المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مدخل الدراسة مع مطلع هذا العام 1999 م - الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل الدراسة

- ‌الشبهة الأولى النهي النبوي عن كتابة الحديث

- ‌الشبهة الثانية ادِّعاء النهي القرآني عن الإيمان بالسنة والعمل بها

- ‌الشبهة الثالثة منع الخلفاء رواية الحديث وترديده

- ‌الشبهة الرابعة تشدد الخلفاء في الرواية وحبس المكثرين منها

- ‌الشبهة الخامسة حرق كتب الحديث

- ‌الشبهة السادسة تأَخُّر تدوين السنة

- ‌الشبهة السابعة السنة دُوَّنَتْ في قصور الأمراء

- ‌الشبهة الثامنة الرواية بالمعنى دون اللفظ

- ‌الشبهة التاسعة اقتحام السنة حواجز الغيب

- ‌الشبهة العاشرة رواة السنة بشر غير معصومين

- ‌الشبهة الحادية عشرة نُدْرة الصحيح في محفوظ البخاري

- ‌الشبهة الثانية عشرة البخاري ومسلم لم يسلما من النقد

- ‌الشبهة الثالثة عشرة السنة ليست وحياً

- ‌الشبهة الرابعة عشرة نُدْرة الاستدلال بالحديث عن أبي حنيفة

- ‌الشبهة الخامسة عشرة ضياع خمسمائة خطبة نبوية

- ‌الشبهة السادسة عشرة مصدر السنة ليس معصوماً

- ‌الشبهة السابعة عشرة الطعن في رواة السنة

- ‌الشبهة الثامنة عشرة أُمّية أبي هريرة، وتأخر إسلامه

- ‌الشبهة التاسعة عشرة نقد السند دون المتن

- ‌الشبهة العشرون ندرة المتواتر في السنة

- ‌الشبهة الحادية والعشرون ظنية السنة

- ‌الشبهة الثانية والعشرون هداية السنة "ظرفية" لا دائمة

- ‌الشبهة الثالثة والعشرون (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)

- ‌الشبهة الرابعة والعشرون الاكتفاء بالقرآن عن السنة

- ‌الشبهة السادسة والعشرون مخالفة السنة للواقع المشاهد

- ‌الشبهة السابعة والعشرون دعوى مخالفة السنة للعقل

- ‌الشبهة الثامنة والعشرون دعوى مخالفة السنة للقرآن

- ‌عقوبات المفسدين

- ‌الشبهة التاسعة والعشرون الوضع في الأحاديث

- ‌الشبهة الثلاثون جامعو السنة كتبوها مكرهين

- ‌الشبهة الحادية والثلاثون السنة لا تستقل بالتشريع

- ‌الشبهة الثانية والثلاثون مَنْعُ العمل بأحاديث الآحاد

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون السنة ليست حُجَّة في الدين

- ‌الحقائق من غير القرآن:

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مدخل الدراسة مع مطلع هذا العام 1999 م

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مدخل الدراسة

مع مطلع هذا العام 1999 م اشتد الهجوم على السنة النبوية ونشطت بعض الأقلام في الطعن في الحديث النبوي بشكل عام، ودعوة الناس إلى الإعراض عن السنة الشريفة، وعدم التعويل عليها في علاقة المسلم بربه، ومجتمعه، وأسرته ودنياه وآخرته؟!

زقد راقبنا ما نشر حول هذا الموضوع، فرأيناه يزداد عنتا وضراوة وقبحاً يوماً بعد يوم، ورأينا الذين تولوا كبر هذه الفتنة كلهم - بلا استثناء - دخلاء أعياء على المجال الذي زجَّوا بأنفسهم فيه إذ لا صلة لهم بالدراسات الإسلامية بعامة، ولا بالحديث وأصوله بخاصة، وكل حظهم أن قرأوا بعض كتب التراث، وأخذوا يبحوث عن "العورات" التي ظنوا أنها تفيدهم في تشوية حقائق الإسلام، وعزله عن المسلمين، أو عزل المسلمين عنه، لحاجات في نفوس "اليعاقيب" بدت أفواهم، وما تخفي صدورهم أكبر.

وقد ساعد على ضراوة هذه الحملة المسعورة عندنا في مصر أمور:

أولاً: التوغل اليهودي بعد لاتصالح مع "إسرائيل" وقيام سفارة لها في أرض الكنانة، أصبحت هذه "السفارة" وكراً لنفث السموم ومحاربة الإسلام، على أيدي عملاء لها من بنيجلدتنا ويتحدثون بلساننا، ويتحركون وهم آمنون، لأنهم "مصريون" بل "مسلمون" وهذا هو مكن الخطر.

