الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: في خصائصه
ذكر اختصاصه بأنه أمين هذه الأمة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا -أيتها الأمة- أبو عبيدة بن الجراح" أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه الترمذي وأبو حاتم ولفظهما: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة
…
" الحديث. وأخرجه ابن نجيد وزاد: وطعن في خاصرته، وقال: هذه خاصرة مؤمنة.
وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل نجران: "لأبعثن حق أمين" فأشرف أصحابه، فبعث أبا عبيدة. أخرجه البخاري.
وعنه قال: جاء السيد والعاقب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله ابعث معنا أمينك؛ فقال: "سأبعث معكم أمينًا، حق أمين" فتشرف لها الناس؛ فبعث أبا عبيدة. أخرجاه.
وعن أبي مسعود قال: لما جاء العاقب والسيد صاحبا نجران أراد أن يلاعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه، فوالله لئن كان نبيا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا أبدًا؛ قال: فأتياه فقالا: لا نلاعنك، ولكن نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلا أمينا. فقال صلى الله عليه وسلم:"لأبعثن رجلًا أمينًا حق أمين" قال: فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قم يا أبا عبيدة بن الجراح" قال: فلما قفا1 قال: "هذا أمين هذه الأمة" أخرجه أحمد وأخرجه الترمذي وقال: "فبعث أبا عبيدة" مكان "قم يا أبا عبيدة" ولم يذكر ما بعده. وأخرج ابن إسحاق معناه عن محمد بن جعفر قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين" قال: فكان عمر بن الخطاب يقول: ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها، فرحت إلى الظهر مهجرًا فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر عن يمينه ويساره، فجعلت أتطاول له ليراني، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه، فقال:"اخرج معهم، فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه" قال عمر: فذهب بها أبو عبيدة.
وعن أنس بن مالك أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
1 تبع الأمر، وقام.
ابعث معنا برجل يعلمنا؛ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي عبيدة وقال: "هذا أمين هذه الأمة" أخرجه أبو عمر، وأخرجه صاحب الصفوة وقال: إن أهل اليمن لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه أن يبعث معهم رجلًا يعلمهم السنة والإسلام
…
وذكر بقية الحديث.
ذكر اختصاصه بالإمرة في بعض الأحيان:
عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وأمر عليها أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيرًا لقريش، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، وكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، فقيل له: فكيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، فكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نله بالماء فنأكله، قال: وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله، وقد اضطررتم، فكلوا؛ قال: فأقمنا عليه شهرًا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولو رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقتطع منه القدر كالثور -أو كقدر الثور- ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال:"هو رزق الله أخرجه لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعموننا?" قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله. أخرجه مسلم.
وفي رواية: فأخذ أبو عبيدة ضلعًا من أضلاعه فنصبه، ونظر إلى أطول بعير في الجيش وأطول رجل فحمله عليه، فجاز تحته، وأخرجه بهذه الزيادة الخلعي.
"شرح" العير بالكسر: الإبل تحمل الميرة، ويجوز أن تجمع على عيرات، والكثيب: الرمل المجتمع، وقد تقدم في فصل هجرة أبي بكر، ووقب العين: نقرتها، ووقبت عيناه: غارتا، وشائق جمع: وشيق ووشيقة، وهو اللحم يغلي إغلاء ثم يقدد ويحمل في الأسفار، وهو أبقى قديد يكون.
قال أبو عبيدة: وزعم بعضهم أنه بمنزلة القدر لا تمسه النار، يقول: وشقت اللحم أشقه وشقا وأشقته مثله، الفدر: جمع فدرة، وهي القطعة.
ذكر اختصاص عمر إياه بالخلافة إن مات وهو حي:
عن عمر أنه لما بلغ سرغ وحدث أن بالشام وباء شديدًا فقال: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته، فإن سألني ربي عز وجل لم استخلفته على أمة محمد? قلت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل نبي أمينا، وأميني أبو عبيدة بن الجراح" وإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل، فإن سألني ربي لم استخلفته? قلت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة".
"شرح" سرغ بفتح الراء وسكونها: قرية بوادي تبوك من طريق الشام، وقيل: على ثلاث عشرة مرحلة من المدينة، نبذة بفتح النون وضمها: ناحية، وقد تقدم في فصل خلافة أبي بكر أن عمر بادر إلى مبايعة أبي عبيدة لما مات النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"أنت أمين هذه الأمة" فامتنع معتذرًا بأولوية أبي بكر، ولما سئلت عائشة: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفًا لو استخلف? قالت: أبا بكر، قيل: ثم من? قالت: عمر، قيل: ثم من? قالت: أبا عبيدة. وقد تقدم ذلك في فصل خلافة أبي بكر.