهر وسبعة عشر يومًا.

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما كان قبل قتل ابن الزبير بعشرة أيام، دخل على أمه أسماء وهي شاكية فقال لها: كيف تجدينك يا أماه? قالت: ما أجدني إلا شاكية؛ فقال لها: إن هم الموت راحة؛ فقالت: لعلك تمنيته لي! ما أحب أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك إما قتلت فأحتسبك، وإما ظفرت بعدوك فقرت عيني، وقال عروة: فالتفت إلى عبد الله وضحك قال: فلما كان في اليوم الذي قتل فيه، دخل عليها في المسجد، فقالت: يا بني لا تقبل منهم خطة تخاف منها على نفسك الذل مخافة القتل؛ فوالله لضربة سيف في عز خير من ضربة سوط في مذلة، فأتاه رجل من قريش فقال: ألا نفتح لك الكعبة فتدخلها؟ فقال عبد الله: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من حتفه، والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم، وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت? قال: ثم شد عليه أصحاب الحجاج؛ فقال: أين أهل مصر? فقالوا: هم هؤلاء

ص: 294

من هذا الباب -لأحد أبواب المسجد- فقال لأصحابه: اكسروا غماد سيوفكم ولا تميلوا عني؛ قال: فأقبل الرعيل الأول، فحمل عليهم وحملوا معه وكان يضرب بسيفين فلحق رجلا فضربه فقطع يده، وانهزموا وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد. قال: ثم دخل عليه أهل حمص، فشد عليهم وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد، ثم دخل عليه أهل الأردن من باب آخر، فقال: من هؤلاء? فقيل: من أهل الأردن فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف؛ قال: فأقبل عليه حجر من ناحية الصف، فوقع بين عينيه، فنكس رأسه، قال: ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا يضربونه، حتى قتلوه ومواليه جميعا.

ولما قتل كبر عليه أهل الشام، فقال عبد الله بن عمر: المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل، وقال يعلى بن حرملة: دخلت مكة بعدما قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أيام، فإذا هو مصلوب؛ فجاءت أمه -امرأة عجوز كبيرة طويلة مكفوفة البصر- تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل? فقال لها الحجاج: المنافق? قالت: والله ما كان منافقا، ولكنه كان صواما قواما، فقال: انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت، قالت: لا، والله ما خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يخرج من ثقيف كذاب ومبير" أما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فأنت المبير. قال أبو عمر: الكذاب فيما يقولون: المختار بن عبيد الثقفي.

وعن ابن أبي مليكة قال: لما نزل عبد الله دعت أسماء بمركن؛ وأمرتني بغسله فكنا لا نتناول عضوا إلا جاء معنا، فكنا نغسل العضو ونضعه في الأكفان ثم نتناول الذي يليه فنغسله ونضعه في أكفانه، حتى فرغنا منه؛ ثم قامت فصلت عليه، وكانت تقول قبل ذلك: اللهم لا

ص: 295

تمتني حتى تقر عيني بجثته، فما أتت عليها جمعة حتى ماتت. أخرج ذلك كله أبو عمر.

وعن ابن نوفل معاوية بن مسلم بن أبي عقرب قال: رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة مكة قال: فجعلت قريش تمر عليه الناس، حتى مر عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه، فقال: السلام عليك أبا خبيب -ثلاثا- أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، والله إن كنت -ما علمت- صواما قواما وصولا للرحم. ثم نفد عبد الله بن عمر فبلغ ذلك الحجاج فأرسل إليه فأنزل عن جذعه، فألقي في قبور الشهود. ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر، فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول: إما أن تأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت وقالت: والله لا آتينك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. قال: فقالت: أروني سبتيتي، فأخذ نعليه، ثم انطلق حتى دخل عليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله? قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له: يابن ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة الذي لا تستغني عنه، أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا أياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها. أخرجه مسلم.

وعن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فمر على ابن الزبير، فوقف عليه فقال: رحمك الله، فإنك كنت صواما وصولا للرحم؛ وإني أرجو أن لا يعذبك الله عز وجل.

قال الواقدي: حصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين ستة أشهر وسبع عشرة ليلة؛ ونصب الحجاج عليه المنجنيق، وألح عليه بالقتال من كل جهة، وحبس عنهم المير، وحصرهم أشد

ص: 296

الحصار فقامت أسماء يوما فصلت ودعت فقالت: اللهم لا تخيب عبد الله بن الزبير، اللهم ارحم ذلك السجود والنحيب والظمأ في تلك الهواجر. وقتل يوم الثلاث لست عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. أخرجه صاحب الصفوة.