ثانياً: إسهام الجامعة الإمريكية بالقاهرة في الإستاءات السافرة إلى الإسلام، ففي عام 1998م عثر على كتاب يدرس فيها للكاتب اليهودي (ماكسيم رودنسون) بعنوان (محمد) ويقوم بتدريسه للشباب المصريين أستاذ أمريكي الجنسية. وهذا الكتاب عبارة عن خطة موضوعة لتحقيق غرضين كبيرين:

(أ) - هدم الإسلام أصولاً وفروعاً، وكلمة "هدم" هنا لا نقصد منها

ص: 9

معناها "المجازي" بل معناها "الحقيقي" كما يدل على ذلك موضوع الكتاب نفسه لمن اطلع عليه، أو على ملخص له، واكتفينا بعد العثور على هذه الجريمة بمصادرة "الكتاب" ولم نوجه للجامعة الأمريكية بالقاهرة أي "لوم" ولو على سبيل "الهزاز"؟!

وهذا ما شجع هذه الجامعة على العودة إلى الإساءة إلى الإسلام مرة أخرى. حيث عثر على رواية "ما جنة" تدرس بين جدران هذا الوكر الاستعماري، وهي رواية "الخبز الجاف" التي تدعو إلى قتل الأخلاق والفضائل عند أجيال المستقبل وتشجع على "الدعارة" والانتحار الخلقي؟!

وليس بين جامعة الأزهر (راعية الإسلام) وبين الجامعة الأمريكية (عدوة الإسلام) إلا بضعة كيلو مترات تقريباً.

ثالثاً: مركز ابنن خلدون: وهو وكر استعماري جديد، قد تكشفت خفاياه من خلال أعمال مشهورة له، مثل مؤتمر الأقليات، الذي كان مزمعاً عقده في مصر، لكن ولاة الأمر منعوا انعقاده فيها عندما أحسوا بخبث المراد منه، وهو إثارة الفتنة الطائفية في مصر.

ثم تبنى هذه المركز لدعوة تزويج الشباب المصري من فتيات "إسرائيل" وروَّج لهذه الفكرة بما أوتى من وسائل الدعاية ولكن الوعي المصري وأد هذه الفكرة في مهدها والحمد لله، ثم إقحامه نفسه فيما ليس له فيه ناقة ولا جمل، وهو إعداد مناهج للتربية الدينية الإسلامية في المراحل الثلاث: الإبتدائي والإعدادي والثانوي، تضمنت تلك المناهج اعتداءات صارخة على الإسلام، وكان من أشنع ما ورد فيها إنكار السنو النبوية والقول بأن الأحاديث النبوية كلها "مزورة" ولا يصح منها شيء على الإطلاق؟!

وقد تصدت صحيفة "عقيدتي" لهذه المناهج، وكشفت ما فيها من باطل خلال أشهر الشتاء الماضي، ثم تتابعت الحملات في بعض الأخرى، الأمر الذي حمل السيد وزير التربية والتعليم على أن يتصل برئيس تحرير

ص: 10

"عقيدتي" الأستاذ السيد عبد الرءوف، ويعلن براءة الوزارة من أباطيل مركز ابن خلدون.

كما أعلن ذلك في مجلس الشعب أمام لجنة "التعليم" وخمدت تلك الفتنة بسبب الوعي المصري، والحرص على الإسلام عقيدة وشريعة.

رابعاً: النظام العالمي الجديد أو "العولمة" ذلك النظام الذي حدث بعد انهيار النظام السوفيتي الشيوعي، حيث ترك انهياره فراغاً أمام الدول الرأسمالية، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وفرضت أمريكا نفسها - بمعونة بعض حلفائها - أن تتزعم هذا النظام، الذي يصبح فيه العالم كله مثل القرية الواحدة، أو قرية واحدة بدون "مثل" ويستهدف هذا النظام محو الفوارق بين الشعوب، أو محو شخصية العالم الإسلامي، وتجريده من "مقوماته" وفي مقدمتها الدين واللغة العربية، وما يتصل بهما من حضارة، ولذلك فإن أوروبا - كلها - تسعى - الآن - لإسقاط الإسلام بما تملك من وسائل "ساخنة" أو "باردة".

ولا يستطيع "عاقل" أن يبرئ أمريكا وبعض حلفائها مما يعتري العالم الإسلامي - الآن - من عمليات المحو والقرض والجذر وإن كان عملاؤها هم الذين يتحركون، فإن "الوقود" صليبي صهيوني بلا أدنى ريب.

