الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسري وبالتالي الهدم للسعادة والاستقرار.
ثانياً: الحكمان عند الخلاف:
الزوج والزوجة قد يختلفان ويصل الخلاف إلى نقطة لا يستطيعان علاجها بمفردهما. وهنا أمر الله سبحانه وتعالى برد هذا الخلاف إلى حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة. قال تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريداً إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً} .
وذلك أن الفرد قد يملك القدرة أحياناً على حل مشاكل الآخرين ولكنه يعمى عن مشكلة نفسه. فمهما كان الرجل حكيماً عالماً فإنه في مشاكله الخاصة يكون أقل قدرة على الحل ولذلك نجد أن كثيراً من النساء ينجحون كثيراً في الصلح والتوفيق بين الناس، ولكنهم قد يفشلون أحياناً في حل مشاكلهم أنفسهم، ولذلك كان واجب الاستعانة بالآخرين وخاصة المرأة يساعدها كثيراً أن ينوب عنها في حل بعض مشاكلها المعقدة مع زوجها أن تلجأ إلى أب أو عم أو أخ يملك القدرة على فهم أمورها والوصول إلى حلول لمشاكلها مع زوجها. فإذا عجز الزوج أن يصل مع زوجته إلى حل لمشكلة ما. فإن الواجب أن
يرد هذه المشكلة إلى حكم من أهله وحكم من أهلها.
والحكمة في اختياره من الأهل ألا تنتشر أسرار البيوت، وأن لا يعير الأبناء بما كان من أخلاق في الآباء، فاللجوء إلى المحاكم والقضاة في كل مشاكل الزواج أمر في غاية الخطورة لأن علاقة الزوج بزوجته علاقة خاصة جداً، وتنشأ المشاكل كثيراً في هذه العلاقات الخاصة. ونشر هذه العيوب في المحاكم وأمام القضاة والشهود إنما هو فضح للأسرار، وكسر للقلوب فحتى لو تم الصلح أمام القاضي فإن المشكلة ستبقى لأنه ولا بد أن يخرج إلى الناس أسراراً كان يحب كل من الزوج والزوجة أن تظلا مخفية ولذلك كان من رحمته وإرشاده سبحانه وتعالى أمرنا بدعوة الحكمين عند الخلاف المستعصي والأمر في بعث الحكمين قال بعض العلماء هو خطاب للزوجين، وقال آخرون بل خطاب لولي الأمر، قول ثالث إنه خطاب للمؤمنين الذي يطلعون على ما حدث بين الزوجين من خلاف والصحيح أنه خطاب عام وذلك أن استقرار الزواج لا يهم الزوجين فقط وإنما يهم ولي الأمر، لأن هذا من شئون الرعية التي استرعاه الله إياها، ويهم كل مسلم لأن المؤمنين كالجسد الواحد ولا بد أن تفزع إذا اشتكى عضو، وشقاق الأزواج من أعظم الآلام والمشاكل
ولذلك كان لا بد من الاهتمام به ولا شك أن مشاكل الزوجين تهمهما أولاً ولذلك وجب عليهما في المقام الأول أن يلجأ إلى الحكمين إذا تعذر عليهما الحل وبهذه الضمانة تبقى الأسرة الإسلامية في إطارها الصحيح من الاستقرار والثبوت ونستطيع أن نلخص هذه القواعد فيما يأتي:
(أ) أن يؤدى عقد الزواج بشروطه كما أمر الله سبحانه وتعالى من رضا وشهود، وولي، ومهر، وكفاءة وغير ذلك من شروط.
(ب) أن نمتنع عن كل ما يبطل هذا العقد كفقد شرط من الشروط السابقة أو نلجأ إلى نكاح محرم كنكاح الشغار والتحليل والنكاح المؤقت.
(ج) أن نحذر من أن نضع في عقد النكاح شرطاً ليس في كتاب الله كاشتراط العصمة وغير ذلك من الشروط الفاسدة التي تفسد العقد أو تمنع نفاذه وأن نوفي بالشروط التي التزمنا بها كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن أحق الشروط بالوفاء ما استحللتم من الفروج] .
(د) أن يقوم كل من الرجل والمرأة بالحقوق والواجبات التي كلفهم الله بها وأن يعلم كل منهما أن تعديه على حق الآخر إنما هدم لنظام رباني وهو تماماً كهدم
الفطرة والخلق لأن الحكم من عند الله والخلق من عنده فكما خلق فهو يحكم سبحانه تعالى كما قال جل وعلا: {له الخلق والأمر} ، فكما أن الخلق له فالأمر له سبحانه وتعالى، وكل من عارض الخلق شقى وكذلك كل من عارض أمره سبحانه وتعالى شقى ولا بد.
(هـ) أن يعلم كل من الرجل والمرأة الفطرة التي فطرها الله سبحانه وتعالى عليهما، فإذا عرف المرء نفسه عرف كيف يعالجها ويقومها وإذا جهلها جهل سبل التقويم والعلاج بل والصلاح أيضاً، فكيف يسعد نفسه من يجهلها؟ وكذلك أن يعرف الرجل شيئاً عن طبيعة المرأة ونفسيتها، وأن تعرف المرأة شيئاً عن طبيعة الرجل الخاصة ونفسيته وكيف يحب وكيف يكره وهذا العلم ضروري لإحسان التعامل بين كل من المرأة والرجل.
(و) أن يلجأ الزوج والزوجة إذا استشرى بينهما خلاف إلى أقرب حكم ناصح من أهله ليساعدها على الخروج من خلافهما وبذلك يضمنان سعادة وحلاوة لزواج إسلامي نظيف طاهر.