الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"شرح" طاعون عمواس: قال الجوهري: هو أول طاعون كان في الإسلام بالشام، والبثرة: خراج صغير، وجمعها بثور، وفي هذا إشعار بأن الطاعون مفسر بغير ما فسر به آنفًا، وأن أوله خراج في البدن، ولا يبعد أن يقال: كل مرض عام من خراج أو غيره يسمى طاعونًا، وكان ذلك الطاعون على ذلك النحو، والله أعلم.
ذكر اهتمامه حين استنهضه عمر عام القحط:
روي أن الناس قحطوا في خلافة عمر، فكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح وهو يومئذ بالشام: الغوث الغوث، أدرك المسلمين. فكتب إليه أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، كتبت إلي:"الغوث الغوث" وقد أتتك العير، أولها عندك وآخرها بالشام.
الفصل التاسع: في ذكر وفاته، وما يتعلق بها
مات رضي الله عنه في طاعون عمواس بالأردن من الشام -وفيها قبره- سنة ثماني عشرة، في خلافة عمر، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وصلى عليه معاذ بن جبل، ونزل في قبره معاذ وعمرو بن العاص والضحاك بن قيس. ذكره أبو عمر وصاحب الصفوة.
وذكر المدائني عن العجلاني عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان قال: مات في طاعون عمواس خمسة وعشرون ألفًا، وقيل: لما وقع الطاعون قال عمرو بن العاص: إنه رجز فتفرقوا عنه، فبلغ شرحبيل بن حسنة فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من بعير أهله، إنه دعوة نبيكم ورحمة من ربكم وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له ولا تتفرقوا عنه، فبلغ ذلك عمرو، فقال: صدق. وروي أن عمرو بن العاص قال: تفرقوا عن هذا الرجز في الشعاب
والأودية ورءوس الجبال، قال معاذ بن جبل: بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم، اللهم أعط معاذا وأهله نصيبه من رحمتك، فطعن فمات.
وقال أبو قلابة: قد عرفت الشهادة والرحمة، وبها عرفت ما دعوة نبيكم، فسألت عنها فقيل: دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل فناء أمته بالطعن والطاعون حين دعا أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعها فدعا بهذا. قال أهل العلم: إنما يكون شهادة لمن صبر عليه محتسبًا عالمًا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فأما من فر منه فأصابه فليس بشهيد. أخرج من قول المدائني إلى هنا القلعي.
ذكر وصيته رضي الله عنه:
عن سعيد بن المسيب قال: لما طعن أبو عبيدة بالأردن دعا من حضره من المسلمين وقال: إني موصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير: أقيموا الصلاة، وصوموا شهر رمضان، وتصدقوا، وحجوا واعتمروا، وتواصوا، وأنصحوا لأمرائكم ولا تغشوهم، ولا تلهكم الدنيا فإن امرأ لو عمر ألف حول ما كان له بد من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترون. إن الله تعالى كتب الموت على بني آدم فهم ميتون، فأكيسهم أطوعهم لربه وأعملهم ليوم معاده، والسلام عليكم ورحمة الله، يا معاذ بن جبل صل بالناس.
ومات رحمه الله فقام معاذ في الناس، فقال: يا أيها الناس، توبوا إلى الله من ذنوبكم، فأيما عبد يلقى الله تعالى تائبًا من ذنبه إلا كان على الله حقا أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرًا أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، أيها المسلمون قد فجعتم برجل ما أزعم أني رأيت عبدًا أبر صدرًا ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حبا للعامة ولا أنصح منه، فترحموا عليه واحضروا الصلاة عليه.