وفي أثناء الهجوم الشرس على السنة النبوية اتصلت بي "شخصية" من العالمين بما وراء الكواليس، وأكدت لي أن إحدى السفارات الأجنبية الغربية تدبر مركزاً لجمع المعلومات الشاذة من التراث العربي الإسلامي، وتود بها أولئك العملاء الذين يناصبون الإسلام العداء في الصحف والمجلات المصرية، وأن أميراً من أسرة المالكة في الدولة التي تتبعها تلك السفارة، هو الذي ينفق على المركز من ماله الخاص.

وصدق الله العظيم القائل:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ....} [الأنفال: 36]

خامساً: استثمار آثار العنف، والفتنة التي مرَّت بها البلاد فكدرت الصفو

ص: 11

العام والخاص، ثم توقف العنف الذي كانت الدولة قد تصدت له، وخاضت معارك شرسة مع عناصر الفتنة. وكان من المحن أن حوادث الإرهاب نسبت إلى الإسلام، فأراد هؤلاء المشاغبون الجدد أن يطرقوا الحديد وهو ساخن، حيث ظنوا أن الدولة أصبحت في موقف قلق من التمسك بالدين، والدعوة إليه، وأنها تغمض عينها عن كل من يحذر من الحماسة الدينية، في هذا الجو أرخى هؤلاء المشاغبون لأنفسهم العنان، فأداروا ظهورهم للإرهارب وبواعثه، وأخذوا يصوبون "سهامهم" نحو الإسلام نفسه وصوروا كل ما هو إسلامي في صورة التطرف والعنف والإرهاب أو التشدد المتزمت، فصرنا نسمع أو نقرأ لأناس لم يكن لهم ذكر من قبل، ومنهم من وصف علماء الحدثي وشراحه بأنهم إباحيون؟!

ومنهم من اتعم الإمام الشافعي بأنه ابتدع أشنع بدعة في الإسلام بجعله السن مصدراً للتشريع في كتابه المعروف بـ "الرسالة"؟!.

وإذا فتشت عن صلة هؤلاء بالدراسات الإسلامية تجدها "صفر" غير مسبوق بأرقام، ولكنهم قرأوا بعض الكتب فظنوا أنهم صاروا أئمة يشار إليهم بالبنان؟!

سادساً: الصحف الجديدة: في السنوات القليلة، الماضية، انتشرت ظاهرة جديدة، لم يكن لها وجود من قبل، تلك هي ظاهرة الصحف الجديدة، التي تواصل الصدور هذه الأيام.

وتجاوزت هذه الصحف نطاق الحياة الحزبية، فأخذ بعض الأفراد يتسارعون في إصدارها بهدف الكسب المالي واستثمار رءوس أموالهم. ولهم حيل كثيرة في استصدار التراخيص الرسمية، التي تمكنهم من مزاولة المهنة في جو آمن.

انتهى الوقت الذي كانت فيه الأهرام والأخبار والجمهورية نجوم العمل الصحفي في مصر، واصبحت ترى على الأرصفة وفي الأكشاك ومع الباعة حشداً هائلاً من الصحف اليومية والأسبوعية. بالإضافة إلى المجلات العتيقة والحديثة،

ص: 12

ربما كان المتوسط اليومي يتراوح بين العشر والثماني صحف تعرض للقراءة صباح كل يوم.

والصحيفة بلا قراء أشبه بـ "السقط" الذي لم يكتمل تكوينه في رحم أمه فكان لابد لهذه الصحف الجديدة من السعي لإيجاد قراء لها.

وأقرب وسيلة، وأقصر طريق هو الكتابة "في الممنوع" و"عن الممنوع" وهذه هي الخطة التي سارت عليها "الصحف الجديدة" واتخذت من الكتابة "في الممنوع"، "وعن الممنوع" في الشئون الدينية الإسلامية معيناً لا ينضب، وبحراً لا تتوقف أمواجه، ولا يجف ماؤه فظفرت باهتمام القراء، ومتابعتها في ما تكتب عن الإسلام،

هنا وجد الموتوروت من الإسلام الفرصة أمامهم، فلم يألوا حهداً في الإساءة إليه والكيد له، والتحامل عليه واستثمروا - مع هذه - كل المغريات المشار إليها من قبل، وركزوا جهودهم على محورين:

* الدعوة إلى إلغاء الفقه الإسلامي؛ لأنه في نظرهم فقه متخلف رجعي، تجاوزه الزمن أو نتاج أموات فكيف يتحكم أهل القبور في سكان القصور، فقه كتب لخدمة الحكام الذين كتب في عصورهم وإن شئت فانظر كتابى: ثقافتنا في مواجهة العصر، وتجديد الفكر العرب وكلاهما للدكتور/ زكي نجيب محمود.