عودة إلى ولد الزبير: "والمنذر بن الزبير" وكان يكنى أبا عثمان، وكان سيدا حليما؛ قتل مع عبد الله بمكة قتله أهل الشام، ويقال: إنه قتل وله أربعون سنة، وله عقب، وعروة كان فقيها فاضلا يكنى أبا عبد الله وأصابته الأكلة في رجله بالشام فقطعت رجله وعاش بعد ذلك ثماني سنين؛ توفي في ضيعة له بقرب المدينة وله عقب، وهو أحد الفقهاء السبعة المدنيين، وكان حين قتل عثمان بن عفان غلاما لم يبلغ الحلم؛ قال الدارقطني: وروى عن أبيه الزبير، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وأخيه عبد الله، وروى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو، وحكيم بن حزام وعبد الله بن عباس، وسعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وأبي حميد الساعدي، وسفيان بن عبد الله الثقفي، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وروى عن عمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف مرسلا. و"المهاجر" أمهم أسماء بنت أبي بكر و"مصعب" كان يكنى أبا عبد الله وقيل: أبا عيسى، وكان أجود العرب، وكان أسمح الناس كفا، وأحسنهم وجها، كريما، شجاعا، جوادا، ممدحا وجمع بين أربع عقائل لم يكن في زمانه أجمل منهن فيما يقال. روي عن عبد الملك بن مروان أنه قال يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ قالوا: ابن فلان شبيب فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز وابنة زيان بن أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، ذكره الدارقطني. وولاه أخوه عبد الله العراقين، فسار إليه، وقام به خمس سنين فأصاب ألف ألف وألف ألف وألف ألف وأعطي الأمان فأبى، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن الزبير، وقتل مصعب

ص: 297

سنة اثنتين وسبعين. سار إليه عبد الملك بن مروان من الشام وكاتب أصحابه فخذلهم عنه، فأسلموه ووجه إليه أخاه محمد بن مروان في مقدمته، فلقيه مصعب فقاتله فقتل مصعب وله عقب، وكان الذي تولى قتله عبيد الله بن زياد بن ظبيان، وجاء برأسه إلى عبد الملك فخر عبد الملك ساجدا، قتل وهو ابن خمس وأربعين سنة، وقيل: ست وأربعين، وقيل: اثنتين وأربعين، وقيل: خمس وثلاثين، حكاه الدارقطني. و"حمزة" قتل مع عبد الله بمكة، أمهما الرباب بنت أنيف بن عبيد الكلبية و"عبيدة" له عقب و"جعفر" أمهما زينب بنت بشر من بني قيس بن تغلب وكان عبيدة يشبه بأبيه، وشهد جعفر مع أخيه حروبه واستعمله على المدينة وقاتل يوم قتل أخوه قتالا شديدا، حتى جمد الدم على سيفه في يده، وله شعر كثير في كل فن وروى عن أبيه. و"عمر" وكان يكنى أبا الزبير، وكان له قدر كبير، وكان من أجمل أهل زمانه وقتل أيضًا وله عقب. و"خالد" له عقب أيضًا، وكان استعمله أخوه عبد الله على اليمن، أمهما أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص.

ذكر الإناث:

"خديجة الكبرى" وأم الحسن و"عائشة" أمهن أسماء، و"حبيبة" و"سودة" و"هند" أمهن أم خالد و"رملة" أمها الرباب و"زينب" أمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وإخوتها لأمها محمد وإبراهيم وحميد وإسماعيل بنو عبد الرحمن بن عوف. و"خديجة الصغرى" أمها الجلال بنت قيس من بني أسد بن خزيمة وأخواها لأمها الزبير بن مطيع بن الأسود وعبد الرحمن بن الأسود بن أبي البختري بن هشام بن أسد بن عبد العزى بن قصي، ذكره الدارقطني. فأما خديجة الكبرى فتزوجها عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي ثم خلف عليها جبير بن مطعم، ثم خلف عليها السائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى. وأما أم الحسن فتزوجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فولدت له أولادا ذكورًا وإناثًا.

ص: 298

وأما عائشة بنت الزبير فتزوجها الوليد بن عثمان بن عفان فولدت له عبد الله بن الوليد. وأما حبيبة فتزوجها يعلى بن أمية السهمي، ثم خلف عليها عبد الله بن عباس بن علقمة من بني عامر بن لؤي. وأما سودة فتزوجها الأشدق عمرو بن سعيد بن العاص، ثم خلف عليها عبد الرحمن بن الأسود بن البختري. وأما هند فتزوجها عبد الملك بن عبد الله بن عامر بن كريز فولدت له رجلين وهلكا، ثم خلف عليها عباس بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب فولدت له عون بن العباس. وأما رملة فتزوجها عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام فولدت له، ثم خلف عليها خالد بن زيد بن معاوية بن أبي معاوية. وأما زينب فتزوجها عتبة بن أبي سفيان بن حرب فولدت له أولادا. وأما خديجة الصغرى فتزوجها أبو يسار عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة بن ربيعة، فولدت له الزبير ومصعبا ابني أبي يسار، وليس لبنات الزبير رواية. ذكر ذلك الدارقطني، وذكر منهن "حفصة" قال: وماتت بعد أبيها ولم تتزوج.

ص: 299