الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: تقييد السنة لأحكام مطلقة في القرآن الكريم
المطلق: ما دل على شائع في جنسه.
أي هو اللفظ الدال على معنى غير متعين، له أفراد مماثلة له (1) .
كقولك رقبة، رجل، صبي.
والمقيد: بخلاف المطلق. فهو لفظ دال على معنى غير شائع في جنسه.
فهو يتناول ما دلّ على معين، ومادلّ على شائع لكن لا في جنسه.
فيكون العام مقيدًا بهذا التعريف (2) .
كقولك عن الرقبة: مؤمنة. وعن الرجل: صالح. وعن الصبي: ذكي. إذا ورد مطلق ومقيد، فلا يخلو، إما أن يختلف حكمهما، أو لا يختلف (3) .
ومثال اختلاف حكمهما: إن ظاهرت فأعتق رقبة، مع: لا تملك رقبة كافرة (4) .
ولا خلاف في امتناع حمل أحدهما على الآخر (5) .
وإن لم يختلف حكمهما أي حكم المطلق والمقيد، واتحد سببهما، وكان اللفظ دالاً على إثباتهما أو نفيهما، كما لو قال في الظهار: أعتقوا رقبة، ثم
(1) الأصفهاني/ بيان المختصر: 2/475.
(2)
المرجع السابق: 2/350.
(3)
الآمدي/ الإحكام في أصول الأحكام: 3/4.
(4)
بيان المختصر: 2/351.
(5)
الآمدي/ الإحكام في أصول الأحكام: 3/3.
قال: أعتقوا رقبة مسلمة. يقول الآمدي:" فلا نعرف خلافًا في حمل المطلق على المقيد هاهنا"(1) .
ومن أمثلة تقييد السنة للآيات المطلقة التي وردت في القرآن الكريم:
قوله تعالى: {فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النسا:12] . فالوصية لفظ مطلق شائع جنسه.
وقيّد رسول الله صلى الله عليه وسلم الوصية بالثلث، وذلك في قصة مرض سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجعٍ اشتدّ بي فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلاّ ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت: بالشطر؟ فقال: لا. ثم قال: الثلث والثلث كبير أو كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس،
…
الحديث" (2) .
قال الإمام الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، أنه ليس للرجل أن يوصي بأكثر من الثلث، وقد استحب بعض أهل العلم أن ينقص من الثلث
…
(3) .
(1) المرجع السابق: 3/4.
(2)
متفق عليه، انظر: محمد فؤاد عبد الباقي/ اللؤلؤ والمرجان، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث:(1053) ص 461.
(3)
أخرجه الترمذي وصححه الألباني، انظر: سنن الترمذي، أبواب الوصايا، ما جاء في الوصية بالثلث: 3/291. صحيح سنن الترمذي (1718) 2/2111.
كما ورد قيد ثان للوصية في السنة فذهب الفقهاء إلى أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح بغير خلاف بين العلماء واشترط بعضهم لصحة الوصية ألاّ يكون المُوصى له وارثًا (1) .
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((إن الله تبارك وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث..)) (2) .
وجمهور الفقهاء أو قفوا نفاذها على إجازة باقي الورثة، إن أجازوها نفذت وإلاّ بطلت (3) .
ولم أعثر فيما اطلعت عليه على أمثلة كثيرة لتقييد السنة لمطلق أحكام القرآن، بخلاف تخصيص الآيات العامة.
(1) ابن قدامة/ المغني: 8/398.
(2)
أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، أبواب الوصايا، باب لا وصية لوارث: 3/194.
(3)
محمد شلبي/ أحكام الوصايا والأوقاف: ص 87.