* الدعوة إلى إلغاء السنة النبوية، إما لأنها مزورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!.

وإما لأنها - وإن كانت غير مزورة - ليست من الدين في شيء. والإيمان بها والاحتكام إليها أكبر بدعة حدثت في الإسلام، تولى كبرها "الشافعي" ثم تابعه الفقهاء من بعده؟! وأن العمل بالسنة هو سبب تخلف المسلمين؟!

والملاحظ الآن أن الحملة على الفقه بدأت تتراجع، أما الحملة على السُّنة فقد تضاعف حجمها، ورأينا أشخاصاً يكتبون حولها بهم من قبل، وعهد لهم بالكتابة، ولولا وجود الصحف الجديدة ما وجد هؤلاء الأدعياء من

ص: 13

ينشر لهم حرفاً واحداً، ولكن " لكن ساقطة، في الحي لا قطة" كما جاء في المثل الحكيم.

* * * * *

ونسأل: لماذا اشتداد الهجوم على السنة؟ وكأن بين هؤلاء وبينها ثاراً دامياً؟

والإجابة في إيجاز:

قال الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه المعروف: "الإسلام في القرن العشرين" ما خلاصته:

أن أوربا في وضع الخطط لمحاربة الإسلام كلفت خبراءها ومفكريها أن يدرسوا الإسلام، ويحددوا القوة فيه، ليحاربوه وهو به عالمون.

وكانت تلك العناصر - كما أسفر البحث - هي:

القرآن الينة، شخصية النبي، وبدهي أنهم كانوا يحدودن عناصر القوة الرئيسية في الإسلام، وإِلأَ فإن في الإسلام عناصر قوة أخرى، لكنها فروع بالنسبة إلى هذه الأصول الثلاثة.

هذه خلاصة ما نقله المرحوم العقاد عنهم، ذكرناها لأن لها ارتباطاً وثيقاً بما نحن فيه الآن. حيث توضح هذه الخلاصة الإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه:

لماذا اشتداد الهجوم على السنة؟

إن المراد بالسنة في تقرير الخبراء الأروبيين المشار إليه هو الجانب النظري من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحاديثه المتعمدة عند المسلمين الآن.

أما شخصية النبي فالمراد بها - عندهم - الجانب السوكي العملي الأخلاقي، باعتباره "القدوة الحسنة العليا" لمن آمن وعمل صالحاً.

ثم إن أحاديث الني - السنة - هي الحافظة لسلوكياته وعناصر شخصيته "الفريدة".

ص: 14

في هذا الإطار - نفهم بوضوح اشتداد الهجوم على السنة النبوية، لأنها تمثل - عندهم - عنصرين من عناصر القوة في الإسلام، وهما:

* الثروة الحديثية النبوية.

* شخصية النبي العملية.

وهذه أولويات وضعها خصوم الإسلام للقضاء عليه، ها دنوا القرآن ليأسهم من النيل منه فهم لا يستطيعون أن يدعو أنه "مزَّور" ويكون لادعائهم هذا رواج.

ولكنهم استسهلوا الهجوم على السنة، واضعين في حسابهم أنهم إذا اسقطوا السنة من حياة المسلمين فقد أسقطوا معها القرآن دون أن يمسوه بقول؛ لأن المسلمين لا يستطيعون أن يقيموا القرآن إلا بإقامة السنة، فهي البيان الذي لا بد منه لما جاء في القرآن.

ومع مهادنتهم للقرآن، فإنهم وضعوا بإزائه مقولة هي في الواقع آفه قاتلة:

هذه المقولة هي "القرآن ثابت الأصل متغير المحتوى" يعنون: إبقاء النص القرآني كما هو بلا تخريف في ألفاظه ولا تراكيبه وإنما التحريف المستساغ هو عدم ثبات معناه، فيعترى المعنى بمرور الأزمان، واختلاف المكان، وتباين الأحوال ما يعتريه وعلى هذا فليس ببعيد أن يصبح مفهوم "الربا" الآن هو هو مفهوم "الزكاة" في زمان آت، أو مكان آخر.

يعني أن عناصر القوة الثلاثة قد واجهوها بالحروب الباردة وعن طريق عملائهم منا {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47] .

ومرت أوقات كان الغرب فيها يزاول هذه المهمات بنفسه. ثم اهتدوا إلى "البديل" وهم العملاء من الداخل. الذين يحملون معاول الهدم الآن، وهي أقلامهم الملعونة، ضد الإسلام، ونبي الإسلام وسنة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.

