الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: الاحتجاج والعمل بأحكام ثبتت في السنة ولم تذكر في القرآن
المبحث الأول: مرتبة السنة مع القرآن
…
المبحث الأول: مرتبة السنة مع القرآن
آيات القرآن الكريم هي الأساس الأول لجميع علوم الشرع (1) ، نزل بها أمين السماء إلى أمين الأرض، يقول سبحانه:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89] . والقرآن محفوظٌ بحفظ مالك السموات والأرض عن التغيير والتبديل والزيادة والنقصان، يقول سبحانه وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] .
ورغّب الرسول صلى الله عليه وسلم في تلاوته ومدارسته (2)، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"(3) .
وأهم الفروق بين وحي القرآن ووحي السنة ما يلي:
1-
القرآن معجزة بلفظه إلى الأبد دون السنّة.
2-
يتعبد المسلم بتلاوته.
3-
لا تجوز روايته بالمعنى.
4-
يحرم مسه لغير طاهر دون السنة.
(1) ابن حزم/ الإحكام في أصول الأحكام: 1/94-95.
(2)
أصل المدارسة: الرياضة، والتعهد للشيء، وتدارسوا القرآن: أي اقرأوه وتعهدوه لئلاّ تنسوه. انظر: ابن الأثير/ جامع الأصول في أحاديث الرسول: (6279) 8/496.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه (2699) 4/2074. وأبو داود (1455) في الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن..
1-
تُسمى الجملة منه آية، والفصل منه سورة.
2-
لفظه ومعناه من عند الله عز وجل.
3-
تكفل الله سبحانه بحفظه فهو قطعي الثبوت وأحاديث الآحاد بما حف بها من ظنون في المرتبة الثانية بعد القرآن من حيث الثبوت (1) .
وكانت وصية عمر رضي الله عنه في كتابه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ((الفهم فيما يختلج في صدرك مما ليس في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم عرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق)) (2) . فقدم القرآن ثم السنة وجعلهما مصدري التشريع لما ظهر وخفي.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
"فحق على طلبة العلم بلوغ جهدهم في الاستكثار من علمه – أي القرآن- والصبر على كل عارض دون طلبه وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصًا واستنباطًا"(3) . ويقول في موضع آخر:"
…
فأبان الله لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها، لا أن لنا معها من الأمر شيئًا إلا التسليم لها واتباعها، ولا أنها تعرض على قياس ولا على شيء غيرها وأن كل ما سواها من قول الآدميين تبع لها" (4) . والقرآن ليس كلام الآدميين فيقدم عليها.
(1) خادم حسين بخش/ القرآنيون وشبهاتهم حول السنة: ص 217.
(2)
الصنعاني/ سبل السلام: 4/119.
(3)
الشافعي/ أحكام القرآن: 1/20.
(4)
رفعت فوزي/ توثيق السنة في القرن الثاني: ص 285.