المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: عناية الفقهاء بالحديث وعناية المحدثين بأحكام الشريعة - السنة النبوية ومكانتها - نور قاروت

[نور بنت حسن قاروت]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: التعريف بكون السنة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي

- ‌المبحث الأول: التعريف بالشريعة ومصادرها ومقاصدها

- ‌أولاً: تعريف الشريعة لغةً وشرعًا

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالسنة، وأدوار العناية بها

- ‌أولاً: السنة لغة وشرعًا

- ‌ثانيًا: الفرق بين السنة والحديث

- ‌ثالثًا: الأدوار التي مرّت بها السنة وتدوينها

- ‌المبحث الثالث: الأدلة على حجية السنة

- ‌أولاً من القرآن:

- ‌ثانيا: من السنة الشريفة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌المبحث الرابع: عناية الفقهاء بالحديث وعناية المحدثين بأحكام الشريعة

- ‌المبحث الخامس: أقسام السنة من حيث ثبوتها ومن حيث دلالاتها

- ‌أولاً: أقسام السنة من حيث ثبوتها

- ‌ثانيًا: أقسام السنة من حيث دلالتها (3)

- ‌المبحث السادس: أنواع القرائن الصارفة عن العمل بظاهر السن

- ‌المبحث السابع: أسباب عدم الاحتجاج ببعض السنن

- ‌المبحث الثامن: موقف العلماء من السنن التي ظاهرها التعارض

- ‌الفصل الثاني: تبيين السنة لأحكام القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تفصيل السنة لأحكام مجملة في آيات القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: تخصيص السنة لأحكام عامة في القرآن الكريم

- ‌المبحث الثالث: تقييد السنة لأحكام مطلقة في القرآن الكريم

- ‌الفصل الثالث: الاحتجاج والعمل بأحكام ثبتت في السنة ولم تذكر في القرآن

- ‌المبحث الأول: مرتبة السنة مع القرآن

- ‌المبحث الثاني: ثبوت أحكام استقلت بها السنة

- ‌المبحث الثالث: ضوابط قبول الأحكام التي استقلت بها السنة

- ‌المبحث الرابع: مثال مما استقلت به السنة في العبادات

- ‌المبحث الخامس: مثال مما استقلت به السنة في المعاملات

- ‌المبحث السادس: مما استقلت به السنة افي النكاح

- ‌المبحث السابع: مثال مما استقلت به السنة في الحدود والجنايات

- ‌الخاتمة:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الرابع: عناية الفقهاء بالحديث وعناية المحدثين بأحكام الشريعة

‌المبحث الرابع: عناية الفقهاء بالحديث وعناية المحدثين بأحكام الشريعة

لا يخفى على أحد اهتمام الفقهاء بالحديث وأنهم لا يستغنون عنه لاستنباط الحكم الشرعي، يقول الإمام النووي مبينًا أهمية ذلك:" على السنن مدار أكثر الأحكام الفقهيات، فإن أكثر الآيات الفروعيات مجملات، وبيانها في السنن المحكمات، وقد اتفق العلماء على أن من شروط القاضي والمفتي أن يكون عالمًا بالأحاديث الحكميات"(1) .وكان تأثر الأئمة المحدثين أمثال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي بمذاهب أئمة الفقه كبيرًا.

والمتأمل في كتبهم يظهر له حرصهم على وزن المذاهب الفقهية ومقارنتها بما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقشتها أحيانًا.

ولقد تفاوت حظ الفقهاء من الحديث كما تفاوت حظ المحدثين من الفقه. فالإمامان مالك وأحمد بن حنبل محدثان ولكن شهرتهما في الفقه غلبت شهرتهما في الحديث (2) .

واختلف تأثر المحدثين بالفقهاء، يقول في ذلك الإمام ابن تيمية:" أما البخاري وأبو داود فإمامان في الفقه والاجتهاد، وأما مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة ونحوهم فهم على مذهب أهل الحديث ليسوا مقلدين لواحد بعينه من العلماء، وهم إلى مذاهب أهل الحجاز كمالك وأمثاله أميل منهم إلى مذاهب أهل العراق كأبي حنيفة والثوري ووكيع. ويحي بن سعيد وابن المبارك يميلان إلى مذهب العراقيين

(1) النووي/ شرح صحيح مسلم: 1/4.

(2)

اشتهر كتاب الموطأ للإمام مالك، كما اشتهر مسند الإمام أحمد ولم يثبت للإمامين أبي حنيفة، والشافعي مثلهما.

ص: 18

كأبي حنيفة والثوري، والبيهقي على مذهب الإمام الشافعي، والدارقطني يميل إلى مذهب الشافعي ولكن اجتهاده أقوى من البيهقي وكان أعلم منه وأفقه" (1) .

فالسنن والأحكام الشرعية علمان يكمل أحدهما الآخر كعلم الصيدلة والطب لا يستغني أحدهما عن الآخر (2) .

وقد يكون الفقيه محدثًا فقيهًا. مع التسليم جميعًا من الجميع أن الحكم الشرعي ينبغي أن لا يخالف الحديث القطعي الدلالة والقطعي الثبوت بحال من الأحوال.

يقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى:" لم يزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث، فإن طلبوا العلم بلا حديث فسدوا"(3) .

يقول أبو يوسف رحمه الله:" لا يحل لأحد أن يقول قولنا حتى يعلم من أين قلناه"(4) .

وقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله المشهور:" ما كان من كلامي موافقًا للكتاب والسنة فخذوه وما لم يوافق فاتركوه"(5) .

وقول الإمام الشافعي رحمه الله:" الحديث مذهبي فما خالفه فاضربوا به الحائط"(6) .

(1) الفتاوى: 20/39-42.

(2)

يوسف القاسم/ مبادئ الفقه الإسلامي: ص 115، الحجوي/ الفكر السامي: 2/162.

(3)

محمد عوامة/ أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة ص 19.

(4)

ابن القيم/ أعلام الموقعين: 2/182.

(5)

الشاطبي/ الاعتصام بالكتاب والسنة: ص 505.

(6)

الذهبي/ سير أعلام النبلاء: 10/78.

ص: 19

ويقول الإمام أحمد رحمه الله:" عليكم بأصحاب الآثار والسنن"(1) .

والمتأمل بعمق في كتابي الإمامين البخاري والترمذي يلحظ الترابط القوي بين الأحكام الشرعية التي ناقشها الأئمة الفقهاء وإثباتها بما صح من الأحاديث والآثار (2) .

وهذه الأقوال توضح أن مذهب أعلام وعلماء الأمة محدثين وفقهاء: اعتماد السنة مصدرًا أساسيًا للتشريع الإسلامي، فمن شذّ عنهم بإنكار حجيتها، فقد جاء ببهتان وإثم عظيم، ومن شذّ فقد شذّ في النار.

(1) المرجع السابق: 11/231.

(2)

ظهرت دراسات في الحديث اهتمت بإظهار الجوانب الفقهية عند المحدثين، ومن أوائل من كتب في ذلك الأستاذ الدكتور عبد المجيد محمود في كتابه الاتجاهات الفقهية عند المحدثين في القرن الثالث الهجري، الباحثة/ مدخل لدراسة أحاديث الأحكام، مجلة جامعة أم القرى العدد،18، 1419?، ص 154.

ص: 20