وقد تابعت ما كتبوه عن السنة خلالهم الأشهر الماضية من هذا العام

ص: 15

(1999م) فوجدتهم يرددون ثلاثا وثلاثين شبهة كلها موجهة للنيل من السنة الشريفة المطهرة، على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تسليم.

كما تابعت الردود السديدة التي كتبها المخلصون من أهل العلم على هؤلاء الزنادقة الموتورين من الإسلام. لكني لحظت على هذه الردود أنها لم تستوعب كل ما أثاره الخصوم من شبهات، ولم تستقص وجوه الرد عليهم، وأنها جاءت مفرقة غير مجموعة.

وهذا ما حملنا على كتابة هذه "المواجهة" التي رصدت كل ما أثاروه من شبهات وأغاليط، فبلغت ثلاثاً وثلاثين شبهة ذكرناها واحدة ولحدة، وعرضناها بكل أمانة وصدق، وبينا الهدف منها عندهم.

ثم أتبعنا كل شبهة بالرد المناسب عليها، وكشفنا عما فيها من جهل وجهالة، وزيف وباطل، وذلك في أسلوب علمي موضوعي نرجو أن يكون مقنعاً ممتعاً بإذن الله.

وأغفلنا أسماء هؤلاء الحاقدين ولم نقم لهم وزناً، لأننا نعلم أنهم يحبون أن تذكر أسماؤهم في مثل هذه الأعمال، لينالوا بها شهرة وبطولة محمومة.

ولأن من ورط نفسه منهم في إنكار السنى يكاد يكون معروفاً عند القراء وقد اثبتنا في عنوان الدراسة الإشارة إلى ثلاثين شبهة، وهي في الواقع ثلاث وثلاثون، لمجرد الإختصار، كما هو الشأن في العنوانات والتراجم.

والشبهات التي تصدينا لها في هذه الدراسة - وإن كان هدفها العام واحد هو محو السنة النبوية - تنقسم ثلاثة أقسام من حيث الأهداف المرادة من كل شبهة:

القسم الأول: شبهات يراد بها مجرد التشكيك في صحة الأحاديث النبوية، وفي نسبة صدورها من النبي صلى الله عليه وسلم، مثل شبهتى: ندرة الصحيح في محفوظ الإمام البخاري رضي الله عنه، وندرة الأحتكام إلى السنة عند الإمام أبي حنيفة"؟!

ص: 16

القسم الثاني: وهو شبهات يراد بها محو السنة من الأساس مثل شبهتى: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة وإدعاء أن القرآن الحكيم نهى عن الإيمان بالسنة والعمل بها؟!.

أما القسم الثالث: فهو شبهات أرادوا منها عزل السنة عن حياة المسلمين حتى وإن صحت كل الأحاديث المروية فيها، وذلك مثل شبهتى:

القرآن وحده فيه كفاية للأمة عن كل ما سواه؟!.

السنة ليست مصدراً تشريعياً، لا مع القرآن، ولا منفردة، وسيجد القراء الكرام ردوداً مفحمة على هؤلاء الزنادقة الموتورين من الإسلام، حيث لم تصح لهم شبهة واحدة مما أثاروه، وكان الخزى - دائماً - حليفهم.

وهذا هو شأن كل أدعياء الباطل في كل زمان ومكان ونذكر القراء الكرام أننا لم نراع - في الغالب - ترتيباً معينا في ذكر هذه الشبهات وتفنيدها ونقضها، لأن المقصود من هذه الدراسة هو إبطال مدعياتهم، ورد كيدهم في نحورهم، وقدكان والحمد لله ولي الذين آمنوا.

والأملفي الله كبير، أن يكون ما في هذا الكتاب "بيان للناس" ينصر الحق، ويزهق الباطل.

وقبل أن نودع هذا المدخل أحب أن أدعو الله للأستاذين الفاضلين:

وهبة حسن وهبة صاحب ومدير الدار الناشرة لهذه الدراسة على سرعة قيامه بالطبع والنشر انتصاراً لسنة نبي الرحمة على أولياء الشيطان.

ومحمد محمود هاشم، رجل البر والتقوى، لما قدمه من عون يعلمه الله في سبيل نشر هذه الدراسة، فاللهم ضاعف ثوابهما وأعف عنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على أعداء الحق والدين.

القاهرة في 10 صفر 1420 هـ

الموافق 5 يوليو 1999م

المؤلف

عفا الله عنه

ص: 17